رووه (جورج )
Rouault (Georges-) - Rouault (Georges-)
رووه (جورج ـ)
(1871ـ 1958)
جورج رووه Georges Rouault مصور ورسام وحفار فرنسي، ولد وتوفي في باريس، كان في بداية عهده وحشي الأسلوب، ثم اقترب بعد ذلك من التعبيرية، ابتكر أسلوبه الفني الخاص الذي يعتمد على تقسيم أو تحليل الأشكال بطريقة أشبه إلى فن الزجاج المعشق الذي عرفته الكنائس في القرون الوسطى.
كان رووه زميل دراسة للفنان ماتيس (1869ـ1954) H.Matisse في مرسم الفنان غوستاف مورو (1826ـ1898) G.Moreau واشترك مع الوحشيين في معرضهم عام 1905.
عاش رووه في أجواء الوحشيين في البداية غير أنه كان ينحو باستمرار لامتلاك أسلوب متفرد، والواضح أن رووه كان يقترب من أسلوب التعبيريين مع مرور الزمن.
كان والده نجاراً éléniste، وقد وفر لابنه خبرة في النجارة رافقته طوال حياته. كما أنه تدرّب منذ عام 1885 على مهنة تعشيق الزجاج على يد مجدد النوافذ القديمة المعلّم هيرش Hirsch، والتحق في الوقت نفسه بدروس مسائية في مدرسة الفنون الزخرفية Ecole des Arts Décoratifs ومنذ عام 1890 قرر التفرّغ للتصوير الزيتي، فانتسب إلى مدرسة الفنون الجميلة Ecole des Beaux Arts ورشّحه مورو في عام 1893، وفي عام 1895 لنيل جائزة Prix de Rome، ثم ترك الدراسة وصار الوكيل الأول لمتحف غوستاف مورو.
ثمة حدثان مهمان أثرا في حياة الفنان رووه:
الأول: زيارته إلى مقدسات دينية في فيينا Abbaye bénédictine de ligugé، حيث نمت مشاعره الدينية. وتركت أثرها في أعماله الفنية.
الثاني: مشاركته في تأسيس صالون الخريف عام 1903، والتي منحته شهرة واسعة.
وراح يرسم موضوعات تدور حول الشقاء والتعاسة والمشردين ومهرجي السيرك، وأولئك الذين حرمتهم الظروف من رعاية المجتمع لهم، مستخدماً الألوان المائية مع الطباشير (ألوان الباستيل) ليزيد في شحنتها التعبيرية، مبتعداً عن التقاليد المدرسية والأكاديمية التي تعلمها في المرسم.
اقتربت أعماله من أعمال الوحشيين، لكن انفراده بالمشاعر الإنسانية في تعبيراته الفنية، مكنته من امتلاك خصوصية لاتنضوي تحت شعار المدارس الفنية، كما أنه اقترب في بعض أعماله من أعمال بيكاسو قبل دخول الأخير في مرحلته التكعيبية.
في عام 1906 أولع بالسيراميك، فاجتمعت في أعماله الأشكال التعبيرية والزخرفية، وامتزجت المساحات الملونة والمسيجة بالخطوط السوداء الكثيفة.
وفي عام 1908 ابتدأ برسم مجموعة «القضاة» Juges، وفيها قدم رسومه المنتعشة بالخطوط المتعددة على خلفية خالية، مقترباً من الرسم الكاريكاتيري. وفي عام 1918 ومابعده التزم رووه التصوير الزيتي على حساب الألوان المائية، وأخذ يزاول كذلك أعماله المفضلة في الحفر والطباعة وشرع في العمل بمجموعته Misères et Guerre بناء على اقتراح تاجر الأعمال الفنية فولار Vollard، ولاسيّما بعد أن أقام رووه معرضيه الفرديين في عامي 1910و1911 و تبني فولار له.
في هذه المرحلة تتضح في أعمال الفنان الرؤية الخيالية التركيبية، وتزداد عناصره وأشكاله وضوحاً وصراحة، وصارت الرموز والصور المتخّيلة تتداخل في تأليفاته كأقطاب متعارضة، ولكنها تؤدي في النهاية إلى صوغ سطح اللوحة الموحّد والمتّسق.
وبين عامي 1920و1937 تصدرت أعمالُ الحفر والطباعة نتاجه الفني من بينها مطبوعات حجرية lithographies لديوان الشاعر الفرنسي بود لير «أزاهير الشر» Les Fleurs de Mal.
في عام 1938 أنجز رووه الكثيرمن أعمال الحفر العميق على المعدن والحفر البارز على الخشب. وفي عام 1939 أنجز مجموعة الحفر بعنوان «المعاناة» Passion.
تتسم أعماله في الحفر بالغنى اللوني من خلال قيمها المتدرجة من الأسود الفاحم حتى اللون الأبيض الخالص، وبهذا المعنى كانت مشابهة لسطوح أعماله التصويرية المشحونة بالتعبير عبر عجينة الألوان السميكة. وفي التصوير والحفر استطاع رووه أن يحقق التوازن بين التزيين والتعبير.
غلبت على أعماله بعد عام 1939 صورة المسيح المصلوب ولاسيما في أعمال التصوير الزيتي. وفي المرحلة الأخيرة من حياته (1950ـ1958) استيقظت عند الفنان الرغبة في إكمال أعماله غير المنتهية؛ إذ كان يعاني من وطأة المرض، وقد دلت على تشوشه كثرة أعماله التي حطّمها كما حصل، على سبيل المثال، عند مقاضاته تاجر اللوحات فولار؛ ومطالبته ورثته باسترداد أعماله، ولاعتبارات أخلاقية تتعلق باحترام رغبة الفنان وظروفه قررت المحكمة تأييد طلبه بإعادة أعماله إليه، ومع ذلك يُقدِم الفنان رووه في المحكمة أمام القضاء، وبحضور المصورين الضوئيين، على حرق (315) ثلاثمئة وخمسة عشر عملاً من أعماله التصويرية.
صمم رووه في عام 1929 أدوات وملابس لباليه «الابن المسرف» The prodigal Son موسيقى بروكوفيڤ Prokofiev.
وفي عام 1945 عُهد إليه بتصميم خمس نوافذ زجاج معشق في كنيسة هوت سافوا Haute Savoie في أَسّي Assy.
وفي عام 1949 أعطى رسوماته الأولية والمعدة للتنفيذ بالمينا إلى دير بلدية ليغوجه Ligugé.
كانت طريقة الفنان في الرسم وتلخيص الأشكال مناسبة للتقنيات الزخرفية، وخصوصاً للزجاج المعشق. والشيء الملفت أن الإطارات التي تسم أعماله؛ كانت على درجة من الأهمية، لأنها كانت مهيأة لإغناء سطح اللوحة، مثلها مثل العمل التصويري ذاته، وكان الفنان قد رسم تلك الإطارات بأسلوب يقع في حدود مفاهيم فن القرون الوسطى.
أعمال الفنان (رووه) معروفة في باريس في المتحف الوطني للفن الحديث M.N.A.M (قصر طوكيو)، وخصوصاً في متحف الفن الحديث M.A.M للمدينة. وللفنان أيضاً عدد كبير من الأعمال مقتناة في مجموعات شعبية خاصة وهامة، منتشرة في كل أنحاء العالم.
احتُفل في عام 1971 وفي المتحف الوطني للفن الحديث في باريس بمرور مئة عام على ولادة رووه في معرض استعادي شامل ضم الأعمال المنتهية وغير المنتهية، وقد كان بين المعروضات مئتا عمل فني مهداة إلى الشعب الفرنسي. وقد كشفت هذه الأعمال، بما لايدع مجالاً للشك، عن جانب مهم من عبقرية رووه، ودلت كذلك على أنه يمكن أن يوضع في مصاف الفنانين الكبار.
عبد الكريم فرج
Rouault (Georges-) - Rouault (Georges-)
رووه (جورج ـ)
(1871ـ 1958)
جورج رووه Georges Rouault مصور ورسام وحفار فرنسي، ولد وتوفي في باريس، كان في بداية عهده وحشي الأسلوب، ثم اقترب بعد ذلك من التعبيرية، ابتكر أسلوبه الفني الخاص الذي يعتمد على تقسيم أو تحليل الأشكال بطريقة أشبه إلى فن الزجاج المعشق الذي عرفته الكنائس في القرون الوسطى.
كان رووه زميل دراسة للفنان ماتيس (1869ـ1954) H.Matisse في مرسم الفنان غوستاف مورو (1826ـ1898) G.Moreau واشترك مع الوحشيين في معرضهم عام 1905.
عاش رووه في أجواء الوحشيين في البداية غير أنه كان ينحو باستمرار لامتلاك أسلوب متفرد، والواضح أن رووه كان يقترب من أسلوب التعبيريين مع مرور الزمن.
كان والده نجاراً éléniste، وقد وفر لابنه خبرة في النجارة رافقته طوال حياته. كما أنه تدرّب منذ عام 1885 على مهنة تعشيق الزجاج على يد مجدد النوافذ القديمة المعلّم هيرش Hirsch، والتحق في الوقت نفسه بدروس مسائية في مدرسة الفنون الزخرفية Ecole des Arts Décoratifs ومنذ عام 1890 قرر التفرّغ للتصوير الزيتي، فانتسب إلى مدرسة الفنون الجميلة Ecole des Beaux Arts ورشّحه مورو في عام 1893، وفي عام 1895 لنيل جائزة Prix de Rome، ثم ترك الدراسة وصار الوكيل الأول لمتحف غوستاف مورو.
ثمة حدثان مهمان أثرا في حياة الفنان رووه:
الأول: زيارته إلى مقدسات دينية في فيينا Abbaye bénédictine de ligugé، حيث نمت مشاعره الدينية. وتركت أثرها في أعماله الفنية.
الثاني: مشاركته في تأسيس صالون الخريف عام 1903، والتي منحته شهرة واسعة.
جورج رووه: «الهروب إلى مصر» (1946ـ متحف الفن الحديث،باريس) |
اقتربت أعماله من أعمال الوحشيين، لكن انفراده بالمشاعر الإنسانية في تعبيراته الفنية، مكنته من امتلاك خصوصية لاتنضوي تحت شعار المدارس الفنية، كما أنه اقترب في بعض أعماله من أعمال بيكاسو قبل دخول الأخير في مرحلته التكعيبية.
في عام 1906 أولع بالسيراميك، فاجتمعت في أعماله الأشكال التعبيرية والزخرفية، وامتزجت المساحات الملونة والمسيجة بالخطوط السوداء الكثيفة.
وفي عام 1908 ابتدأ برسم مجموعة «القضاة» Juges، وفيها قدم رسومه المنتعشة بالخطوط المتعددة على خلفية خالية، مقترباً من الرسم الكاريكاتيري. وفي عام 1918 ومابعده التزم رووه التصوير الزيتي على حساب الألوان المائية، وأخذ يزاول كذلك أعماله المفضلة في الحفر والطباعة وشرع في العمل بمجموعته Misères et Guerre بناء على اقتراح تاجر الأعمال الفنية فولار Vollard، ولاسيّما بعد أن أقام رووه معرضيه الفرديين في عامي 1910و1911 و تبني فولار له.
في هذه المرحلة تتضح في أعمال الفنان الرؤية الخيالية التركيبية، وتزداد عناصره وأشكاله وضوحاً وصراحة، وصارت الرموز والصور المتخّيلة تتداخل في تأليفاته كأقطاب متعارضة، ولكنها تؤدي في النهاية إلى صوغ سطح اللوحة الموحّد والمتّسق.
وبين عامي 1920و1937 تصدرت أعمالُ الحفر والطباعة نتاجه الفني من بينها مطبوعات حجرية lithographies لديوان الشاعر الفرنسي بود لير «أزاهير الشر» Les Fleurs de Mal.
في عام 1938 أنجز رووه الكثيرمن أعمال الحفر العميق على المعدن والحفر البارز على الخشب. وفي عام 1939 أنجز مجموعة الحفر بعنوان «المعاناة» Passion.
تتسم أعماله في الحفر بالغنى اللوني من خلال قيمها المتدرجة من الأسود الفاحم حتى اللون الأبيض الخالص، وبهذا المعنى كانت مشابهة لسطوح أعماله التصويرية المشحونة بالتعبير عبر عجينة الألوان السميكة. وفي التصوير والحفر استطاع رووه أن يحقق التوازن بين التزيين والتعبير.
غلبت على أعماله بعد عام 1939 صورة المسيح المصلوب ولاسيما في أعمال التصوير الزيتي. وفي المرحلة الأخيرة من حياته (1950ـ1958) استيقظت عند الفنان الرغبة في إكمال أعماله غير المنتهية؛ إذ كان يعاني من وطأة المرض، وقد دلت على تشوشه كثرة أعماله التي حطّمها كما حصل، على سبيل المثال، عند مقاضاته تاجر اللوحات فولار؛ ومطالبته ورثته باسترداد أعماله، ولاعتبارات أخلاقية تتعلق باحترام رغبة الفنان وظروفه قررت المحكمة تأييد طلبه بإعادة أعماله إليه، ومع ذلك يُقدِم الفنان رووه في المحكمة أمام القضاء، وبحضور المصورين الضوئيين، على حرق (315) ثلاثمئة وخمسة عشر عملاً من أعماله التصويرية.
صمم رووه في عام 1929 أدوات وملابس لباليه «الابن المسرف» The prodigal Son موسيقى بروكوفيڤ Prokofiev.
وفي عام 1945 عُهد إليه بتصميم خمس نوافذ زجاج معشق في كنيسة هوت سافوا Haute Savoie في أَسّي Assy.
وفي عام 1949 أعطى رسوماته الأولية والمعدة للتنفيذ بالمينا إلى دير بلدية ليغوجه Ligugé.
كانت طريقة الفنان في الرسم وتلخيص الأشكال مناسبة للتقنيات الزخرفية، وخصوصاً للزجاج المعشق. والشيء الملفت أن الإطارات التي تسم أعماله؛ كانت على درجة من الأهمية، لأنها كانت مهيأة لإغناء سطح اللوحة، مثلها مثل العمل التصويري ذاته، وكان الفنان قد رسم تلك الإطارات بأسلوب يقع في حدود مفاهيم فن القرون الوسطى.
أعمال الفنان (رووه) معروفة في باريس في المتحف الوطني للفن الحديث M.N.A.M (قصر طوكيو)، وخصوصاً في متحف الفن الحديث M.A.M للمدينة. وللفنان أيضاً عدد كبير من الأعمال مقتناة في مجموعات شعبية خاصة وهامة، منتشرة في كل أنحاء العالم.
احتُفل في عام 1971 وفي المتحف الوطني للفن الحديث في باريس بمرور مئة عام على ولادة رووه في معرض استعادي شامل ضم الأعمال المنتهية وغير المنتهية، وقد كان بين المعروضات مئتا عمل فني مهداة إلى الشعب الفرنسي. وقد كشفت هذه الأعمال، بما لايدع مجالاً للشك، عن جانب مهم من عبقرية رووه، ودلت كذلك على أنه يمكن أن يوضع في مصاف الفنانين الكبار.
عبد الكريم فرج