فروست (روبرت -)
(1874-1963)
روبرت لي فروست Robert Lee Frost أحد كبار الشعراء الأمريكيين في القرن العشرين. ولد في مدينة سان فرانسيسكو لأب كان يعمل صحفياً رحل إلى كاليفورنيا في أثناء الحرب الأهلية الأمريكية (1861-1865) وتوفي هناك عندما كان الطفل في الحادية عشرة فعادت به أمه، التي كانت تعمل مدرسة، إلى موطن أهلها في بلدة لورنس Lawrence بولاية ماسَتشوستس حيث درس وتخرج في مدرستها الثانوية عام 1892. وتزوج بعد ذلك زميلته في التخرج إلينور وايت Elinor White التي كانت سنداً له طوال حياتهما معاً. التحق بكلية دارتموث Dartmouth إلا أنه تركها لتحصيل عيشه بعد فصل واحد فقط، فعمل في الصحافة والتعليم. انتسب أيضاً إلى جامعة هارفرد وبقي فيها مدة عامين ثم انقطع عن الدراسة إذ رأى أنها تحُد من أفقه، فعمل مزارعاً ومحاضراً في إحدى الجامعات.
كتب فروست الشعر بدءاً من عام 1890، ولكن لم يتيسر له أن ينشر إلا عدداً قليلاً من قصائده. وبإلحاح من زوجته رحلا إلى إنكلترا عام 1912، حيث كانت بوادر الشعر الحديث قد بدأت بالظهور، وكان جيرانه هناك أعلام الشعر الإنكليزي آنئذٍ مثل آبركرومبي L.Abercrombie وبروك R.Brooke. وفي أثناء إقامته في إنكلترا نشر فروست ديوانه الأول «إرادة صبي» A Boy’s Will عام (1913) ثم الثاني «شمال بوسطن»North of Boston عام (1914) اللذين لاقيا نجاحاً باهراً، وأعيدت طباعتهما في الولايات المتحدة التي عاد إليها الشاعر عام 1915، بعد نشوب الحرب العالمية الأولى في أوربا، ليستقر في مزرعة في ولاية نيوهامبشِر وصار الشاعر المقيم في كلية آمهرست Amherst. وتتالت دواوينه في الظهور فكان ديوان «استراحة على الجبل» Mountain Interval عام (1916) و«قصائد مختارة»Selected Poems عام (1923) و«نيو هامبشِر» New Hampshire عام (1923) و«الجـدول المنساب نحـو الغرب»West - Running Brook عام (1928) و«القصائـد المجموعـة» Collected Poems عام (1930) و«جبل آخر»A Further Range عام (1936). ونشر فروست بين الأعوام 1942-1947 عدداً من المجموعات الأخرى حصل عن أولاها «الشجرة الشاهدة»A Witness Tree عام (1943) على جائزة بوليتزر Pulitzer للمرة الرابعة. وكان قد حصل على هذه الجائزة لأعوام 1924-1931-1937، كما نال جائزة بولنغن Bollingen للشعر بعد وفاته. وقد تضمّنت هذه الدواوين كلها خلاصة خبرته وفكره وتأملاته حول كنه الوجود، ومع كونه قد قارب التسعين من العمر فإنه نشر عام 1962 ديوان «في الصحو» In The Clearing أو «فسحة الأمل» الذي عبّر فيه عن وصوله إلى السكينة وإلى رؤية واضحة حول هذا الوجود.
ومع تمكن فروست من الأدب الكلاسيكي، الشعري منه خاصة، فقد اعتمد لغة الحديث اليومية مهذِّباً إياها متناولاً موضوعات تمس حياة الإنسان العادي، منفذاً بذلك وصية سيد الإبداعية في الشعر الإنكليزي وليم وردزورث[ر] W.Wordsworth، في قصائد، مثل «دفنٌ منزلي» Home Burial حول بعض ما تعرّض له الشاعر من مآسٍ في حياته من مرض أفراد عائلته ثم موتهم الواحد تلو الآخر، و«إصلاح الجدار» Mending Wall، حول العلاقات الإنسانية، و«بعد قطف التفاح» After Apple -Picking و«شجر البتولا» Birches و«التوقف في الغابة في مساء مثلج» Stopping by Woods on a Snowy Evening و«الجدول المنساب نحو الغرب» التي عبّر فيها كلها عن رؤية للوجود قد يشوبها بعض الأسى، إلا أنها لم تكن يوماً متشائمة، وعبّر فيها أيضاً عن حب فائق للطبيعة بشعر وصفي مليء بالإحساس، إلا أنه في الوقت ذاته تأملي يبحث في الشرط (الوضع) الإنساني، قارب فيه كتابات أسلافه وجيرانه إمرسون[ر] Emerson «المتعالي» وثورو[ر] Thoreau «المتمرد»، الساخط على العالم. إلا أن فروست يصف سخطه هذا، في إحدى آخر قصائده «درس اليوم» The Lesson for Today، على أنه ليس سوى شجار بين عاشقين، وهو في النهاية قبول لحمل وزر هذا الوضع الإنساني.
كان فروست من الشعراء الانتقاليين الذين توسطوا بين القديم والحديث. لم يلحق بركب الحداثة كما فعل كل من باوند[ر] Pound وإليوت[ر] Eliot، ومع ذلك فقد كان من أبرز المجددين في الشعر الأمريكي. وعند وفاته في بوسطن كان الشاعر الأرفع مكانة وقارئ الشعر الأغزر جمهوراً في هارفرد وفي كبريات الجامعات الأمريكية الأخرى.
طارق علوش
(1874-1963)
كتب فروست الشعر بدءاً من عام 1890، ولكن لم يتيسر له أن ينشر إلا عدداً قليلاً من قصائده. وبإلحاح من زوجته رحلا إلى إنكلترا عام 1912، حيث كانت بوادر الشعر الحديث قد بدأت بالظهور، وكان جيرانه هناك أعلام الشعر الإنكليزي آنئذٍ مثل آبركرومبي L.Abercrombie وبروك R.Brooke. وفي أثناء إقامته في إنكلترا نشر فروست ديوانه الأول «إرادة صبي» A Boy’s Will عام (1913) ثم الثاني «شمال بوسطن»North of Boston عام (1914) اللذين لاقيا نجاحاً باهراً، وأعيدت طباعتهما في الولايات المتحدة التي عاد إليها الشاعر عام 1915، بعد نشوب الحرب العالمية الأولى في أوربا، ليستقر في مزرعة في ولاية نيوهامبشِر وصار الشاعر المقيم في كلية آمهرست Amherst. وتتالت دواوينه في الظهور فكان ديوان «استراحة على الجبل» Mountain Interval عام (1916) و«قصائد مختارة»Selected Poems عام (1923) و«نيو هامبشِر» New Hampshire عام (1923) و«الجـدول المنساب نحـو الغرب»West - Running Brook عام (1928) و«القصائـد المجموعـة» Collected Poems عام (1930) و«جبل آخر»A Further Range عام (1936). ونشر فروست بين الأعوام 1942-1947 عدداً من المجموعات الأخرى حصل عن أولاها «الشجرة الشاهدة»A Witness Tree عام (1943) على جائزة بوليتزر Pulitzer للمرة الرابعة. وكان قد حصل على هذه الجائزة لأعوام 1924-1931-1937، كما نال جائزة بولنغن Bollingen للشعر بعد وفاته. وقد تضمّنت هذه الدواوين كلها خلاصة خبرته وفكره وتأملاته حول كنه الوجود، ومع كونه قد قارب التسعين من العمر فإنه نشر عام 1962 ديوان «في الصحو» In The Clearing أو «فسحة الأمل» الذي عبّر فيه عن وصوله إلى السكينة وإلى رؤية واضحة حول هذا الوجود.
ومع تمكن فروست من الأدب الكلاسيكي، الشعري منه خاصة، فقد اعتمد لغة الحديث اليومية مهذِّباً إياها متناولاً موضوعات تمس حياة الإنسان العادي، منفذاً بذلك وصية سيد الإبداعية في الشعر الإنكليزي وليم وردزورث[ر] W.Wordsworth، في قصائد، مثل «دفنٌ منزلي» Home Burial حول بعض ما تعرّض له الشاعر من مآسٍ في حياته من مرض أفراد عائلته ثم موتهم الواحد تلو الآخر، و«إصلاح الجدار» Mending Wall، حول العلاقات الإنسانية، و«بعد قطف التفاح» After Apple -Picking و«شجر البتولا» Birches و«التوقف في الغابة في مساء مثلج» Stopping by Woods on a Snowy Evening و«الجدول المنساب نحو الغرب» التي عبّر فيها كلها عن رؤية للوجود قد يشوبها بعض الأسى، إلا أنها لم تكن يوماً متشائمة، وعبّر فيها أيضاً عن حب فائق للطبيعة بشعر وصفي مليء بالإحساس، إلا أنه في الوقت ذاته تأملي يبحث في الشرط (الوضع) الإنساني، قارب فيه كتابات أسلافه وجيرانه إمرسون[ر] Emerson «المتعالي» وثورو[ر] Thoreau «المتمرد»، الساخط على العالم. إلا أن فروست يصف سخطه هذا، في إحدى آخر قصائده «درس اليوم» The Lesson for Today، على أنه ليس سوى شجار بين عاشقين، وهو في النهاية قبول لحمل وزر هذا الوضع الإنساني.
كان فروست من الشعراء الانتقاليين الذين توسطوا بين القديم والحديث. لم يلحق بركب الحداثة كما فعل كل من باوند[ر] Pound وإليوت[ر] Eliot، ومع ذلك فقد كان من أبرز المجددين في الشعر الأمريكي. وعند وفاته في بوسطن كان الشاعر الأرفع مكانة وقارئ الشعر الأغزر جمهوراً في هارفرد وفي كبريات الجامعات الأمريكية الأخرى.
طارق علوش