ڤدِكيند (فرانك -)
(1864-1918)
فرانك ڤدكيند Frank Wedekind كاتب ومخرج مسرحي وشاعر وقاص وممثل ألماني. اسمه الكامل بنيامين فرانكلين ڤدكيند Benjamin Franklin Wedekind، واستعار للكتابة الصحفية اسم هيرونيموس يوبس Hieronymus Jobs. وُلِد في هانوڤر Hannover وتوفي في مونيخ (مونشن) München، وهو سليل عائلة ثرية مثقفة، إذ كان والده طبيباً قضى عشر سنوات في خدمة السلطان العثماني عبد المجيد الأول، ثم انتُخب عقب ثورة 1848 البرجوازية نائباً في برلمان فرَنكفورت، وكانت والدته ممثلة مسرحية التقاها والده في أثناء إقامته القصيرة في سان فرانسيسكو San Francisco. كان ڤدكيند طفلاً صغيراً عندما انتقلت العائلة من هانوڤر للعمل والعيش في آراو Aarau في سويسرا، حيث قضى سنوات طفولته ويفاعته في قصر لِنتْسبورغ Lenzburg في جو تربوي ليبرالي وديمقراطي. وبعد أن أنهى مرحلة الدراسة الثانوية عام 1884 انتقل إلى لوزان Lausanne لدراسة الأدب الألماني، لكنه غيَّر توجهه بعد فصلين دراسيين والتحق بجامعة مونيخ لدراسة الحقوق، ولما لم يبدِ اهتماماً مجدياً بالدراسة استدعاه والده ووجَّهه نحو الحياة العملية كي يبدأ ببناء حياته، فعمل منذ عام 1887 مسؤولاً عن الدعاية في شركة ماجي Maggi للمواد الغذائية وسكرتيراً في سيرك في زوريخ Zürich حيث اطلع على أجواء عالم المال والصفقات الذي انعكس في أعماله اللاحقة، كما في مسرحيته «الرسام السريع أو الفن والمال» Der Schnellmaler oder Kunst und Mannon (عُرضت 1916)، وكـان في هـذه الفترة قد اختلط بكتّاب الحركة الطبيعية[ر] Naturalism. وعلى أثَر وفاة والده عام 1888 ورث ما يضمن له الاستقلال المادي والحرية لسنوات عدة، فهاجر عام 1889 إلى برلين حيث اختلط بحلقة أدباء فريدريكْسهاغن Friedrichshagener Kreis من الشباب، وعبَّر عن هذه التجربة في ملهاة (كوميديا) «العالَم الشاب» Die junge Welt. انتقل في العام التالي إلى مونيخ وكتب مأساة (تراجيديا) «يقظة الربيع» Frühlings Erwachen عام (1819) التي لم تسمح الرقابة بعرضها إلا عندما تبناها عـام 1906 المخرج الشهير ماكـس راينهاردت[ر] M.Reinhardt، فلمع اسمه في الوسط الأدبي والمسرحي. وقد اعتمد ڤدكيند في هذه المسرحية على تجربته الشخصية أيام المدرسة الثانوية، عندما انتحر اثنان من زملائه بسبب مشكلات المراهقة العاطفية وموقف المجتمع الصارم تجاه علاقات المراهقين بالمراهقات، وبسبب الضجة التي أحدثتها المسرحية عاودت الرقابة منعها حتى عام 1914.
عمـل منذ عام 1890 ممثلاً ومستشاراً درامياً ومخرجاً بين لايبزيغ ومونيخ وقام بجولة طويلة مع «فرقة مـسرح إبـس[ر]» عبر دول أوربية عدة فتعرف في باريـس الكاتب الـسويدي أوغْسـت سترندبرغ[ر]، وشخصيات من عالم السيرك ومسارح المنوعات، ومحتالين ومحتالات، شكلوا خلفية الشخصيات الفاعلة في مسرحياته حول شخصية «لولو» Lulu، وكان من بينهم ڤيلّي غرِتور Willy Grétor وهو رسام ونحات وتاجر لوحات دنماركي، اشتُهر بأنه من أبرع مزيفي اللوحات، وقد أوحى له بشخصية مسرحية «مَركيز فون كيت» Der Marquis von Keith عام (1898) وأحداثها، كما كتب في أثناء هـذه المرحـلة «روح الأرض»Erdgeist عام (1897) و«علبة باندورا»Die Büchse der Pandora عام (1904)، وقد نشرتا معاً عام 1913 بعنوان «لولو»، إلى جانب «فريتس شڤيغرلينغ أو شراب الحب»Fritz Schwigerling oder der Liebestrank عام (1899).
عاد ڤدكيند في عام 1896 من باريس إلى مونيخ ليشارك في إصدار الصحيفة السياسية الأدبية الساخرة «سِمبليتسيسِموس» Simplicissimus، فبدأ بنشر قصص وقصائد ذات طابع سياسي ساخر، وبسبب إحدى قصائده اللاذعة التي وصف فيها رحلة ملك ألمانيا إلى القدس على أنها نزهة مترفة بدلاً من الاهتمام بأحوال فقراء بلده، اتُّهم ڤدكيند بإهانة الملك وسُجن مدة سنة عام 1900 في قلعة كونيغشتاين Königstein. وبعد الإفراج عنه عمل في مسارح عدة من نوع الكباريه السياسي Kabarett، إذ كان يغني قصائد وبالادات Balade من نظمه وهو يعزف على الغيتار، وكان من أشهر هذه المسارح «الجلادون الأحد عشر» Die elf Scharfrichter. وفي أثناء هذه المرحلة ظهرت مسرحياته «الملك نيكولو أو هكذا هي الحياة» König Nicolo oder So ist das Leben عام (1901)، و«هِدالا أو كارل هِتْمَن القزم العملاق» Hidalla oder Karl Hettman der Zwergriese في عام (1903)، و«الموت والشيطان»Tod und Teufel في عام (1905)، و«موسيقى» Musik عام (1906)، و«الرقابة»Die Zensur عام (1907)، وملهاة «أواها، سخرية السخرية» Óaha, die Satire der Satire عام (1908) التي نقد فيها مرحلة «سِمبليتسيسِموس»، و«حجر الفلاسفة»Der Stein der Weisen عام (1909)، و«قصر ڤِتَّرشتاين»Wetterstein عام (1910).
وكما فعلَ برتولد بريشت[ر] لاحقا؛ ناضل ڤِدكيند من أجل أن تُعرض مسرحياته بالأسلوب الفني الذي يلائم مقولاتها وبنيتها الجديدة الخارجة على المألوف، ولاسيما في مرحلة هيمنة المذهب الطبيعي والمذهب التعبيري[ر] Expressionism. ولذلك كان أحياناً يُخرج مسرحياته بنفسه، أو يمثّل فيها مع زوجته، ولكي يوضح وجهات نظره وأسلوبه نشر عام 1910 دراسة بعنوان «فن التمثيل، شرح المفردات» Schauspielkunst, ein Glossarium.
في سنوات حياته الأخيرة كتب ڤدكيند «فرانتسيسكا»Franziska في عام (1911) وهي مسرحية قداسية معاصرة ساخرة، و«شمشون أو الخجل والغيرة» Simson oder Scham und Eifersucht عام (1913) وهي مسرحية شعرية، والمسرحية التاريخية «بسمارك» Bismarck، والمسرحية الشعرية الأسطورية «هرقل»Herakles عام (1917).
لم يقدِّم في مسرحه نموذجاً أخلاقياً جديداً في مواجهة الأخلاق البرجوازية الرأسمالية المتفسخة الموسومة بالنفاق والتحجر، بل كان اهتمامه منصباً على نماذج الشخصيات اللامنتمية الخارجة على النظام الاجتماعي السائد؛ إنه لم يغادر الوسط البرجوازي، بل أبرز جوانبه الخرقاء المنهارة وكشف علاقات الفساد والنفاق الاجتماعي واللاإنسانية التي تنطوي عليها، وعرَّى ازدواجية معاييرها. إن أحدى موضوعات ڤدكيند الرئيسية تحرير عاطفة الحب الطبيعي من القيود الأخلاقية التي تكبلها فتقتلها أو تشوهها. إنه يمجّد في مسرحياته طاقة الحياة والتوق إلى الحب والعطاء، ولذلك عدَّته الأخلاق البرجوازية السائدة غير أخلاقي.
أما في النقد الفني الموضوعي فقد كان ڤِدكيند مبدعاً طليعياً وممهداً لمسرح العبث[ر] Theatre of the Absurd الذي ظهر وانتشر بعد الحرب العالمية الثانية. وقد تُرجمت مسرحياته وعُرضت في عدد كبير من مسارح العالم، بما فيها دمشق عام 2000.
نبيل الحفار
(1864-1918)
عمـل منذ عام 1890 ممثلاً ومستشاراً درامياً ومخرجاً بين لايبزيغ ومونيخ وقام بجولة طويلة مع «فرقة مـسرح إبـس[ر]» عبر دول أوربية عدة فتعرف في باريـس الكاتب الـسويدي أوغْسـت سترندبرغ[ر]، وشخصيات من عالم السيرك ومسارح المنوعات، ومحتالين ومحتالات، شكلوا خلفية الشخصيات الفاعلة في مسرحياته حول شخصية «لولو» Lulu، وكان من بينهم ڤيلّي غرِتور Willy Grétor وهو رسام ونحات وتاجر لوحات دنماركي، اشتُهر بأنه من أبرع مزيفي اللوحات، وقد أوحى له بشخصية مسرحية «مَركيز فون كيت» Der Marquis von Keith عام (1898) وأحداثها، كما كتب في أثناء هـذه المرحـلة «روح الأرض»Erdgeist عام (1897) و«علبة باندورا»Die Büchse der Pandora عام (1904)، وقد نشرتا معاً عام 1913 بعنوان «لولو»، إلى جانب «فريتس شڤيغرلينغ أو شراب الحب»Fritz Schwigerling oder der Liebestrank عام (1899).
عاد ڤدكيند في عام 1896 من باريس إلى مونيخ ليشارك في إصدار الصحيفة السياسية الأدبية الساخرة «سِمبليتسيسِموس» Simplicissimus، فبدأ بنشر قصص وقصائد ذات طابع سياسي ساخر، وبسبب إحدى قصائده اللاذعة التي وصف فيها رحلة ملك ألمانيا إلى القدس على أنها نزهة مترفة بدلاً من الاهتمام بأحوال فقراء بلده، اتُّهم ڤدكيند بإهانة الملك وسُجن مدة سنة عام 1900 في قلعة كونيغشتاين Königstein. وبعد الإفراج عنه عمل في مسارح عدة من نوع الكباريه السياسي Kabarett، إذ كان يغني قصائد وبالادات Balade من نظمه وهو يعزف على الغيتار، وكان من أشهر هذه المسارح «الجلادون الأحد عشر» Die elf Scharfrichter. وفي أثناء هذه المرحلة ظهرت مسرحياته «الملك نيكولو أو هكذا هي الحياة» König Nicolo oder So ist das Leben عام (1901)، و«هِدالا أو كارل هِتْمَن القزم العملاق» Hidalla oder Karl Hettman der Zwergriese في عام (1903)، و«الموت والشيطان»Tod und Teufel في عام (1905)، و«موسيقى» Musik عام (1906)، و«الرقابة»Die Zensur عام (1907)، وملهاة «أواها، سخرية السخرية» Óaha, die Satire der Satire عام (1908) التي نقد فيها مرحلة «سِمبليتسيسِموس»، و«حجر الفلاسفة»Der Stein der Weisen عام (1909)، و«قصر ڤِتَّرشتاين»Wetterstein عام (1910).
وكما فعلَ برتولد بريشت[ر] لاحقا؛ ناضل ڤِدكيند من أجل أن تُعرض مسرحياته بالأسلوب الفني الذي يلائم مقولاتها وبنيتها الجديدة الخارجة على المألوف، ولاسيما في مرحلة هيمنة المذهب الطبيعي والمذهب التعبيري[ر] Expressionism. ولذلك كان أحياناً يُخرج مسرحياته بنفسه، أو يمثّل فيها مع زوجته، ولكي يوضح وجهات نظره وأسلوبه نشر عام 1910 دراسة بعنوان «فن التمثيل، شرح المفردات» Schauspielkunst, ein Glossarium.
في سنوات حياته الأخيرة كتب ڤدكيند «فرانتسيسكا»Franziska في عام (1911) وهي مسرحية قداسية معاصرة ساخرة، و«شمشون أو الخجل والغيرة» Simson oder Scham und Eifersucht عام (1913) وهي مسرحية شعرية، والمسرحية التاريخية «بسمارك» Bismarck، والمسرحية الشعرية الأسطورية «هرقل»Herakles عام (1917).
لم يقدِّم في مسرحه نموذجاً أخلاقياً جديداً في مواجهة الأخلاق البرجوازية الرأسمالية المتفسخة الموسومة بالنفاق والتحجر، بل كان اهتمامه منصباً على نماذج الشخصيات اللامنتمية الخارجة على النظام الاجتماعي السائد؛ إنه لم يغادر الوسط البرجوازي، بل أبرز جوانبه الخرقاء المنهارة وكشف علاقات الفساد والنفاق الاجتماعي واللاإنسانية التي تنطوي عليها، وعرَّى ازدواجية معاييرها. إن أحدى موضوعات ڤدكيند الرئيسية تحرير عاطفة الحب الطبيعي من القيود الأخلاقية التي تكبلها فتقتلها أو تشوهها. إنه يمجّد في مسرحياته طاقة الحياة والتوق إلى الحب والعطاء، ولذلك عدَّته الأخلاق البرجوازية السائدة غير أخلاقي.
أما في النقد الفني الموضوعي فقد كان ڤِدكيند مبدعاً طليعياً وممهداً لمسرح العبث[ر] Theatre of the Absurd الذي ظهر وانتشر بعد الحرب العالمية الثانية. وقد تُرجمت مسرحياته وعُرضت في عدد كبير من مسارح العالم، بما فيها دمشق عام 2000.
نبيل الحفار