شرط الأمة الأكثر رعاية
شرط الأمة الأكثر رعاية the most favored nation clause أو الدولة الأَوْلى بالرعاية هو بند يتم إدراجه في اتفاق دولي (ثنائي، أو جماعي)، يتعهد بموجبه طرف أو أكثر في الاتفاق (ويسمى الواعد) بمنح طرف آخر (يسمى المستفيد) معاملة لا تقل عن تلك التي يعامل بها أي طرف ثالث.
فإذا ما وعدت الدولة (أ) الدولة (ب) بمعاملتها وفقاً لهذا الشرط، فإن أي ميزة تمنحها (أ) للدولة (ج) أو (د) أو (هـ) تسري تلقائياً تجاه (ب) المستفيدة من الشرط باعتبارها أولى (أحقّ) برعاية (أ) من أي طرف ثالث.
بيد أن الاستفادة من الشرط لا تعني معاملة المستفيد معاملة مساوية لمعاملة الوطنيين (أو المنتجات الوطنية)، لأن هذا الأمر يحققه مبدأ آخر في التعامل الدولي هو (شرط المعاملة الوطنية) الذي يتمم شرط الدولة الأَولى بالرعاية.
أنواعه
قد يكون شرط الدولة الأولى بالرعاية أحاديّ الجانب، أو تبادليّاً؛ وقد يكون مشروطاً أو غير مشروط. ويعبر الشرط الأحادي الجانب وغير المشروط عن نوع من العلاقات الاستعمارية، إذ يتم فرضه نتيجة الامبريالية الاقتصادية للمستفيد، أو أنه يكون نتيجة لمعاهدات سلام بين غالب ومغلوب، أو نتيجة معاهدات غير متكافئة. بينما يعبر الشرط التبادلي؛ وكذلك المشروط عن مشاركة قائمة على قدم المساواة، وعلى المعاملة بالمثل لشرطين متكاملين أو أكثر.
نشأته وتطوره
يرجع شرط الدولة الأَولى بالرعاية في نشأته إلى المعاهدات الخاصة بالصداقة والتجارة والملاحة friendship, commerce, and navigation treaties، وبذلك يمكن القول إن هذا الشرط سابق على القانون الدولي (الحديث)، فهو يرجع تاريخياً إلى العلاقات الدولية، وهي أقدم من تاريخ ولادة القانون الدولي مع صلح وسـتفاليا عام (1648م).
ازدهر شرط الدولة الأولى بالرعاية مع تزايد العلاقات الدولية، بما في ذلك العلاقات الناجمة عن الاستعمار، حيث كانت الدول الاستعمارية تبرم معاهدات مع الدول المستعمَرة، تتضمن شرط الدولة الأولى بالرعاية، كي لا تفوّت على نفسها أي مكاسب مستقبلية، لأن هذا الشرط سيعطيها امتيازاً قانونياً على ما يمكن أن تمنحه الدولة الواعدة للغير.
وقد كانت معظم المعاهدات التجارية في القرن التاسع عشر تحتوي على مشارطةstipulation تنطوي على صياغة عامة لهذا الشرط، وبموجب هذه الصياغة تنتقل المنافع الممنوحة لأي دولة، حالاً، ودون قيود، بحيث يتم تعميمها على جميع الدول التي تبرم معاهدات تتضمن هذا الشرط.
بيد أن الصيغة العامة لشرط الدولة الأولى بالرعاية أصبحت مسألة خلافية عندما بدأت الولايات المتحدة الأمريكية تضمّن المعاهدات التجارية التي تعقدها هذا الشرط، حيث أخذت الدولة المذكورة تجادل بأن التفضيلات التي تعطى لطرف ثالث لا يجوز أن تسري تلقائياً تجاه الدولة المستفيدة ما لم تحقق الشروط ذاتها التي استوفتها الدولة الثالثة. ولعل سبب ذلك يرجع إلى رغبة الولايات المتحدة في تحجيم مكاسب الدول الأوربية (الاستعمارية) في البلدان التي امتد نفوذ الولايات المتحدة إليها. ولم تكن الممارسة العامة لشرط الدولة الأولى بالرعاية حتى عام 1923 من جانب الولايات المتحدة قائمة على أساس الصيغة العامة، وإنما على أساس الصيغة المشروطة (أو الموصوفة) أو الصيغة التبادلية.
كان الترسيخ الحقيقي لشرط الدولة الأولى بالرعاية وتعميمه في العلاقات الدولية الاقتصادية من خلال اتفاقية الـغات 47GATT حيث أصبح هذا الشرط بموجب المادة الأولى من الاتفاقية المذكورة يطبق تلقائياً تجاه أي طرف في الاتفاقية، إذا ما قدم أي طرف في الاتفاقية أي ميزة أو تفضيل أو امتياز أو إعفاء لأي طرف ثالث، سواء أكان طرفاً متعاقداً في الـغات[ر] أم لا. ولكن الشرط كان محدداً بمجال نشاط الـغات (أي تجارة السلع Trade in Goods).
وضعه الحالي
مع قيام منظمة التجارة العالمية[ر] عام 1995، انتقل هذا الشرط إلى اتفاقيات تحرير التجارة العالمية المرتبطة باتفاقية منظمة التجارة العالمية، وبذلك ازداد تعميمه واتسع مجال أعماله بسبب اتساع مجالات نشاط المنظمة، التي لم يعد نشاطها (كسابقتها الـGATT) مقصوراً على تجارة السلع، وإنما امتد إلى مجالات أخرى ذات تأثير عميق في العلاقات الدولية الاقتصادية، كالتجارة في الخدمات، وفي حقوق الملكية الفكرية.
وعلى الرغم من أن الأصل في شرط الدولة الأولى بالرعاية أن ينطبق تلقائياً على جميع أعضاء منظمة التجارة العالمية، إلا أن هناك استثناءات عديدة ترد على إعماله، ومن أهمها التكتلات الاقتصادية الإقليمية، فإذا ما كان هناك تكتل اقتصادي لعدد من أعضاء المنظمة على شكل منطقة تجارة حرة أو اتحاد جمركي أو سوق مشتركة أو اتحاد اقتصادي (كالاتحاد الأوربي، ومنظمة التجارة الحرة لشمال أميركا) كا«النافتا» فإن الأعضاء الداخلة في أي شكلٍ من أشكال هذه التكتلات لا يلتزمون تعميم ما يقدمونه من مزايا لأعضاء التكتلات الداخلين فيها على كل أعضاء المنظمة. ويخفف هذا الاستثناء الوارد على شرط الدولة الأولى بالرعاية من مساوئ الأخير بالنسبة للواعد (الذي أصبح ملتزماً حالياً بشرط الدولة الأولى بالرعاية بمجرد اكتسابه عضوية المنظمة، لأن الشرط في نظامها إلزامي)، ولذلك فإن الكثير من أعضاء المنظمة يسعون إلى إقامة التكتلات الاقتصادية مع الأعضاء والدول التي تجمعها روابط مشتركة كالجوار الجغرافي، أو التقدم أو التخلف التنموي، أو يسعون إلى الدخول في التكتلات القائمة، للاستفادة من مزايا المنظمة، والتخلص من الالتزامات المرهقة الناجمة عن تعميم المزايا أو التفضيلات أو الإعفاءات بناءً على شرط الدولة الأولى بالرعاية.
ياسر خضر الحويش
شرط الأمة الأكثر رعاية the most favored nation clause أو الدولة الأَوْلى بالرعاية هو بند يتم إدراجه في اتفاق دولي (ثنائي، أو جماعي)، يتعهد بموجبه طرف أو أكثر في الاتفاق (ويسمى الواعد) بمنح طرف آخر (يسمى المستفيد) معاملة لا تقل عن تلك التي يعامل بها أي طرف ثالث.
فإذا ما وعدت الدولة (أ) الدولة (ب) بمعاملتها وفقاً لهذا الشرط، فإن أي ميزة تمنحها (أ) للدولة (ج) أو (د) أو (هـ) تسري تلقائياً تجاه (ب) المستفيدة من الشرط باعتبارها أولى (أحقّ) برعاية (أ) من أي طرف ثالث.
بيد أن الاستفادة من الشرط لا تعني معاملة المستفيد معاملة مساوية لمعاملة الوطنيين (أو المنتجات الوطنية)، لأن هذا الأمر يحققه مبدأ آخر في التعامل الدولي هو (شرط المعاملة الوطنية) الذي يتمم شرط الدولة الأَولى بالرعاية.
أنواعه
قد يكون شرط الدولة الأولى بالرعاية أحاديّ الجانب، أو تبادليّاً؛ وقد يكون مشروطاً أو غير مشروط. ويعبر الشرط الأحادي الجانب وغير المشروط عن نوع من العلاقات الاستعمارية، إذ يتم فرضه نتيجة الامبريالية الاقتصادية للمستفيد، أو أنه يكون نتيجة لمعاهدات سلام بين غالب ومغلوب، أو نتيجة معاهدات غير متكافئة. بينما يعبر الشرط التبادلي؛ وكذلك المشروط عن مشاركة قائمة على قدم المساواة، وعلى المعاملة بالمثل لشرطين متكاملين أو أكثر.
نشأته وتطوره
يرجع شرط الدولة الأَولى بالرعاية في نشأته إلى المعاهدات الخاصة بالصداقة والتجارة والملاحة friendship, commerce, and navigation treaties، وبذلك يمكن القول إن هذا الشرط سابق على القانون الدولي (الحديث)، فهو يرجع تاريخياً إلى العلاقات الدولية، وهي أقدم من تاريخ ولادة القانون الدولي مع صلح وسـتفاليا عام (1648م).
ازدهر شرط الدولة الأولى بالرعاية مع تزايد العلاقات الدولية، بما في ذلك العلاقات الناجمة عن الاستعمار، حيث كانت الدول الاستعمارية تبرم معاهدات مع الدول المستعمَرة، تتضمن شرط الدولة الأولى بالرعاية، كي لا تفوّت على نفسها أي مكاسب مستقبلية، لأن هذا الشرط سيعطيها امتيازاً قانونياً على ما يمكن أن تمنحه الدولة الواعدة للغير.
وقد كانت معظم المعاهدات التجارية في القرن التاسع عشر تحتوي على مشارطةstipulation تنطوي على صياغة عامة لهذا الشرط، وبموجب هذه الصياغة تنتقل المنافع الممنوحة لأي دولة، حالاً، ودون قيود، بحيث يتم تعميمها على جميع الدول التي تبرم معاهدات تتضمن هذا الشرط.
بيد أن الصيغة العامة لشرط الدولة الأولى بالرعاية أصبحت مسألة خلافية عندما بدأت الولايات المتحدة الأمريكية تضمّن المعاهدات التجارية التي تعقدها هذا الشرط، حيث أخذت الدولة المذكورة تجادل بأن التفضيلات التي تعطى لطرف ثالث لا يجوز أن تسري تلقائياً تجاه الدولة المستفيدة ما لم تحقق الشروط ذاتها التي استوفتها الدولة الثالثة. ولعل سبب ذلك يرجع إلى رغبة الولايات المتحدة في تحجيم مكاسب الدول الأوربية (الاستعمارية) في البلدان التي امتد نفوذ الولايات المتحدة إليها. ولم تكن الممارسة العامة لشرط الدولة الأولى بالرعاية حتى عام 1923 من جانب الولايات المتحدة قائمة على أساس الصيغة العامة، وإنما على أساس الصيغة المشروطة (أو الموصوفة) أو الصيغة التبادلية.
كان الترسيخ الحقيقي لشرط الدولة الأولى بالرعاية وتعميمه في العلاقات الدولية الاقتصادية من خلال اتفاقية الـغات 47GATT حيث أصبح هذا الشرط بموجب المادة الأولى من الاتفاقية المذكورة يطبق تلقائياً تجاه أي طرف في الاتفاقية، إذا ما قدم أي طرف في الاتفاقية أي ميزة أو تفضيل أو امتياز أو إعفاء لأي طرف ثالث، سواء أكان طرفاً متعاقداً في الـغات[ر] أم لا. ولكن الشرط كان محدداً بمجال نشاط الـغات (أي تجارة السلع Trade in Goods).
وضعه الحالي
مع قيام منظمة التجارة العالمية[ر] عام 1995، انتقل هذا الشرط إلى اتفاقيات تحرير التجارة العالمية المرتبطة باتفاقية منظمة التجارة العالمية، وبذلك ازداد تعميمه واتسع مجال أعماله بسبب اتساع مجالات نشاط المنظمة، التي لم يعد نشاطها (كسابقتها الـGATT) مقصوراً على تجارة السلع، وإنما امتد إلى مجالات أخرى ذات تأثير عميق في العلاقات الدولية الاقتصادية، كالتجارة في الخدمات، وفي حقوق الملكية الفكرية.
وعلى الرغم من أن الأصل في شرط الدولة الأولى بالرعاية أن ينطبق تلقائياً على جميع أعضاء منظمة التجارة العالمية، إلا أن هناك استثناءات عديدة ترد على إعماله، ومن أهمها التكتلات الاقتصادية الإقليمية، فإذا ما كان هناك تكتل اقتصادي لعدد من أعضاء المنظمة على شكل منطقة تجارة حرة أو اتحاد جمركي أو سوق مشتركة أو اتحاد اقتصادي (كالاتحاد الأوربي، ومنظمة التجارة الحرة لشمال أميركا) كا«النافتا» فإن الأعضاء الداخلة في أي شكلٍ من أشكال هذه التكتلات لا يلتزمون تعميم ما يقدمونه من مزايا لأعضاء التكتلات الداخلين فيها على كل أعضاء المنظمة. ويخفف هذا الاستثناء الوارد على شرط الدولة الأولى بالرعاية من مساوئ الأخير بالنسبة للواعد (الذي أصبح ملتزماً حالياً بشرط الدولة الأولى بالرعاية بمجرد اكتسابه عضوية المنظمة، لأن الشرط في نظامها إلزامي)، ولذلك فإن الكثير من أعضاء المنظمة يسعون إلى إقامة التكتلات الاقتصادية مع الأعضاء والدول التي تجمعها روابط مشتركة كالجوار الجغرافي، أو التقدم أو التخلف التنموي، أو يسعون إلى الدخول في التكتلات القائمة، للاستفادة من مزايا المنظمة، والتخلص من الالتزامات المرهقة الناجمة عن تعميم المزايا أو التفضيلات أو الإعفاءات بناءً على شرط الدولة الأولى بالرعاية.
ياسر خضر الحويش