الشقيري (أحمد بن الشيخ أسعد ـ)
(1908 ـ 1980م)
أحمد بن الشيخ أسعد الشقيري، محامٍ فلسطيني، ورجل سياسة، وخطيب مفوه، وأول رئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية. ولد في بلدة تبنين اللبنانية، أثناء وجود والده الشيخ أسعد منفيّاً فيها لمناهضته سياسة السلطان عبد الحميد. انتقل إلى مدينة طولكرم ليعيش بصحبة والدته هناك، وفي عام 1916، انتقل مجدداً إلى عكا حيث أنهى فيها دراسته الابتدائية والإعدادية عام 1924، وأتمَّ دراسته الثانوية في القدس عام 1926، التحق بعدها بالجامعة الأميركية في بيروت، لكنه ما لبث أن طُرد منها في العام 1927 بناءً على قرار من سلطات الانتداب الفرنسي بسبب مشاركته في قيادة مظاهرة طلابية، عاد إثرها إلى فلسطين، وانتسب إلى معهد الحقوق في القدس، فكان يدرس ليلاً ويعمل نهاراً في صحيفة مرآة الشرق. عمل بعد تخرجه في مكتب المحامي عوني عبد الهادي، أحد مؤسسي حزب الاستقلال الفلسطيني، وتعرّف خلال هذه المدة عدداً من رجالات الثورة السورية الكبرى الذين لجؤوا إلى فلسطين فراراً من سلطات الانتداب الفرنسي، ومنهم شكري القوتلي ورياض الصلح ونبيه العظمة وعادل أرسلان. شارك الشقيري بالثورات التي شهدتها أرض فلسطين ضد سلطات الانتداب البريطاني، ومن أهمها ثورة عام 1936 التي أسهم فيها بلسانه وقلمه ضد الانتداب البريطاني والصهيونية، اضطر لمغادرة فلسطين بعد توقف الثورة إلى مصر، وبقي فيها حيناً من الزمن، عاد بعدها إلى فلسطين أوائل الحرب العالمية الثانية، حيث افتتح مكتباً للمحاماة، كانت مهمته التفرغ للدفاع عن المعتقلين الفلسطينيين والمناضلين المطاردين من السلطات البريطانية، وقضايا الأرض، وتمكن من إنقاذ قسم من الأراضي العربية والحيلولة دون تسربها للصهاينة، ولما تقرر افتتاح مكاتب عربية في عددٍ من العواصم الأجنبية عُيّن الشقيري أول مدير لمكتب الإعلام العربي في واشنطن، ثم نُقل مديراً لمكتب الإعلام العربي المركزي في القدس، وبقي في عمله حتى نكبة 1948، غادر بعدها فلسطين إلى لبنان واستقر فيها. عُرف الشقيري بمواقفه الوطنية وجرأته، وحنكته السياسية، وخبرته وثقافته، خاصة ما له علاقة بالمسائل الدولية، فقررت الحكومة السورية الاستفادة من خبراته في العمل الدبلوماسي، فعينته عضواً في البعثة السورية في الأمم المتحدة (1949ـ 1950)، بعد أن مُنِح الجنسية السورية، ثم عيّن أميناً عاماً مساعداً للجامعة العربية حتى عام 1957 حيث عُيّن وزير دولة لشؤون الأمم المتحدة في الحكومة السعودية، وسفيراً لها في الأمم المتحدة. وفي عام 1963 أنهت المملكة العربية السعودية عمله في الأمم المتحدة لخلافٍ وقع بينه وبين وزير خارجيتها. لم يتوقف نشاط الشقيري في العمل الوطني والقومي، فاختير ممثلاً لفلسطين في جامعة الدول العربية، بعد وفاة ممثل فلسطين أحمد حلمي عبد الباقي، وكلّف بموجب قرارٍ اتخذه القادة العرب في المؤتمر الأول للقمة العربية الذي عُقد عام 1964 إجراء اتصالات مع أبناء الشعب الفلسطيني في الشتات للتشاور حول إنشاء الكيان الفلسطيني. قام بجولة في الأقطار العربية، والتقى بالجماهير والقيادات السياسية والثقافية الفلسطينية فيها، ووضع مشروع الميثاق القومي، والنظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، وبعد ذلك تمَّ اختيار عدد من أبناء الشعب الفلسطيني لعضوية المؤتمر الفلسطيني الأول (28 آذارـ 2 حزيران 1964)، الذي عُرف باسم المجلس الوطني الفلسطيني الأول، وتمَّ خلاله اختيار الشقيري رئيساً له، وإعلان قيام منظمة التحرير الفلسطينية، وانتخب الشقيري رئيساً للجنة التنفيذية للمنظمة. وقدّم للمؤتمر الثاني للقمة العربية المنعقد في (5/9/1964) تقريراً بما تمَّ إنجازه والمقررات التي اتخذها ممثلو الشعب الفلسطيني خلال مؤتمرهم، وأيدت القيادات العربية إنشاء الكيان الفلسطيني وتقديم الدعم له. عمل الشقيري في رئاسة اللجنة التنفيذية للمنظمة والتي اتخذت من القدس مقراً لها، وباشر في إنشاء العديد من الدوائر والأجهزة، بما في ذلك تأسيس جيش التحرير الوطني الفلسطيني، وافتتاح المكاتب التابعة لها في الدول العربية والأجنبية، والصندوق القومي الفلسطيني، وأعيد انتخابه مجدداً في المؤتمر الثاني للمجلس الوطني الفلسطيني الذي عقدت دورته في القاهرة خلال المدة الواقعة ما بين (31 أيار ـ 4 حزيران 1965). حدث تباين كبير في وجهات النظر بين الشقيري وأعضاء اللجنة التنفيذية بعد العدوان الصهيوني الذي وقع في حزيران 1967، لذا تقدّم باستقالته من رئاسة اللجنة التنفيذية للمنظمة في شهر كانون الأول عام 1967، واختير يحيى حمودة رئيساً لها بالوكالة. لم يقبل الشقيري أي منصب رسمي بعد ذلك، وقرر التفرغ للكتابة والتأليف، فأخذ يتنقل فيما بين بيروت والقاهرة، وكان منزله في القاهرة مقصداً للزائرين من الأقطار العربية كافة، وكان يؤمن أن الطريق الوحيد لتحرير فلسطين هو الكفاح المسلّح، وما أخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة. وكان موقفه واضحاً وجريئاً من الولايات المتحدة الأمريكية، والتي كان يطالب باتخاذ مواقف مبدئية منها، والتصدي لمخططاتها، كونها ترتبط بعلاقات وطيدة مع الكيان الصهيوني، وتعمل على فرض إرادتها على العرب ونهب ثرواتهم، ويؤكد ضرورة استعمال النفط العربي كسلاح استراتيجي ضد أعداء الأمة العربية، وقد أثبتت الأيام التالية صحة آرائه، وبعد نظره، وخاصة بعد أن توّضحت المخططات الأمريكية الداعمة للعدو لدعم التفوق الصهيوني وتحقيق سيطرتها على حساب العرب والمسلمين. اعتبر الشقيري توقيع اتفاقيتي كامب ديفيد، ومعاهدة الصلح المصرية - الإسرائيلية، وتطبيع العلاقات بين مصر والكيان الصهيوني خيانة عظمى لقضية فلسطين، فغادر القاهرة إلى تونس، بيد أنه أصيب بمرضٌ عضال، فنُقل إلى مدينة الحسين الطبية في عمان، ولم يمهله القدر فتوفى فيها، بعد حياةٍ حافلة بالمواقف المبدئية والقومية والتي ظلَّ وفياً لها طوال حياته، رغم ما جرّته عليه من انتقادات مريرة. وُضع عنه عددٌ من الدراسات منها كتاب خيرية قاسمية «أحمد الشقيري زعيماً فلسطينياً ورائداً عربياً» عام 1987. وترك عدداً كبيراً من المؤلفات التي عالج خلالها مواضيع قومية وفلسطينية منها: «من القدس إلى واشنطن» (حول تجربته في المكاتب العربية)، وقضايا عربية، و«دفاعاً عن فلسطين والجزائر»، و«فلسطين على منبر الأمم المتحدة»، و«حوار وأسرار مع الملوك والرؤساء العرب» (بيروت، دار العودة 1970) و«أربعون عاماً في الحياة العربية والدولية» (بيروت، دار النهار 1969)، و«مشروع الدولة العربية المتحدة»، و«من القمة إلى الهزيمة»، و«مع الملوك والرؤساء العرب» (بيروت دار العودة 1971)،و«الجامعة العربية كيف تكون جامعة عربية» (تونس، دار بو سلامة 1979)، و«محاضرات عن قضية فلسطين منذ فجر التاريخ حتى الحرب العالمية الأولى (القاهرة 1954)، و«إلى أين»، وغير ذلك من المؤلفات القيمة.
عبد الله حسين
(1908 ـ 1980م)
أحمد بن الشيخ أسعد الشقيري، محامٍ فلسطيني، ورجل سياسة، وخطيب مفوه، وأول رئيس لمنظمة التحرير الفلسطينية. ولد في بلدة تبنين اللبنانية، أثناء وجود والده الشيخ أسعد منفيّاً فيها لمناهضته سياسة السلطان عبد الحميد. انتقل إلى مدينة طولكرم ليعيش بصحبة والدته هناك، وفي عام 1916، انتقل مجدداً إلى عكا حيث أنهى فيها دراسته الابتدائية والإعدادية عام 1924، وأتمَّ دراسته الثانوية في القدس عام 1926، التحق بعدها بالجامعة الأميركية في بيروت، لكنه ما لبث أن طُرد منها في العام 1927 بناءً على قرار من سلطات الانتداب الفرنسي بسبب مشاركته في قيادة مظاهرة طلابية، عاد إثرها إلى فلسطين، وانتسب إلى معهد الحقوق في القدس، فكان يدرس ليلاً ويعمل نهاراً في صحيفة مرآة الشرق. عمل بعد تخرجه في مكتب المحامي عوني عبد الهادي، أحد مؤسسي حزب الاستقلال الفلسطيني، وتعرّف خلال هذه المدة عدداً من رجالات الثورة السورية الكبرى الذين لجؤوا إلى فلسطين فراراً من سلطات الانتداب الفرنسي، ومنهم شكري القوتلي ورياض الصلح ونبيه العظمة وعادل أرسلان. شارك الشقيري بالثورات التي شهدتها أرض فلسطين ضد سلطات الانتداب البريطاني، ومن أهمها ثورة عام 1936 التي أسهم فيها بلسانه وقلمه ضد الانتداب البريطاني والصهيونية، اضطر لمغادرة فلسطين بعد توقف الثورة إلى مصر، وبقي فيها حيناً من الزمن، عاد بعدها إلى فلسطين أوائل الحرب العالمية الثانية، حيث افتتح مكتباً للمحاماة، كانت مهمته التفرغ للدفاع عن المعتقلين الفلسطينيين والمناضلين المطاردين من السلطات البريطانية، وقضايا الأرض، وتمكن من إنقاذ قسم من الأراضي العربية والحيلولة دون تسربها للصهاينة، ولما تقرر افتتاح مكاتب عربية في عددٍ من العواصم الأجنبية عُيّن الشقيري أول مدير لمكتب الإعلام العربي في واشنطن، ثم نُقل مديراً لمكتب الإعلام العربي المركزي في القدس، وبقي في عمله حتى نكبة 1948، غادر بعدها فلسطين إلى لبنان واستقر فيها. عُرف الشقيري بمواقفه الوطنية وجرأته، وحنكته السياسية، وخبرته وثقافته، خاصة ما له علاقة بالمسائل الدولية، فقررت الحكومة السورية الاستفادة من خبراته في العمل الدبلوماسي، فعينته عضواً في البعثة السورية في الأمم المتحدة (1949ـ 1950)، بعد أن مُنِح الجنسية السورية، ثم عيّن أميناً عاماً مساعداً للجامعة العربية حتى عام 1957 حيث عُيّن وزير دولة لشؤون الأمم المتحدة في الحكومة السعودية، وسفيراً لها في الأمم المتحدة. وفي عام 1963 أنهت المملكة العربية السعودية عمله في الأمم المتحدة لخلافٍ وقع بينه وبين وزير خارجيتها. لم يتوقف نشاط الشقيري في العمل الوطني والقومي، فاختير ممثلاً لفلسطين في جامعة الدول العربية، بعد وفاة ممثل فلسطين أحمد حلمي عبد الباقي، وكلّف بموجب قرارٍ اتخذه القادة العرب في المؤتمر الأول للقمة العربية الذي عُقد عام 1964 إجراء اتصالات مع أبناء الشعب الفلسطيني في الشتات للتشاور حول إنشاء الكيان الفلسطيني. قام بجولة في الأقطار العربية، والتقى بالجماهير والقيادات السياسية والثقافية الفلسطينية فيها، ووضع مشروع الميثاق القومي، والنظام الأساسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، وبعد ذلك تمَّ اختيار عدد من أبناء الشعب الفلسطيني لعضوية المؤتمر الفلسطيني الأول (28 آذارـ 2 حزيران 1964)، الذي عُرف باسم المجلس الوطني الفلسطيني الأول، وتمَّ خلاله اختيار الشقيري رئيساً له، وإعلان قيام منظمة التحرير الفلسطينية، وانتخب الشقيري رئيساً للجنة التنفيذية للمنظمة. وقدّم للمؤتمر الثاني للقمة العربية المنعقد في (5/9/1964) تقريراً بما تمَّ إنجازه والمقررات التي اتخذها ممثلو الشعب الفلسطيني خلال مؤتمرهم، وأيدت القيادات العربية إنشاء الكيان الفلسطيني وتقديم الدعم له. عمل الشقيري في رئاسة اللجنة التنفيذية للمنظمة والتي اتخذت من القدس مقراً لها، وباشر في إنشاء العديد من الدوائر والأجهزة، بما في ذلك تأسيس جيش التحرير الوطني الفلسطيني، وافتتاح المكاتب التابعة لها في الدول العربية والأجنبية، والصندوق القومي الفلسطيني، وأعيد انتخابه مجدداً في المؤتمر الثاني للمجلس الوطني الفلسطيني الذي عقدت دورته في القاهرة خلال المدة الواقعة ما بين (31 أيار ـ 4 حزيران 1965). حدث تباين كبير في وجهات النظر بين الشقيري وأعضاء اللجنة التنفيذية بعد العدوان الصهيوني الذي وقع في حزيران 1967، لذا تقدّم باستقالته من رئاسة اللجنة التنفيذية للمنظمة في شهر كانون الأول عام 1967، واختير يحيى حمودة رئيساً لها بالوكالة. لم يقبل الشقيري أي منصب رسمي بعد ذلك، وقرر التفرغ للكتابة والتأليف، فأخذ يتنقل فيما بين بيروت والقاهرة، وكان منزله في القاهرة مقصداً للزائرين من الأقطار العربية كافة، وكان يؤمن أن الطريق الوحيد لتحرير فلسطين هو الكفاح المسلّح، وما أخذ بالقوة لا يُسترد إلا بالقوة. وكان موقفه واضحاً وجريئاً من الولايات المتحدة الأمريكية، والتي كان يطالب باتخاذ مواقف مبدئية منها، والتصدي لمخططاتها، كونها ترتبط بعلاقات وطيدة مع الكيان الصهيوني، وتعمل على فرض إرادتها على العرب ونهب ثرواتهم، ويؤكد ضرورة استعمال النفط العربي كسلاح استراتيجي ضد أعداء الأمة العربية، وقد أثبتت الأيام التالية صحة آرائه، وبعد نظره، وخاصة بعد أن توّضحت المخططات الأمريكية الداعمة للعدو لدعم التفوق الصهيوني وتحقيق سيطرتها على حساب العرب والمسلمين. اعتبر الشقيري توقيع اتفاقيتي كامب ديفيد، ومعاهدة الصلح المصرية - الإسرائيلية، وتطبيع العلاقات بين مصر والكيان الصهيوني خيانة عظمى لقضية فلسطين، فغادر القاهرة إلى تونس، بيد أنه أصيب بمرضٌ عضال، فنُقل إلى مدينة الحسين الطبية في عمان، ولم يمهله القدر فتوفى فيها، بعد حياةٍ حافلة بالمواقف المبدئية والقومية والتي ظلَّ وفياً لها طوال حياته، رغم ما جرّته عليه من انتقادات مريرة. وُضع عنه عددٌ من الدراسات منها كتاب خيرية قاسمية «أحمد الشقيري زعيماً فلسطينياً ورائداً عربياً» عام 1987. وترك عدداً كبيراً من المؤلفات التي عالج خلالها مواضيع قومية وفلسطينية منها: «من القدس إلى واشنطن» (حول تجربته في المكاتب العربية)، وقضايا عربية، و«دفاعاً عن فلسطين والجزائر»، و«فلسطين على منبر الأمم المتحدة»، و«حوار وأسرار مع الملوك والرؤساء العرب» (بيروت، دار العودة 1970) و«أربعون عاماً في الحياة العربية والدولية» (بيروت، دار النهار 1969)، و«مشروع الدولة العربية المتحدة»، و«من القمة إلى الهزيمة»، و«مع الملوك والرؤساء العرب» (بيروت دار العودة 1971)،و«الجامعة العربية كيف تكون جامعة عربية» (تونس، دار بو سلامة 1979)، و«محاضرات عن قضية فلسطين منذ فجر التاريخ حتى الحرب العالمية الأولى (القاهرة 1954)، و«إلى أين»، وغير ذلك من المؤلفات القيمة.
عبد الله حسين