قيظ الصيف، حرارة، سكون، هدوء، أغافل جدتي النائمة على عتبة قبّة الطين المزدوجة والتي تُسمّى( أوضة) وهي مطبخ وحمام.
أذهب صوب البستان بحذر خوفًا من الأفاعي التي تكون قد اختارت رطوبة البستان، أريد بطيخة، أختار واحدة بحجم رمانة كبيرة، أنقرها بإصبعي. .نعم، ناضجة، وسيكون طعمها سكّر. أحتضن البطيخة، وأتوقف في مسكبة الخيار، أهمّ بالقطف لكن حركة غريبة تسمرني في مكاني، أفكّر أنّها لابد حيّة! ينقذني حذري الفطري وأغادر البستان وأنا أتلفت ورائي مفتونة بالألوان: أحمر البندورة وبرتقال اليقطين، وأصفر الشمام ولون الباذنجان المموه بالبنفسجي. . ع فكرة اسم البطيخ عند البدو "دبشي"
أعود صوب جدتي التي تكون قد استيقظت واستفقدتني وفطنت أني قد أكون ذهبتُ إلى مغامرة ما كالعادة، وتعد نفسها أنها ستنهي اجازتي التي لاتنتهي عندها وتعيدني إلى أمي وترتاح من كابوس مغامراتي اليومية. . وأنا أفكر بمذاق الديك الذي يُطبخ على نار ( الدفيئة) مع يخنة البصل والبندورة، وأفكر باليقطين وكيف تحوّله جدتي إلى مربى وتغمره بالسمن . . فطوري المفضل في تلك الأيّام. .ألله على ذلك الزمان يوم كانت مهمتي الوحيدة مراقبة القطة البيضاء التي تغافلنا وتثقب كيس القريشة. . ترافقني حتى اليوم رائحة طفولة مليئة بالكرم والمحبّة و يحزنني أطفال اليوم جيل الآيباد الذين يطرقون أبواب العيادات النفسية وهم في عمر الورد.
يحزنني لا مبالاة الامهات والأباء وهم ينجبون الأبناء ويرمونهم تحت رحمة منصات الميديا. .
الحمد لله على نعمة طفولة فائضة بالألوان والنكهات والتجارب والبساطة والألفة . .
لينا هويان الحسن
الصور في " النعص" بكفيا - لبنان