شانغ (سلالة ـ)
(نحو1700 ـ 1046ق.م)
سلالة شانغ Shang Dynasty ثاني سلالة ملكية في الصين، استمر حكمها ستمئة سنة تقريباً تعاقب على الحكم فيها واحد وثلاثون ملكاً ينتمون إلى سبعة عشر جيلاً.
كانت شانغ قبيلة قديمة عاشت في اللسان المنبسط الأدنى للنهر الأصفر، خضعت لمملكة جيا Xia التي حكمت بين القرنين 21 و17ق.م، ويعتقد أن تانغ Tang زعيم قبيلة شانغ قاد جيشاً متمرداً وأطاح بجي Jie آخر حكام سلالة جيا، ومن ثم أسس حكم سلالة شانغ وجعل مدينة بو Bo (كاوشيان Caoxianفي إقليم شاندونغ Shandong اليوم) عاصمة له.
تألفت الصين في ذلك العهد من مجموعة دويلات مستقلة في شمالي الصين، وكانت شانغ أقوى تلك الدويلات، وخاضت حروباً متكررة مع المستوطنات المجاورة والقبائل القادمة من السهول الآسيوية الداخلية.
حكم ملوك سلالة شانغ معظم مناطق شمالي الصين، ونظموا دولتهم في ولايات إقطاعية، وأسسوا دولة متكاملة نسبياً مؤلفة من دوائر حكومية مختلفة وجيوش دائمة، ووضعوا أحكاماً قضائية وأنظمة وقوانين جنائية.
التاريخ السياسي
كانت سلالة شانغ الدولة الملكية الثانية في تاريخ الصين. وقد عمد تانغ، مؤسس السلالة، إلى معاملة شعبه معاملة كريمة مستقياً دروسه من أخطاء السلالة التي سبقته، واستخدم عدداً من الوزراء القادرين والشرفاء. وقد حققت دولة شانغ تقدماً بارزاً في اقتصادها إبان عهد تانغ.
ونتيجة للصراعات السياسية على السلطة في البلاط الامبراطوري وللحروب المتواصلة مع القبائل المجاورة، نقلت دولة شانغ موقع عاصمتها خمس مرات، وخاصة في عهد الملك بانجينغ Pangeng، الملك السابع عشر في دولة شانغ، الذي أعاد تأسيس العاصمة في ين Yin (في موقع مدينة آنيانج Anyang في إقليم هونان Hunanاليوم)، وقد كان لتلك العاصمة شأن بارز في استقرار حكومة سلالة شانغ فيما بعد، فقد بقيت منذ تأسيسها عاصمة لدولة شانغ ولم تتغير، ولهذا يطلق على سلالة شانغ أحياناً اسم سلالة «ين شانغ».
وثمة حاكم بارز آخر من حكام شانغ، هو وودينغ Wudingحفيد بانجينغ، وقد عمل منذ تسنمه العرش على تطوير دولته وتقويتها، فأخضع الدول المجاورة واستطاعت امبراطورية شانغ بقيادته تحقيق إنجازات بارزة في الاقتصاد، أفضت إلى تأسيس تنمية اقتصادية مستمرة للسلالات اللاحقة.
لم يدم عهد وودينغ الذهبي طويلاً بعد موته، ففي عهدي الملكين دي يي Di Yi ودي جين Di Xin اشتدت حدة النزاعات الاجتماعية وبدأت الدول المجاورة تمردها.
كان آخر ملوك شانغ، دي جين، طاغية وفاسداً فرض قوانين قاسية، وابتكر عدداً من وسائل التعذيب، وقمع العبيد والعامة، وأسرف في بناء القصور والحدائق، وقرّب إليه من رأى فيه مصلحة. وقد أثار ذلك كله التناقضات بين طبقة النبلاء وسبب انقساماً داخلياً. وفي ظل تلك الأوضاع، استغل جو وو وانغ Zhou Wu Wang، زعيم قبيلة جوZhou، الفرصة، وشن هجوماً كاسحاً على مملكة شانغ وأطاح بها.
الاقتصاد والمجتمع
تظهر الكشوفات الأثرية في موقع «ين» أن الإنتاجية في عهد سلالة شانغ بلغت مستويات عالية حتى إبان العهود الأولى، ففي مجال الزراعة، طُوِّرت الوسائل الزراعية واستُخدم المحراث الحجري والرفوش والفؤوس استخداماً واسعاً، وكانت الحبوب (القمح والشعير والذرة) أولى المحاصيل الزراعية.
وأبرز ما يميز عهد سلالة شانغ سيطرة الصينيين على صهر البرونز الذي دخل الصين نحو 2000ق.م، أي بعد ألف سنة تقريباً من ابتكاره في بلاد الرافدين. بلغت صناعة الأدوات البرونزية أوجها في القرن الثالث عشر قبل الميلاد، ولم يقتصر تأثيرها في حياة الناس اليومية، بل أثرت في تسليح الدولة وصنع العربات الحربية وعززت الإنجازات غير المسبوقة لسلالة شانغ في الحرب والسياسة والاقتصاد والثقافة والفن، فكان ظهور خلائط النحاس والرصاص والزنك أبرز الأحداث في عهد الملك وودينغ، وبلغ إنتاج الأدوات البرونزية أوجه، ويمكن تصنيفها في نوعين: أدوات الطبخ وحاويات الكحول.
أما أهم التقنيات في عهد شانغ فهو ابتكار الكتابة، فقد كانت هذه السلالة أول مجموعة بشرية من الصين تظهر في سجلات مكتوبة. كُشفت كتابة عهد شانغ بصورة نقوش صينية قديمة على دروع السلاحف وعظام الماشية (يطلق عليها عظام التنبؤات) التي ساعدت على تطوير الكتابة.
أظهرت نقوش التنبؤات التي كشفت عام 1899م أن الكتابات القديمة بقيت مدفونة أكثر من ثلاثة آلاف عام. وقد كشفت الحفريات الأثرية النقاب عن مدينة مدفونة في موقع مدينة آينانج الحالية، وجد فيها نحو 10000 قطعة من عظام التنبؤات، وتؤكد نقوش التنبؤات التي كشفت في آينانج على وجود سلالة شانغ. كما أن الكلمات في هذه النقوش وفرت للعلماء أدلة على تطور اللغة الصينية، ومن هذه النقوش يعلم المرء أن الصين كان بلداً زراعياً يحكمه نظام إقطاعي من الأسر الكبيرة في ذلك الحين.
غسان منيف عيسى
(نحو1700 ـ 1046ق.م)
سلالة شانغ Shang Dynasty ثاني سلالة ملكية في الصين، استمر حكمها ستمئة سنة تقريباً تعاقب على الحكم فيها واحد وثلاثون ملكاً ينتمون إلى سبعة عشر جيلاً.
كانت شانغ قبيلة قديمة عاشت في اللسان المنبسط الأدنى للنهر الأصفر، خضعت لمملكة جيا Xia التي حكمت بين القرنين 21 و17ق.م، ويعتقد أن تانغ Tang زعيم قبيلة شانغ قاد جيشاً متمرداً وأطاح بجي Jie آخر حكام سلالة جيا، ومن ثم أسس حكم سلالة شانغ وجعل مدينة بو Bo (كاوشيان Caoxianفي إقليم شاندونغ Shandong اليوم) عاصمة له.
تألفت الصين في ذلك العهد من مجموعة دويلات مستقلة في شمالي الصين، وكانت شانغ أقوى تلك الدويلات، وخاضت حروباً متكررة مع المستوطنات المجاورة والقبائل القادمة من السهول الآسيوية الداخلية.
حكم ملوك سلالة شانغ معظم مناطق شمالي الصين، ونظموا دولتهم في ولايات إقطاعية، وأسسوا دولة متكاملة نسبياً مؤلفة من دوائر حكومية مختلفة وجيوش دائمة، ووضعوا أحكاماً قضائية وأنظمة وقوانين جنائية.
التاريخ السياسي
كانت سلالة شانغ الدولة الملكية الثانية في تاريخ الصين. وقد عمد تانغ، مؤسس السلالة، إلى معاملة شعبه معاملة كريمة مستقياً دروسه من أخطاء السلالة التي سبقته، واستخدم عدداً من الوزراء القادرين والشرفاء. وقد حققت دولة شانغ تقدماً بارزاً في اقتصادها إبان عهد تانغ.
ونتيجة للصراعات السياسية على السلطة في البلاط الامبراطوري وللحروب المتواصلة مع القبائل المجاورة، نقلت دولة شانغ موقع عاصمتها خمس مرات، وخاصة في عهد الملك بانجينغ Pangeng، الملك السابع عشر في دولة شانغ، الذي أعاد تأسيس العاصمة في ين Yin (في موقع مدينة آنيانج Anyang في إقليم هونان Hunanاليوم)، وقد كان لتلك العاصمة شأن بارز في استقرار حكومة سلالة شانغ فيما بعد، فقد بقيت منذ تأسيسها عاصمة لدولة شانغ ولم تتغير، ولهذا يطلق على سلالة شانغ أحياناً اسم سلالة «ين شانغ».
وثمة حاكم بارز آخر من حكام شانغ، هو وودينغ Wudingحفيد بانجينغ، وقد عمل منذ تسنمه العرش على تطوير دولته وتقويتها، فأخضع الدول المجاورة واستطاعت امبراطورية شانغ بقيادته تحقيق إنجازات بارزة في الاقتصاد، أفضت إلى تأسيس تنمية اقتصادية مستمرة للسلالات اللاحقة.
لم يدم عهد وودينغ الذهبي طويلاً بعد موته، ففي عهدي الملكين دي يي Di Yi ودي جين Di Xin اشتدت حدة النزاعات الاجتماعية وبدأت الدول المجاورة تمردها.
كان آخر ملوك شانغ، دي جين، طاغية وفاسداً فرض قوانين قاسية، وابتكر عدداً من وسائل التعذيب، وقمع العبيد والعامة، وأسرف في بناء القصور والحدائق، وقرّب إليه من رأى فيه مصلحة. وقد أثار ذلك كله التناقضات بين طبقة النبلاء وسبب انقساماً داخلياً. وفي ظل تلك الأوضاع، استغل جو وو وانغ Zhou Wu Wang، زعيم قبيلة جوZhou، الفرصة، وشن هجوماً كاسحاً على مملكة شانغ وأطاح بها.
الاقتصاد والمجتمع
تظهر الكشوفات الأثرية في موقع «ين» أن الإنتاجية في عهد سلالة شانغ بلغت مستويات عالية حتى إبان العهود الأولى، ففي مجال الزراعة، طُوِّرت الوسائل الزراعية واستُخدم المحراث الحجري والرفوش والفؤوس استخداماً واسعاً، وكانت الحبوب (القمح والشعير والذرة) أولى المحاصيل الزراعية.
أواني برونزية شعائرية من عهد سلالة شانغ |
أما أهم التقنيات في عهد شانغ فهو ابتكار الكتابة، فقد كانت هذه السلالة أول مجموعة بشرية من الصين تظهر في سجلات مكتوبة. كُشفت كتابة عهد شانغ بصورة نقوش صينية قديمة على دروع السلاحف وعظام الماشية (يطلق عليها عظام التنبؤات) التي ساعدت على تطوير الكتابة.
أظهرت نقوش التنبؤات التي كشفت عام 1899م أن الكتابات القديمة بقيت مدفونة أكثر من ثلاثة آلاف عام. وقد كشفت الحفريات الأثرية النقاب عن مدينة مدفونة في موقع مدينة آينانج الحالية، وجد فيها نحو 10000 قطعة من عظام التنبؤات، وتؤكد نقوش التنبؤات التي كشفت في آينانج على وجود سلالة شانغ. كما أن الكلمات في هذه النقوش وفرت للعلماء أدلة على تطور اللغة الصينية، ومن هذه النقوش يعلم المرء أن الصين كان بلداً زراعياً يحكمه نظام إقطاعي من الأسر الكبيرة في ذلك الحين.
غسان منيف عيسى