شجر الدر (شجرة الدر)
(… ـ 657هـ/… ـ 1258م)
شجر الدر الملكة الملقبة بعصمة الدين أم خليل من شهيرات الملكات في الإسلام ذات إدارة وحزم وعقل ودهاء وإحسان، تركية الجنسية وقيل أرمينية. اشتراها الملك الصالح نجم الدين أيوب وتزوجها بعد أن أنجبت له ابنه خليل الذي مات صغيراً، وقد حظيت عنده فكان لا يفارقها سفراً ولا حضراً.
قامت شجرة الدر بعمل عندما توفي زوجها السلطان نجم الدين أيوب سنة 647هـ/1249م، في أثناء زحف الصليبين بقيادة ملك فرنسة لويس التاسع باتجاه القاهرة بعد أن استولوا على دمياط، فأخفت شجرة الدر خبر وفاة زوجها وجمعت الأمراء وأرباب السلطان وأخبرتهم أن السلطان يأمرهم أن يحلفوا له أن يكون الملك من بعده لولده المعظم تورانشاه، فأجابوها إلى ذلك وأقسموا لها الأيمان بتنفيذ مطلبه، وأرسلت لإحضار توران شاه المقيم في حصن كيفا على عجل، وأخذت توقع عن السلطان مراسيم الدولة إلى أن وصل توران شاه إلى المنصورة.
لم يحفظ توران شاه لزوج أبيه شجر الدر الجميل، ونسي أنها صانت له ملك أبيه وأنها أرسلت تستدعيه على عجل لتولي السلطنة، فاتهمها بأنها أخفت ثروة أبيه، وأرسل إليها يهددها ويطالبها بما تحت يدها من الجواهر، فداخلها منه خوف. وكاتبت المماليك البحرية[ر] في 2 أيار 1250م/7 محرم 648هـ. وكانت العلاقات قد ساءت بين المماليك البحرية وتوران شاه الذي وجد فيهم حجر عثرة تعترض سلطانه المطلق، فهجم المماليك على توران شاه وقتلوه، فلما قتل وقع الاتفاق على تولية شجر الدر السلطنة وجعلوا عز الدين أيبك الصالحي التركماني أتابك عسكرها. ولكنه لم يكن يتصرف ولا يقطع في أمر إلا بعد أخذ موافقتها واستشارتها ومعرفة رأيها فيه وإرادتها.
لكن قيام امرأة في حكم العرب المسلمين، كان شيئاً جديداً فالمسلمون لم يعتادوا في تاريخهم الطويل أن يسلّموا زمام حكمهم لامرأة، ويبدو أن شجر الدر أحست بالحرج وبوضعها الغريب، ولهذا أسرفت في التقرب إلى أهل الدولة ومن المماليك البحرية، فمنحتهم الرتب والإقطاعات والأموال، وخفضت الضرائب عن الرعية لتستميل قلوبهم، ولا أدل على شعور شجر الدر بالحرج من أنها حرصت على ألا تُبرز اسمها مكشوفاً، فكانت المراسيم والمناشير تصدر من القلعة وعليها علامة «أم خليل الصالحية» وضربت السكة باسمها ونقش عليها «السكة المستعصمية الصالحية ملكة المسلمين والدة الملك المنصور خليل». وقد حرصت شجر الدر على التمسك بلقب «أم الملك المنصور خليل» لتظهر صلتها القوية بالبيت الأيوبي عن طريق ولدها خليل من ناحية، وزوجها الصالح أيوب من ناحية أخرى، وبذلك تضفي على سلطتها حالة من الشرعية وكذلك حاولت أن تظهر صلتها الوثيقة بالخلافة العباسية في بغداد وتتمسك بلقب المستعصمية إشارة إلى صلتها بالخليفة العباسي المستعصم بالله.
كانت أولى المشكلات التي واجهت السلطانة شجر الدر هي أنها قامت في السلطنة والفرنسيون ما زالوا في البلاد، صحيح أن لويس التاسع كان قد أسر بعد انتصار المسلمين في معركة المنصورة، ولكنّ دمياط بقيت قاعدة بحرية في قبضة الفرنسيين، لذلك جرت المفاوضات بين لويس التاسع والسلطانة شجر الدر، وتم الاتفاق على إطلاق سراح لويس التاسع وجميع أسرى الصليبين مقابل 800 ألف دينار وأن يتم إجلاء الفرنسيين عن دمياط وأن يتعهد لويس التاسع بعدم العودة إلى سواحل الإسلام مرة أخرى، وفي أيار 1250م، تسلم المماليك دمياط وأطلقوا سراح الملك لويس التاسع بعد دفع نصف الفدية، أما بقية الأسرى فقد ظلوا في الأسر لحين دفع باقي الفداء المطلوب.
عندما بلغ الخليفة المستعصم وهو ببغداد أن أهل مصر سلطنوا عليهم امرأة أرسل يقول لأمراء مصر، «إن كانت الرجال قد عدمت عندكم، فأخبرونا نسير لكم رجلاً»، فلما بلغ شجر الدر ذلك خلعت نفسها من السلطنة برضاها بعد أن حكمت الديار المصرية ثلاثة أشهر إلا أياماً، برهنت فيها على حسن سيرتها وغزير عقلها وجودة تدبيرها، وأشار القضاة والأمراء بأن يولى السلطنة أيبك وأن يتزوج شجر الدر، فتزوج بها ثم تولى السلطنة ولقب بالملك العزيز وذلك في آخر ربيع الآخر سنة 648هـ، ولكن شجر الدر التي كانت قد ذاقت طعم السلطان وحكمت مصر حكماً انفرادياً مدة ثمانين يوماً لم تقبل الانزواء محرومة من كل نفوذ وسلطان، فلم تكد تتنازل عن السلطان لزوجها أيبك حتى عادت وعز عليها ذلك، ويروي المؤرخ ابن تغري بردي أن شجر الدر سيطرت على زوجها المعز أيبك سيطرة تامة بحيث صار في جميع أحواله «ليس له معها كلام». ثم عملت على قتل زوجها حين بلغها أنه يريد أن يتزوج بنت الملك الرحيم بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل، فتخيلت أنه ربما عزم على إبعادها أو قتلها لأنه سئم من حجرها عليه فعاجلت بقتله بأن حرضت جماعة من الخدم على قتله بالحمام في 23ربيع الأول سنة 657هـ ولكن مماليك المعز أيبك لم يغفروا لشجر الدر فعلتها فقتلوها بعد زمن بتحريض من ابن الملك المعز أيبك ووالدته أم علي، فوجدت مقتولة خارج القلعة يوم السبت 11ربيع الآخر سنة 657هـ، ثم حملت إلى التربة التي كانت قد بنتها لنفسها قرب مشهد السيدة نفيسة فدفنت فيها. وقيل إنه لما تيقنت أنها مقتولة أودعت قسماً من المال والجواهر وسحقت مجموعة من الجواهر النفيسة في الهاون. لئلا يأخذها الملك المنصور بن المعز أيبك وأمه.
نجدة خماش
(… ـ 657هـ/… ـ 1258م)
شجر الدر الملكة الملقبة بعصمة الدين أم خليل من شهيرات الملكات في الإسلام ذات إدارة وحزم وعقل ودهاء وإحسان، تركية الجنسية وقيل أرمينية. اشتراها الملك الصالح نجم الدين أيوب وتزوجها بعد أن أنجبت له ابنه خليل الذي مات صغيراً، وقد حظيت عنده فكان لا يفارقها سفراً ولا حضراً.
قامت شجرة الدر بعمل عندما توفي زوجها السلطان نجم الدين أيوب سنة 647هـ/1249م، في أثناء زحف الصليبين بقيادة ملك فرنسة لويس التاسع باتجاه القاهرة بعد أن استولوا على دمياط، فأخفت شجرة الدر خبر وفاة زوجها وجمعت الأمراء وأرباب السلطان وأخبرتهم أن السلطان يأمرهم أن يحلفوا له أن يكون الملك من بعده لولده المعظم تورانشاه، فأجابوها إلى ذلك وأقسموا لها الأيمان بتنفيذ مطلبه، وأرسلت لإحضار توران شاه المقيم في حصن كيفا على عجل، وأخذت توقع عن السلطان مراسيم الدولة إلى أن وصل توران شاه إلى المنصورة.
لم يحفظ توران شاه لزوج أبيه شجر الدر الجميل، ونسي أنها صانت له ملك أبيه وأنها أرسلت تستدعيه على عجل لتولي السلطنة، فاتهمها بأنها أخفت ثروة أبيه، وأرسل إليها يهددها ويطالبها بما تحت يدها من الجواهر، فداخلها منه خوف. وكاتبت المماليك البحرية[ر] في 2 أيار 1250م/7 محرم 648هـ. وكانت العلاقات قد ساءت بين المماليك البحرية وتوران شاه الذي وجد فيهم حجر عثرة تعترض سلطانه المطلق، فهجم المماليك على توران شاه وقتلوه، فلما قتل وقع الاتفاق على تولية شجر الدر السلطنة وجعلوا عز الدين أيبك الصالحي التركماني أتابك عسكرها. ولكنه لم يكن يتصرف ولا يقطع في أمر إلا بعد أخذ موافقتها واستشارتها ومعرفة رأيها فيه وإرادتها.
لكن قيام امرأة في حكم العرب المسلمين، كان شيئاً جديداً فالمسلمون لم يعتادوا في تاريخهم الطويل أن يسلّموا زمام حكمهم لامرأة، ويبدو أن شجر الدر أحست بالحرج وبوضعها الغريب، ولهذا أسرفت في التقرب إلى أهل الدولة ومن المماليك البحرية، فمنحتهم الرتب والإقطاعات والأموال، وخفضت الضرائب عن الرعية لتستميل قلوبهم، ولا أدل على شعور شجر الدر بالحرج من أنها حرصت على ألا تُبرز اسمها مكشوفاً، فكانت المراسيم والمناشير تصدر من القلعة وعليها علامة «أم خليل الصالحية» وضربت السكة باسمها ونقش عليها «السكة المستعصمية الصالحية ملكة المسلمين والدة الملك المنصور خليل». وقد حرصت شجر الدر على التمسك بلقب «أم الملك المنصور خليل» لتظهر صلتها القوية بالبيت الأيوبي عن طريق ولدها خليل من ناحية، وزوجها الصالح أيوب من ناحية أخرى، وبذلك تضفي على سلطتها حالة من الشرعية وكذلك حاولت أن تظهر صلتها الوثيقة بالخلافة العباسية في بغداد وتتمسك بلقب المستعصمية إشارة إلى صلتها بالخليفة العباسي المستعصم بالله.
كانت أولى المشكلات التي واجهت السلطانة شجر الدر هي أنها قامت في السلطنة والفرنسيون ما زالوا في البلاد، صحيح أن لويس التاسع كان قد أسر بعد انتصار المسلمين في معركة المنصورة، ولكنّ دمياط بقيت قاعدة بحرية في قبضة الفرنسيين، لذلك جرت المفاوضات بين لويس التاسع والسلطانة شجر الدر، وتم الاتفاق على إطلاق سراح لويس التاسع وجميع أسرى الصليبين مقابل 800 ألف دينار وأن يتم إجلاء الفرنسيين عن دمياط وأن يتعهد لويس التاسع بعدم العودة إلى سواحل الإسلام مرة أخرى، وفي أيار 1250م، تسلم المماليك دمياط وأطلقوا سراح الملك لويس التاسع بعد دفع نصف الفدية، أما بقية الأسرى فقد ظلوا في الأسر لحين دفع باقي الفداء المطلوب.
عندما بلغ الخليفة المستعصم وهو ببغداد أن أهل مصر سلطنوا عليهم امرأة أرسل يقول لأمراء مصر، «إن كانت الرجال قد عدمت عندكم، فأخبرونا نسير لكم رجلاً»، فلما بلغ شجر الدر ذلك خلعت نفسها من السلطنة برضاها بعد أن حكمت الديار المصرية ثلاثة أشهر إلا أياماً، برهنت فيها على حسن سيرتها وغزير عقلها وجودة تدبيرها، وأشار القضاة والأمراء بأن يولى السلطنة أيبك وأن يتزوج شجر الدر، فتزوج بها ثم تولى السلطنة ولقب بالملك العزيز وذلك في آخر ربيع الآخر سنة 648هـ، ولكن شجر الدر التي كانت قد ذاقت طعم السلطان وحكمت مصر حكماً انفرادياً مدة ثمانين يوماً لم تقبل الانزواء محرومة من كل نفوذ وسلطان، فلم تكد تتنازل عن السلطان لزوجها أيبك حتى عادت وعز عليها ذلك، ويروي المؤرخ ابن تغري بردي أن شجر الدر سيطرت على زوجها المعز أيبك سيطرة تامة بحيث صار في جميع أحواله «ليس له معها كلام». ثم عملت على قتل زوجها حين بلغها أنه يريد أن يتزوج بنت الملك الرحيم بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل، فتخيلت أنه ربما عزم على إبعادها أو قتلها لأنه سئم من حجرها عليه فعاجلت بقتله بأن حرضت جماعة من الخدم على قتله بالحمام في 23ربيع الأول سنة 657هـ ولكن مماليك المعز أيبك لم يغفروا لشجر الدر فعلتها فقتلوها بعد زمن بتحريض من ابن الملك المعز أيبك ووالدته أم علي، فوجدت مقتولة خارج القلعة يوم السبت 11ربيع الآخر سنة 657هـ، ثم حملت إلى التربة التي كانت قد بنتها لنفسها قرب مشهد السيدة نفيسة فدفنت فيها. وقيل إنه لما تيقنت أنها مقتولة أودعت قسماً من المال والجواهر وسحقت مجموعة من الجواهر النفيسة في الهاون. لئلا يأخذها الملك المنصور بن المعز أيبك وأمه.
نجدة خماش