شيمازاكي (توسون ـ)
(1872 ـ 1943)
توسون شيمازاكي Toson Shimazakiشاعر وروائي ياباني، اسمه الحقيقي هاروكيHaruki شيمازاكي، وهو سليل عائلة شهيرة. كان والده مكلفاً رسمياً من البلاط بإدارة نُزلٍ لاستقبال كبار الشخصيات اليابانية. وكان شيمازاكي أصغر أخوته الأربعة وأخواته الثلاث، وكان رجال أسرته كبار قومهم وتجار جملة.
تلقى شيمازاكي تعليمه في مدرسة ميجي غاكوين Meigi Gakuin، وهي مؤسسة تبشيرية بروتستنتية أنشأها في طوكيو رجال دين أمريكيون من أصول اسكتلندية، وقد عُمِّد شيمازاكي مسيحياً، علماً بأنه لم يكن لذلك أي تأثير لاحق في حياته الشخصية أو تفكيره. وفي أثناء هذه المرحلة (1887-1891) اطّلع الفتى شيمازاكي بالإنكليزية على أشعار شكسبير وملتونMilton وبايرون Byron ووردزورثWordsworth ودانتي Dante وغوته Goethe، أي على تقاليد شعرية غريبة عما يعرفه جيداً من تراث الشعر الياباني. ومع موهبة الفتى وحساسيته الفنية العالية شعراً ونثراً جاءت قصائده بدءاً من عام 1890 مزيجاً إبداعياً أصيلاً وجديداً، رفدت حركة الرومنسية اليابانية القصيرة العمر، وحققت انفتاحاً لافتاً على موضوعات وإيقاعات شعرية وتراكيب لغوية تجذب القارئ والمستمع الياباني.
بدأ شيمازاكي بالتعليم منذ عام 1892 في مدرسة للبنات، وأسس في العام التالي مع مجموعة من الكتاب والشعراء الشباب مجلة «عالم الأدب» Bungakkai. وفي عام 1897 صدرت مجموعته الشعرية الأولى «مجموعة أوراقِ أشجارٍ فتية» Wakanashuالتي عدَّها النقاد آنئذٍ بداية للشعر الياباني الحديث. وبعد سنوات قليلة انتقل الشاعر للتعليم في مدرسة كومورو Komoro الخاصة التي تعتمد في تمويلها على الهبات والتبرعات، وتبدّت تجربته الجديدة في «خطاطات نهر تشيكوما» Chikuma River Sketches ت(1902). وفي عام 1906 صدرت أولى رواياته المهمة «وصية مُهملة»Hakai التي وصف فيها بدقة تجربة موضوعية وواقعية لمعلم مدرسة منبوذ يناضل من أجل تحقيق الذات. وحينذاك عدّ النقاد الرواية ممثلة للمذهب الطبيعيNaturalism الذي قاده الكاتب الفرنسي إميل زولاÉ.Zola، إلا أن التحليلات النقدية الأكثر عمقاً كشفت عن تأثر الكاتب بجان جاك روسوJ.J.Rousseau وآرائه التربوية. ثم صدرت روايته الثانية «ربيع» Haru ت(1908) التي وصف فيها بشعرية متدفقة تجربة حبٍ بائس بينه وبين إحدى طالباته.
لجأ شيمازاكي فيما بعد إلى تقليد قديم متبع في الأوساط الأدبية اليابانية، أي إلى نشر أعماله الجديدة في حلقات متسلسلة في الصحف. وهكذا نُشرت رواية «العائلة» Ieت(1910- 1911)، ثم رواية «حياة جديدة»Shinsei ت(1918- 1919) التي سرد فيها قصة العلاقة غير المستساغة بين كاتب وابنة أخت زوجته، بأسلوب اعترافات تتفجر من داخل الذات، دون حدود أو اعتبار للأعراف الاجتماعية.
بدأ شيمازاكي منذ عام 1928 بإجراء بحوث تاريخية تحضيراً لروايته القادمة التي صارت أهم أعماله وأشهرها، وهي «قبل الفجر» Yaake mae ت(1935). وقد عاد الكاتب في هذه الرواية ذات الطابع التاريخي إلى مرحلة تحديث اليابان وانفتاحها على العالم الغربي في عهد ميجي Meiji بدءاً من ستينيات القرن التاسع عشر. وبطلها التراجيدي، الذي استقى الكاتب نموذجه من تجربة أبيه الذاتية، يموت ميتة مريرة مؤلمة وهو على قناعة بأن أنصار التحديث، من أصحاب المصالح الخاصة، قد خانوا القضية الوطنية النقية. أما آخر رواياته التي بقيت غير مكتملة عند وفاته فقد حملت عنوان «بوابة نحو الشرق» Tóhó no Mon استعاد فيها الكاتب اليابان البوذية في القرون الوسطى.
إن السمة الرئيسية التي تطبع جلّ أعمال شيمازاكي الشعرية والروائية معاً هي معالجته للصدام الحضاري العميق بين التقاليد الاجتماعية والدينية المتجذرة في الذات اليابانية وبين معاناة الانفتاح على عناصر التجديد القادمة من الغرب.
توفي شيمازاكي في مدينة أويسو Óisoإثر جلطة دماغية عن واحد وسبعين عاماً.
نبيل الحفار
(1872 ـ 1943)
تلقى شيمازاكي تعليمه في مدرسة ميجي غاكوين Meigi Gakuin، وهي مؤسسة تبشيرية بروتستنتية أنشأها في طوكيو رجال دين أمريكيون من أصول اسكتلندية، وقد عُمِّد شيمازاكي مسيحياً، علماً بأنه لم يكن لذلك أي تأثير لاحق في حياته الشخصية أو تفكيره. وفي أثناء هذه المرحلة (1887-1891) اطّلع الفتى شيمازاكي بالإنكليزية على أشعار شكسبير وملتونMilton وبايرون Byron ووردزورثWordsworth ودانتي Dante وغوته Goethe، أي على تقاليد شعرية غريبة عما يعرفه جيداً من تراث الشعر الياباني. ومع موهبة الفتى وحساسيته الفنية العالية شعراً ونثراً جاءت قصائده بدءاً من عام 1890 مزيجاً إبداعياً أصيلاً وجديداً، رفدت حركة الرومنسية اليابانية القصيرة العمر، وحققت انفتاحاً لافتاً على موضوعات وإيقاعات شعرية وتراكيب لغوية تجذب القارئ والمستمع الياباني.
بدأ شيمازاكي بالتعليم منذ عام 1892 في مدرسة للبنات، وأسس في العام التالي مع مجموعة من الكتاب والشعراء الشباب مجلة «عالم الأدب» Bungakkai. وفي عام 1897 صدرت مجموعته الشعرية الأولى «مجموعة أوراقِ أشجارٍ فتية» Wakanashuالتي عدَّها النقاد آنئذٍ بداية للشعر الياباني الحديث. وبعد سنوات قليلة انتقل الشاعر للتعليم في مدرسة كومورو Komoro الخاصة التي تعتمد في تمويلها على الهبات والتبرعات، وتبدّت تجربته الجديدة في «خطاطات نهر تشيكوما» Chikuma River Sketches ت(1902). وفي عام 1906 صدرت أولى رواياته المهمة «وصية مُهملة»Hakai التي وصف فيها بدقة تجربة موضوعية وواقعية لمعلم مدرسة منبوذ يناضل من أجل تحقيق الذات. وحينذاك عدّ النقاد الرواية ممثلة للمذهب الطبيعيNaturalism الذي قاده الكاتب الفرنسي إميل زولاÉ.Zola، إلا أن التحليلات النقدية الأكثر عمقاً كشفت عن تأثر الكاتب بجان جاك روسوJ.J.Rousseau وآرائه التربوية. ثم صدرت روايته الثانية «ربيع» Haru ت(1908) التي وصف فيها بشعرية متدفقة تجربة حبٍ بائس بينه وبين إحدى طالباته.
لجأ شيمازاكي فيما بعد إلى تقليد قديم متبع في الأوساط الأدبية اليابانية، أي إلى نشر أعماله الجديدة في حلقات متسلسلة في الصحف. وهكذا نُشرت رواية «العائلة» Ieت(1910- 1911)، ثم رواية «حياة جديدة»Shinsei ت(1918- 1919) التي سرد فيها قصة العلاقة غير المستساغة بين كاتب وابنة أخت زوجته، بأسلوب اعترافات تتفجر من داخل الذات، دون حدود أو اعتبار للأعراف الاجتماعية.
بدأ شيمازاكي منذ عام 1928 بإجراء بحوث تاريخية تحضيراً لروايته القادمة التي صارت أهم أعماله وأشهرها، وهي «قبل الفجر» Yaake mae ت(1935). وقد عاد الكاتب في هذه الرواية ذات الطابع التاريخي إلى مرحلة تحديث اليابان وانفتاحها على العالم الغربي في عهد ميجي Meiji بدءاً من ستينيات القرن التاسع عشر. وبطلها التراجيدي، الذي استقى الكاتب نموذجه من تجربة أبيه الذاتية، يموت ميتة مريرة مؤلمة وهو على قناعة بأن أنصار التحديث، من أصحاب المصالح الخاصة، قد خانوا القضية الوطنية النقية. أما آخر رواياته التي بقيت غير مكتملة عند وفاته فقد حملت عنوان «بوابة نحو الشرق» Tóhó no Mon استعاد فيها الكاتب اليابان البوذية في القرون الوسطى.
إن السمة الرئيسية التي تطبع جلّ أعمال شيمازاكي الشعرية والروائية معاً هي معالجته للصدام الحضاري العميق بين التقاليد الاجتماعية والدينية المتجذرة في الذات اليابانية وبين معاناة الانفتاح على عناصر التجديد القادمة من الغرب.
توفي شيمازاكي في مدينة أويسو Óisoإثر جلطة دماغية عن واحد وسبعين عاماً.
نبيل الحفار