أعطانا مرض المتلازمة التنفُّسية الحادة الوخيمة «السارس SARS» وفيروس كورونا المرتبط بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية MERS تحذيرًا كافيًا من خطر ظهور فيروسات كورونا جديدة، لكننا فشلنا في ردع كوفيد-19 وغيره من أنواع العدوى.
تفادى العالم ضربةً مبرحةً عام 2003 بعد نجاح الجهد العالمي في احتواء فيروس المتلازمة التنفُّسية الحادة الوخيمة أو السارس SARS الذي انتقل من الخفافيش إلى البشر في الصين وانتشر بعد ذلك إلى 26 دولة. وتلقينا ضربةً أخرى عندما انتقل فيروس كورونا المرتبط بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية MERS من الخفافيش أيضًا إلى البشر عام 2012.
وجد العلماء الصينيون فيروسات شبيهة بمتلازمة السارس في خفافيش الفاكهة من الممكن أن تصيب الخلايا البشرية بعد عامٍ واحد. ووضعت منظمة الصحة العالمية فيروسات كورونا بين أكبر ثمانية تهديدات فيروسية معروفة تتطلب المزيد من البحث في عام 2016.
لذلك من الممكن أن تعتقد أننا توصلنا حاليًا إلى بعض عقاقير أو لقاحات لفيروس كورونا، لكن لا يوجد لقاح إلى الآن؛ لهذا السبب نسرع باختبار العقاقير المصممة لفيروسات أخرى لنرى ما إذا كانت قادرة على المساعدة، ونجري تجارب سريعة للقاحات التجريبية. فلماذا لم نكن مستعدين لتهديد كنا نعرف عنه؟
بعد عام 2003 بدأت سلسلة من الأبحاث، لكنها لم تدم طويلًا. يقول رولف هيلغنفيلد Rolf Hilgenfeld من جامعة لوبيك بألمانيا: «أصبح من الصعب حقًا منذ عام 2005 الحصول على تمويل للعمل على فيروس المتلازمة التنفُّسية الحادة الوخيمة أو السارس SARS».
كما وضَّح دايڤيد هيمان David Heymann بمدرسة لندن لحفظ الصحة وطب المناطق الحارة أنه عندما اختفى السارس، اختفى معه سوق العقاقير أو اللقاحات اللازمة لعلاجه؛ فشركات الأدوية الكبرى فقط هي التي تمتلك المال والخبرة اللازمة للحصول على العقاقير أو اللقاحات عبْر التجارب البشرية، ولا تستطيع هذه الشركات الاستثمار في لقاح دون وجود سوق له. كما يقول هيلغنفيلد إن الوكالات التي تمول البحوث فقدت هي الأخرى اهتمامها بسبب «اعتقاد علماء الفيروسات البارزين أن فيروس السارس تواجد مرةً واحدة ولن يتكرر».
بالمقارنة مع فيروسات كورونا الأخرى، شهد السارس طفرةً جينيةً شاملةً دفعت بعض اختصاصيي الفيروسات إلى التخمين بأن هذا هو ما سمح له بالانتشار فجأة بين البشر، ومن غير المرجح لمثل هذه الطفرة أن تحدث مرة أخرى. لقد كانوا محقين بشأن الجزء الثاني؛ إذ إن فيروس كوفيد-19 لا يمتلك هذه الطفرة لكنه انتشر في البشر بشكل أفضل من انتشار السارس.
ساعد فيروس السارس في بعض التدابير العالمية، وتعرَّف العالم على متلازمة الشرق الأوسط التنفسية بسرعة في عام 2012 لأن الاتحاد الأوروبي بدأ في تمويل المختبرات لمعرفة تسلسل الحمض النووي للفيروسات التنفسية الغامضة.
وعُدِّلت اللوائح الصحية الدولية في عام 2007 (أداة قانونية مصممة للحد من انتشار الأمراض على الصعيد الدولي) مطالبةً الاقتصادات المتقدمة مساعدة الاقتصادات النامية على تحسين قدراتها لاكتشاف الأمراض ومكافحتها. لكن معظم الدول استثمرت في المبادرات العالمية ولم تساعد البلدان على الاهتمام بنفسها بطريقة كافية كما يقول هيمان. لم يحقق أي بلد إلى الآن متطلبات اللائحة الصحية الدولية عام 2007.
المشكلة الأخرى هي اقحام أشخاص غير الأطباء والعلماء. إذ أنشأت الصين شبكةً لكشف المجموعات الغامضة من الأمراض التنفسية بعد ظهور السارس، ووجدت كوفيد-19 في ووهان، بعد ذلك كتم المسؤولون الجهود التي دقت ناقوس الخطر.
حذّر خبراء الصحة العامة لسنوات بأننا لا بد أن نبذل قصارى جهدنا، فمن الممكن أن يكون المرض الجديد التالي أسوأ وغير متوقع على الإطلاق بعكس كوفيد-19.
ماذا حدث في الأوبئة السابقة؟
لم يمضِ وقت طويل حتى انتشر الوباء الأخير في عام 2009، فيروس إنفلونزا الخنازير الذي انتقل إلى البشر. إذ كُشفت أولى الحالات الخطيرة في المكسيك، لكن سرعان ما تخلت الأبحاث عن جهود احتواء المرض، واستمر الفيروس حتى أصاب ربع سكان العالم في غضون عام واحد.
ولحسن الحظ كان تأثير إنفلونزا الخنازير خفيفًا بشكل نسبي؛ إذ أنه قتل واحدًا لكل 5000 من المصابين به، لكن بلغ معدل وفيات كوفيد-19 نحو 1 لكل 100، وذلك أكثر مشابهةً بوباء الإنفلونزا الإسبانية في عام 1918.
عانى معظم الذين نجوا من هذه العدوى قبل أكثر من قرن من أعراض الإنفلونزا المعروفة. لكن اختلف الأمر في حالات الإصابة بفيروس كورونا: فنحو 20% من الحالات يمرض بشكل خطير، ويحتاج العديد من المصابين إلى التنفس الصناعي لإبقائهم على قيد الحياة إلى أن يتغلّب جهازهم المناعي على الفيروس.
وإذا تكرر ما حدث عام 1918؛ إذ أصيب نصف سكان الولايات المتحدة بالعدوى في غضون عام واحد، فمن الممكن أن يحتاج الملايين إلى العناية المركزة في هذا البلد.
تفادى العالم ضربةً مبرحةً عام 2003 بعد نجاح الجهد العالمي في احتواء فيروس المتلازمة التنفُّسية الحادة الوخيمة أو السارس SARS الذي انتقل من الخفافيش إلى البشر في الصين وانتشر بعد ذلك إلى 26 دولة. وتلقينا ضربةً أخرى عندما انتقل فيروس كورونا المرتبط بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية MERS من الخفافيش أيضًا إلى البشر عام 2012.
وجد العلماء الصينيون فيروسات شبيهة بمتلازمة السارس في خفافيش الفاكهة من الممكن أن تصيب الخلايا البشرية بعد عامٍ واحد. ووضعت منظمة الصحة العالمية فيروسات كورونا بين أكبر ثمانية تهديدات فيروسية معروفة تتطلب المزيد من البحث في عام 2016.
لذلك من الممكن أن تعتقد أننا توصلنا حاليًا إلى بعض عقاقير أو لقاحات لفيروس كورونا، لكن لا يوجد لقاح إلى الآن؛ لهذا السبب نسرع باختبار العقاقير المصممة لفيروسات أخرى لنرى ما إذا كانت قادرة على المساعدة، ونجري تجارب سريعة للقاحات التجريبية. فلماذا لم نكن مستعدين لتهديد كنا نعرف عنه؟
بعد عام 2003 بدأت سلسلة من الأبحاث، لكنها لم تدم طويلًا. يقول رولف هيلغنفيلد Rolf Hilgenfeld من جامعة لوبيك بألمانيا: «أصبح من الصعب حقًا منذ عام 2005 الحصول على تمويل للعمل على فيروس المتلازمة التنفُّسية الحادة الوخيمة أو السارس SARS».
كما وضَّح دايڤيد هيمان David Heymann بمدرسة لندن لحفظ الصحة وطب المناطق الحارة أنه عندما اختفى السارس، اختفى معه سوق العقاقير أو اللقاحات اللازمة لعلاجه؛ فشركات الأدوية الكبرى فقط هي التي تمتلك المال والخبرة اللازمة للحصول على العقاقير أو اللقاحات عبْر التجارب البشرية، ولا تستطيع هذه الشركات الاستثمار في لقاح دون وجود سوق له. كما يقول هيلغنفيلد إن الوكالات التي تمول البحوث فقدت هي الأخرى اهتمامها بسبب «اعتقاد علماء الفيروسات البارزين أن فيروس السارس تواجد مرةً واحدة ولن يتكرر».
بالمقارنة مع فيروسات كورونا الأخرى، شهد السارس طفرةً جينيةً شاملةً دفعت بعض اختصاصيي الفيروسات إلى التخمين بأن هذا هو ما سمح له بالانتشار فجأة بين البشر، ومن غير المرجح لمثل هذه الطفرة أن تحدث مرة أخرى. لقد كانوا محقين بشأن الجزء الثاني؛ إذ إن فيروس كوفيد-19 لا يمتلك هذه الطفرة لكنه انتشر في البشر بشكل أفضل من انتشار السارس.
ساعد فيروس السارس في بعض التدابير العالمية، وتعرَّف العالم على متلازمة الشرق الأوسط التنفسية بسرعة في عام 2012 لأن الاتحاد الأوروبي بدأ في تمويل المختبرات لمعرفة تسلسل الحمض النووي للفيروسات التنفسية الغامضة.
وعُدِّلت اللوائح الصحية الدولية في عام 2007 (أداة قانونية مصممة للحد من انتشار الأمراض على الصعيد الدولي) مطالبةً الاقتصادات المتقدمة مساعدة الاقتصادات النامية على تحسين قدراتها لاكتشاف الأمراض ومكافحتها. لكن معظم الدول استثمرت في المبادرات العالمية ولم تساعد البلدان على الاهتمام بنفسها بطريقة كافية كما يقول هيمان. لم يحقق أي بلد إلى الآن متطلبات اللائحة الصحية الدولية عام 2007.
المشكلة الأخرى هي اقحام أشخاص غير الأطباء والعلماء. إذ أنشأت الصين شبكةً لكشف المجموعات الغامضة من الأمراض التنفسية بعد ظهور السارس، ووجدت كوفيد-19 في ووهان، بعد ذلك كتم المسؤولون الجهود التي دقت ناقوس الخطر.
حذّر خبراء الصحة العامة لسنوات بأننا لا بد أن نبذل قصارى جهدنا، فمن الممكن أن يكون المرض الجديد التالي أسوأ وغير متوقع على الإطلاق بعكس كوفيد-19.
ماذا حدث في الأوبئة السابقة؟
لم يمضِ وقت طويل حتى انتشر الوباء الأخير في عام 2009، فيروس إنفلونزا الخنازير الذي انتقل إلى البشر. إذ كُشفت أولى الحالات الخطيرة في المكسيك، لكن سرعان ما تخلت الأبحاث عن جهود احتواء المرض، واستمر الفيروس حتى أصاب ربع سكان العالم في غضون عام واحد.
ولحسن الحظ كان تأثير إنفلونزا الخنازير خفيفًا بشكل نسبي؛ إذ أنه قتل واحدًا لكل 5000 من المصابين به، لكن بلغ معدل وفيات كوفيد-19 نحو 1 لكل 100، وذلك أكثر مشابهةً بوباء الإنفلونزا الإسبانية في عام 1918.
عانى معظم الذين نجوا من هذه العدوى قبل أكثر من قرن من أعراض الإنفلونزا المعروفة. لكن اختلف الأمر في حالات الإصابة بفيروس كورونا: فنحو 20% من الحالات يمرض بشكل خطير، ويحتاج العديد من المصابين إلى التنفس الصناعي لإبقائهم على قيد الحياة إلى أن يتغلّب جهازهم المناعي على الفيروس.
وإذا تكرر ما حدث عام 1918؛ إذ أصيب نصف سكان الولايات المتحدة بالعدوى في غضون عام واحد، فمن الممكن أن يحتاج الملايين إلى العناية المركزة في هذا البلد.