الفن الخام
ظهرت فكرة الفن الخام art brut نحو عام 1945، ونسبت بدايته للفنان الفرنسي جان دوبوفِّيه Jean Dubuffet الذي عرّفه بالقول: «إنه نتاج مجموعة من الناس لا تملك ثقافة فنية، مما يجعل نتاجها، من كافة الجوانب، يمثِّل شخصيات مبدعيه، ولا تخضع هذه المجموعة لقواعد الفن المعروفة ولأسسه، وللتيارات والنزعات الفنية السائدة».
وعليه؛ فإن الفن الخام فن يزاوله المهمَّشون اجتماعياً والمتخلّفون عقلياً والسجناء، والمرضى النفسيون، وغريبو الأطوار، والوحدانيون، وكل الأفراد الذين تحرروا من قيود الثقافة. والأعمال المنفّذة في إطار هذا الفن، تبقى في العادة، خارج تصنيفات ميادين الفنون الجميلة، ولا تضع في حسبانها المتلقي، ولا تحمل غايات وأهدافاً محددة، عكس الفن الساذج والبدائي والطفلي التي تُنفذ أعماله لأغراض مختلفة، مادية ومعنوية، ويُشترط وجود موهبة واستعداد للقيام بها، في حين الفن الخام يطلق المواهب في الإنسان العادي ويحررها.
في عام 1945، قام الفنان دوبوفيه بالبحث عن أعمال الفن الخام في مشافي المرضى النفسيين ولاسيما في سويسرا وفرنسا، وقدَّمها ضمن معرض أُقيم في قصر بوليو Château de Beaulieu بمدينة لوزان Lausanne عام 1976. وتضم هذه المجموعة الفنية حالياً ما يربو على خمسة عشر ألف عمل.
في خريف عام 1948، تمَّ تأسيس صالة خاصة للفن الخام في باريس تحمل اسم رابطة الفن الخام compagnie de l’art brut، من قبل: جان دوبوفيه، وأندريه بريتون André Breton، وجان بولهان Jean Paulhan، وشارل راتون Charles Ratton، وميشيل تابييه Michel Tapié، وكان القيّم على هذه الأعمال سلافكو كوباك Slavko Kopac.
في تشرين الثاني من العام 1949، قامت صالة René Drouin بعرض 200 عمل فني عائدة إلى ستين فناناً، رافقه دليل حمل عنوان «الفن الخام أفضل من الفنون الثقافية» l’art brut préféré aux arts culturels ضمّ نصاً بقلم دوبوفيه، وصف فيه ماهيّة هذا الفن وأعمال المعرض بقوله: «نقصد بهذه الأعمال تلك المنفذة من قبل أناس لم تطلهم الثقافة الفنيّة، مما جعلهم يعبرون بصدق عن دواخلهم، وليس كالمثقفين المحكومين بمبادئ الفن الكلاسي وأسسه، أو الفن المعاصر».
يؤكد دوبوفيه أنه وجماعة الفن الخام، يمارسون عملية فنية نقية صرفة، وأن فنهم يقدم نفسه عبر سيرورة الابتكار، وليس عبر مسلمات الفن ونظمه وقواعده الثابتة.
وفي العام 1951، تفككت مجموعة الفن الخام، وتمَّ إرسال أعمالها إلى منزل الرسام ألفونسو أوسُّوريو Alfonso Ossorio في مدينة لونغ آيلاند Long Island في الولايات المتحدة الأمريكية، وبقيت هناك ما يربو على عشر سنوات من دون مسوغ قانوني لها. وفي العام 1962، اشترى دوبوفِّيه بناءً في باريس، بهدف إعادة هذه الأعمال إلى فرنسا، كما تمَّ إعادة تأسيس جماعة الفن الخام. وتدريجياً، أخذت أعمال هذا الفن تتزايد لتصل إلى ثلاثين ألف عمل في العام 2001، ويعود الفضل في ذلك إلى دوبوفيه الذي ارتبط اسمه بالفن الخام، والعكس صحيح.
محمود شاهين
ظهرت فكرة الفن الخام art brut نحو عام 1945، ونسبت بدايته للفنان الفرنسي جان دوبوفِّيه Jean Dubuffet الذي عرّفه بالقول: «إنه نتاج مجموعة من الناس لا تملك ثقافة فنية، مما يجعل نتاجها، من كافة الجوانب، يمثِّل شخصيات مبدعيه، ولا تخضع هذه المجموعة لقواعد الفن المعروفة ولأسسه، وللتيارات والنزعات الفنية السائدة».
وعليه؛ فإن الفن الخام فن يزاوله المهمَّشون اجتماعياً والمتخلّفون عقلياً والسجناء، والمرضى النفسيون، وغريبو الأطوار، والوحدانيون، وكل الأفراد الذين تحرروا من قيود الثقافة. والأعمال المنفّذة في إطار هذا الفن، تبقى في العادة، خارج تصنيفات ميادين الفنون الجميلة، ولا تضع في حسبانها المتلقي، ولا تحمل غايات وأهدافاً محددة، عكس الفن الساذج والبدائي والطفلي التي تُنفذ أعماله لأغراض مختلفة، مادية ومعنوية، ويُشترط وجود موهبة واستعداد للقيام بها، في حين الفن الخام يطلق المواهب في الإنسان العادي ويحررها.
في عام 1945، قام الفنان دوبوفيه بالبحث عن أعمال الفن الخام في مشافي المرضى النفسيين ولاسيما في سويسرا وفرنسا، وقدَّمها ضمن معرض أُقيم في قصر بوليو Château de Beaulieu بمدينة لوزان Lausanne عام 1976. وتضم هذه المجموعة الفنية حالياً ما يربو على خمسة عشر ألف عمل.
في خريف عام 1948، تمَّ تأسيس صالة خاصة للفن الخام في باريس تحمل اسم رابطة الفن الخام compagnie de l’art brut، من قبل: جان دوبوفيه، وأندريه بريتون André Breton، وجان بولهان Jean Paulhan، وشارل راتون Charles Ratton، وميشيل تابييه Michel Tapié، وكان القيّم على هذه الأعمال سلافكو كوباك Slavko Kopac.
في تشرين الثاني من العام 1949، قامت صالة René Drouin بعرض 200 عمل فني عائدة إلى ستين فناناً، رافقه دليل حمل عنوان «الفن الخام أفضل من الفنون الثقافية» l’art brut préféré aux arts culturels ضمّ نصاً بقلم دوبوفيه، وصف فيه ماهيّة هذا الفن وأعمال المعرض بقوله: «نقصد بهذه الأعمال تلك المنفذة من قبل أناس لم تطلهم الثقافة الفنيّة، مما جعلهم يعبرون بصدق عن دواخلهم، وليس كالمثقفين المحكومين بمبادئ الفن الكلاسي وأسسه، أو الفن المعاصر».
يؤكد دوبوفيه أنه وجماعة الفن الخام، يمارسون عملية فنية نقية صرفة، وأن فنهم يقدم نفسه عبر سيرورة الابتكار، وليس عبر مسلمات الفن ونظمه وقواعده الثابتة.
جان دوبوفيه: «حجر الحياة» (ارتفاع 0.77، عرض 1.05، زوريخ) |
محمود شاهين