اشاره في قوات مسلحه
Signal - Transmission
الإشارة في القوات المسلحة
قوات الإشارة signals صنف خاص أساسي من صنوف القوات المسلحة، يعنى بالاتصالات وتنظيمها لتبادل إرسال الأوامر والتعليمات والإيعازات والتقارير والإشارات، واستقبالها بمختلف السبل والوسائل من أجل قيادة القوات والسيطرة عليها في السلم والحرب.
وللإشارة أو الاتصالات communication دور مهم في مختلف أنواع الأعمال القتالية والعمليات الحربية. وقد تطورت وسائلها وأساليبها مع مرور الزمن لتساير تطور نظام قيادة القوات وأعمال مختلف أنواع القوات المسلحة وصنوفها وأساليب الإعداد للحرب وخوضها.
لمحة تاريخية
عُرفت الإشارة واستُعملت وسائل الاتصال لأغراض الأمن والحرب منذ أقدم العصور. فقد عُرف عن الصينيين استعمالهم للإشارات من أجل الإخطار عن هجوم العدو على سورهم العظيم. وكانت الاتصالات تتم في العصور القديمة بإشارات بصرية وسمعية متفق عليها من نيران ودخان ورايات وطبول وغيرها، إضافة إلى المراسلين الراجلين والراكبين الذين ينقلون الأخبار شفاهاً وكتابة، الأمر الذي وضع بداية الاتصالات البريدية. وقد بلغ هذا النوع من الاتصالات درجة عالية من التنظيم في عهد الخلافة الأموية، فأقيمت محطات البريد على مراحل بين الأمصار، ووضعت فيها الخيول جاهزة للانطلاق بفرسانها، وشاع استخدام الهوادي (حمام الزاجل) لنقل الأخبار مسافات بعيدة، حتى غدت الأخبار تصل إلى مركز الخلافة في زمن قصير نسبياً. ثم تطلب التطور الصناعي والعمليات التجارية إيجاد سبل جديدة للاتصالات تمكِّن من إرسال المعلومات بسرعة كبيرة. ففي نهاية القرن الثامن عشر ظهر البرق البصري واستعمل لتبادل المعلومات على نطاق واسع، وفي القرن التاسع عشر اخترعت سبل كهربائية جديدة لإرسال المعلومات عبر الأسلاك بسرعات كبيرة، فظهر البرق الكهربائي واستعمل ترميز مورس، ثم ظهر الهاتف وشاع استعماله، ثم اخترع اللاسلكي بعد قليل. وتطورت سبل الاتصال ووسائله فنياً بتأثير الثورة العلمية ـ التقنية في النصف الثاني من القرن العشرين، باستخدام الحواسيب والسواتل، واستعمال مختلف أنواع الترددات، وتصاعدت إمكانات هذه الوسائل لتصبح أبعد مدى وأكثر أمانة وقدرة على مقاومة التشويش واختراق شبكات الاتصال وتوفير الاتصال لعدد كبير جداً من المشتركين.
خصائص الاتصالات
يتحدد نوع الاتصال بمجموعة من الخواص الأساسية، أهمها الحينية والضمانة والأمانة والسرية.
حينية الاتصال: هي القدرة على ضمان إجراء المكالمات وإرسال المعلومات وإيصالها في الوقت المعين. وتحددها القدرة على نشر عقد الاتصال وخطوطه وسرعة إقامته مع المشتركين، وسرعة إرسال المعلومات بين الأجهزة النهائية (الطرفية).
ويتوقف زمن جمع وسائل الاتصال وتنقلها ونشرها على حركية عتاد الإشارة المستعمل لفتح وسائط الإشارة بترتيب معين، وخفة أجهزة الاتصال وتماسكها. وتتوقف سرعة إرسال المعلومات في أنظمة الاتصالات على نوعيات الخطوط وعلى إمكانات النقاط النهائية. وكلما كان نطاق الترددات الفعالة المخصصة لقنوات الاتصال أوسع، كانت سرعة الاتصالات البرقية أو الرسمية أو المرمزة أكبر.
ضمانة الاتصال: هي القدرة على العمل بثبات في مدة زمنية محددة بالأمانة والسرية والسرعة المعينة لمتطلبات الاستثمار الراهنة. وتتوقف الضمانة على مبادئ تنظيم الاتصالات وسبل إنشائها وصلاحية أجهزتها وخطوطها وقنواتها، الأمر الذي يميز قدرتها على أداء واجبها في أحوال تؤثر فيها وسائل التشويش بأنواعه كافة. وتحتل مقاومة الاتصالات للتشويش مكانة مهمة لدى تقدير ضمانة الاتصالات اللاسلكية العاملة على الموجات القصيرة، إذ من السهل إحداث التشويش اللاسلكي المُتَعََمَّد عليها. وتتحسن مقاومة التشويش باستعمال التعديل «الوحيد القطبية» SSB (single side bande) في المحطات اللاسلكية، لأنه يمكِّن من تركيز استطاعة جهاز الإرسال في حزمة ضيقة. كما تتحسن أيضاً في نظام البرق اللاسلكي برفع استطاعة جهاز الإرسال، وباستعمال رمز (كود) للتصحيح، وبالتحكم في الترددات وفي الطور نسبياً، وبالاستقبال المضاعف على هوائيات متباعدة فيما بينها، وباستعمال الهوائيات الموجهة.
أمانة الاتصال: هي القدرة على توفير استقبال المعلومات المرسلة بالدقة المطلوبة، وتقدر الأمانة بعلاقة تحدد نسبة الإشارات الخاطئة المستقبلة إلى مجموع عدد الإشارات المرسلة. وثمة أجهزة فنية خاصة لتحسين الأمانة مصممة على أساس الاستفادة من المعلومات الزائدة التي تدخل قناة الاتصال وكشف الأخطاء وتصحيحها.
سرية الاتصال: هي القدرة على كتمان واقعة الاتصال نفسها، وإخفاء العلامات المميزة للاتصال ومضمون المعلومات المتبادلة. لذا تستعمل أجهزة إرسال ذات ترددات فوق العالية وهوائيات موجهة إضافة إلى تدابير أخرى يمكن اللجوء إليها لإخفاء واقعة الاتصال عن طريق وسائل تبث الموجات الكهرمغنطيسية. فالمعروف أن الاستطلاع اللاسلكي يعتمد على العلامات المميِّزة للمحطات العاملة من أجل تحديد تبعيتها وطبيعة المعلومات المرسلة بوساطتها وأماكن توضعها، لذا تتخذ كل السبل والتدابير لستر هذه العلامات وإخفائها عن الاستطلاع المعادي. وتستعمل لهذه الغاية آلات وأجهزة خاصة تتولى ستر المعلومات المرسلة أو ترميزها أو «تشفيرها» أو بعثرتها ضماناً لسريتها.
تصنيف الاتصالات
تصنف الاتصالات بحسب طبيعة المعلومات المرسلة والوسائل النهائية المستعملة في أصناف هي: هاتفية وبرقية (تلغرافية) ومرمزة وترسيمية (تلغراف تصويري) ومرئية (تلفزيونية) وهاتفية مرئية وتأشيرية وبريدية، ولكل نوع من هذه الاتصالات استعماله وفقاً للمهمة التي تنفذها القوات ومتطلبات الموقف القتالي ومنظومة القيادة وإمكانات قوات الإشارة تقنياً وعددياً والوقت المتاح.
يخصص الاتصال الهاتفي، وهو أكثر الاتصالات فاعلية، لإجراء المحادثات الشفهية بين الضباط في مختلف نشاطات القوات. وتوثق المعلومات المرسلة والمستقبلة هاتفياً بتسجيلها على آلات تسجيل تربط على التوازي مع خطوط المشتركين.
ويستعمل الاتصال البرقي لإرسال المعلومات برموز المورس. وللبرق السمعي ثبات حيال التشويش في الاتصال اللاسلكي، وهو سهل واقتصادي لكنه بطيء. أما الاتصال البرقي مع الطابعة فسرعة إرساله عالية جداً ويضمن توثيق المعلومات المستقبَلة.
ويتميز الاتصال المرمز بسرعة كبيرة في إرسال المعطيات، ويستعمل عادة لتبادل المعطيات بين الحواسيب في منظومات القيادة المؤتمتة.
يؤمن الاتصال الترسيمي إرسال الرسوم غير المتحركة والمخططات والصور والوثائق الكتابية والتخطيطية والبيانية، إلا أن سرعة إرساله منخفضة نسبياً.
يستعمل الاتصال المرئي، لإرسال الصور المتحركة أو إجراء المحادثات الهاتفية مع بيان الوثائق العملياتية والخرائط. ويلزم لتحقيقه قنوات عريضة الحزمة، الأمر الذي يصعب توافره دائماً في منظومات الاتصالات العسكرية.
يجمع الاتصال الهاتفي ـ المرئي من حيث المبدأ بين الاتصال الهاتفي والاتصال المرئي، ويتم على القنوات الهاتفية الفردية أو الجماعية. إن هذا الاتصال يوسع إطار الإدارة العملياتية بإمكان رؤية المتحدث والرسوم غير المعقدة.
تستعمل الوسائل التأشيرية (المشيرة) مثل الصفارات والدخان والشهب والنار والأبواق والطبول وغيرها للدلالة على أي تصرف جماعي مطلوب من القوات كالدخول إلى الملاجئ، وارتداء الأقنعة الواقية، وانطلاق في الهجوم، وانطلاق في العبور، وتوقع خطر جوي.. وغيرها.
ينظَّم البريد العسكري وتخصص له الوسائل ومحاور التحرك ومواعيد التسليم لنقل الوثائق والمطبوعات الدورية والطرود والمراسلات الشخصية إلى عنواناتها.
تعد أجهزة الهاتف والبرق والطابعات ومرسلات الصور وأجهزة إرسال المعطيات والهاتف المرئي والتلفاز وسائل طرفية مخصصة لإرسال المعلومات واستقبالها، ويضاف إليها الوسائل الفنية الاختصاصية والمساعدة: مثل أجهزة التعمية (التشفير) والتقطيع النبضي وأجهزة إعادة تشكيل المعلومات وحل الرموز، وأجهزة تحسين أمانة المعلومات المستقبلة، وآلات تسجيل المعلومات في عقد الاتصال النهائية ومراكز تحويل المعلومات، والمبدلات المرمزة لربط مختلف منظومات الاتصال، وآلات تبديل الإشارات لدى الإرسال عبر قناة ما والاستقبال منها.
تقسيم الاتصالات تبعاً لأنواع قنواتها
تقسم الاتصالات تبعاً للوسائل الخطية المستعملة ووسائط إرسال الإشارات واستقبالها إلى سلكية، ولاسلكية، ولا سلكية موجهة، وتروبو سفيرية، وإيونو سفيرية، وميتيورولوجية، وكونية، وليزرية، ويضاف إليها الوسائط المتحركة.
لقد كانت الاتصالات السلكية الواسطة الأساسية في قيادة القوات قبل ظهور الاتصال اللاسلكي وتطوره. وهي تقسم بحسب وظائفها إلى اتصالات بعيدة تربط بين قادة الجحافل والتشكيلات والقطعات وأركانهم وقواتهم، واتصالات داخلية لتحقيق اتصالات ضباط الأركان الموجودين في مقرات القيادة، واتصالات خدمة لاستثمار خطوط الاتصال وعقده وإدارتها. وتنظم الاتصالات السلكية أساساً في مناطق التحشد وفي الدفاع. ويكون استعمالها محدداً ومقيداً في العمليات الهجومية لضعفها تجاه التأثير الناري المعادي وبطء مد خطوطها في أثناء الأعمال القتالية إلى جانب سيئاتها الأخرى.
تستعمل الاتصالات اللاسلكية على نطاق واسع في قيادة القوات والأسلحة المختلفة عندما يصعب استعمال أنواع الاتصال الأخرى، وهي الوسيلة الوحيدة للاتصال مع الأغراض المتحركة مثل الطائرات والحوامات والسفن والغواصات والدبابات ومركبات القيادة. ومجال تردداتها عريض، ويقسم اصطلاحاً إلى موجات طويلة جداً وطويلة ومتوسطة وقصيرة وقصيرة جداً. فالموجات الطويلة جداً والطويلة (ميريامترية وكيلو مترية) يمتصها سطح الأرض جزئياً وتتوغل عميقاً في مياه البحر، لذا تستعمل للاتصال مع الغواصات تحت الماء.
ولتوفير الاتصال على هذه الموجات تستعمل أجهزة إرسال كبيرة الاستطاعة (ألف كيلو واط وأكثر) وهوائيات معقدة. وتستعمل الموجات المتوسطة (هيكتومترية) لقيادة القوات والملاحة اللاسلكية والاتصالات مع السفن، لأن تأثرها باضطرابات المجال الإيوني، والتألق القطبي، والعواصف المغنطيسية، أقل نسبياً. والموجات القصيرة (ديكامترية) جيدة الانعكاس عن المجال الإيوني، لذا تستعمل للاتصالات اللاسلكية على المسافات البعيدة، ومن سيئاتها ضعفها أمام التشويش وتأثرها بالانفجارات النووية العالية. وأما الموجات القصيرة جداً كالموجات المترية والديسمترية والسنتمترية والميليمترية وأجزاء الميليمترية، فيقتصر مداها على مدى الرؤية الهندسية بين هوائيات المحطات اللاسلكية، وقد تتجاوز حدود الأفق عندما تكون استطاعة أجهزة الإرسال وحساسية أجهزة الاستقبال مناسبة لثوابت مجموعة الهوائيات والمرشحات. إلا أن هذه الموجات القصيرة جداً وافرة الترددات وقنوات العمل، وثباتها عالٍ حيال التشويش الأمر الذي يمنحها مكانتها في الاتصالات العسكرية، إذ تستعمل على نطاق واسع في المستوى التكتيكي وفي الاتصالات اللاسلكية الموجهة والاتصالات التروبوسفيرية والاتصالات الكونية.
تعد الاتصالات اللاسلكية الموجهة نوعاً من الاتصالات اللاسلكية القصيرة الموجات جداً، وتنشأ أساساً من تكرار إرسال الإشارات على القنوات مرات متعددة، وهي تتفوق كثيراً على الاتصالات اللاسلكية العادية، ولا تقل شأناً عن الاتصالات السلكية من حيث إمكاناتها التقنية والتنظيمية وعدد القنوات العاملة ونوعيتها، وحجم المعلومات المرسلة، إضافة إلى سرعة نشر الخطوط اللاسلكية الموجهة وانخفاض إمكانات التنصت والتشويش الإيجابي المعادي، نظراً لتوجيه الهوائيات في نطاق ضيق جداً. وتتيح قنوات هذه الخطوط بربطها بقنوات الخطوط السلكية، مما يوسِّع إمكانات شبكة الخطوط السلكية ويمكّن من إنشاء منظومة موحدة للاتصالات. وتعتمد حركية هذا النوع من الاتصالات، إلى حد كبير، على سرعة نشر مجموعة الصواري والهوائيات.
تقام الاتصالات التروبوسفيرية عادة في مجال الموجات السنتمترية، ويزيد مدى الاتصال بوساطتها خارج حدود الأفق باستخدام ظاهرة انعكاس الموجات اللاسلكية المتناثرة في المجال الإيوني. وتستعمل هذه الاتصالات استعمالاً واسعاً في جيوش مختلف الدول على المستوى التكتيكي ـ العملياتي بالخطوط اللاسلكية التروبوسفيرية المباشرة، وعلى المستوى الاستراتيجي بالخطوط اللاسلكية الموجهة التربوسفيرية، وتستعمل غالباً لإقامة الاتصالات عبر الأراضي الواقعة تحت مراقبة العدو وعبر الأحراج والموانع المائية والجبال وفي المناطق الصحراوية والمستنقعات والأماكن التي يصعب اجتيازها.
توفر الاتصالات الإيونوسفيرية إرسال حجم غير كبير من المعلومات (1ـ2 قناة هاتفية و1ـ2 قناة برقية)، إذ يحدث اضمحلال بطيء أو سريع للإشارات في أثناء عملية الاتصال، ويعتمد مستوى الإشارة على فصول السنة والوقت، ويكون الاتصال أكثر ثباتاً في الصيف والشتاء والنهار منه في الخريف والربيع والليل. ويتحسن مستوى الإشارة في مكان الاستقبال بزيادة استطاعة أجهزة الإرسال (عشرات الكيلو واط) ودقة توجيه هوائياتها. وهذه الاتصالات فعالة عندما تتأثر الاتصالات اللاسلكية على الموجات القصيرة بالاضطرابات الإيونية والعواصف المغنطيسية في خطوط العرض الشمالية.
تتحقق الاتصالات الميتيورولوجية في مجال الموجات القصيرة جداً عن طريق انعكاس الموجات الكهرمغنطيسية عن الآثار الإيونية للجزيئات الميتيورلوجية. ويتم إرسال المعلومات واستقبالها في مثل هذه الاتصالات في مدد زمنية قصيرة فقط، وليس دائماً، وذلك عند وجود الآثار الإيونية في مجال انعكاس الإشارة (نظام الانتظار). وبمراعاة هذه الخاصة، يستعمل الاتصال الميتيورلوجي على الخطوط التي لا تتطلب إرسال إشارات فورية.
تعد الاتصالات الكونية نوعاً متطوراً من الاتصالات اللاسلكية على الموجات القصيرة جداً، بإعادة بثها سلبياً أو إيجابياً عن طريق السواتل، ففي الحالة الأولى أي إعادة البث السلبي يوضع ساتل له سطح انعكاس كبير في مدار حول الأرض. وفي الحالة الثانية أي إعادة البث الإيجابي يزود الساتل بجهاز مرسل ومستقبل لإعادة البث. ويستعمل الاتصال الكوني بإعادة البث الإيجابي على نطاق واسع في مختلف مجالات الاتصال الإذاعي والمرئي، ويضمن الاتصال مع الأغراض العسكرية الثابتة والمتحركة على مسافات كبيرة عبر أراضي العدو والموانع الجبلية والمائية.
تعد الاتصالات الليزرية صنفاً جديداً من الاتصالات الإلكترونية التي تتيح باستعمال نطاق عريض جداً من ترددات الإرسال. وأهم صفات هذه الاتصالات توجيه شعاع الليزر توجيهاً دقيقاً جداً (أقل من .1)َ وثبات السعة والتردد والطور والقطبية في أثناء الانتشار أو تبدلها وفقاً لقانون محدد. وأهم سيئات هذا الاتصال تعرّض طاقة الشعاع الليزري للامتصاص في الطبقة الجوية القريبة من سطح الأرض.
تستعمل وسائط الاتصال المتحركة من طائرات وحوامات وسيارات وناقلات مدرعة ودراجات نارية وزوارق وغيرها لإيصال الوثائق والمستندات ذات الطابع العسكري ومراسلات الخدمة الأخرى إلى عنواناتها. ويكون لمثل هذه الوسائط محاور حركة محددة عادة، وتعطى الأفضلية في عبور الجسور والمرور على الطرق.
المهام والتشكيل
من مهمات قوات الإشارة في الجيوش والأساطيل المعاصرة ضمان إرسال المعلومات وتبادلها بين القيادات المختلفة، وإيصال الأوامر والتوجيهات والتعليمات والإيعازات إلى القوات على اختلاف مستوياتها، ورفع التقارير والمعلومات إلى القادة والأركان في الوقت المناسب مع توخي الأمانة والدقة والسرية.
وقد قسمت الاتصالات في الحرب العالمية الثانية بحسب المهام المنفذة إلى اتصالات قيادة، وتعاون، وإنذار، وشؤون إدارية وتقنية. إلا أن هذا التقسيم فقد أهميته في الجيوش الحديثة التي أصبحت تعتمد مجموعات وشبكات اتصال موحدة بصرف النظر عن مهمتها ووظيفتها.
وتتحدد أهمية مختلف أنواع الاتصالات، ووسائلها المستعملة في قيادة القوات بحسب خصائصها التقنية ـ التكتيكية، وتتبدل تبعاً لطبيعة الأعمال القتالية وتطوراتها. وتحتل الاتصالات التي تلبي احتياجات قيادة القوات مكان الصدارة في الحرب الحديثة. وتتولى تنفيذ هذه المهمات وحدات وقطعات إشارة عضوية في القوات بحسب مستواها وقوامها، إلى جانب قطعات إشارة مستقلة تابعة للقيادة العامة وتتولى إقامة الاتصالات واستثمارها وخدمتها.
التنظيم
يشتمل تنظيم الاتصالات على وضع خطط الاستثمار والاستخدام القتالي لقوات الإشارة وعتادها من أجل ضمان قيادة القوات والأسلحة المختلفة، وإسناد المهام لقوات الإشارة وإدارة عملها.
وتنظّم الاتصالات في جيوش الدول الحديثة تبعاً لتوجيهات القيادة وتعليمات الأركان العامة وأركان القوات بحسب مستوياتها، وتلقى مسؤولية تنظيم الاتصالات في الوقت المناسب على عاتق رئيس الأركان عادة، وتكون أركان المستوى الأعلى مسؤولة دائماً عن تنظيم الاتصالات مع المستويات الأدنى. ويعد رئيس الإشارة في كل مستوى المنظم المباشر للاتصالات والمدير الفعلي لها. وهو يراعي عند اختيار نوع الاتصالات واتجاهاتها المهام الملقاة على عاتق وحدات الإشارة والمهام العملياتية والتكتيكية التي تنفذها القوات، وتوافر القوى والوسائل والوقت، وطبيعة الأرض والأحوال الجوية والخسائر المحتملة. وتعد خطة الإشارة الوثيقة الأساسية التي يتم تنظيم الاتصالات في المعركة على أساسها وتتولى قوات الإشارة تحقيقها.
تنظم الاتصالات في منظومات القيادة العليا بحسب الأسلوب الشبكي (المواضعي) لتوفير تبادل حجم كبير من المعلومات العملياتية وتعليمات الخدمة، وفي هذه الحالة تقام العقد الاستنادية والتبادلية والخطوط المحورية والعرضانية، وتوصل فيما بينها بشبكة متعددة القنوات والوظائف، تدعى« شبكة الاتصالات المركزية». وتربط عقد اتصال مقرات القيادة مع الشبكة المركزية عن طريق العقد الاستنادية. كما تنظم اتجاهات مباشرة بين المقرات المذكورة، علاوة بالشبكة المركزية، وتخصص لها الوسائل اللاسلكية والتروبوسفيرية والكونية اللازمة لتبادل المعلومات العملياتية بين مقرات القيادة. ويتوقف تفرع شبكات الاتصال وعدد الخطوط المحورية والعرضانية، والعقد الاستنادية والتبادلية واتجاهات الاتصال المباشرة على اتساع العملية وقوام القوات المشاركة بها ومهامها وبنيتها العملياتية، وكذلك قوى الإشارة ووسائلها وحالتها الفنية.
نظرة مستقبلية
يتركز تطور الاتصالات في الجيوش الحديثة أساساً على الاتصالات اللاسلكية الموجهة باستعمال مجالات جديدة من الترددات فوق العالية، وعلى الاتصالات التروبوسفيرية، مع تدابير تمنع الخلل إذا تبدلت حالة التروبوسفير، وعلى الاتصالات الكونية باستعمال السواتل «الثابتة » المزودة بأجهزة إعادة بث تستقبل محطات كثيرة، وعلى الاتصالات الليزرية القادرة على بث حجم كبير من المعلومات بين السواتل والسفن الكونية في المقياس الحقيقي للوقت، وعلى الاتصالات اللاسلكية العاملة على الموجات القصيرة بإضافة أجهزةٍ تُكيفُ خطوط الاتصال اللاسلكي عند ازدياد التشويش، واستعمال مجموعة هوائيات ومرشحات يمكن توجيهها والتحكم في أشكالها، وتطوير عتاد الاتصال اللاسلكي لقيادة الغواصات العاملة في الأعماق الكبيرة، عن طريق إقامة محطات إرسال أرضية ذات استطاعة كبيرة تعمل على ترددات منخفضة جداً (75 هيرتز تقريباً)، ومحطات لاسلكية عالية الاستطاعة على طائرات.
يعد توفير إرسال المعلومات الهاتفية والبرقية والترسيمية ومعطيات الحواسيب وغيرها مبدَّلة أو مقطَّعة نبضياً من الاتجاهات الأساسية لتطوير منظومة الاتصالات في الدول المتقدمة. وتتمتع منظومات الاتصال الرقمية بحسنات كبيرة لدى إنشاء منظومة موحدة للاتصالات. وثمة محاولات كثيرة لتبسيط المقاسم المؤتمتة، واستعمال مجموعات التقطيع وتصحيح الأخطاء، والإرسال بسرعات عالية جداً، وربط مختلف أجهزة الاتصال. ويولي المعنيون بالقوات المسلحة وتنظيمها اهتماماً كبيراً لتوحيد مواصفات مختلف الأجهزة وعقدها وأجزائها بغية بناء منظومات اتصال موحدة للأغراض العسكرية.
محمد غازي الجابي