اغذيه وتغذي
Aliments and alimentation - Aliments et alimentation
الأغذية والتغذي
الأغذية aliments هي جملة المواد العضوية واللاعضوية التي تستهلكها الكائنات الحية للاستفادة من الطاقة الكامنة فيها أو من الجزيئات المكونة لها لضمان حياتها ونموها وحركتها. ومع أن الماء والأكسجين يدخلان في هذا التعريف إلا أنهما لا يسميان غذاءين.
وأما التغذي alimentation فهو جملة العمليات التي يقوم بها الجسم لتناول الغذاء وامتصاصه والإفادة منه وفق حاجاته.
وتُصنف الأغذية كيمياوياً في مواد عضوية (بروتينات وسكريات وشحميات) ولاعضوية (معدنية)، كما تصنف بحسب كمية الحاجة إليها إلى مواد رئيسة وعناصر زهيدة oligo-elements كالفيتامينات والمعادن.
الحاجة الغذائية
هي المزيج المتوازن من الغذاء الذي يفي كماً ونوعاً بحاجات الجسم الاستقلابية في مختلف الحالات من دون زيادة ولانقص، والأمر الأساسي من الناحية الطبية هو التوازن الغذائي واضطراباته الناجمة إما عن العوز الغذائي أو عن اضطراب النسبة بين مكونات الوارد الغذائي ذاتها، أو عن عوز بعض العناصر الزهيدة، أو عن فرط استهلاك الغذاء وماينجم عنه من زيادة وزن وبدانة. فالغذاء في نظر الإنسان العادي هو ما يدفع الجوع ويقيم الأود ويشبع الرغبة كماً ونوعاً، وهو في نظر الطب ما يوفر الاستقلاب الأمثل للجسم من النواحي الحرورية والبروتينية وغيرها. وقد جرت العادة على أن تقدر كفاية الطعام وعدمها، والحاجة اليومية من الطعام، ومحتوى غذاء ما من الطاقة، بواحدة قياس هي الكيلو كالوري وأحياناً الجول. فالكالوري (الحريرة أو السعر) هو كمية الحرارة اللازمة لرفع درجة حرارة ليتر واحد من الماء من الدرجة 14.5 إلى الدرجة 15.5 سلسيوس في الشروط النظامية.
وأما الكيلو كالوري فيساوي ألف كالوري. وأما الجول فهو الطاقة اللازمة لرفع كيلو غرامٍ واحدٍ إلى ارتفاع متر واحد، والكيلو جول يساوي ألف جول، وبذلك يكون الكيلو كالوري معادلاً 4.2 كيلو جول.
وهذا التقدير الكمي للحاجة والوارد الغذائي هو الذي يحدد توازن الغذاء أو نقصه أو زيادته إضافة إلى ضرورة وجود تنوع معين في مصدر هذه الطاقة وإلى وجود بعض المواد النوعية المطلوبة لبعض الوظائف كالفيتامينات والمعادن.
نُظُم التغذي
تقسم الكائنات الحية بحسب المواد الأولية الضرورية في غذائها وبحسب مصدر استمدادها للطاقة إلى:
كائنات ذاتية الاغتذاء autotrophs وكائنات غيرية الاغتذاء heterotrophs، وتنحصر الحاجة الغذائية للكائنات الذاتية الاغتذاء في الماء والمواد اللاعضوية في حين تحتاج الكائنات الغيرية الاغتذاء، إضافة إلى ذلك، إلى المواد العضوية لعجزها عن تركيبها أو لتستفيد من الطاقة الكامنة فيها.
وتقسم الكائنات الحية أيضاً إلى كائنات الاغتذاء الضوئي phototrophy وكائنات الاغتذاء الكيمياوي chemotrophy. وتستفيد كائنات الاغتذاء الضوئي (النباتات) من الطاقة الموجودة في الضوء فتحولها إلى طاقة كامنة ضمن روابط كيمياوية عالية الطاقة، في حين تستفيد كائنات الاغتذاء الكيمياوي (الحيوانات) من الطاقة الموجودة في الروابط الكيمياوية للمواد الغذائية.
وهكذا يتشكل هرم غذائي ترتكز قاعدته على الكائنات التي تقوم بعملية التركيب الضوئي، وهي أدناها مرتبة، ويلي ذلك الحيوانات العاشبة، وفي القمة توجد الحيوانات اللاحمة والكائنات ذات الغذاء المختلط كالإنسان. ويعتمد توازن البيئة وانتظام دورة الحياة على سلامة هذه النظم وتوازنها وعدم طغيان أي من مراحلها على الأخرى.
وظائف الغذاء
للغذاء وظائف عدة في الكائنات الحية، فهو مصدر الطاقة اللازمة للحركة وغيرها من مظاهر الحياة، ومصدر العناصر المرجعة reducing agents أو مانحات الإلكترون [ر. الاستقلاب] ومصدر العناصر اللازمة لبناء الجسم ونموه أو ترميم ما يتقوض منه.
ولا يعمل الغذاء في أي من هذه المجالات عملاً مباشراً لكنه يخضع لعمليات كثيرة ليتحول من شكله البسيط إلى الشكل الملائم لهذه الوظائف، وتبدأ هذه العمليات خارج الجسم بإعداد الطعام وطهوه، ثم تناوله ومضغه فهضمه وامتصاصه وتمثله ويدخل بعد ذلك في دورات الاستقلاب ليقوم بالوظائف المذكورة.
الطاقة واستهلاكها
يخضع سلوك المتعضية تجاه المادة والطاقة للمفهوم النسبي الذي تُعَدُّ فيه المادة والطاقة وجهين لحقيقة واحدة. ويمكن تبديل أحدهما بالآخر، فالطاقة مصدر المادة والمادة مخزن الطاقة وتستمر الحياة بسلسلة لامتناهية من تقلب الطاقة والمادة.
وأما الاستقلاب فهو جملة التحولات والتبدلات التي تطرأ على الأغذية ضمن الخلايا من تفكيكٍ وتركيبٍ وتعديلٍ في البنية الكيمياوية، وتبديل في المحتوى من الطاقة، واستهلاكٍ أو تحويلٍ إلى مدخرات أو استعمالٍ في بناء الخلايا وترميمها، أو تقويضٍ لاستعمال الطاقة الكامنة فيها واللازمة للقيام بعمليات مستهلكة للطاقة كالحركة وإطلاق الحرارة.
ويتألف الاستقلاب من شطرين متكاملين: البناء anabolism والتقويض catabolism. والتقويض مُصدِر للطاقة، والبناءُ مستهلك لها.
وفي حالة التوازن الغذائي يتناسب الوارد الغذائي مع الاستهلاك سواء أكان ذلك في الاستقلاب الأساسي والاستعمال للبناء أم لملء المدخرات الأساسية والتقويض. واختلال هذا التوازن مضر بالجسم، فإذا زاد الوارد حدث ما يسمى فرط التغذي الذي يتظاهر بزيادة الوزن والبدانة، وإذا نقص الوارد عن الاستهلاك نقصاً شديداً حدث ما يسمى بالمسغبة أو العوز البروتيني الحروري الذي يتظاهر سريرياً بنقص الوزن إضافة إلى أعراض أخرى.
وقد يكون الغذاء كافياً عموماً لكن ينقصه إحدى المواد الخاصة أو بعضها كالفيتامينات فتظهر علامات نقص هذه المركبات. كما قد يكون الغذاء كافياً إجمالاً إلا أن تنوع مواده ومكوناته غير ملائم كزيادة وارد الشحميات على حساب البروتينات أو العكس فيختل نظام الغذاء.
أما الطاقة الحيوية والتأكسدات الحيوية: [ر. الأكسدة والإرجاع] فهما من مجالات علم الطاقة الحيوية bioenergetic الذي يهتم بتبدلات الطاقة المرافقة للتفاعلات الحيوية. ولا يتم إطلاق الطاقة مباشرة في التفاعلات الحيوية، لأن هذا يؤدي إلى تحول الطاقة الكامنة فجأة إلى حرارة منتشرة تؤدي إلى إتلاف الخلايا.
أما ما يتم في الخلايا الحية فهو سلسلة من تفاعلات حيوية تؤدي إلى تحرير الطاقة تدريجياً وعلى مراحل، فينطلق جزء من الطاقة في كل مرحلة من تلك المراحل على هيئة حرارة، ويعود جزء آخر منها ليتحول إلى طاقة كامنة ذات مستوى أخفض من الأول.
وأما التأكسدات الحيوية فهي تفاعلات يتم عن طريقها تناقل الإلكترونات وإطلاق الطاقة، وتقترن الأكسدة الحيوية دوماً بالإرجاع الحيوي مع تبدل في محتوى الطاقة المنطلقة.
ويسمى خسران الإلكترونات أكسدة واكتسابها إرجاعاً، وتترافق الأكسدة في المركبات العضوية بنزع الهدروجين. أما تخزين الطاقة الناتجة عن تفاعلات الأكسدة فيتم في مركبات ذات طاقة عالية كامنة أهمها الأدينوزين الثلاثي الفوسفات adenosinetriphosphate (ATP) ليتم استخدامها فيما بعد في تفاعلات مستهلكة للطاقة، فيتحول الأدينوزين الثلاثي الفوسفات إلى الأدينوزين الثنائي الفوسفات adenosinediphosphate (ADP) مطلقاً الطاقة المختزنة في الرابطة الفوسفورية ذات الطاقة العالية. وتتم هذه التفاعلات ضمن الحبيبات الكوندرية metochondria وتؤدي الأكسدة الحيوية إلى إنتاج الطاقة وفق مايلي:
يؤدي غرام واحد من السكريات أو البروتينات إلى إطلاق 4 كيلو كالوري، ويؤدي غرام واحد من الشحميات إلى إنتاج 9 كيلو كالوري.
وفي تفاعلات الأكسدة الحيوية ضمن الخلايا تكوِّن العناصر الغذائية من سكريات وشحميات وغيرها «وقوداً» يغذي عمليات الأكسدة المستمرة المؤدية إلى تحرير الطاقة الكيمياوية من الأغذية وتخزينها في مستودعات خاصة مناسبة وجاهزة لاستعمالات الخلية هي الـ ATP الآنف الذكر، وتُعَدُّ العناصر الغذائية على هذا النحو الركيزة التي تتم عليها عمليات الأكسدة، فهي إذاً عناصر مُرجَعة تتم أكسدتها بإطلاقها إلالكترونات وشوارد الهدروجين عن طريق عدة وسائط ولذا تعد عناصر مانحة للإلكترونات. والأكسجين في الأكسدة الهوائية هو المتقبل (الآخذ) الختامي للإلكترونات والهدروجين.
وأما الوسائط فهي جملة من الإنظيمات، وهي بروتينات متخصصة بتنظيم التفاعلات الكيمياوية وتسهيلها، تتفاعل فيما بينها ويترجح كل منها بين شكل مرجَع وشكل مؤكسَد مع إطلاق جزء من الطاقة.
تصنيف الأغذية
تقسم الأغذية بحسب تصنيفها الكيمياوي إلى مواد عضوية تشمل: البروتينات والسكريات والشحميات وغيرها ومواد لا عضوية: كالمعادن وأشباهها والفيتامينات.
البروتينات: وهي مواد عضوية تتكون من كثيرات الببتيد polypeptide المؤلفة من حموض أمينية متتالية متصلة بروابط ببتيدية. والحموض الأمينية مركبات ذات زمرة أمينية NH2 وزمرة كربوكسيل COOH وفق الصيغة الإجمالية التالية:
وهكذا تتألف البروتينات من حموض أمينية تربطها روابط ببتيدية كالتالي:
ويحتاج الإنسان إلى ثمانية أنواع من الحموض الأمينية التي لا يستطيع اصطناعها، وانطلاقاً منها يستطيع أن يصطنع باقي الحموض العشرين ومن ثم يصطنع البروتينات. ويحصل الإنسان على حاجته من الحموض الأمينية من مصادر نباتية وحيوانية، ولاتكفي النباتية وحدها لافتقارها إلى بعض الحموض. ولا يستفيد الجسم مباشرة من البروتينات الخارجية المصدر لبناء خلاياه بل لابد من أن تخضع هذه البروتينات لعمليات هضمٍ وتجزئةٍ وامتصاصٍ وتحللٍ إلى أجزاء صغيرة أو حموض أمينية ثم تدخل في دارات الاستقلاب، ويعاد بناؤها على شكل بروتينات مميزة للجسم أو تستهلك في الاستقلاب.
والبروتينات مكون أساسي للغذاء. إذ يجب أن يحوي الغذاء المتوازن نسبة 35% من قيمته الحرورية من بروتينات. وتختلف القيمة الغذائية للطعام بمدى تحقيقه لهذه النسبة إضافة إلى قيمة هذه البروتينات وقابليتها للهضم والامتصاص والاستعمال في البناء الخلوي.
وتختلف حاجة الإنسان اليومية من البروتينات باختلاف العمر والحالة الفيزيولوجية والمرضية والجهد الفيزيائي ووجود وارد كاف من الطاقة، وبحسب نوعية البروتين المقدم في التغذية. وتقدر هذه الحاجة عموماً بثلاثة أرباع الغرام لكل كيلو غرام واحد من وزن الإنسان البالغ، وتزيد على ذلك في الأطفال والحوامل والمرضى شريطة أن تكوِّن 35% من الوارد الحروري للغذاء، فإن نقصت عن ذلك حدثت الإصابة بالعوز البروتيني الحروري، أو السغل (الهزال) marasmus، أو الكواشيوركور kwashiorkor، أو العوز البروتيني الحروري الجزئي.
فالعوز البروتيني الحروري هو نقص الوارد الغذائي من بروتينات أو من مواد تستخدم طاقة حرورية (سكريات، شحميات)، وغالباً مايشمل العوز النوعين معاً ويترافق هذا العوز بتأخر شديد في النمو وظهور اضطرابات مرضية التهابية وهضمية تزيد من شدة المشكلة.
وأما السغل فينجم عن نقص شديد ومديد في الوارد من الحريرات إضافة إلى نقص في الوارد البروتيني. ويؤدي في الأطفال الصغار والرضع إلى تأخر شديد في النمو، ونقص كبير في الوزن، وضمور شديد في بنية العضلات، وغياب النسج الشحمية تحت الجلد ولاسيما في الوجنتين. ويتفاقم المرض بحدوث التهابات وأخماج مختلفة، وتكون شهوة الطعام موجودة وقوية. وعند اشتداد الأعراض تحدث نزوف وهبوط في درجة حرارة الجسم وجفاف الجلد والأغشية المخاطية. وأكثر مايشاهد هذا الداء في المناطق الجافة وفي أثناء المجاعات وخاصة في إفريقية والهند.
وأما الكواشيوركور، وهي كلمة من لغة محلية في غانة وتعني مرضَ طفلٍ أُهمل عندما ولد طفل آخر، فهو داء يصيب الأطفال وينجم عن نقص الوارد البروتيني مع زيادة الوارد من النشويات والسكريات، وقد يكون بسبب الفقر أو الجهل. ويتظاهر بزيادة الوزن ووجود وذمات وضمور في العضلات، وتبدلات مَرَضية في الجلد والشعر، وضخامة الكبد، وفقر الدم، ونقص ألبومين الدم. وتكون شهوة الطعام ضعيفة، ويرافق المرضَ تخلفٌ عقلي.
وأما العوز البروتيني الحروري الجزئي فهو أكثر حدوثاً من النوعين السابقين الواضحين من العوز وهو يصيب أكثر من 50% من أطفال الدول النامية قبل سن السابعة من العمر.
السكريات: وهي مواد عضوية مكونة أساساً من الكربون والهدروجين والأكسجين وصيغتها العامة:
ومن السكريات المهمة الغليسرألدهيد وهو سكر ثلاثي يحوي زمرة ألدهيد، والريبوز وهو سكر خماسي يدخل في تركيب الرناRNA (الحمض النووي الريبي)، والريبوز منقوص الأكسجين وهو سكر خماسي يدخل في تركيب الدنا DNA، والغلوكوز وهو سكر سداسي والشكل الأساسي للسكريات في الدم، والغليكوجين وهو متعدد السكر ويؤلف الشكل الادخاري في الحيوانات، والنشاء، وهو متعدد السكريات يكوِّن أهم نموذج للادخار في الخلايا النباتية، والسليلوز، وهو أيضاً متعدد السكر، يسهم في بنية هيكل الخلايا النباتية.
وهنالك مواد تتألف من جزء سكري وجزء لا سكري مثل متعددات السكريد المخاطية والكبريتات المخاطية كالهبارين المميع للدم والغالكتوزأمين الموجود في الغضاريف.
تستقلب السكريات في الخلية عن طريق دارة كريبس (دارة حمض الليمون) إذ يؤدي الاستقلاب إما إلى إطلاق الطاقة الكامنة في السكريات لتدخر بشكل وحدات من الطاقة الجاهزة للاستعمال في الروابط الفوسفورية العالية الطاقة كمركب الأدينوزين الثلاثي الفوسفات أو يؤدي الاستقلاب إلى تشكل مركب مهم هو أستيل التميم acetyl-co A:A وهو نقطة الالتقاء في استقلاب السكريات والبروتينات والشحميات.
وتتم المراحل المهمة لهذا الاستقلاب في الحبيبات الكوندرية. والسكريات متوافرة في الطبيعة، ويجب أن يحوي الغذاء المتوازن مايعادل 50% من قيمته الحرورية سكريات، وفي حال نقص هذه النسبة تقوم الخلية باستهلاك مخزون السكريات في الجسم كالغليكوجين، أو تقوم باستحداث السكر من مركبات لاسكرية كالبروتينات والشحميات.
وهنالك وظيفة ثالثة مهمة لبعض السكريات وهي أنها تكوّن الألياف (السليلوز) وهي مكونات أساسية في الغذاء الأمثل لتسهيل عمل الجهاز الهضمي.
الشحميات: وهي مواد غير ذوّابة في الماء تتألف من استرات الحموض الدسمة. والحموض الدسمة مواد هدروكربونية ذات سلاسل مستقيمة مختلفة الطول تشدها روابط كيمياوية مشبعة أو غير مشبعة والصيغة الإجمالية للحموض الدسمة المشبعة هي:
CnH2n+1COOH
أما الصيغة الإجمالية للحموض الدسمة اللامشبعة فهي:
CnH2n –(2K -1)
حيث n عدد ذرات الكربون
K عدد الروابط اللامشبعة
وتدعى الحموض الدسمة الحاوية على أكثر من رباط لامشبع واحد الحموض الدسمة الضرورية أو الأساسية، لأن خلايا الحيوانات لا تستطيع بناءها ولابد لها من الحصول عليها من النباتات، ولذا لابد من أن يحوي غذاء الإنسان الحموض الدسمة التي تحوي رباطين لا مشبعين أو أكثر، والمواد الدسمة مكوِّن مهم من مكونات الغذاء وهي أهم أنواع الادخار.
وتُختزن في الشحميات كميات كبيرة من الطاقة الكامنة. كما يولّد استقلاب الشحميات طاقة كبيرة.
كذلك تدخل الشحميات في بنية الأغشية الخلوية وأغشية الجسيمات داخل الخلايا. وهنالك عدد من الهرمونات تشتق من المواد الدسمة كالهرمونات القشرية الستيروئيدية التي تفرزها الغدة الكظرية الموجودة فوق الكلية والهرمونات الجنسية الذكرية والأنثية. ومن المواد الدسمة المهمة الكولسترول ومشتقاته، كما أن البروستاغلاندينات [ر] (المواد الغدية البروستاتية) تشتق من الحموض الدسمة اللامشبعة، وهي حاثات (هرمونات) تراقب تقلص العضلات الملس، والإفرازات الغدية، وارتشاف الماء ثانيةً، والمتحللات بالكهرباء (إلكتروليت)، والنقل العصبي، وتَجمّع الصفيحات الدموية.
ولكل ما تقدم لابد من أن يحوي الغذاء المواد الدسمة، والنسبة المثلى هي مايكافئ 15% من القيمة الحرورية للغذاء، ولابد من أن يكوّن المصدر النباتي جزءاً مهماً منها.
وللشحميات أهمية إمراضية شديدة عند زيادتها أو نقصها. وزيادتها أكثر أهمية، وتتظاهر بالبدانة أو بفرط شحوم الدم أو فرط كولسترول الدم، وهي المشكلة الطبية التي تؤدي إلى تطور سريع لتصلب الشرايين، وتعد من أهم عوامل الخطورة في أمراض القلب والأوعية. أما نقص الشحميات فهو أكثر ندرة وأقل خطورة إذ إن الجسم يستطيع أن يكوّن الشحميات والكولسترول من استقلاب المواد السكرية.
ومن أبرز حالات نقص الشحميات نقصان حمض زيت الكتان linoleic acid ذي الرابطتين اللامشبعتين، أو نقصان الحموض الدسمة ذوات الروابط اللامشبعة الثلاث أو الأربع ومصدر هذه المواد الوحيد هو الشحميات النباتية. ويؤدي نقص هذه الشحميات في الطفولة إلى اضطرابات في وظيفة الحس وفي المشي وتشويش في الرؤية، وتزول هذه الاضطرابات بإضافة حمض زيت الكتان «اللامشبع» إلى الطعام. أما نقص حمض زيت الكتان فيؤدي إلى التهابات جلدية وتساقط الأشعار وتأخر الاندمال. ويوصى اليوم بأن لاتقل نسبة الحموض الدسمة اللامشبعة في الطعام عن 2% من طاقة الطعام الإجمالية.
وكما ذكر فإن البدانة [ر. السمنة] وفرط شحميات الدم hyperlipidemia هما أهم نتائج زيادة الوارد من الشحميات أو من السكريات، أو بالإجمال من زيادة الوارد الحروري.
وفرط شحميات الدم هو اضطراب شائع متعدد الأسباب ترافقه زيادة مستويات الكولسترول أو الشحميات الثلاثية في المصل أو زيادتها معاً، وللداء عدة نماذج بحسب المادة الدسمة التي ترتفع مستوياتها (الشحميات الثلاثية ـ البروتينات الشحمية ـ الكولسترول ـ البروتينات الشحمية بيتا وغير ذلك) ويرافق معظمهَا إصابة الأوعية بالتصلب العصيدي.
يعالج فرط شحميات الدم باتباع حميات خاصة وبخافضات شحوم الدم المختلفة بحسب نموذجها، وتبقى الحمية الناقصة الحريرات والجهد الفيزيائي الوسيلتين الأساسيتين لعلاج مشكلتي البدانة وفرط شحميات الدم وتأتي فائدة الأدْوية في المرتبة الثانية.
تعليق