اثير (اسره) Ibn Al-Athir

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اثير (اسره) Ibn Al-Athir

    ابن الأثير (أسرة-)

    اثير (اسره)

    Ibn Al-Athir - Ibn Al-Athir

    ابن الأثير
    عَلَمٌ على ثلاثة إخوة من أبرز علماء القرن السادس الهجري (الثاني عشر الميلادي). أبوهم محمد بن عبد الكريم بن عبد الواحد الشيباني، الجزري، أو أثير الدين، وقد عمل رئيس ديوان وخازناً في جزيرة ابن عُمَر، ثم أصبح نائب وزير الموصل في إمارة الزنكيين، واشتغل في التجارة فاغتنى وتملك الأرض والدور. وكان على حظ كبير من الفطنة والعلم، فربّى أولاده أفضل ما تكون التربية.
    ولد الإخوة الثلاثة في جزيرة ابن عُمَر، وإليها انتسبوا، فقيل لكل منهم «الجَزَريّ» وهي بلدة تقع على ضفة دجلة، الذي يحيط بها كالهلال، قريباً من الحدود الشمالية الشرقية لسورية، بناها الحسن بن عمر بن الخطاب التغلبي نحو منتصف القرن الثالث الهجري.
    رحل أثير الدين بأولاده إلى الموصل سنة 565هـ وكانت تزخر بالعلماء والمدارس التي أقامها أتابكتها من آل مودود والزنكيين، فنهل أبناء الأثير العلم منها، وهم:
    المبارك بن محمد
    544 - 606هـ/1150- 1210مأبو السعادات، مجد الدين، ابن الأثير الجزري، علاّمة في التفسير والحديث والفقه والأصول واللغة. درس على علماء أجلاّء. فأخذ الأدب واللغة عن ناصح الدين أبي محمد سعيد بن المبارك الدّهان النحوي البغدادي [ر] (ت569هـ)، وأبي بكر يحيى بن سعدون القرطبي [ر] النحوي واللغوي والأديب المقرئ (ت567هـ)، وسمع الحديث من جماعة من المحدّثين منهم خطيب الموصل عبد الله بن أحمد بن محمد الطوسي (ت578هـ)، وأبو الفرج عبد المنعم بن عبد الوهاب الحراني (ت596هـ). وأخذ العلم كذلك عن عبد الوهاب ابن سكينة الصوفي الشافعي (ت607هـ). وأحاط بثقافة عصره فذاع صيته واشتهر بورعه وخلقه المستقيم وفضله وإحسانه، ويزين ذلك عقل كبير وفكر نيَّرٌ ومهابة. كما كان أبو السعادات شديد التواضع، ينسب الفضل لذويه ويُعلي من شأن العلماء الذين سبقوه، ولايكاد ينسب لنفسه شيئاً من العلم أو المعرفة، بل تراه يحثّ قارئ كتبه على أن يتفضل بإرشاده إلى موطن الخطأ فيما كتب.
    كانت لمجد الدين مكانة رفيعة عند أتابكة الموصل وأولي الأمر فيها. وقد عرضت عليه الوزارة أكثر من مرة فأباها ليتفرغ للعلم والتأليف.
    أصيب المبارك بن الأثير بمرض النقرس، فأقعده، ورأى فيه فرصة طيبة تبعده عن محافل الناس، وتعينه على التزود من المعرفة. وقصده طلاب العلم من كل مكان، وكان من أبرزهم الشهاب الطوسي نزيل مصر (ت596هـ)، وقاضي القضاة فخر الدين علي بن هبة الله البخاري (ت593هـ). ترك أبو السعادات ابن الأثير مجموعة من الكتب القيمة تشهد على ثقافته الواسعة، وعلمه الغزير، وتفكيره العميق. وقد أخرج معظمها في أيام مرضه الذي لازمه حتى مات ودفن في بلدته بظاهر الموصل.
    من كتبه في التفسير «الإنصاف في الجمع بين الكشف والكشاف»، جمع فيه بين تفسيري الثعلبي والزمخشري، وله في النحو «البديع في شرح الفصول» لابن الدَّهان، و«الباهر في الفروق»، و«الفروق في الأبنية». وله في التراجم «المختار في مناقب الأخيار»، و«تجريد أسماء الصحابة»، و«المُرَصَّع في الآباء والأمهات والبنات». وله في الأدب: «الرسائل»، و«صنعة الكتابة». وله في الحديث: «الشافي في شرح مسند الشافعي»، و«شرح طوال الغرائب». على أن أعظم كتب مجد الدين وأشهرها: «جامع الأصول في أحاديث الرسول»، و«النهاية في غريب الحديث والأثر».
    أما الكتاب الأول، فجمع فيه بين كتب البخاري ومسلم وموطأ مالك وسنن الترمذي وسنن أبي داود والنسائي بعد حذف الأسانيد، مكتفياً بذكر الصحابي الذي رواه، وأتى بالأحاديث مرتبة على حسب الموضوعات مجموعة في كتب، وقد قسم كل كتاب إلى باب وفصل ونوع وفرع وقسم، ثم رتَّب الكتب وفق حروف الهجاء، وجعل لكل ذلك عنواناً مناسباً. وذكر الحديث ومن أخرجه ومعاني كلماته وما فيه من أحكام وترجم لرجاله.
    وإذا كان للحديث صلة بأكثر من موضع، جعله في موضع وأشار إليه في المواضيع الأخرى، وجعل لهذا الكتاب مقدمة ضافية في مصطلح الحديث. وقد اختصره عدد من العلماء منهم ابن الدَّيْبَع الشيباني (ت950 هـ)، وهبة الله البارزي الحموي (ت738هـ) وللفيروز آبادي صاحب «القاموس المحيط» زوائد عليه سماها: تسهيل طريق الوصول إلى الأحاديث الزائدة على جامع الأصول. وقد طبع «جامع الأصول» أول مرة عام 1368هـ/1949م بإشراف الشيخ عبد المجيد سليم ومحمد حامد الفقي، وصدر في أحد عشر جزءاً.
    وأما كتابه الآخر «النهاية في غريب الحديث والأثر»، فقد رجع فيه أبو السعادات إلى كتب الحديث المختلفة، واستخلص ما فيها من كلمات تحتاج إلى تفسير، فشرحها معتمداً على كتب اللغة وما تقدم من كتب مشابهة، وذكر الجملة من الحديث الذي وردت فيه الكلمة، ثم رتب الكلمات وفق ترتيب المعجم، ولم يخرج على ذلك إلا إذا كانت للكلمة شهرة على الألسنة بحروفها المزيدة، فإنه كان يضعها وفق حروفها المزيدة، فقد ذكر كلمة «أبهر» مثلاً في حرف الهمزة، مع أن أول حروفها زائد، وحقها أن توضع في حرف الباء. وللأمانة العلمية، فقد صرح أنه اعتمد على كتاب «غريب القرآن والحديث» للهروي، وكتاب أبي موسى محمد بن أبي بكر بن المديني الأصفهاني في الغريب، وزاد عليهما زيادات كبيرة جداً، حتى غدا أشهر كتاب في هذا الفن، ولاينافسه كتاب آخر في بابه إلى العصر الحاضر. وقد صبّ ابن منظور في «لسان العرب» كتاب «النهاية» بتمامه. وطبع الكتاب أول مرة سنة 1269هـ، ثم صدرت طبعة منقحة حققها الطاهر أحمد الزواي ومحمود محمد الطناحي سنة 1383هـ/1963م في خمسة مجلدات كبيرة.
    عمر الدقاق
    علي بن محمد
    555- 630هـ/1160- 1232م
    أبو الحسن، عز الدين، ابن الأثير الجزري مؤرخ وعالم بالحديث وأنساب العرب ولد في جزيرة ابن عُمَر والتحق في طفولته بمكتب في الجزيرة، حيث حفظ القرآن، وتعلم مبادئ القراءة والكتابة. ثم أخذ في تحصيل العلم على شيوخ الجزيرة والموصل والشام كأبي الفضل عبد الله بن أحمد الطوسي، وأبي الفرج يحيى الثقفي. وسمع من كثيرين كأبي القاسم يعيش بن صدقة، وأبي أحمد بن عبد الوهاب بن علي الصوفي، وعبد المؤمن بن كليب، وعبد الوهاب ابن سكينة، وزين الأمناء، وأبي القاسم بن صصرى، وابن سويدة التكريتي، وابن رواحة، وابن طبرزد وغيرهم.
    اهتم عز الدين بعلوم عدة، منها الأصول والفرائض والمنطق والهيئة والقراءات والحساب ولكنه أتقن علم الحديث وعلم التاريخ. فكان إماماً في حفظ الحديث ومعرفته، وحافظاً للتواريخ المتقدمة والمتأخرة، وخبيراً بأنساب العرب وأيامهم وأخبارهم. ويبدو أن شهرته مؤرخاً كانت أكبر منها محدّثاً. وقد يكون للمحيط السياسي الذي عاش فيه أثره في هذا الاهتمام. فقد عاش في زمن احتدمت فيه الصراعات بين شعوب المشرق المختلفة كالسلاجقة والخوارزمية والغور والمغول (الخطا) والكرج. وكان الخوارزميون قد تمكنوا من مد سلطانهم على الإمارات الصغيرة المتاخمة لهم، وأقاموا دولة ذات نفوذ، لم تلبث أن انهارت أمام جحافل المغول.
    تمتع ابن الأثير بمكانة رفيعة عند معاصريه نبعت من علمه وشخصيته ومن مكانة أسرته الرفيعة. ولمع اسمه في الشام لتردده عليها أكثر من مرة، وعقده صداقات مع علمائها ورجالها البارزين من أبناء الأسرة الأيوبية وكبار رجال حكومتهم. فكانت له صلات وثيقة بالطواشي شهاب الدين طغريل الخادم، أتابك الملك العزيز ابن الملك الظاهر صاحب حلب، كما خرج مع صلاح الدين الأيوبي في غزو الفرنجة الصليبيين، ومن ذلك حضوره فتح برزية وغيرها، كما زار بغداد مراراً رسولاً لصاحب الموصل.
    كتب عز الدين في الموضوعات التاريخية المختلفة، كالتاريخ العام، وتاريخ الأسر الحاكمة، والتراجم والأنساب، ووضح في كتبه فوائد التاريخ والعبر التي يجنيها قراؤه من معرفة حوادث الأمم السالفة وأخبارها، وأشهر مؤلفاته في التاريخ:
    ـ الكامل في التاريخ: وهو كتاب في التاريخ العام، ويعد قمة في الكتابة التاريخية، اعتمد في كتابه على كبار المؤرخين الذين سبقوه، وعلى رأسهم الطبري وابن الكلبي والمبرد والبلاذري والمسعودي وكثيرون غيرهم. ورتب فيه الأخبار والحوادث على السنين، لم يفرق بين أخبار ملوك الشرق والغرب وما بينهما من أول الزمان حتى سنة 628هـ/1230م. وذكر إلى جانب ذلك علاقات العرب المسلمين بالشعوب الأخرى، كالهنود والصينيين والروس. كما عني بالحوادث المحلية في كل إقليم، إلى جانب اهتمامه بالظواهر الجوية والأرضية وأثرها في الحياة المعاشية من رخص وغلاء وقحط ورخاء. والكتاب متفاوت القيمة، فما اتصل منه ببدء الخليقة يعوزه التعمق والدقة، وما تعلق بالسيرة النبوية فيه أخبار كثيرة موضوعة، وما اتصل منه بالتاريخ الإسلامي فهو جاد متزن ولذلك كثر اعتماد المؤرخين عليه ونقولهم منه.
    ـ التاريخ الباهر في الدولة الأتابكية (تاريخ أتابكة الموصل): ويتضمن تاريخ ملوك الموصل الزنكيين منذ أن أسس عماد الدين دولته سنة 521هـ/1127م حتى سنة 607هـ/1210- 1211م، وذلك رغبة منه في إظهار مكانة الزنكيين الذين عاش عز الدين وأسرته في كنفهم، وجهودهم في قتال الصليبيين.
    ـ أسد الغابة في معرفة الصحابة: عرَّف فيه بالصحابة رجالاً ونساء، ورتبه على حروف الهجاء، وضبط بالحروف الأسماء المتشابهة في الرسم المختلفة في النطق، كما شرح الألفاظ الصعبة التي ترد في بعض التراجم. واستعان في كتابه هذا بكتاب «معرفة الصحابة» لابن مندة الأصفهاني، و»الاستيعاب في معرفة الأصحاب» لابن عبد البر القرطبي وغيرهما. وقد زادت مصادره على ثلاثين كتاباً.
    ـ اللباب في تهذيب الأنساب: وهو تهذيب لكتاب السمعاني في الأنساب. وقد حظي هذا الكتاب باهتمام كثير من العلماء. واعتمد في كتابه هذا، إضافة إلى كتاب السمعاني، على كتاب الحميدي «تاريخ الأندلس»، وابن عساكر «تاريخ دمشق»، وخليفة بن خياط، وأبي عبيد القاسم بن سلام البغدادي، وابن ماكولا، والدار قطني، وابن حبيب، وأبي عبيدة معمر بن المثنى.
    أمينة بيطار
    نصر الله بن محمد558 - 637هـ/1163- 1239م
    أبو الفتح، ضياء الدين، ابن الأثير الجزري الشيباني أديب ونحوي ووزير من وزراء الأيوبيين ولد في جزيرة ابن عُمَر ودرس على شيوخ الموصل النابهين، وفي طليعتهم أخوه الأكبر المبارك مجد الدين العالم المحدّث، ثم انتقل إلى الشام عام 583هـ للالتحاق بخدمة الأيوبيين فأحسن وزير صلاح الدين القاضي الفاضل لقاءه وقدمه إلى السلطان صلاح الدين بعد أن تم له النصر المبين في حطين وفتح القدس. وقد أعجب الملك الأفضل ابن السلطان صلاح الدين صاحب دمشق بنباهة ضياء الدين ومواهبه فاتصلت بينهما المودة. وكان أن رغب الأفضل إلى أبيه أن يستلحق ضياء الدين، فترك صلاح الدين الخيار له، وآثر ضياء الدين اللحاق بالأفضل، وصار وزيره وصفيه. غير أن الأفضل ووزيره، ولاسيما بعد وفاة صلاح الدين لم يحسنا إدارة الأمور. وفي غمرة التصارع بين أبناء صلاح الدين من جهة وبين عمهم الملك العادل من جهة أخرى اضطر الأفضل إلى تسليم دمشق والخروج منها، وهرب وزيره متخفياً.
    كان لإقامة ابن الأثير في دمشق زهاء أربع سنين أثر بعيد في تكوينه ورفد ثقافته ولاسيما في مجال ترسله وإنشائه، إذ أتيح له الاتصال بأعلام دولة صلاح الدين من علماء وكتاب وشعراء وفي طليعتهم القاضي الفاضل وعماد الدين الأصفهاني.
    وفي عام 596هـ سافر ضياء الدين إلى القاهرة واتصل بأعلام الأدب فيها وناظر بعض علمائها. وكان لمشاركته في الحياة الأدبية بمصر أثر واضح أيضاً في توسيع آفاقه وإغناء كتبه مع أن مقامه فيها لم يتجاوز بضعة عشر شهراً.
    وبعد طول تنقل وإخفاق قصد حلب سنة 607هـ عساه يجد لدى صاحبها الملك الظاهر ابن صلاح الدين ما يرضي مطامحه، ولكنه لم يجد عنده ما كان يأمل، ولعل «الظاهر» كان حذراً تجاهه، فانعطف إلى العراق وتنقل بين إربل وسنجار والموصل وبغداد، ثم آثر العودة إلى الموصل، وانتهى به المطاف إلى خدمة الزنكيين فيها، وأمضى هناك تسعة عشر عاماً عرف فيها حياة الاستقرار بعد كثرة الترحل والأسفار وأقام يدرس طلابه الأدب والنقد من كتاب «المثل السائر» ومن كتب أخيه وأستاذه مجد الدين المبارك، فكان مقصد المتعلمين والمتأدبين. وكانت وفاته في بغداد وفيها دفن.
    حفظ ضياء الدين كتاب الله الكريم وكثيراً من الأحاديث الشريفة وطرفاً وافراً من منظوم العرب ومنثورهم، وفقه النحو واللغة وعلم البيان. ولعله أنس في نفسه ميلاً إلى الشعر المحدث من أمثال ابن المعتز [ر] وديك الجن [ر] وغيرهما من الشعراء العباسيين، وفي ذلك يقول في «المثل السائر»: «حفظت من الأشعار القديمة والمحدثة مالا أحصيه كثِرة. ثم اقتصرت بعد ذلك على شعر الطائيين حبيب بن أوس وأبي عبادة البحتري وشعر أبي الطيب المتنبي، فحفظت هذه الدواوين الثلاثة. وكنت أكرر عليها الدرس مدة سنين حتى تمكنت من صوغ المعاني، وصار الإدمان لي خلقاً وطبعاً»، ودلّل على شغفه بهؤلاء الشعراء الثلاثة المحدثين بقوله: «هم لات الشعر وعزّاه ومناته، الذين ظهرت على أيديهم حسناته ومستحسناته».
    كتبه كثيرة، بعضها لم يصل إلينا. ومنها مختارات في الحديث، وفي الشعر والأمثال. وينسب إليه كتاب «تحفة العجائب وطرفة الغرائب» وهو مجموعة من منظوم العرب ومنثورهم في عناصر الكون والطبيعة من سماء ونجوم وماء وشجر.. وكتاب «عمود المعاني» وهو في معاني الشعر، وكتاب «الوشي المرقوم في حلِّ المنظوم»، وكتاب «الجامع الكبير في صناعة المنظوم والمنثور»، وكتاب «البرهان في علم البيان»، ثم كتاب «رسائل ابن الأثير» ويضم ما دبجه من رسائل متأنقة العبارة موجهة إلى أعلام العصر وكبراء حكامه، وهي تنم على علو كعبه في النثر فضلاً عن القيمة التاريخية والاجتماعية التي انطوت عليه. أما كتابه «المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر» فهو أجل آثاره وأوفاها، وقد جعله في الأدب والبلاغة والنقد. وهذا الكتاب يرفع ابن الأثير إلى مصاف كبار النقاد العرب. وكان موضع ثناء الأقدمين ونقدهم، ولابن أبي الحديد «الفلك الدائر على المثل السائر»، ولصلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي «نصرة الثائر على المثل السائر»، وكلاهما في نقد كتاب ابن الأثير.
    عمر الدقاق
يعمل...
X