شبه الجزيرة العربية
تشغل شبه الجزيرة العربية الجزء الجنوبي من آسيا العربية، وتمتد متجهة من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي، من بوادي الشام والعراق إلى المحيط الهندي، وهي تقع بين درجتي عرض 32.12 شمال خط الاستواء، ودرجتي طول 60.35 شرق غرينتش.
يحيط بشبه الجزيرة العربية: خليج البصرة من الشرق، وخليج عُمان من الجنوب الشرقي، وبحر العرب من الجنوب، والبحر الأحمر من الغرب. وكان العرب يعدون الفرات حدّاً شماليّاً لها، حتى أطلقوا عليها اسم (الجزيرة العربية)، بيد أنها تشمل من الناحية الطبيعية الأجزاء الجنوبية من بوادي الشام والعراق، وتبلغ مساحتها أكثر من 3 ملايين كم2 تقريباً.
تتألف شبه الجزيرة العربية من قاعدة من الصخور الغرانيتية الصلبة، تشكلت في العصور القديمة، وغطتها المواد الرسوبية، وخاصة في الزمن الثاني. وفي الزمن الثالث حدثت التواءات في جنوبها الشرقي كوًّنت جبال عُمان، وانكسارات في غربها كوًّنت حفرة البحر الأحمر وجباله. وفي الزمن الرابع غمرت المفتتات الريحية والمائية قسماً كبيراً من الصخور، وانتشرت الرمال على مساحات واسعة في الشمال والجنوب والشرق، وسميت بالنفوذ.
ترتفع الحافات الجبلية الغربية المطلة على البحر الأحمر، وتنحدر انحداراً شديداً نحوه بمدرجات انكسارية. ويميل السطح ميلاً خفيفاً نحو خليج البصرة،. وتظهر الصخور المتبلورة القديمة في معظم أنحاء نجد الوسطى والغربية، وفي السلاسل الجبلية المطلة على البحر الأحمر، وتشاهد البراكين والأغطية البركانية المسماة «حرّات» في بقعة تمتد من تبوك إلى جنوب مكة المكرمة. أما البوادي والصحاري فهي أراض كلسية، وأحياناً رملية تعلوها طبقات ثخينة من الرمال، وتقطعها الرواشن (الكويستات) في خطوط متوازية، تمتد من صحاري النفوذ وتنعطف نحو جبل طويق. وتختص سواحل الخليج العربي بأراض منخفضة تلالية، تكثر فيها الواحات.
يمكن تقسيم سطح شبه الجزيرة العربية إلى المناطق الطبيعية الآتية:
أ ـ هضبة نجد: تتوسط هضبة نجد شبه الجزيرة العربية، ويبلغ متوسط ارتفاعها 900م، وتتصل بحرّات الحجاز من الغرب، وبمنبسطات كلسية تميل نحو صحراء الدهناء في الشرق، وتحدها صحراء النفوذ الكبرى من الشمال،والربع الخالي في الجنوب. وأعلى جهات نجد هي الأجزاء الشمالية الغربية للهضبة، وتتألف من جبل شمّر الذي يرتفع 1700م، وله كتلتان: الأولى جبل أجأ في شمال حائل، وجبل سلمى في جنوبها. وتتخلل المرتفعات الجبلية واحات كثيرة، وتقسم طبيعيّاً عدةَ أقسام، أشهرها من الشمال إلى الجنوب: القصيم، الوشم، العارض، الخرج، الأفلاج، الوادي (وادي الدواسر).
تقع صحراء النفوذ الكبرى شمال هضبة نجد، وتغطيها الرمال، وهي أراض قاحلة نادرة المياه، باستثناء قسمها الأوسط، حيث توجد واحات الجوف.
أما صحراء الدهناء أو النفوذ الصغرى، فتقع في شرق الهضبة، وتتألف من شريط رملي يصل بين النفوذ الكبرى والربع الخالي، كما يفصل بين هضبة نجد وبلاد الأحساء.
ب ـ الربع الخالي: تمتد صحراء الربع الخالي بين نجد وحضرموت واليمن وعُمان، وتشغل نحو ربع مساحة شبه الجزيرة، وهي صحراء مقفرة صعبة الاجتياز، مغمورة بالرمال الكثيفة التي تحركها الرياح فتشبه أمواج البحر، ماعدا قسمها الجنوبي الشرقي الذي يشبه النجود السهبية، وتتوافر فيه بعض الآبار الغنيّة والمراعي القليلة، إذ تصيبه بعض الأمطار الموسمية.
جـ ـ الحافة الغربية والجنوبية الغربية: يتألف القسم الغربي من شبه الجزيرة من سلاسل جبلية مرتفعة تمتد من جبال الشراة في الأردن إلى مضيق باب المندب، وتفصل بينها وبين البحر الأحمر سهول تهامة الضيقة. وتقسم الجبال إلى ثلاثة أقسام، وهي من الشمال إلى الجنوب:
1ـ سراة الحجاز: وسميت كذلك لفصلها بين نجد في الداخل وتهامة في الساحل، وتبدأ في الشمال من نهاية جبال الشراة، وتنتهي جنوباً فيما وراء مكة. والأجزاء الشمالية منها، وهي الأشد ارتفاعاً، تسمى جبال «مدين»، وتعلو في جبال الشفاء إلى 2700م، وتنتهي عند وادي الحمض.
تبدو جبال الحجاز عريضة في قسمها الأوسط، ويبلغ معدل ارتفاعها 1500م، ثم تنخفض بين المدينة ومكة، ويسهل اجتيازها بين الشرق والغرب، ثم تعود إلى الارتفاع في جنوب مكة، وتصل في غرب الطائف إلى 2700م، حيث تبدأ جبال العسير. ومن جبال الحجاز القليلة الارتفاع جبل أحد قرب المدينة. وتتميز جبال الحجاز بقممها الغرانيتية المتفرقة التي تقطعها الأودية والانكسارات الطولية والعرضية.
2ـ سراة العسير: تمتد بين الحجاز واليمن، وتتألف من كتلة جبلية مندمجة يصعب اجتيازها، ولذلك سُميت بالعسير. يصل ارتفاعها في قسمها الجنوبي إلى 3000م، وهي، على عكس الحجاز، خالية من الأودية الطويلة، وتنحدر منها الأودية العرضية الهامة نحو الربع الخالي.
3ـ جبال اليمن:
تشمل جبال اليمن الزاوية الجنوبية الغربية من شبه الجزيرة العربية، الممتدة حتى حضرموت، وتتميز من جبال عسير بالغطاء البركاني الواسع الذي يعطيها شكل الهضبة. ومعظم سطحها يراوح علوه بين 2000 و3000م. وتشاهد على سطح الهضبة القمم العالية البركانية المسننة على شكل سلاسل متوازية، يقع أعلاها في الوسط وإلى الغرب من صنعاء، حيث يقوم جبل النبي شعيب، الذي يقرب علوه من 4000م. وإلى الشرق من سلاسل القمم تنحدر الهضبة انحداراً خفيفاً نحو هضاب تنخفض إلى 1000م، يطلق عليها اسم جوف اليمن، وينتهي شرقاً بالربع الخالي. ويشتد انحدار الهضبة نحو البحر الأحمر، وتكثر في اليمن الأودية العميقة التي تنحدر على أطراف الهضبة.
4ـ سهول تهامة: تمتد بين الحافات الجبلية والبحر الأحمر وخليج عدن سهول منخفضة تضيق في الشمال، ويصل عرضها في تهامة إلى 80كم. ومعظم أراضيها حصوية رملية وملحية، قليلاً ما تصلح للزراعة. ونجد فيها بعض المقذوفات البركانية في الجنوب، كما في شبه جزيرة عدن. وتقسم إلى سهول تأخذ أسماءها من الجبال المجاورة لها، فيقال تهامة الحجاز وتهامة عسير. ويلاحظ أن سواحل تهامة قليلة التعرجات، فنجد خليج العقبة وجزر تيران عند مدخل الخليج، ومجموعات جزر فرسان وقمران في الجزء الجنوبي من البحر الأحمر مقابل عسير واليمن، وشبه جزيرة عدن المطلة على خليج عدن.
د ـ الحافة الجنوبية الشرقية:
تمتد من وادي حضرموت إلى رأس الحد شرقاً، وتتألف المنطقة الداخلية منها من حافات جبلية منفصلة لا يزيد ارتفاعها على 1000م، وأهم أقسامها إقليم ظفار المؤلف من أربع كتل جبلية، أعلاها جبل قمر. وتنعدم الحافات الجبلية شرقي ظفار حتى تنخفض أطراف الهضبة إلى 100م. وتتصف السواحل الجنوبية أيضاً بقلة تعاريجها، ولا تصلح لرسو السفن، لكثرة الصخور والشعب المرجانية فيها. وأشهر تعاريجها خليج القمر ورأس مدركة، وأهم الجزر القريبة من السواحل هي كورية مورية وجزيرة مصيرة.
هـ ـ الجهة الشرقية: وتقسم قسمين مختلفين من حيث التضاريس:
1ـ القسم الجنوبي: ويمتد من رأس الحد إلى رأس مسندم على خليج عُمان، ويتألف من عدة أقواس جبلية التوائية قريبة من الساحل، يتوسطها الجبل الأخضر الذي يرتفع إلى 3000م. وتنحدر هذه الجبال انحداراً شديداً نحو البحر، يفصلها عنه بعض السهول الضيقة مثل مسقط والباطنة. وهناك في الجبال سهول ضيقة حول الأودية التي تنحدر نحو الداخل، وتسقي بعض السهول المروية في غربي الجبل الأخضر.
2ـ القسم الشمالي: يمتد من رأس مسندم إلى الكويت على الخليج العربي، ويتألف من أراض منبسطة، لا يزيد معدل ارتفاعها على 100م، تكثر فيها السبخات على الساحل، وتتخللها التلال في الداخل. وهذا القسم متعرج تكثر فيه الرؤوس والخلجان الصغيرة (الأخوار) والجزر، وتشاهد فيه شبه جزيرة قطر، وخليج البحرين وجزره، وخليج الكويت، وجزيرة فيلكة.
المناخ
يخترق مدار السرطان شبه الجزيرة في وسطها، وتحيط بها الجبال المرتفعة من أكثر جهاتها، وينحصر تأثير المحيطات فيها على مناطق ساحلية، لذلك تدخل في نطاق المناخ الحار الصحراوي. ويتميز مناخها بالحرارة والجفاف والرياح المتربة الشديدة.
تتصف شبه الجزيرة بارتفاع الحرارة بوجه عام، وشدة الفروق الحرارية بين الصيف والشتاء والليل والنهار في جميع الجهات، ولا يقل متوسطها عن 35 ْم، وأشدها في تهامة والسواحل لاقترانها بالرطوبة وركود الهواء. ويقل معدل الحرارة في المرتفعات الجبلية، وخاصة في اليمن وعُمان لهطول الأمطار الصيفية. وفي الشتاء تهبط الحرارة بوجه عام، ولا تبلغ الصفر إلا في حالات نادرة، وينخفض معدل الحرارة عن 18 ْم في هضبة نجد وشمال الحجاز.
وتقل الأمطار عموماً في شبه الجزيرة حتى تنقص عن 200مم في مختلف المناطق الداخلية، وأغزر المناطق مطراً هي المرتفعات الجبلية في اليمن وعُمان، ويعم البلاد نظامان من المطر هما: النظام الشتوي الذي تهطل فيه الأمطار، كما في حوض المتوسط، أكثرها في الشتاء، وأغزرها مطراً لا تزيد على 200مم، كما في جبل مدين وهضبة نجد. والنظام الصيفي: ويشمل منطقة تمتد من جنوب عسير، وتشمل اليمن وحضرموت، وتنتهي عند ساحل عُمان الشمالي، وتبلغ كمية المطر على الهضبة اليمنية 500مم في العام.
المياه
تقل المياه عموماً في شبه الجزيرة العربية، وتوجد الينابيع والواحات في مناطق الأحساء وشرق نجد وغربي الجبل الأخضر، ومن مواطن المياه المشهورة في شبه الجزيرة: الجوف في النفوذ، وعيون الطائف والمدينة. وتكثر المياه الملحة في البوادي، والمياه الحارة والكبريتية في مناطق الصخور البركانية شرقي الحجاز واليمن. وتتمثل المياه السطحية السيلية التي تجري فيها المياه في فصل الأمطار، وتجف غالباً في فصل الصيف. وأشهر أودية شبه الجزيرة، هي:
ـ وادي الرمة: وهو أطول الأودية، يتكون من عدة روافد، تتجمع في جنوب شرق الحجاز، وتعبر شمال نجد، ثم يخترق الدهناء في شمالها، وينتهي عند شط العرب.
ـ وادي الشهباء: تتجمع مياهه من عدة أودية في شرقي نجد، وبعد أن يجتاز الدهناء، يصب في خليج البصرة، جنوب شبه جزيرة قطر.
ـ وادي الدواسر: ينبع من شمال شرقي جبل عسير، وتفيض مياهه عند الطرف الغربي للربع الخالي.
ـ وادي حضرموت: يتلقى مياهه من شرقي اليمن وحضرموت، ويصب في البحر العربي عند بلدة سيحوت، ويسمى قسمه الأدنى المسيلة.
ـ وادي الحمض: وهو أغزر الأودية التي تصب في البحر الأحمر، وتصب فيه عدة روافد، أهمها وادي العقيق بين مكة والمدينة، ووادي القرى شمال المدينة، ووادي الجيزل جنوب تبوك، وينتهي وادي الحمض على البحر الأحمر في جنوب الوجه.
ـ أودية اليمن؛ وأهمها المنحدرة غرباً، كوادي مورا ووادي زبيد، والمنحدرة شرقاً كوادي شبوان وتقع عليه مأرب، وبعض الأودية ينحدر جنوباً مثل وادي الحج.
النبات والحيوان
تعد شبه الجزيرة العربية من البلاد الفقيرة بنباتها وحيواناتها، وهي ترجع إلى أصول إفريقية مختلطة مع أنواع آسيوية. تنبت الأشجار والشجيرات حيث يتوافر الماء لنموها في الواحات والأودية والسفوح الجبلية، وأهمها نخيل التمر الذي ينمو طبيعياً في وادي حضرموت، والبخور (اللبان) في ظفار، وشجرة الصمغ في المرتفعات الجنوبية الجافة. وتنمو شجيرات السهوب كالسحر والأثل في الأودية والمسيلات، ويكثر الشنان في الأراضي الملحة.
وترجع بعض الحيوانات إلى أصول إفريقية كالغزال وحمار الوحش والضبع، أو إلى أصول شمالية كالثعلب. وتعتبر نجد من المناطق الرئيسة للجراد في العالم، وتكثر الأسماك على سواحل الخليج العربي، كالديرك والبياض والسردين، كما تشاهد الحيوانات البحرية، مثل كلاب البحر وفرس البحر.
صفوح خير
تشغل شبه الجزيرة العربية الجزء الجنوبي من آسيا العربية، وتمتد متجهة من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي، من بوادي الشام والعراق إلى المحيط الهندي، وهي تقع بين درجتي عرض 32.12 شمال خط الاستواء، ودرجتي طول 60.35 شرق غرينتش.
يحيط بشبه الجزيرة العربية: خليج البصرة من الشرق، وخليج عُمان من الجنوب الشرقي، وبحر العرب من الجنوب، والبحر الأحمر من الغرب. وكان العرب يعدون الفرات حدّاً شماليّاً لها، حتى أطلقوا عليها اسم (الجزيرة العربية)، بيد أنها تشمل من الناحية الطبيعية الأجزاء الجنوبية من بوادي الشام والعراق، وتبلغ مساحتها أكثر من 3 ملايين كم2 تقريباً.
ترتفع الحافات الجبلية الغربية المطلة على البحر الأحمر، وتنحدر انحداراً شديداً نحوه بمدرجات انكسارية. ويميل السطح ميلاً خفيفاً نحو خليج البصرة،. وتظهر الصخور المتبلورة القديمة في معظم أنحاء نجد الوسطى والغربية، وفي السلاسل الجبلية المطلة على البحر الأحمر، وتشاهد البراكين والأغطية البركانية المسماة «حرّات» في بقعة تمتد من تبوك إلى جنوب مكة المكرمة. أما البوادي والصحاري فهي أراض كلسية، وأحياناً رملية تعلوها طبقات ثخينة من الرمال، وتقطعها الرواشن (الكويستات) في خطوط متوازية، تمتد من صحاري النفوذ وتنعطف نحو جبل طويق. وتختص سواحل الخليج العربي بأراض منخفضة تلالية، تكثر فيها الواحات.
يمكن تقسيم سطح شبه الجزيرة العربية إلى المناطق الطبيعية الآتية:
أ ـ هضبة نجد: تتوسط هضبة نجد شبه الجزيرة العربية، ويبلغ متوسط ارتفاعها 900م، وتتصل بحرّات الحجاز من الغرب، وبمنبسطات كلسية تميل نحو صحراء الدهناء في الشرق، وتحدها صحراء النفوذ الكبرى من الشمال،والربع الخالي في الجنوب. وأعلى جهات نجد هي الأجزاء الشمالية الغربية للهضبة، وتتألف من جبل شمّر الذي يرتفع 1700م، وله كتلتان: الأولى جبل أجأ في شمال حائل، وجبل سلمى في جنوبها. وتتخلل المرتفعات الجبلية واحات كثيرة، وتقسم طبيعيّاً عدةَ أقسام، أشهرها من الشمال إلى الجنوب: القصيم، الوشم، العارض، الخرج، الأفلاج، الوادي (وادي الدواسر).
تقع صحراء النفوذ الكبرى شمال هضبة نجد، وتغطيها الرمال، وهي أراض قاحلة نادرة المياه، باستثناء قسمها الأوسط، حيث توجد واحات الجوف.
أما صحراء الدهناء أو النفوذ الصغرى، فتقع في شرق الهضبة، وتتألف من شريط رملي يصل بين النفوذ الكبرى والربع الخالي، كما يفصل بين هضبة نجد وبلاد الأحساء.
ب ـ الربع الخالي: تمتد صحراء الربع الخالي بين نجد وحضرموت واليمن وعُمان، وتشغل نحو ربع مساحة شبه الجزيرة، وهي صحراء مقفرة صعبة الاجتياز، مغمورة بالرمال الكثيفة التي تحركها الرياح فتشبه أمواج البحر، ماعدا قسمها الجنوبي الشرقي الذي يشبه النجود السهبية، وتتوافر فيه بعض الآبار الغنيّة والمراعي القليلة، إذ تصيبه بعض الأمطار الموسمية.
جـ ـ الحافة الغربية والجنوبية الغربية: يتألف القسم الغربي من شبه الجزيرة من سلاسل جبلية مرتفعة تمتد من جبال الشراة في الأردن إلى مضيق باب المندب، وتفصل بينها وبين البحر الأحمر سهول تهامة الضيقة. وتقسم الجبال إلى ثلاثة أقسام، وهي من الشمال إلى الجنوب:
1ـ سراة الحجاز: وسميت كذلك لفصلها بين نجد في الداخل وتهامة في الساحل، وتبدأ في الشمال من نهاية جبال الشراة، وتنتهي جنوباً فيما وراء مكة. والأجزاء الشمالية منها، وهي الأشد ارتفاعاً، تسمى جبال «مدين»، وتعلو في جبال الشفاء إلى 2700م، وتنتهي عند وادي الحمض.
تبدو جبال الحجاز عريضة في قسمها الأوسط، ويبلغ معدل ارتفاعها 1500م، ثم تنخفض بين المدينة ومكة، ويسهل اجتيازها بين الشرق والغرب، ثم تعود إلى الارتفاع في جنوب مكة، وتصل في غرب الطائف إلى 2700م، حيث تبدأ جبال العسير. ومن جبال الحجاز القليلة الارتفاع جبل أحد قرب المدينة. وتتميز جبال الحجاز بقممها الغرانيتية المتفرقة التي تقطعها الأودية والانكسارات الطولية والعرضية.
2ـ سراة العسير: تمتد بين الحجاز واليمن، وتتألف من كتلة جبلية مندمجة يصعب اجتيازها، ولذلك سُميت بالعسير. يصل ارتفاعها في قسمها الجنوبي إلى 3000م، وهي، على عكس الحجاز، خالية من الأودية الطويلة، وتنحدر منها الأودية العرضية الهامة نحو الربع الخالي.
3ـ جبال اليمن:
تشمل جبال اليمن الزاوية الجنوبية الغربية من شبه الجزيرة العربية، الممتدة حتى حضرموت، وتتميز من جبال عسير بالغطاء البركاني الواسع الذي يعطيها شكل الهضبة. ومعظم سطحها يراوح علوه بين 2000 و3000م. وتشاهد على سطح الهضبة القمم العالية البركانية المسننة على شكل سلاسل متوازية، يقع أعلاها في الوسط وإلى الغرب من صنعاء، حيث يقوم جبل النبي شعيب، الذي يقرب علوه من 4000م. وإلى الشرق من سلاسل القمم تنحدر الهضبة انحداراً خفيفاً نحو هضاب تنخفض إلى 1000م، يطلق عليها اسم جوف اليمن، وينتهي شرقاً بالربع الخالي. ويشتد انحدار الهضبة نحو البحر الأحمر، وتكثر في اليمن الأودية العميقة التي تنحدر على أطراف الهضبة.
4ـ سهول تهامة: تمتد بين الحافات الجبلية والبحر الأحمر وخليج عدن سهول منخفضة تضيق في الشمال، ويصل عرضها في تهامة إلى 80كم. ومعظم أراضيها حصوية رملية وملحية، قليلاً ما تصلح للزراعة. ونجد فيها بعض المقذوفات البركانية في الجنوب، كما في شبه جزيرة عدن. وتقسم إلى سهول تأخذ أسماءها من الجبال المجاورة لها، فيقال تهامة الحجاز وتهامة عسير. ويلاحظ أن سواحل تهامة قليلة التعرجات، فنجد خليج العقبة وجزر تيران عند مدخل الخليج، ومجموعات جزر فرسان وقمران في الجزء الجنوبي من البحر الأحمر مقابل عسير واليمن، وشبه جزيرة عدن المطلة على خليج عدن.
د ـ الحافة الجنوبية الشرقية:
تمتد من وادي حضرموت إلى رأس الحد شرقاً، وتتألف المنطقة الداخلية منها من حافات جبلية منفصلة لا يزيد ارتفاعها على 1000م، وأهم أقسامها إقليم ظفار المؤلف من أربع كتل جبلية، أعلاها جبل قمر. وتنعدم الحافات الجبلية شرقي ظفار حتى تنخفض أطراف الهضبة إلى 100م. وتتصف السواحل الجنوبية أيضاً بقلة تعاريجها، ولا تصلح لرسو السفن، لكثرة الصخور والشعب المرجانية فيها. وأشهر تعاريجها خليج القمر ورأس مدركة، وأهم الجزر القريبة من السواحل هي كورية مورية وجزيرة مصيرة.
هـ ـ الجهة الشرقية: وتقسم قسمين مختلفين من حيث التضاريس:
1ـ القسم الجنوبي: ويمتد من رأس الحد إلى رأس مسندم على خليج عُمان، ويتألف من عدة أقواس جبلية التوائية قريبة من الساحل، يتوسطها الجبل الأخضر الذي يرتفع إلى 3000م. وتنحدر هذه الجبال انحداراً شديداً نحو البحر، يفصلها عنه بعض السهول الضيقة مثل مسقط والباطنة. وهناك في الجبال سهول ضيقة حول الأودية التي تنحدر نحو الداخل، وتسقي بعض السهول المروية في غربي الجبل الأخضر.
2ـ القسم الشمالي: يمتد من رأس مسندم إلى الكويت على الخليج العربي، ويتألف من أراض منبسطة، لا يزيد معدل ارتفاعها على 100م، تكثر فيها السبخات على الساحل، وتتخللها التلال في الداخل. وهذا القسم متعرج تكثر فيه الرؤوس والخلجان الصغيرة (الأخوار) والجزر، وتشاهد فيه شبه جزيرة قطر، وخليج البحرين وجزره، وخليج الكويت، وجزيرة فيلكة.
المناخ
يخترق مدار السرطان شبه الجزيرة في وسطها، وتحيط بها الجبال المرتفعة من أكثر جهاتها، وينحصر تأثير المحيطات فيها على مناطق ساحلية، لذلك تدخل في نطاق المناخ الحار الصحراوي. ويتميز مناخها بالحرارة والجفاف والرياح المتربة الشديدة.
تتصف شبه الجزيرة بارتفاع الحرارة بوجه عام، وشدة الفروق الحرارية بين الصيف والشتاء والليل والنهار في جميع الجهات، ولا يقل متوسطها عن 35 ْم، وأشدها في تهامة والسواحل لاقترانها بالرطوبة وركود الهواء. ويقل معدل الحرارة في المرتفعات الجبلية، وخاصة في اليمن وعُمان لهطول الأمطار الصيفية. وفي الشتاء تهبط الحرارة بوجه عام، ولا تبلغ الصفر إلا في حالات نادرة، وينخفض معدل الحرارة عن 18 ْم في هضبة نجد وشمال الحجاز.
وتقل الأمطار عموماً في شبه الجزيرة حتى تنقص عن 200مم في مختلف المناطق الداخلية، وأغزر المناطق مطراً هي المرتفعات الجبلية في اليمن وعُمان، ويعم البلاد نظامان من المطر هما: النظام الشتوي الذي تهطل فيه الأمطار، كما في حوض المتوسط، أكثرها في الشتاء، وأغزرها مطراً لا تزيد على 200مم، كما في جبل مدين وهضبة نجد. والنظام الصيفي: ويشمل منطقة تمتد من جنوب عسير، وتشمل اليمن وحضرموت، وتنتهي عند ساحل عُمان الشمالي، وتبلغ كمية المطر على الهضبة اليمنية 500مم في العام.
المياه
تقل المياه عموماً في شبه الجزيرة العربية، وتوجد الينابيع والواحات في مناطق الأحساء وشرق نجد وغربي الجبل الأخضر، ومن مواطن المياه المشهورة في شبه الجزيرة: الجوف في النفوذ، وعيون الطائف والمدينة. وتكثر المياه الملحة في البوادي، والمياه الحارة والكبريتية في مناطق الصخور البركانية شرقي الحجاز واليمن. وتتمثل المياه السطحية السيلية التي تجري فيها المياه في فصل الأمطار، وتجف غالباً في فصل الصيف. وأشهر أودية شبه الجزيرة، هي:
ـ وادي الرمة: وهو أطول الأودية، يتكون من عدة روافد، تتجمع في جنوب شرق الحجاز، وتعبر شمال نجد، ثم يخترق الدهناء في شمالها، وينتهي عند شط العرب.
ـ وادي الشهباء: تتجمع مياهه من عدة أودية في شرقي نجد، وبعد أن يجتاز الدهناء، يصب في خليج البصرة، جنوب شبه جزيرة قطر.
ـ وادي الدواسر: ينبع من شمال شرقي جبل عسير، وتفيض مياهه عند الطرف الغربي للربع الخالي.
ـ وادي حضرموت: يتلقى مياهه من شرقي اليمن وحضرموت، ويصب في البحر العربي عند بلدة سيحوت، ويسمى قسمه الأدنى المسيلة.
ـ وادي الحمض: وهو أغزر الأودية التي تصب في البحر الأحمر، وتصب فيه عدة روافد، أهمها وادي العقيق بين مكة والمدينة، ووادي القرى شمال المدينة، ووادي الجيزل جنوب تبوك، وينتهي وادي الحمض على البحر الأحمر في جنوب الوجه.
ـ أودية اليمن؛ وأهمها المنحدرة غرباً، كوادي مورا ووادي زبيد، والمنحدرة شرقاً كوادي شبوان وتقع عليه مأرب، وبعض الأودية ينحدر جنوباً مثل وادي الحج.
النبات والحيوان
تعد شبه الجزيرة العربية من البلاد الفقيرة بنباتها وحيواناتها، وهي ترجع إلى أصول إفريقية مختلطة مع أنواع آسيوية. تنبت الأشجار والشجيرات حيث يتوافر الماء لنموها في الواحات والأودية والسفوح الجبلية، وأهمها نخيل التمر الذي ينمو طبيعياً في وادي حضرموت، والبخور (اللبان) في ظفار، وشجرة الصمغ في المرتفعات الجنوبية الجافة. وتنمو شجيرات السهوب كالسحر والأثل في الأودية والمسيلات، ويكثر الشنان في الأراضي الملحة.
وترجع بعض الحيوانات إلى أصول إفريقية كالغزال وحمار الوحش والضبع، أو إلى أصول شمالية كالثعلب. وتعتبر نجد من المناطق الرئيسة للجراد في العالم، وتكثر الأسماك على سواحل الخليج العربي، كالديرك والبياض والسردين، كما تشاهد الحيوانات البحرية، مثل كلاب البحر وفرس البحر.
صفوح خير