أبو شامة (عبد الرحمن)
(599 ـ 665هـ/1202 ـ 1267م)
عبد الرحمن بن إسماعيل المقدسي الدمشقي، الشافعي، العالم المؤرخ النحوي المعروف بأبي شامة. لشامة فوق حاجبه الأيسر.
ولد بدمشق برأس درب الفواخير، داخل الباب الشرقي، ونشأ في بيت عرف بالعلم والمعرفة. قرأ القرآن الكريم قبل سن العاشرة، وأكمل القراءات على شيخه علم الدين علي السخاوي سنة 610هـ، وسمع «صحيح البخاري» من الشيوخ داود بن ملاعب وشمس الدين أحمد العطار وموفق الدين المقدسي، ثم ارتحل إلى الإسكندرية وسمع من شيوخها. وعرف بكثرة ترحاله للقاء العلماء، فكان يشد الرحال إلى مصر أكثر من مرة، وإلى بيت المقدس، ومكة والمدينة، والمدن الشامية. وزاد عدد شيوخه على الأربعين.
كان أبو شامة واحداً من أبرز المؤرّخين في القرن السابع الهجري، ومن أوسع العلماء نتاجاً في ميادين العلم المختلفة، وكان متضلّعاً في فنون كثيرة من العلوم، وخاصةً الدينية منها، لذلك امتدحه كثير من الأئمة والعلماء والمؤرخين واصفين إيّاه: بالفقيه الفاضل العلامة المقرئ، النحوي، الحافظ، المجتهد، المحدث، ذي الفنون، العالم، المؤرّخ. وكان له مكانة اجتماعية في نفوس معاصريه وشيوخه وطلابه، وكان عاقلاً عفيفاً أميناً على جانب كبير من التواضع وحسن الخلق. ونادراً ما يخلو كتاب في التراجم من ذكره وإطرائه والثناء عليه والإعجاب بشخصيته العلميّة وغزارة علمه.
تولى عدداً من الوظائف العلمية، إذ أسندت إليه مشيخة الإقراء بالتربة الأشرفية ومشيخة الحديث بالدار الأشرفية، ومارس التدريس في بعض مدارس دمشق كالمدرسة الركنية. وتتلمذ على يده نخبة من الطلبة، فكانوا أئمة وعلماء بارزين في البلاد الشامية والمصرية.
تعرّض أبو شامة إلى محنة، إذ أتاه اثنان إلى بيته في دمشق بطواحين الأشنان سنة 665هـ، فضرباه ضرباً مبرحاً، وذهبا، ولم يدر بهما أحد، ولا أغاثه إنسان، ولم يدر من سلّطهما عليه، فصبر واحتسب.
ومن شعره:
وقال النبي المصطفى أن سبعة
يظلهم الله العظيم بظلـه
محبٌ عفيـف ناشئ متصـدّق
وباكٍ مُصلٍّ والإمام بعدله
وبقي حيّاً بعدها نحو مئة يوم ثم توفي ودفن في مقابر باب الفراديس بدمشق.
خلّف مجموعة كبيرة من الكتب في فنون شتى من العلوم، كان قد أوقفها، وكتباً أخرى كثيرة بخزانة المدرسة العادلية الكبرى للانتفاع بها. لكن المدرسة العادلية تعرضت لحريق في (سنة 699) واحترقت بجملتها، ولم يبق من كتبه إلا ما كان مع الناس خارج المدرسة.
وأهم كتبه التاريخية «الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية» و«الذيل على الروضتين» والذي يذكر فيه فهرس مؤلفاته.
انتهى في كتاب «الروضتين» إلى وفاة السلطان الملك صلاح الدين الأيوبي سنة 589هـ. ثم رغب في أن يضيف حوادث تاريخية وقعت بعد ذلك، فكان «الذيل على الروضتين»، والذي بدأه سنة 590هـ وانتهى منه سنة 665هـ. وقد اتّبع فيه فن الحوليات.
على الرغم من نقده سلبيات غيره، لم يخل تاريخه من هنات، فأحداث سنة من السنين تملأ عدداً من الصفحات، في حين لا تتجاوز أحداث سنة أخرى بضعة أسطر، وأحياناً يؤرّخ بالسنة والشهر واليوم مع تسمية اليوم من الأسبوع، وأحياناً يؤرّخ بالشهر فقط، وتارةً بالسنة مع إغفال الشهر واليوم، وتخلو بعض الأماكن من ترتيب زمني دقيق. ومع ذلك يعد كتابه مصدراً أساسياً لحقبة مهمة من التاريخ العربي الإسلامي، لأنه لم يقتصر على الجانب السياسي والعسكري في الحوادث التاريخية، بل تناول أموراً تتعلق بالجانب الإداري والاقتصادي والعمراني والاجتماعي والطبيعي، وتعرض لأحداث العراق والحرمين الشريفين واليمن والأندلس فضلاً عن البلاد المصرية والشامية.
بلغت مؤلفات أبو شامة التي ذكرها في كتابه «الذيل على الروضتين» خمسين مؤلفاً، منها في مكتبة الأسد الوطنية المؤلفات الآتية: «إبراز المعاني في حرز الأماني» و«الباعث على إنكار البدع والحوادث» و«الذيل على الروضتين» و«الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية» و«ضوء الساري إلى رؤية معرفة الباري» و«كتاب السواك» و«المحقق من علم الأصول فيما يتعلق بأفعال الرسولr» و«مختصر الروضتين في أخبار الدولتين» و«المرشد الوجيز في علوم تتعلق بالقرآن العزيز».
غطاس نعمة
(599 ـ 665هـ/1202 ـ 1267م)
عبد الرحمن بن إسماعيل المقدسي الدمشقي، الشافعي، العالم المؤرخ النحوي المعروف بأبي شامة. لشامة فوق حاجبه الأيسر.
ولد بدمشق برأس درب الفواخير، داخل الباب الشرقي، ونشأ في بيت عرف بالعلم والمعرفة. قرأ القرآن الكريم قبل سن العاشرة، وأكمل القراءات على شيخه علم الدين علي السخاوي سنة 610هـ، وسمع «صحيح البخاري» من الشيوخ داود بن ملاعب وشمس الدين أحمد العطار وموفق الدين المقدسي، ثم ارتحل إلى الإسكندرية وسمع من شيوخها. وعرف بكثرة ترحاله للقاء العلماء، فكان يشد الرحال إلى مصر أكثر من مرة، وإلى بيت المقدس، ومكة والمدينة، والمدن الشامية. وزاد عدد شيوخه على الأربعين.
كان أبو شامة واحداً من أبرز المؤرّخين في القرن السابع الهجري، ومن أوسع العلماء نتاجاً في ميادين العلم المختلفة، وكان متضلّعاً في فنون كثيرة من العلوم، وخاصةً الدينية منها، لذلك امتدحه كثير من الأئمة والعلماء والمؤرخين واصفين إيّاه: بالفقيه الفاضل العلامة المقرئ، النحوي، الحافظ، المجتهد، المحدث، ذي الفنون، العالم، المؤرّخ. وكان له مكانة اجتماعية في نفوس معاصريه وشيوخه وطلابه، وكان عاقلاً عفيفاً أميناً على جانب كبير من التواضع وحسن الخلق. ونادراً ما يخلو كتاب في التراجم من ذكره وإطرائه والثناء عليه والإعجاب بشخصيته العلميّة وغزارة علمه.
تولى عدداً من الوظائف العلمية، إذ أسندت إليه مشيخة الإقراء بالتربة الأشرفية ومشيخة الحديث بالدار الأشرفية، ومارس التدريس في بعض مدارس دمشق كالمدرسة الركنية. وتتلمذ على يده نخبة من الطلبة، فكانوا أئمة وعلماء بارزين في البلاد الشامية والمصرية.
تعرّض أبو شامة إلى محنة، إذ أتاه اثنان إلى بيته في دمشق بطواحين الأشنان سنة 665هـ، فضرباه ضرباً مبرحاً، وذهبا، ولم يدر بهما أحد، ولا أغاثه إنسان، ولم يدر من سلّطهما عليه، فصبر واحتسب.
ومن شعره:
وقال النبي المصطفى أن سبعة
يظلهم الله العظيم بظلـه
محبٌ عفيـف ناشئ متصـدّق
وباكٍ مُصلٍّ والإمام بعدله
وبقي حيّاً بعدها نحو مئة يوم ثم توفي ودفن في مقابر باب الفراديس بدمشق.
خلّف مجموعة كبيرة من الكتب في فنون شتى من العلوم، كان قد أوقفها، وكتباً أخرى كثيرة بخزانة المدرسة العادلية الكبرى للانتفاع بها. لكن المدرسة العادلية تعرضت لحريق في (سنة 699) واحترقت بجملتها، ولم يبق من كتبه إلا ما كان مع الناس خارج المدرسة.
وأهم كتبه التاريخية «الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية» و«الذيل على الروضتين» والذي يذكر فيه فهرس مؤلفاته.
انتهى في كتاب «الروضتين» إلى وفاة السلطان الملك صلاح الدين الأيوبي سنة 589هـ. ثم رغب في أن يضيف حوادث تاريخية وقعت بعد ذلك، فكان «الذيل على الروضتين»، والذي بدأه سنة 590هـ وانتهى منه سنة 665هـ. وقد اتّبع فيه فن الحوليات.
على الرغم من نقده سلبيات غيره، لم يخل تاريخه من هنات، فأحداث سنة من السنين تملأ عدداً من الصفحات، في حين لا تتجاوز أحداث سنة أخرى بضعة أسطر، وأحياناً يؤرّخ بالسنة والشهر واليوم مع تسمية اليوم من الأسبوع، وأحياناً يؤرّخ بالشهر فقط، وتارةً بالسنة مع إغفال الشهر واليوم، وتخلو بعض الأماكن من ترتيب زمني دقيق. ومع ذلك يعد كتابه مصدراً أساسياً لحقبة مهمة من التاريخ العربي الإسلامي، لأنه لم يقتصر على الجانب السياسي والعسكري في الحوادث التاريخية، بل تناول أموراً تتعلق بالجانب الإداري والاقتصادي والعمراني والاجتماعي والطبيعي، وتعرض لأحداث العراق والحرمين الشريفين واليمن والأندلس فضلاً عن البلاد المصرية والشامية.
بلغت مؤلفات أبو شامة التي ذكرها في كتابه «الذيل على الروضتين» خمسين مؤلفاً، منها في مكتبة الأسد الوطنية المؤلفات الآتية: «إبراز المعاني في حرز الأماني» و«الباعث على إنكار البدع والحوادث» و«الذيل على الروضتين» و«الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية» و«ضوء الساري إلى رؤية معرفة الباري» و«كتاب السواك» و«المحقق من علم الأصول فيما يتعلق بأفعال الرسولr» و«مختصر الروضتين في أخبار الدولتين» و«المرشد الوجيز في علوم تتعلق بالقرآن العزيز».
غطاس نعمة