ابن شاكر الكتبي
(686 ـ 764هـ/1287 ـ 1362م)
محمد بن شاكر بن أحمد بن عبد الرحمن بن شاكر بن هارون بن شاكر، الملقب بصلاح الدين، وقيل فخر الدين، الداراني المولد، الدمشقي النشأة والحياة والوفاة، مؤرخ باحث، ولد في قرية داريا المجاورة لمدينة دمشق، ونشأ وترعرع وتعلّم وعمل في مدينة دمشق، كان على درجةٍ كبيرةٍ من البؤس والفقر، إلا أنه ما لبث أن تبدلت أحواله، وتحسنت أموره، بعد أن تعلّم الوراقة ونَسْخَ الكتب، وأتقنها أيما إتقان، فوفرت له دخلاً مناسباً وضع به حدّاً لفاقته، بل تمكن من تكوين ثروة. سمع من عددٍ من علماء دمشق الأعلام المشهورين في وقته، وكان معاصراً لعدد كبير من أشهر علماء الشام منهم: الأديب المؤرخ الكبير صلاح الدين الصفدي، والمؤرخ الفقيه شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد الذهبي، وشيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهم، سمع ابن شاكر من الحافظ جمال الدين أبي الحجاج يوسف المزي، الذي ترجم له في كلٍ من كتابيه «عيون التواريخ»، و«فوات الوفيات»، وسمع أيضاً من ابن الشحنة، وغيرهما من العلماء الأعلام الذين كانت تزخر بهم حلقات الدرس والمدارس العلمية العديدة في سائر أرجاء دمشق حينذاك. تمكن ابن شاكر الكتبي من الحصول على المعرفة من خلال مهنته التي أتقنها، ففي الوراقة ونسخ الكتب أتيحت له فرصٌ كبيرة للاطلاع على عددٍ كبيرٍ من الكتب، ومطالعتها، فحصل على كمٍ من المعلومات استفاد منه في مؤلفاته فيما بعد، ناهيك عما يُحصِّله من عمليات النسخ من معلومات، وقد عُرف عنه أنه ذو خط جيد وواضح، لذا أكبَّ الناس على الكتب التي كان يقوم بنسخها ورغبوا في اقتنائها، وعلى الرغم من كل ما أتيح له، إلا أنه لم يكن ممن امتلكوا ثقافاتٍ عالية، ومعلوماتٍ وافرة في كثيرٍ من العلوم السائرة في ذلك الزمن، بل ظلت ثقافته تنسيقية محدودة، فمعرفته باللغة والنحو كانت بسيطة وفق ما يتراءى من مطالعة كتابه «فوات الوفيات»، إذ يظهر بوضوح قلة اهتمامه بشكلٍ كبير بالأصول النحوية واللغوية. أولع ابن شاكر بمطالعة الكتب التاريخية، وأولى هذا الجانب مزيداً من العناية، لذا كان شديد النهم لمطالعتهابوجه خاص، فتوفرت له حصيلة معرفية كبيرة في هذا الميدان، أسهمت في مساعدته في تأليف كتبه فيها، وخاصة كتاب «عيون التواريخ» وغيره. ووضع ابن شاكر عدداً من المؤلفات، منها:
ـ «عيون التواريخ»: وهو كتابٌ في التاريخ، جعله مؤلفه على السنين، أي اتبع طريقة الحوليات التي عرفت لدى عددٍ كبيرٍ من المؤرخين العرب والمسلمين أمثال الطبري وابن كثير وغيرهما. وقد ذكر فيه الحوادث والوفيات حتى عام 760 هـ/1358م، أي قبل وفاته بأربع سنوات، وقد طبع منه عدة أجزاء متفرقة، وتجدر الإشارة إلى أن هناك تبايناً في تعداد مجلدات هذا الكتاب، ففي حين يذكر حاجي خليفة في كتابه «كشف الظنون» أنه في ست مجلدات، يشير صاحب هدية العارفين، إسماعيل باشا البغدادي، إلى أنه يقع في ثمانية وعشرين مجلداً، وقد ذكره ابن كثير فقال عنه: «وجمع تاريخاً مفيداً نحواً من عشر مجلدات». ويذكر حاجي خليفة أن ابن شاكر كان «يتبع خطوات ابن كثير في مؤلفه عيون التواريخ، وخاصة فيما يتعلق بالحوادث، وكثيراً ما ينقل منه صفحة فأكثر بحروفه» .
ـ «روضة الأزهار في حديقة الأشعار»، ذكره إسماعيل باشا البغدادي في كتاب هدية العارفين
ـ «فوات الوفيات» والذيل عليها: وهو من أكثر كتبه شهرةً وذيوعاً، ذاع صيته، وقد جمع فيه ابن شاكر مجموعةً كبيرة من التراجم، وأشار في مقدمته إلى الأسباب التي دعته لتأليف كتابه هذا فقال: إنه اطلع على كتاب ابن خلكان، وفيات الأعيان، فوجد أنه لم يذكر في حنايا الكتاب تراجم لأيٍ من الخلفاء، وأخلًّ بتراجم بعض فضلاء زمانه وجماعة ممن تقدم على أيامه، فأحب ابن شاكر أن يستدرك على ما وجده من خللٍ في الكتاب وفق تصوره، مع أن ابن خلكان سبق له أن أشار إلى أنه لن يترجم للخلفاء، وأنه لن يذكر فيه من لم يعرف سنة وفاته على وجه التحقيق. وقد أشار كلٌ من مُحَققي الكتاب: محي الدين عبد الحميد وإحسان عباس، أنه اعتمد في تأليف كتابه هذا على كتاب الصلاح الصفدي «الوافي بالوفيات» اعتماداً كبيراً، إذ قام باختيار عدد من تراجمه ونقل معلوماته باختصار، إلا أنه عمد إلى إضافة بعض الزيادات في المعلومات المدونة عن الأشخاص المترجم لهم تبدّت في المختارات الشعرية التي أضافها. وكان إنجازه للكتاب في العام 753هـ/1352م. طبع الكتاب في جزأين بالقاهرة، بتحقيق محي الدين عبد الحميد، وصدر في العام 1951م، كما قام إحسان عباس بإعادة تحقيقه، وأصدرته دار صادر ببيروت في أربع مجلدات.
عبد الله محمود حسين
(686 ـ 764هـ/1287 ـ 1362م)
محمد بن شاكر بن أحمد بن عبد الرحمن بن شاكر بن هارون بن شاكر، الملقب بصلاح الدين، وقيل فخر الدين، الداراني المولد، الدمشقي النشأة والحياة والوفاة، مؤرخ باحث، ولد في قرية داريا المجاورة لمدينة دمشق، ونشأ وترعرع وتعلّم وعمل في مدينة دمشق، كان على درجةٍ كبيرةٍ من البؤس والفقر، إلا أنه ما لبث أن تبدلت أحواله، وتحسنت أموره، بعد أن تعلّم الوراقة ونَسْخَ الكتب، وأتقنها أيما إتقان، فوفرت له دخلاً مناسباً وضع به حدّاً لفاقته، بل تمكن من تكوين ثروة. سمع من عددٍ من علماء دمشق الأعلام المشهورين في وقته، وكان معاصراً لعدد كبير من أشهر علماء الشام منهم: الأديب المؤرخ الكبير صلاح الدين الصفدي، والمؤرخ الفقيه شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد الذهبي، وشيخ الإسلام ابن تيمية وغيرهم، سمع ابن شاكر من الحافظ جمال الدين أبي الحجاج يوسف المزي، الذي ترجم له في كلٍ من كتابيه «عيون التواريخ»، و«فوات الوفيات»، وسمع أيضاً من ابن الشحنة، وغيرهما من العلماء الأعلام الذين كانت تزخر بهم حلقات الدرس والمدارس العلمية العديدة في سائر أرجاء دمشق حينذاك. تمكن ابن شاكر الكتبي من الحصول على المعرفة من خلال مهنته التي أتقنها، ففي الوراقة ونسخ الكتب أتيحت له فرصٌ كبيرة للاطلاع على عددٍ كبيرٍ من الكتب، ومطالعتها، فحصل على كمٍ من المعلومات استفاد منه في مؤلفاته فيما بعد، ناهيك عما يُحصِّله من عمليات النسخ من معلومات، وقد عُرف عنه أنه ذو خط جيد وواضح، لذا أكبَّ الناس على الكتب التي كان يقوم بنسخها ورغبوا في اقتنائها، وعلى الرغم من كل ما أتيح له، إلا أنه لم يكن ممن امتلكوا ثقافاتٍ عالية، ومعلوماتٍ وافرة في كثيرٍ من العلوم السائرة في ذلك الزمن، بل ظلت ثقافته تنسيقية محدودة، فمعرفته باللغة والنحو كانت بسيطة وفق ما يتراءى من مطالعة كتابه «فوات الوفيات»، إذ يظهر بوضوح قلة اهتمامه بشكلٍ كبير بالأصول النحوية واللغوية. أولع ابن شاكر بمطالعة الكتب التاريخية، وأولى هذا الجانب مزيداً من العناية، لذا كان شديد النهم لمطالعتهابوجه خاص، فتوفرت له حصيلة معرفية كبيرة في هذا الميدان، أسهمت في مساعدته في تأليف كتبه فيها، وخاصة كتاب «عيون التواريخ» وغيره. ووضع ابن شاكر عدداً من المؤلفات، منها:
ـ «عيون التواريخ»: وهو كتابٌ في التاريخ، جعله مؤلفه على السنين، أي اتبع طريقة الحوليات التي عرفت لدى عددٍ كبيرٍ من المؤرخين العرب والمسلمين أمثال الطبري وابن كثير وغيرهما. وقد ذكر فيه الحوادث والوفيات حتى عام 760 هـ/1358م، أي قبل وفاته بأربع سنوات، وقد طبع منه عدة أجزاء متفرقة، وتجدر الإشارة إلى أن هناك تبايناً في تعداد مجلدات هذا الكتاب، ففي حين يذكر حاجي خليفة في كتابه «كشف الظنون» أنه في ست مجلدات، يشير صاحب هدية العارفين، إسماعيل باشا البغدادي، إلى أنه يقع في ثمانية وعشرين مجلداً، وقد ذكره ابن كثير فقال عنه: «وجمع تاريخاً مفيداً نحواً من عشر مجلدات». ويذكر حاجي خليفة أن ابن شاكر كان «يتبع خطوات ابن كثير في مؤلفه عيون التواريخ، وخاصة فيما يتعلق بالحوادث، وكثيراً ما ينقل منه صفحة فأكثر بحروفه» .
ـ «روضة الأزهار في حديقة الأشعار»، ذكره إسماعيل باشا البغدادي في كتاب هدية العارفين
ـ «فوات الوفيات» والذيل عليها: وهو من أكثر كتبه شهرةً وذيوعاً، ذاع صيته، وقد جمع فيه ابن شاكر مجموعةً كبيرة من التراجم، وأشار في مقدمته إلى الأسباب التي دعته لتأليف كتابه هذا فقال: إنه اطلع على كتاب ابن خلكان، وفيات الأعيان، فوجد أنه لم يذكر في حنايا الكتاب تراجم لأيٍ من الخلفاء، وأخلًّ بتراجم بعض فضلاء زمانه وجماعة ممن تقدم على أيامه، فأحب ابن شاكر أن يستدرك على ما وجده من خللٍ في الكتاب وفق تصوره، مع أن ابن خلكان سبق له أن أشار إلى أنه لن يترجم للخلفاء، وأنه لن يذكر فيه من لم يعرف سنة وفاته على وجه التحقيق. وقد أشار كلٌ من مُحَققي الكتاب: محي الدين عبد الحميد وإحسان عباس، أنه اعتمد في تأليف كتابه هذا على كتاب الصلاح الصفدي «الوافي بالوفيات» اعتماداً كبيراً، إذ قام باختيار عدد من تراجمه ونقل معلوماته باختصار، إلا أنه عمد إلى إضافة بعض الزيادات في المعلومات المدونة عن الأشخاص المترجم لهم تبدّت في المختارات الشعرية التي أضافها. وكان إنجازه للكتاب في العام 753هـ/1352م. طبع الكتاب في جزأين بالقاهرة، بتحقيق محي الدين عبد الحميد، وصدر في العام 1951م، كما قام إحسان عباس بإعادة تحقيقه، وأصدرته دار صادر ببيروت في أربع مجلدات.
عبد الله محمود حسين