الشهبندر (عبد الرحمن-)Al-Shahbandar (Abd al-Rahmanطبيب وخطيب وسياسي ووطني متنور،

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الشهبندر (عبد الرحمن-)Al-Shahbandar (Abd al-Rahmanطبيب وخطيب وسياسي ووطني متنور،

    الشهبندر (عبد الرحمن ـ)
    (1879 ـ 1940)
    عبد الرحمن الشهبندر طبيب وخطيب وسياسي ووطني متنور، ورئيس حزب الشعب الذي أسسه في الخامس من حزيران عام 1925، وكانت غاية هذا الحزب العمل من أجل استقلال سورية ووحدتها، وانتخاب مجلس تأسيسي انتخاباً حراً لسن دستور للبلاد، وقيام حكومة دستورية تضع أسس العلاقات بين سورية وفرنسة، مع المحافظة على حقوق البلاد ومصالح فرنسا في وقت واحد.
    ولد عبد الرحمن الشهبندر في دمشق، لأسرة تعمل في التجارة، وتوفي والده وعمره ست سنوات، فربته أمه، تلقى دراسته الابتدائية والإعدادية في إحدى مدارس دمشق الرسمية، والثانوية في القسم الاستعدادي التابع لجامعة بيروت الأمريكية الذي نال منه شهادة عام 1901، وكان خطيب الجمعية العربية في هذه الجامعة، وقد اختار موضوع «الاجتهاد والتقليد الاجتماعي والديني» عنواناً لخطبته التي حمل فيها على الجمود بأنواعه.
    اقتيد عام 1902 إلى المحاكم بتهمة اشتراكه في الحركة الإصلاحية، وتأليف رسالة عن الفقه والتصوف، وكتابة مقال في جريدة «المقطم» في موضوع خلافة السلطان عبد الحميد الثاني، ولكن صغر سنه أنقذه من السجن وربما من الموت. فعاد بعد هذه الحادثة إلى الجامعة الأمريكية لمواصلة دراسة الطب حتى تخرج عام 1906، وطلب منه أن يلقي خطبة حفلة التخرج، فاختار موضوع «التسامح الديني» الذي حمل فيه على التعصب حملة شعواء، ولتفوقه وألمعيته عينته الجامعة في تلك السنة أستاذاً فيها وطبيباً لتلامذتها.
    في عام 1908 عاد إلى دمشق واتصل بالشيخ عبد الحميد الزهراوي (1871ـ 1916) وبأحرار الأتراك الذين أسهم معهم في الانقلاب العثماني على السلطان عبد الحميد، وانضم إلى الهيئة المركزية لحزب «الاتحاد والترقي» الذي تأسس بعد إعلان الدستور، فلما رأى أن سياسته اتجهت إلى تتريك العناصر العربية ناوأه بشدة، وأخذ يطالب بحقوق العرب القومية.
    في عام 1912 سافر إلى أوربا لطلب المزيد من العلم والاشتغال في السياسة، ولما عاد إلى سورية انتظم في سلك الجندية ضابطاً في الجيش العثماني الذي سافر من سورية ليشارك في حرب البلقان.
    في عام 1915 عين طبيباً خاصاً لأحمد جمال باشا القائد التركي العام للجيش العثماني في بلاد الشام، وحين شعر بنية الغدر بأبناء العرب غادر سورية عن طريق بادية الشام إلى العراق فالهند حتى بلغ القاهرة عام 1916، فعينته السلطة الإنكليزية طبيباً لمعسكرات الأسرى، وفي تلك السنة أسهم في تنظيم الثورة العربية الكبرى التي بدأت في الحجاز بقيادة الشريف حسين، وأصدر مع بعض إخوانه في القاهرة جريدة «الكوكب».
    في عام 1918 أسهم مع نخبة من رجالات سورية ولبنان الأحرار في تأسيس حزب «الاتحاد السوري» في القاهرة، من أجل الدفاع عن القضية السورية، وانتخب الأمير ميشيل لطف الله اللبناني الأصل رئيساً له، والشيخ رشيد رضا وكيلاً، وعبد الرحمن الشهبندر وسليم سركيس سكرتيرين، وانضم إليه كل من رفيق العظم، والشيخ كامل القصاب، وخالد الحكيم، وفوزي البكري، ومختار الصلح، وحسن حمادة... وأُسس له فرع في دمشق وقف من الحكومة وحزب «الفتاة» موقف المعارضة، وقد استمر هذا الحزب في القاهرة إلى ما بعد وقوع معركة ميسلون 1920.
    كان من أهداف حزب «الاتحاد السوري» تكوين دولة سورية بوحدتها القومية من طوروس شمالاً إلى العقبة جنوباً، ومن الفرات والصحراء شرقاً إلى البحر المتوسط غرباً، على أن تكون مستقلة استقلالاً تاماً بضمانة جمعية الأمم المتحدة، وتحكمها حكومة ديموقراطية على مبدأ اللامركزية بقوانين مدنية، ومقرها دمشق صيفاً وبيروت شتاء، مع وجوب توحيد برامج التعليم وقبول الانضمام إلى الوحدة العربية عند قيامها، مع المحافظة على كيان البلاد القومي.
    في عام 1919 نال مع إخوانه تصريحاً من بريطانيا باستقلال البلاد التي يدخلها الجيش العربي، وكان لهذا التصريح الذي يُعد أخطر تصريح أصدرته بريطانيا، شأن كبير في التطورات السياسية التي أعقبت الحرب العالمية الأولى.
    عاد الشهبندر عام 1919 إلى دمشق بعد غياب طويل عنها، فكان من أوائل من عينتهم الجامعة السورية أستاذاً في كلية الطب وكلية الحقوق، وحين دخل الملك فيصل دمشق عام 1920، وعقد المؤتمر السوري وأعلن استقلال سورية ونودي بفيصل ملكاً عليها، عين الشهبندر وزيراً للخارجية، فحشد الفرنسيون جيشاً كبيراً قوامه مئة ألف جندي في ميسلون، وهاجموا دمشق، فاستشهد وزير الحربية يوسف العظمة وقبض على بقية الوزراء وحوكموا، وحكم عليهم بالسجن المؤبد في جزيرة أرواد، ومنهم الشهبندر.
    بعد قيام الاحتلال خرج الشهبندر من دمشق فأقام في القاهرة سنة، عاد بعدها إلى سورية، وأخذ في تنظيم البلاد سياسياً واجتماعياً، إلا أن الفرنسيين قبضوا عليه مع عدد من رجالات سورية المعروفين بوطنيتهم، وحكموا عليه بالسجن عشرين عاماً، إلا أنهم أطلقوا سراحه في 12/10/1923 بعد عشرين شهراً، فسافر إلى أوربا وأمريكا للدفاع عن قضية بلاده.
    حين نشبت الثورة السورية عام 1925 عاد إلى دمشق، ونظم مع المجاهدين في جبل العرب الثورة في سبيل حرية سورية واستقلالها، وكاد الفرنسيون يقبضون عليه، لكنه هرب إلى جبل العرب ومنه إلى شرقي الأردن فالقاهرة، ولما وصل إليها عام 1927 عمل من هناك على خدمة وطنه بقلمه ولسانه، وكانت له اليد الطولى في إرسال بعض المحامين البريطانيين للدفاع عن فلسطين، كما سافر إلى أوربا وأمريكا لخدمة القضية الفلسطينية.
    عاد عام 1937 إلى سورية نهائياً تاركاً زوجته وأولاده في مصر لمتابعة دراستهم، واستقر في دمشق، حيث افتتح عيادة للطب، وبينما كان في عيادته دخل عليه ثلاثة أشخاص من الرجعيين المتزمتين وأطلقوا عليه النار فأردوه قتيلاً، لأنه كان في زعمهم يدعو إلى التنوير والتقدم واتباع الشيخ محمد عبده، فألقي القبض عليهم وحوكموا وأعدموا شنقاً.
    كان الشهبندر عربي النزعة، معادياً للأتراك، ولسياسة اتفاق العرب معهم، مناوئاً للاستعمار الأجنبي في الوطن العربي عامة وسورية خاصة، كما كان طوال حياته يميل إلى التسامح ونبذ التعصب والإعراض عن العنف والجنوح إلى السلم.
    وكان يحسن الترجمة عن الإنكليزية، فنقل عنها كتاب «في السياسة الدولية» لديزل بورنس، ونشره عام 1925 وكتب مقالات في مجلتي المقتطف والهلال، جمع بعضها في كتاب «القضايا العربية الكبرى». وقد صدرت مذكراته بعد وفاته، وكتب عنه محمد كرد علي فصلاً مطولاً في الجزء الثاني من مذكراته.
    عيسى فتوح

يعمل...
X