تنكر - عاشور مسعود
ديكور ومناظر / علي القويري - رمضان بعيو
إدارة مسرحية / محمد السنوسي.
اضاءة / حسين القرقني.
ساعد في الإخراج / عبدالكريم الدناع
أما من جسدت صوت المرأة في عرض المهرجان في طرابلس «تسجيل صوت» فهي الفنانة المصرية / نادية السبع ، أما في عروض الجزائر فقد تمت الاستعانة بإحدى الأخوات المصريات «سمية» لتجسيد شخصية المرأة وجاءت مسرحية (باطل الأباطيل) والتي قدمتها الفرقة ضمن نشاطها سنة ١٩٧٢ كجزء ثان ومكمل لأحداث مسرحيتها السابقة وهي (دوائر الرفض والسقوط) ولعلها من الأعمال المسرحية القليلة التي تتعدد فيها أجزاء العمل المسرحي ، ليس في ليبيا فحسب بل على مستوى الوطن العربي ، أما مدى توفيق الكاتب في ذلك من عدمه فهو ليس مجال حديثنا ، الذي يقتصر على رصد وتتبع ما قدم من أعمال مسرحية .
قدمت الفرقة عرضها الأول لهذه المسرحية على خشبة مسرح الكشاف بطرابلس يوم الخميس الموافق ٨-٦-١٩٧٢ ، أما عرضها الثاني والأخير فكان على مسرح دار عرض مصراته يوم ٢٩-٦-١٩٧٢ ، ورغم قلة العروض ، لم يبخل عليها النقاد والصحفيون بالتتبع النقدي ، وربما لو تعددت عروضها لاحظت بإقبال جماهيري واحتفاء نقدي أكبر ، ومن خلال الإطلاع على ما ورد في بعض المقالات التي تناولت هذين العرضين ، نلمس اختلاف وجهات النظر ، بين كاتب وآخر ، مما يدل على ثراء هذا العمل ليس من بين الأعمال المسرحية المطبوعة للمؤلف - ففي صحيفة الاسبوع الثقافي الصادرة يوم الثلاثاء ٨ من جمادى الثانية ١٣٩٢ هجري الذي يوافق ١٩-٦-١٩٧٢ وعلى الصفحتين (١٠-١١) مقعد بين صفوف الجماهير وتحت عنوان : باطل الأباطيل .. رؤيا صادقة ولكنها من وراء منظار قاتم قال فيه كاتبه الذي لم يذكر اسمه (.. باطل الأباطيل )عنيفة مريرة منذ بدايتها ... لعنات ونقمة كلمات كألسنة اللهب .. فالرجل الناقم في أول المسرحية - وأظنه لسان حال المؤلف - يستعجل السماء صاعقة تنسف العالم من التحيط إلى الخليج . وعثمان الرجل المأزوم بجرح في قلبه وتاريخ أمته عندما يسمع كلمة هتلر يتمنى أن يبعث ليحرق اليهود ... وهذا الرجل أيضا طلق زوجته ثلاث مرات عقب كل هزيمة منيت بها أمته ، ويريد أن يردها ولاتجد حلا لذلك إلا في المحلل .. كلمات كثيرة متناثرة على ألسنة الممثلين قد تكون .. صادقة لكنها شديدة القتامة فالمؤلف ينظر إلى ما حوله من خلف منظار حالك السواد ويمسك يده قلماً ينزف مرارة وأسى ويقطر يأساً وقنوطا ... يحاول أن يسطر به كل احساساته المريرة .. كل ما يعتمل في داخله .. في محاولة للكشف والتعرية .. حقيقي أن المواجهة بالواقع المرّ مطلوبة ... وحقيقي أن المكاشفة بالآلم الذي يعتصر قلوبنا واجبة .. أننا بطبيعة الحال لم نتوقف بعد عن المسيرة .. ومادمنا أحياء فلابد أن يكون هناك أمل .. أقل أمل نهتدى بنوره ، ونحاول حتى ونحن نتعثر الاقتراب منه .. أعتقد لو أن المؤلف استبعد فكرة الربط بين باطل الأباطيل ومسرحيته الأولى وكتبها على هذا الأساس لكان هذا أفضل للعمل دراميا لأن عملية الربط هذه كانت ضعيفة وغير مقنعة فقد بنى المؤلف مسرحيته الأولى على فكرة محددة وحادثة لها أبعاد أما في المسرحية الثانية «موضوع فقدنا» فلم نر إلا مجرد إطار عام حاول أن يشحنه بانفعالات وقذائف من نار ...) أما عن التامثيل والإخراج فقال (.. المخرج عبدالله الزروق يحب المسرح وكثيراً ما ضحى من أجله وقد حاول أن يعطينا كل ما عنده في حدود خبرته التي استطاع أن يحصلها نتيجة تجاربه واطلاعاته الخاصة .. في ظني أن يوسف خشيم ممثل دور «الحاكم مراد» هو بطل المسرحية فقد استطاع بآدائه المعبر وبحضوره على المسرح أن ينقلنا بين شتى الانفعالات والعواطف ...) كما نوه بالممثلين الآخرين وما قدمو ه من جهد.
وفي سنة ١٩٧٣ شرعت الفرقة في إجراء تدريباتها على مسرحية (محاكمة رجل مجهول) تأليف / عزالدين إسماعيل ومن إخراج الفنان المصري / سليمان محمد عبدالهادي والمنتدب للعمل بالفرقة ، وقدم عرضها الأول على خشبة دار عرض مصراته ، وشاركت بها الفرقة في المهرجان الوطني الثاني وقدم العرض يوم ١٥-١٢-١٩٧٣ ، كما شاركت بعرضها الفرقة ضمن فعاليات مهرجان أسبوع الفنان الكبير «بشير فهمي» وورد مقال بصحيفة البلاغ الصفحة ٧ كتبه / خليل الزوي / حول محاكمة رجل مجهول يقول فيه .. كانت المسرحية في مستوى طيب وفرقة مصراته من الفرق المسرحية التي أعطت للمسرح أعمالاً جيدة .. هذه المسرحية محاولة من كاتبها لتعرية الزيف في عادلة العالم المتعفن .. محاولة لفضح أساليب القضاء على الإنسان الشريف .. النص جيد..ومتكامل البناء .. والحوار مترابط بشكل يدل على أن مؤلفنا هذا من المسرحيين الأوائل ... الأداء التمثيلي كان رائعاً .. وإن كانت هذه الكلمة ليست تقييماً حقيقياً للأداء ولكن هذا ما يمكن قوله باختصار ، الإضاءة جيدة وكانت مطابقة للحركة المسرحية ، الحركة المسرحية واضح أن المخرج له تجربة سابقة فالحركة المسرحية كانت جزءاً هاما من تجسيد النص على خشبة المسرح...) كما لم يغفل الكاتب على أن يذكر بعض الملاحظات على العرض من بينها أنه عند انتقال الممثلين لتجسيد شخصيات تاريخية (معاوية والحجاج) نسوا أن يخلعوا الساعات ... أو أستعمال أواني البلاستيك في تلك العصور !
وخاضت فرقة المسرح الوطني تجربتها الثانية في تقديم الأعمال الاجتماعية الشعبية باللهجة المحلية ، عندما قدمت مسرحيتها (ما يصح إلا الصحيح) وذلك سنة ١٩٧٣ وهي تأليف وإخراج جماعي ، عالجت بعض القضايا الاجتماعية مثل الاستغلال والطمع والتسلط والروتين الإداري ، وعرضت لمرتين الأولى على خشبة دار عرض مصراته والثانية بمنطقة تاورغاء ، ثم بدأت الفرقة استعدادها لتقديم الملحمة الجهادية التاريخية مسرحية (سعدون) من خلال استعراض ملامح من حياة البطل الشهيد (محمد سعدون السويحلي) وقدمتها في موسمها لسنة ١٩٧٤ هي من تأليف الكاتب / عبدالكريم الدناع ومن إخراج سليمان عبدالهادي.
وفي نفس السنة أصدر الأخ وكيل وزارة الإعلام والثقافة قراراً مؤرخاً في ٧-٤-١٩٧٣ تم بمقتضاه إعادة تنظيم المسارح الوطنية على مستوى ليبيا ، وتشكلت لجنة لهذا الغرض، اختارت لجنة جديدة لإدارة المسرح الوطني بمصراته على رأسها الفنان / خليفة البكباك ، وقدم العرض الأول من مسرحية (سعدون) تحت إدارتها ، ثم تغيرت لجنة الإدارة ليعود لتسييرها الفنان عبداالله الدناع ويعود بعض الفنانين للالتحاق بالفرقة مجددا بعد أن كانوا قد تركوها ، وقدم لهذه المسرحية العديد من العروض داخل مصراته وخارجها ، وكان أحدها في افتتاح الأكاديمية الجوية مصراته ، حضره عدد من المجاهدين ممن شاركوا هذا البطل خوض معارك الجهاد ، وشارك في تجسيد أدوار هذا العمل كل ممثلين الفرقة أما الأدوار النسائية ، فقد جسدتها كل من الأختين فايزة رجب - وكريمة إحدى الأخوات المصريات .
أما في سنة ١٩٧٥ فقدمت الفرقة المسرحية مسرحية (القضية) وهي من إعداد الكاتب عبدالكريم الدناع عن مسرحيتي «الدخان و الزجاج» للكاتب المصري المعروف / ميخائيل رومان ، ومن إخراج / سليمان عبدالهادي وهي مسرحية تتناول بعض القضايا الاجتماعية وتم إعدادها باللهجة المحلية وقدم لها عرض واحد فقط على خشبة دار عرض الفاتح وقد مثل شخصياتها / يوسف خشيم ، يوسف حيدر ، فايزة رجب ، محمد الدلفاق ، الهادي الشريف ، علي النحائسي ، مصطفي تنتون وآخرون.
وتكون مسرحية (العاشق) من تأليف الكاتب / عبدالكريم الدناع ومن إخراج شوقي نعمان أحد المدرسين المصريين العاملين بقطاع التعليم بمصراته وساعده في ذلك الفنان / محمد الزعلوك هي آخر الأعمال المسرحية التي قدمتها هذه الفرقة قبل توقفها وقدمت سنة ١٩٧٦ وكان أول عرض لها على مسرح دار عرض مصراته ثم أقيم لها عرض بمدينة طرابلس بنفس السنة على خشبة مسرح الكشاف وقامت الإذاعة المرئية الليبية بتصويره ويعد أول عمل مسرحي يتم تصويره بالألوان محليا ، حدث ذلك عندما كانت الإذاعة المرئية تجري تجاربها على هذا النظام الجديد في البث حينذاك ، فكلفت الفنان المرحوم / محمد الساحلي بإخراجه مرئياً ، إلا أنه أعتذر لأسباب فنية ، من بينها عدم حضوره لأي تجارب أو عرض لهذه المسرحية سابقاً ، ولكن وجود المخرج/ خالد خشيم في صالة العرض أنقذ الموقف ، فقام بإخراج العمل مرئياً بالتعاون مع الطاقم الفني للعرض المسرحي .
وقبل أن ننهي هذا الحديث عن مسيرة فرقة المسرح الوطني ، وما لعبته من دور فاعل في إثراء وتطوير الحركة المسرحية ، في فترة زمنية وأن بدت قصيرة - سبع سنوات وبضعة أشهر - ولكنها تميزت بالعطاء المتواصل وعمق التجربة ، مما أكسب العاملين بها والمنتمين إليها خبرة في هذا المجال ، فهي قد احتضنت جل المهتمين بالمسرح داخل المدينة ، ليقدموا من خلالها أغلب الأعمال المسرحية التي شهدتها مسارح المدينة بعد أن توقفت الأنشطة الفنية التي تقدمها بعض الجهات الاخرى وتجدر الإشارة في الختام إلى نقطتين :-
الأولى - أن المسرح ، ومنذ بداية السبعينيات أصبح أكثر تنظيماً ونشاطاً ، بعد أن تم اعتماده كمهرجان تسابقي على مستوى ليبيا يحظى بالدعم والرعاية ، مما حفز على مزيد من الاهتمام بهذا النشاط وساهم بالتالي في اكتشاف المواهب وصقلها ، وقد كان لمشاركة الفريق المسرحي المدرسي بمصراته في هذا المهرجان ومنذ بدايته ، دور متميز توج بالحصول على تراتيب متقدمة وجوائز ، مما دفع ببعض العناصر المنتمية إليه للاستمرار في ممارسة هذا الفن ، حتى بعد التحاقهم بالدراسة في المرحلة الجامعية في بنغازي ، فقد كان من بين أبرز نشطاء فرقة المسرح الجامعي : منصور أبوشناف - يونس لملوم - يوسف الغزال - عبدالباسط القذافي - حسن الليبيدي ، كما أنضم بعضهم إلى فرقة المسرح الوطني ببنغازي ، وقدموا من خلالها بعض الأعمال المسرحية .. وكان بعضهم قد انتسب وفي مرحلة مبكرة إلى فرقة المسرح الوطني بمصراته ، حيث تطالعنا اسماء / منصور ابوشناف - عزالدين المنتصر - يوسف حيدر - عبدالباسط القذافي ، وهذا اكسبهم خبرة ساهمت في تطورهم واستمرارهم فيما بعد .
الثانية / إن الفرقة ومنذ أواخر سنة ١٩٧٣ شرعت في تكوين فرقة للأشبال ، انضم إليها عدد من الشباب وأقيمت لهم دورة في فنون المسرح ، أشرف عليها المخرج / سليمان عبدالهادي بتكليف من إدارة الفرقة ، وقدمت هذه الفرقة الناشئة أول أعمالها المسرحية وهي مسرحية (على ضفاف اليرموك) سنة ١٩٧٤ من إخراج سليمان عبدالهادي ،وكان أول عرض لها على مسرح المدرسة الثانوية بنين ، كما قدم لها عروض في مدن (زليتن - الخمس - طرابلس) وقدمت نفس الفرقة عملها الثاني ، وهي مسرحية (حياة) لنفس المخرج وقد أختير عدد من أنتسب إلى هذه الفرقة الناشئة للقيام ببعض الأدوار في مسرحيتي (سعدون - والعاشق) لكن بتوقف الفرقة الأم ، توقفت فرقة الأشبال ، وانتهت تجربة بدأت ولكنها لم تستمر طويلاً ، بل أن أغلب المنتمين إليها توقفوا عن تقديم أي نشاط مسرحي منذ ذلك التاريخ .
وقد حاول عدد من المهتمين بالشأن المسرحي داخل المدينة ، وبعد سنوات من التوقف ، إعادة احياء فرقة المسرح الوطني بمصراته وإعادتها إلى نشاطها مجددا ، ومن بينها محاولة قام بها قطاع الإعلام بمصراته سنة ١٩٨١، عندما قام بتكوين فرقة قدمت عملاً مسرحياً واحداً وهو (قضيتي تحت جبل من ثلج) من تأليف وإخراج / سعيد محمد مسعود قدم لها عرضين الأول على مسرح الهندسة التطبيقية ، والآخر على مسرح دار عرض الفاتح ، ثم توقفت عن تقديم أي نشاط واشترك في تقديم هذا العمل الفنانون :-
عبدالله كرواد - محمد الدنقلي - فرج التير - محمد اشويشوة - سعيد محمد مسعود ، وعدد من طلبة معهد الفاتح لإعداد المدربين بمصراته .
كما أن هناك محاول أخرى سنة ١٩٨٨، حيث أصدر الأخ / أمين اللجنة الشعبية لبلدية خليج سرت قراره رقم ٢٤ لسنة ١٩٨٨ بشأن تكوين فرقة للمسرح الوطني . وتم تكليف الفنان / عبدالله الدناع أميناً لإداراتها واجتمع عدد من الأعضاء وشرعوا في التدريبات على مسرحية (سعدون) من تأليف الكاتب / عبدالكريم الدناع ، وأسند إخراجها إلى الفنان / خالد مصطفى خشيم ولكن بعض الظروف حالت دون الاستمرار فلم تعرض المسرحية .
وبعد غياب ١٣ سنة ، عادت الفرقة سنة ١٩٨٩ لتظهر تحت اسم جديد ، وهو فرقة (المسرح الجماهيري) ولكن بأعضاء غير دائمين وفي نشاط غير متواصل ولذلك حديث آخر .
ومن جراء هذا التوقف ، فقدت الساحة الفنية بمصراته - بكل أسف - عددا من الفنانين المسرحيين تمتعوا بالخبرة والتجربة ، وكان لهم دورهم الفاعل في إثراء الحركة المسرحية . وكان بقاؤهم واستمرارهم لاشك سيساهم في مزيد تفعيل الحركة المسرحية وإكسابها مزيدا من الثقة والفاعلية ، ويحدث بالتالي تواصلا بين الأجيال يثرى هذه الحركة ويفعلها ،وقد حاول من بقى في الساحة من فناني المسرح الوطني ، تعويض ذلك من خلال تعاونهم مع الفرق الأهلية العاملة في ما تقدمه من مسرحيات.