مسرحية الغول
بقلم / أبوالقاسم فرنانة
مسرحية الغول
تأليف:محمد صبري
إخراج:حسن قرفال
المسرحية مطبوعة بالحاسوب وعدد صفحاتها "28"صفحة من حجم "a"
وشخصياتها:الأب،الأم،الابن،المراسل،الغول.
زمن العرض "51دقيقة"
وقد عرضت عام "2004"على مسرح الكشاف
حكاية النص:
هي حكاية لأسرة متكونة من ثلاثة أفراد حوصروا داخل البيت بسبب الغول الذي ظهر في المدينة ويحاصر سكانها،تصاب العائلة بالخوف والفزع خوفاً من اقتحام الغول بيتهم يتم إقفال الأبواب والنوافذ وبسبب هذا الحصار ينفد الغذاء من البيت حتى أصيب أفراد العائلة بالجوع،وعندما لم يجدوا شيئاً يأكلونه إلا قطة ميتة يتم تقاسمها بينهم وهنا يبدأ الصراع من يأخذ حصة أكبر.
يصل الصراع إلى درجة الشك بين أفراد الأسرة الواحدة فقد يكون كل واحد منهم قد أخفى عن الآخر جزءا من هذه الغنيمة.
تخرج الزوجة من البيت لجلب بعض الأشياء وعندما تعود يخاف الزوج منها ويظن أن الغول قد تلبسها فلا يفتح لها الباب حتى تضطر إلى الدخول من الباب الخلفي وتنزل من العلية وتدخل فيشك الزوج في أمرها وتزداد مخاوفه منها ويظن أنها ستقتله وهي تشعر بنفس الحالة فتبدأ المعركة بينهما فيتمكن الزوج من قتل زوجته.يظهر الغول بصورة الابن فيعلن للأب من إنه قتل زوجته ولم يقتل الغول كما يظن وإنما الغول لايزال حيا فيكشف له عن نفسه،بأنه هو الغول،وجاء ليقتله ويبدأ الصراع حتى يتمكن الغول من قتل الأب وبعدها يقتل المراسل الغول وتنتهي حكاية النص.
حكاية العرض:
أما بالنسبة لحكاية العرض فقد تمثلت في ماقدّمه المخرج من صور أراد بها إيصال مضامين ودلالات حيث حاول المخرج أن يعطيها شكلا غريبا معتمدا على عملية الإدهاش والمفاجأة من خلال حركة الأبطال المعتادة وصراخهم المستمر وتمثل في الإضاءة المعتمة التي لاتكشف عن التكوينات بصورة واضحة،فالشخصيات تتحرك،تجلس،تقف،تراقب وهي أيضاً محافظة على هاجس الخوف والاستكانة والرعب ولهذا جاءت الشخصيات موزعة على ثلاثة مستويات المستوى:الأول الغول،المستوى الثاني:الأب والأم والابن الذين يمثلون رمزا دلاليا للعائلة الكبيرة والمتمثلة في المجتمع وهنا أي المجتمع كان غير محدد المكان فيمكن تطبيقه على أي مجتمع"فهذا العمل إنساني لايخص منطقة بذاتها".
أما المستوى الثالث فيتمثل في المراسل الذي يمثل خيط الوصل وأيضاً "المايسترو"والربط بين الشخصيات وهو في الوقت ذاته خيط الربط بين ما يقع في الداخل والخارج وبذلك أخذ دور محرك الأحداث والمعلق عليها.
إن ثبات المكان الداخلي والخارجي لايعني ثبات الشخصيات ففي الداخل هناك انهيارات تنتهي بالقتل،وبينما في الخارج الغول ثابت في مكانه لكنه متغير في اتجاهه وكأنه يؤدي فعل المنحوتة كونها تعكس الحركة غير المتحركة،وبهذا استفاد المخرج من نظام النحت وأدخله ضمن تشكيل"سينوغرافيا"العرض،وينتهي العرض بتلبس شخصية الغول وكأنه جن يدخل تحت جلد الشخصيات فيتلبّسها.
إن الشر متمثل في الغول دال لمدلول المتغيرات الهائلة في الحياة المعاصرة "فهو عندي يمثل الهيمنة،العولمة،الشركات الاحتكارية،الغزو الثقافي".
وعزز العرض ذلك من خلال شبحية الأبطال وهم يتحركون وسريان الموت والقتل والاستباحة للإنسان والحياة.
التكوين التشكيلي للعرض:
تكوين المنظر:
افترض مخرج العرض من خلال "السينوغرافيا"أن هناك مستويين من المكان الأول هو المكان الداخلي الممثل في تكوين المنظر الداخلي يشكله البيت مكان الأكل أو المطبخ قطع الأثاث البسيطة ثلاثة كراسي،طاولة ونافذة ساعة حائط مشروخة سلم مزدوج ومدرجات تصل الداخل بالخارج.
أما المستوى الثاني للمنظر متخيل فقد اعتمد فيه المخرج على مايمكن أن توحي به الشخصيات وما تنقله عن المكان الخارجي القريب،وبالتالي ساهم بتحديد نوع من الصراع المكاني من خلال التكوين الأول والثاني فالمكان الخارجي يشكل تهديدا ساخرا للأبطال من خلال الأصوات والصور المفزعة لشخصيات مقتولة ومعلقة والتي تظهر بشاعة مايحدث في الخارج من عمليات القتل والسطوة والهيمنة وهذا أدى اكتساح الخارج للداخل وبالتالي ينعكس على شكل أفكار معلقة بالخارج.
تكوين الإضاءة:
من خلال العرض حاول المخرج أن يضفي شكلا مميزا من خلال اعتماده على عملية التعميم وعدم وضوح الأشياء والشخصيات والمكان لذلك ظهر اللون الأحمر والأزرق باعتبارهما لونين مضادين يختزلان فكرة الصراع بين عالمين ممثلا بالعائلة والغول لهذا جاء العرض بكثافة ضوئية محدودة ومركزة الاستخدام واقتصرت على الألوان التي تزيد من تشويه أو تغيير وإخفاء الملامح المحدودة للأبطال مما يساعد على إخفاء الكثير من ملامحها وزيادة حدة إخفاء ماسيحدث فضلاً لاستخدامه اللون الأزرق والأحمر وهما لونان متناقضان،وكانت إضاءة العرض إضاءة بسيطة للغاية للإيحاء بظلمة المكان تأكيدا لهاجس الخوف فاللون لم يكن ساطعا ولم تستخدم الإضاءة الفيضية وإنما بقع حادة المساقط لتعطي جوا مشحونا بالترقب،وهذا الأمر ساهم جمالياً في زيادة التداخل بين مايحدث في الخارج وانعكاسه على مايحدث في الداخل وبالتالي انعكس الأمر بعدم وضوح ملامح المنظر الداخلي.
وهذه تأثيرات الصورة التشكيلية الانطباعية التي تحاول أن تجعل اللون أساس العملية الفنية ولهذا اختفت تلك الملامح التفصيلية في اللوحة التشكيلية وكذلك الحال في هذا العرض حيث تم استخدام الفضاء المسرحي من خلال التركيز على بعض البقع الضوئية لتغيير ملامح المكان وبالتالي حصر الشخصيات وكأنها تسبح في الظلام.
التكوين المتخيل:
من خلال تفاعلات الأحداث والتوجسات المتعددة التي تنتاب الزوج مرتابا في زوجته كون الغول قد تلبسهما،فيتوجس الأب،الزوج خوفا وظنا بأنها ستقتله فتجتاحه أفكار متضاربة ومتوجسة فأصبح ينظر إلى الواقع بصورة مغايرة لهذا يظهر المخرج تلك الأفكار المطموسة من خلال عرض صورة الزوجة كما يراها زوجها حيث يظهرها في عرض اللوحة الخلفية صورا بشعة مشوهة وبالمعنى نفسه أبرز المخرج نفس الهواجس في عقل الزوجة وكيف ترى زوجها فتظهر لنا الصورة المعروضة وجه الزوج مشوها ومقززا هذه الخواطر شكّلت تكوينا في لحظة من لحظات العرض فجاء تعبيرا عن حالات الهلوسة التي أصابت كلا الشخصيتين.
تكوين الأب والأم والابن:
الزوج والزوجة والابن يجلسون حول مائدة الطعام حيث يبدو المشهد واقعيا ولكن الإضاءة تضفي عليه مسحة من الغرابة والضبابية فالإضاءة الحمراء عبّرت عن الجو المشحون وصدام الحياة جاء تعبيرا على حالة الصدام داخل الأسرة وإن كانوا يتناولون الطعام ولكن في النهاية يرمون بعضهم بالصحون.
فبعد تلبس الغول للابن تنفصل الكتلة الأب والأم في جانب والابن في جانب آخر،إن هذا التكوين اعتمد الفصل بين الشخصيات من خلال المسافة تأكيدا لموضوع التلبّس.
وفي واحدة من المشاهد المتعددة للأب برز تكوين تشكيلي متميز عندما كان يقف بجوار النافذة،إن هذا التكوين واللون الذي أضفى مسحة جمالية فأبرز البعد التشكيلي للمخرج في صياغة جمالية.
تكوين الأقدام:
في هذا التكوين وبعد أن مارس الزوج عملية قتل زوجته أكد المخرج جريمة القتل التي مرّت بعنف ضد الزوجة من خلال الحركة النصف دائرية لأقدام الزوج وهي تتحرك في مقدمة المسرح بعد أن عتم الجزء الأعلى لجسد الشخصية فأعطى إيحاء بأن الجسد قد فصل ولا نرى منه غير الأقدام،وهذا التكوين دلل فيه المخرج على أن الجريمة التي قام بها الزوج تتحرك بأقدام ثابتة وجاءت دفاعا عن النفس باعتباره قتل عدوا وهو الغول المتجسد في شكل زوجته.
تكوين مصارعة الثيران:
حاول المخرج من خلال عرضه المسرحي أن يضفي نوعا من الحركية في تنويع التكوينات فبعد فشل الزوج كونه لم يقتل الغول المتلبس لزوجته وتحديدا بعد أن كشف الغول عن شخصيته بأنه لم يكن الابن الحقيقي وإنما شكله فقط والذي اتخذه الغول بعد قتل الابن،والحقيقة أن الغول تمكن من دخول البيت للقضاء على من بداخله فيزداد الزوج رعباً وخوفاً فيتحول التكوين حلبة مصارعة للثيران واحد منهم مهاجم وآخر مدافع.
إن هذا التكوين أعطى نوعا من الحيوية في التغيير المفاجئ في التكوين.
تكوين المراسل:
تم الاستفادة من السلم المزدوج لتكوين شكل المثلث وأن هذا السلم أضاف إلى الشخصية مسألة الارتفاع وذلك أكد المخرج الطبيعة الإعلامية للمراسل أو قائد الفرقة الذي يحرك الأحداث ويعلق عليها وينقلها وقد تكرر هذا العرض تأكيدا لدلالة الشخصية وفي الوقت ذاته تمت الاستفادة شكليا ولمشاركته في تحريك الأحداث فنجده قد مارس عملية قتل الغول في نهاية العرض باعتباره قد أنهى الدور المطلوب منه وهنا أكدت هذه الشخصية التآمرية هيمنتها العالمية وتسلطها على الشخصيات وقد أعطى هذا الأمر دلالات أخرى أكثر انفتاحا لما يمكن أن يتضمنه من معاني.وما أن تنتهي مهمة قتل الغول حتى يضم السلم المزدوج ويترك أرضا تدليلا على انتهاء المهمة.
بقلم / أبوالقاسم فرنانة
مسرحية الغول
تأليف:محمد صبري
إخراج:حسن قرفال
المسرحية مطبوعة بالحاسوب وعدد صفحاتها "28"صفحة من حجم "a"
وشخصياتها:الأب،الأم،الابن،المراسل،الغول.
زمن العرض "51دقيقة"
وقد عرضت عام "2004"على مسرح الكشاف
حكاية النص:
هي حكاية لأسرة متكونة من ثلاثة أفراد حوصروا داخل البيت بسبب الغول الذي ظهر في المدينة ويحاصر سكانها،تصاب العائلة بالخوف والفزع خوفاً من اقتحام الغول بيتهم يتم إقفال الأبواب والنوافذ وبسبب هذا الحصار ينفد الغذاء من البيت حتى أصيب أفراد العائلة بالجوع،وعندما لم يجدوا شيئاً يأكلونه إلا قطة ميتة يتم تقاسمها بينهم وهنا يبدأ الصراع من يأخذ حصة أكبر.
يصل الصراع إلى درجة الشك بين أفراد الأسرة الواحدة فقد يكون كل واحد منهم قد أخفى عن الآخر جزءا من هذه الغنيمة.
تخرج الزوجة من البيت لجلب بعض الأشياء وعندما تعود يخاف الزوج منها ويظن أن الغول قد تلبسها فلا يفتح لها الباب حتى تضطر إلى الدخول من الباب الخلفي وتنزل من العلية وتدخل فيشك الزوج في أمرها وتزداد مخاوفه منها ويظن أنها ستقتله وهي تشعر بنفس الحالة فتبدأ المعركة بينهما فيتمكن الزوج من قتل زوجته.يظهر الغول بصورة الابن فيعلن للأب من إنه قتل زوجته ولم يقتل الغول كما يظن وإنما الغول لايزال حيا فيكشف له عن نفسه،بأنه هو الغول،وجاء ليقتله ويبدأ الصراع حتى يتمكن الغول من قتل الأب وبعدها يقتل المراسل الغول وتنتهي حكاية النص.
حكاية العرض:
أما بالنسبة لحكاية العرض فقد تمثلت في ماقدّمه المخرج من صور أراد بها إيصال مضامين ودلالات حيث حاول المخرج أن يعطيها شكلا غريبا معتمدا على عملية الإدهاش والمفاجأة من خلال حركة الأبطال المعتادة وصراخهم المستمر وتمثل في الإضاءة المعتمة التي لاتكشف عن التكوينات بصورة واضحة،فالشخصيات تتحرك،تجلس،تقف،تراقب وهي أيضاً محافظة على هاجس الخوف والاستكانة والرعب ولهذا جاءت الشخصيات موزعة على ثلاثة مستويات المستوى:الأول الغول،المستوى الثاني:الأب والأم والابن الذين يمثلون رمزا دلاليا للعائلة الكبيرة والمتمثلة في المجتمع وهنا أي المجتمع كان غير محدد المكان فيمكن تطبيقه على أي مجتمع"فهذا العمل إنساني لايخص منطقة بذاتها".
أما المستوى الثالث فيتمثل في المراسل الذي يمثل خيط الوصل وأيضاً "المايسترو"والربط بين الشخصيات وهو في الوقت ذاته خيط الربط بين ما يقع في الداخل والخارج وبذلك أخذ دور محرك الأحداث والمعلق عليها.
إن ثبات المكان الداخلي والخارجي لايعني ثبات الشخصيات ففي الداخل هناك انهيارات تنتهي بالقتل،وبينما في الخارج الغول ثابت في مكانه لكنه متغير في اتجاهه وكأنه يؤدي فعل المنحوتة كونها تعكس الحركة غير المتحركة،وبهذا استفاد المخرج من نظام النحت وأدخله ضمن تشكيل"سينوغرافيا"العرض،وينتهي العرض بتلبس شخصية الغول وكأنه جن يدخل تحت جلد الشخصيات فيتلبّسها.
إن الشر متمثل في الغول دال لمدلول المتغيرات الهائلة في الحياة المعاصرة "فهو عندي يمثل الهيمنة،العولمة،الشركات الاحتكارية،الغزو الثقافي".
وعزز العرض ذلك من خلال شبحية الأبطال وهم يتحركون وسريان الموت والقتل والاستباحة للإنسان والحياة.
التكوين التشكيلي للعرض:
تكوين المنظر:
افترض مخرج العرض من خلال "السينوغرافيا"أن هناك مستويين من المكان الأول هو المكان الداخلي الممثل في تكوين المنظر الداخلي يشكله البيت مكان الأكل أو المطبخ قطع الأثاث البسيطة ثلاثة كراسي،طاولة ونافذة ساعة حائط مشروخة سلم مزدوج ومدرجات تصل الداخل بالخارج.
أما المستوى الثاني للمنظر متخيل فقد اعتمد فيه المخرج على مايمكن أن توحي به الشخصيات وما تنقله عن المكان الخارجي القريب،وبالتالي ساهم بتحديد نوع من الصراع المكاني من خلال التكوين الأول والثاني فالمكان الخارجي يشكل تهديدا ساخرا للأبطال من خلال الأصوات والصور المفزعة لشخصيات مقتولة ومعلقة والتي تظهر بشاعة مايحدث في الخارج من عمليات القتل والسطوة والهيمنة وهذا أدى اكتساح الخارج للداخل وبالتالي ينعكس على شكل أفكار معلقة بالخارج.
تكوين الإضاءة:
من خلال العرض حاول المخرج أن يضفي شكلا مميزا من خلال اعتماده على عملية التعميم وعدم وضوح الأشياء والشخصيات والمكان لذلك ظهر اللون الأحمر والأزرق باعتبارهما لونين مضادين يختزلان فكرة الصراع بين عالمين ممثلا بالعائلة والغول لهذا جاء العرض بكثافة ضوئية محدودة ومركزة الاستخدام واقتصرت على الألوان التي تزيد من تشويه أو تغيير وإخفاء الملامح المحدودة للأبطال مما يساعد على إخفاء الكثير من ملامحها وزيادة حدة إخفاء ماسيحدث فضلاً لاستخدامه اللون الأزرق والأحمر وهما لونان متناقضان،وكانت إضاءة العرض إضاءة بسيطة للغاية للإيحاء بظلمة المكان تأكيدا لهاجس الخوف فاللون لم يكن ساطعا ولم تستخدم الإضاءة الفيضية وإنما بقع حادة المساقط لتعطي جوا مشحونا بالترقب،وهذا الأمر ساهم جمالياً في زيادة التداخل بين مايحدث في الخارج وانعكاسه على مايحدث في الداخل وبالتالي انعكس الأمر بعدم وضوح ملامح المنظر الداخلي.
وهذه تأثيرات الصورة التشكيلية الانطباعية التي تحاول أن تجعل اللون أساس العملية الفنية ولهذا اختفت تلك الملامح التفصيلية في اللوحة التشكيلية وكذلك الحال في هذا العرض حيث تم استخدام الفضاء المسرحي من خلال التركيز على بعض البقع الضوئية لتغيير ملامح المكان وبالتالي حصر الشخصيات وكأنها تسبح في الظلام.
التكوين المتخيل:
من خلال تفاعلات الأحداث والتوجسات المتعددة التي تنتاب الزوج مرتابا في زوجته كون الغول قد تلبسهما،فيتوجس الأب،الزوج خوفا وظنا بأنها ستقتله فتجتاحه أفكار متضاربة ومتوجسة فأصبح ينظر إلى الواقع بصورة مغايرة لهذا يظهر المخرج تلك الأفكار المطموسة من خلال عرض صورة الزوجة كما يراها زوجها حيث يظهرها في عرض اللوحة الخلفية صورا بشعة مشوهة وبالمعنى نفسه أبرز المخرج نفس الهواجس في عقل الزوجة وكيف ترى زوجها فتظهر لنا الصورة المعروضة وجه الزوج مشوها ومقززا هذه الخواطر شكّلت تكوينا في لحظة من لحظات العرض فجاء تعبيرا عن حالات الهلوسة التي أصابت كلا الشخصيتين.
تكوين الأب والأم والابن:
الزوج والزوجة والابن يجلسون حول مائدة الطعام حيث يبدو المشهد واقعيا ولكن الإضاءة تضفي عليه مسحة من الغرابة والضبابية فالإضاءة الحمراء عبّرت عن الجو المشحون وصدام الحياة جاء تعبيرا على حالة الصدام داخل الأسرة وإن كانوا يتناولون الطعام ولكن في النهاية يرمون بعضهم بالصحون.
فبعد تلبس الغول للابن تنفصل الكتلة الأب والأم في جانب والابن في جانب آخر،إن هذا التكوين اعتمد الفصل بين الشخصيات من خلال المسافة تأكيدا لموضوع التلبّس.
وفي واحدة من المشاهد المتعددة للأب برز تكوين تشكيلي متميز عندما كان يقف بجوار النافذة،إن هذا التكوين واللون الذي أضفى مسحة جمالية فأبرز البعد التشكيلي للمخرج في صياغة جمالية.
تكوين الأقدام:
في هذا التكوين وبعد أن مارس الزوج عملية قتل زوجته أكد المخرج جريمة القتل التي مرّت بعنف ضد الزوجة من خلال الحركة النصف دائرية لأقدام الزوج وهي تتحرك في مقدمة المسرح بعد أن عتم الجزء الأعلى لجسد الشخصية فأعطى إيحاء بأن الجسد قد فصل ولا نرى منه غير الأقدام،وهذا التكوين دلل فيه المخرج على أن الجريمة التي قام بها الزوج تتحرك بأقدام ثابتة وجاءت دفاعا عن النفس باعتباره قتل عدوا وهو الغول المتجسد في شكل زوجته.
تكوين مصارعة الثيران:
حاول المخرج من خلال عرضه المسرحي أن يضفي نوعا من الحركية في تنويع التكوينات فبعد فشل الزوج كونه لم يقتل الغول المتلبس لزوجته وتحديدا بعد أن كشف الغول عن شخصيته بأنه لم يكن الابن الحقيقي وإنما شكله فقط والذي اتخذه الغول بعد قتل الابن،والحقيقة أن الغول تمكن من دخول البيت للقضاء على من بداخله فيزداد الزوج رعباً وخوفاً فيتحول التكوين حلبة مصارعة للثيران واحد منهم مهاجم وآخر مدافع.
إن هذا التكوين أعطى نوعا من الحيوية في التغيير المفاجئ في التكوين.
تكوين المراسل:
تم الاستفادة من السلم المزدوج لتكوين شكل المثلث وأن هذا السلم أضاف إلى الشخصية مسألة الارتفاع وذلك أكد المخرج الطبيعة الإعلامية للمراسل أو قائد الفرقة الذي يحرك الأحداث ويعلق عليها وينقلها وقد تكرر هذا العرض تأكيدا لدلالة الشخصية وفي الوقت ذاته تمت الاستفادة شكليا ولمشاركته في تحريك الأحداث فنجده قد مارس عملية قتل الغول في نهاية العرض باعتباره قد أنهى الدور المطلوب منه وهنا أكدت هذه الشخصية التآمرية هيمنتها العالمية وتسلطها على الشخصيات وقد أعطى هذا الأمر دلالات أخرى أكثر انفتاحا لما يمكن أن يتضمنه من معاني.وما أن تنتهي مهمة قتل الغول حتى يضم السلم المزدوج ويترك أرضا تدليلا على انتهاء المهمة.