استراليه (ادب)
Australia - Australie
الأدب الأسترالي
الحياة الثقافية
تأثر تطور الآداب والفنون في أسترالية بالإرث البريطاني قبل أن تتكون البيئة الثقافية والفكرية المحلية. وكان هذا التطور بطيئاً في أول عهده، فقد كانت المشكلة الرئيسة التي اعترضت عمليات الاستيطان في السنين المئة الأولى هي البحث عن سبل العيش المناسب، وكانت الآداب والفنون أموراً ثانوية لا تهم غالبية المستوطنين القادمين إلى أسترالية. فلم تكن هناك سوى محاولات ضئيلة لإيجاد فن أسترالي متميز، ومع اقتراب القرن التاسع عشر من نهايته بدأت تظهر في أسلوب الحياة الأسترالية ملامح وحدة وطنية شملت القارة كلها، وكان الشعور بالوحدة عاملاً أساسياً لولادة ثقافة أصيلة ذات خصائص إيجابية. ومضت عقود كثيرة قبل أن يصبح الأدباء والفنانون الأستراليون قادرين على التعبير عن الكيان الأسترالي من دون ضياع أو مبالغة، وساعد القدامى من هؤلاء الشعب الأسترالي على إدراك كنه المواطنة وتنمية الشعور بالوحدة في تلك القارة المنعزلة، إلى أن صار في مقدور المتأخرين منهم التطلع إلى ما وراء البحار من دون التخلي عن انتمائهم القومي.
الأدب الأسترالي: مر الأدب الأسترالي في تطوره في ثلاث مراحل رئيسة، ففي المرحلة الأولى (1788-1880) كان الأدب وصفياً وثائقياً، وفي المرحلة الثانية (1880-1940) اتسع نطاق الأدب وتشعب وتنوعت أساليبه ومضامينه بتنوع المجتمع الأسترالي، وفي المرحلة الثالثة (1940 وما بعد) شهد الأدب نشاطاً متزايداً مع اطّراد الهجرة ونمو الصناعة واتساع المدن. ففي السنين المئة الأولى من الاستيطان الاستعماري في أسترالية كانت حياة المحكومين المنفيين والإداريين والجنود الذين قدموا البلاد ومن تبعهم من المستوطنين الأحرار حياة كفاح ومجالدة لم تترك لهم وقتاً لمزاولة الفن أو التمتع به، ومن كان يملك منهم موهبة أدبية وقفها على وصف عالمه الجديد وكتابة مذكراته. وكانت تلك المذكرات وما سجله شهود العيان عن حياة المنفيين ثم عن أحوال المعيشة في مكامن الذهب مصدر إلهام ومادة غنية لكتّاب مبدعين جاؤوا فيما بعد. وكان كتّاب القصة والرواية الأوائل يهتمون اهتماماً شديداً بتسجيل حقائق الحياة في المستعمرات، ويميلون إلى تصوير حياة المحكومين ومعاناة الرواد الأوائل والمستوطنين الجدد وأحوال العيش القاسية في مناجم الذهب في إطار إبداعي (رومنسي)، وكانوا يمعنون النظر في تفصيلات تلك الحياة التي تختلف اختلافاً بيناً عما ألفه العالم القديم كالمناظر الطبيعية والجفاف وحرائق الغابات ولصوص الأدغال واتساع الأحراج وعزلتها وخلوها من البشر ونباتاتها وحيواناتها العجيبة.
بينت روايتان كتبهما الإنكليزي هنري كنغزلي (1876- 1830) Henry Kingsley تغير الموقف حيال أسترالية، فقد ضمّن روايته الأولى «ذكريات جفري هملن» (1859) The Recollections of Geoffery Hamlyn قصة أسرة إنكليزية مكنتها حياتها الناجحة في الريف الأسترالي في نيوساوث ويلز من العودة إلى موطنها في ديفون (إنكلترة) والعيش فيها عيشاً رغداً، أما روايته الثانية «آل هليار وآل برِتون» (1865) The Hillyars and the Burtons فتحكي قصة أسرة مهاجرة من حدادي «تْشلسي» استقرت في أسترالية وتوصلت إلى شغل مكانة بارزة فيها. ومن أبرز القصص التي تناولت حياة المنفيين رواية ماركوس كلارك (1864-1881) «من أجل حياته الطبيعية» (1874) For the Term of his Natural Life التي تتحدث عن سوء منظومة سفن النقل والحياة القاسية في سجون المستعمرات، كذلك يجمع رولف بولْدروُد Rolf Boldrewood (الاسم المستعار لتوماس ألكسندر بروان (1826- 1915) في روايتيه «سطو مسلح» (1888) Robbery Under Arms و «حقوق عمال المناجم» (1890) The Miner’s Right بين الإثارة في السباق من أجل الذهب ومغامرات لصوص الأدغال . وتركز معظم روايات هذه الحقبة على الوصف والتلوين والحبكة المعقدة المثيرة.
أما الشعر في هذه المرحلة فكان أقل ظهوراً من النثر، وكان الشعراء يجهدون من أجل مواءمة التراث الإبداعي الإنكليزي في وصف الطبيعة والشعر التأملي مع الموضوعات الأسترالية، ويعد آدم لِندسي غوردن (1833-1870) Adam Lindsay Gordon من أوائل من نظم القصائد في أسترالية وحاز شعبية كبيرة، وكان له تأثيره الكبير في من جاء بعده.
وفي مرحلة التوسع ونمو الشعور القومي التي بدأت في العقدين الأخيرين من القرن التاسع عشر شهدت أسترالية محاولات حثيثة لإقامة اتحاد بين ولاياتها المتفرقة، وغدا التفاخر بالروح الوطنية والاعتزاز بحياة الريف والتعاطف مع كفاح الملاك الصغار موضوعات أدبية شائعة، ولاسيما في قصص هنري لوسُن (Henry Lawson (1922-1867 وستيل رود (Steel Rudd (1935-1868 وغيرهما، ومن الموضوعات الأخرى التي تناولها الكتاب حياة المنفيين الأوائل الذين كانوا ينقلون من إنكلترة في سفن خاصة ليقضوا عقوبة السجن في أسترالية، وقد ألّف برايس وَرُنْغ Price Warung حكايات عن هؤلاء ضمتها مجلدات أربعة. أما جوزيف فرِفي (Gosef Furphy (1912-1843 فألف رواية مطولة عنوانها «هكذا تكون الحياة» Such is life وصف فيها عالم الريف الأسترالي في ثمانينات القرن التاسع عشر.
أما التراث الشعري الغنائي الذي كان قد بدأ يزدهر في تلك الحقبة فقد ظل حياً في العقد الأخير من القرن التاسع عشر بفضل أشعار هنري لوسن وأندرو بارتون باترسون المعروف باسم بانجو (Andraw Barton Paterson (Banjo) (1941-1864 والذي يعد أعظم من نظم قصيدة البلاّد ballad في أسترالية.
استقبل إعلان الاتحاد الأسترالي في عام 1901 بحماس كبير ورحب به الكتاب والشعراء، إلا أن الموضوعات القومية تضاءلت في أوائل القرن العشرين مع ازدياد الإحساس بتعقيدات الحياة في أسترالية، وانصب الاهتمام على أحوال بسطاء الناس ومشاكلهم والحاجة إلى إصلاح اجتماعي. ومن أبرز الكتاب الذين عنوا بوصف الحياة في المدن كاثرين سوزانا بريتشارد (Katherin Susannah Prichard (1969-1883 التي نشرت الكثير من الروايات والقصص والمسرحيات في مدى أربعين عاماً واقتبست بعض رواياتها للسينما، ولويس ستون Louis Stone، وإدوارد دايسون Edward Dyson وكيلي تنانت Kylie Tennant. ومن الكتاب الذين عنوا بتحري حياة السكان الأصليين وصلاتهم بالرجل الأبيض إينياس غَن (Aneas Gunn (1969-1883 وزافيير هربرت Xavier Herbert وثمة كاتبان تركز اهتمامهما الأكبر على تاريخ المستعمرات الأسترالية والأيام الأولى فيها وهما مايلز فرانكلين Miles Franklin وإليانور دارك Eleanor Dark، كذلك نشر فانس بالمرVance Palmer روايات وقصصاً ومقالات في النقد ذات شأن، وكتبت هنري هاندل رتشاردسن (اسمها الحقيقي ايثيل فلورنس لندسي روبرتسون) (Henry Handel Richardson (1946-1870 عن حياتها المدرسية في ملبورن «اكتساب الحكمة 1910» وعن حياتها الجامعية في لايبزيغ «موريس غست 1908» كما كتبت عن حياة والدها في ثلاثية شهيرة عنوانها «مصائر ريتشارد ماهوني» (1917 - 1929)، وهي معالجة تقليدية لموضوع الهجرة والتمثل في المجتمع وملابسات الحياة في مناجم الذهب.
لم يكن الشعر وافر النجاح كالنثر في هذه المرحلة إلا أنه اكتسب تنوعاً وألواناً كثيرة في أغراضه واهتماماته. فقد نظم جون شو نلسون (1872-1942) John Shaw Neilson الشعر الرقيق الغنائي، وأبدع فكتور دالي (1858- Victor Daley (1905 قصائد رومنسية وقصائد هجائية ساخرة، أما سي. ج. دنيس فقد نهج على نظم القصائد التقليدية (البلاّد) والشعر الشعبي. واختص كريستوفر برنان (Christopher Brennan (1932-1870 بنظم القصائد الرمزية، ويدين بشعره إلى التراث الأوربي، في حين مال كِنيث سْلِسُّر (Kenneth Slessor (1971-1901 إلى نظم الشعر الغنائي المسرحي.
وفي مرحلة المعاصرة، أي منذ عام 1940 فما بعد، ازدادت المجلات الأوربية انتشاراً وازداد قراء الأدب، واتجه الكتّاب الأستراليون تدريجياً إلى التمحيص والبحث مع الاستمرار في الكتابات الوصفية والواقعية، وأكثر كتّاب الرواية تأثيراً في الأدب الأسترالي في أواسط القرن العشرين هو باتْرِك وايت (Patrick White (-1912 الذي حملت معظم رواياته الطابع الأسترالي المحض، وهو يعكس صورة أسترالية الحديثة في رواياته «شجرة الإنسان» (1955) Tree of Man و«فوس» (1957) Voss «ورُكّاب في العربة» (Riders in The Chariot (1961 و«المندالة المصمتة» The Slide Mandala (طوق القدر في الديانة البوذية). وقد حصل وايت على جائزة نوبل في الأدب عام 1973. وثمة روائيون آخرون أفاضوا في وصف الحياة الأسترالية ومنهم مارتن بويد Martin Boyd، ورَنْدولف ستو Randolf Stow، وتوماس كِنيلي Thomas Kenealy وغيرهم. كذلك ظلت القصة على رواجها مع محافظتها على خلفيتها الريفية القوية. ومن الكتابات التي تلفت النظر في هذا المجال مذكرات هال بورتر Hal Porter التي بينت التبدلات التي حدثت في المجتمع الأسترالي بين العقدين الثالث والسابع من القرن العشرين.
وأما الشعر فقد ظل وصفياً في المرحلة المعاصرة محافظاً على تقليده السابق، بيد أن شعراء منتصف القرن العشرين كانوا أكثر نشاطاً من أسلافهم وأبعد مدى، واشتهر منهم روبرت فتزجرالد بخياله الإبداعي الكثير الألوان، وحقق جيمس ماك أولي (1917ـ) نجاحاً كبيراً ولاسيما ملحمته الشهيرة كابتن كيروس Captain Quiros.
لم يقتصر الأدب الأسترالي على الرواية والقصة والشعر، فقد تعداها إلى أجناس أدبية أخرى كالمقالة وكتب السيرة والمذكرات والكتابات السياسية والدراسات التاريخية والاجتماعية، وكان للمجلات والصحف دورها الكبير في نشر الثقافة وتوسيع آفاق المعرفة وتشجيع الكتابة والنقد، ولعل أشهرها وأقدمها صحيفة «بولتِنْ» Bulletin الأسبوعية التي رافقت المسيرة الأدبية الأسترالية منذ ظهورها عام 1880، واشتهر عن طريقها عدد كبير من الكتاب، وزاحمتها في أوائل القرن العشرين عدة مجلات منها مجلات «تْريَاد» Triad و«لون هاند»Lone Hande وقد توقفتا عن الصدور في أواسط العشرينات. ومن المجلات الفصلية مجلة «مِنجن» Meanjen، و«سَذرلي» Southerly اللتان صدرتا في الأربعينات وكان لهما أثر كبير في تنمية أذواق القراء وتشجيع النقد، ومنذ العقد السادس من القرن العشرين ظهرت باقة جديدة من المجلات الجادة ذات القيمة الأدبية تتصدرها مجلة «نيشن » Nation ومجلة الأبزرفر Observer وهما مجلتان أسبوعيتان تعنيان بالموضوعات السياسية والثقافية.
المسرح والسينما: لم تصب الكتابات المسرحية في مراحلها الأولى من النجاح ما بلغته الرواية والقصة مع إقبال الجمهور على الأعمال المسرحية. وكانت العروض تقدم في أيام الاستيطان الأولى على مسارح جوالة، وكانت أول مسرحية جادة تلك التي قدمها جورج فاركهار G.Farkhar عام 1789 وعنوانها «ضابط التجنيد» Recruiting Officer، أما أول مسرح ثابت في أسترالية فقد تم افتتاحه في «سيدني» سنة 1833 ثم تلاه مسرح «فكتورية الملكي» في عام 1837 (أصبح اسمه فيما بعد المسرح الملكي Royal)، وتوالت إقامة المسارح في المدن الأخرى وحظيت بإقبال جماهيري، وقصدها فنانون وممثلون من بريطانية وأمريكة ومنهم جورج سلت كوّبن (1819-1906) .S.Coppin البريطاني الأصل الذي قدم أسترالية سنة 1843، ومنهم كذلك بلاند هولت (1853-1942) B. Holt وهو أسترالي المولد تدرب في إنكلترة، وسارة برنار S. Bernhart وإيرين فانبرو Vanbrough.I وغيرهم، أما أعظمهم تأثيراً في المسرح الأسترالي فهو الممثل الأمريكي جيمس كاسيوس ولِْيَمسون (1845-1913) J.C. Williamson الذي قدم ملبورن سنة 1874 واشترك مع رجلي أعمال بريطانيين هما آرثر غاردنر A. Gardner وجورج مسْغروف G. Musgroveفي تأسيس شركة للأوبرا الملهاة Comic-Opera ظلت تمسك بزمام المسرح أربعة عقود كاملة وما تزال إلى اليوم من أمهات المؤسسات التي تعنى بالمسرح في أسترالية. وبرز إلى جانب هؤلاء الممثلين العالميين عدد من نجوم المسرح الأسترالي مثل نيللي ستوارت (1860-1930) N. Stewart ، وأوسكار آش (1871-1930)O. Asche .
ومع انتشار السينما في الثلاثينات من القرن العشرين تضاءل اهتمام الجمهور بالمسرح وحولت مسارح كثيرة إلى دور للصور المتحركة، وتركز اهتمام المنتجين على المسرحيات المضمونة النجاح تجارياً كالملهاة الموسيقية والمسرحية الخفيفة، واقتصر عرض المسرحيات الكبيرة والجادة على مسارح صغيرة سعت إلى إحيائها والإبقاء عليها مجموعات من هواة المسرح كانت تضم أنصاف محترفين وقليلاً من المحترفين، وقد ساعدت هذه الحركة في الحفاظ على مسرح «الإندبندنس» ومسرح «المتروبولتان» في سيدني، وعلى مسرحي «آرو» و «يونيون» والمسرح القومي في ملبورن. وقد وجد كتاب المسرح المحليون في هذه الحركة متنفساً لهم، إلا أن أكثر أعمالهم كانت ذات قيمة أدبية لا مسرحية، وعاد الاهتمام إلى الفنون المسرحية يتجدد منذ تأسيس اتحاد المسرح الإليزابيثي عام 1954، ومعهد الفنون المسرحية الأسترالي، كما حققت المسرحيات الإذاعية نجاحاً كبيراً بتشجيع من هيئة الإذاعة الأسترالية ودعمها. ومع ذلك فقد ظل الاهتمام بالمسرح الثقافي ضئيلاً، وظل المسرح التجاري مفتقراً إلى الدعم المادي لإنتاج مسرحيات جديدة، إلا إذا سبق وحققت هذه المسرحيات نجاحاً في لندن ونيويورك. وربما شذت عن هذه القاعدة بضع مسرحيات أسترالية أصيلة، ومن هذه المسرحيات الناجحة «صيف فتاة في السابعة عشر» Summer of the Sevententh Doll التي ألفها راي لولر (R. Lowler (1921 وعرضت في ملبورن ثم سيدني عام 1956، وغدت أول مسرحية أسترالية تستقبل بترحاب شديد في لندن، ومنها كذلك مسرحية «القلب المنحرف» The Shifting Heart من تأليف ريتشارد بنتون R. Benton التي عرضت في لندن أيضاً، ومسرحية «يوم في السنة» One Day of the Year من تأليف آلن سايمور A. Saymour التي عرضت في عدة عواصم أوربية ولاقت نجاحاً كبيراً.
وقد شجع مهرجان الفن الذي يقام في أديلايد كل سنتين في الإبقاء على حركة المسرح حية، وساعد في ذلك بقاء عدد من المسارح المحترفة والصغيرة التي توفر الحيز اللازم للمسرحيات الأسترالية المحلية وللمؤلفات المسرحية المثيرة للجدل والمستوردة من الخارج، إلا أن قيام مسرح أسترالي مستقل عن التأثير الخارجي يبدو بعيد المنال.
أما فن الباليه في أسترالية فأمره مختلف، والإقبال عليه في ازدياد. وأول عرض للباليه شهدته أسترالية جولة فرقة مسرح «الباليه الروسي» في مونت كارلو بإشراف فاسيلي دي بازل، ثم قامت بعد ذلك مجموعات أسترالية بتطوير مسرح للباليه حمل اسم بوروفانسكي، نسبة إلى إدوارد بوروفانسكي E. Borovansky الذي كان عضواً في فرقة مونت كارلو وغادرها عام 1939 ليستقر في أسترالية إلى وفاته عام .1959 وثمة فرقة تحمل اسم «بودنفايزر» Bodenweiser Ballet تختص بالرقص التعبيري الحديث أسست في أسترالية عام 1939، وهناك أيضاً المسرح القومي للباليه في ملبورن، كما أحدثت الدولة سنة 1962 فرقة الباليه الأسترالية التي ورثت فرقة بوروفانسكي بعد وفاته وتولت إدارتها الفنيّة الراقصة الإنكليزية بغي فان براف Pegy Van Praagh عام 1963 وانضم إليها مساعداً بعد سنتين روبرت هلبمان R. Helpmann، وتعد هذه الفرقة مدرسة وطنية لفن الباليه وتقوم بجولات دورية في عواصم أوربة وأمريكة.
أما السينما، فقد دخلت أسترالية منذ أيامها الأولى، وكان الإنتاج السينمائي يعتمد على رساميل صغيرة وعلى الدعم المادي الحكومي. ومع الجهود الكبيرة التي بذلت لإقامة مركز للتصوير السينمائي لصالح منتجي الأفلام العالميين كي يفيدوا من المشاهد الطبيعية الأسترالية فقد ندرت الأفلام التي حظيت بإقبال الجماهير في الخارج، إضافة إلى أن معظم الفنانين الأستراليين البارزين يفضلون العمل خارج البلاد في بريطانية والولايات المتحدة الأمريكية حيث فرص النجاح أكبر والمدخول أوفر، ومع ازدياد الدعم المادي للسينما في السنوات الأخيرة وارتفاع مستوى الرفاه ونمو عدد سكان المدن دبت الحياة مجدداً في صناعة السينما الأسترالية بعد طول احتضار فتم إنتاج عدد من الأفلام الرائعة التي حظيت بشهرة عالمية، ومن أشهر مخرجي الأفلام السينمائية الأستراليين بيتر فاير Peter Weir ومن أشهر أفلامه: «نزهة عند صخرة الاعدام» (Picnic at the Hanging Rock (1976 و«غاليبولي» (1980).
وفي ميدان الأفلام الوثائقية حققت بعض الأفلام الرسمية من إنتاج قسم الأخبار السينمائية ومكتب المعلومات الأسترالي جوائز عالمية، ومن هذه الأفلام «محاكمة كوكودا» (1942) و «مدرسة في صندوق البريد» (1948)، كما أنتجت شركة شل فيلماً وثائقياً حاز الجائزة الأولى في مهرجان «كان» سنة 1953 وصورت فيه المناطق الداخلية النائية والمعزولة في أسترالية. إلا أن إنتاج مثل هذه الأفلام تضاءل وانخفض مستواه بعد أن زاحم التلفزيون السينما. ويعد آل جامرزا من أصل سوري شركسي من أبرز العاملين في قطاع السينما الأسترالية اليوم.
الموسيقى: الموسيقى أكثر أنواع الفنون تطوراً في أسترالية وقد حقق الكثير من المغنين والعازفين والمؤلفين الموسيقيين الأستراليين نجاحاً عالمياً. والتعليم الموسيقي في أسترالية عالي المستوى يمكن تبين نتائجه في الأعمال الموسيقية الجيدة التي تقدم في المدارس في مستوياتها الابتدائية والثانوية بتعاون وثيق بين الهيئات التعليمية والفنية. ومع أن كمية المؤلفات الموسيقية قليلة فهي تحمل سمات عبقرية ويتبع فيها المؤلفون الأستراليون التقليد العالمي المؤصل. وتعد جمعية ملبورن الفلهارمونية ـ وهي فرقة «كورال» ـ أول منتدى موسيقي تأسس سنة 1853، وتبعتها مجموعات أخرى مماثلة من مستوى رفيع في كل من سدني وأديلايد. ويعد عام 1888 بدء نهضة الموسيقى الأوركسترالية عندما قدمت إلى ملبورن أوركسترا سيمفونية كاملة يقودها فريدريك هايمن كُوْيِن (1852-1935)F.H. Cowen وقدمت نحو 240 حفلة موسيقية في ستة أشهر. وفي عام 1890 أحدثت مدينة أديلايد أول كرسي للموسيقى في جامعتها وتلتها جامعة ملبورن ثم بقية الجامعات وآخرها جامعة سيدني (1948)، كما أحدث في ملبورن معهد موسيقي عالٍ (كونسرفاتوار) عام 1894 ونهجت نهجها مدن أخرى. أما أعظم شخصية موسيقية عرفتها البلاد فهو جورج مارشال هول (1862-1915) G. Marshal Hall الذي أسس أول أوركسترا وطنية وقادها، وأسس مدرسة تخرج فيها عدد من العازفين والمؤلفين ومدرسي الموسيقى المعروفين.
وقد ساعدت هيئة الإذاعة الأسترالية التي تأسست عام 1932 في مد يد العون للموسيقيين وإتاحة فرص العمل أمامهم وفي نشر الموسيقى على نطاق واسع، وألفت هيئة الإذاعة فرقة موسيقية سيمفونية في كل ولاية أسترالية، وتقدم هذه الفرق مجتمعة نحو 800 حفلة موسيقية في العام، كما ساعدت المنح والمساهمات المالية في تنظيم جولات موسيقية للفنانين الأستراليين في طول البلاد وعرضها وفي الخارج. ومن أشهر الفرق الموسيقية الأسترالية فرقة سدني السيمفونية التي أسست عام 1962،
اجتذبت الأوبرا جمهوراً كبيراً منذ عام 1870، وارتادت البلاد منذ ذلك الحين فرق أجنبية كثيرة ومنها فرقة ريتشارد فاغنر. ومن أعظم مغني الأوبرا الأستراليين السيدة نيلي ملبا (Nellie Melba (1861-1931 التي تتصدر قائمة طويلة من المغنيين الأستراليين الذين أصابوا شهرة عالمية، وكان أول ظهور لها على المسرح عام 1887 في بروكسل وتوالت نجاحاتها في لندن وباريس ونيويورك، وقامت بزيارات عدة لوطنها الأصلي أسترالية. وفي ميدان الأوبرا كما في مجال التمثيل السينمائي يمضي معظم الفنانين البارزين جل حياتهم يتنقلون بين دور الأوبرا في لندن وباريس ونيويورك حيث فرص النجاح أوفر.
دار الأوبرا في سيدني |
تعليق