اصدارالكترونات وامواج كهرمغنطيسيه
Emission of electrons and electromagnetic waves - Emission des électrons et des ondes électromagnétiques
إصدار الإلكترونات والأمواج الكهرمغنطيسية
إصدار الإلكترونات
لاحظ توماس إديسون (1847-1931) Edisson في عام 1883 عند تسخين سلك رفيع داخل حبابة زجاجية مفرَّغة من الهواء أن السلك يتبخر ويرسب على جوانب الحبابة الداخلية، وسُمِّيت هذه الظاهرة «أثر إديسون». ولكنها ظلت من دون تفسير حتى عام 1904 حين قام العالم جون فلمِنْغ (1849-1945)Fleming بوضع مسرى معدني electrode في داخل الحبابة، وقد تحقق، حين جعل هذا المسرى موجب الكمون إزاء السلك، من أن تياراً كهربائياً يمر من السلك إلى المسرى عبر فراغ الحبابة. وقد فُسّر ذلك بانتقال شحنات كهربائية سالبة (إلكترونات أو جسيمات سالبة الشحنة). وسُمي هذا المنجز حينئذ ثنائي المساري diode، وبدأ منذئذ عهد الأنابيب أو الصمامات الإلكترونية (الشكل -1).
من المعروف أن كل عنصر كيمياوي يتألف من ذرات متماثلة كلها، وكل ذرة مكونة من نواة تدور حولها الإلكترونات في مدارات معينة، ويتميز كل مدار منها بسوية معينة من سويات الطاقة، وتزداد قيمة الطاقة كلما ابتعد المدار عن مركز النواة، وتُعرف أخفض سوية للطاقة باسم السوية الدنيا. وتتصف الذرات في الشبكة البلورية بأنها معتدلة كهربائياً لأن عدد إلكتروناتها يساوي عدد الشحنات الموجبة في النواة. ولكي ينطلق إلكترون من الذرة ويتحرر ينبغي أن تُطبَّق عليه طاقة تساوي طاقة سويته الأقل. ويطلق على هذه الطاقة اسم طاقة التأين (التشرد) ionization energy. وقد كانت الأسلاك الرفيعة في الأنابيب الإلكترونية الأولى مصنوعة من عنصر التنّغستن النقي تقريباً، وتبلغ طاقة تأين أبعد إلكترون عن نواة ذرته 4.5 إلكترون ـ فولط (ev . إ.ف). وقد كانت طاقة الإثارة طاقة حرارية (تسخين السلك)، ولم تكن مُجديةً إلا عندما تبلغ درجة حرارة السلك نحو 2300 كلفن (ك)، ويقابل هذا إصدار إلكترونات يبلغ نحو 3.63×10-2 أمبير/سم2.
وتم فيما بعد تقدم كبير حينما طُلي السلك ببعض المواد. فمثلاً باستعمال التوريوم، الذي تبلغ طاقة تأينه نحو 2.6 (إ.ف)، يصبح الإصدار الإلكتروني أشد من الإصدار في حالة التنغستن النقي بألف مرة حين تكون درجة الحرارة زهاء 2000 ك. وتحققت نتائج أفضل من ذلك بكثير باستعمال مواد أخرى كالباريوم والسِّترُنسيوم والسيزيوم وأكاسيدها، ذلك لأن طاقات تأينها أقل (1.34 إ.ف في حالة أكسيد الباريوم). وقد مكَّن هذا من استخدام درجات حرارة أكثر انخفاضاً تراوح بين 800 و1100 ك. وانتشر بعد ذلك انتشاراً سريعاً صنع مهابط cathods من أكاسيد تُسخَّن تسخيناً غير مباشر.
وتجدر الإشارة إلى أن عدد الإلكترونات التي تصل إلى المصعد (المسرى الموجب) في واحدة الزمن لا يمكن أن يتجاوز عدد الإلكترونات التي يصدرها المهبط (المسرى السالب) بالتسخين. أي إن تيار الإصدار يصل إلى حالة الإشباع في درجة حرارة معينة ويطلق عليه تيار الإشباع saturation current.
ويمكن أن يتم إصدار الإلكترونات باستخدام طاقات أخرى غير حرارية. ففي الأنابيب الغازية (النيون، الأرغون، الزئبق)، تؤيِّن (تشرِّد) الإلكتروناتُ، المحرَّرة في الأصل (أي الإلكترونات الأولية)، عدداً معيناً من ذرات الغاز، فتنجذب هذه الذرات المتأيِّنة نحو المهبط وتحرِّر باصطداماتها إلكترونات جديدة تشكل ما يسمى القذف الأيوني ionic bombardment .
ومن الطرائق الأخرى ظاهرة الإصدار الثانوي secondary emission وهي ظاهرة مكَّنت من زيادة مردود الإصدار emissivity زيادة كبيرة، وعلى أساس منها يعمل المضاعف الإلكتروني electronic multiplicator كما يلي: تُوجَّه حزمة من الإلكترونات نحو مصعد يسمى في هذه الحالة الخاصة مسرى ثانوياً (أو دينود dynode)، وهو مطليٌ بمادةٍ طاقةُ اقتلاع الإلكترونات منها ضعيفة، فتحرر طاقة هذه الحزمة من المسرى الثانوي إلكتروناتٍ توصف بأنها ثانوية. ويتجه القسم الأكبر من هذه الإلكترونات الثانوية نحو مسرى ثانوي ٍ ثان ٍ لتحرير إلكترونات ثانوية أخرى، ويمكن تكرار هذه العملية عدة مرات فتتكون في آخر الأمر حزمة شديدة يلتقطها المسرى الأخير. ومن الشائع اليوم استعمال مضاعفات إلكترونية ذات 12 مرحلة وتحقق تضخيماً من مرتبة 610 (الشكل -2).
وتستخدم الطاقة الضوئية أيضاً في إصدار الإلكترونات. فكل فوتون[ر] في ضوء تواتره v يمتلك طاقة ذاتية مقدارها hv، حيث h: ثابت بلنك Planck ويساوي 6.624×10-34 جول.ثانية. فإذا سقط شعاع ضوئي تواتره γ على مسرىً، طاقة اقتلاع الإلكترونات منه ضعيفة W، وكان الجداء hv أكبر من W، فإنه تصدر حينئذ إلكترونات طاقتها hv-W يمكن لمصعد أن يلتقطها. وهذا هو مبدأ الخلايا الكهرضوئية المفرغة أو الغازية، ويزداد الإصدار في هذه الحالة الأخيرة بوساطة القذف الأيوني. ويستخدم هذا المبدأ، بوجه خاص، في المضاعفات الضوئية وثنائيات المساري الضوئية والترانزستورات الضوئية.
ويمكن إصدار الإلكترونات بوساطة الحقل الكهربائي field emission إذ تصدر الإلكترونات من سطح الجسم الصلب حين يطبق عليه حقل كهربائي شديد من مرتبة 910 فولط/متر. وتزداد كثافة تيار إصدار الإلكترونات في هذه الطريقة أُسِّياً مع شدة الحقل بدءاً من قيمة معينة لها.
وتجدر الإشارة أخيراً إلى أن تفكك الأجسام ذات الإشعاع الناشط[ر] يولد إلكترونات على شكل أشعة بيتا مصحوبة بأشعة a وأشعة γ.
إصدار الأمواج الكهرمغنطيسية
الأمواج الكهرمغنطيسية[ر] تولدها دارات كهربائية مهتزة على شكل أمواج متخامدة damped، أو منوبات عالية التواتر على شكل أمواج مغذاة sustained.
ففيما يتعلق بالأمواج المتخامدة تعد وشيعة رومكورف المسماة باسم مخترعها رومكورف (1803-1877) Ruhmkorff أول ما عرف من الأجهزة التي تصدر أمواجاً كهرمغنطيسية وهي تتكون أساساً من وشيعة تحريض ذات نواة حديدية تؤلف جزءاً من دارة كهربائية تضم منبع تيار مستمر ومكثفة كهربائية ومفجِّر شرارة ودارة ً مهتزة على شكل هوائي. وتمتاز الأمواج الصادرة من وشيعة رومكورف بأنها تتخامد وتتناقص سعاتها تناقصاً سريعاً مع الزمن، وبأن تواتراتها تمتد على نطاق واسع مما يجعل استقبالها مشوَّشاً. وقد استخدمت هذه التواترات مع ذلك سنوات عدة، وعلى وجه الخصوص في الاتصالات البعيدة وبأطوال موجية من مرتبة مئات الأمتار (الشكل -3).
واتجه التفكير بعدئذ إلى الأمواج المغذاة التي تم الحصول عليها إما بتعديل اهتزازة قوسية arc modulation، أو بمنوبة عالية التواتر (قوس بُلْسِن Poulsen ومنوبة ألكسنْدِرْسَن Alexanderson). وقد قامت محطات إرسال قوية عدة باستخدام هذه الأمواج المغذاة حتى الحرب العالمية الثانية، وأعقب ذلك تطور هائل في الأنابيب الإلكترونية من الأنواع كافة.
ويقوم المبدأ الأساسي في إصدار الأمواج المغذاة على استخدام التفاعل المتبادل بين دارة الشبكة grid ودارة المصعد في أنبوب إلكتروني[ر]. وهذا التفاعل المتبادل إما أن يكون تحريضياً inductive (ترابط بوساطة ملف)، وإما أن يكون كهرساكناً (ترابط بوساطة مكثفة). والإنجازات في هذا المجال لا تحصى، سواء كان ذلك من حيث ضخامة الاستطاعة التي تم الوصول إليها، أو من حيث نوع التطبيقات أو تواترات التشغيل. ففي البث الإذاعي مثلاً، تكون سعة الموجة الحاملة ثابتة ولكنها تتغير وفق إيقاع تيارات لاقط الصوت microphon (تعديل السعة A.M) وفي هذه الحالة، تشغل جانبي التواتر الحامل عصابتان جانبيتان من التواترات. ويستخدم لتصغير هذا الشَّغل أحياناً نظام يسمى «العصابة الجانبية الوحيدة unilateral band». أما في حالة الإصدار الذي يتم فيه تعديل التواتر F.M. فإن السعة تظل ثابتة ولكن التواتر يتغير. ويصل مجال تغير التواتر إلى 25 كيلوهرتز، أي تكون العصابة عريضة جداً، غير أن الإرسال يتم بدقة وبأمانة أعلى.
وهناك أنماط أخرى من التعديل، ولاسيما في مجال الموجات القصيرة جداً (الصغرية)، أي ذات التواترات العالية جداً. وتكون الإشارات فيها مرموزة coded في غالب الأحيان (موجات مربعة أو مستطيلة يتم فيها تعديل عرض النبضة أو ارتفاعها..) وتكون الإشارات في بعض الأحيان مختلطة كما هي الحال في إشارات التلفزة.
ولا يمكن استخدام الدارات الكهربائية التقليدية ولا المولدات حينما يتصل الأمر بالأمواج الديسيمترية والسنتيمترية أو ما دون المليمترية كما هي الحال في الرادار، لذلك يستخدم عوضاً عنها المغنترونات magnetrons، وهي أنابيب إلكترونية يتم التحكم في تياراتها الإلكترونية مغنطيسياً؛ أو تستخدم الكليسترونات klystrons، وهي أنابيب إلكترونية تولد اهتزازات ذوات تواترات عالية جداً، ويتم فيها تعديل سرعة الحزم الإلكترونية؛ كما تستخدم أيضاً الكليسترونات العاكسة والأنابيب التي تولد أمواجاً متقدمة progressives.
توفيق قسام
Emission of electrons and electromagnetic waves - Emission des électrons et des ondes électromagnétiques
إصدار الإلكترونات والأمواج الكهرمغنطيسية
إصدار الإلكترونات
لاحظ توماس إديسون (1847-1931) Edisson في عام 1883 عند تسخين سلك رفيع داخل حبابة زجاجية مفرَّغة من الهواء أن السلك يتبخر ويرسب على جوانب الحبابة الداخلية، وسُمِّيت هذه الظاهرة «أثر إديسون». ولكنها ظلت من دون تفسير حتى عام 1904 حين قام العالم جون فلمِنْغ (1849-1945)Fleming بوضع مسرى معدني electrode في داخل الحبابة، وقد تحقق، حين جعل هذا المسرى موجب الكمون إزاء السلك، من أن تياراً كهربائياً يمر من السلك إلى المسرى عبر فراغ الحبابة. وقد فُسّر ذلك بانتقال شحنات كهربائية سالبة (إلكترونات أو جسيمات سالبة الشحنة). وسُمي هذا المنجز حينئذ ثنائي المساري diode، وبدأ منذئذ عهد الأنابيب أو الصمامات الإلكترونية (الشكل -1).
الشكل (1) صمام إلكتروني ثنائي المساري |
وتم فيما بعد تقدم كبير حينما طُلي السلك ببعض المواد. فمثلاً باستعمال التوريوم، الذي تبلغ طاقة تأينه نحو 2.6 (إ.ف)، يصبح الإصدار الإلكتروني أشد من الإصدار في حالة التنغستن النقي بألف مرة حين تكون درجة الحرارة زهاء 2000 ك. وتحققت نتائج أفضل من ذلك بكثير باستعمال مواد أخرى كالباريوم والسِّترُنسيوم والسيزيوم وأكاسيدها، ذلك لأن طاقات تأينها أقل (1.34 إ.ف في حالة أكسيد الباريوم). وقد مكَّن هذا من استخدام درجات حرارة أكثر انخفاضاً تراوح بين 800 و1100 ك. وانتشر بعد ذلك انتشاراً سريعاً صنع مهابط cathods من أكاسيد تُسخَّن تسخيناً غير مباشر.
وتجدر الإشارة إلى أن عدد الإلكترونات التي تصل إلى المصعد (المسرى الموجب) في واحدة الزمن لا يمكن أن يتجاوز عدد الإلكترونات التي يصدرها المهبط (المسرى السالب) بالتسخين. أي إن تيار الإصدار يصل إلى حالة الإشباع في درجة حرارة معينة ويطلق عليه تيار الإشباع saturation current.
ويمكن أن يتم إصدار الإلكترونات باستخدام طاقات أخرى غير حرارية. ففي الأنابيب الغازية (النيون، الأرغون، الزئبق)، تؤيِّن (تشرِّد) الإلكتروناتُ، المحرَّرة في الأصل (أي الإلكترونات الأولية)، عدداً معيناً من ذرات الغاز، فتنجذب هذه الذرات المتأيِّنة نحو المهبط وتحرِّر باصطداماتها إلكترونات جديدة تشكل ما يسمى القذف الأيوني ionic bombardment .
الشكل (2) مبدأ عمل المضاعف الإلكتروني |
وتستخدم الطاقة الضوئية أيضاً في إصدار الإلكترونات. فكل فوتون[ر] في ضوء تواتره v يمتلك طاقة ذاتية مقدارها hv، حيث h: ثابت بلنك Planck ويساوي 6.624×10-34 جول.ثانية. فإذا سقط شعاع ضوئي تواتره γ على مسرىً، طاقة اقتلاع الإلكترونات منه ضعيفة W، وكان الجداء hv أكبر من W، فإنه تصدر حينئذ إلكترونات طاقتها hv-W يمكن لمصعد أن يلتقطها. وهذا هو مبدأ الخلايا الكهرضوئية المفرغة أو الغازية، ويزداد الإصدار في هذه الحالة الأخيرة بوساطة القذف الأيوني. ويستخدم هذا المبدأ، بوجه خاص، في المضاعفات الضوئية وثنائيات المساري الضوئية والترانزستورات الضوئية.
ويمكن إصدار الإلكترونات بوساطة الحقل الكهربائي field emission إذ تصدر الإلكترونات من سطح الجسم الصلب حين يطبق عليه حقل كهربائي شديد من مرتبة 910 فولط/متر. وتزداد كثافة تيار إصدار الإلكترونات في هذه الطريقة أُسِّياً مع شدة الحقل بدءاً من قيمة معينة لها.
وتجدر الإشارة أخيراً إلى أن تفكك الأجسام ذات الإشعاع الناشط[ر] يولد إلكترونات على شكل أشعة بيتا مصحوبة بأشعة a وأشعة γ.
إصدار الأمواج الكهرمغنطيسية
الأمواج الكهرمغنطيسية[ر] تولدها دارات كهربائية مهتزة على شكل أمواج متخامدة damped، أو منوبات عالية التواتر على شكل أمواج مغذاة sustained.
الشكل (3) مبدأ بث الأمواج المتخامدة |
واتجه التفكير بعدئذ إلى الأمواج المغذاة التي تم الحصول عليها إما بتعديل اهتزازة قوسية arc modulation، أو بمنوبة عالية التواتر (قوس بُلْسِن Poulsen ومنوبة ألكسنْدِرْسَن Alexanderson). وقد قامت محطات إرسال قوية عدة باستخدام هذه الأمواج المغذاة حتى الحرب العالمية الثانية، وأعقب ذلك تطور هائل في الأنابيب الإلكترونية من الأنواع كافة.
الشكل (4) مبدأ توليد أمواج مغذاة ذات ترابط تحريضي بين الملفين L1 وL1. C1: مكثفة ترشيح، C2، مكثفة توليف |
وهناك أنماط أخرى من التعديل، ولاسيما في مجال الموجات القصيرة جداً (الصغرية)، أي ذات التواترات العالية جداً. وتكون الإشارات فيها مرموزة coded في غالب الأحيان (موجات مربعة أو مستطيلة يتم فيها تعديل عرض النبضة أو ارتفاعها..) وتكون الإشارات في بعض الأحيان مختلطة كما هي الحال في إشارات التلفزة.
ولا يمكن استخدام الدارات الكهربائية التقليدية ولا المولدات حينما يتصل الأمر بالأمواج الديسيمترية والسنتيمترية أو ما دون المليمترية كما هي الحال في الرادار، لذلك يستخدم عوضاً عنها المغنترونات magnetrons، وهي أنابيب إلكترونية يتم التحكم في تياراتها الإلكترونية مغنطيسياً؛ أو تستخدم الكليسترونات klystrons، وهي أنابيب إلكترونية تولد اهتزازات ذوات تواترات عالية جداً، ويتم فيها تعديل سرعة الحزم الإلكترونية؛ كما تستخدم أيضاً الكليسترونات العاكسة والأنابيب التي تولد أمواجاً متقدمة progressives.
توفيق قسام