امرؤ القيس ابن حجر الكندي (و. 496 - ت. 544)، هو شاعر جاهلي يمني الأصل، ويعد من أشهر شعراء العرب على الإطلاق، من أصحاب المعلقات، وامرؤ القيس لقبه واسمه حُندج أو عديّ، ويقال له الملك الضليل وذو القروح،[1] يُعرف في كتب التراث العربية باسم الملك الضليل و ذي القروح [2] كان أبوه سيد قومه وأمه فاطمة بنت ربيعة التغلبية أخت كُليب ومُهَلهِل.
حياتهولد امرؤ القيس في ديار بني أَسَد بنجد ونشأ في قبيلة كندة اليمنية، وهي أسرة ملوك كأسرتي الغساسنة والمناذرة، وكانت ديارها في اليمن غربيّ حضرموت قرية دمون، وهي المنقطة الذي ذكرها في شعره ودمون أيضا ساقية من أودوية دوعن (بحضرموت)، وفي غربيها مَسيل واد عظيم يقال له: وادي الغَبَر، ينهر إلى (وادي) الكسر. (السقاف: إدام القوت في ذكر بلدان حضرموت، 2005، ص 412) ويقال ان دمون هذه (وتعرف أيضا بـ دمون الهجرين) هي التي أشار إليها أمرؤ القيس في شعره.(( تطاول الليل علينا دمون .. دمون إنا معشر يمانون و إننا لأهلنا محبون)) ويقال أيضا انها قرية (القزة) الواقعة في وادي الغبر جنوب مدينة الهجرين واستعمرو آل حُجر آكل المُرار ارض نجد، في ديار بني أسد، نحو سنة 480م.[3]
توارث آباؤه السيادة على قبيلة بني أسد بنجد، وصار الأمر إلى أبيه حُجر، فكان يأخذ من بني أسد الإتاوة، وكان طاغية جباراً فثاروا به، وامتنعوا عن أداء الإتاوة فسار إليهم فأخذ سَرَواتهم (سادتهم) وضربهم بالعِصيِّ فسُمّوا عبيد العصا، واستباح أموالهم وطردهم من ديارهم فحقدوا عليه وأصابوا منه غِرّة فقتلوه.
لم يكن امرؤ القيس في مطلع حياته يؤخذ بأُبَّهة الملك وشهرة السلطة والحكم، بل شغف بالشعر يصور به عواطفه وأحلامه وبالحياة ينتهب لذائذها. وقد طرده أبوه وخلعه لمجونه وتهتكه ولتشبيبه بنساء القبيلة وتصديه لهنّ، فهام الشاعر على وجهه مع جماعة من الصعاليك وكانوا إذا وجدوا ماء أقاموا عليه يصطادون وينحرون ويحتسون الخمرة ويلهون.
إختياره لأخذ ثأر أبيهقصة لحظة إختياره لأخذ ثأر أبيه المذكوره في الأغاني ، فهي تبين أبعاد كثيرة في شخصيته. تبدأ مأساة امرئ القيس حين اغتال بنو أسد أباه، حجر.
(الأغاني، الجزء التاسع، ص ٦٥، ٦٦) ولما طعن الأسدي حجرا ولم يجهز عليه، أوصي ودفع كتابه إلى رجل وقال له: أنطلق إلي إبني نافع، وكان أكبر ولده، فإن بني وهلع فاله عنه، واستقرهم واحدا واحدا حتي تأتي امرأ القيس ، وكان أصغرهم ، فأيهم لهم يجزع فادفع إليه سلاحي وخيلي وقدوري ووصيتي. وكان في وصيته من قتله وكيف كان خبره. فأنطلق الرجل بوصيته إلي نافع ابنه فأخذ التراب فوضعه على رأسه. ثم استقراهم واحدا واحدا فكلهم فعل ذلك، حتي أتي أمرؤ القيس فوجده مع نديم له يشرب الخمر ويلاعبه بالنرد، فقال له: قتل حجر. فلم يلتفت إلي قوله، وأمسك نديمه. فقال له أمرؤ القيس : اضرب فضرب. حتي إذا فرغ قال: ما كنت لأفسد عليك دستك. ثم سأل الرسول عن أمر أبيه كله فأخبره فقال: الخمر علي والنساء حرام حتي أقتل من بني أسد مائة وأجز نواصي مائة ...
تبدأ مأساة امرئ القيس حين اغتال بنو أسد أباه، فلما علم بالأمر قال:«ضيّعني أبي صغيراً وحَمّلني دمه كبيراً، لا صحوَ اليوم ولا سكر غداً، اليومَ خمرٌ وغداً أمر»، وحلف لا يغسل رأسه ولا يشرب خمراً حتى يدرك ثأره من بني أسد ويسترجع ملكه الضائع.
أغار امرؤ القيس على بني أسد في حشد عظيم من قبيلتي بكر وتغلب فأدركهم وقتل فيهم قتلاً ذريعاً وأراد الاستمرار في مطاردتهم فتخلى عنه من معه، وكان المنذر بن ماء السماء اللخمي ملك الحيرة يخشى أن يستعيد امرؤ القيس سلطانه على بني أسد، فطارد امرأ القيس ومن معه من قبيلة كندة، ولجأ امرؤ القيس ومن معه إلى الحارث بن شهاب اليربوعي، ولكن المنذر تهدده إن لم يسلم إليه الكِنديين، فأسلمهم إليه فقتل منهم اثني عشر فتى.
وتمكن امرؤ القيس من الفرار ولجأ إلى سعد بن الضِباب الإيادي فأجاره.
وفاتهولم يزل يتنقل مستجيراً من قوم إلى قوم والمنذر يطارده، وأخيراً لم يجد بداً من اللجوء إلى امبراطور الروم جستنيان، بوساطة الحارث أمير الغساسنة وهم أعداء المناذرة، وقبل أن يصير إليه رهن دروعه وسلاحه عند رجل يهودي اسمه السَمَوءل كان يقيم في قصر له في بادية السماوة. ولما قدم على جوستنيان أكرمه ونادمه، واستمدّه امرؤ القيس فوعده ذلك، ولكن الشاعر توفي وهو في طريق العودة إلى دياره. ويقال إن الامبراطورـ لوشاية بلغته عنه ـ أهداه حلّة مسمومة لبسها فأسرع فيه السم، وتقرّح جلده ولما صار الشاعر إلى أنقرة ثقل فأقام بها حتى مات، وقد نسجت حول امرئ القيس وأخباره مرويّات كثيرة تختلط فيها الحقيقة بالخيال، ومن المحتمل أن تكون وفاته بمرض الجدري، ومن هنا جاءه لقب "ذي القروح".
شعره
اقرأ نصاً ذا علاقة في امرؤ القيس |
وشعره في الطبيعة صورة صادقة لشجاعته وتشرده وتقلبه من مكان إلى آخر، فهو يصحب الوحوش في الفلوات أو ينصرف إلى الصيد على ظهر جواد أسطوري لا مثيل له في عالم الخيول لحيويته الفائقة وحركته المذهلة التي يسيطر بها على العالم الخارجي فيحجر الوحوش في جحورها ويسدّ عليها منافذ الهرب.
وقد وصف الشاعر الطبيعة الحيّة كالفرس والناقة والثور الوحشي والظليم، وصور الطبيعة الصامتة كالرياح والغيوم وقسوة الصحراء، وحديثه مع الليل يكشف خبايا نفسه المترعة بالهموم، ومن صوره الرائعة في معلقته قوله يصف الليل وقد أسبغ عليه حالته النفسية:
وليل كموج البحر أرخى سُدولَه | عليَّ بأنواع الهموم ليبتلي |
فقلت له لمّا تمطى بصُلبه | وأردف أعجازاً وناءَ بكَلْكَلِ |
ألا أيّها الليلُ الطويل ألا انجَلِ | بصبحٍ وما الإصباحُ منك بأمثلِ |
قصائده
القائمة التالية لقصائد امرؤ القيس، للقراءة، اضغط هنا[4]:
- معلقة امرؤ القيس
- ألا عِمْ صَبَاحاً أيّهَا الطّلَلُ البَالي
- خليلّي مرّ بي على أم جندب
- سما لكَ شوقٌ بعدما كان أقصر
- أعِنّي عَلَى بَرْقٍ أراهُ وَمِيضِ
- غشيتُ ديارَ الحي بالبكراتِ
- ألا إنّ قَوْماً كُنتمُ أمسِ دُونَهُمْ
- لِمَنْ طَلَلٌ أبْصَرتُهُ فَشَجَاني
- قفا نبك من ذكرى حبيب وعرفان
- دَعْ عَنكَ نَهباً صِيحَ فيحَجَرَاتِهِ
- أرانا موضعين لأمر غيب
- أماويّ هل لي عندكم من معرّس
- ألما على الربع القديم بعسعسا
- لَعَمْرُكَ ما قَلْبي إلى أهْلِهِ بِحُرْ
- لمن الديار غشيتها بسحام
- يَا دَارَ مَاوِيّة َ بِالحَائِلِ
- ربَّ رامٍ من بني ثعلٍ
- أيا هِندُ، لا تَنْكِحي بوهَة
- ألا قبح الله البراجم كلها
- إن بني عوف ابتنوا حسباً
- ألا إلا تكن إبل فمعزى
- ألا يا لهف هُنْدٍ إثْرَ قَوْمٍ
- كَأني إذْ نَزَلْتُ عَلى المُعَلّى
- لَنِعمَ الفَتى تَعشُو إلى ضَوْءِ نَارِهِ
- ابعد الحارث الملك بن عمرو
- ديمة ٌهطلاءُ فيها وطفٌ
- أحار عمرو كأني خمر
- ألا انعم صباحاً أيها الربع وانطق
- أمِنْ ذِكرِ سلمَى أنْ نأتْكَ تَنوصُ
- حي الحمولَ بجانب العزلِ
- جزعتُ ولم أجزع من البين مجزعاً
- أجارتنا إن الخطوب تنوب
وأشهر قصائده معلقته التي مطلعها:
قِفا نَبكِ من ذكرى حبيبٍ ومنزلِ | بسِقْط اللِّوى بين الدَّخول فحَومَلِ |
وغزله مزيج من وصف وقصص وحوار بلغة موسيقية حافلة بالتصوير، وهو يسهب في وصف جمال المرأة، وغزله يتسم بصراحته وواقعيته. وقد يجمع شعره المناجاة والعتاب والرجاء والعزّة والرّقة في آن واحد.
قفا نبك من ذِكرى حبيب ومنزل | بسِقطِ اللِّوى بينَ الدَّخول فحَوْملِ |
فتوضح فالمقراة لم يَعفُ رسمهاَ | لما نسجتْها من جَنُوب وشمالِ |
ترى بَعَرَ الأرْآمِ في عَرَصاتِها | وقيعانها كأنه حبَّ فلفل |
كأني غَداة َ البَيْنِ يَوْمَ تَحَمَلّوا | لدى سَمُراتِ الحَيّ ناقِفُ حنظلِ |
وُقوفاً بها صَحْبي عَليَّ مَطِيَّهُمْ | يقُولون لا تهلكْ أسى ً وتجمّل |
وإنَّ شفائي عبرة ٌ مهراقة ٌ | فهلْ عند رَسمٍ دارِسٍ من مُعوَّلِ |
كدأبكَ من أمِّ الحويَرثِ قبلها | وجارتها أمَّ الربابِ بمأسل |
فَفاضَت دُموعُ العَينِ مِنّي صَبابَةً | عَلى النَحرِ حَتّى بَلَّ دَمعِيَ مِحمَلي |
ألا ربَّ يومٍ لك مِنْهُنَّ صالح | ولا سيّما يومٍ بدارَة ِ جُلْجُلِ |
ويوم عقرتُ للعذارى مطيتي | فيا عَجَباً من كورِها المُتَحَمَّلِ |
فظلَّ العذارى يرتمينَ بلحمها | وشحمٍ كهداب الدمقس المفتل |
ويوم دخلتُ الخدرِ خدر عنيزة | فقالت لك الويلات إنكَ مُرجلي |
تقولُ وقد مالَ الغَبيطُ بنا معاً | عقرت بعيري يا امرأ القيس فانزلِ |
فقُلتُ لها سيري وأرْخي زِمامَهُ | ولا تُبعديني من جناك المعللِ |
فمِثلِكِ حُبْلى قد طَرَقْتُ ومُرْضعٍ | فألهيتُها عن ذي تمائمَ محول |
إذا ما بكى من خلفها انْصَرَفَتْ لهُ | بشِقٍّ وَتحتي شِقُّها لم يُحَوَّلِ |
ويوماً على ظهر الكثيبِ تعذَّرت | عَليّ وَآلَتْ حَلْفَة ً لم تَحَلَّلِ |
أفاطِمُ مهلاً بعض هذا التدلل | وإن كنتِ قد أزمعت صرمي فأجملي |
وَإنْ تكُ قد ساءتكِ مني خَليقَة ٌ | فسُلّي ثيابي من ثيابِكِ تَنْسُلِ |
أغَرّكِ مني أنّ حُبّكِ قاتِلي | وأنكِ مهما تأمري القلب يفعل |
ومَا ذَرَفَتْ عَيْناكِ إلا لتَضْرِبي | بسَهمَيكِ في أعشارِ قَلبٍ مُقَتَّلِ |
و بيضة ِ خدر لا يرامُ خباؤها | تَمَتّعتُ من لَهْوٍ بها غيرَ مُعجَلِ |
تجاوزْتُ أحْراساً إلَيها ومَعْشَراً | عليّ حِراساً لو يُسروّن مقتلي |
إذا ما الثريا في السماء تعرضت | تعرضَ أثناء الوشاح المفصَّلِ |
فجِئْتُ وقد نَضَّتْ لنَوْمٍ ثيابَها | لدى السِّترِ إلاَّ لِبْسَة َ المُتَفَضِّلِ |
فقالت يمين الله ما لكَ حيلة ٌ | وما إن أرى عنك الغواية َ تنجلي |
خَرَجْتُ بها أمشي تَجُرّ وَراءَنا | على أثَرَيْنا ذَيْلَ مِرْطٍ مُرَحَّلِ |
فلما أجزْنا ساحة الحيِّ وانتحى | بنا بطنُ خَبْتٍ ذي حِقافٍ عَقَنْقَلِ |
هصرتُ بِفودي رأسها فتمايلت | عليَّ هضيمَ الكَشحِ رِيّا المُخَلخَلِ |
إِذا اِلتَفَتَت نَحوي تَضَوَّعَ ريحُها | نَسيمَ الصَبا جاءَت بِرَيّا القَرَنفُلِ |
مُهَفْهَفَة ٌ بَيْضاءُ غيرُ مُفاضَة ٍ | ترائبها مصقولة ٌ كالسجنجل |
كِبِكْرِ المُقاناة ِ البَياضِ بصُفْرَة ٍ | غذاها نميرُ الماء غير المحللِِ |
تصد وتبدي عن أسيلٍ وتتَّقي | بناظرَة ٍ من وَحش وَجْرَة َ مُطفِلِ |
وجيد كجيد الرئم ليس بفاحِش | إذا هيَ نَصّتْهُ وَلا بمُعَطَّلِ |
وَفَرعٍ يَزينُ المَتنَ أَسوَدَ فاحِمٍ | أَثيثٍ كَقِنوِ النَخلَةِ المُتَعَثكِلِ |
غَدائِرُها مُستَشزِراتٌ إِلى العُلا | تَضِلُّ العِقاصَ في مُثَنّىً وَمُرسَلِ |
وكشح لطيف كالجديل مخصر | وساق كأنبوبِ السقي المُذلل |
وَتَعْطو برخَصٍ غيرِ شَثْنٍ كأنّهُ | أساريعُ ظبي أو مساويكُ إسحلِ |
تُضيء الظلامَ بالعشاء كأنها | منارة ُ ممسى راهب متبتل |
وَتُضْحي فَتِيتُ المِسكِ فوق فراشها | نؤومُ الضُّحى لم تَنْتَطِقْ عن تَفضُّلِ |
إلى مثلها يرنو الحليمُ صبابة | إذا ما اسبكَرّتْ بينَ درْعٍ ومِجْوَلِ |
تَسَلَّت عِماياتُ الرِجالِ عَنِ الصِبا | وَلَيسَ فُؤادي عَن هَواكِ بِمُنسَلِ |
ألا رُبّ خَصْمٍ فيكِ ألْوَى رَدَدتُه | نصيح على تعذَاله غير مؤتل |
وليل كموج البحر أرخى سدولهُ | عليَّ بأنواع الهموم ليبتلي |
فَقُلْتُ لَهُ لما تَمَطّى بصلبه | وأردَف أعجازاً وناءَ بكلْكلِ |
ألا أيّها اللّيلُ الطّويلُ ألا انْجَلي | بصُبْحٍ وما الإصْباحَ مِنك بأمثَلِ |
فيا لكَ من ليلْ كأنَّ نجومهُ | بكل مغار الفتل شدت بيذبلِ |
كأن الثريا علِّقت في مصامها | بأمْراسِ كتّانٍ إلى صُمّ جَندَلِ |
وَقَد أَغتَدي وَالطَيرُ في وُكُناتِها | بِمُنجَرِدٍ قَيدِ الأَوابِدِ هَيكَلِ |
مِكَرٍّ مِفَرٍّ مُقبِلٍ مُدبِرٍ مَعاً | كَجُلمودِ صَخرٍ حَطَّهُ السَيلُ مِن عَلِ |
كُمَيتٍ يَزِلُّ اللِبدُ عَن حالِ مَتنِهِ | كَما زَلَّتِ الصَفواءُ بِالمُتَنَزَّلِ |
مسحٍّ إذا ما السابحاتُ على الونى | أثرنَ غباراً بالكديد المركل |
على العقبِ جيَّاش كأن اهتزامهُ | إذا جاش فيه حميُه غَليُ مِرْجلِ |
يطيرُ الغلامُ الخفُّ على صهواته | وَيُلْوي بأثْوابِ العَنيفِ المُثقَّلِ |
دَريرٍ كَخُذْروفِ الوَليدِ أمَرّهُ | تقلبُ كفيهِ بخيطٍ مُوصلِ |
لهُ أيطلا ظبيٍ وساقا نعامة | وإرخاء سرحانٍ وتقريبُ تنفلِ |
كأن على الكتفين منه إذا انتحى | مَداكَ عَروسٍ أوْ صَلاية َحنظلِ |
وباتَ عَلَيْهِ سَرْجُهُ وَلجامُهُ | وباتَ بعيني قائماً غير مرسل |
فعنَّ لنا سربٌ كأنَّ نعاجَه | عَذارَى دَوارٍ في مُلاءٍ مُذَيَّلِ |
فأدبرنَ كالجزع المفصل بينه | بجيدِ مُعَمٍّ في العَشيرَة ِ مُخْوَلِ |
فألحَقَنا بالهادِياتِ وَدُونَهُ | جواحِرها في صرة ٍ لم تزيَّل |
فَعادى عِداءً بَينَ ثَوْرٍ وَنَعْجَة ٍ | دِراكاً ولم يَنْضَحْ بماءٍ فيُغسَلِ |
وظلّ طُهاة ُ اللّحمِ من بينِ مُنْضِجٍ | صَفيفَ شِواءٍ أوْ قَديرٍ مُعَجَّلِ |
ورُحنا راحَ الطرفُ ينفض رأسه | متى ما تَرَقَّ العينُ فيه تَسَفَّلِ |
كأنَّ دماءَ الهادياتِ بنحره | عُصارة ُ حِنّاءٍ بشَيْبٍ مُرْجّلِ |
وأنتَ إذا استدبرتُه سدَّ فرجه | بضاف فويق الأرض ليس بأعزل |
أحار ترى برقاً أريك وميضه | كلمع اليدينِ في حبي مُكلل |
يُضيءُ سَناهُ أوْ مَصَابيحُ راهِبٍ | أهان السليط في الذَّبال المفتَّل |
قعدت له وصحيبتي بين حامر | وبين اكام بعدم متأمل |
وأضحى يسحُّ الماء عن كل فيقة | يكبُّ على الأذقان دوحَ الكنهبل |
وتيماءَ لم يترُك بها جِذع نخلة | وَلا أُطُماً إلا مَشيداً بجَنْدَلِ |
كأن ذرى رأس المجيمر غدوة ً | من السَّيلِ وَالأغْثاء فَلكة ُ مِغزَلِ |
كأنَّ أباناً في أفانينِ ودقهِ | كَبيرُ أُناسٍ في بِجادٍ مُزَمَّلِ |
وَألْقى بصَحْراءِ الغَبيطِ بَعاعَهُ | نزول اليماني ذي العياب المخوَّل |
كَأَنَّ سِباعاً فيهِ غَرقى غُدَيَّةً | بِأَرجائِهِ القُصوى أَنابيشُ عَنصُلِ |
على قَطَنٍ بالشَّيْمِ أيْمَنُ صَوْبهِ | وَأيْسَرُهُ عَلى السّتارِ فَيَذْبُلِ |
وَأَلقى بِبَيسانَ مَعَ اللَيلِ بَركَهُ | فَأَنزَلَ مِنهُ العَصمَ مِن كُلِّ مَنزِلِ |
تأثيره الثقافيمثله مثل باقي شعراء مايُعرف بالعصر الجاهلي، فالدلائل المادية عن وجوده التاريخي تكاد تكون معدومة لإن الثقافة التي حافظت على هذا الإرث كانت ثقافة شفهية وأول جهود تدوين الشعر الجاهلي بدأت في القرن الثاني والثالث بعد الإسلام[5] أقدم الإخباريين العرب الذين أشاروا لإمرؤ القيس كان ابن السائب الكلبي وهناك أربع روايات شفهية تم تدوينها عن حياته وقد أشار مؤلف كتاب الأغاني إلى ذلك[6] الغالب ان امرؤ القيس كان شخصية حقيقية لإن لمحات من روايات الإخباريين موجودة في الكتابات البيزنطية الكلاسيكية، فجده الحارث بن عمرو الكندي مذكور ووجوده مؤكد في كتابات البيرنطيين. يذكر البيزنطيين شخصا قريبا للحارث بن عمرو اسمه كايسوس كان ملكا على قبيلة كندة ومعد [7] ولكن التاريخ الحقيقي لهذا الشاعر غارق في الأسطورة [8] ومن أبر آثاره أنه نقل الشعر العربي لمستوى جديد [9] وتخليده لقبيلته في الذاكرة العربية [10] ولا زال يعتبر من أعظم الشعراء العرب الجاهليين