اراغون Aragon

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • اراغون Aragon

    أراغون

    اراغون

    Aragon - Aragon


    أراغون



    تقع أراغون Aragon اليوم في قلب الشمال الشرقي لإِسبانية يخترقها نهر أبرو وعدد من روافده من الشمال والجنوب. وتتألف إِدارياً من ولايات وَشْقَة وسَرَقُسْطة وتيرويل بمساحة 48000كم2 و1153000 من السكان بتفاوت في الكثافة بين منطقة وأخرى.

    أما أراغون الأصلية فهي بقعة صغيرة من أراغون القائمة الآن وتقع في سفوح البيرينة الجنوبية بين نهري أراغون الكبير والصغير ومنه اسمها على الأرجح. ويبدو أن تطرفها وكونها جبلية وعرة جعلها عصية على الدول الإِسبانية عبر العصور التاريخية. لم تخضع لاستعمار روماني واكتفى الجرمن البرابرة بالسيطرة على المدن الواقعة إِلى الجنوب منها على روافد الإِبرو, وقام الويزيغوط بتحصين المدن خشية غارات الجبليين, وحذا العرب المسلمون حذوهم بعد فتح الأندلس[ر] فاتخذوا من سَرَقُسْطة قاعدة ومنها انتشروا بشرياً ودينياً حتى اقتربوا من سفوح البيرينة, وقاومهم سكانها كما قاوموا الكارولنجيين في القرن 2هـ/8م. وفي هذا الصراع تبلور تدريجياً كيان سياسي خاص بين نهري أراغون ليمر بمراحل مختلفة.

    كونتية أراغون

    كانت البداية ببسط شارلمان الكارولنجي سيادته على أراغون وجعلها أحد ثغور مملكته, ثم بتسمية حاكمها لقب كونت وقد توفي أوريولوس Aureolus أول الكونتات (193هـ/809م). فتسلم أثنار غالينديس الأول Aznar Galindez المنصب وبعدما اغتصب صهره غرسية الرديء عرشه عاد الحكم للأسرة نفسها عام 204هـ/820م بشخص غاليندو بن أثنار, وفي عهده على الأرجح تم التحرر أيضاً من السيادة الكارولنجية. وتقوّى خليفتاه أثنار الثاني وغاليندو الثاني بتوثيق علاقاتهما بجيرانهما. وظهر ذلك في مصاهرتهما لبني الطويل المسلمين في الجنوب وملوك بنبلونه البشكنش في الغرب, ولو أن زواج ابنة ثانيهما بغرسية الأول بن شانجة Garcia Sanchez (313-359هـ/925-970م) أدى إِلى دمج كونتية أراغون بمملكة نبارة حتى وفاة ملكها شانجه الكبير سنة 426هـ/1035م, الذي خص ابنه رُدْمير (راميرو الأول) Ramiro بها, مما أتاح لها الظهور مستقلة مرة أخرى.

    مملكة أراغون

    وسع رُدْمير ما ورثه بضم منطقتين جبليتين مجاورتين هما سوبراربي Sobrarbe (بربطانية عند العرب) وريباغورثا Ribagorza بعد موت مالكهما (431هـ/1039م) واتخذ لقب ملك, وأتيحت له فرصة التوسع في الجنوب الغني على حساب العرب المسلمين بعد ضعفهم بانقسامهم إِلى طوائف والانقسام داخل طائفة الثغر الأعلى سَرَقُسْطة المجاورة لبلاده. وعلى الرغم من إِحرازه بعض المكاسب في هذا الاتجاه إِلا أنه قتل في المعركة مع المقتدر بن هود (438-474هـ/1046-1081م). تابع ابنه سانشوراميريث (ابن رُدْمير عند العرب) السياسة التوسعية إِثر وضع شخصه وتاجه بين يدي الله والقديس بطرس, ومادياً بكسب تأييد ملك قَشْتالة, مقابل العون الذي قدمه لهذا الأخير في مواجهة المرابطين]ر[. وكان توسعه غرباً على حساب البشكنش حيث ضم الجزء الأكبر من دولتهم دولة نبّارة بما فيها العاصمة بنبلونة 473هـ/1079م, وفي الجنوب ابتز كلاً من الأخوين المتنازعين من بني هود[ر] وهما أحمد بن سليمان المقتدر صاحب سَرَقُسْطة ويوسف المظفر صاحب لارِدَة وتطيلة فقبض المال من كل منهما لقاء عونه الذي خص به من دفع أكثر, كما كسب منهما بعض الأراضي ومات في حصار وَشْقَة (487هـ/1094م). وقد شهد عهد ولديه بيدرو الأول (487-497هـ/ 1094-1104م), والفونسو الأول المحارب (الفُنش عند العرب) (497-528هـ/1104-1134م) نهاية دولة بني هود وخضوع أغلب أراضيها للمرابطين منذ عام 502هـ/1108م, على الرغم من دخول دولتهم آنذاك مرحلة ضعفها. وربما ساعد هذا على التوسع الأراغوني فاحتل بيدرو الأول وَشْقـَة (489هـ/1096م) وبَرْبُشْتَر (493هـ/1100م). أما أخوه الفونسو الأول فطمع باحتلال القواعد الإِسلامية الكبرى فنازل لارِدَة. لكن المعونات التي تدفقت على تميم بن يوسف بن تاشفين أمير شرق الأندلس المرابطي أجبرته على رفع الحصار عنها, إِثر معركة فقد فيها عدداً كبيراً من فرسانه. فاضطر لطلب مدد من القوى المجاورة استعان بها لمنازلة سَرَقُسْطة (512هـ/1118م) حتى استسلمت, وتبعتها تطيلة وطرزونة في العام التالي. ثم احتل قلعة أيوب أمنع حصون شرقي الأندلس ودروقة (514هـ/1121م). غيّر هذا التوسع من طبيعة دولة أراغون إِذ أدى إِلى ضم أراض لها أوسع من أراضيها وأغنى وعامرة بسكان مسلمين ومستعربين مهرة في الفلاحة والصناعة ولم تلبث سَرَقُسْطة أن أصبحت حاضرة الدولة, ولم يخل احتلال الفونسو الأول لهذه الأراضي من مضاعفات ناجمة عن رد فعل الامبراطور القشتالي الفونسو السابع الذي رأى نفسه أحقّ بقسمٍ من هذه الأراضي, وكانت له غزواته سابقاً فيها, وتوصل ملك أراغون التالي وهو راميرو الثاني لحل المعضلة عن طريق إِعلان نفسه تابعاً للامبراطور في حكم الأراضي المفتوحة الجديدة. وفي المجال الداخلي اضطرته المشاكل للنزول عن الحكم لابنته باترونيلا Patronila (531هـ/1137م). بعدما زوجها لرامون بيرنغوير Ramon Berenguer كونت قطلونية وحاضرتها برشلونة, فاحتفظت الزوجة باللقب في حين مارس الزوج الحكم في أراغون (531-557هـ/1137-1162م) بالتزاماته نفسها في التبعية للامبراطور القشتالي في بعض أجزائها. وكان من ثمرات هذا الزواج والاتحاد غزو الأراضي الإِسلامية التي أصبحت بين شطري الدولة, فاحتلت مدينة طَرْطوشَة (543هـ/1148م) ثم مدينتي لارِدَة وإِفْراغة في العام التالي. كما كان لهذا الاتحاد تأثيره المتباين على قطلونية بوجه خاص, إِذ تدعمت سلطة الملك في نزاعه القانوني مع النبلاء, كما استفادت قطلونية من قيام أراغون بتحمل التبعات المالية والعسكرية المترتبة على الدفاع عن الدولة الجديدة من ناحية قشتالة براً, مما أفسح لها في المجال لتوجيه اهتمامها نحو التوسع البحري والتجاري وأدى إِلى قيام عرش أراغون الامبراطوري.

    امبراطورية أراغون

    بدأت ملامح هذه المرحلة التي أصبح فيها عرش أراغون يسود ممالك عدة, في زمن الفونسو الثاني الملقب بالعادل (557-592هـ/1162-1196م), الذي وحد في شخصه أولاً تاج المملكة بوراثته كونتية قطلونية عن أبيه وملكية أراغون من أمه. كما آلت لأسرته عن طريق الزواج والوراثة ممتلكات في البروفانس واللانغدوك جنوب فرنسة مما ورطه في منازعات بها وأحرز مكاسب في إِسبانية فقد ساعد الفونسو الثامن القشتالي في غزو قونقة, ونال مقابل ذلك الإِعفاء من التبعية له في جزء من أراضي دولته الموروثة, كما اتفق الطرفان سنة 575هـ/1179م في كاثورلا cazorla على اقتسام المناطق التي سيحتلونها, فنالت أراغون حق فتح شرق الأندلس حتى ميناء لقنت, ومرسية لقشتالة. وقد استطاع خايمي الأول الملقب بالفاتح (جاقة أو جاقمة عند العرب) (610-674هـ/1213-1276م) احتلال المنطقة التي كونت مملكة خاصة باسم مملكة بَلَنْسيَة أعوام 621-651هـ/1233-1253م, واستغرق حصار قاعدتها مدينة بَلَنْسيَة قرابة سنة ونصف قبل أن تسقط في 17 صفر 636هـ/30 أيلول 1238م. ثم عقد معاهدة مع القديس لويس (656هـ/1258م) تخلى الفرنسيون بموجبها عن أي حق لهم في روسيلون وبرشلونه مقابل تخلي خايمي عن أي حق له في البروفانس واللانغدوك. وبدأ بالتوجه نحو التوسع البحري, وحقق خلفاؤه الكثير فقد توج بيدرو الثالث في 674-684هـ/1276-1285م) ملكاً على صقلية, وغزا خايمي الثاني (690-727هـ/1291-1327م) سردينية وفرض سيادته على كورسيكة, ثم توسع سلطانه أبعد نحو الشرق بتأسيس دوقية في أثينة عندما قدم مساعدة للبيزنطيين ضد الأتراك. بعد هذا التوسع أدت أوضاع ملوك أراغون الداخلية وتشابكها مع أوضاع إِسبانية إِلى انخراط بيدرو الرابع (736-789هـ/1336-1387م) في حرب مدمرة مع قشتالة تكشفت عن ظهور النبلاء الإِقطاعيين بمظهر المتعاطفين مع زعماء قشتالة. وجاءتهم الفرصة المواتية عند وفاة مارتين الإِسباني (813هـ/1410م) من دون وريث من الأسرة القطلونية الحاكمة فاستولى على العرش الأمير القشتالي فرناندو دي انتقيرة لأن أمه ليونار ابنة لبيدرو الجميل ملك أراغون (736-789هـ/1336-1387م), وتلقى في سَرَقُسْطة طاعة نبلاء ممالك عرش أراغون (815هـ/1412م) فأخمد ثورة جزيرة سردينية كما أنه أعاد الاستقرار إِلى صقلية, ممهداً بذلك الطريق نحو بلوغ التوسع الأراغوني في المتوسط ذروته على يد خلفه الفونسو الخامس (819-862هـ/1416-1458م) الملقب بالهمام Magnanimo الذي نجح في السيطرة على نابولي وقضى أكثر أيام حكمه فيها متمتعاً بإِشباع ميوله في العلم والأدب. أما من الناحية السياسية فقد ارتقت مكانة الفونسو الخامس في وسط أوربة والشرق وحمل إِضافة لألقابه لقب دوق أثينة واللقبين الشرفيين لملك هنغارية والقدس.

    نشطت التجارة في دولة أراغون نتيجة التوسع البحري, وفتحت أسواقاً للصوف الأراغوني ومنسوجاته في قطلونية وكذلك لمنتجاتها الزراعية, كما تحققت أرباح طائلة من عمليات استيراد الحبوب من صقلية وسردينية وللتوابل والأصبغة والقطن من الشرق. وأسهمت هذه المنافع كلها في الازدهار الذي ساد أراغون في القرن الرابع عشر وأوائل الخامس عشر للميلاد, ثم بدأ بعد ذلك التدهور الاقتصادي الذي رافقه اضطراب داخلي قام فيه نبلاء قطلونية بدور مهم لنقمتهم على حكم السلالة ذات الأصل القشتالي. فوجد خوان الثاني
    (862-863هـ/1458-1459م) حلاً للمشكلتين بتزويج ابنه فرناندو بايزابيلا أخت هنري الرابع ملك قشتالة ووريثته, وحكمت هي وزوجها كلاً من قشتالة وأراغون معاً على أن تبقى لكل من المملكتين قوانينها الخاصة وعاداتها العرفية وتقاليدها, وكانت هذه الخطوة الأولى في إِقرار وحدة إِسبانية القومية وتم في عهدهما القضاء على دولة غرناطة سنة 897هـ/1492م. روعيت في هذه الدولة المصالح المتمايزة للكيانات السياسية, فظلت دولة أراغون القديمة تحكم كوحدة من قبل نائب الملك, وبقيت المؤسسات السياسية والتشريعية والجمارك على تمايزها القديم. كما أنشئ في مدريد العاصمة مجلس يهتم بالمسائل الخاصة بمملكة أراغون القديمة بما فيها مملكة صقلية وسردينية وكان لجزر البحر المتوسط دور مهم في أعمال إِسبانية في هذا البحر, ولذلك, فإِن هذه الدولة خصت إِيطالية بمجلس لمعالجة قضاياها. ولعل المؤسسة الوحيدة التي سادت لدى جميع هذه الكيانات كانت محكمة التفتيش التي أنشأها فرناندو الملقب بالكاثوليكي, ومع ذلك لم تخلص هذه الوسائل كلها منطقة دولة أراغون السابقة من المشاكل الخطيرة في القرن السادس عشر الميلادي, فقد تحرك الأتباع أو الأفصال ضد السادة الإقطاعيين أو النبلاء كما اضطربت فئة المدجنين والموريسكوس[ر. الأندلس] الذين ظلوا شريحة اجتماعية عصية على التمثل في المجتمع الإِسباني أو الأراغوني.

    أحمد بدر


يعمل...
X