الأرك (معركة-)
ارك (معركه)
Al-Arak - Al-Arak
الأَرَك (معركة -)
الأَرَك أو الأَراك موقع وحصن أندلسي من منطقة قلعة رباح يدعى اليوم سانتا ماريا دي ألاركوس Santa Maria de Alarcos, ويقع على بعد سبعة أميال إِلى الجنوب الغربي من مدينة ريال Real اليوم. وقد بني الحصن على قمة جبل, وعلى سفوحه الوعرة المسماة بفحص الحديد الواقعة بين الحصن ووادي آنة حدثت الموقعة المشهورة, التي أخذت اسم الحصن, بين ألفونسو الثامن ملك قشتالة وأبي يوسف يعقوب المنصور الخليفة الموحدي, وذلك إِثر انتهاء أمد هدنة كانت قد عقدت بينهما, وقيام الملك القشتالي بالأعمال العدائية والإِغارة على الأراضي الإِسلامية في منطقة إِشبيلية. رد المنصور بالعبور إِلى الأندلس والتوجه عبرها للنزول في بسائط قلعة رباح وشلبترة (اليوم سالفاتيرا Salvatierra), كي يواجه ألفونسو من مناطق المرتفعات هذه التي يقع إِلى جنوبها حوض نهر الوادي الكبير, وما عليه من أمهات المدن الأندلسية كقرطبة وإِشبيلية, وكي يمنعه من تمكين نفسه فيها. وسارع ألفونسو بالاتجاه نحوه من دون انتظار لوصول نجدات حلفائه إِليه.
لا تذكر المصادر, حتى العربية منها شيئاً عن عدد جيش الموحدين, وإِن فصلت في تعداد الأجناس الداخلة فيه. ويرد في المصادر العربية ذكر عدد جيش ألفونسو ولكن ثمة تبايناً كبيراً فيما بينها.
وقد خاض الجيش الموحدي المعركة وفق خطة نصح بها عبد الله بن صناديد القائد الأندلسي وقَبِلَها الخليفة الموحدي لأن الأندلسيين كانوا أكثر خبرة بمحاربة الإِسبان. فتوارى قسم يضم قبائل الموحدين وعلى رأسهم الخليفة إِضافة لعبيدهم عن أنظار المتقاتلين. وسارت بقية الجيش بقيادة أبي يحيى حفيد أبي حفص عمر الهنتاتي أحد أصحاب المهدي بن تومرت ومعه راية الخليفة البيضاء, حتى نزلت بأسفل المنحدر ضحى 8 شعبان 591هـ/18 تموز 1195م. ثم عبأ القائد جنده ببقائه مع محاربي قبيلته هنتاتة في القلب, وجعل الأندلسيين ميمنة وزناتة والقبائل العربية ميسرة, ووضع الغزّ والمطوعة في المقدمة. وقد فرضت هذه التعبئة على الجيش القشتالي من أعلى الربوة لبس الحديد استعداداً للقتال, الذي لم يباشره الموحدون في ذلك اليوم, وقد ضاقوا ذرعاً بما لبسوه, ولعلَّ ذلك ما أجبرهم على مباشرة الهجوم في اليوم التالي بقسم من جيشهم انحدر من أعلى الربوة وقام بثلاث كرات على القوة الموحدية, نجح بنتيجتها في تشديد ضغطه على القلب ظناً منه بوجود الخليفة فيه. وتمثل ذلك النجاح بقتل القائد أبي يحيى. لكن جناحي القوة الموحدية, استغلا الوضع للتقدم صعوداً باتجاه أعلى الربوة, وتمكن جند الميسرة من العرب والمغاربة الزناتيين مع بعض الغز, وكلهم فرسان خفاف الحركة, من التمركز بين القوة القشتالية المهاجمة وكتلة جيشهم في أعلى الربوة. وأدى الوضع الجديد إِلى زج الجيش القشتالي كله في المعركة. وفي أوج احتدامها ظهرت بقية الجيش الموحدي بقيادة الخليفة, ورمت بثقلها فيها, فحلت الهزيمة بالقشتاليين عند ظهيرة اليوم بحسب الرواية الإِسبانية أو عند حلول الظلام بحسب الرواية العربية. احتمت فلول المنهزمين في حصن الأرك, وحاصره الموحدون وهم يظنون أن ألفونسو الثامن داخله. وفي الواقع لم يكن فيه سوى الراية الملكية التي تركها خلفه لدى هربه منه قبل إِكمال حصاره, تاركاً دييغو لوبيث دي هارو Diego Lopez de Haro في القيادة ومعه 24 ألفاً بحسب رواية (روض القرطاس, ص228), بينما تجعلهم رواية (ابن عذاري, البيان المغرب, تطوان 1960 ص195) خمسة آلاف. ثم توسط بين الطرفين بيطرة بن فراندس كما تسميه المصادر العربية Pedro Fernandez de Castro, وهو فارس قشتالي معادٍ لألفونسو الثامن وموال للمسلمين, واستطاع إِقناع الخليفة بقبول استسلامهم على الحرية مقابل إِطلاق سراح عدد مماثل من أسرى المسلمين لدى الإِسبان, الذين لم ينفذوا الاتفاق بعد تحرير بني دينهم. كانت الخسائر كبيرة, وخاصة في صفوف القشتاليين, والثابت أنها كانت ضربة قاضية على قوة ألفونسو, بدليل إِحجامه عن مجابهة الخليفة عند توغله بعدها أكثر من مرة في أراضيه, على الرغم من عون ملك أراغون له. وربما كان من عوامل هذا النصر الذي أحرزه الموحدون خطتهم الملائمة وإِدخالهم لعنصر جديد على المنطقة وهو الغُز بطريقتهم الحربية القائمة على استخدام النبال بكثافة ذات فعالية مدمرة بحسب وصف المروية اللاتينية. ويضاف إِلى ذلك خطأ ألفونسو الثامن في تقدير قوة الموحدين بعدما تعود على الغزو سابقاً في أراضي الأندلس من دون مواجهة مقاومة تذكر, ويبدو أن خطأه هذا كان عاماً في بلده, حتى إِن جماعات من تجار اليهود رافقت جيشه حاملة أموالاً كثيرة لشراء أسرى المسلمين.
وكان من نتائج المعركة أن بثّ الخليفة المنصور جيوشه في أراضي قلعة رباح فاستولت على عدة حصون ثم على قلعة رباح المنيعة ذاتها بعد أن ظلت في حوزة القشتاليين زهاء نصف قرن.
أحمد بدر