كتب: نوري عبد الدائم أبو عيسى.ليبيا:مئة عام من المسرح هكذا تكلم المسرحيون 1908 - 2008

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #91
    الفنان مصطفى احميدة العجيلي
    إعداد / مختار الأسود
    * ولد عام 1916 مصطفى احميدة العجيلي بالمدينة القديمة بطرابلس بمنزل القنوني بزنقة قوس المفتى ، تعلم في بداية سنوات عمره الأولى وتتلمذ على بعض مشاهير العلماء، منهم الأستاذ علي أمين سيالة والشاعر أحمد قنابة. في عام 1925 التحق بمدرسة مكتب الفنون والصنائع وتعلم بها اللغة الإيطالية إلى جانب اللغة العربية، ورقمه بها (70) تخرج عام 1932 وظل يتردد على مكتب الفنون والصنائع حتى تم تعيينه مدرساً بمدرسة تاورغاء، وبقى بها مدة ثلاثة أشهر، ثم انتقل إلى مدرسة بمدينة بنغازي وبقى بها مدرساً لمدة سنة عاد بعدها إلى مدينة طرابلس لمراعاة حالة والدته والاهتمام بها.تحصل على درجة الدكتوراه من إيطاليا مدينة نابولي في سنة 1937 م . عمل بالتدريس مدة تزيد عن 25 سنة.عمل مفتشاً للغة العربية في المدارس الإيطالية.
    * علاقته بفن المسرح بدأت منذ مباشرة عمله بالتدريس حيث تولدت عنده رغبة وميلا لفن التمثيل المسرحي، إذ رأى في هذا الفن مدرسة متسعة لسرد التاريخ، كما رأى فيه مصحة لعلاج الأمراض الاجتماعية، وكما أنه وسيلة للترفيه الاجتماعي، فهو أيضاً وسيلة للنهوض الثقافي ومرآة للحضارة. وعلى هذا الأساس من الرغبة الصادقة والميل الهادف لفن المسرح، وباعتباره أحد خريجي مكتب الفنون والصنائع، فقد استطاع اقناع زملائه من خريجي المكتب وغيرهم من الأدباء والمثقفين للسعي في تكوين فرقة للتمثيل والموسيقى. وفي عام 1936 تحقق هدفه حيث كان أول المؤسسين لأول فرقة بمدينة طرابلس وهي (فرقة خريجي مكتب الفنون والصنائع للتمثيل والموسيقى) وتولى إدارتها والإشراف على شؤونها الفنية.
    وهو يعتبر بحق من رواد النهضة المسرحية في مجالاتها الفنية المتعددة كاتباً ومؤلفاً ومقتبساً لبعض النصوص العربية والغربية مخرجاً وممثلاً بارعاً.
    - أعمال الدكتور مصطفى احميدة العجيلي في مجال المسرح متنوعة منها:
    * مسرحية (وديعة الحاج فيروز الخراساني) وهي قصة عربية مشهورة أدبياً وتاريخياً، وهي من اقتباسه، وقام بتمثيل أحد أدوارها الرئيسة. وهذه هي أول عمل مسرحي قدمته فرقة خريجي مكتب الفنون والصنائع عام 1937.
    * مسرحية (الرضا) قصة اجتماعية عصرية أخلاقية بناءة مطعمة بألوان من الشعر الداعي للقناعة والخير والمثابرة، وهي من إخراجه.
    * مسرحية (مزين بغداد) هزلية، من إعداده.
    * مسرحية (طاش وطوشون) أخلاقية اجتماعي باللهجة الطرابلسية، من إخراجه.
    * مسرحية (غرام وانتقام) معربة من نوع المأساة، من إخراجه.
    * مسرحية (براعة) مسرحية أدبية، من تأليفه ومن إخراجه.
    * مسرحية (الولد العبيط) تربوية أخلاقية، من تأليفه ومن إخراجه.
    * مسرحية (ناكر الجميل) أدبية أخلاقية، وتعتبر من روائع المسرح العربي الليبي، من تأليفه ومن إخراجه، وقام بدور رئيسي فيها ممثلاً بارعاً.
    * مسرحية (الصديق المنافق) أدبية أخلاقية من تأليفه ومن إخراجه.
    * مسرحية (العاقبة) أدبية اجتماعية من إخراجه، وهذه المسرحية تعتبر أول عمل مسرحي للنادي الأدبي بطرابلس.
    * مسرحية (اعتناء الآباء بالأبناء) أخلاقية تربوية من إخراجه.
    * مسرحية (خيانة الأصحاب) اجتماعية أخلاقية من إخراجه.
    * مسرحية (مساوئ المال) من إخراجه.
    - للدكتور الفنان مصطفى احميدة العجيلي الفضل الكبير في تشجيع وخلق المواهب الفنية في مجال المسرح بعد الجيل الأول من الرواد، ونذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر:
    1) الفنان مصطفى محمد الأمير، فقد اختاره الدكتور مصطفى احميدة العجيلي من بين شباب نادي العمال واسند إليه دور (الأب) في المسرحية التي ألفها وأخرجها وعنوانها (العودة إلى المدرسة) وشجعه على قبول الدور وساعده ودربه على القيام به، ومنذ ذلك اليوم الذي ظهر فيه على خشبة المسرح لأول مرة تحقق للفنان الصغير ما كان يحلم به، وأصبح من رواد جيله في مجال المسرح.
    2) الفنان مختار رمضان الأسود شجعه الدكتور الفنان مصطفى العجيلي على دخول فن المسرح منذ صغره يوم أسند إليه دوراً يتناسب مع سنه آنذاك في مسرحية تاريخية شهيرة بعنوان (يوم القادسية) سنة 1945 بنادي العمال.
    3) وفي أول حفلة لفرقة الأمل التي عرضت فيها مسرحية (الصديق المنافق) من تأليف وإخراج الدكتور الفنان مصطفى احميدة العجيلي الذي شجع بعض الفتيان الذين لم تتجاوز أعمارهم الخامسة عشرة على الظهور في نهاية العرض على المسرح ليسمعوا المشاهدين بعض الأناشيد في حفل الختام، منهم:
    فائق بن سلطان، وكامل الحسنين، ومختار الأسود، ونوري القروش، ورمضان زميط، والهادي ذياب، ومحمد العروسي، وعيسى الصومالي.
    وقد تكاثفت مجهودات الدكتور مصطفى احميدة العجيلي مع العديد من الشعراء والمثقفين والأدباء لإلقاء بعض الكلمات الأدبية والقصائد الشعرية قبل العروض المسرحية، وهذه أبيات من بعض تلك القصائد الشعرية التي كانت تعرف بالفن المسرحي وتلهب حماس المشاهدين ومنها هذه الأبيات:
    بعنوان (من وحي التمثيل المسرحي)
    ابعثوا الفن فخارا وجلالا وبهاء يملأ الدنيا جمالا
    أيها الفتيان يا من أسسوا مسرحا للفن قد شع هلالا
    أنتم المأمول في نهضتنا ولكم نرفع ماجد وطالا
    بالفن ستبنوا مجدكم وعليه تمسحوا الداء العضالا
    فنراكم في قريب أمة ردت التالد وازدادت كمالا
    أليست هذه الأبيات الشعرية ترجمة صادقة لما كان يعتمل في صدور هؤلاء الشباب من مشاعر يوم أسسوا أول فرقة للتمثيل عام 1936 وعلى رأسها الدكتور الفنان مصطفى احميدة العجيلي الذي كان يعتقد بأن المسرح يعتبر ركناً مهماً من أركان التقدم الثقافي والحضاري.
    كان الدكتور الفنان مصطفى احميدة العجيلي مخلصاً لهواية فن المسرح تدفعه رغبة صادقة في تحقيق أهداف النهضة المسرحية في بلادنا العزيزة، فلا يرى أن هناك أي سبب يقف في سبيل تحقيق هذه الرغبة، فحين دبرت سلطات الاحتلال الإيطالي الفاشستي أثناء سنوات الحرب العالمية الثانية خطة ماكرة تفشل بها نشاط أول فرقة للتمثيل بمدينة طرابلس، لما لاحظته من مردود ثقافي جماهيري للمواطنين المشاهدين المتمسكين بهويتهم وأصالتهم وتاريخهم بفضل مشاهدتهم للمسرحيات التي تقدمها الفرقة، خلقت تلك السلطات الفاشستية الإيطالية ذريعة تحبط بها مشاعرهم أولا وتحقق بها حل الفرقة وإنهاء نشاطها ثانيا.. وفرضت على إدارة الفرقة تغيير الاسم إلى اسم فاشستي جديد وفي حالة عدم القبول تحل الفرقة وتوقف جميع نشاطاتها في مجال المسرح والموسيقى.
    وكان الرد بذكاء وحنكة وإصرار على البقاء في المسيرة الفنية أن الفرقة تقبل تغيير اسمها ومواصلة نشاطها، وذلك بعد أن حلل الدكتور الفنان مصطفى أحميدة العجيلي الاسم الإيطالي الجديد المفروض المختصر في مقاطع ثلاثة تبدأ بحروف ثلاثة هي باللغة الإيطالية (a.m.l) نقلها إلى حروف عربية فكانت (أ.م.ل) ... ولما جمعها في خاطرة كانت فرقة (الأمل) فاستبشر خيراً وتمت الموافقة على الاسم الجديد.. وهكذا خلق في أعماق نفوس زملائه بأننا قبلنا لأننا في فرقة (الأمل).. والخلاص من المستعمر الفاشستي المحتل..
    واستمرت الفرقة تقدم عروضها المسرحية حتى قبل نهاية الحرب العالمية الثانية فعرضت مسرحية (عصمان البحري) كما عرضت مسرحية (الصديق المنافق) التي كانت من تأليف وإخراج الدكتور (مصطفى احميدة العجيلي) .
    وأول خطوة خطاها في عام 1944 نقل الفرقة إلى مكان جديد بشارع درغوت باشا واختار لها اسماً جديداً هو: (نادي العمال) وتولى شؤونه الإدارية والفنية واستمر النادي بنشاطاته الفنية الثقافية والاجتماعية والرياضية.
    وفي حفلة الافتتاح عزفت الفرقة الموسيقية التابعة للنادي أغلب الأغاني التي كانت معروفة في تلك الأيام ليبية ومصرية.
    وهذه الفرقة الموسيقية كانت تتكون من عازفين جميعهم من كهول خريجي مدرسة الفنون والصنائع يشرف على تمارينها أكبرهم سناً وأقدرهم عزفاً وهو الفنان رمضان الأسود وكان الدكتور مصطفى احميدة العجيلي هو الذي جمع شملهم عند تأسيس نادي العمال وهم:
    رمضان الأسود، مختار الترهوني، مختار الباهي، الهاشمي الفيتوري، محمد الأرناؤوطي، حميدة ميلاد، المهدي الشريف وغيرهم.
    وأول عمل للنادي هو إعادة تمثيل مسرحية (ناكر الجميل) من تأليف وإخراج الدكتور مصطفى احميدة العجيلي، اشترك في تمثيلها أغلب الوجوه القديمة لفرقة خريجي مكتب الفنون والصنائع الذين اكتسبوا شهرة واسعة منذ عام 1936.
    وظل الدكتور مصطفى حميدة العجيلي يعطي لفن المسرح في إبداع ألوانه التخصصية من تأليف واقتباس وإخراج وتمثيل حتى نهاية نادي العمال عام 1946.
    وفي منتصف هذا العام (1946) انتقل الدكتور مصطفى أحميدة العجيلي إلى مجال الصحافة فأصدر مجلة (المرآة) وصدر أول عدد منها بتاريخ 15- 7- 1946، وهي صحيفة أدبية فنية ورياضية وقد اهتمت بفن (الكاريكاتير) وكانت أول مجلة تقدم هذا الفن في ليبيا وكان الفنان والرسام والرياضي القدير فؤاد مصطفى الكعبازي هو الذي يقوم برسوم (الكاريكاتير) في هذه المجلة. ومن بين أعضاء أسرة تحريرها الأساتذة:
    محمد خليل القماطي، مصطفى الكعبازي، عبد الرزاق البشتي، الهادي عرفة، الشاعر أحمد الشارف، الشاعر أحمد قنابة، الشاعر المحامي علي صدقي عبد القادر، أحمد الحصائري.
    ومن أحسن أبوابها: حسب رأى صاحبها الدكتور مصطفي أحميدة العجيلي هو باب (الهتشيات) ويعني الكلام الذي لا يعتد به ولا يعتمد عليه يتناول فيه محرر هذا الباب أخبار المجتمع.
    كان فنانا بطبعه يطرب لاستماع الموسيقى وتعجبه الأغنية الليبية خاصة في ثوبها (الفزاني) من جنوب الوطن ويرى بأن هذا اللون هو الفن الصحيح والأصيل والموروث الصافي بغير تعكير.
    ظل حتى آخر أيام حياته يحن للمسرح لأنه متصل بأعماق نفسه منذ عام 1936 وكان يعبر عن الحنين بأنه (حنين العاشق الولهان) إلى أن فارق الحياة رحمه الله رحمة واسعة.
    ونأمل أن تكون الأسطر لمسيرته الفنية تذكرنا بما حقق من طموحات في مجال فن المسرح رائداً من رواده الأوائل، حتى فارقه بالعشق والحنين، ونرددها اليوم مع التقدير له والوفاء لما بذله من جهد وعطاء.
    - وفاته:
    توفى المرحوم الدكتور مصطفى العجيلي يوم 26- 9- 2004 مسيحي اللهم أسكنه فسيح جناتك وألهم أسرته وتلاميذه وأصدقاءه الصبر والسلوان.
    إنا لله وإنا إليه راجعون

    تعليق


    • #92
      فؤاد الكعبازي
      سيرة القنديل أو ذاكرة الإبداع البكر
      حوار / نوري عبدالدايم

      على مدى ستة أيام متقطعة حرص الأستاذ " فؤاد الكعبازي " كما حرصت على أن تترك الذاكرة تقودنا الى سرد حر مفتوح لأن الذاكرة كما يقول أشبه بالفقاقيع إذا أطلقت واحدة تيقظت الأخريات " فكانت تداعيات سرده أشبه ببناء روايات " ميلان كونديرا" في إنتقاله الزماني والمكاني والعودة اليهما . لم تفارقه ذكريات طفولته فنراها نقية صافية على غير ذكرياته في فترة الأربعينيات والخمسينيات التي يتعذّر عليه رصد تواريخها وأسماء أعلامها تاركاً لي مهمة التـأكد منها من المراجع أوشهود عصرها للأمانة . هنا أختص بنشر مادار بيننا من حوار حول المسرح وأعلامه الرواد .
      * :- عندما تأسس " نادي العمال " سنة " 1944 م " برئاسة " احمد قنابة " وعضوية د. مصطفى العجيلي " نائباً للرئيس " و " محمد محمد قنابة " أميناً للصندوق . قمت بتصميم شعار النادي ، بالإضافة الى نشاطك كرياضي ومصمم مناظر "1 " .
      د . الكعبازي :- كان أغلب رواد " نادي العمال " من خريجي " مدرسة الفنون والصنائع " وكان رواده " مصطفى العجيلي ، والهادي المشيرقي ، ومحمد قنابة ، واحمد قنابة ، ومحمد حمدي ، وأحمد البيزنطي ، عبدالمجيد النعاس ، والصديق حواص ، وسالم التلتي ، وعمر حدود ، سالم كمال ، وأحمد الحصايري ، _ تحر على الأسماء فذاكرتي لاتستطيع استحضارهم كلهم _ والتحق أخيراً " مصطفى الأمير " كان يضم موسيقيين و ملاكمين وأدباء وعمال ... كان مقرّنا في " حوش قنابة " بشارع " سيدي درغوت " وهو عبارة عن منزل عربي يحتوي على استراحات . صممنا فيه حلبة للملاكمة ومصطبة للتمثيل في صالة بمساحة ( 12×12 متر) قمت بهذا العمل صحبة " علي فتحي المحمودي " من مناظر ونجارة.... يضم هذا المقر إستراحات صيفية وصالة للشتاء ، تركنا في خلفية الركح مسافة 30 سم على الحائط لضرورات التنكر وتغيير الملابس " كواليس " و لم يترك مكاناً للملقن الذي يعد ضرورة من ضرورات فن التمثيل في ذلك الوقت ، فكان بدوره يحفظ جميع الأدوار ويتنقل حسب حركة الممثل . كان أيضاً " مصطفى العجيلي " و محمد حمدي" يمتلكون القدرة على الحفظ .... روح التعاون هي المبداء الذي اعتمدناه في هذا النادي ... كانت تجلب المقاعد من المقاهي بعدما تقفل أبوابها . وتكفلت أنا بالستائر من بيت والدي وإرجاعها للبيت بعد العرض . منهم من تكفل بمد الإنارة . الملابس كان يتكفل بها الممثلين . كان " مصطفى العجيلي " يمتلك مقدرة نادرة على جمع التبرعات من الأسواق بمساعدة " محمد الكريكشي " . إضافة لدوري في المناظر والتنكر كنت مدرباً للتربية البدنية " الملاكمة ، المصارعة ، كرة القدم" . كما قدمت يوم الافتتاح عرضاً رياضياً "1" .... كنت قبلها منتسباً للنادي الأدبي والكشاف صحبة " مظفر رفعت " والد " حورية مظفر " ، و" مماد الامير" ، والد " مصطفى الأمير " . ولد " الكشاف " سنة 1934 م " قبل ميلاد " النادي الأدبي " كانت التدريبات _ أي الكشاف _ في " سيدي عمران " كما أسس " نادي العمال " تحت مظلة " النادي الادبي " الذي أفتتح امام " مكتب الفنون و الصنايع " أمام " فندق البدري " .
      *:- أخبرتني بأن والدك لم يذهب للعروض المسرحية إلا مرة واحدة عندما ألتزم أمام فرقة هواة درنة سنة 1936 م . كما لا يرغب في إنضمامك لأي فرقة مسرحية .
      د. الكعبازي :- كان " مصطفى العجيلي " يتمتع بعلاقة طيبة مع والدي الذي دعاه لحضور أحدى العروض التي أمثل فيها دور " عريس " يموت والده دون علمي . لم يرض أبي هذا الموقف و تشأم منه ولم يذكره سلباً أو إيجاباً . كانت ردة فعله الوحيدة إمتناعه عن الكتابة في مجلة " المرآة " التي يديرها " مصطفى العجيلي " أنتقل هذا الإحساس إلي من والدي ولم أعد التجربة بعد ذلك .
      *:- هذا أخر عرضاً لك كممثل ... كيف كانت البدايات ؟
      د . الكعبازي :- اول عرض أذكره كان مع الممثل " محمد حمدي " في دور " طبيب " كان باللهجة المصرية التي لم اكن أجيدها مثل " حمدي " و " حسن المصري " ، الأمر الذي جعل الجمهور يضحك من طريقة أدائي . واضحكت " حمدي " معي . كتبت الصحف " الممثل الذي أضحك " حمدي " .... تعلمت من حمدي فن التنكر والإخراج وطريقة صباغة الوجه . .... بعدها انتقلت فرقة " نادي العمال " الى مقر أخر "2" . شاركت في تأسيس " الفرقة العربية للتمثيل " 3 " مع نخبة من المثقفين أذكر منهم " محمد حبيب الله ، سالم كمال ، أحمد جميل ، عبدالسلام باش امام " مع الأستاذ " الطاهر الشريف " _ وهو شخصية وطنية _ أتفقنا مع " سالينوس " صاحب " الهمبراء " الذي خصص لنا صالة للتدريبات . كنت مسؤلاً فنياً في أغلب أعمال الفرقة وكان " سالم كمال " مديراً للإدارة المسرحية . كانت لغة الأعمال الفصحى البسيطة السلسة . قمت بإخراج مسرحية " أماه " من تأليف " الطاهر الشريف " تحكي سيرة ثلاث شخصيات " عمر الخيام ، ونظام الملك ، وحسن السفاح " وتربط بينهما " الأم " كنت أقوم برسم الشخصيات حسب تصوري وأقدمها للممثلين مع النسخة ، في أغلب أعمالي كنت أعتمد هذه الطريقة وأيضاً كنت أحاول أن أجرب الممثل في أغلب الأدوار . في أحد الأعمال أسندت دور " المحقق ل " لبيد الخضار " وأسندت للبيزنطي دور " بحار " مع كل تفاصيله بالوشم والأداء .. مع مخارج حروف الشخصية . ففي هذا العمل يمثل عاملاً وفي عمل أخر مديراً . ولتأثري بالسينما أدخلت الأداء الطبيعي للمسرح مستعيناً بناقل للصوت . مثلث في هذا العمل فتاة إيطالية مستوطنة ، كما قمنا بتنفيذ شلال تجري منه المياه بمساعدة الخلفية والإضاءة وتوزيع المياه من الحنفيات .... في أحد العروض قدمت الفرقة " لبيد لخضار " _ وهو شخصية محبة للفن ويتمتع بصوت جميل ويعشق أغاني " محمد عبدالوهاب "_ بالات عصرية اوركسترالية متكاملة غنى فيها قصيدة " أنشودة الفن " " 4 " .
      * :- كيف كانت أشكال الدعاية في ذلك الوقت ؟
      د. الكعبازي :- كان ينشر إعلانأ في صحيفة " طرابلس الغرب " مع ملصقات كبيرة تعلق أمام المسرح كان " محمد بطاطا " ينسخ منها عدة نسخ في مطبعة يملكها إيطالي . وأوراق صغيرة ملونة توزع يكتب عليها أسم العمل ومكانه وقيمة التذكرة . بقيت مع هذه الفرقة الى غاية ذهابي الى " بريطانيا " للدراسة .

      - المصادر :-

      -"1"_ تصدرت الساحة حيث يقع مربع الملاكمة صورة كبيرة لشعار النادي قام بتصميمها ورسمها " فؤاد الكعبازي " .......... وانتهت الحفلة باستعراضات رياضبة سويدية قام بها المدرب الرياضي " فؤاد الكعبازي " والرياضي المسرحي " عمر جرمة " . المصدر / بشير محمد عريبي " الفن والمسرح في ليبيا " منشورات " الدار العربية للكتاب " ليبيا- تونس 1981 م .
      "2" _ سنة " 1945 م " انتقلت الفرقة الى " فندق النصر " أما " برج الساعة " بشارع سوق المشير كانت باكورة ‘إنتاجها " مساوي المال " تأليف " عبدالرزاق الطاهر البشتي " أخراج " د . مصطفى العجيلي " وأشرف على الإدارة الفنية " فؤاد الكعبازي " . المصدر السابق .
      " 3 " _ تأسست الفرقة العربية سنة " 1946 م " وكان بين روادها " الأديب الطاهر الشريف ، مظفر الامير وبشير عريبي " أهم أعمالها المسرحية " الأبرياء ، أماه ، العاقبة ، تاجر الجواهر " من تأليف الطاهر الشريف ، وفد ندبوا أستاذاً إيطالياً لتدريبهم على التمثيل وأستاذاً أخر للموسيقى . المصدر السابق .
      "4 " _ عقب عرض مسرحية " الأبرياء " تأليف واخراج " الطاهر الشريف " قدم " لبيد الخضار " " أنشودة الفن " وهي أحدث أغنية ل " محمد عبدالوهاب " رافقته في الأداء الفرقة الموسيقية الشرقية بقيادة " عثمان نجيم " وعزفت الفرقة الموسيقية عدة قطع غربية بقيادة المايسترو " باربا لونقا " . المصدر السابق .

      تعليق


      • #93

        الأزهر أبوبكر حميد
        متعة الكوميديا وجرأة الطرح
        بقلم/أحمد بشير عزيز

        الأزهر أبوبكر حميد كاتب فقدناه وفقدنا معه مبدع أعطي للحركة المسرحية وللإذاعتين المرئية والمسموعة في بلادنا الكثير والكثير.غادرنا في أوج عطائه وفي قمة نضجه الإبداعي.الأزهر أبوبكر حميد خيال خصب وقلم رشيق يمتاز بمقدرة ملفتة على اقتناص الفكرة واستثمار اللحظة وإدارة الحوار الدرامي بطريقة فيها من التلقائية والإنسيابية والروح الشعبية الشيء الكثير. فهو بالفعل كاتب شعبي من الطراز الرفيع.الروح المرحة ساعدته كثيراً وشقاوة الصحفي أفادته كثيراً وسؤال المعرفة الذي لأزمة أعانه كثيراً،في كتاباته جرأة وفي مسرحياته جرأة وفي تمثيلياته أيضاً جرأة فهو لايكترث بالقيود الاجتماعية ولا يعير أهمية للمجاملة ولا يتردد في الجهر بقناعاته حتى وأن خالفها البعض. هذا التكوين وضعه في سجال دائم وفي مناكفة مستمرة وفي حالة عدم رضي من الكثيرين وفي حالة أعجاب الكثيرين أيضاً وحقيقة الأمر أن الأزهر هكذا هو لايتصنع ولا يدعي وما يقتنع به لايتردد في فعله.
        الأزهر أبوبكر حميد كاتب غزير الإنتاج كتب أكثر من أربعين مسرحية وما يزيد عن المائة بين تمثلية ومسلسل ومسمع إذاعي إضافة إلى عدد من السهرات الدرامية والمسلسلات المرئية.
        عناوينه مثيرة وملفتة وكثيراً ما تكون جذابة من عناوين مسرحياته وزارة في السوق السوداء-إبليس كان هنا-السماسرة-شكسبير في ليبيا-نقابة الخنافس-ملحن في سوق الثلاث-حريم عمي المتصلول-الحب بالدينار-تحظمت الأصنام.
        حوارات الأزهر أبوبكر حميد ليس بها إطالة أو تمطيط وهو لايركز كثيراً على الديالوجات أو المنولوجات بل كثيراً ماكان يصنع نصه على أساس التراشق الحواري بين الشخصيات مما يعطيها مزيداً من الديناميكية والحيوية وهو عادة ما يدير بناءه الدرامي عبر مواجهات ساخنة في إطار كوميدي بهدف إظهار السلوكيات غير السوية وكشف الظواهر الاجتماعية السيئة..فالأزهر عندما يعري شخصياته فأنه يقوم بوظيفة مزدوجة فهو يضحكنا على تطرف الشخصيات من جهة ويجعلنا نسخر من هذا التطرف من جهة أخرى.الأزهر أبوبكر حميد بدون شك احد فرسان الكوميديا الاجتماعية في بلادنا واحد رواد المدرسة الواقعية.
        في أعماله ظهور واضح لكوميديا الموقف التي تعتمد على المهارة في بناء المفارقة الدرامية أكثر من اعتمادها على صياغة الحوار.وعادة مايثير بها قضايا اجتماعية شائكة تحتاج لجرأة الطرح وقدرة التناول.في مسرحياته لا وجود لشخصيات نمطية كما هو الحال في مسرح مصطفي الأمير وفرج قناو بل شخصياته المسرحية متجددة فهي معاندة مشاكسة متشبته متزمتة مهرجة متحررة مقهورة انتهازية نفعية مقتبسة من شرائح المجتمع المختلفة يستلها من تراكمات الواقع الاجتماعي يصوغها دراميا ويعتني بها إبداعياً وهو بذلك يركز في نصوصه على حركة عامة داخل المسرحية تستوعب شخصياته وتعطي لكل واحدة منها ما تحتاجه من فعل أو رد فعل وما تتطلبه من قوة أو ضعف وما يلزمها من انفعال أو تأثير.
        الأزهر أبوبكر حميد يتعامل مع الكوميديا من خلال مفهومها الواسع الذي هو ثورة على قيم قديمة وعلى مجتمع قديم وتفسير لرؤى عميقة في العلاقات الإنسانية.وهذا ما يجعل الكوميديا عنده فناً جاداً يرتكز على مفارقات ديالكنيكية جدلية تفضي إلى مضمون هادف وليس إلى مجرد التسلية أو التزجية.لقد سعي الأزهر وبمثابرة كبيرة إلى أن تكون له بصمته المتميزة في مجال كتابة النص الكوميدي وحرص في مسرحياته على أن ينفلت من دوائر الحياة الضيقة المسكونة بالحزن والفجيعة إلى دوائر أرحب كلها تفاؤل وأمل انطلاقاً من أن الحياة مدرسة كبيرة فيها كل الاحتمالات ولكن بالصدق والجرأة والعزيمة والصراحة والشفافية يمكن للحياة أن تكون جميلة رائعة.

        تعليق


        • #94
          شرف الدين .. حكاية مشوار (1)
          حوار / نوري عبدالدايم

          يستوقفنا مشوار الستين سنة الأخيرة في ذاكرة المسرح الليبي ، علم من أهم أعلامها وملامحها الحقيقية المتمثلة في رحلة الأستاذ " محمد شرف الدين" الفنية كرائد مؤسس مقترن برحلة رفيقه " مصطفى الأمير " . ف" شرف الدين " بحق يعتبر من المبدعين القلائل الذين لم يهجروا خشبة المسرح و" كواليسها " طيلة مشواره الإبداعي وإن هجرته الخشبات كما حدث في السنوات الأخيرة فلم يفارقه كرسي المتفرج و " ورشة المسرح الوطني / طرابلس " والدفاع عن مقر" الفرقة القومية" في الدوائر الرسمية بعدما تم تخصيصها كمسكن . كما لم يتوقف نشاطه ككاتب مسرحي لأعمال لم تر النور بعد. " شرف الدين " أو " عمي محمد " كما تعودنا أن نناديه متعدد العطاء ، فهو لم يكن ممثلاً مسرحياً فحسب بل إلى جانب هذا مارس الإخراج والتأليف المسرحي، وصمم المناظر للعديد من الأعمال المسرحية ، وهو رسام معماري وجيولوجي إضافة الى ريادته كرسام ساخر.
          * :- عمي محمد... السيرة طويلة ، ترى من أين نبدأ ؟
          شرف الدين :- نبدأ بحادثة لم تغادر ذاكرتي . بعدما " دخلت الكتّاب " في طفولتي المبكرة نقلني أخي مستمعاً إلى المدرسة الليبية الإيطالية التي كانت تديرها إدارة إيطالية مع وجود مدرسين ليبيين أذكر منهم " حسن البوصيري ، رجب أفندي ، حسونة جفارة " . تصادف وجودي في ذلك الوقت بزيارة " الدوتشي موسليني " الفاشي الى ليبيا ، الذي أجبرنا على استقباله بعدما ألبسونا ملابس محلية وصفّونا بمحاذاة " الكورنيش " واضعين أعلاماً فاشية لنلوح بها عند مرور موكب " الدوتشي " ونحن نصرخ بأسمه مع حركة أقدامنا. في هذه الأثناء سقط علم الطفل الذي يجاورني تحت أقدامي . استفز منظر العلم الفاشي المداس أحد المدرسين الطليان وكان من ذوي " القمصان السود " وعلى إثرها سجنني في المدرسة ثلاثة أيام بعدما تم إستدعاء والدي ، وأقيمت محكمة مصغرة في المدرسة يقودها مدير المدرسة . أفرج عني بعد ماتم توكيل محامي ايطالي مقيم للدفاع عني . كانت هذه آخر علاقتي بهذه المدرسة . أذكر هذه الحادثة . لأنها تمثل غطرسة النظام الفاشي السائد في ذلك الوقت .
          * :- باعتبارك فنانا متعدد الملكات، ممثلا ، مخرجا ، كاتبا مسرحيا ، رساما مع أي منها كانت بداياتك ؟
          شرف الدين : - بدايتي مع الرسم . عندما عدت إلى الكتّاب للمرة الثانية ، كان هناك تقليد في ذلك الوقت وهو الاحتفاء بالطالب الذي يختم جزء من القرآن الكريم فمن ضمن هذا التقليد، الرسم على لوح المحتفى به فكنت أنا الطالب الوحيد الذي يرسم هذه الزخارف ، وهي عبارة عن زخارف إسلامية أستقيها من المصاحف والسجاجيد وصور السير الشعبية كـ" عنترة ، وابي زيدالهلالي ، وسيف بن ذي يزن " فكنت أصنع الألوان التي أرسم بها ، فاللون الأخضر أستخرجه من الأعشاب ، والبني أستخرجه بغلْي الفول السوداني" الكاكاوية " في الماء، والأحمر أستخرجه من " الصبار الإيطالي " والفرشاة أصنعها من شعر الحيوان . فكانت مكافأتي مضاعفة عن بقية الطلبة التي كانت عبارة عن " حلوة شاكار، و فطيرة ، وشربات" .
          *:- متى تطورت هذه المعرفة بالألوان وعلى يد من ؟
          شرف الدين :- بدايتي عندما انضممت إلى " مدرسة الفنون والصنايع " بقسم الفخار في الفترة النهارية القسم الذي من خلاله تعرفت على مزج الألوان عن طريق الأستاذ الفنان " المهدي الشريف " كما تعلمت الرسم على الصحون والبلاط والكؤوس . أمضيت في هذه المدرسة سنتين إلى أن أغلقت جراء القنابل التي استهدفتها في الحرب العالمية الثانية ، في ذلك الوقت انتقلت مع الأسرة إلى مدينة " جنزور " إلى أن وضعت الحرب أوزارها .
          * :- هذه آخر علاقة لك بهذه المدرسة ؟
          شرف الدين :- نعم ... لم أعد إلى " مدرسة الفنون والصنائع " . فعندما فتحت المدارس سنة 1943 م انتقلت إلى مدرسة " الظهرة العربية " .... في هذه الفترة والتي تليها بدأت علاقتي بالسينما المصرية والتجسيد . فكنت أنا و" مصطفى زقيرة ، عبداللطيف الشريف أخ محمود الشريف المغني " نقلد ما نشاهده في دور العرض ، كما أقوم أنا برسم الشخصيات السينمائية على الجدران . في ذلك الوقت شاهدت شريط " ليلة ممطرة " ليوسف وهبي الذي عرض في قاعة عرض " الميرامار " إضافة إلى الأشرطة التي تعرض للجيش الثامن لمونتجمري في تلك القاعة وقاعة " الحمراء " .
          *:- هل هذا أول شريط شاهدته أي " ليلة ممطرة " ؟
          شرف الدين : - لا .... أول شريط شاهدتة اسمه " نادرة " سنة 36 في " السينما الصيفي " التي تقابل إذاعة الجماهيرية الآن بشارع الشط .
          *:- منذ نهاية الحرب العالمية الثانية كانت علاقتك بالمشاهدة والتقليد والرسم على الجدران - إلى متى استمرت هذه المرحلة ؟
          شرف الدين :- سنة 1945 م أثناء دراستي الثانوية قدمت أول دور لي في مسرحية " الأمين والمأمون " من تأليف وإخراج محمد بن مسعود . في نهاية سنة 47 م كنت صحبة مجموعة الأصدقاء الطلبة بمنزلنا الكائن ب" زاوية الدهماني " نتقصى أخبار فلسطين من المذياع ، أذكر منهم الشاعر " علي الرقيعي " والكاتب " كامل المقهور " و " محمد الزيات " ومحمد نقاء " و " محمود وإسماعيل الزمرلي " ، وعندما أبديت رغبتي في الذهاب إلى الجهاد، تكفل هؤلاء الأصدقاء بتكاليف الرحلة كل حسب إمكاناته . عندها استقللت شاحنة بضائع دون علم أسرتي . استغرقت الرحلة خمسة أيام إلى مدينة بنغازي التي كانت منتعشة اقتصادياً في ذلك الوقت ، قمت خلال هذه الرحلة بمهام مساعد سائق ، في بنغازي تكفلت " جمعية عمر المختار " بإيصالنا إلى مصر حيث تم تدريبنا .
          * :- " حاولت اختصار بعض تفاصيل الرحلة " .
          شرف الدين :- في منطقة " هاك ستيب " حيث تم تدريبنا كنت أغتنم فترات الراحة بالذهاب إلى القاهرة لأتعرف على أعمال " نجيب الريحاني" المسرحية وأعمال" يوسف وهبي" من خلال فرقة رمسيس ، كما شاهدت العديد من الأعمال السينمائية أذكر منها " رصاصة في القلب ، جوهرة ، العزيمة " .
          * :- كم المدة التي بقيتها في مصر ؟
          شرف الدين :- ثلاثة أشهر مدة الفترة التدريبية . ومنها نقلنا برعاية وفد من الجامعة العربية إلى ميناء بيروت من " مرسى مطروح " لننقل إلى معسكر " قطنا " قرب دمشق ، فتم اختياري رفقة متطوع " تونسي " ومتطوع " يمني " لدرايتنا بالسباحة لننقل إلى بحيرة " طبرية " من خلالها انطلقت عملياتنا الفدائية صحبة فدائيين فلسطينيين . ظلت هكذا الحال مدة ستة أشهر الى غاية الانقلاب على " حسني الزعيم " الذي انتهى بإعدامه . فخيرنا بين الجنسية السورية أوالعودة فكنت ضمن الذين اختاروا العودة .
          * :- في تلك الفترة المسرحي الليبي " صبري عياد" مقيم بالشام .
          شرف الدين :- لم أتعرف عليه ... خلال فترة راحتي التي تسمى ب" الماذونية " تبدأ من يوم الخميس إلى الجمعة ليلاً كنت أذهب إلى دار عرض بجوار" سوق الحامدية " لمشاهدة شريط روائي تليه بعض المشاهد المسرحية حسب برنامج القاعة .
          * :- كم المدة التي بقيتها منذ مغادرتك ليبيا ؟
          شرف الدين :- كانت المدة الكاملة سنتين . ... ويستمر المشوار ..

          تعليق


          • #95
            شرف الدين ...... حكاية مشوار (2)
            حوار / نوري عبدالدايم

            مسيرة مشواره الطويل توّجت بنيله للعديد من الأوسمة والدروع داخل ليبيا وخارجها لتكون شاهداً على ثراء سيرته الزاخرة بالأحداث والمواقف ، والحافلة بالإبداع . فقد " كرم في عيد العلم ، ومنح وسام الريادة ، ووسام الجهاد ، ودرع الريادة من الجامعة العربية ، كما كرم في مهرجان قرطاج الدولي من وزارة الثقافة التونسية" . .. ويستمر المشوار مع الفنان " محمد شرف الدين " لنوقظ من خلاله المهمل من صفحات ذاكرتنا الإبداعية .
            * :- " عمي محمد " توقفنا في بداية الخمسينيات عند عودتك الى ليبيا .
            شرف الدين :- وقتها سنحت لي الفرصة لتأسيس فرقة مسرحية باستغلال مستودع كبير مهجور من مخلفات الطليان في " زاوية الدهماني " بجانب " كوشة بوشاقور " الذي زودنا بالمياه . كنا مجموعة من الأصدقاء أذكر منهم الأخوة " عبداللطيف ، محمود ، و صبري الشريف ، محمد الزقوزي ،البسكيني ، وصالح الفزاني ، مصطفى زقيرة " و " ومحمد نجاح " الذي تولى مهمة التذاكر فيما بعد . لم نتمكن من الموافقة على تسميتها " رابطة شباب السعداوي " فغير الأسم ل " رابطة شباب المسرح " وأستقر أخيراً على " رابطة الشباب ".
            * :- تقصد محمود الشريف المطرب ؟!
            شرف الدين :- قبل أن يصبح مطرباً .... أنجزت الخشبة من بقايا مخلفات الحرب من الخشب ، والستارة من " الخيش " كما حاولنا ترتيب المكان حسب الممكن من مجهوداتنا والمساهمات الأهلية .. بداية قدمنا أعمالاً متواضعة وهي عبارة عن مشاهد تمثيلية تتخللها أغاني فكانت باكورة أعمالنا " خروف الضحية " معتمدين فيها على قدرة الممثل على الإرتجال فقد كانت أغلب أعمالنا تسير على هذا النحو .. تمت الدعاية بمجهود ذاتي قام به " محمد نجاح " المسؤول على التذاكر_ التي قيمتها (5 فرانكات ) _ والأعلان بالمرور على محلات الحياكة والحوانيت و " الطبارن " حيث يتم تعليق الملصقات التي كنت أصممها .
            * :- كم كان عدد الجمهور الذي يشاهد أعمالكم ؟
            شرف الدين :- يصل الى ثلاثمائة متفرج . ... الى أن تطور هذا المشروع الى نادي إجتماعي وظل ريع أعمالنا الفنية يذهب لصالح الرياضة " كرة القدم " تحديدا ً، الأمر الذي جعلنا نلغي إلتزامنا مع هذه الرابطة . وثم الإجتماع مجدداً في غرفة الجلوس بمنزلنا . هذه الأجتماعات أفرزت مسرحية " عاقبة مجرم " التي كتبتها مشاركة مع " محمد نجاح " .
            *:- هل هذه أول علاقة لكم بنص مكتوب ؟
            شرف الدين :- نعم ... هذه المحاولة الأولى لكتابة نص على ورق ... وتمت التدريبات في منزلنا الى غاية تجهيز العمل فتبنى تمويل العمل " أحمد بن يونس " الذي كان محباً للفن وحديث العهد بنصيبه في ميراث والده . فاتفقنا مع " سينما أوديون " _ الزهراء حالياً_ عن طريق " المشيرقي " الذي تربطه علاقة طيبة بصاحب القاعة وحدث الترتيب معه على عرض صباحي زهاء " الساعة العاشرة " . كان الحظور مطمئيناً ولكن غياب صاحب التذاكر شجع الجمهور الذي جمعناه ينطلق مع " الطرق الصوفية والزوايا " التي تجوب مدينة طرابلس في اليوم الأول للمولد النبوي الشريف ولم يتبق منهم سوى عشرة متفرجين وتم العرض لهؤلا العشرة .
            * :- من الجيل الذي سبقكم في الحركة المسرحية وما هي الفرق التي كانت في ذلك الوقت ؟
            شرف الدين :- كانت الفرقة الوطنية التي تأسست سنة 1936 م التي كان من أهم رموزها " أحمد البيزنطي " و " خليفة ماعونة " وكان الفنان الكوميدي " محمد حمدي " . المهم .. نعود للحكاية فبعد هذه النكسة أنحلت الفرقة وتفرقت المجموعة .
            *:- ........
            شرف الدين : - قدم لي " علي ندار " في بداية الواحد والخمسين عرض الانظمام الى فرقة " العهد الجديد" بعدما شاهد عرض مسرحية " عاقبة مجرم " . لأقوم بمهمات الديكور والملابس لمسرحية " فتح ليبيا ".
            * :- في هذه الفترة كنت تميل الى الجانب التقني ؟
            شرف الدين :- بالإضافة لهذا كنت ممثلاً في مسرحية " فتح ليبيا" . أريد الإشارة هنا بأني تعلمت المناظر على يد الأستاذ " فؤاد الكعبازي " في مسرحيتي " القاتل الأخير ، وطارق بن زياد " باللجنة الثقافية بنادي الإتحاد . .. مع هذه المسرحية _ فتح ليبيا_ تم انضمامي لهذه الفرقة التي كان ضمن أعضائها " عبدالسلام الجزيري " المعروف بسلام قدري و " بوحميرة " و " علي المشرقي " فقمت بتصميم المناظر التي كانت عبارة على مقطع من " السرايا الحمراء " بخلفية نخيل في المنظر الذي يوحي بمعسكر " عمرو بن العاص " الذي يقال بأنه عسكر في " سوق الجمعة " ب"العمروص "_ نسبة لهذا القائد كما يقال_ ، فأنتبه الدكتور التونسي " الكعاك " لهذه المغالطة _ حسب رأيه _ مشيرأ بأن النخيل دخل لليبيا بعد الفتح الإسلامي . كما صممت السيوف من حديد ربط البضايع " حديد شيركو " عن طريق حداد " يهودي " كان يمتلك ورشة حدادة .عرض هذا العمل في العديد من المناطق الليبية .
            *:- هل كنت شاهداً على تأسيس الفرقة القومية ؟
            شرف الدين :- نعم وقتها كنت عضواً فعّالاً في فرقة " العهد الجديد " .فكان تأسيسها بعد أن تم " لقاء شاي " بين فرقتي " العهد الجديد " و " رابطة المعلمين " بحضور كل من " شعبان القبلاوي ، رامي وسعيد السراج ، عبدالسلام الحلبي ، وعلي أبوخريص ، البهلول الدهماني ،محمد الفيتوري ، الصادق المصراتي ، البهلول الدهماني ، نوري المغربي ، إدريس الشغيوي ، كاظم نديم ، الطاهر العربي " و" محمد قنيدي " الذي أقترح تسمية " الفرقة القومية " .
            * :- مصطفى الأمير ؟!
            شرف الدين :- كان وقتها ب" نادي الإتحاد " يقدم برنامج مسموع في إذاعة النادي " النهار بعويناته والليل بوديناته " ثم التحق بنا سنة 1952م بعمل " الدنيا ساعة بساعة " المسرحية التي أتاحت لي فرصة أنطلاق بعدما تخلف " الطاهر العربي " بطل المسرحية عن التدريبات . وقتها " سعيد السراج " يعد عملاً أخر بعد مسرحية " الوارث " . من هنا كانت البداية مع الاستاذ مصطفى ، لأقدم معه العديد من البرامج المسموعة منها " عيشة وسليمان " التي تذاع في شهر رمضان موعد الإفطار .وقدمنا "اللي تضنه موسى يطلع فرعون " وتم تحويلها الى مسلسل مسموع اسمه " مكايد الشيخ حمدان" كانت المنافسة بيننا وبين الإذاعي " عبدو الطرابلسي" الذي كان يقدم أعمالاً تأسر جمهور المستمعين .ومنذ ذلك الزمن شكلت أنا و"الأمير" ثنائياً في الكتابة حيث تم خلق شخصية " شلندة " التي رافقتني في كثير من الأعمال . وهو عبارة عن فيلسوف شعبي ولسان حالهم ،حتى أن دوري في " حلم الجعانين " قدمته بشخصية " شلندة " على صغر الدور ولكني أثريته عن طريق الأرتجال .
            * :- حلم الجعانين قدمت مرتين على المسرح .
            شرف الدين :- عندما قدمت بإخراج " محمد القمودي " في المرة الثانية لم يدع لي مجالاً للإرتجال فلم تلاق إقبالاً كما لاقته في المرة الأولى .
            * :- ألا تراه مصيباً بشان محافظته على اللإلتزم بالنص ؟
            شرف الدين :- الحكاية ليست مسألة التزام بالنص .. انا بداية أتشرّب النص ، وأثناء العرض و بحكم علاقتي مع الجمهور أساهم بإضافة بعض الجمل التي تأتي عفوية في سياق العرض ، دونما الإخلال بفحوى النص ودونما إضاعة مفاتيح الجمل لزميلي الممثل المقابل . فالأرتجال مدروس وعن دراية بما يدور .
            *:- من الذي كان يقوم بالأدوار النسائية في تلك المرحلة ؟
            شرف الدين :- كان الأستاذ " مصطفى الأمير " يقوم بهذه الأدوار وأيضاً " بشير عريبي " .
            *:- الم يتم الإستعانة بأي عنصر نسائي ؟
            شرف الدين :- أستعنا بعاملات " دور الملاهي " في أدوار صغيرة .وقتها أبرمت " القومية " عقداً مع ممثلة " تونسية " _أتت مع فرقة مصرية زائرة _ بقيمة " ثلاثين دينار " شهرياً ، وهو عرض مجزي في ذلك الوقت .
            * :- أول ظهور حقيقي لممثلة ليبية ؟
            شرف الدين :- " حميدة الخوجة " أنضمت للوطنية وعمرها " إثنى عشرة " سنة . بينما انتسبت " فاطمة عمر " للفرقة القومية في مسرحية " ولد شكون " عن " نجيب الريحاني " وتلييب " محمود الهتكي " . وأيضاً عملت بالمسرح الوطني في مسرحية " حسناء قورينا " لخالد مصطفى خشيم " . وأيضاً انضمت " سعاد الحداد " للفرقة الوطنية في مسرحية " أهل الكهف " من إخراج " محمد العقربي" _ وليس " عمران المدنيني " كما يقال _ وعملت مع المسرح الوطني في مسرحية " راشمون " من إخراج " الأمين ناصف" .
            * :- قبل أنضمام " الأمين ناصف " للمسرح الوطني / طرابلس " . تحت إطار اي فرقة كان يعمل ؟
            شرف الدين : - كان ممثلاً في القومية وقدم فيها العديد من الاعمال منها " اللي تضنه موسى " و " المشروع " .
            * :- ألم يعمل مخرجاً في الفرقة القومية ؟!
            شرف الدين :- بدايته كمخرج كانت مع" المسرح الوطني" بمسرحية " راشمون " . بعد دراسته الإخراج في بريطانيا . كان الأمين معلماً فهو مخرجاً مهتماً بأدق التفاصيل ولديه القدرة على بث روح الحميمية لدى الفريق الفني ولا يتسامح في أخطاء اللغة العربية ، فهو يصر على وجود مراقب لغة لتسهيل المهمة لدى الممثل . فهو يعمل بعشق... والفن عشق وعمل . كما أخرج العديد من الأعمال ل"إذاعة الملاحة " المرئية .
            * :- هل نستطيع القول بأن دخول العنصر النسائي للحركة المسرحية من خلال " سعاد الحداد وفاطمة عمر وحميدة الخوجة " ؟
            شرف الدين :- ثمة ممثلاث مثلن في المسموعة ولكنهن لم يظهرن على خشبة المسرح وثمة من لم يواصلن المسيرة في المسرح .. . لا نستطيع تجاوز الفنانة " لطفية إبراهيم " التي ألتحقت بعدهن فقد ألتقيت بها في حوالي خمسة أعمال. " لطفية " متألقة وحاضرة في الأعمال الشعبية ولديها المقدرة على إحتواء المتفرج . كما تمتلك رأي و وجهة نظر فيما يقدم لها من أعمال . فهي ممثلة مريحة وملتزمة .... " اللهم يذكرها بالخير . " لطفية " ماتخليكش تستنى أبداً " .
            * :- ما سر أقتران أسمك ب" مختار الأسود " ؟
            شرف الدين :- تم إنضمام " مختار" للفرقة سنة 62 م وكان شحنة من الحيوية والنشاط وعنده القدرة على حلول المشاكل الإدارية الصعبة . إضافة لحضوره القوي على الخشبة وكان ملتزماً ولديه قدرة أستثنائية على الدعاية وعملنا في العديد من الأعمال .
            * :- ما علاقتك بالصحافة ؟
            شرف الدين :- تعاونت مع صحف ومجلات ليبية " شعلة الحرية ، الليبي ، مجلة الإذاعة " من خلال نشر رسوماتي الساخرة . كما صممت الرسومات الداخلية لديوان " الحنين الضاميء " لعلي الرقيعي ، و صممت غلاف كتاب ل" عبدالقادر أبوهروس " لا أذكر اسمه .
            * :- هل ضمتك أعمالاً صحبة " محمد حمدي " ؟
            شرف الدين :- فقط شاهدته على المسرح .أشتهر ب " بربري ليبيا " لإستعارته نموذج "علي الكسار" " بربري مصر " كان ممثلاً يمتلك قدرة على الإرتجال . أستعان به "أحمد البيزنطي " في العديد من الأعمال ولأن أعماله_ أحمد البيزنطي _ تميل الى الجدية أستعان به لإضفاء روح الدعابة والمرح ، فكان يترك على الخشبة وحده عمداً ليستمتعوا بقدرته على تغطية هذه المساحة الزمنية ، و يغطيها بإتقان شديد من خلال إرتجاله للعديد من المواقف .
            *:- كلفت كمستشار لشوؤن المسرح من قبل أمين اللجنة الشعبية العامة للثقافة خلال إجتماعه بالمسرحيين . ماذا أنجزت من خلال هذه المهمة ؟
            شرف الدين :- هذا التكليف كان شفوياً ، و لم أخذه على محمل الجد ، فهذه المهمة كانت أكبر من إمكانياتي . قد أستشار في تقنيات خشبة المسرح بحكم مهنتي القديمة كرسام معماري ... لم أتمكن من مقابلته لإنشغاله ، علماً بأني أحظى بإستقبال طيب من قبل الأخوة في الأمانة . أستشارني في تكريم الرموز فاخترت الفنان " أحمد البيزنطي " والأستاذ " مصطفى الامير " وهكذا كان .
            *:- أصدر أمين اللجنة الشعبية العامة للثقافة قراراً يحمل الرقم "1 " يفيد بإنشاء " الفرقة الوطنية للمسرح "بإقترح من مدير الإدارة العامة للمسرح " د. حسن قرفال " الذي ضمّن قائمة تشمل العديد من المسرحيين ولم يرد أسمك والعديد من الرموز المسرحية الليبية .
            شرف الدين :- هذا رداً على سؤالك ..... فأنا لم أستشار في هذا الأمر " والله شن بنقولك " د. حسن قرفال رجل أكاديمي يرى بأن تجربتي وتجربة العديد من المبدعين المسرحيين كانت عبارة هم " هتشيات فاضية ..... شوف ياولدي .... المية تكذب الغطاس " .

            تعليق


            • #96

              الباب الثاني

              دراسات... بحوث.. متابعات ... قراءات


              كيف ننعش مسرحنا ..؟
              بقلم / البوصيري عبد الله

              كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن مشاكل مسرحنا الليبي حيث عرضت أزمته مراراً في البرامج الإذاعية والتلفزية ، ونشرت آراء عديدة ، واجتهادات طيبة للخروج من تلك الأزمة على صفحات الصحف والمجلات ، كما عقدت الندوات والمحاضرات للنظر في ذات الموضوع ،ولكن الأزمة قائمة ... بل تزداد استفحالًا وتجذراً ، ورغم أني لم أكن بعيداً عن تلك الوقائع الثقافية التي ناقشت هذه الأزمة إلاّ إننى هنا أحاول أن أقدم ورقة مكتوبة أطرح فيها بعض الحلول والتدابير التي تراءت لي مناسبة لإنعاش تجربتنا المسرحية ،وهي تجربة سوف تدرك مئويتها الأولى في منتصف السنة القادمة ، إذ أن المسرح في ليبيا تأسس سنة 1908 م . على يدي الصحفي الفنان محمد قدري المحامي ، ولكن قبل أن أعرض ما أود عرضه أرى أنه من الأفضل الإشارة إلى ثلاث ملاحظات هامة ألا وهي :-
              أولاً : لقد سبق لي أن تقدمت بهذه الورقة إلى اللجنة الشعبية للإعلام والثقافة بشعبية طرابلس ، ثم أجريت عليها شيئاً من التعديل بغية التعميم وإضفاء الشمولية وتقدمت بها إلى أمين اللجنة الشعبية للثقافة الدكتور المهدي امبيرش حينما كان يقوم برحلاته المكوكية بين المؤسسات الثقافية يستطلع الأفكار والآراء حول إمكانية النهوض بثقافتنا الوطنية ولكن أياً من الجهتين لم تعبأ بما ورد في هذه الورقة من آراء مما يدل على أن المسؤولين على الشأن الثقافي يأتون إلينا جاهزين ، وأنهم ليسوا في حاجة لآراء كائن من كان ... إنهم يأتون إلينا وفي بالهم تحرير الثقافة من كل ما يعتريها من أسباب النكوص ثم يكتشفون أنهم لا يقدرون حتى على تحرير أنفسهم من مرض النرجسية الفكرية ،ولذا فإن ما يجعلني أقبل على نشرها الآن ليس الأمل في أن يعبأ بها أحد من المسؤولين على الشأن الثقافي وإنما ما يجعلني اقبل على نشرها هو وضع هؤلاء المسؤولين أمام مسؤولياتهم التاريخية هذا أولاً ... وثانياً هو الأمل في أن يأخذ الفنانون ما يتصل بهم من التدابير المعروضة مشفوعاً بأمل آخر يتمثل في استجابة البرجوازية الوطنية المستنيرة في المساهمة في حل ضائقتنا الثقافية بوجه عام ، وضائقتنا المسرحية على وجه الخصوص إلى أن يقيض الله للمسرح مسؤولاً يؤمن بضرورة نموه بقدر ما يؤمن بضرورة نمو أرصدته وحساباته المصرفية ، وفي ذلك شيء من العدل المستحب .
              ثانياً : لا نريد هنا أن نضع حلولًا مستقبلية فنطالب – مثلاً – باستحداث القوافل المسرحية ، أو بالتركيز على التربية المسرحية في المناهج المدرسية ، أو بتنشيط برنامج الإيفاد إلى الخارج للتحصيل والاستزادة ..أو أن نطالب بإعادة النظر في المناهج المسرحية المعتمدة في الكليات والمعاهد الفنية ، تلك أحلام بعيدة المدى لا يسمح واقعنا المسرحي الراهن بأن نرنو إليها على نحو موضوعي وجاد .. وإنما ينصب طموحنا في هذه الورقة على التدابير الميسورة ...الممكنة ... أي أن نكون واقعيين ، فلا ننظر أبعد من أنوفنا كي يقتصر حلمنا في إنعاش مسرحنا على تنظيم واقعنا المسرحي الراهن ...مجرد التنظيم وليس أكثر ، فلعل ذلك يسمح لنا بالاستفادة مما هو موجود بين أيدينا ... وتحت أبصارنا .
              ثالثاً: ولربما قصرت هذه الورقة عن إدراك حرفية المقالة من حيث صياغتها الأدبية وذلك لعدم استخدامها للصيغ البلاغية من استعارة وكناية وتشبيه وترصيع خشية أن تغرق فكرتها الجوهرية في أساليب التحسين والتجويد ، أو أن يضيع فحواها من جراء الاستطراد والإطالة فالمثل الشعبي يقول ( طول الخيط أيضيع اليبرة ) لذا فهي ورقة انتهجت حرفية المذكرة الإدارية ..أي أنها مجرد خطة عمل تحدد هدفها على شكل نقاط ، وفقرات معنوية تنبيء بفكرتها على نحو سافر وصريح .
              وهي – في الوقت نفسه – قابلة للزيادة والحذف والنقصان والتعديل ، ونأمل أن تتلوها أوراق أخرى محملة بآراء أخرى ، على إننا نأمل بعد إجراء التعديلات اللازمة ، أن تصير بمثابة إتفاق بين الفرق المسرحية وبين المؤسسات المسؤولة عن المسرح ، وأن يلتزم كل منهما بما له وبما عليه .
              أما بعد ...
              إن المتأمل في مشاكل مسرحنا الليبي وخاصة داخل مدينة طرابلس ، سيكتشف أنها تنحصر في ثلاث نقاط هامة هي على التوالي :
              مشكلة ناتجة عن غياب الدعم .
              وهذه بدورها تنقسم إلى محورين : محور الدعم المالي ، ومحور الدعم المعنوي .
              مشكلة ناتجة عن تركيبة الفرق المسرحية .
              مشكلة غياب الجمهور .
              حول مشكلة الدعم
              الدعم المالي :
              وهنا نقترح ما يأتي:
              استحداث صندوق تحت اسم ( صندوق دعم النشاط المسرحي ) ويفتح له حساب جار بأحد المصارف في إحدى المدن الليبية ، تؤول إليه مداخيل العروض المسرحية والتبرعات المالية التي يمكن أن يتحصل عليها المسرح من أصدقائه وعشاقه ، وبنسبة 1% من قيمة المشاريع والعطاءات التي تبرمها أمانة الثقافة مع الشركات والمؤسسات ، علاوة على نسبة 3% من قيمة الدعم المخصص للفرق المسرحية .
              إن الفرق الأهلية المعتمدة داخل الجماهيرية الليبية لا يزيد عددها على أربعين فرقة مسرحية ،وهي من حيث الكم أقل من طموحنا إذ إننا نحلم بتأسيس فرقة مسرحية في كل مدينة ...بل وفي كل قرية من قرى بلادنا ، ولكن ذلك له خاصية ايجابية من ناحية الدعم اللازم لتفعيل هذه الفرق وتنشيطها وتحفيزها وبذلك فإننا نقترح أن تخصص الأمانة العامة للإعلام والثقافة ميزانية سنوية لدعم النشاط المسرحي داخل الفرق الأهلية ، وقدرها أربعمائة ألف دينار موزعة على الفرق المذكورة بالتساوي ..أي بواقع عشرة آلاف دينار لكل فرقة مسرحية .
              وهي – في الواقع- ميزانية غاية في التواضع والتبسيط ولكن من شأنها أن تنعش مسرحنا بجرعة خفيفة من إكسير الحياة .
              3. يشترط الحصول على هذا الدعم إتباع الخطوات التالية :
              أ- أن تتم الموافقة على النص المسرحي المقدم من قبل الفرقة المسرحية الراغبة في الدعم المسرحي .
              ب- أن تلتزم الفرقة المسرحية بتقديم عشرين عرضاً مسرحياً – على الأقل – خلال عام واحد ، وبصفة إلزامية وذلك حسب الزمان والمكان اللذين تحددهما الأمانة العامة للثقافة والإعلام .
              ج- أن توافق الفرق المسرحية ، الراغبة في الدعم ، على المشاركة الفعالة في المناسبات الرسمية ( أعياد الفاتح / أعياد الإجلاء / أعياد سلطة الشعب ) وكذلك في في المناسبات الدينية (الأعياد المولد النبوى الشريف / شهر رمضان الكريم ) على أن تحتسب هذه المشاركات ضمن العروض الإلزامية المشار إليها آنفاً .
              د. أن يصرف الدعم على العمل الفني ، وعلى الفنانين القائمين به ، مع الحرص على التركيز الشديد على الإعلان المبهر ، وذلك للفت أنظار الجمهور نحو النشاط المسرحي ، ومن ناحية آخرى لتوثيق النشاط المسرحي كي لا يهمل ويضيع هباء .
              هـ. أن توافق الفرق المسرحية على خصم ما قيمته 3% لصالح صندوق دعم النشاط المسرحي .
              4-للفرق المسرحية الحق في تحسين مداخليها بواسطة تنظيم عروض فنية داخل الكليات والمعاهد والمدارس أو داخل المؤسسات الصناعية ، على ألاّ تحتسب هذه العروض ضمن العروض الإلزامية إلا إذا كانت بإشراف الأمانة العامة للثقافة والإعلام وبترتيب منها .
              5-أن تساعد الأمانة العامة للثقافة والإعلام الفرق المسرحية على تأسيس جمعيات وتشاركيات فنية بهدف النهوض بالحركة أولاً ، وبهدف زيادة دخل الفرقة وتحسين أحوال الفنان المعيشية ثانياً .
              الدعم المعنوي .
              أما على صعيد الدعم المعنوي فإننا نعرض المقترحات التالية :-
              ضرورة الاهتمام بيوم المسرح العالمي ، والاحتفال بهذا اليوم بالشكل الذي يليق به فإن ذلك الاهتمام يعكس مدى احترام الفنان المسرحي ،ويزيد من الإحساس بقيمة دوره الحضاري والاجتماعي .
              ضرورة العناية بيوم تأسيس كل فرقة من فرقنا المسرحية وتحويل هذا اليوم إلى عيد مسرحي تحتفل فيه الفرقة المعنية بالشكل الذي تراه مناسباً على أن تساهم في إحيائه الأمانة العامة والثقافة والإعلام والفرق المسرحية الأخرى بتقديم باقات الورود والهدايا ،وغيره من الأشياء المعبرة عن الدعم المعنوي إنه لأمر ممكن وبسيط ولكنه غائب عن بالنا بسبب جفاف عواطفنا .
              التركيز الإعلامي على نشاط الفرق المسرحية وذلك بنشر أخبارها ، وإجراء مقابلات مع أعضائها ، وأعداد تحقيقات ميدانية داخل الفرق المسرحية .
              إعداد برامج إذاعية ومرئية لتغطية أخبار الحركة المسرحية والفنية بصفة عامة وتحت إشراف وإنتاج أمانة الثقافة ومجلس الثقافة العام .
              أن تسعى أمانة الثقافة والإعلام إلى إشاعة ظاهرة ( حفلات الشاي ) تكريماً لكل فرقة مسرحية تقدم عملاً جديداً وذلك لإشاعة الدفء والمحبة والانسجام داخل حركتنا المسرحية .
              الإكثار من رسائل الشكر ، ومنح شهادات التقدير للمتفوقين والمتميزين داخل الحركة المسرحية .
              حل المشاكل الشخصية للفنان ، وذلك بمساعدته على الحصول على قرض – مثلاً – أو سكن أو مركوب .. أو غير ذلك من حلول للمشاكل الحياتية التي تواجه الفنان .
              إعداد المعارض التكريمية التي يتم فيها عرض إرشيف أحد الفنانين ، أو إرشيف إحدى الفرق ، وذلك ليطلع الناس على هذه التجربة الزاخرة من خلال الصور أو من خلال ما كُتب عنها في الصحف والمجلات .

              تعليق


              • #97
                الباب الثاني

                دراسات... بحوث.. متابعات ... قراءات


                كيف ننعش مسرحنا ..؟
                بقلم / البوصيري عبد الله

                كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن مشاكل مسرحنا الليبي حيث عرضت أزمته مراراً في البرامج الإذاعية والتلفزية ، ونشرت آراء عديدة ، واجتهادات طيبة للخروج من تلك الأزمة على صفحات الصحف والمجلات ، كما عقدت الندوات والمحاضرات للنظر في ذات الموضوع ،ولكن الأزمة قائمة ... بل تزداد استفحالًا وتجذراً ، ورغم أني لم أكن بعيداً عن تلك الوقائع الثقافية التي ناقشت هذه الأزمة إلاّ إننى هنا أحاول أن أقدم ورقة مكتوبة أطرح فيها بعض الحلول والتدابير التي تراءت لي مناسبة لإنعاش تجربتنا المسرحية ،وهي تجربة سوف تدرك مئويتها الأولى في منتصف السنة القادمة ، إذ أن المسرح في ليبيا تأسس سنة 1908 م . على يدي الصحفي الفنان محمد قدري المحامي ، ولكن قبل أن أعرض ما أود عرضه أرى أنه من الأفضل الإشارة إلى ثلاث ملاحظات هامة ألا وهي :-
                أولاً : لقد سبق لي أن تقدمت بهذه الورقة إلى اللجنة الشعبية للإعلام والثقافة بشعبية طرابلس ، ثم أجريت عليها شيئاً من التعديل بغية التعميم وإضفاء الشمولية وتقدمت بها إلى أمين اللجنة الشعبية للثقافة الدكتور المهدي امبيرش حينما كان يقوم برحلاته المكوكية بين المؤسسات الثقافية يستطلع الأفكار والآراء حول إمكانية النهوض بثقافتنا الوطنية ولكن أياً من الجهتين لم تعبأ بما ورد في هذه الورقة من آراء مما يدل على أن المسؤولين على الشأن الثقافي يأتون إلينا جاهزين ، وأنهم ليسوا في حاجة لآراء كائن من كان ... إنهم يأتون إلينا وفي بالهم تحرير الثقافة من كل ما يعتريها من أسباب النكوص ثم يكتشفون أنهم لا يقدرون حتى على تحرير أنفسهم من مرض النرجسية الفكرية ،ولذا فإن ما يجعلني أقبل على نشرها الآن ليس الأمل في أن يعبأ بها أحد من المسؤولين على الشأن الثقافي وإنما ما يجعلني اقبل على نشرها هو وضع هؤلاء المسؤولين أمام مسؤولياتهم التاريخية هذا أولاً ... وثانياً هو الأمل في أن يأخذ الفنانون ما يتصل بهم من التدابير المعروضة مشفوعاً بأمل آخر يتمثل في استجابة البرجوازية الوطنية المستنيرة في المساهمة في حل ضائقتنا الثقافية بوجه عام ، وضائقتنا المسرحية على وجه الخصوص إلى أن يقيض الله للمسرح مسؤولاً يؤمن بضرورة نموه بقدر ما يؤمن بضرورة نمو أرصدته وحساباته المصرفية ، وفي ذلك شيء من العدل المستحب .
                ثانياً : لا نريد هنا أن نضع حلولًا مستقبلية فنطالب – مثلاً – باستحداث القوافل المسرحية ، أو بالتركيز على التربية المسرحية في المناهج المدرسية ، أو بتنشيط برنامج الإيفاد إلى الخارج للتحصيل والاستزادة ..أو أن نطالب بإعادة النظر في المناهج المسرحية المعتمدة في الكليات والمعاهد الفنية ، تلك أحلام بعيدة المدى لا يسمح واقعنا المسرحي الراهن بأن نرنو إليها على نحو موضوعي وجاد .. وإنما ينصب طموحنا في هذه الورقة على التدابير الميسورة ...الممكنة ... أي أن نكون واقعيين ، فلا ننظر أبعد من أنوفنا كي يقتصر حلمنا في إنعاش مسرحنا على تنظيم واقعنا المسرحي الراهن ...مجرد التنظيم وليس أكثر ، فلعل ذلك يسمح لنا بالاستفادة مما هو موجود بين أيدينا ... وتحت أبصارنا .
                ثالثاً: ولربما قصرت هذه الورقة عن إدراك حرفية المقالة من حيث صياغتها الأدبية وذلك لعدم استخدامها للصيغ البلاغية من استعارة وكناية وتشبيه وترصيع خشية أن تغرق فكرتها الجوهرية في أساليب التحسين والتجويد ، أو أن يضيع فحواها من جراء الاستطراد والإطالة فالمثل الشعبي يقول ( طول الخيط أيضيع اليبرة ) لذا فهي ورقة انتهجت حرفية المذكرة الإدارية ..أي أنها مجرد خطة عمل تحدد هدفها على شكل نقاط ، وفقرات معنوية تنبيء بفكرتها على نحو سافر وصريح .
                وهي – في الوقت نفسه – قابلة للزيادة والحذف والنقصان والتعديل ، ونأمل أن تتلوها أوراق أخرى محملة بآراء أخرى ، على إننا نأمل بعد إجراء التعديلات اللازمة ، أن تصير بمثابة إتفاق بين الفرق المسرحية وبين المؤسسات المسؤولة عن المسرح ، وأن يلتزم كل منهما بما له وبما عليه .
                أما بعد ...
                إن المتأمل في مشاكل مسرحنا الليبي وخاصة داخل مدينة طرابلس ، سيكتشف أنها تنحصر في ثلاث نقاط هامة هي على التوالي :
                مشكلة ناتجة عن غياب الدعم .
                وهذه بدورها تنقسم إلى محورين : محور الدعم المالي ، ومحور الدعم المعنوي .
                مشكلة ناتجة عن تركيبة الفرق المسرحية .
                مشكلة غياب الجمهور .

                تعليق


                • #98
                  حول مشكلة الدعم
                  الدعم المالي :
                  وهنا نقترح ما يأتي:
                  استحداث صندوق تحت اسم ( صندوق دعم النشاط المسرحي ) ويفتح له حساب جار بأحد المصارف في إحدى المدن الليبية ، تؤول إليه مداخيل العروض المسرحية والتبرعات المالية التي يمكن أن يتحصل عليها المسرح من أصدقائه وعشاقه ، وبنسبة 1% من قيمة المشاريع والعطاءات التي تبرمها أمانة الثقافة مع الشركات والمؤسسات ، علاوة على نسبة 3% من قيمة الدعم المخصص للفرق المسرحية .
                  إن الفرق الأهلية المعتمدة داخل الجماهيرية الليبية لا يزيد عددها على أربعين فرقة مسرحية ،وهي من حيث الكم أقل من طموحنا إذ إننا نحلم بتأسيس فرقة مسرحية في كل مدينة ...بل وفي كل قرية من قرى بلادنا ، ولكن ذلك له خاصية ايجابية من ناحية الدعم اللازم لتفعيل هذه الفرق وتنشيطها وتحفيزها وبذلك فإننا نقترح أن تخصص الأمانة العامة للإعلام والثقافة ميزانية سنوية لدعم النشاط المسرحي داخل الفرق الأهلية ، وقدرها أربعمائة ألف دينار موزعة على الفرق المذكورة بالتساوي ..أي بواقع عشرة آلاف دينار لكل فرقة مسرحية .
                  وهي – في الواقع- ميزانية غاية في التواضع والتبسيط ولكن من شأنها أن تنعش مسرحنا بجرعة خفيفة من إكسير الحياة .
                  3. يشترط الحصول على هذا الدعم إتباع الخطوات التالية :
                  أ- أن تتم الموافقة على النص المسرحي المقدم من قبل الفرقة المسرحية الراغبة في الدعم المسرحي .
                  ب- أن تلتزم الفرقة المسرحية بتقديم عشرين عرضاً مسرحياً – على الأقل – خلال عام واحد ، وبصفة إلزامية وذلك حسب الزمان والمكان اللذين تحددهما الأمانة العامة للثقافة والإعلام .
                  ج- أن توافق الفرق المسرحية ، الراغبة في الدعم ، على المشاركة الفعالة في المناسبات الرسمية ( أعياد الفاتح / أعياد الإجلاء / أعياد سلطة الشعب ) وكذلك في في المناسبات الدينية (الأعياد المولد النبوى الشريف / شهر رمضان الكريم ) على أن تحتسب هذه المشاركات ضمن العروض الإلزامية المشار إليها آنفاً .
                  د. أن يصرف الدعم على العمل الفني ، وعلى الفنانين القائمين به ، مع الحرص على التركيز الشديد على الإعلان المبهر ، وذلك للفت أنظار الجمهور نحو النشاط المسرحي ، ومن ناحية آخرى لتوثيق النشاط المسرحي كي لا يهمل ويضيع هباء .
                  هـ. أن توافق الفرق المسرحية على خصم ما قيمته 3% لصالح صندوق دعم النشاط المسرحي .
                  4-للفرق المسرحية الحق في تحسين مداخليها بواسطة تنظيم عروض فنية داخل الكليات والمعاهد والمدارس أو داخل المؤسسات الصناعية ، على ألاّ تحتسب هذه العروض ضمن العروض الإلزامية إلا إذا كانت بإشراف الأمانة العامة للثقافة والإعلام وبترتيب منها .
                  5-أن تساعد الأمانة العامة للثقافة والإعلام الفرق المسرحية على تأسيس جمعيات وتشاركيات فنية بهدف النهوض بالحركة أولاً ، وبهدف زيادة دخل الفرقة وتحسين أحوال الفنان المعيشية ثانياً .

                  تعليق


                  • #99
                    الدعم المعنوي .
                    أما على صعيد الدعم المعنوي فإننا نعرض المقترحات التالية :-
                    ضرورة الاهتمام بيوم المسرح العالمي ، والاحتفال بهذا اليوم بالشكل الذي يليق به فإن ذلك الاهتمام يعكس مدى احترام الفنان المسرحي ،ويزيد من الإحساس بقيمة دوره الحضاري والاجتماعي .
                    ضرورة العناية بيوم تأسيس كل فرقة من فرقنا المسرحية وتحويل هذا اليوم إلى عيد مسرحي تحتفل فيه الفرقة المعنية بالشكل الذي تراه مناسباً على أن تساهم في إحيائه الأمانة العامة والثقافة والإعلام والفرق المسرحية الأخرى بتقديم باقات الورود والهدايا ،وغيره من الأشياء المعبرة عن الدعم المعنوي إنه لأمر ممكن وبسيط ولكنه غائب عن بالنا بسبب جفاف عواطفنا .
                    التركيز الإعلامي على نشاط الفرق المسرحية وذلك بنشر أخبارها ، وإجراء مقابلات مع أعضائها ، وأعداد تحقيقات ميدانية داخل الفرق المسرحية .
                    إعداد برامج إذاعية ومرئية لتغطية أخبار الحركة المسرحية والفنية بصفة عامة وتحت إشراف وإنتاج أمانة الثقافة ومجلس الثقافة العام .
                    أن تسعى أمانة الثقافة والإعلام إلى إشاعة ظاهرة ( حفلات الشاي ) تكريماً لكل فرقة مسرحية تقدم عملاً جديداً وذلك لإشاعة الدفء والمحبة والانسجام داخل حركتنا المسرحية .
                    الإكثار من رسائل الشكر ، ومنح شهادات التقدير للمتفوقين والمتميزين داخل الحركة المسرحية .
                    حل المشاكل الشخصية للفنان ، وذلك بمساعدته على الحصول على قرض – مثلاً – أو سكن أو مركوب .. أو غير ذلك من حلول للمشاكل الحياتية التي تواجه الفنان .
                    إعداد المعارض التكريمية التي يتم فيها عرض إرشيف أحد الفنانين ، أو إرشيف إحدى الفرق ، وذلك ليطلع الناس على هذه التجربة الزاخرة من خلال الصور أو من خلال ما كُتب عنها في الصحف والمجلات .
                    ​​​​​​​

                    تعليق



                    • أسئلة المسرح ..
                      بقلم / أحمد بللو
                      في الفترة مابين 12\7\2006 و20\7\2006 جرت بمدينة طرابلس وقائع الدورة التاسعة للمهرجان الوطني للمسرح، بعد انقطاع دام سبع سنوات كان لها أثرها البالغ وتأثيرها السلبي على نشاط حركتنا المسرحية وآفاق واستمراريتها وتطورها، في هذه الإطلالة محاولة للاقتراب من أجواء هذه الاحتفالات الفنية. والتعرف على بعض من مجرياتها وأحداثها وما تمثله في سياق حركة هذا المهرجان من جانب ، وما تشكله في سيرورة الحركة المسرحية الليبية بشكل عام من جانب آخر.
                      بعض من وقائعها
                      *انطلقت هذه الدورة مساء الأربعاء 12\7\2004 مسيحي بمسرح الكشاف وسط احتفال فني حاشد ، بمشاركة (14) فرقة مسرحية مثلت مناطق عدة من بلادنا...
                      وبحضور عدد من الكتاب والأدباء والفنانين وبعض الأمناء المسؤولين ، إضافة إلى عدد من الفنانين العرب كضيوف على المهرجان ، وجمهور غفير من محبي المسرح. وقد بدأها رئيس اللجنة العليا للمهرجان (د.حسن قرفال) بكلمة ترحيب جاء في بعضها((أرحب بكم في رحاب هذا الفن العريق، الذى يعتبر جنساً مهماً من أجناس الأدب والفن والثقافة عموماً .. ها هي أضواء مسارحنا ترحب بكم وتعلن عن بداية هذه التظاهرة المسرحية الكبرى)) (1) تلتها كلمة الفنان (أحمد النويري) أمين الرابطة العامة للفنانين قال في مستهلها )أحييكم وأقدر جهدكم الكبير في سبيل إنجاز هذا المنشط الثقافي المهم).
                      (2) ثم بكلمة الأستاذ (نوري الحميدي) ، أمين اللجنة الشعبية العامة للثقافة والإعلام ورد فيها : (إن الثقافة في هذا الوطن العظيم تعتمد فلسفة المؤتمرات الشعبية الأساسية منطلقاً ودليلاً لها ، وهى فلسفة تؤمن بدور الثقافة في الحفاظ على الهوية العربية والإسلامية والانتماء الأفريقي وفتح آفاق المستقبل أمامها ... إن ثورة الفاتح ثورة الإبداع أخرجت المسرح من دائرة التهميش ...).
                      (3)أعطى بعدها الأمين شرف إعطاء الإذن بافتتاح الدورة للدكتور (علي فهمي خشيم) الذي ألقى كلمة قال فيها (هذا هو الفن في ليبيا .. يا إلهي ما أسعدني ، أشكرك لأنك أتحت لي فرصة من الحياة كي أرى هذه الوجوه الرائعة التي أود أن أعانقها فرداً فرداً ، ولكنها في قلبي هنا ،هذا القلب الذي جدد كما جددت الثقافة في ليبيا(4) ليفتتح المهرجان بلوحات فنية للأزياء الشعبية والتراثية الليبية وبثلاث دقات للفنان الكبير(محمد شرف الدين) على خشبة مسرح الكشاف أعلن عن بدء عروض هذه الدورة...حيث قدمت فرقة المسرح الوطني بطرابلس عرض الافتتاح الذي كان بعنوان (خارج نطاق التسلية) من إعداد وإخراج : (فتحي كحلول) ، وهو بالمناسبة العرض الوحيد الذي يقع خارج نطاق التقييم.
                      تواصلت ومنذ اليوم التالي العروض ولمدة أسبوع بواقع عرضين في كل يوم : الأول بمسرح "الفتح" والثاني بمسرح "الكشاف" باستثناء يوم الجمعة الذي شهد عرضا واحدا ، ًوالعروض التي قدمت في هذه الدورة هي : الخميس :
                      1- ( الرياح والصاري) "فرقة الينابيع" إجدابيا / تأليف وإخراج مصطفى السعيطي.
                      2- (قطارة الملح) "فرقة الجيل الصاعد" طرابلس / تأليف : القذافي الفاخري وإخراج هدى عبد اللطيف.
                      3- الجمعة : (الحجالات) المسرح الوطني بنغازي / تأليف : منصور بوشناف وإخراج عبد الحميد الباح.
                      4- السبت : (سكان الكهف) مسرح المرج / إعداد وإخراج : أحمد إبراهيم حسن.
                      5- (اللحظة) الوطنية للتمثيل طرابلس / إعداد وإخراج عمر هندر.
                      6- الأحد : (فليسقط شكسبير) المسرح الشعبي بنغازي / إعداد وإخراج : محمد الصادق.
                      7- (رائحة البارود) الشباب الثائر مصراتة / إعداد وإخراج : أحمد إبراهيم حسن.
                      8- الاثنين : (اللعبة) المسرح الوطني سبها / تأليف : أبوبكر قاسم وإخراج عمر مسعود.
                      9- (السؤال والحل) فرقة الهواة درنة / تأليف عبد العظيم شلوف وإخراج حسين عبد الهادي
                      10- الثلاثاء : (الهذيان) الوفاء للتمثيل / الجميل / تأليف :الزنقاح محمد عثمان وإخراج خليفة الأمين الكلابي.
                      11- (عذاب الذاكرة) الفن المسرحي طبرق / تأليف علي الجهاني وإخراج عز الدين المهدي.
                      12- الأربعاء : (الصاروخ) العربية للتمثيل مصراتة / وهو عرض مونودراما عن قصة للكاتب إبراهيم حميدان بنفس العنوان من إعداد "يوسف خشيم" وإخراج شقيقه خالد خشيم.
                      13- (اللعبة) فرقة البيت الفني للأعمال الدرامية / إعداد وإخراج عبد الله الزروق .
                      * كما شهدت هذه الدورة تواصل صدور جريدة (الركح) في إصدارها الثالث واستمرت على مدى ثمانية أعداد .. إقامة عدد من الندوات الصباحية حول العروض ، وندوات ومحاضرات حول المسرح والنص المسرحي ، والمسرح والعولمة ، وشارك فيها بالإضافة إلى المهتمين من الفنانين الليبيين عدد من الفنانين العرب أبرزهم "عبد الكريم برشيد" من المغرب و"عمر دوارة وعصام خليل" من مصر "و محمد صبري" من العراق و "جمال عياد" من الأردن .. إضافة إلى أصبوحة قصصية.
                      وفي ليلة الخميس 20\7\2006 بحضور أمين الثقافة والإعلام وعدد من الأمناء والمسؤولين أقيم الاحتفال الختامي ، اقتصر على أمسية شعرية شارك فيها عدد محدود من الشعراء والشاعرات .. ليعلن بعدها رئيس اللجنة العليا للمهرجان النتائج .. ووزعت الجوائز وشهادات التقدير التي أرضت البعض وأغضبت البعض الآخر .. وإن تم في الأخير التسليم بهذه النتائج التي رأى فيها الكثير من المتابعين أنها جاءت على قدر كبير من الموضوعية والإنصاف .. وليسدل الستار على هذه الدورة ويظل السؤال الحائر: ترى هل ستكون هذه الدورة بداية جديدة تتلوها دورات أخرى متواترة ومنتظمة أم أنها ستقع في النسيان بعد حين ويحدث لها ما حدث مع دورات سابقة ؟
                      بعض من واقعها
                      * بداية يمكن القول إن أهمية هذه الدورة ليس من كونها جاءت بعد انقطاع طويل .. وبعد تأجيلات عدة .. وبعد أن وصل الإحباط مداه ولا في العروض التي قدمت .. واختلافاتنا حولها وحول محاميلها الفنية والفكرية .. ولا في تحسين ظروف الإقامة
                      ولا في تحسين جريدة الركح ، ولا في الضيوف من الفنانين والندوات والمحاضرات والاهتمام الإعلامي (مع احترامي لكل ذلك ولكل أولئك) ولكنها في اعتقادي من طرحها بإلحاح سؤال الديمومة أو الاستمرارية ، سواء استمرارية المهرجان وانتظامه ، أو استمرارية الحركة المسرحية الليبية برمتها وارتباطها الوثيق – حتى الآن على الأقل – بالمهرجان .
                      *فسؤال متى ستعقد الدورة العاشرة ؟ الذي جاء في الختام كما ظل مطروحاً طيلة أيام وليالي المهرجان في مقهى وأروقة وغرف "فندق الواحات" وحلقات ساحة مسرح الكشاف أو عبر جريدة الركح لا يشير بالحيرة فقط ، بل يشير إلى معضلة المسرح الليبي وسؤاله الأساسي .وليس من الصعب التدليل على أن شرط الاستمرارية قد ظل شرط حيوية حركتنا المسرحية ، وغيابه معناه التراجع أو الركود أو التلاشي . هذا لا يعني أنه الشرط الوحيد .. فثمة شروط أخرى لا تقل أهمية، ومن قلب التجربة، تخص سبل دعمه ومراقبته وسبل توسيع رقعته وآفاق تطلعه.
                      *إن البحث في الحصيلة الفنية لعروض هذه الدورة ومدى اجتهاداتها الفنية والأدائية والمساحات التي ارتادها أو القضايا التي تناولها.. سيشهد التراجع الكبير الذي حدث عندنا قياسا بما شهدته الدورة الثامنة التي جرت في خريف 1999مسيحي حيث اعتقد الكثير من المنخرطين في هذه الظاهرة والمتابعين لصيرورة المسرح الليبي وتحولاته في ختام تلك الدورة أن مسرحنا مقدم على مرحلة جديدة..وأنه قد بلغ من النضج –على الأقل في عدد لا بأس به من المحاولات الجادة والمتطلعة لآفاق أبعد وارتياد فضاءات بكر للفن المسرحي بأدوات ووسائل تعبير حاذقة ، وإن سنوات قليلة فقط ما يفصله عن تحديد بعض ملامح هويته الفنية والجمالية الفكرية التي ظل يحاولها منذ ما يقرب من قرن ويكابد من أجلها ، فقد شهدت تلك الدورة ميلاد فنانين واستمرار آخرين (مؤلفين ومخرجين وممثلين ..عدد منهم لا يشارك في هذه الدورة) وظهور تجارب فنية مميزة .. والجدير بذكره هنا أن تلك الدورة قد جاءت بعد دورتين متلاحقتين ، وكانت الثامنة ثالثهما 95-97-99 لتحقق مهمتين اثنتين ، فعلى المستوى الأفقي وصل عدد الفرق المشاركة إلى 40 فرقة مسرحية ، منها من يشارك في المهرجان للمرة الأولى (شحات ، طبرق ، هون على سبيل المثال) وعلى المستوى الرأسي فإن العروض التي قدمت جهداً فنياً واضحاً واجتهاداً في إطار اللعبة المسرحية ويبشر بنجاحات قد يصل إلى 15 عرضاً.
                      · إن كنت لأجزم بأن ذلك كله كان بفضل هذا المهرجان وتواتر دوراته الثلاث – إذا إن مهرجانات أخرى كان لها حضورها المساند وشكلت رافداً مهماً كمهرجان النهر الصناعي العظيم والتحدي من بنغازي والمسرح المدرسي والجامعي في طرابلس – إلا أنني أستطيع الجزم بأن مسرحنا - في معظمه - لا يزال أسيراً للحالة المهرجانية .. والمهرجان الوطني للمسرح تحديداً - وإن كنت لست بصدد البحث في الأسباب التي جعلته رهينا لهذه الحالة ، لأن ذلك يتطلب البحث المطول والجاد في عناصر وعوامل عدة منها (التاريخي والاجتماعي والنفسي والحضاري واللغوي والاقتصادي والديني وأسباب أخرى) فإن بإمكاني التأكيد على أن تاريخه وتجربته تقول إن علاقته بالجمهور ( الذي يعد أحد أسباب وجوده وتحوله في أماكن كثيرة من العالم ) مازالت عندنا ملتبسة.. غير ذات بال .. مما يستدعي البحث في الوسائط التي من شأنها أن تجعلها حقيقة واقعة..ولعل في تجارب غيرنا من الدول النامية أو المتقدمة أيضا محاولات وجهودا يمكن الاستهداء بها..كدعم المجتمع له سواء عبر مؤسساته التعليمية ،والثقافية .. واحتضان الثقافة له وتبنيه كعنصر أساس في تشكلها لما يمثله كشكل من أشكال الحوار الذي يعد آلية أساسية لكل ثقافة أو حضارة.
                      ·إن تركيزي في المقارنة بين هذه الدورة وسابقاتها التي تفصلها عنها سبعة أعوام .. لا يعني ذلك أنه الانقطاع الوحيد المؤثر فثمة انقطاعات سابقة وصلت لتسعة أعوام كاملة، حدث ذلك بين الدورة الثانية 10\12\1973م والثالثة التي انعقدت 1\5\1982م.. وفي غيرها وإن بنسب أقل، الأمر الذي لم يمّكن المهرجان الذي بلغ عمره 35 عاماً منذ انطلاقته في 9\1971 م من عقد سوى تسع دورات، وهو عدد قليل ولاشك.. ولعله الأمر نفسه الذي لم يمكنَ المسرح عندنا من خلق وتيرة منتظمة وذاتية الحركة ، ولذا فإن المطلوب من انعقاد الدورة التاسعة ليس كسر جمود السبع الطوال ، ولكن استمرارية انعقادها وتسريعه إن أمكن ولو بعقد المهرجانات المحلية المساندة لتلافي ما يمكن تلافيه ، والنظر إلى حال المسرح عندنا ، إما في بناه التحتية ، وإما في وضع المشتغلين به وفيه وله .. وإعادة الاعتبار له كفن صعب وله مكانه ومكانته المهمة والضرورية لأية ثقافة وأي مجتمع.
                      ·ومن ضمن الملاحظات على هذه الدورة غياب النص المسرحي بشكل عام (فكثير من العروض جاءت إعداداً لمخرجين ) والنص الليبي خصوصاً وأعني به النص الدرامي المكتوب للمسرح ، والذي يملك شروط تحققه الجميل والمؤثر في العرض ، كذلك غياب مخرجين وممثلين لهم حضورهم المميز .. أيضا لوحظ تراجع عدد الممثلات ( ويمكن تسمية فرق عديدة لأكثر من مدينة..) وإن سجلت هذه الدورة اسم ثاني مخرجة ليبية تشارك في المهرجان وهى " هدى عبد اللطيف" بعد زميلتها "زهرة مصباح " في الدورة الثامنة كأول مخرجة، ويمكن أيضا الإشارة إلى ضعف مستوى الندوات التي صاحبت العروض،إذ لم تشهد حضوراً فاعلاً من المهتمين بهذا الفن و عزاها البعض لعدم حضور المثقفين والمهتمين من الكتاب والأدباء والصحفيين الفنيين.
                      ·ولكن سيبقى لهذه الدورة حرص المسؤولين عن قيامها كمحاولة لكسر هذا الجمود.. وهذا الحضور الكبير للجمهور ولجريدة المهرجان التي حاولت أن تكون مختلفة عن سابقاتها .. وللجنة التقييم التي كانت على شيء كبير من النزاهة والإنصاف ، ولما أثارته من أسئلة بخصوص هذه الدورة والمسرح الليبي بشكل عام وللمسؤولين عن المهرجان الذين وعدوا بأن الدورة العاشرة ستكون بعد عامين وذلك بمناسبة مئوية المسرح الليبي التي ستوافق العام 2008مسيحي .

                      تعليق



                      • حول (المهرجان الوطني الخامس للفنون المسرحية
                        هل هو تجريب أم تهريج ؟!
                        بقلم / عبدالله القويري


                        لم يكتسب المسرح عندنا تاريخاً والتاريخ يأتي من الاستمرار والتأثير في الحياة والتأثر بها والمحاولات المسرحية عندنا قليلة جاءت من أفراد قدموا وضحوا على قدر جهودهم وظروفهم مازلنا نذكرهم ونقدر جهودهم التي بذلوها.
                        أما في النفوس فلم يبق شيء!!
                        لم تبق علامة لم تبق جملة حوارية لم تبق كلمة وامضة لم يبق نص نعود إليه ونقرأه ونتأمله ونردد بعض ما فيه ونستعيد شخصياته أو مواقفها على خشبة المسرح وإذا فعل شخص ذلك لا نهتم به ولا ندرك بأنه أعاد إلينا لحظة بهجة تتحدى الزمن ولا تفر من أمام أعيننا ولا تذهب بعيداً هناك في الأعماق كأنها حالة سكر طائش.
                        أعرف أن هناك أعمالاً قدمت ونالت نجاحاً باهراً وشاهدها الناس وتزاحموا على قاعة العرض في يوم من الأيام من أجلها.
                        ترى هل افتقد أكثرنا الضمير الجمعي وقبله أنكرنا الضمير الفني؟!
                        إنني أتساءل في محاولة مني لأن استعيد بالقلم ما عجزت عن استعادته بالعروض المسرحية!!
                        كيف لم أستطع استعادة لحظة بهجة واحدة؟!
                        لقد ضمر مفهوم المسرح عندنا ليصبح مجرد فرق جمعت في أماكن مختلفة من (الجماهيرية) وقاعات عرض منهارة مغلقة ونصوص في المحاولة وفقدنا الشخصية المرسومة بعناية والمؤداة بواسطة ممثل مقتدر يجود في أدائه على مر الأيام وافتقدنا قاعات عرض تزدهر بالعروض بين الحين والحين وجفت النصوص فلم تعد موجودة وعشش العنكبوت في خلفيات الخشبات خلف الستائر وفجأة سمعنا بالمهرجان الخامس وكان يمكن أن يمر هذا المهرجان مثلما مر غيره قبله فلا أشاهده ولكن دعيت لكي أكون ضمن (لجنة المفاضلة) فكان واجباً عليّ أن أشاهد جميع العروض وهذا مافعلته احتملت (جو) قاعة (الكشاف) طيلة عشرة أيام وفوجئت إذ رأيت فرقاً حقيقية تقوم بالأداء فأثبتوا أن لدينا من يؤدي بطريقة جيدة بل هناك من ارتفع إلى درجة الامتياز وأحسست أن وراء المجهود أمامي مخرجون مسرحيون يفهمون هذا الفن ويعتمدون على ثقافة مسرحية جيدة.
                        ولكن ما صدمني هو افتقاد النصوص المسرحية
                        كيف؟!
                        النصوص في الكتب.
                        إن ما رأيته كان مجرد حركات على الخشبة في أحيان يسيطر عليها إيقاع وفي أكثر الأحيان تضطرب بلا إيقاع فحزنت وأتممت العروض وأنا حزين.
                        صرخات وإلقاء مباشر وحركات هستيرية دخول وخروج بلا معنى ومؤثرات صوتية تصم الآذان وأضواء تطفأ ثم تضاء بلا سبب مفهوم وصعود على الخشبة ونزول عنها إلى القاعة بلا داع كلها أمور تحاول إن تقنعنا بأن ما يقدم هو مسرح ملتزم محرض وأكثر ما اعتمدوا عليه هو عبارات إنشائية صارخة تحاول أن تكون تحريضية لمؤلفين مغاربة.
                        وكأنما كان (المغرب قارة) مجهولة مسرحية فاكتشفها الإخوة الليبيون المخرجون ووقعت فرقنا في فخ العبارات الطنانة والادعاء.
                        وقالوا لنا هذا مسرح تجريبي وكأنما التجريب هو صراخ وجماجم وقفز وهياكل عظمية ومقابر فوق الخشبة؟!
                        ونسوا أن المسرح التجريبي هو (فن) أولاً ولكنه اتخذ بعض التجاوزات من أجل إيصال أعماق وأبعاد إلى المشاهد، في التجريب هناك الفن والمعنى والأداء وهناك إيقاع وهناك لحظة البهجة العميقة وهناك إيماء.
                        ليس التجريب حالة من (الشيزوفرانيا الجماعية)!! ترى ما الذي دفع هذه الفرق التي يوجد بها مخرجون على درجة من الوعي والثقافة مثلما يوجد بها ممثلون إلى الالتجاء إلى هذه الشذرات الخطابية وسموها نصوصاً مسرحية وقاموا بتنفيذها على المسرح مستعملين الأضواء والأصوات والمناظر دون داع فني أقول ترى ما الذي دفع هذه الفرق إلى ذلك؟!
                        أهو روح التجريب؟!
                        إن التجريب كما قلنا هو فن.
                        أم هو الهروب من النصوص الجيدة والبحث عنها.
                        ولكن النصوص متوفرة في الكتب وعند المؤلفين.
                        أم هو ما يشيعونه من أن هذا هو المطلوب إذ المطلوب هو مسرح (دعاوى) يتناول القضية المركزية (فلسطين) مثلما يتناول واقع الوطن العربي والدعوة إلى الوحدة؟!
                        إن التوجيه في الفن يفقده أهم عناصره وهو الإقناع الداخلي هذا بالإضافة إلى أنني أعتقد أنه لا يوجد كاتب لا يتأثر من ذاته بالواقع ويعتنق القضايا الإنسانية ويكون اقتناعه داخلياً أعني ذاتياً ومن ثم ينعكس ذلك على إنتاجه بطريقة غير مباشرة بكلمة موحية أو إيماءة فنية دالة مما يعطي العمل قوة إقناع داخلي دون صياح وعبارات صارخة.
                        إن الفن إيماء وإيقاع داخلي يجذب النفوس وليس صياحاً وصراخاً وقفزاً.
                        تألمت عندما شاهدت النصوص جميعها أمامي على المسرح وحزنت على الجهد المهدر، جهد المخرج وجهد الممثلين وجهد الجمهور في المشاهدة.
                        كانت كلها نصوصاً هابطة بل أقول لم تكن هناك نصوص بل أكوام من الكلمات المسطحة وأستثني مما قدم نص مسرحية (جسر آرتا) فقد اعتمدت على نص مسرحي حقيقي فشاهدنا عرضاً جيداً واستخلصنا فكرة رائعة تقدس التضحية من أجل الغير دون صراخ وصياح.
                        العجيب أن هذا حدث عندنا دون حديث ودون تعليق وفي (القاهرة) في نفس الفترة تقريباً كان هناك مهرجان المسرح التجريبي ولكن حوله دار النقاش وكتبت الأبحاث والمقالات متى نتعود أن نأخذ الأمور في جدية في مجال الفن والثقافة.

                        تعليق


                        • حول (المهرجان الوطني الخامس للفنون المسرحية
                          هل هو تجريب أم تهريج ؟!
                          بقلم / عبدالله القويري


                          لم يكتسب المسرح عندنا تاريخاً والتاريخ يأتي من الاستمرار والتأثير في الحياة والتأثر بها والمحاولات المسرحية عندنا قليلة جاءت من أفراد قدموا وضحوا على قدر جهودهم وظروفهم مازلنا نذكرهم ونقدر جهودهم التي بذلوها.
                          أما في النفوس فلم يبق شيء!!
                          لم تبق علامة لم تبق جملة حوارية لم تبق كلمة وامضة لم يبق نص نعود إليه ونقرأه ونتأمله ونردد بعض ما فيه ونستعيد شخصياته أو مواقفها على خشبة المسرح وإذا فعل شخص ذلك لا نهتم به ولا ندرك بأنه أعاد إلينا لحظة بهجة تتحدى الزمن ولا تفر من أمام أعيننا ولا تذهب بعيداً هناك في الأعماق كأنها حالة سكر طائش.
                          أعرف أن هناك أعمالاً قدمت ونالت نجاحاً باهراً وشاهدها الناس وتزاحموا على قاعة العرض في يوم من الأيام من أجلها.
                          ترى هل افتقد أكثرنا الضمير الجمعي وقبله أنكرنا الضمير الفني؟!
                          إنني أتساءل في محاولة مني لأن استعيد بالقلم ما عجزت عن استعادته بالعروض المسرحية!!
                          كيف لم أستطع استعادة لحظة بهجة واحدة؟!
                          لقد ضمر مفهوم المسرح عندنا ليصبح مجرد فرق جمعت في أماكن مختلفة من (الجماهيرية) وقاعات عرض منهارة مغلقة ونصوص في المحاولة وفقدنا الشخصية المرسومة بعناية والمؤداة بواسطة ممثل مقتدر يجود في أدائه على مر الأيام وافتقدنا قاعات عرض تزدهر بالعروض بين الحين والحين وجفت النصوص فلم تعد موجودة وعشش العنكبوت في خلفيات الخشبات خلف الستائر وفجأة سمعنا بالمهرجان الخامس وكان يمكن أن يمر هذا المهرجان مثلما مر غيره قبله فلا أشاهده ولكن دعيت لكي أكون ضمن (لجنة المفاضلة) فكان واجباً عليّ أن أشاهد جميع العروض وهذا مافعلته احتملت (جو) قاعة (الكشاف) طيلة عشرة أيام وفوجئت إذ رأيت فرقاً حقيقية تقوم بالأداء فأثبتوا أن لدينا من يؤدي بطريقة جيدة بل هناك من ارتفع إلى درجة الامتياز وأحسست أن وراء المجهود أمامي مخرجون مسرحيون يفهمون هذا الفن ويعتمدون على ثقافة مسرحية جيدة.
                          ولكن ما صدمني هو افتقاد النصوص المسرحية
                          كيف؟!
                          النصوص في الكتب.
                          إن ما رأيته كان مجرد حركات على الخشبة في أحيان يسيطر عليها إيقاع وفي أكثر الأحيان تضطرب بلا إيقاع فحزنت وأتممت العروض وأنا حزين.
                          صرخات وإلقاء مباشر وحركات هستيرية دخول وخروج بلا معنى ومؤثرات صوتية تصم الآذان وأضواء تطفأ ثم تضاء بلا سبب مفهوم وصعود على الخشبة ونزول عنها إلى القاعة بلا داع كلها أمور تحاول إن تقنعنا بأن ما يقدم هو مسرح ملتزم محرض وأكثر ما اعتمدوا عليه هو عبارات إنشائية صارخة تحاول أن تكون تحريضية لمؤلفين مغاربة.
                          وكأنما كان (المغرب قارة) مجهولة مسرحية فاكتشفها الإخوة الليبيون المخرجون ووقعت فرقنا في فخ العبارات الطنانة والادعاء.
                          وقالوا لنا هذا مسرح تجريبي وكأنما التجريب هو صراخ وجماجم وقفز وهياكل عظمية ومقابر فوق الخشبة؟!
                          ونسوا أن المسرح التجريبي هو (فن) أولاً ولكنه اتخذ بعض التجاوزات من أجل إيصال أعماق وأبعاد إلى المشاهد، في التجريب هناك الفن والمعنى والأداء وهناك إيقاع وهناك لحظة البهجة العميقة وهناك إيماء.
                          ليس التجريب حالة من (الشيزوفرانيا الجماعية)!! ترى ما الذي دفع هذه الفرق التي يوجد بها مخرجون على درجة من الوعي والثقافة مثلما يوجد بها ممثلون إلى الالتجاء إلى هذه الشذرات الخطابية وسموها نصوصاً مسرحية وقاموا بتنفيذها على المسرح مستعملين الأضواء والأصوات والمناظر دون داع فني أقول ترى ما الذي دفع هذه الفرق إلى ذلك؟!
                          أهو روح التجريب؟!
                          إن التجريب كما قلنا هو فن.
                          أم هو الهروب من النصوص الجيدة والبحث عنها.
                          ولكن النصوص متوفرة في الكتب وعند المؤلفين.
                          أم هو ما يشيعونه من أن هذا هو المطلوب إذ المطلوب هو مسرح (دعاوى) يتناول القضية المركزية (فلسطين) مثلما يتناول واقع الوطن العربي والدعوة إلى الوحدة؟!
                          إن التوجيه في الفن يفقده أهم عناصره وهو الإقناع الداخلي هذا بالإضافة إلى أنني أعتقد أنه لا يوجد كاتب لا يتأثر من ذاته بالواقع ويعتنق القضايا الإنسانية ويكون اقتناعه داخلياً أعني ذاتياً ومن ثم ينعكس ذلك على إنتاجه بطريقة غير مباشرة بكلمة موحية أو إيماءة فنية دالة مما يعطي العمل قوة إقناع داخلي دون صياح وعبارات صارخة.
                          إن الفن إيماء وإيقاع داخلي يجذب النفوس وليس صياحاً وصراخاً وقفزاً.
                          تألمت عندما شاهدت النصوص جميعها أمامي على المسرح وحزنت على الجهد المهدر، جهد المخرج وجهد الممثلين وجهد الجمهور في المشاهدة.
                          كانت كلها نصوصاً هابطة بل أقول لم تكن هناك نصوص بل أكوام من الكلمات المسطحة وأستثني مما قدم نص مسرحية (جسر آرتا) فقد اعتمدت على نص مسرحي حقيقي فشاهدنا عرضاً جيداً واستخلصنا فكرة رائعة تقدس التضحية من أجل الغير دون صراخ وصياح.
                          العجيب أن هذا حدث عندنا دون حديث ودون تعليق وفي (القاهرة) في نفس الفترة تقريباً كان هناك مهرجان المسرح التجريبي ولكن حوله دار النقاش وكتبت الأبحاث والمقالات متى نتعود أن نأخذ الأمور في جدية في مجال الفن والثقافة.

                          تعليق

                          يعمل...
                          X