كتب: نوري عبد الدائم أبو عيسى.ليبيا:مئة عام من المسرح هكذا تكلم المسرحيون 1908 - 2008

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #61
    النموذج الأول :
    ويحمل عنوان ( الجوق المصرى) نشر بجريدة الرقيب .العدد الصادر فى 12/ربيع الأول /1329هـ الموافق لسنة 1911م. جاء فيه (سيمثل ليلة الجمعة القابلة رواية صلاح الدين الأيوبي ، وهى رواية بديعة تاريخية من أحسن ما انشىء فى هذا الفن، ويعلم منها من هو صلاح الدين وكيف كان .. فنحث العموم على حضورها ).
    النموذج الثاني :
    إعلان فى سطرين ورد فى جريدة الترقي فى عددها الصادر بتاريخ 11/جمادى الآخر /1329هـ ( = 8/يونيه /1911م) بعنوان ( جوق التمثيل الأدبي) تياترو امبراج حسان تقول فيه : سيمثل هذه الليلة رواية اوتيللو وهى رواية أدبية ذات خمسة فصول فنحث أرباب الذوق والغرام على حضورها )
    النموذج الثالث :
    ورد ايضا فى جريدة الترقي العدد الصادر فى 17/رجب (= 13/ يوليو/ 1911م) بعنوان ( جوق التمثيل ) تقول فيه : سيمثل فى هذه الليلية فى تياتورا امبراخ رواية ( شهيد الحرية ) وهى رواية ادبية غرامية ذات فصول مدهشة فنحث ارباب الذوق والغرام على حضورها .
    النموذج الرابع :
    وهو إعلان طويل . نسبيا نشرته جريدة ( المرصاد) فى عددها الصادر بتاريخ 18/جمادى الثاني/1329هـ ( = سنة 1911م) تحت عنوان ( الى ذوى الغيرة والمروءة ) تقول فيه :
    (يعلن محمد ابو العلا افندى وإخوانه أنهم انفصلوا عن جوق مرى لأسباب ستعلم للعموم ، ولقد عزموا ان يقدموا مساء اليوم الساعة الثانية عربي بتمثيل رواية (صلاح الدين الأيوبي) التى تتجلى فيها الشهامة العربية والمروءة الإسلامية بكامل معانيها وحضرته يدعو الأدباء لحضور تمثيل الرواية المذكورة ثم يحكمون بعد ذلك ما لهم وعليهم ، ويؤكد لحضراتهم أنهم يرون ما يشرح صدورهم ويسر خواطرهم).
    وإذا ما أردنا ان نخضع هذه النماذج الأربعة للدراسة فان أول ما يثير انتباهنا هى تلك القواسم المشتركة بين بعضها البعض . وتتمثل فى الجوانب التالية:
    ألف: الاختزال الشديد الى حدّ تغييب او تناسي المعلومات الأساسية فى صيغة الإعلان كما نلاحظ فى النموذج الأول والرابع حيث أهملا كلاهما اسم مكان العرض . وبذلك فقد الإعلان ركنا أساسيا فيه.
    باء : ان دوافع الحث على المشاهدة تنصب غالبا . على الجوانب الأدبية . وليس الفنية اى ان مصدر الإثارة يكمن فى مضمون المسرحية وليس فى شكلها الفني . كما نتبين من قول النموذج الرابع وهو يعلن عن تمثيل رواية صلاح الدين بقوله (تتجلى فيها الشهامة العربية والمروءة الإسلامية بكامل معانيها ) وهو قول كرره النموذج الأول حيث قال ( وهى رواية بديعة تاريخية من أحسن ما انشىء فى هذا الفن .. ويعلم منها من هو صلاح الدين وكيف كان ؟).
    ان هذه النغمة التى تقابلنا فى إعلانات الصحافة الليبية كأنها تهدف الى تغليب الجانب التربوي فى المسرح على الجانب الترويحي فيه وهذا على غير ما درجت عليه العادة فى الصحف المشرقية حيث نلاحظ ان التركيز على الجانب الفني يحتل الصدارة فى الإعلان .. كهذا الإعلان ( الجوق مؤلف من مهرة المنشدين والمطربين تروق لسماعهم الأذان وتنشرح الصدور..)(6).
    جيم : أما السمة التى تتفق فيها كل هذه الإعلانات فهى سمة ( البرودة) .. وثقل الدم . حيث اتسمت جميعها بجفاف وغلاظة ، ان كل شيء فى هذه الإعلانات يدل على ذلك ابتداء من صياغتها التى تعوزها الإثارة ، أو ما أسميناه بـ ( ملح الإعلان) وانتهاء بالزوايا المخصصة لها ، مما يمدنا بانطباع على قلة حماس هذه الصحف للمسرح وفنونه.

    تعليق


    • #62

      بواكير النقد المسرحي في ليبيا
      الخبر المسرحي " بين الصمت والإهمال "
      بقلم / البوصيرى عبد الله " 2 "

      اذا اردنا ان نتحدث عن الخبر حديثا يتسم بالمنهجية فلابد ان نعََّرفه ، ونستطلع بعض خواصه مهتدين - في ذلك - برأي احد المتخصصين مثل الدكتور محمد حسن عبد العزيز الأستاذ بكلية دار العلوم الذى وضع كتابا فى ( لغة الصحافة المعاصرة) وهو كتاب ، وان كان صغير الحجم بسيط الأسلوب ، إلا انه غني بالمعارف ، دقيق فى ألفاظه وقد عرف الخبر بقوله:
      انه وصف او تقرير غير متحيز للحقائق الهامة حول واقعة جديدة تهم القراء. وللخبر خمس خواص يرتبها الدكتور عبد العزيز على النحو التالي:
      إيثار الجمل القصيرة على الطويلة .
      إيثار الفقرات القصيرة على الفقرات الطويلة .
      الحرص على استعمال الألفاظ المألوفة للقارئ.
      اصطناع الألفاظ والتراكيب التى يألفها القراء .
      لا يجوز للخبر الصحفي ان يستعان فيه بالأشعار والحكم والأمثال(7)
      لا تعنينا هذه الخواص كثيرا فى الواقع لأنها تبحث فى مبنى الخبر .. وخاصيته الفنية ، بينما نحن معنيين بمعنى الخبر ، لكن لا بأس من الإشارة الى التزام الصحافة الليبية بهذه الخواص الخمس فيما أوردته من أخبار على ان هذا الالتزام قد اعتراه الخلل والتصدع من جراء استغنائه عن الركائز الثلاث التى ينهض عليها تعريف الخبر الا وهى ، حسب تسلسلها المنطقى : الحرص على ذكر وقائع جديدة ، دقة الوصف ، عدم التحيز. وعلى ضوء هذه الركائز سينهض – أيضا- تقويمنا لهذه النصوص الإخبارية.
      يقينا ان نشأة جمعية التشخيص بإدارة المواطن الليبي محمد قدرى المحامي كانت احدى اهم الوقائع الثقافية التى برزت على سطح مجتمعنا فى تلك الفترة التاريخية الحرجة ، باعتبارها إيذانا بتدشين المسرح الليبى . وكانت هذه الواقعة مؤهلة بان تزود الصحافة بسبق صحفى مثير ، وتغذيها بنوع جديد من المعارف وتشيع فيها روحا ثقافية تنويرية نحسب ان المجتمع كان فى مسيس الحاجة لها خاصة ان هذه الواقعة المسرحية انطلقت أصلا لتعبر عن أحاسيس فياضة تجاه مسألة الحرية وخلاص الوطن .
      وهذه الواقعة الكبرى انشطرت الى جملة من الوقائع الأخرى ؛ فإقدام محمد قدرى المحامي على تأليف مسرحية فى موضوع ( محاكمة المستبدين ) (8) هى – بلا شك – واقعة ثقافية جديرة بان تصير خبرا صحفيا مثيرا إذ تعتبر اول نص مسرحي ليبي ، وزيارة ( جوق الياس فرح) هى أيضا واقعة، وانفصال جوق( محمد ابو العلاء) عنه واستعانته ببعض العناصر الوطنية هو واقعة ، وزيارة جوق ( ابراهيم حجازي) واقعة . وهذه الوقائع المسرحية المتعددة انشطرت بدورها الى جزئيات صغيرة تمثلت فى سلسلة المسرحيات التى قدمتها على ارض بلادنا.
      ان كل هذه الأعمال المسرحية هى فى الحقيقة وقائع جديدة تهم جمهور القراء لا ريب ولكن صحافة المرحلة نكفت عن رسالتها تجاه هذا الوليد الجديد ، لم تبهرها محاولته ولم تستهوها بدايته حتى أنها تجاهلت العرض الأول لمسرحية ( وطن) الذى لم نعثر له على اثر فيما اطلعنا عليه من صحف المرحلة .
      وإذا كانت الصحافة تتنفس برئة الوقائع الجديدة فلا نظن ان الصحف كان عليها ان تنتظر مجيء رسل هذه الوقائع الى مكاتبها حتى يزودوها بما لم تزود به من الأخبار ، لكن هذه الظن يبدو انه كان ماثلا فى ذهن صحفنا الليبية التى اتسمت بالتقوقع والمكتبية ، وفقدان الديناميكية . فلم تجر خلف الخبر المسرحي ، ولم تلاحقه الملاحقة الجادة التى تجعل منه حدثا واضحا فى ثقافة المرحلة . وهكذا كانت متابعاتها محدودة وغير شاملة مما أدى الى غياب أخبار ووقائع مسرحية عامة ، مثل عرض مسرحية حمدان ، واوتيللو، ،وعايدة ،وشهيد الحرية . ولولا ورود ذكر هذه المسرحيات فى بعض المقالات او فى الإعلانات المدفوعة الأجر لانقطع خبرها ولأصبحت نسيا منسيا .
      وكدليل على ان صحفنا لم تسع لاستثمار الوقائع المسرحية كمادة خبرية صحفية نذكرهنا بموقفها تجاه الاجواق العربية الزائرة ، التى اعتبرت زياراتها بالنسبة لجميع البلدان العربية التى استهدفتها تلك الزيارات ، وقائع فنية كبيرة بل مهرجانات عظيمة امتزج فيها الفن بالأدب وعانق عندها الشعر الموسيقى والطرب الجميل فيما نهضت صحافة هاتيك البلدان بتغطية أخبار تلك الوقائع المسرحية ، قالت كل شىء عنها فأجادت وبلغت فأوعت فكان موقفها على النقيض تماما من موقف صحافتنا التى لم تحسن استقبال تلك الاجواق الزائرة لربوع بلادنا حين ضنت عليها بالحفاوة التى حظى بها نظراؤها فى البلدان العربية الأخرى ، غير مراعية لتقاليد الضيافة التى عرف بها المجتمع الليبي عبر التاريخ ، وغير مقدرة - أيضا - لما فى هذه الزيارات من فوائد صحفية جمة . ثم ثنت هذه الصحف فاستهانت بإبداعات تلك الاجواق بواسطة مؤامرة الصمت .. والصمت اشد أعداء الفنان لو كانوا يعلمون .
      وإذا ما خرجت الصحافة عن صمتها ، واكتسبت بعض الديناميكية باتخاذها قرار التجوال والزيارات الميدانية بغية اصطياد حفنة من الأخبار الفنية كي تنوع بها مواد صفحاتها ، فماذا ترونها قائلة .؟
      هنا علينا ان نستند الى الركيزة الثانية من الركائز التى ينهض عليها تعريف الخبر . ونعني بها دقة الوصف التى نراها حقيقة ماثلة أمامنا فى نص واحد إلا وهو نص (حب الوطن) وهو نص نصنفه - فى الواقع - كنص نقدى بيد ان الخاصية المائية لهذه النصوص سمحت لها ان تسيل على بعضها البعض كأمواه الجوابي المهملة حتى انشطر هذا النص شطرين فجاء أوله خبر وأخره نقد.
      أما بقية الأخبار فتعوزها الدقة ، وتفتقد الى الوصف المفيد. والمحيط بأطراف الموضوع المخبر عنه ؛ فالخبر الذى يحمل عنوان ( التشخيص ) مثلا نراه يحتوى على ثلاثة أخبار دفعة واحد كل منها حري به ان ينهض كخبر مستقل بذاته على نحو ما نرى .
      الخبر الأول : يفيد استعداد محمد قدري المحامي فى إحضار ما يلزم لتشخيص الرواية التى ألفها فى موضوع ( محاكمة المستبدين ) .
      والخبر الثاني : يفيد إعادة مسرحية ( وطن) التى سيخصص قسم من أيراها لإعانة الحريق بدار السعادة وقسم لصالح مشروع نشر المعارف بواسطة جمعية الاتحاد والترقي .
      أما الخبر الثالث : فيفيد قبول الآنسة ( استريز داليا بالقيام بالدور النسائي فى مسرحية ( وطن) دون مقابل .
      ان هذا الكم الهائل من الأخبار يعطي انطباعا على مدى حذق المخبر الصحفي وشطارته فى اصطياد كل هذه المعلومات الهامة . على ان صياغتها فى خبر واحد .. فى نفس واحدة لا ارى فيها شيئا من مواصفات الدقة ، بل أراها إجهاضا لهذه الأخبار الثلاثة . وكان لجريدة (الترقي ) ان تدرك هذه الدقة لو فصلت هذه الأخبار عن بعضها البعض . وتوسعت فى الإبانة وأمدتنا بالمزيد من الوضوح عن مسرحية قدرى المحامي الجديدة كان تذكر لنا عدد فصولها وشخوصها وشيئا عن مجريات أحداثها.
      وكان يمكن ان تفعل عين الأمر بالنسبة للخبر الذى يتصل بالآنسة الكريمة التى قبلت القيام بتشخيص الدور دون مقابل وذلك بواسطة وضع ترجمة مقتضبة يتعرف القراء من خلالها عن حقيقة هذه السيدة ، ان فعلت جريدة (الترقي) هذا لأسدت إلينا خدمة جليلة ، ولأمدتنا بوثيقة عظيمة القيمة بالنسبة لبحثنا.
      والكتمان مظهر من مظاهر انعدام الدقة التى تقابلنا فى صحف المرحلة .. وأقول الكتمان . ولا أقول الصمت ذلك لان الصمت نتيجة لعدم المعرفة او عدم الرغبة فى المعرفة بينما الكتمان هو ان تصمت وأنت مزود بالمعرفة ، هذه نقيصة كبيرة بالنسبة لمهنة الصحافة وقعت صحافتنا الليبية فى شراكها من حيث تدرى او لا تدرى ، ففى النص الذى يحمل عنوان ( الى ذوى الغيرة والمروءة) وهو نص ينوس بين الخبر والإعلان فيه إشارة صريحة الى ان جريدة المرصاد علمت بأسباب انفصال جوق محمد ابو العلاء عن (جوق الياس فرح) وتأسفت كثيرا لذلك ورغم هذا فقد ابت ان تزودنا بالتفاصيل . بل تمادت فى كتمانها بحجبها اسماء الاعضاء الذين انضموا الى جوق محمد ابو العلاء.
      وجريدة ( طرابلس الغرب ) تلقت اخبارا تفيد تأسيس جمعية الضباط للتمثيل (9) ولكنها تكتمت عن ذكر التفاصيل وهكذا كان موقف جريدة (الترقي ) تجاه ( جوق الياس فرح).
      ويصل انعدام الدقة فى كيفية نقل الخبر الى حد تشويش المعلومة . وفقدان صلاحيتها كوثيقة تاريخية وهو ما نلاحظه فى فحوى الخبرين اللذين نشرتهما جريدة ( طرابلس الغرب) (10) حيث نقرأ خبرا يفيد ان ( تعميم حرية ) هو عنوان لرواية قامت جمعية التشخيص بعرضها ووزع صافي دخلها على عمال الميناء .. ثم نقرأ خبرا آخر ، وعلى نفس الصفحة ، يفيد ان (تعميم حرية) اسم لجمعية تشخيص وليس عنوانا لرواية .. فاين تكمن الحقيقة .. يا ترى .؟
      ومما يلاحظ ايضا ان اخبار المسرح الواردة فى الصحف الليبية جاءت لتخدم اغراضا مذهبية او افكارا اجتماعية تشيعها هذه الصحف او تروج لها دون اعتبار للاغراض الفنية والثقافية التى ينهض بها العرض المسرحي ، فجريدة ( الترقي) كانت تدين بالولاء لجمعية الاتحاد والترقي التى يعتبر الشيخ محمد البوصيرى – صاحب الجريدة – احد اعضائها المبرزين وهى جمعية ذات نزعة اصلاحية وغايات اجتماعية ، وقد استهلت برنامجها – ميدانيا – بجمع التبرعات الى المحتاجين ، وفتح مدارس لمحو الامية، والمناداة بعمل الخير والاحسان ، وغير ذلك من الاعمال التى كانت تراها وسيلة من وسائل الاصلاح والرقي . وبذلك حرصت على نقل المسرح ليس باعتباره منهلا من مناهل الادب والفن وانما باعتباره وسيلة تخدم الاهداف الاجتماعية التى كانت تنادي بها الجمعية التى تدين لها بالولاء ، بينما كانت جريدة ( طرابلس الغرب) وهى جريدة رسمية وتشيّع سياسة الدولة وتروج لها تنظر الى المسرح على انه مجرد اداة لدعم موقف حكومتها السياسي .
      اعلم ان فى هذا الرأى شيئا من المغامرة الفكرية ولكي نتبرأ منها ينبغي علينا الظهور من هذا التجريد والتعمميم لنقف امام المثال الحي والبرهان الصحيح ، وهذان امران تفصح عنهما الاخبار التالية .
      لقد اوردت صحيفة الترقي ثلاثة اخبار عن المسرح اتصلت جميعها بأهداف اجتماعية ففى خبرها الذى يحمل عنوان ( التشخيص) ركزت الجريدة فى صياغة خبرها على تخصيص جزء من ايراد المسرحية ( لاعانة الحريق بدار السعادة ) والجزء الاخر ( لمشروع نشر المعارف بواسطة ) جمعية الاتحاد والترقي . بتوزيع ايراد المسرحية ( على الفقراء والمحتاجين من الذين احاط بهم الزمان) وفى خبرها الثالث اشارت الى ان عرض مسرحية صلاح الدين سيكون ( لمنفعة مكتب الفنون) .
      وليست جريدة ( طرابلس الغرب) بأقل جرأة من جريدة الترقي فى التعبير عن موقفها السياسي فى اسلوب صياغة اخبارها حيث اوردت هى الأخرى ثلاثة اخبار اتصلت بأهدافها السياسية :
      ففى خبرها الذى يحمل عنوان ( المقاطعة ) تأتى على ذكر العرض المسرحي باعتباره انعكاسا للحدث السياسي الا وهو احتجاج عمال الميناء على الدولة النمساوية لنقضها للعهود ، فانبرت جمعية التشخيص وقدمت عرضا مسرحيا خصص ايراده لصالح اؤلئك العمال تعويضا لهم عن الخسائر الناتجة عن موقفهم الاحتجاجي . والخبر نفسه نقلته جريدة ( تعميم حريت )( 11). وفى خبرها الذى يحمل عنوان ( الخبر) تأتى جريدة (طرابلس الغرب ) على ذكر المسرح ضمن حدث سياسي اخر ، الا وهو ( زيارة القائمقام شولتز الى القلعة ) حيث ( أدبت لشرفه مأدبة حافلة ومثلت لجنابة رواية وطن).
      اما خبرها الثالث فهو الذى نقرأه فى رسالة التشكر التى بعث بها الضباط الاتراك الى الوالي رجب باشا معلنين فيها انهم اسسوا ( جمعية تمثيل ) بمناسبة ترقيتهم بمناسبة الاحتفال بعيد العرش السلطاني . هكذا نرى الكيفية التى تم بها ربط الاخبار المسرحية بالمواقف المذهبية والسياسية .
      والواقع ، ليس ثمة ما يشين ارتباط المسرح بالاهداف الاجتماعية او الغايات السياسية ، بل ان ذلك مدعاة للفخر والاعتزاز لما يعكسه هذا الاتباط من إلتحام الواقعة المسرحية بالواقائع الأخرى التى تجرى على أرضية المجتمع . اما ان يكون ذلك شرطا من شروط العناية بفاعليات المسرح فذاك هو الخلل الذى نعتبره ضربا من ضروب التحيز والمزاجية المذهبية فى انتقاء الخبر وصياغته ، الامر الذى لا تجيزه الاعراف الصحفية .

      تعليق


      • #63

        بواكير النقد المسرحي في ليبيا " 3"
        النقد: بين الانطباعية والتطبيقية
        بقلم / البوصيرى عبد الله

        من الأهمية بمكان الإشارة إلى أن تصنيف هذه النصوص الخجولة على أنها نصوص نقدية فيه الكثير من التجاوز لحدود المصطلح ، وينطوي على مخالفة منهجية واضحة ، وإنما هى – فى حقيقة أمرها – مجرد انطباعات ذاتية ، ووجهات نظر شخصية لا تستند إلى أية خلفية ثقافية تتصل بمفهوم النقد ووظيفته الجمالية . وأول دلائل غياب المنهجية فيها هو ورودها ضمن نصوص إعلانية وإخبارية قصد متابعة الحدث المسرحي .
        ويطالعنا هذا النمط من النقد المسرحى – إذا جاز لنا القول – فى نصين اثنين . أحدهما نشر بجريدة (الترقي) تحت عنوان ( حب الوطن) والثاني نشر بجريدة (الرقيب ) بعنوان ( جوق التشخيص ) وكلاهما غفلا عن التوقيع .
        كان نص الترقي يهدف أصلا إلى وصف الحفل المسرحي الذى شهدته مدينة طرابلس وبذلك فهو أقرب إلى الغاية النقدية من نظيره المنشور فى جريدة (الرقيب) وإن اتسم الأخير بروح نقدية أشمل ، وعبر عن خلفية ثقافية أوسع رغم أنه لم يكن يهدف إلى النقد وانما كان يهدف إلى إيراد خبر.
        كما تقابلنا بعض الشذرات النقدية الأخرى مبثوث هنا وهناك . وهذه فى الغالب تقتصر أحكامها على مضمون الرواية دون غيره . ونعثر على هذه الشذرات فى الإعلانات الصحفية التى تقتضى صياغتها إظهار عبارات الاستسحان والإعجاب تجاه الرواية المعلن عنها فذلك شرط أساسي من شروط لعبة الإعلان ، وبذلك لا ينبغى علينا أن ننظر إلى ما جاء فى هذه الشذرات الاعلانية على أنها أحكام تستند إلى صدق الرأي ، وإنما هى عبارات تلقى جزافا لإرضاء الجهة المسؤولة عن البضاعة، مادة الإعلان.
        والنقد المسرحي الذى يقابلنا على صفحات صحفنا الليبية هو نقد ينتمي – افتراضا – إلى ما يسمى بالنقد التطبيقي ، وهو نقد ينطلق من خصائص النص الركحي ، لا من خصائص النص الأدبي فقط . وبذلك فهو معني بلغة العرض المسرحي بكل ما فيها من شمول وتنوع بهدف تحليل مفردات هذه اللغة من إضاءة ، وموسيقى تصويرية ، ومناظر مسرحية ، ومكملات ، وأزياء مما يؤدى إلى فهم علاقة هذه المفردات بمضمون المسرحية ، وهو فهم يقودنا – فيما بعد – إلى اكتشاف كيفية الترجمة الإبداعية التى قام بها مخرج المسرحية .
        إنها لمهمة شاقة .. لا ريب .. ولم تكن صحافتنا الليبية ولا العربية بصفة عامة مؤهلة موضوعيا للنهوض بهذه الوظيفة العظيمة للنقد التى تستوجب تجلية كل الأسرار الإبداعية الكامنة فى أعماق ما يعرض أمام أنظارها من أعمال درامية . لذا اقتصرت مهمة النقد المسرحي – الصحفي على مفردين اثنين من مفردات لغة العرض المسرحي ونعني بهما : نص الرواية والتمثيل . فكيف عالجت الصحافة هذين المفردين ؟.
        أ- نقد الروايات :
        كان طلائع النقد التطبيقي فى الوطن العربي مولعين كثيرا بتلخيص الروايات التى يشاهدونها على خشبات المسرح ، فيتوسعون فى ذلك ، ويستطردون حتى يطغى التلخيصُ على رأي الناقد . ولا يأخذنك الظن ياصاح فتظن أن هذا التلخيص إنما كان يهدف إلى تحليل النص الأدبي ، أو أنه يسعى إلى كشف المستور فيما بين السطور ، أو تعرية ما اندس بين ثنايا النص . وإنما هو عبارة عن سرد تفصيلي لمجريات الأحداث قصد به إعلام جمهور القراء بموضوع الرواية ومدهم بفكرة عنها. فكانت سانحة ارتأى فيها الناقد مجالا للتعبير عن مواهبه البلاغية واللغوية . فكثر فيها الكلم وغاب الرأي.
        لكن .. مهما قيل عن هذا الأسلوب النقدى فإن له بعض الفضل علينا بما زودنا به من وثائق حفظت لنا الكثير من الأعمال الدرامية من الضياع ، فأمست مرجعا يعود إليه الدارسون والباحثون كلما دعت الحاجة . وهذا ما عجزت عنه صحافتنا إذ لم نجد على صفحاتها شيئا يفيدنا فى تكوين فكرة عن تلك النصوص التى قدر لها أن تعرض أمام أنظار أسلافنا حيث نهجت صحافتنا نهجا مغايرا لما كان شائعا فى كثير من الصحف الشرقية . فجاء تلخيصا للروايات مختصرا إلى حد الابتسار . فجريدة (الترقي ) التى أمدتنا بأطول وأقدم نص نقدي حمل عنوان ( حب الوطن) لخصت لنا موضوع المسرحية فى سطر واحد قالت فيه ( وهذه الرواية تمثل حبَ الوطن ِ ، والدفاع عنه(
        إن هذا التلخيص ، المفرط فى القصر والتقليص ، العاري من أية دلالة يجعلنا ننظر إلى التلخيص الذى أمدتنا به جريدة ( الرقيب ) على أنه جهد خارق ، مع أنه - فى حقيقته – لا يتعدى خمسة سطور عدا . بيد أن فى جهد الرقيب ثمة ما يحتاج إلى الثناء إذ نراها تكشف عن بعض الإلمام بموضوع مسرحية ( استير) التى تعرضت لها بالنقد . حيث حددت لنا مصدر المسرحية ، وأشارت إلى الفترة التاريخية التى شهدت جريان حوادثها .. بل إن الجريدة سعت إلى التعريف ببعض شخوصها الدرامية . فانظر إلى قولها هذا الذى اختزل كل هذه المعاني:-
        ( وهى < اى المسرحية > تاريخية مذكورة فى التوراة عن الملكة استير ، وما جرى من أمرها (.
        ثم تحاول الجريدة تحليل شخصية هامان ، وهو أحد الشخوص الدرامية بقولها:-
        هو أحد الوزراء البارعين فى الدهاء) وتضيف ( كان الوزير الأول لملك من ملوك الفرس الذين حكموا مصر قبل 2350 سنة(
        أرى أن محرر الرقيب كاد يزرع بذرة النقد فى بيدرنا الثقافى باقترابه من وظيفة النقد التثقيفية والتحليلية . لكن محاولته – للأسف – كانت أشبه ببيضة الديك.
        وعلى غير منوال الرقيب سارت بقية الصحف الأخرى فيما أوردته من شذرات إخبارية أو إعلانية قدمت من خلالها تلخيصات مختصرة لبعض الروايات من بينها رواية (صلاح الدين) التى نقرأ تلخيصا لها فى جريدة ( المرصاد) جاء فيه :
        ) رواية صلاح الدين التى تتجلى فيها الشهامة العربية ، والمروءة الإسلامية بكامل معانيها(
        وهو نفس المعني الذى كررته جريدة ( أبو قشة) عندما حاولت تلخيص مسرحية (حمدان) فقالت : ( رواية حمدان وهى تمثل شهامة العرب فى أبهى مناظر) .
        واحيانا تتجاوز الجريدة التلخيص المباشر ، وتلجأ إلى إصدار أحكامها على هذه الروايات ، كما نلاحظ فى النص الذى يحمل عنوان ( جوق التشخيص) الذى سبق أن أشرنا إليه حيث تقول جريدة ( الرقيب) (رواية أدبية أخذت بمجامع القلوب) ثم تضيف (والرواية مشتملة على كثير من الأشعار والأناشيد مما ترتاح إليه النفوس).ويبدو أن مسرحية صلاح الدين قد نالت الإعجاب والاستحسان ، وأخذت بألباب المتفرجين مما حدا ببعض الصحف إلى إصدار أحكام إيجابية بشأنها .. بل إن جريدة ( الرقيب) تراها من أحسن ما ألف فى مجال المسرح ، وذلك من خلال إعلانها عن الجوق المصرى فتقول:
        وهى رواية بديعة .. تاريخية من أحسن ما أنشئ فى هذا الفن
        ب- نقد التمثيل :
        أما نقد الممثلين فقد انقسم هو الآخر إلى قسمين ، بعضه اختص بالأفراد ، فأثنى عليهم ثناء خاصا دون تحديد الأوجه التى استوجبت الثناء والإطراء ، وبعضه اختص بالجماعة فكان الثناء شاملا دون تمييز أحد عن أحد ، وفى كلا القسمين كان النقد خالياَ من الاسترشاد ، ومفتقدا إلى الرأى الذى يثقف الجمهور ، ويبصره بمواطن الإجادة أو الإخفاق .
        وجملة الممثلين الذين تناولهم النقد ليس كثيرا ، على أية حال ، إنهم لا يتعدون أصابع اليد الواحدة ، وهؤلاء الممثلون هم :
        اليوزباشى خيرى الذى لعب دور اسلام بك فى مسرحية ( وطن(
        استريز خانم التى لعبت دور زكية خانم فى مسرحية ( وطن)
        الست عليا التى لعبت دور الملكة استير فى المسرحية التى تحمل اسمها .
        جبران ناعوم الذى لعب دور الوزير هامان فى مسرحية ( استير)
        عبد الرحمن راشد الذى لعب دور الملك فى المسرحية نفسها.
        لنبحث الآن عن مبررات وأسباب هذا التميز الذى حظي به هؤلاء الممثلون حتى شرفتهم صحافتنا بذكر أسمائهم ، وبنقشها على ذاكرة تاريخ مسرحنا.
        تقول جريدة ( الترقي) فى معرض نقدها لمسرحية ( وطن)
        ( وكان بطلها والقائم بأهم أدوارها هو اليوزباشى خيرى افندى ، فقد أظهر بأعماله وتمثيلاته ما تكنه نفسه من الشجاعة والإتقان)
        ثم تضيف الجريدة معلومة مهمة حول شخصية المنقود ، ولكنها معلومة لا تتصل بمناحي الإبداع فيه فتقول:
        ( ومن عجيب الصدف أن المومي اليه من اهالى سليسترا التى يمثل الدفاع عنها فى التشخيص فلا غرابة إن كانت الحماسة قد استولت على عموم حواسه .. فإن حب الوطن من الإيمان)
        ومما يلاحظ هنا أن جريدة ( الترقي) قد حددت سبب الإتقان ، ومبعث الإبداع الفنى ، وحددت كذلك وسيلته . فأما سببه فيكمن – فى رأيها – فى وحدة الانتماء والهوية بين الممثل وبين الشخصية الدرامية التى يشخصها . اما وسيلته فهى الحماسة والشجاعة وهذا رأي ، فى عمومه ، فاسد وسقيم فمن ناحية السبب فإننا لا نرى أية صلة للانتماء العرقي او الجنسي او الديني باللعبة الإبداعية ، ودرجة التجويد أو الإخفاق فيها ، وإنما هى مسألة منوطة بالموهبة والاستعداد والصقل الفنى والثقافي، وحجتنا هنا تقوم على تلك النجاحات التى حققها ممثلون كثر فى أدوار لا تربطهم بها أية صلةٍ مادية أو روحية . ويمكننا أن نسوق نجاح الفنان ستانسلافسكى الروسي ونجاح السيد لورانس اوليفي الانجليزى فى تشخيصهما لدور عطيل المغربي كمثال عظيم على ذلك .
        أما من ناحية الوسيلة فإننا نستبعد أن تكون الشجاعة والحماسة وسيلتان من وسائل الاتقان فى فن التمثيل ذلك لأن التمثيل ليس خطابة ولا حماسة تستولى على الحواس وإنما هو عرض هادئ ومحايد لوجهة نظر تلتزم حرفية معينة تمكنه من التوصيل والإقناع بهدف إشاعة المتعة الحسية والروحية عند المتلقي .
        ومثلما رأت ( الترقي) فى توحد الانتماء بين الممثل وبين الشخصية الدرامية التى يمثلها سببا من أسباب الإتقان الفنى فإنها – فيما يبدو – قد رأت أيضا فى توحد المهنة بين اليوزباشى خيرى واسلام بك هو وسيلة ذاك الإتقان . وبهذا يكون الناقد قد ألبس اليوزباشى خيرى حلة المقاتل ، وأسبغ عليه مقومات المحارب . ولكنه – فى الوقت نفسه – قد جرده من مقومات الممثل الفنان.
        والاسم الثاني الذى ذكرته جريدة ( الترقي ) هو اسم الممثلة ( استريز خانم) ولابد لهذه الممثلة أن تسترعي الانظار وتشد الانتباه ، ليس لأنها أول ممثلة تظهر على خشبة المسرح الليبي فحسب . بل لأنها تقوم بدور مركب وجميل ، أجاد المؤلف نامق كمال فى رسمه ، وتحديد أبعاده النفسية ، فهى عاشقة متيمة ، وهى مناضلة فى آن واحد فحبها – اذن – حبان ، حب للوطن وحب لإسلام بك رفيقها فى النضال والدفاع عن الأرض والعرض . ومن ناحية ثانية ، هى امرأة تذوب رقة وعشقا ولكنها ترتدي ملابس الرجال ، وتحاكي سلوكهم كى تخفي شخصيتها ، وتخفي أيضا عشقها . كان على جريدة ( الترقى ) ان تكتشف هذه التركيبة الدرامية فى شخصية زكية خانم التى نهضت بتمثيلها الممثلة ( استريز خانم) وعندما تعسر عليها الأمر عبرت عن إعجابها بجملة فعلية مجانية اعتاد النقاد على توزيعها على جميع الممثلين كلما عجزوا عن سبر أغوار إبداعاتهم لذا اكتفت ( الترقي) بالقول :
        ( وظهرت الممثلة "إستريز" خانم فقامت بتمثيل دورها بغاية الإتقان) أما اوجه هذا الإتقان وأسبابه فقد استرخي ، حتى نام فى بطن الناقد ، كما نام قيصر فى بطن أمه. اذا كانت جريدة ( الترقي) قد جاملت ( استريز خانم) بجملة إطراء مجانية فإن جريدة (الرقيب) قد اجتهدت كي تلقي حزمة من الضوء على موهبة الشخصية النسائية التى تناولتها بالنقد ، ونعنى بها الممثلة ( عليا) التى شخصت دور الملكة استير . حيث أشادت بقدراتها قائلة :
        ( وقد قامت الست عليا بدور الملكة استير ، ورغما عن حداثة سنها وابتدائها فى هذا الفن الجليل فإنها مثلت رقة الملكة وعواطفها الخصوصية نحو شعبها) لم تستعمل الرقيب فى هذا الصدد كلمات مثل : أجادت ، أتقنت – أوفت ، وإإإإنما استعملت كلمة ( مثلت ) وهى كلمة تتسم بالدقة فى هذا الموضوع ، إذ أنها توحى بالاعتراف للممثلة بالإتقان ولكن بقدر نسبي فالناقد يراها قد حققت قدرا من التوصيل والإقناع من خلال ما أبدت من رقة ، ومن مشاعر وطنية جعلته يثني عليها ثناء اتسم بشىء من الموضوعية النسبية مردها أمران:
        الأول هو صغر سن الممثلة بالنسبة إلى سن الشخصية الدرامية وهذه فعلا مسؤولية محفوفة بالمخاطر لا يتعداها بسلام إلا الفنان الحاذق.
        والسبب الثاني هو حداثة التجربة الفنية لهذه الممثلة الشابة التى أسندت إليها مهمة القيام بدور البطولة فى مسرحية تاريخية . ملأى بالأغاني والأناشيد والأشعار . وهذه - لعمرى – لمسوولية فنية لا تقل خطورة عن سابقتها . وهاتان ملاحظتان ذكيتان بالنسبة لجريدة ( الرقيب) التى لمست مواطن الخطورة التى تحيط بهذه الممثلة الشابة .
        ومن طرائف هذا النقد ، ودلائل عدم منهجيته هو إتيانه على لسان العموم .. وكأن الناقد قد تجشم عناء الاستفتاء لأخذ رأى الجمهور فى خصائص ومقومات العرض المسرحي ، وهذه ظاهرة شائعة حاليا، ولكنها كانت بعيدة عن تصورات صحافة ذلك الزمان وإنما كانت مجرد صيغة اعتادت أقلام النقاد أن تجريها على الورق . ومما عثرنا عليه من هذا . قول جريدة الرقيب:-
        وقد أعجب العموم من إتقان الملك عبد الرحمن راشد ، ووزيره هامان (جبران ناعوم) دوريهما .
        أما بقية الممثلين ممن سقطت أسماؤهم – سهوا أو عمدا – من ذاكرة النقاد ، وهم كثر فى الواقع ، فقد كانت الصحف تعبر عن إعجابها بهم بصفة جماعية . وتمنحهم قدرا متساويا من الإعجاب والثناء ، وهو ما يمكن تسميته بـ ( المديح بالجملة) ومن نماذجه ما جاء فى جريدة أبو قشة :-
        وقد قدم للمركز زمرة من الممثلين والممثلات الشاطرات ، وقد ابتدؤوا وقاموا بتمثيل عدة روايات عظيمة مثل صلاح الدين وغيرها وأتقنوها غاية الإتقان.
        وتقابلنا صيغة التعميم المتصلة بالجميع على قدر متساو بوضوح أشد فى النص النقدي لجريدة ( الترقي) حيث نرى نظرة المساواة فى درجة الإتقان بين الممثلين فنقول:
        ( واستمر الممثلون فى تطبيق الرواية فأوفوها حقها من الإتقان )أو قولها الذى اختتمت به نصها السالف الذكر.
        وانفض الجميع والكل يلهج بالثناء على حضرات الممثلين . وهى خاتمة قد راقت لجريدة ( الرقيب) فيما يبدو ، ففضلت أن تستعيرها كخاتمة لنصها النقدي حيث قالت ( إننا نثني على جميع الممثلين والممثلات ، ونتمنى لهم الرواج من العموم)
        إن هذا النمط من الآراء لا يعدو كونه ضربا من العبث النقدي . اذ ليس فى الإبداع مساواة . ليس ثمة جهد يعادل جهدا ، فالممثلون يختلفون ظهورا وحضورا ، ويتفاوتون فى درجة المعاناة ، وتتباين أساليبهم فى توكيد ذواتهم على خشبة المسرح بتباين الشخوص الدرامية ذاتها ، وبذلك ليس مهمة النقد أن يساوي بين الأطراف وإنما مهمته ورسالته أن يعدل فيما بينها وذلك بأن يعطى لكل ذى حق حقه الذى يستحق.
        المراجع والهوامش
        1. الواقع أن الصحافة فى ليبيا تأسست قبل هذا التاريخ بكثير ولكنني اتحدث هنا وفى ذهني التجربة الصحفية الشعبية المتمثلة فى صدور جريدة ( الترقي) وحتى هذه التجربة هى أسبق من هذا التاريخ غير أنها كانت تجربة قصيرة ما لبثت أن ماتت فى مهدها ، وبنشور جريدة الترقي وولادة شقيقاتها الأخريات تحققت القفزة الفعلية للصحافة الليبية . وكان ذلك بفضل صدور قانون الحريات سنة 1908م.
        2. المصراتي ، على مصطفى : صحافة ليبيا فى نصف قرن . نشر دار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان – الطبعة الثانية : الحرث - اكتوبر 2000م. ص 125.
        3. عيد ، السيد حسن : تطور النقد المسرحي فى مصر . نشر المؤسسة المصرية العامة للتأليف والنشر . الدار المصرية للتأليف والترجمة – لا.ط – لا- ت- ص. 93.
        4. والشرح من لدن محرر الخبر
        5.المصدر السابق – ص : 93
        6. نفس المصدر – نفس الصفحة .
        7. عبد العزيز . محمد حسن : لغة الصحافة المعاصرة السلسلة الثقافية . نشر المركز العربي للثقافة والعلوم .لا.ط- لا.ت.
        8. جريدة الترقي ، العدد الصادر فى 30 شعبان 1326 هـ الموافق 13 / ايلول 1324 مالية( 26 سبتمبر 1908 م.)
        9. جريدة طرابلس الغرب : العدد الصادر فى تاريخ /13 / شعبان/1323 هـ الموافق 13/اكتوبر /1905م.
        10. جريدة طرابلس الغرب . العدد الصادر فى تاريخ 13/ ذى القعدة /1326هـ الموافق 24/ نوفمبر 1324مالية( 7 ديسمبر 1908 م.)
        11. جريدة تعميم حريت : العدد الصادر فى 1/ شعبان/1326نقلا عن كتاب الفن والمسرح فى ليبيا ص222.

        تعليق


        • #64
          رحلة التأليف المسرحي في ليبيا
          بقلم / خليفة حسين مصطفى

          من الواضح أن آفاق المسرح غير محدودة سواء في الإطار الزمني، أو في تجاوب المسرح مع الواقع والتجربة الإنسانية إجمالاً، أو في رؤيته وتحليله لحقائق التاريخ في مسيرته النبيلة التي تشكل حجر الزاوية في البناء الاجتماعي الذي لا يمكن أن ينهض ويتحقق إلا بتمثله لروح العدالة والقيم الإنسانية، فتكون أحلام الإنسان في صنع غد أفضل مجسدة لحقه في أن ينهض ويتحرر في كل أشكال وصور الهيمنة والتسلط المعنوي والمادي. سواء أكانت متضمنة لذلك الموروث الضخم من الأفكار والعادات والتقاليد الاجتماعية التي هي في شكل ممارسة آنية متخلفة وانتهازية تحد من قدرة الانسان على التنفس مادام هناك هواء غير نقي وتحدد من قدرته على الرؤية وتحديد طريقة ما دام معصوب العينين وفي كل الأحوال فإن المسرح لا يدعي لنفسه الوصاية على المجتمع ، ولكنه بطبيعته لابد أن يتصدى لهموم الواقع كيفما كانت وتناولها في احتفاليات درامية أو ساخرة ، ولكن ليس على أنها قدر من صنع قوى غيبية أو على أنها أشياء للذكرى يمكن تحويلها إلى مادة للتسلية وقتل الوقت فنجد المتفرج يغرق في الضحك وهو لا يدري أنه يضحك على نفسه ويجتر خيبة أمله ، فقد كان المسرح ، ومنذ أن ظهر إلى الوجود وعرف طريقه إلى الناس، مثقلاً بأعباء الصراع الأبدي بين قوى الخير وقوى الشر، وحتى عندما كان في أول نشأته فقد تحدد دوره في أنه ذلك الفن الشعبي الذي يحمل ويبشر برسالة الحلم والأمل ، وليكافح مع الناس ضد الظلم والقهر والعبث والفساد الاجتماعي والسياسي.
          لقد وعي المسرحيون في ليبيا هذا الدور وكان إحساسهم به يتنامى باطراد ويعود ذلك على نحو ما إلى أنه كان الصوت الوحيد المسموع لدى الجماهير ، وكان قوياً ومفهوماً في وقت كانت فيه أشكال التعبير الفنية الأخرى غائبة أو شبه معدومة، بالنظر إلى أن الأمية كانت هي قدر الشعب الليبي في مراحل تاريخه المتعاقبة بدءا من العهد العثماني الذي حفل طوال قرون بالخرافات والتقاليد المتزمتة والاستبداد والجهل، ولاحقاً عندما جاء الاستعمار الإيطالي الذي شن على الشعب الليبي حرب إبادة جماعية تواصلت على ما يقرب من عشرين عاماً بازاء المقاومة العنيفة الرافضة للخضوع والاحتلال الأجنبي، وحتى عندما استقرت الأوضاع وعمّ الهدوء عقب انهيار المقاومة في الجبل الأخضر بإعدام البطل الشهيد عمر المختار ، فقد انصب اهتمام الطليان على إعادة تعمير البلاد لصالح أحكام سيطرتهم وصبغ البلاد بصبغة أوروبية ، ولذلك فقد فتحت المدارس التي كانت غايتها نشر وتعميم الثقافة المسيحية وفرض المنظمة للقضاء على اللغة العربية والثقافة الإسلامية. وحتى هذا الصوت الوحيد ، أي صوت المسرح فقد عمد الطليان إلى تحجيمه ومحاربته بكل الوسائل ، وليس أدل على ذلك من أن فرقة مدرسة الفنون والصنائع التي كان يديرها الشاعر أحمد قنابة تقدمت إلى السلطات الإيطالية لمنحها ترخيصاً باسم الفرقة الوطنية للتمثيل ولكن هذا الطلب رفض، وهو ما يعني أن سياسة القبضة الحديدية كانت موجهة إلى المسرح لإسكاته ومنعه من الاتصال بالناس. ومع ذلك فقد ظل المسرح الليبي بالرغم مما كان يعانيه من الرقابة والاضطهاد في العهد الإيطالي ممثلاً لروح المقاومة غير المسلحة في مواجهة الهيمنة الاستعمارية الفاسية وسياستها العنصرية وطابعها الصليبي. وبخروج الطليان من البلاد في أعقاب هزيمتهم المدوية في الحرب العالمية الثانية وسقوط الفاسية ، ثم مجيء الإدارة البريطانية ظل المسرح الليبي يراوح مكانه، ولكنه ما لبث أن اتخذ منحنى آخر في مواجهة التركة الاستعمارية الثقيلة من الفقر والأمية. وفي مواجهة الحكام الجدد الذين حلوا محل الجنرالات الانجليز في إدارة البلاد عام 1951م. جاؤوا من وراء الستار بأقنعتهم وأنانيتهم لخدمة مصالحهم الشخصية كتروس في عجلة الاستعمار وخدمة له، وهم الذين كانوا من موظفيه وأتباعه ، وهكذا تبلور الوضع الحديد في صورته النهائية معبراً عن أحلام النخبة الحاكمة في الإثراء والرفاهية على حساب الأغلبية المسحوقة. لقد أخذ المسرح في هذه المرحلة في رفع صوته محتجا ورافضا لما يجري وحافظ في نفس الوقت على موقفه المتقدم في صفوف المعارضة للنظام الملكي في ظل الاوضاع المتردية على جميع المستويات كان لابد من ايقاظ روح الشعب ومحاسبتها وتوعية الناس بحقوقها المشروعة في الحياة الكريمة وفضح الفساد من الإثراء غير المشروع إلى الوساطة والمحسوبية والانتخابات المزورة واضطهاد القوى الوطنية المنادية بالحرية والعدالة كانت مرحلة قلق وترقب وما كان قول الحقيقة بالشيء السهل أو الممكن ولذا فقد لجأ فنانو المسرح إلى التحايل والرمز لتمرير افكارهم والقفز على قيود الرقابة التي فرضت على المسرح وكل الأجناس الأدبية الأخرى فكان أن عرضت بعض الأعمال المسرحية التي يمكن أن نتعرف على مضامينها الاجتماعية والسياسية من خلال عناوينها من مثل مسرحيات شيخ المنافقين/ العسل المر/ الحمير والبردعة/ دوختونا/ صوت العمال/ النفوس الظالمة/ أولاد الفقراء/ السماسرة/ اللي أظنه موسى يطلع فرعون/ لو تزرق الشمس. وغيرها من النصوص التي تكشف عن الزيف والقبضة البوليسية. وما كانت أجهزة الأمن لتغفل عن ذلك ففي سنة 1954م كما أغلقت فرقة العهد الجديد ولم يعد فتحها إلا في عام 1956م كما أغلقت أبواب الفرقة الشعبية بعد أن قدمت مسرحية واحدة هي مسرحية "نضال الأحرار" والمفارقة العجيبة أن هذه المسرحية تعرض لكفاح الشعب الجزائري للخلاص من الاستعمار الفرنسي. واذا كانت تلك العروض والمسرحيات قد انشغلت بالهم السياسي والاجتماعي وقضايا الفقر والأمية وفساد الضمير فان كتابها يحاولون الرقي بفن المسرح والنهوض ليكون في مستوى رسالته العظيمة من الناحية الفنية فقد كانت تلك المسرحيات في مجملها تنتمي إلى نموذج المسرح الشعبي الذي يفتقر إلى شكل فني محدد كما لم يكن من السهل تمييز بعضها عن البعض الآخر فإذا عدنا إلى الاطلاع على عدد من تلك النصوص التي طبعت في كتب فسوف نجد انها متشابهة إلى حد كبير سواء في بنائها الدرامي أو في شخصياتها الفنية وكذلك حوارها المكتوب بمفردات عامية وبصياغات تبتعد عن الحوار الدرامي لتقترب من حديث الشارع فهي تبتعد عن الحوار المسرحي الناضج الذي يبقى في الذاكرة. ويسهم أو يجب أن يسهم في تصعيد الحدث الدرامي ورسم أبعاد الشخصية الاجتماعية والنفسية وحتى خلفيتها الثقافية لقد كانت كلها ذات سمات واحدة أو مشتركة ومباشرة في معالجتها للقضايا المطروحة كما لم يحاول أحد الاستفادة من تقنيات المسرح الحديث عن القيم الفنية والجمالية في مسرح الخمسينيات والستينيات برغم تعدد الفرق والنصوص المؤلفة في جزء منها والمقتبسة من التراث أو من المسرح العالمي في جزئها الآخر ولذا فهي تظل تمثل البعد التاريخي للمسرح الليبي لاغير..

          تعليق


          • #65

            المسرح الجديد
            وبقيام الثورة في اليوم الأول من شهر الفاتح 1969م أخذت قواعد المجتمع القديم في التخلخل والانهيار وكان السؤال هو من أين نبدأ؟
            ولم يكن هذا السؤال مطروحا على العاملين بالمسرح من مؤلفين وممثلين ومخرجين وحدهم بطبيعة الحال لكن المسرح يظل هو الأكثر قدرة على إعادة صياغة تلك الأسئلة وطرحها وتقديم إجابة لها وهو كذلك فن جماعي لابد له من فنانين وفنيين حتى يحقق وجوده على أرض الواقع لقد شهدت السنوات الخمس الأولى لقيام الثورة نهضة مسرحية بشكل ما تمثلت في ظهور أربع عشرة فرقة مسرحية جديدة أعطت لفن المسرح الأمل في الازدهار والانتشار ثم أنشئت في العام 1974م الهيئة العامة للمسرح والموسيقى والفنون الشعبية التي كان من ضمن اختصاصها النهوض بالحركة المسرحية ورسالتها الاجتماعية والثقافية ودعمها معنويا ولكن للأسف فان هذه الهيئة لم تهتم بدورها المرجو كما لم تستمر طويلا وفيما بعد غاب المسرح عن الخشبة ليزدهر في النصوص الدرامية التي طبعت في كتب فعندما تأسست الدار الجماهيرية للنشر والتوزيع والإعلان تعاملت مع الكتاب المسرحي على قدم المساواة مع بقية اصداراتها الثقافية في مجالات القصة القصيرة والشعر وأدب الأطفال والدراسات الأدبية والعلمية.
            كنا نقف على أبواب مسرح جديد من خلال الجيل الثاني من كتاب المسرح اضافة إلى الكتاب الرواد أو القدامى من الذين لايزال المسرح يجري في عروقهم فلم يتوقفوا عن الكتابة له والانصار في بوثقته وقد تمثل هذا الجيل في البوصيري عبدالله عبدالكريم الدناع ومنصور أبوشناف علاوة مساهمة بعض كتاب القصة في التأليف للمسرح ومن هؤلاء أحمد ابراهيم الفقيه الذي صدرت له مسرحية "الغزالات" ونصوص أخرى متفرقة وكتب محمد عبدالجليل قنيدي مسرحية "الأقنعة" كما صدرت الأعمال المسرحية الكاملة للأستاذ مصطفى الأمير في ثلاثة مجلدات وصدر للشاعر عبدالحميد بطاو مسرحية شعرية بعنوان "الجسر" وعبدالكريم الدناع ايضا أعماله الكاملة كما ألف الشاعر مفتاح العماري بالاشترك مع مجاهد البوسيفي مسرحية "السور" . وأما الأستاذ الراحل عبدلله القويري الذي يتنمي إلى جيل الرواد فقد وزع جهوده الأدبية بين القصة القصيرة والمسرح ولكن مسرحه بالرغم من تعدد نصوصه ظل يدور في اطار ذهني جامد كان يطرح الأسئلة الكبيرة حول الوجود والعدم ومصير الإنسان والغنى والفقر والحرية بأبعادها التاريخية والعدالة وبالرغم من أهمية هذه الأسئلة واتساعاها إلا أن اجابة القويري عليها لم تكن مقنعة ولا وافية في سياقها المسرحي فكريا وفنيا فظلت أسئلته معلقة في الهواء .
            ذلك لأن القراءة الأولى في أعمال القويري المسرحية التي طبعت في كتب توضح أنه لم يكن هاجسه جمالية النص ولامعماره الفني فهو لم يوجه أي قدر من اهتماماته إلى الشكل الفني كما أنه لم يكن يفكر بمدى صلاحيتها أو ملاءمتها للتمثيل على الركح فقد كان الحوار هو كل مادته المسرحية أما ما تبقى من عناصر التأليف الدرامي الناجح والمتماسكة فنيا فيبدو أنها لا تعنيه في شيء من قريب أو بعيد..
            ضمن سلسلتها الشهرية التي تعني بتقديم نماذج من الابداع الليبي الحديث والمعاصر أصدرت مجلة "المؤتمر" خلال هذا العام مسرحية "الخن" تتكون من أربع لوحات اطلق عليها المؤلف اسم "ليالي" باعتبار ان الأحداث الدرامية تقع خلال الفترة الليلية حيث اعتاد ان يلتقي اشخاص المسرحية في بقايا بيت عتيق وينهض بهذه الليالي الثلاث أربع شخصيات استعارها المؤلف من التراث الحكائي الشعبي ألا وهي شخصيته "زعيط / معيط/ نقاذ الحيط/ الحاجة القديرية" إلا أن الشخصيات منا ذات سحنة عبثية تدير حوارها بلهجة عامية استوعبت مفردات الشارع الليبي الأمر الذي اعتبره الأستاذ الهادي حقيق الذي كتب مقدمة مختصرة ومركزة لهذه المسرحية زيادة في تعميق وتأصيل واظهار الميلاد والبطاقة الشخصية وجواز السفر في آن واحد للمفردات والتعابير الشبابية التي كانت تتسرب للهجتنا بخجل شديد من السبعينيات وحتى الآن مشيرا إلى "أن هذه المفردات والتعبيرات قد نضجت وتعمقت وصارت لها دلالتها النفسية والعاطفية والفكرية.."
            أما الأستاذ عبدالكريم الدناع وهو أحد الذين اسهموا في الكتابة للمسرح وتفرقوا له فقد وجه عنايته لكتابة النص المسرحي الذي يستمد أصوله من التراث كما لو أن الحاضر هو امتداد الماضي في ممارسته وأهوائه وأنه صورة منسوخة عنه وكأن الكاتب باستلهامه واستنطاقه لرموز شخصيات معينة في التراث العربي انما يوحي لنا لاشيء قد تغير فمازال الوضع فيما يتعلق بالقضايا القومية وحرية الفكر والاستبداد السياسي والعلاقة بين المثقف والسلطة إلى غير ذلك من القضايا التي تمرس بها مسرحيا لقد تميز مسرح الدناع بالجدية وكان يمكنه أن يطور أدواته المسرحية ويمضي في تجربته المسرحية إلى نهايتها ولكنه بدلا من ذلك نجده يتوقف عن الكتابة للمسرح إلا في فترات متباعدة وكأنه يعود إليه بدافع الحنين الذي ما يلبث أن يتبدد..
            وفي يقني ان الكاتب المسرحي الوحيد في ليبيا الذي أخلص للمسرح وكأنه المحراب الذي قرر ان يتعبد فيه وحتى النفس الأخير هو البوصيري عبدالله فلم يتطرق اليأس إلى نفسه بالرغم من كل الاحباطات التي يمكن ان يواجهها المرء وهو يدلف من بوابة المسرح فالمرء لا يمكن أن يتخيل أن مدينة في اتساع مدينة طرابلس وكثافتها السكانية لا يوجد بها إلا مسرح واحد ومع ذلك يأتي من يتغنى بالمسرح وبرسالته الثقافية والاجتماعية ومع ذلك فإننا نجد أن البوصيري عبدالله يواصل نسج أحلامه متجاوزا أزمة الكاتب الذي يكد ويتحرق للوصول بمسرحه إلى الناس فلا يواجه إلا بالنكران والجحود ويعاني من اهدار حقوقه المادية والمعنوية ومع ذلك فهو يستمر وهل قناعات البوصيري الشخصية برسالة المسرح هو ما يدفعه إلى مقاومة كل عوامل الاحباط والانكسار..
            لقد نجح هذا الكاتب الموهوب في ان يؤسس لمسرحه بعمل دؤوب لم يعطله عنه شيء وسجله المسرحي الحافل بالنصوص الابداعية يشهد بغزارة انتاجه وإذا كانت الغزارة لاتعد مقياسا أو مؤثرا على الابداع والتألق فان البوصيري عبدالله لم يكن يكتب ليضيف رقما جديدا في سلسلة كتبه المسرحية وانما كان هاجسه على الدوام تطوير مسرحه والارتقاء به فجاءت رؤيته تحمل دائما طابع الجدة والمغامرة وانطلاقه الخيال إلى ابعد حدوده وفي هذا السياق نجده يقترب من المسرح التجريبي كما في مسرحيته الجميلة " تفاحة العم قريرة" فالبطل الحقيقي في هذه المسرحية تفاحة وهي في نفس الوقت عقدة النص اللعبة التي تغري وحالة والاشتهاء التي تستبد بمجوع الناس عند رؤية التفاحة ثم ذلك العرض التاريخي لدور التفاحة منذ القدم وعلاقتها بآدم وحواء بالعلم وتطوراته ثم العودة إلى تفاحة العم قريرة التي هي محور النص كل ذلك يأتي في اطار المفارقات الصغيرة التي تصب في مواقف ضاحكة فلم يكن العم قريرة يدري انه سوف يدخل في حقيبته جلبها معه من الخارج ولم يكن يدري انه سوف يثير من حوله كل هذه الضجة وكأنه أحضر معه مفتاح الجنة..
            وبالرغم من أهمية هذه المسرحية كتجربة جديدة في المسرح الليبي والعربي فهي مازالت في حاجة الناقد المسرحي الذي يدرس ابعادها الفكرية والجمالية بموضوعية ووعي..
            وفي اعتقادي ان مسرح البوصيري عبدالله في مجمله يحتاج إلى وقفة طويلة وإلى دراسة متأنية لابراز خصائصه ومعانيه الفكرية والفنية..

            تعليق


            • #66

              المسرح في ليبيا
              بقلم / د. علي الراعي

              يعتبر الكاتب الليبي عبد الحميد المجراب الشاعرين أحمد قنابة وإبراهيم الأسطى عمر، في مقدمة الرعيل الأول من رجالات المسرح البارزين في ليبيا. 

الأول كان يعمل مذيعا إبان الاحتلال الإيطالي للبلاد، وأسهم في العديد من المسرحيات التي كانت تقدمها في ليبيا فرقة إيطالية عرفت باسم "الدبولاكورو" أي ما بعد العمل، وكانت هذه الفرقة تتألف من مجموعة من الهواة، يمارسون نشاطهم الفني بعد الفراغ من أعمالهم الرسمية، وكانت أغلبيتهم من الأجانب بينهم عدد قليل جداً من أبناء البلاد، وقد ظلت هذه الفرقة تعمل من 1925 حتى 1936، وشارك الشاعر أحمد قنابة في التمثيل مع الفرقة طيلة هذه الأعوام، ومن ثم أحب المسرح وتبين له بوضوح مدى ما يمكن أن يقدمه للناس من خدمات، على سبيل إيقاظ الحس الوطني، وتجنيده لمقاومة ما كان من الاستعمار الإيطالي يسدر فيه من محاولات نشطة لطمس الشخصية الوطنية الليبية 

وجاءت الزيارات المتعددة التي قامت بها الفرق العربية من مصر وتونس لتدعم الحس المسرحي عند قنابة وغيره من فناني المسرح وكان بين الفرق المسرحية التي زارت البلاد فرقة جورج أبيض وفرقة منيرة المهدية، وفرقة يوسف وهبي، وقد لاقت هذه الفرق جميعاً التشجيع والإقبال الكبيرين من لدن المواطنين، مما شجع قنابة وزملاءه من مدرسي مدرسة الفنون والصنائع الإسلامية على المضي على درب المسرح، وبخاصة بعد أن زارت إحدى الفرق الليبية، وهي فرقة درنة المعروفة أيضا باسم "فرقة هواة التمثيل" مدينة طرابلس وقدمت فيها مسرحية "خليفة الصياد". 

( أحمد قنابة ) 

تشجع أحمد قنابة بهذه الزيارة وقوى بها عوده، فأسس الفرقة الوطنية الطرابلسية عام 1936، وقدمت الفرقة مسرحيته الأولى "وديعة الحاج فيروز"، وأعقبتها بمسرحية "حلم المأمون" من تأليف وإخراج أحمد قنابة، وقد كان يساعد قنابة في عمله نخبة من المثقفين والفنانين بينهم الهادي المشيرقي، ومحمد حمدي، والدكتور مصطفي العجيلي، وفؤاد الكعبازي، وكان هذا الأخير يتولي مهمة إعداد الديكورات ورسم اللوحات الدعائية، وقد قدمت الفرقة أعمالها على مسرح البوليتياما، الذي حلت محله سينما النصر وقد كانت هذه الفرقة وغيرها، ما بين محلية وزائرية، تعمل في وجه مقاومة شرسة من سلطات الاستعمار الإيطالي، التي أحست بخطر المسرح وقدرته على إيقاظ العواطف، فكانت تعمد إلى محاربة فرقة مدرسة الفنون والصنائع، وتهدد مناصريها والقائمين عليها، ووصل الأمر بهذه السلطات الاستعمارية إلى حد منع تمثيل مسرحية "صلاح الدين" لما تحويه من تمجيد للعرب والعروبة. 


ويصف أحمد قنابة الدوافع التي دعته إلى إنشاء فرقته فيقول: إن الحافز المباشر له كان قدوم فرقة هواة التمثيل، وعلى رأسها محمد عبد الهادي إلى طرابلس وتقديمها مسرحة "هارون الرشيد" التي مثل فيها محمد عبد الهادي ودور خليفة الصياد، في الحفلات الثلاث التي قدمتها الفرقة. 


شرع قنابة من فوره في تأليف فرقته، فانتخب من بين طلبة مدرسة الفنون والصنائع من آنس فيهم ميلا لفنون التمثيل، ورغم اضطهاد السلطات الاستعمارية لهذه الفرقة ولفن التمثيل عامة، فقد نجحت الفرقة في تقديم مسرحيات اجتماعية تعني بتصوير ونقد العادات والتقاليد المختلفة التي كانت تعرقل سير المجتمع، وتساعد على بقاء المستعمر في البلاد. 


كما قدمت الفرقة النوع الآخر من المسرحيات الذي يألفه بلد ينمو فيه الفن المسرحي، فيتطلع إلى استخدامه لدعم الروح القومية في البلاد، عن طريق تقديم مسرحيات تستعرض أمجاد الماضي، وتنظر في بطولات الأجداد، وتعرض أعمالهم في مجالات الأدب والسياسة والفكر والدين والعقيدة. 

كان هذا في طرابلس، أما في درنة فقد بدأت فرقة هواة التمثيل عملها هناك في عام 1928، وكان في درنة إذ ذاك ممثل كوميدي محبوب هو: محمد عبد الهادي الذي برع في تمثيل الأدوار الكوميدية، وإلقاء المونولوجات الفكاهية. 

( إبراهيم الأسطي ) 

وقد اصطدمت الفرقة بمعوقات كثيرة كان على رأسها سلطات الاستعمار الإيطالي، بالإضافة إلى الصعوبات الأخرى التي تلقاها فرق الهواة في كل بلد لم يعرف فن المسرح الجدي إلا أخيرا، فقد عجز جمهور المتفرجين عن دعم الفرقة دعما كافيا لقلة خبرته وندرة زيارته للمسارح هذا بالإضافة إلى انعدام العنصر النسائي بين الفنانين الليبيين، وعدم وجود قاعة عرض يقدمون فيها أعمالهم، وهنا يأتي الدور الريادي الذي لعبه الشاعر إبراهيم الأسطي عمر الذي كان أحد مؤسسي فرقة هواة التمثيل. 


لقد بسط إبراهيم الأسطي عمر على الفرقة الناشئة حمايته الثقافية والمالية أيضا، ولما لجأ محمد عبد الهادي إلى استئجار بيت تؤدي فيه الفرقة تمارينها، بعد أن رفضت سلطات الاستعمار منح الفرقة رخصة عمل ساند الرائد المسرحي إبراهيم الأسطي عمر جهود الفرقة فقدم مشورته الفنية والثقافية وأسهم إسهاما فعالا في تمثيل بعض الأدوار وإخراج عدد من المسرحيات واختيار النصوص وتعديلها بحيث تتماشي مع البيئة الليبية وحين كان يعوز الفرقة المال، كان هذا الرائد الشجاع يدفع من راتبه الضئيل للإسهام في نفقات شراء المعدات والمهام المسرحية اللازمة. 

وكان إلى جوار ذلك يشترك في الجهود المبذولة لتقديم الحفلات والإعلان عنها، إلى جوار الإسهام الفعلي في التمثيل كما مر بنا، وفي هذا الميدان الأخير، أثبت الأستاذ إبراهيم الأسطي عمر حبه الغامر لفن المسرح، وذلك حين اغتر أحد الممثلين بنفسه، إبان تقديم مسرحية أحمد شوقي: "أميرة الأندلس" فهدد بالانسحاب من المسرحية ما لم يجب إلى مطالب كان قد تقدم بها. 


وقد تصرف الأستاذ إبراهيم عمر إذ ذاك تصرف الفنان القادر والحازم معا، فسحب الدور من الممثل المغرور، وقام هو بأدائه إلى جانب دور آخر كان يقوم به في المسرحية ذاتها، وبذا تكفل الرائد المسرحي بتمثيل دوره الأصلي في المسرحية وهو دور ابن حيون، واستظهر دور الممثل المنسحب وهو دور ابن شاليب اليهودي وأتم دراسته وحفظه في غضون ليلة واحدة كانت تسبق العرض. 


كما قام الأستاذ إبراهيم عمر بدور إسحاق النديم في مسرحية: "هارون الرشيد" التي عرفت في ليبيا باسم: "خليفة الصياد" علاوة على إسهامه في إخراج المسرحية وإعداد ديكوراتها وملابسها إلى جانب الفنان عمر الطرابلسي المشرف الفني العام. 

(مسرح جهادي ) 

بعد هذه الإطلالة السريعة على خلفيات النشاط المسرحي في ليبيا نتقدم لدراسة ما قدمه كتاب المسرح في ذلك البلد المجاهد، وهو نتاج كبير إلى حد يدعو إلى الدهشة والإعجاب معا. 


في عام 1965 كتب عبد الله القويري أحد أدباء ليبيا البارزين في ميدان القصة والمقالة الأدبية مسرحية "الجانب الوضئ" والمسرحية تتناول جماعة من الشباب الوطني مشغول بالهم الوطني العام الذي تواجهه البلاد: هم التحرر من السيطرة الخانقة التي تكتم الأنفاس ولا تترك مجالا للحركة نحو التقدم، ولا تحقق حرية التعبير، وبخاصة للأجيال الصاعدة. 

بين هذه الجماعة شاب حالم مشغول بالأوراق والقصص والمثل العليا ولكنه لشدة نقائه ينضم إلى هدف الجماعة الثورية ليؤدي نصيبه في تحرير المجتمع، وحين تبدأ المسرحية نجد أن هذا الشاب، واسمه صديق، مشتبكا في نقاش حاد تعلو نبرته حينا إلى حد العراك وتنخفض حتى لتكاد تكون توسلا أو رجاء، من جانب صديق لصديقه الذي يبادله الكلام وهو سعيد وأما موضوع الحديث فهو عضو من أعضاء الجماعة اسمه عزيز، تحوم حوله شكوك يحس بها صديق ولا يستطيع مهما حاول أن يهدئ منها أو ينساها. 


أما سعيد فهو لا يصدق شكوك صديق في عزيز هذا، الذي هو عضو رئيسي في الجماعة ويري أن صديقه يبالغ كثيرا في ارتيابه ويتمسك بهذا الرأي، حتى بعد أن يفد على الاثنين عضو ثالث في الجماعة اسمه يزيد فيؤيد شكوك صديق في عزيز، وينهي إلى الاثنين المتناقشين أن أحد أعضاء الجماعة واسمه عديل، قد ألقى عليه القبض، وأن هذا الأمر قد حدث بعد أن كان عديل قد كتب مجموعة مقالات كان ينوي إرسالها إلى مجلة الأحرار، وأحب كما هي عادته أن يعرض أفكاره أولا على أحد زملائه قبل نشرها، وقد قرأ بعضاً من هذه المقالات على عزيز الذي استمع وهز رأسه وقال: عظيم ثم ندم عديل من بعد على ما فعل لأنه هو الآخر. 


كانت تساوره الشكوك في عزيز وقام بتمزيق المقالات، وإخفاء أثرها ولكن هذا التحوط لم يمنع مكتب التحقيقات الرئيسي من تفتيش مكتب عديل ومن ثم اقتيد الكاتب إلى السجن، وهو إجراء لم يسبق له مثيل يدل على أن المسؤولين قد أخذوا يفطنون إلى أن شيئا جديدا قد جد على البلاد. 


ونعلم من اتصال النقاش بين الزملاء الثلاثة أن عزيزا كان له موقف آخر غير موقف الجماعة، بل إنه كان ضد كثير من مواقف الجماعة ولكنه مع ذلك قد وافق على المنشور الذي أخذ على عاتقه الدفاع عن تصرفات عزيز، يرى أن عمل الجماعة حتى الآن قد كان في الهواء وأن أخطاء الجماعة هي التي تقف حجر عثرة في طريقها، وليس الديمقراطية الزائفة التي يمارسها الحكام. 


وأثناء النقاش يلمح صديق إلى أن موقف سعيد من عزيز ومن الجماعة ربما كان راجعا إلى ظروف خاصة هو واقع تحت تأثيرها، مثل ظروف والده، الذي يبدو أن هناك شيئا يشينه، ولا تفصح عنه المسرحية وأن هذا قد يكون سببا في تردد سعيد وهنا تعلو نبرة النقاش فتبلغ حد الاقتتال بين صديق وسعيد، وبالفعل يتماسكان ثم يهل عليهم عزيز وتنسدل الستارة على الفصل الأول. ( مسرحية "الجانب الوضيء" ) 


في الفصل الثاني من مسرحية "الجانب الوضيء" نقاش حاد آخر، يدور هذه المرة بين صديق وأمه، الأم تتهم ابنها بأنه غارق لأذنيه في الوهم وأنه فاشل يتعزي عن فشله بالكتابة، وهو يكتب عن الحياة، وغيره يعيش الحياة، إنه لا يصلح لأن يكون خلفا لأبيه قط، فالأب عقد عمل، كافح وضحى ورعى الأسرة بكل ما في طاقته، بينما هو يترك كسب العيش لأمه، تغزل في سبيل لقمة العيش، ثم تدفع بغزلها إلى ابنتها مليكة أخت صديق لتبيع الغزل كل هذا، ورجل البيت مشغول بهمومه وأفكاره وشكوكه وتساؤلاته وتفلسفه.


              تعليق


              • #67

                " القويري " يتحدث عن العقربي " ....
                " لم يهدأ (محمد العقربي ) كان دائماً يبحث عن الأرض التي تقبل بذرة الفن "

                بقلم / عبدالله القويري

                سمعت عنه ولم أكن من قبل رأيته قالوا بأنه يخرج مسرحية (أهل الكهف) لإحدى الفرق واصطحبت أحد الأصحاب معي ليدلني على مكان الفرقة وهناك جلست مع الشباب الذين يمثلون المسرحية أنتظره ولم يمض كثير من الوقت حتى أتى قدموني له ولكنه لم يجلس يحادثني إذ سريعاً ما قال:
                الفصل الثالث مرة أخرى.
                وبدأ الممثلون الناشئون في أدائهم وكان يصلح لهم أخطاءهم دون ملل ويعودون فيخطئون ويعود ليصلح الخطأ وكثيراً ما قام ليؤدي ذلك المقطع منفعلاً .. يشدهك بأنك تحسبه في أول الأمر لا يستطيع الحركة ولكن ما أن تهتز الحبال الصوتية حتى تحس به حركة مشتعلة لا يستطيعها شاب الحركة المسرحية لم تكن في يوم من الأيام حركة ظاهرية ولكنها حركة داخلية تهزك وأنت تحسبها مجرد كلمات ولكن ما أن تراها تخرج من فم فنان حتى تدرك أن الكلمات تحولت إلى شيء عميق رجعت إلى أصلها الذي يتمثل في بلورتها الأخيرة بلورتها التي استقطبت تاريخاً إنسانياً طويلاً تركز في الكلمة فكان على الفنان أن يعيدها من جديد يعيدها حركة تشعر معها بذلك التاريخ الطويل.
                وجلست أشاهد وأسمع لم أقل كلمة فقد أخذتني تلك اللحظة الباهرة التي تمسك بكل إنسان تهزه وتحدث الضجة في أعماقه ولا تتركه إلا هنيهات بسيطة يسترد فيها أنفاسه لتعود بعدها تهزه من جديد وتترك في أعماقه ما يتساءل بعده كثيراً ولكن التمكن لا يترك التساؤل ليتحول إلى كلمات جوفاء أو مغالطات التمكن يجعل من التساؤل إمكانية أخرى تفجر إمتاع الفن وإعجازه الدائم وتود لحظتها أن تقوم لتقف على المسرح فتقول كلمات أو لتتحرك ولكن لا تستطيع فتجلس مكانك تهتز كابتاً تلك الإمكانية إلا أنك تسعد عندما ترى غيرك يؤديها فيغنيك عما تريد أن تفعله تسعد بالراحة بعد ساعة من التواجد الفني والإبداع والفنان يكشف نفسه في كل ومضة يكتشفها ويكتشف عالماً غير مرئي ويستطيع أن يقدم ذلك في إيماءات وإيحاءات بعد معاناة طويلة قد تبدو لك مجرد لحظة وهي في واقعها تاريخ طويل من التجربة ومن دقائق ما تحويه التجربة.
                قد يبدو لك أنه مجرد هزة من يد أو تحريك أصبع أو تغير في ملامح الوجه قد يبدو لك هذا وكأنه أتى عفوياً في لحظة بسيطة ليس وراءها من شيء ولكن الواقع أن مثل هذه الحركات البسيطة تحمل وراءها ثقافة طويلة وتجربة عريضة ومراساً دائماً.
                إن التمثيل تقديم ما هو غير عادي كأنه العادي وهو في نفس الوقت لا بد أن يدهشك بالمعتاد .. هو فن الاقتدار على أن تضع المعقد في قالب بسيط وفي نفس الوقت تعطينا أحساساً بعمقه وبعدم بساطته ولقد جلست أشاهد الفنان (م،ع) وهو يعاني كيف يصب في نفوس ناشئة ما لديه من خبرات وما عنده من إمكانات وما يحويه وجدانه من الاحساس بأهمية اللحظة الفنية وما في ذهنه من ثقافات متنوعة تهتم بالحديث والكلاسيكي ويدرك دلالة الكلمة القديمة في الوقت الذي يتصور فيه حركتها كان يجاهد من أجل أن ينقلهم إلى هذا المستوى دون ملل ولم أتململ طوال جلوسي أشاهد فصلاً واحداً يخضع للإعادة وللتصويب الدائم بل كانت فرصة فريدة أحسست فيها بأهمية أن يعيش فنان لحظة الإبداع دون أن يصدر عنه ما يدل على التعب.
                عجبت داخل نفسي وأنا أشاهده كيف يستطيع انسان وصل إلى هذه السن أن يتحرك حركة نشطة تحسبها حركة شباب في العشرين كيف يستطيع إنسان أن يتحمل انفعالات الموقف مرات ومرات دون أن يقلق وأن يحس بالخمود؟
                كيف يستطيع رجل فنان كبير له تجربته الطويلة أن يتحمل أخطاء شبان وتكرار خطئهم المرة بعد المرة دون أن يغضب أو يضيق ذرعاً بمثل ذلك ولكم سألت نفسي كثيراً محاولاً الوصول إلى مفتاح ذلك فلم أجد غير الفن وغير الصدق الفني.
                كان (م،ع) إذا ما وقف أو تكلم يعيش لحظة الصدق الفني التي تجعله قادراً على حركة ربما عجز شاب عن إتيانها وكان لا يمل من التصويب لأنه يدرك أن التعب الذي يبذله وراء ذلك لايداني لحظة بارعة يأتيها وقد اقتدر على تلك اللحظة إنها سعادة غامرة يعيشها أستاذ عندما يروي أنه استطاع إيصال تلك الشرارة إلى نفس.
                هي شرارة تجعل من هذا الشيخ شاباً تجعله وقد تمكن من إبداع فني يهز النفس ويرج الأعماق ثم يصعد ذلك إلى آفاق لا يستطيع أن يصعد إليها أحد ما لم تضر به تلك الشرارة.
                وانتظرت ما يزيد على ساعة ونصف أنظر إليه يعيش بين شباب يعلمهم الفن ويحاول أن يغرس ذلك السر المقدس في نفوسهم ثم جاء الرجل ليجلس أمامي وليبدأ الحديث كأنه يعرفني منذ زمن طويل وتحدثنا عن الفن والمسرح وكأنه له رأي وافقته عليه وأمضيت نصف ساعة في حديث معه ثم ودعته وانصرفت.
                وبمرور الأيام تعددت لقاءاتنا وعرفت نفس الفنان الحقيقي الذي لا يعرف مواقف وسطا وكنت أشاركه مواقفه كما كان يشاركني مواقفي كان لا يفرق بين إنسان وإنسان في موقف إذ يسيطر عليه الرأي وكان يتصرف بعيداً عن منطلقات الخوف كان يرى أن الفن لا يعرف مجاملة ولا يعرف النواحي الشخصية الفن عنده فوق كل طرق المجاملات.
                الفن عنده أصول ودراسة وثقافة وموهبة ولقد أعجبت كثيراً بأنه يفرق بين شيئين تعارف شخصي فهذا يدفعه إلى رقة في الحاشية وإلى سلوك مهذب مجامل وتعارف أو معرفة فنية وهذه تدفعه إلى التمسك بالفن وأصوله دون أن يقيم وزناً لأي شيء آخر.
                لم يكن الفن عنده مجاملة في حين أن من يصل إلى سنه يميل كثيراً إلى الهدوء وإلى عدم إثارة المعارك أما هو فقد كان يميل إلى المعارك طالما كان وراءها دفاع عن الفن وأصوله وعن شيء جوهري لا يجب أن يمس.
                وقد يعجب شخص من فنان أن يكون ذلك سلوكه ولكن العجب أن يكون هناك فنان أصيل ولا يكون هذا سلوكه ذلك أن الفنان هو معلم .. هو معلم وأستاذ اتخذ سبيله إلى النفوس بواسطة أدوات ما أصعبها على من لم يوطن نفسه عليها فهي تطلب منه دائماً أن يكون في حالة تواجد فني وفي نفس الوقت يكون في حالة التأهب لمعركة يتخذ لها أسبابها وهي ليست معركة تثور في وقت ثم تخفت إنها معركة مستمرة لا تهدأ أبداً وكم كان لكثير من الشباب عندنا تمردهم عليه وكم كان له تشبته بالأصول والأسس والقيم الفنية ربما رأى بعض شبابنا أن الفن أمر سهل كبقية ما يرونه في حياتهم أما هو فقد كان الفن عنده أمراً صعباً يتطلب مراساً طويلاً وتمكناً كان على كبر سنه لا يهدأ ويناقش وكانوا على صغر سنهم يريدون الحياة هادئة وأن لا داعي للنقاش كان يريد أن يزرع في نفوسهم تلك البذرة الخالدة وكانوا لا يريدون أكثر من أن يعرفوا إشارات وتلويحات من الأيدي وتهريجات في الصوت ليقولوا عن أنفسهم بأنهم ممثلون لم يهدأ (م،ع) كان دائماً يبحث عن الأرض التي تقبل بذرة الفن وكم كان الكثيرون عندنا جاحدين لإمكاناته.
                كان يقول الكلمة في حدة الفنان الذي يريد أن يقدم ويعمل فما كان أسرعهم إلى عدم فهمها وتأويلها وإخراج ردود الفعل السريعة تجاهها.
                وكثيراً ما التقيت بشباب وقلت لهم:
                قبل أن يكون عندكم استعداد للفن يجب أن يكون عندكم استعداد للتلمذة ولن تصبح أستاذاً يوماً ما لم تكن تلميذاً عاش بروح التلميذ فترة طويلة ، قد يصل التلميذ إلى التمرد على أستاذه ولكن لا يتمرد حتى يحس بأن عنده ما يقدمه وأن سنه وتجربته وثقافته قد أوصلته إلى مرحلة كبيرة من النضج إذ يصبح وفي إمكانه أن يقدم شيئاً.
                لقد كان عندنا سوء فهم لكل إنسان يريد أن يفيد وسريعاً ما نطلق أحكامنا ونسعى في حركات عفوية عشوائية نحطم ولا ندري أننا نحطم أنفسنا لقد عاش (م،ع) في ليبيا ما يقرب من ثلاث سنوات أقول لكم الحق إننا لم نستفد منه كثيراً رغم إلحاح على أن يفيد ويعطي من صحته وجهده وأعصابه ووقته وثقافته ما يعجز عنه عدد من الرجال كنا سريعاً ما نرفض الأستاذية وندعي أننا ملكنا كل شيء وليس عند غيرنا أحسن مما عندنا فتكون النتيجة أن ليس عندنا شيء وأن من أراد أن يفيدنا قد رجع وبنفسه غصة وفي قلبه حزن.
                قالت نفسي:
                والآن أراك تتذكر تلك القصة المنسية .
                قلت:
                ألا نقرأها معاً من جديد وبعدها لنقرأ مرة أخرى قصة كتبتها منذ زمن.
                قالت:
                وما هي غايتك من ذلك؟ أم أنك ستترك المعنى في بطنك!!
                قلت:
                هذا ما فعله شعراؤناالأقدمون أما الفن الحديث فهو بقدر ما يقترب من البطن بقدر ما يبتعد عنها على كل حال دعينا من ذلك الآن فله حديث طويل يأتي في حينه ولنقرأ (الوطن الجديد) ثم بعد ذلك (لحظة لم يقتلها أحد).
                قالت:
                ألا تذكر تاريخ كل منهما؟
                قلت:
                معك حق فلذلك دلالته ولا شك كتبت الأولى في أواخر سنة ١٩٥٦ أما الثانية فقد كتبتها في أواخر سنة ١٩٧١.


                تعليق


                • #68
                  نشأة المسرح العربي الليبي
                  بقلم / عبدالحميد المالطي ...
                  سيكون من الضروري جداً، حين الشروع في الكتابة عن نشأة المسرح العربي الليبي، والرجوع إلى الخلف زمنياً نحو نصف قرن، أي إلى سنة ١٩٢٦م، إذ بدأت في فجر تلك السنة، بوادر أول حركة مسرحية في البروز، حيا حبتها بشكل ظاهر ، غيبة كثير من القواعد والأسس المسرحية المتعارف عليها، وذلك بفعل وجود المستعمر الغاشم، الذي كان يقف في وجه أية فرصة للتعلم أمام أبناء الوطن، وخاصة في مجال الفن بصفة عامة، والمسرح على وجه التخصيص، لعلمه ـ أي المستعمر ـ بمدى خطورة تطور الفن على وجوده، وما يمكن أن يهدده مستقبلاً، إذا ما نما هذا الفن وتطور، فالمسرح كان دائماً، وسيبقى وجه المجتمع، وجبين الوطن، يعكس آراءه، ويترجم مطالبه، ويدافع عن حقوقه ويبصره بواجباته، ويعبر عن قضاياه.
                  ووسط ذلك الهجوم العاصف، الذي كان يقف وراءه المستعمر بكل ثقله، مخططاً ومدبراً ومنفذاً، كانت الجهود المتواضعة الفاعلة، تبذل بلا كلل، لخلق حركة مسرحية قادرة على التطور ، بوسعها أن تقدم عطاء فنياً يؤمن القائمون عليه إيماناً راسخاً بقدسية رسالتهم. وما يجب أن تعمد به من جهود لا حدود لها. ولقد كانت مبادئ جليلة عظيمة، تتمثل في الحب والصدق والاخلاص، هي الزاد الرئيس، لبداية تلك الحركة المسرحية الناشئة. وبدأت من هذه النقطة بالذات أول خطوات المسيرة.
                  ـ هجوم ضار يشنه المستعمر متمثلاً في قفل كل الأبواب، وخنق كل المحاولات، وترصد المواطنين الذين التهبوا حماساً من أجل إعلاء شأن القضية الفنية ، وتحويلها إلى عامل فاعل في كل المجتمع .
                  ـ ومقاومة حقيقية، سلاحها الوحيد والفعال، ذلك الحب المتفجر، والاخلاص العميق، والرؤية الواضحة، والصدق المتناهي، من أجل أن تتحقق الفكرة الكبرى، في قيام حركة فنية مسرحية قادرة على ترجمة وقائع الأحداث، والقضايا، والمشكلات، والرؤى والتصورات ، والحلول . وكل ما يخص القضية الوطنية بالدرجة الأولى.
                  ـ صراع غير متكافئ ماديا
                  لكن الغلبة تبقى في النهاية دائماً للشعوب. هي وحدها التي تعيش، وتحول كل ما يقف في طريقها إلى مجرد انقاض، وتفتك بكل المحاولات غير الشريفة، وغير العادلة، وتحيلها حطاماً على جوانب الطرقات، وتنتصر.. لأنها دائماً هي مصدر الحق، ومدافع عن الظلم، وناصر للعدالة.
                  وتلك المرحلة المهمة التي بدأت منذ نصف قرن، تحتاج بالتأكيد إلى الوقوف عندها، ونقاش ظروفها وتسليط الأضواء على أولئك الأفذاذ الذين حملوا لواءها. والحق أن الفنان : (إبراهيم مفتاح العريبي) من المسرحيين الذين اجتهدوا من أجل تحقيق ثقافة مسرحية جيدة، ويعتبر من قبل الكثيرين الذين انخرطوا في هذا المجال، مرجعاً جامعاً، في وسعه أن يعطي الكثير حين تأتي المناسبة للحديث عن المسرح العربي الليبي.
                  تحدث الأخ العريبي عن مسرحنا قائلاً:ـ
                  في سنة ١٩٢٦م، أنشأ المرحوم (محمد عبدالهادي) مع زملاء له، فرقة مسرحية في (طبرق) التي تبعد نحو (٦٠٠) كلم إلى الشرق من مدينة بنغازي ، وذلك بعد أن عاد من بيروت في سنة ١٩٣١مسيحي، ثم انتقل الفنان (عبدالهادي) إلى مدينة درنة ، حيث أنشأ فرقة مسرحية مع زملائه: (رجب البكوش ـ وابراهيم بن عمر ـ وأنور الطرابلسي ـ وأحمد النويصري)، بدأت الأنشطة المسرحية تظهر في مدن طرابلس وبنغازي ومصراتة.
                  بعدها تكونت فرقة (مدرسة الفنون والصنائع) التي أسسها المرحوم (أحمد قنابة)، وكانت على رأس الفرق المسرحية التي تصدت لمحاولات الاستعمار الجاهلية، وقد صاحبت تلك الحركة المسرحية النشطة، حركة أدبية مكثفة، انطلقت من المنتديات والجمعيات كجمعية (عمر المختار، ونادي النهضة، ونادي العمال) .
                  في سنة ١٩٥١مسيحي، هدأت العاصفة السياسية قليلاً، وبدأت حركة انتعاشية في جسم الحركة المسرحية، وشرعت المسارح المتخصصة في تقديم أعمالها وكانت في مقدمة تلك الفرق المسرحية فرقة (هواة التمثيل بدرنة) التي تأسست في سنة ١٩٣١م، و(الفرقة الوطنية بطرابلس) والتي تأسست في سنة ١٩٣٦م و(المسرح الشعبي في بنغازي) الذي تأسس سنة ١٩٣٦م، ثم توالت بعد ذلك الفرق المسرحية في التكون، والبروز، فكانت الفرقة القومية عام ١٩٥٢م في طرابلس وفرقة الأمل بطرابلس أيضا عام ١٩٥٧م وفرقة شباب مصراتة التي تكونت عام ١٩٦٠م بنادي الاتحاد بمصراتة، ثم فرقة الجيل الصاعد بطرابلس عام ١٩٦١، ثم فرقة الشباب للتمثيل في بنغازي عام ١٩٦٢م ثم فرقة المسرح الجديد سنة ١٩٦٥م والتي أطلق عليها فيما بعد اسم المسرح الليبي ثم فرقة المسرح العام في بنغازي عام ١٩٦٨م ففرقة الفن المسرحي بطبرق عام ١٩٧٠م وفرقة المسرح الحر في طرابلس ، وفرقة ، وفرقة المرج للتمثيل وفرقة الخليج باجدابيا جميعها تأسست عام ١٩٧٠م ثم فرقة سبها المسرحية عام ١٩٧١ وفرقة مسرح الأنوار بطرابلس عام ١٩٧٢م ثم تكونت بالزاوية فرقة أهلية جديدة باسم فرقة الزاوية المسرحية عام ١٩٧٣م.
                  النشاط المسرحي وانتشاره:
                  يعتمد تزايد النشاط المسرحي أساساً على مدى توافر امكانات هذا النشاط وإذا ما أردنا أن نحصر ما يمكن أن يكون من (المسببات أو شروط قيام المسرح) يتعين علينا ذكر مايلي :
                  الممثلون:
                  وهم العنصر الذي يعتبر من أهم العناصر على الإطلاق فلا مسرح بلا ممثلين والحق أن جملة الممثلين تغلب عليهم محبة المسرح ولذا فهم من الهواة لا يدفعهم سوى استعدادهم وعشقهم لهذا الفن العظيم .
                  المخرجون:
                  وأغلب المخرجين المسرحيين في (ج.ع.ل) من الهواة أيضاً وممن صقلتهم التجارب المسرحية العديدة ومارسوها عن تفاهم وإدراك واستوعبوا كل أبعاد المسرح من خلال دراساتهم الخاصة وإطلاعهم الشخصي فمنهم من أخرج أعمالاً من المسرح العالمي ومنهم من تخطى في أسلوبه الحائط الرابع ومنهم من أجاد أسلوب التجريد في طريقة تمثيل العمل المسرحي .
                  الفنيون:
                  وهذا الجهاز يشرف عليه في (المسارح الوطنية) متخصصون أما في الفرق الأهلية فيتكون في الواقع من الهواة الذين هم من بين أعضاء الفرق والأجهزة الفنية وذلك لا يخفى على أحد وتحتاج إلى من يكون متخصص متخصصاً أكاديمياً يمنحه فرصة العمل بشكل أفضل وأكثر علمياً .
                  المؤلفون:
                  كانت بلادنا تفتقر إلى حركة مستمرة ودائبة في التأليف المسرحي وقد ألجأ هذا الفقر العديد من الفرق المسرحية إلى تنفيذ الكثير من المؤلفات المسرحية العالمية والمسرحية العربية.
                  أما المؤلفات المحلية فكانت شبه محدودة ثم تطورت في الفترة الأخيرة بشكل تدريجي فأصبح لدينا أكثر من كاتب مسرحي وجميعهم يتعاونون مع المسارح الوطنية والأهلية .
                  الجمهور:
                  والحق أن تكوين القاعدة الجماهيرية من عشاق المسرح يظل رهناً وبشكل مستمر باستمرارية العروض وبما تقدمه المسارح من عروض جيدة وعندما تتاح الفرصة بنجاح عملية الاتصال المسرحي بجميع عناصره سنجد أنفسنا أمام قاعدة جماهيرية عريضة ذات وعي مسرحي جيد .
                  العنصر النسائي:
                  لا يزال المسرح العربي الليبي يعاني نقصاً واضحاً في العنصر النسائي الذي يمتلك الكفاءة وذلك بالرغم من رصد المكافآت المالية المشجعة التي تمنح بشكل مجز.
                  المسارح:
                  يوجد في (ج.ع.ل) العديد من المسارح منها مسرح (صبري عياد) ومسرح (التحرير)، ومسرح (الحمراء) في طرابلس.
                  ـ المسرح (الشعبي) و (دار عرض بنغازي) في بنغازي.
                  ـ مسرح (مصراتة) في مصراتة.
                  ـ مسرح (سبها) في سبها.
                  ـ مسرح (غريان) في غريان.
                  المهرجانات:
                  في ديسمبر عام ١٩٧٢م، أقيم أول مهرجان مسرحي وفي ديسمبر من عام ١٩٧٣م أقيم المهرجان المسرحي الثاني ثم أقيم في بنغازي في أكتوبر عام ١٩٧٥م مهرجان تحت اسم "مسرح المعركة".
                  بعد المهرجان المسرحي الثاني الذي أقيم في ديسمبر عام ١٩٧٣م تكونت هيئة فنية جديدة باسم "الهيئة العامة للمسرح والفنون الشعبية والموسيقى".
                  متفرقات:
                  ـ يوجد في (ج.ع.ل) معهد للتمثيل بطرابلس وهو معهد "جمل الدين الميلادي" تخرج منه عدد من الشباب المسرحي.
                  ـ سافر الكثير من المهتمين بالمسرح في دورات تدريبية ودراسية إلى الخارج في مجالات المسرح المختلفة.
                  ـ في مجال الاحتراف بدأت فرقة (حمدي) في طرابلس مزاولة نشاطها وهناك فكرة لتكوين فرقة أخرى في بنغازي.
                  "محمد عبدالهادي" الرجل الذي بدأ المسيرة
                  ـ هو محمد محمد عبدالهادي مؤسس المسرح في (ج.ع.ل).
                  ـ ولد في مدينة درنة سنة ١٨٩٨ وفي سنة ١٩١٨م أرغمته ايطاليا على العمل معها كعامل أفران ثم عاد إلى وطنه عام ١٩٢٠م.
                  ـ سنة ١٩٢٢م زار لبنان ويبدو أنه تشرب هواية المسرح هناك، فبدأ يعيش كالعاشق للمسرح وانصرف لاهثاً وراء لعبة المسرح حتى جذبته الهواية إلى الاسكندرية.
                  ـ في بداية عام ١٩٢٦م عاد إلى طبرق يبحث عن لقمة العيش ففتح مخبزاً وفي أواخر نفس السنة قدم أول عمل مسرحي له (آه لو كنت ملكاً) مثله معه "مفتاح بوغرارة" و "حمدي طاطاناكي".
                  ـ ذهب إلى درنة واستقر بها في سنة ١٩٢٧م وبدأ مع مجموعة من الأصدقاء في سنة ١٩٣٠م في تكوين أول فرقة مسرحية قدمت أول أعمالها سنة ١٩٣١م وهي مسرحية (خليفة الصياد) وعام ١٩٣٤م قدمت مسرحية (نكبة البرامكة) وتوالت بعد ذلك العروض المسرحية لهذه الفرقة.
                  ـ في سنة ١٩٤٨م اشتد عليه المرض ولم يعد قادراً على الوقوف على الخشبة، وفي سنة ١٩٥٢م وافته المنية بمدينة درنة حيث دفن هناك.

                  تعليق


                  • #69
                    .
                    الفنان "رجب البكوش" والمشوار الطويل
                    ـ يعتبر الفنان "رجب البكوش" من الذين عاصروا الحركة المسرحية في (ج.ع.ل).
                    ـ فكر جدياً في تكوين فرقة مسرحية، وقدم باكورة أعماله المسرحية "الشيخ إبراهيم" وكان ممن حضروا العرض السفاح "غرسياني".
                    ـ بعد ذلك كون فرقة مسرحية اسماها "فرقة التمثيل" استمرت عامين ثم انتهت فذهب وزاول نشاطه برابطة الشباب وهي مؤسسة شبابية وانتهت هذه الرابطة لظروف خارجة عن إرادة الشباب.
                    ـ كون فرقة أسماها "فرقة هواة التمثيل" استمرت سنوات ثم انقسمت إلى قسمين هما:
                    المسرح الشعبي وفرقة الشباب.
                    ـ كان يقوم بتأليف وإخراج الكثير من المسرحيات منها "كوخ الشحادين" و"ذكرى الاستعمار" و"المدينة في أشواك".
                    ـ آخر نشاط له كان في فرقة "أصدقاء المدينة" التي انتهت أيضاً حيث قدم بعض المسرحيات الفوديميك، والتي كان قدمها في السابق.
                    ـ يستحق هذا الفنان والذين عملوا مثله في صمت وبعيداً عن الأضواء كل التقدير في عيد المعلم.
                    "عبدالفتاح الوسيع" خبرة وكفاءة
                    الفنان العربي الليبي عبدالفتاح الوسيع من الفنانين المسرحيين الذين يشهد لهم بالخبرة والكفاءة في مجال المسرح فهو مخرج قدير وممثل مارس الهواية منذ سنوات وثقافته المسرحية تؤهله لأن يكون في مقدمة المتحدثين عن المسرح العربي الليبي وخاصة في الفترة الأخيرة.
                    وحديث عبدالفتاح الوسيع يبقى حديثاً شيقاً وممتعاً ومتشبعاً أيضاً فهو يتحدث بنظرة مستقبل المسرح في بلادنا ، ولانستغرب أن كان إلى حديثه مشوباً بصور تشاؤمية لكن صور الأمل والتفاؤل تبقى أكثر بروزاً.
                    يقول الفنان الوسيع:
                    ربما اختلف المسرح العربي الليبي عن غيره من المسارح "لاسيما المسرح العربي".. في أنه لم يحظ بتأثير الدارسين في الخارج لهذا الفن الوافد تطويراً وتهذيباً، ووضعاً لأسس علمية راسخة، وتقاليد مسرحية معروفة (جورج أبيض، يوسف وهبي في مصر ـ مارون نقاش في لبنان) ذلك أن العهود الاستعمارية التي رنت على البلاد "الأتراك، الإيطاليون، الانجليز" لم تعطه الفرصة الكافية للتعلم والدراسة والبحث في كل المجالات فما بالك بمجال الفن الذي كان يعتبره "الاستعمار" خطراً على وجوده بل انه وصل به الامر - كما روى ذلك المعاصرون - انه كان يحجب الاعمال المسرحية ويطارد المسرحيين .
                    لقد ظهرت محاولات خلال ( الثلاثينيات ) وما بعدها في مجال المسرح ولكنها لا ترتقى إلى المستوى العلمي المنشود ويمكن وصفها بأنها مجرد اجتهادات مشكورة من أناس اتصفوا - كم يروى عنهم - بخصائص معينة منها :
                    1- ذيوع أسمائهم في المدن طرابلس بنغازي درنة من أنهم محدثون لبقون ذوو بديهة حاضرة وحسن فنى مرهف ..
                    2- شعورهم الوطني المتأجج الذي كان دائما يشدهم ويحثهم للتصدى للاستعمار مشاركين الشعب نقمته عليه فغلب علي تلك الاعمال التي قدمت في هذه الفترة التصاقها وتأكيدها بابراز الشخصية العربية المتميزة والمآثر التاريخية الاسلامية وتعميق ضرورة التمسك باللغة العربية ( شجرة الدر - في درنة ) .
                    ومع مطلع الخمسينيات ومع انتعاش الحركة الثقافية في البلاد ظهرت مجموعات من الشباب تبشر وتدعو لايجاد مسرح يعنى بمشاكل الشعب وتاريخه وتطرح آراءها وكانت تحاول أن تبعد قدر الامكان عن ( الارتجال ) الذي كان سائدا إلى حد كبير وبدأت تلك المجموعات في شكل منتديات ثقافية أو فرق مسرحية تعمل بجد وتضحية منقطعتي النظير كما ظهرت محاولات في مجال الكتابة للمسرح أما بشكل جماعي أو بشكل فردي وكانت عمليات الاخراج أيضا أما أن تتم بشكل جماعي " وهو الغالب " أو بشكل فردي وكانت الاعمال في مجموعها تقترب من نوع " العرض الشامل " إن صح التعبير حيث يقدم مع المسرحية في نفس الليلة بعض الاغاني و" المونولوجات " ...الخ ومع بداية الاحتكاك بمصر وبعض البلاد العربية الاخرى التي قطعت شوطا في مجال المسرح بدأت تظهر الاعمال المسرحية العربية وتخرج في المدن باجتهادات وابداعات عفوية ..
                    ولتعطش الشباب للمعرفة الحقة بهذا الفن كانت هناك محاولات لاستجلاب بعض الخبرات العربية "وإن لم يحسن اختيارها " للقيام بالتوجيه والارشاد وإن كان لتلك الخبرات فضل فهو أنها زادت من تماسك الشباب والتفافهم حول بعضهم ذلك أنه لم تكن " تلك الخبرات " في المستوى المطلوب من حيث الرسوخ والخبرة والثقافة .
                    ومع أواخر الستينيات بدأت الدولة في الالتفات قليلا نحو المسرح وشؤونه فقدمت المساعدات البسيطة ورخصت لعدد من الفرق وأنشأت بعض الادارات المتخصصة ثم أنشأت فرقا حكومية في كل من طرابلس ومصراته وبنغازي ودرنه وأخيراً اجدابيا وأقيم أول مهرجان وطني مسرحي عام1972 م ثم ظهرت بوادر الاهتمام والرغبة الصادقة بين العاملين في المسرح وظهرت مسرحيات جيدة الاخراج والتمثيل بعدها كان انشاء هيئة المسرح التي علقت عليها اوطار كبار ولكنها لا تزال تعاني من كثير من النواقص وقلة الامكانات أنني أرى أنه إذا أريد للمسرح أن يقف على قدميه ويحقق الغاية من وجوده فلابد من أن ينظر إليه نظرة جادة نظرة تحمله للاندفاع بقوة نحو الافضل دائما ولا يمكن للمسرح أن يحقق شيئاً " بالمسكنات " التي نعالجه بها الآن بل الواجب أن يكون العلاج جذريا بانشاء المعاهد المتخصصة على غرار معهد جمال الدين في كل أنحاء الجمهورية (فروع) بارسال البعثات للخارج بحفز الكتاب ودفعهم للانتاج والعطاء بانشاء دور العرض الجيدة بتوفير الامكانات الفنية بخلق جو التنافس الشريف بين الفرق " حكومية وأهلية " وأنني لأتمنى أن تبرز لحيز الوجود فكرة على مستوى الجمهورية منتخبة من عناصر ممتازة من كافة الفرق تعسكر في مكان ما وتجري تجاربها ثم تقدم عروضها داخل وخارج الجمهورية وهي التي يجب أن تمثلنا حينئذ في المهرجانات العربية والدولية .
                    ان الحديث طويل حول المسرح ومتشعب وأرجو أن تتاح لي فرصة أخرى للكتابة بشيء من التركيز والتمحيص في مختلف الشؤون .

                    تعليق


                    • #70

                      الفنان بشير عريبي ..
                      إعداد / مختار الأسود
                      الفنان (بشير عريبي) احد المبدعين الذين أعطوا لفن المسرح الكثير كما ساهم في مسيرته بعطاءات هامة كممثل بارع شد انتباه المشاهدين بأدائه وتعبيره وصدقه وإحساسه.
                      (بشير عريبي) من طلبة مدرسة (الفنون والصنائع الإسلامية) درس على يد الشيخ (علي سيالة) و(علي البكباك) وواصل تعليمه حتى تخرج من المدرسة الإسلامية العليا عمل مترجماً قانونياً للغة الإيطالية بالمحاكم ثم موضفاً (بالارشيف) المحفوظات ببلدية طرابلس وظل بهذا المجال حتى أصبح مديراً له.
                      كان مهتماً بفن المسرح وتاريخه وساعده قسم محفوظات (ارشيف) البلدية على ذلك كان مديراً للفرقة الوطنية للتمثيل في تأسيسها الثاني في الأربعينيات وفي تأسيسها الثالث عام ١٩٥٦ مسيحي.
                      اشتهر بتمثيله لدور المرأة في غياب العنصر النسائي وقد أدى دور المرأة في العديد من المسرحيات وكان مجيداً ومقنعاً في أدائه لدور المرأة.
                      في عام ١٩٤٥ مسيحي مثل دور الأم في مسرحية (القادسية) التي أخرجها الدكتور (مصطفى العجيلي) ومثل فيها إلى جانبه (مختار الأسود) و(إبراهيم الفلاح) و(الصادق أبوهدره) و(علي القريتلي).
                      في عام ١٩٥٦ مسيحي مثل (بشير عريبي) دور المرأة في مسرحية (طيش الشباب) تأليف وإخراج (محمد حمدي) وقد شارك بالتمثيل في هذه المسرحية (إبراهيم المقهور) و(محمد عزيز) و(حسن يوسف الشربيني) وقد عرضت هذه المسرحية بدار عرض الغزالة كما عرضت في مدينة الزاوية وقد كتب عن هذه المسرحية الأديب (علي مصطفى المصراتي) في جريدة (طرابلس الغرب) يقول : "نحجت المسرحية فنياً ولم تنجح مادياً".
                      في عام ١٩٦٠ مسيحي شارك الفنان (بشير عريبي) في تمثيل مسرحية (طريق الشيطان) تأليف وإخراج (محمد حمدي) ولكن هذه المرة ليس في دور امرأة بل في دور تاجر.
                      وفي هذه المسرحية ظهرت الفنانة المسرحية المعروفة (حميدة الخوجة) لأول مرة على خشبة المسرح بعد ذلك مثل في مسرحية (ثمن الحرية) التي كتبها الأستاذ (عبدالمنعم دياب) وهي مسرحية تحكي كفاح الشعب الجزائري وقد عرضت في مسرحي (الغزالة) و(الحمراء) سابقاً (الخضراء) الآن في ١٦-٣-١٩٦١ مسيحي.
                      وبعد ذلك مثل في مسرحية (يا ندايمي) دور قاضي محكمة شرعية وهي المسرحية التي ألفها وأخرجها الفنان (مختار الأسود).
                      ثم مسرحية (خليها في سرّك) والفنان (بشير عريبي) كان يمتاز بالطيبة ومساندة زملائه الفنانين وكان كريماً دقيقاً في مواعيده يداوم على حضور العروض المسرحية مشجعاً للفنانين.
                      ساند الشعب العربي الليبي الثورة الجزائرية مساندة كبيرة وبذل كل ما في وسعه من أجل انتصار هذه الثورة ومن أجل أن تشرق شمس الحرية على سماء الجزائر وقد طالت هذه المساندة مختلف المجالات وكان الفن أحد هذه المجالات حفلات فنية كثيرة وكثيرة عروض مسرحية عديدة لجمع التبرعات لصالح الثورة الجزائرية.
                      ألف كتاب (الفن والمسرح في ليبيا) نشرته له (الدار العربية للكتاب) ويعد هذا الكتاب وثيقة هامة من وثائق المسرح الليبي.
                      توفى الفنان (بشير عريبي) الذي ولد عام ١٩٢٢ مسيحي يوم الاثنين ٢٧-٤-١٩٩٢ مسيحي.


                      تعليق


                      • #71
                        مصطفى الأمير وإبراهيم بن عامر
                        يحكيان قصة المسرح قصة المسرح في ج. ع. ل
                        حوار / محمد بالحاج
                        من خلال اللقائين اللذين أجرتهما المجلة مع المخرج والكاتب المسرحي العربي الليبي "مصطفى الأمير" والممثل المخضرم "إبراهيم بن عامر" تمكنا إلى حد كبير من أن نرصد حركة المسرح العربي الليبي وتطوراته التي بدأت منذ أربعين عاماً تقريباً، الأمر الذي يتضح منه أن الحركة المسرحية في ج.ع.ل لم تكن معزولة عن الحركات المسرحية في العالم بشكل عام، وفي الوطن العربي بشكل خاص، والأمل كبير في أن تنشط الحركة المسرحية وأن تؤتى ثمارها في ظل ثورة الفاتح من سبتمبر التي أعطت للفن والفنانين الدعم والإمكانات التي تمكنها من أن تلعب دورها التثقيفي على المستوى المحلي والقومي.
                        * المسرح في ج. ع. ل
                        يقول مصطفى الأمير:
                        يمكن تقسيم المسيرة المسرحية في ج. ع. ل إلى ثلاث مراحل:
                        الأولى: مع احتلال الإيطاليين الفاشست لأرضنا.
                        والثانية: مع بداية ظهور الفرق المسرحية الأهلية.
                        والثالثة: مع قيام ثورة الفاتح من سبتمبر وصولاً إلى تاريخ إنشاء أول نقابة للفنانين في ج. ع. ل.
                        * "المرحلة الأولى":
                        لقد كانت فرقة طلائع خريجي الفنون والصنائع هي النواة الأولى في طرابلس، غير أنه كثيراً ما نما إلى علمي أن مجموعات من الشباب المثقف كانت تجتمع من حين إلى آخر، وبعد أن يقع اختيارهم على أحد النصوص كانوا يقومون بتقديمه، وكثيراً ما يلاقون المصادرة من سلطات الاستعمار الإيطالي لما كانوا يقدمونه من مسرحيات وطنية مثل (صلاح الدين الأيوبي) و(معركة اليرموك) الأمر الذي أدى إلى عدم مواصلتهم العمل في هذا المجال وبالتالي كان من الصعب التعرف على الأسماء المنضمة لتلك المجموعات المثقفة خاصة وأنها لم تكن فرقا مسرحية بالمعنى المعروف.. سبب آخر في عدم ذيوع أسماء هؤلاء كرواد للمسرح الليبي أنهم لم يستعملوا أسماءهم الحقيقية حيث كان من المستهجن اجتماعياً أن يشتهر أحد بالتمثيل أو الغناء في ذلك الوقت.
                        * فرقة الفنون والصنائع:
                        لهذا فإن فرقة الفنون والصنائع تعتبر النواة الحقيقية لقيام المسرح الليبي وقد قدمت الفرقة عدداً لا بأس به من الروايات والاسكتشات وقد أسهم في هذه العروض فنان مصري كبير حضر من القاهرة وكان برفقته فتاتان.. وقد ظلت الفرقة تقدم عروضها المسرحية منذ عام 1936 حتى عام 1939م حيث بدأت الحرب العالمية الثانية:

                        تعليق


                        • #72
                          * فرقة نادي العمال:
                          ظهرت الفرقة إلى الوجود حوالي عام 1940م وقد ركزت اهتمامها على "الكوميديا" والعروض الفنية إذ كان لديها فرقة موسيقية ثابتة وهي فرقة "إذاعة ماركوني" في ذلك الوقت، والجدير بالذكر أن معظم أعضاء الفرقة الموسيقية كانوا من خريجي مكتب الفنون والصنائع، وقد استمر نشاط فرقة نادي العمال حتى عام 1947م حيث حدث انشقاق داخل مجلس إدارة النادي مما دعا إلى حله، وبما أني كنت أحد أعضائه فقد غادرته إلى نادي الشباب وذلك بعد أن قدمت على خشبة مسرحه _أي مسرح العمال_العديد من الفكاهة الهادفة التي كانت بداية لحياتي في عالم الفن والمسرح.
                          * فرقة نادي الشباب:
                          كان النادي يقع بباب البحر وكان نادياً رياضياً صرفا إلا أنه أثناء فترة التحاقي به تقرر دمجه في نادي النهضة وتكون منهما "نادي الاتحاد" الذي ضم خيرة الشباب.. ومنذ تاريخ تكوينه وتكوين فرقة مسرحية خاصة به، شاهد جمهور طرابلس عروضاً عديدة لا أعتقد أن من شاهدها بإمكانه أن ينسى الجهد الذي بذل من أجل الوصول بها إلى المستوى الرفيع من الأداء والاخراج في ذلك العهد، لقد كان مدير الفرقة عمر الباروني ومن أعضائها فؤاد الكعبازي وكمال سعيد ونجاتي السراج وأبناء الشكشوكي..
                          * ومن أهم المسرحيات التي قدمتها الفرقة:
                          ليبيا سنة 2000 - طارق بن زياد - وقد شاهد المسرحية الاخيرة ما يزيد على 3500 متفرج واشتراك في تمثيل المسرحية 80 ممثلًا.

                          تعليق


                          • #73
                            * فرقة نادي النهضة:
                            وقد كانت بدايتها مع فرقة نادي العمال تقريباً وقد ركزت اهتمامها على المسرحيات التاريخية مثل مسرحية (روح الجهاد في الإسلام) إلا أنها بالرغم من ذلك قد حافظت على العادة التي كانت متبعة في ذلك العهد، وهي تقديم فصل فكاهي عقب نهاية كل عرض، وقد كان (خليفة ماعونة) و(ظافر حورية) بطلي هذا الفاصل.
                            * المرحلة الثانية:
                            بدأت هذه المرحلة بظهور الفرقة الاهلية ولعل أهمها الفرقة القومية التي تأسست عام 1951 وانضم إلى هذه الفرقة عند تأسيسها أكثر الشباب قدرة في هذا المجال ومن أولى الاعمال التي قدمتها كانت مسرحيات (الدنيا ساعة بساعة - نكران واعتراف - الوارث) وكلها من تأليف وإخراج سعيد السراج وقد كان مقر الفرقة آنذاك بسوق الترك وكانت الفرقة تصنع المناظر من أكياس الاسمنت ويمكننا القول إن مؤسسي الفرقة القومية هم:
                            - البهلول الدهماني.
                            - شعبان القبلاوي.
                            - إدريس الشغيوي.
                            - سعيد السراج.
                            - نوري المغربي.
                            - عبد السلام العجيلي.
                            ومع أول انتخابات حدثت بالفرقة انتخبت (أي مصطفى الامير) مديراً لها ولا أزال أحمل تبعة هذا المنصب في الفرقة منذ ذلك التاريخ حتى الآن.
                            وفي هذه الفترة ظهر الكثير من الفرق واختفى الكثير منها أيضاً.. ومن الفرق التي ظهرت في عالم المسرح في تلك الفترة:
                            - فرقة الجيل الصاعد.
                            - فرقة الأمل.
                            - الفرقة الوطنية.
                            -
                            فرقة النهضة المسرحية.
                            - فرقة الأنوار.
                            - فرقة المسرح الليبي.
                            أما أسباب اختفاء بعض الفرق أو الكثير منها فهو يرجع إلى:
                            الاول: الإمكانات المادية.
                            الثاني : العروض الهزيلة التي كانت تقدمها بعض هذه الفرق على عكس ما تعوده الجمهور من فرقة نادي الاتحاد.
                            ويتحدث (مصطفى الامير) عن تجربته في الفرقة القومية فيقول:
                            (بدأت تجربتي مع الفرقة منذ خمسة وعشرين عاماً وقد مرت الفرقة بالعديد من الازمات ولكنها لم تيأس.. ولم تفشل، والدليل على ذلك استمرار وجودها حتى هذه اللحظة وقد ناضلت الفرقة حتى تم لها بناء قاعة للمسرح (يوجد مكانها الآن جناح ج.ع.ل في أرض المعرض) ولا يمكن تصور العناء الذي لاقيناه في جمع التبرعات ومراجعة الدوائر الحكومية من أجل الحصول على مقر لقد نقل من مجرد دكان إلى مسرح حقيقي وقد قدمت الفرقة منذ قيامها ما يزيد على 36 مسرحية منها 8 مسرحيات عالمية والبقية من تأليفي وإحياناً من تأليف شرف الدين.
                            المرحلة الثالثة:
                            وتبدأ هذه المرحلة بقيام ثورة الفاتح من سبتمبر وأهم السمات المميزة لهذه الفترة:
                            * تكوين الهيئة العامة للمسرح.
                            * إنشاء نقابة الفنانين.
                            وقد قامت الهيئة بتجربة دمج الفرق الذي تفاءلنا به في البداية اعتقاداً منا بأن لدى الهيئة العامة للمسرح فكرة رائعة لا ندركها من وراء القرار ولكن تجربة دمج الفرق قد فشلت فقد ولدت هيئة المسرح وتقوقعت على نفسها داخل الملفات والاوراق والمكاتب وقد كان من الممكن للهيئة أن تلعب دوراً أساسه دراسة واقعية لحقيقة الحركة المسرحية في بلادنا هذا بالاضافة إلى أنها ركزت جل اهتمامها على الفنون الشعبية مما جعل حذف كلمة المسرح من اسمها شيئاً طبيعياً وما لم يوجد مخطط شامل للعمل المسرحي فسيظل الفشل ملازماً لأي نشاط كما أنني أدعو إلى إنشاء معهد عالٍ للتمثيل يعامل خريجوه على قدم المساواة مع خريجي المعاهد العليا والكليات.
                            * القرارات لا تصنع مسرحاً:
                            لقد كانت تجربة دمج الفرق تجربة فاشلة اتخذ فيها قرار غير مدروس من هيئة المسرح وقد أعطاها القرار الحق في الاستيلاء على مقار الفرق وأثاثاتها وتغيير أسمائها بل ونقل أعضائها دون أن يكون من وراء ذلك خطة لتنظيم الحركة المسرحية أو متابعتها والاهتمام بها.. وقد أدى ذلك إلى انسحاب الكثير من القدرات الفنية، وباختصار فإن القرارات لا تصنع مسرحاً والدليل على ذلك أنه تم حل الفرق المندمجة بعد سنتين من فشل التجربة.
                            * فرقة المسرح الوطني:
                            فرقة متفرغة تصرف لها مرتبات من الدولة وللاسف فإن عملها يكاد يكون موسمياً يبدأ في الخريف وينتهي مع بداية الصيف حيث يجب أن يقام مهرجان سواء أكان على مستوى الجمهورية أو الوطن العربي.
                            إن المسرح الوطني مسؤول عن عدم وجود مسرح يعمل باستمرار.. طوال أيام العام.. حتى لو اضطره إلى تقديم عروضه للمقاعد.. ومع ذلك.. فإن الأعمال التي قدمها منذ انشائه -على قلتها- كان معظمها رائعاً وناجحاً.
                            * نقابة المعلمين:
                            وهي من العلامات المميزة لفترة الثورة، فقد تكونت في نهاية عام 1976م، وقد انتخبت فيها نقيباً للمخرجين المسرحيين، ولا أملك إلا أن أقول أن هذا الحدث قد انتظره الفنان الليبي طوال عمره، وتقع على هذه النقابة مسؤولية الخروج بالحركة الفنية من حالة الركود التي تعانيها، وعلى كل فنان عضو بها أن يبذل كل جهوده في هذا الشأن.
                            إن تكوين نقابة الفنانين مفخرة من مفاخر ثورة الفاتح العظيمة التي أرادت للفن أن يأخذ مكانه الطبيعي في مجتمعنا.
                            وفي حديثنا مع "إبراهيم بن عامر" تتضح أبعاد وتطورات الحركة المسرحية في "بنغازي"، فقد عاشت الحركة المسرحية في بنغازي حياة نشطة منذ عام 1939م حتى يومنا هذا والتاريخ للحركة المسرحية في ج.ع.ل لا ينفصل بأي حال عن الحركة المسرحية التي اتسعت رقعتها في "بنغازي".
                            بدأت أول فرقة مسرحية في بنغازي عام 1936م وكان مؤسسها رجب البكوش، وقد كانت بداية حياتي المسرحية مع هذه الفرقة أنا و"حسن فليفلة" الذي عمل مدرباً بالفرقة ومخرجاً لها.. والغريب أننا في ذلك الوقت لم نكن نملك مسرحاً وكنا نقدم العروض على شاطئ البحر ولهذا اتخذت الفرقة اسم (فرقة الشاطئ). وعندما حضرت المهرجان المسرحي في دمشق دار حول مسرحية قدمتها إحدى الفرق اللبنانية بدون خشبة مسرح وبدون مناظر وهم يسمون هذا النوع من المسارح (المسرح التجريدي) وقد قلت في هذا المهرجان بأننا قد سبقناكم حيث قدمنا هذه التجربة في بنغازي عام 1936. وليس غريباً أن قمنا بهذه التجربة بطريقة عفوية مما يؤكد صدق الإحساس الفني لدى الليبيين. فقد شهدت ليبيا ازدهاراً مسرحياً يرجع إلى عصور قديمة تعلن عنها آثار الفينيقيين والرومان والإغريق وهم خير شاهد على ذلك.
                            وبالإضافة إلى نقص الإمكانات المادية التي كانت الفرقة تعانيها، فقد كنا نتحايل لتفادي الاصطدام بسلطة الاستعمار الإيطالي الذي كان يحارب اللغة العربية إذ كان يحارب أي نشاط فني، بل كان يحارب اللغة العربية إذ لم يكن بالإمكان أن تزيد حصة اللغة العربية في المدارس عن ساعة واحدة في الأسبوع.
                            وقد كان أول مسرحية اشترك في تقديمها مسرحية (راعي الغنم) وتتلخص في أن الذئب يظل دوماً في انتظار أن ينام الراعي لكي يفترس أغنامه، وقد كنا نرمز به إلى الاستعمار الإيطالي الذي اكتشف بالفعل ما يمكن أن تثيره هذه المسرحية من انفعالات لدى الجمهور فسارع إلى مطاردة الفرقة ومنعها من عرض المسرحية.

                            تعليق


                            • #74
                              الاستعمار الإيطالي والمسرح:
                              إن أول شيء أقدم الاستعمار الإيطالي على إنشائه هو الملاهي، وقد أنشأ بعض دور العرض ولكن ليس لغير الإيطاليين ولم يكن لليبي الحق في ارتياد هذه الدور، وقد أسهم هذا في بعث الحماس فينا، فاغتنمت الفرصة وكونت فرقة مسرحية من بعض العناصر الشابة وعملت بها مديراً ومخرجاً ومؤلفاً، وبهذا أصبح عدد الفرق اثنين، وقد سمح الإيطاليون لنا بالعمل، وقد اكتشفنا أنهم يقصدون أن تتصارع الفرقتان ويدب الخلاف بينهما الأمر الذي يعطيهم الحق في حلهما حينما تسنح الفرصة بذلك، ولكننا خدعناهم، فقد كنا في الظاهر منفصلين، ولكننا في الحقيقة كنا متفاهمين فيما بيننا تماماً.
                              ومن المسرحيات التي قدمت مسرحية (اللحظات الأخيرة من حياة سكير) وهي من تأليفي وكنت استهدف بها محاربة تعاطي الخمور التي كان الاستعمار الإيطالي يعمد إلى نشرها.
                              وكانت (قاتل أخيه) هي المسرحية الثانية التي تعمل على مناهضة أفكار الاستعمار وأهدافه في بث الفرقة بين أبناء الوطن الواحد.
                              وكنا إلى جانب ذلك نقدم أشعار "رفيق المهدوي" الوطنية بعد أن نقوم بتلحينها وتقديمها على خشبة المسرح مع نهاية كل عرض، ولم يدرك الاستعمار ما كانت تحويه تلك الأشعار من حماس ومشاعر وطنية.
                              * مسرحية في درنة:
                              وفي هذه الأثناء، قامت أول فرقة مسرحية في درنة، وقد أسسها "محمد عبد الهادي" وعمل معه "أنور الطرابلسي" ولكن النشاط المسرحي بها ظل ضعيفاً ربما لأن الشعر قد بدأ يحتل مركزاً رئيساً، بدأ في المبارزات الشعرية العديدة التي كان فرسانها:

                              - أحمد رفيق المهدوي.
                              - إبراهيم الأسطى عمر.
                              - محمد عبد القادر الحصادي.
                              - أحمد الشارف.
                              أما الدعاية للمسرح فقد كانت فريدة في نوعها فقد كان يقوم بها (الفرجاني بن حريس) الذي لعب دوراً مهماً في الحركة المسرحية في بنغازي فقد كان يذهب إلى ميدان الحدادة وإلى سور المدينة ومداخلها منادياً ومعلناً عن العرض المسرحي، لقد كان الفرجاني أحدث وسيلة للإعلان عن المسرح في ذلك الوقت.
                              * المسرح المرتجل بداية المسرح في ليبيا:
                              يقول "إبراهيم بن عامر" في معرض الحديث عن بدايات المسرح الليبي أنه بدأ يقدم عروضه ارتجالياً دون نص مكتوب ودون حفظ للحوار، ثم تطور بعد ذلك إلي حفظ الحوار إلي أن وصل إلي مرحلة التأليف المسرحي بمعناه الحديث وقد وصلنا اليوم إلى نوع من المسرح أسميناه (مسرح المعركة) وهو يقدم عروضه في ميادين المعسكرات بدون خشبة مسرح وبدون مناظر.
                              العروض المسرحية التي قدمت في بنغازي من عام 1936م- حتى 1950م:
                              1- الوفاء العربي.
                              2- قاتل أخيه.
                              3-فرج الزواق.
                              4- راعي الغنم.
                              5- اللحظات الأخيرة من حياة سكير.
                              6- الملاكم الشفوي.
                              7- الملح على الطاولة.
                              8- الحب والحيلة.
                              9- طرح الزرده.
                              10- البخيل.
                              11- الأعمى والمقعد.
                              12- سيدي الرفيق.
                              13- هارون الرشيد.
                              14- الأمين والمأمون.
                              15- أميرة الأندلس.
                              محمد بالحاج
                              ج. ع. ل

                              تعليق


                              • #75

                                المسرحي شعبان القبلاوي.." خير المسارح ما كان مدرسة للناس "
                                بقلم / محمد بنور

                                -إذا كان المسرح العربي أنجب العديد من عمالقته،.فلابد أن نذكر أن أحدهم هو الفنان الليبي القدير شعبان القبلاوي الذي يعتبر أحد هؤلاء العمالقة،بعد أن انطلق مسرحياً سنة 1946م من خلال النشاط المدرسي في أول مدرسة ثانوية تم افتتاحها بمدينة طرابلس،بعد فترة الحرب العالمية الثانية حينما شارك في مسرحية"الأمين والمأمون"تأليف وإخراج محمد بن مسعود وكذلك مسرحية "حذق الطبيب"بعدها واصل القبلاوي رحلته مع المسرح فالتحق بعدد من الفرق الأهلية،كانت البداية مع فرقة نادي الاتحاد الرياضي الثقافي الاجتماعي،وفرقة الإخاء المسرحي وأخيراً اختار الفرقة القومية للتمثيل كمحطة نهائية في تنقله بين الفرق واستقر بها إلى وقتنا هذا رغم ابتعاده عن المسرح في السنوات الأخيرة..

                                "المسرح القومي"الوطني حالياً"وأول مشاركة خارجية
                                -عين الفنان شعبان القبلاوي بفرقة المسرح القومي"الوطني حالياً"بحكم وظيفته بقطاع الإعلام في تلك الفترة،بعد أن قام بتأسيسها مع نخبة من المسرحيين الليبيين كما تم اختياره ضمن اللجنة الفنية التي تم تشكيلها في ذلك الوقت من أجل تأسيس فرقة المسرح القومي وفي مختلف المدن الليبية،كان أول من حقق مشاركة مسرحية ليبية ناجحة بالمهرجانات المسرحية العربية فكانت البداية من خلال مهرجان قرطاج للفنون المسرحية فقدم ضمن فعالياته العرض المسرحي "حسناء قورينا"هو العرض الذي أبهر عشاق المغرب العربي لما تميز به العرض من إبداع مسرحي ليبي..وكانت قد قدمته فرقة المسرح الوطني بطرابلس..

                                "أبرز الأعمال المسرحية"
                                -عرفه جمهور المسرح من خلال أبرز أعماله المسرحية المتمثلة في "جناب المفتش،مايصح إلا الصحيح،الزير سالم،شكسبير في ليبيا،حسان وهذه الأخيرة هي المحطة التي توقف بعدها عن الوقوف على خشبة المسرح والتي قدمتها فرقة المسرح الوطني بطرابلس سنة 2000م.
                                وقد حفلت رحلته الفنية بالعديد من الأعمال المسرحية التي كان قد بدأها في العام 1946،ولتاريخه الفني الحافل بالأعمال الفنية وقدرته الإبداعية في تقمص الشخصيات اختاره الكثير من المخرجين العرب والليبيين وساهم معهم في تقديم وظهور عدد من الأعمال الفنية المختلفة والمتنوعة..

                                "خير المسارح"
                                -وعن المسرح دائماً يقول بأنه أنواع وخير المسارح ماكان مدرسة للناس،لقد اكتسب من خلال تجاربه في الأعمال الفنية العربية خبرة كبيرة،عرف من خلالها الكثير والكثير في مجال الفنون والإبداع.

                                "ابتعاد وعودة وابتعاد.."
                                -ابتعد عن المسرح لفترة رأى أن تكون فيها وقفة تأمل ومحاسبة إذ هي ضرورية من وقت لآخر،وبعد رحلة طويلة من التألق رجع لبيته الثاني "المسرح"عشقه الأول والأخير بعد أن تم تكليفه مديراً عاماً لفرقة المسرح الوطني بطرابلس مع بداية العام 2001،ولفترة قصيرة لم تكن كافية لتقديم الجديد،ابتعد من جديد وبإرادته لأنه يرى أن الفنان لايكون فوق كرسي الإدارة بل على خشبة المسرح،ليقدم الفن الإبداعي ماهو جديد ومفيد،ورغم ابتعاده عن المسرح إلا أنه يحن إليه كثيراً من خلال وجوده المستمر في العروض المسرحية والمهرجانات الموسمية كلما حانت الفرصة لذلك..

                                تعليق

                                يعمل...
                                X