كتب: نوري عبد الدائم أبو عيسى.ليبيا:مئة عام من المسرح هكذا تكلم المسرحيون 1908 - 2008

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • #46

    فؤاد الكعبازي
    سيرة القنديل أو ذاكرة الإبداع البكر
    حوار / نوري عبدالدايم

    على مدى ستة أيام متقطعة حرص الأستاذ " فؤاد الكعبازي " كما حرصت على أن تترك الذاكرة تقودنا الى سرد حر مفتوح لأن الذاكرة كما يقول أشبه بالفقاقيع إذا أطلقت واحدة تيقظت الأخريات " فكانت تداعيات سرده أشبه ببناء روايات " ميلان كونديرا" في إنتقاله الزماني والمكاني والعودة اليهما . لم تفارقه ذكريات طفولته فنراها نقية صافية على غير ذكرياته في فترة الأربعينيات والخمسينيات التي يتعذّر عليه رصد تواريخها وأسماء أعلامها تاركاً لي مهمة التـأكد منها من المراجع أوشهود عصرها للأمانة . هنا أختص بنشر مادار بيننا من حوار حول المسرح وأعلامه الرواد .
    * :- عندما تأسس " نادي العمال " سنة " 1944 م " برئاسة " احمد قنابة " وعضوية د. مصطفى العجيلي " نائباً للرئيس " و " محمد محمد قنابة " أميناً للصندوق . قمت بتصميم شعار النادي ، بالإضافة الى نشاطك كرياضي ومصمم مناظر "1 " .
    د . الكعبازي :- كان أغلب رواد " نادي العمال " من خريجي " مدرسة الفنون والصنائع " وكان رواده " مصطفى العجيلي ، والهادي المشيرقي ، ومحمد قنابة ، واحمد قنابة ، ومحمد حمدي ، وأحمد البيزنطي ، عبدالمجيد النعاس ، والصديق حواص ، وسالم التلتي ، وعمر حدود ، سالم كمال ، وأحمد الحصايري ، _ تحر على الأسماء فذاكرتي لاتستطيع استحضارهم كلهم _ والتحق أخيراً " مصطفى الأمير " كان يضم موسيقيين و ملاكمين وأدباء وعمال ... كان مقرّنا في " حوش قنابة " بشارع " سيدي درغوت " وهو عبارة عن منزل عربي يحتوي على استراحات . صممنا فيه حلبة للملاكمة ومصطبة للتمثيل في صالة بمساحة ( 12×12 متر) قمت بهذا العمل صحبة " علي فتحي المحمودي " من مناظر ونجارة.... يضم هذا المقر إستراحات صيفية وصالة للشتاء ، تركنا في خلفية الركح مسافة 30 سم على الحائط لضرورات التنكر وتغيير الملابس " كواليس " و لم يترك مكاناً للملقن الذي يعد ضرورة من ضرورات فن التمثيل في ذلك الوقت ، فكان بدوره يحفظ جميع الأدوار ويتنقل حسب حركة الممثل . كان أيضاً " مصطفى العجيلي " و محمد حمدي" يمتلكون القدرة على الحفظ .... روح التعاون هي المبداء الذي اعتمدناه في هذا النادي ... كانت تجلب المقاعد من المقاهي بعدما تقفل أبوابها . وتكفلت أنا بالستائر من بيت والدي وإرجاعها للبيت بعد العرض . منهم من تكفل بمد الإنارة . الملابس كان يتكفل بها الممثلين . كان " مصطفى العجيلي " يمتلك مقدرة نادرة على جمع التبرعات من الأسواق بمساعدة " محمد الكريكشي " . إضافة لدوري في المناظر والتنكر كنت مدرباً للتربية البدنية " الملاكمة ، المصارعة ، كرة القدم" . كما قدمت يوم الافتتاح عرضاً رياضياً "1" .... كنت قبلها منتسباً للنادي الأدبي والكشاف صحبة " مظفر رفعت " والد " حورية مظفر " ، و" مماد الامير" ، والد " مصطفى الأمير " . ولد " الكشاف " سنة 1934 م " قبل ميلاد " النادي الأدبي " كانت التدريبات _ أي الكشاف _ في " سيدي عمران " كما أسس " نادي العمال " تحت مظلة " النادي الادبي " الذي أفتتح امام " مكتب الفنون و الصنايع " أمام " فندق البدري " .
    *:- أخبرتني بأن والدك لم يذهب للعروض المسرحية إلا مرة واحدة عندما ألتزم أمام فرقة هواة درنة سنة 1936 م . كما لا يرغب في إنضمامك لأي فرقة مسرحية .
    د. الكعبازي :- كان " مصطفى العجيلي " يتمتع بعلاقة طيبة مع والدي الذي دعاه لحضور أحدى العروض التي أمثل فيها دور " عريس " يموت والده دون علمي . لم يرض أبي هذا الموقف و تشأم منه ولم يذكره سلباً أو إيجاباً . كانت ردة فعله الوحيدة إمتناعه عن الكتابة في مجلة " المرآة " التي يديرها " مصطفى العجيلي " أنتقل هذا الإحساس إلي من والدي ولم أعد التجربة بعد ذلك .
    *:- هذا أخر عرضاً لك كممثل ... كيف كانت البدايات ؟
    د . الكعبازي :- اول عرض أذكره كان مع الممثل " محمد حمدي " في دور " طبيب " كان باللهجة المصرية التي لم اكن أجيدها مثل " حمدي " و " حسن المصري " ، الأمر الذي جعل الجمهور يضحك من طريقة أدائي . واضحكت " حمدي " معي . كتبت الصحف " الممثل الذي أضحك " حمدي " .... تعلمت من حمدي فن التنكر والإخراج وطريقة صباغة الوجه . .... بعدها انتقلت فرقة " نادي العمال " الى مقر أخر "2" . شاركت في تأسيس " الفرقة العربية للتمثيل " 3 " مع نخبة من المثقفين أذكر منهم " محمد حبيب الله ، سالم كمال ، أحمد جميل ، عبدالسلام باش امام " مع الأستاذ " الطاهر الشريف " _ وهو شخصية وطنية _ أتفقنا مع " سالينوس " صاحب " الهمبراء " الذي خصص لنا صالة للتدريبات . كنت مسؤلاً فنياً في أغلب أعمال الفرقة وكان " سالم كمال " مديراً للإدارة المسرحية . كانت لغة الأعمال الفصحى البسيطة السلسة . قمت بإخراج مسرحية " أماه " من تأليف " الطاهر الشريف " تحكي سيرة ثلاث شخصيات " عمر الخيام ، ونظام الملك ، وحسن السفاح " وتربط بينهما " الأم " كنت أقوم برسم الشخصيات حسب تصوري وأقدمها للممثلين مع النسخة ، في أغلب أعمالي كنت أعتمد هذه الطريقة وأيضاً كنت أحاول أن أجرب الممثل في أغلب الأدوار . في أحد الأعمال أسندت دور " المحقق ل " لبيد الخضار " وأسندت للبيزنطي دور " بحار " مع كل تفاصيله بالوشم والأداء .. مع مخارج حروف الشخصية . ففي هذا العمل يمثل عاملاً وفي عمل أخر مديراً . ولتأثري بالسينما أدخلت الأداء الطبيعي للمسرح مستعيناً بناقل للصوت . مثلث في هذا العمل فتاة إيطالية مستوطنة ، كما قمنا بتنفيذ شلال تجري منه المياه بمساعدة الخلفية والإضاءة وتوزيع المياه من الحنفيات .... في أحد العروض قدمت الفرقة " لبيد لخضار " _ وهو شخصية محبة للفن ويتمتع بصوت جميل ويعشق أغاني " محمد عبدالوهاب "_ بالات عصرية اوركسترالية متكاملة غنى فيها قصيدة " أنشودة الفن " " 4 " .
    * :- كيف كانت أشكال الدعاية في ذلك الوقت ؟
    د. الكعبازي :- كان ينشر إعلانأ في صحيفة " طرابلس الغرب " مع ملصقات كبيرة تعلق أمام المسرح كان " محمد بطاطا " ينسخ منها عدة نسخ في مطبعة يملكها إيطالي . وأوراق صغيرة ملونة توزع يكتب عليها أسم العمل ومكانه وقيمة التذكرة . بقيت مع هذه الفرقة الى غاية ذهابي الى " بريطانيا " للدراسة .

    تعليق


    • #47
      - المصادر :-

      -"1"_ تصدرت الساحة حيث يقع مربع الملاكمة صورة كبيرة لشعار النادي قام بتصميمها ورسمها " فؤاد الكعبازي " .......... وانتهت الحفلة باستعراضات رياضبة سويدية قام بها المدرب الرياضي " فؤاد الكعبازي " والرياضي المسرحي " عمر جرمة " . المصدر / بشير محمد عريبي " الفن والمسرح في ليبيا " منشورات " الدار العربية للكتاب " ليبيا- تونس 1981 م .
      "2" _ سنة " 1945 م " انتقلت الفرقة الى " فندق النصر " أما " برج الساعة " بشارع سوق المشير كانت باكورة ‘إنتاجها " مساوي المال " تأليف " عبدالرزاق الطاهر البشتي " أخراج " د . مصطفى العجيلي " وأشرف على الإدارة الفنية " فؤاد الكعبازي " . المصدر السابق .
      " 3 " _ تأسست الفرقة العربية سنة " 1946 م " وكان بين روادها " الأديب الطاهر الشريف ، مظفر الامير وبشير عريبي " أهم أعمالها المسرحية " الأبرياء ، أماه ، العاقبة ، تاجر الجواهر " من تأليف الطاهر الشريف ، وفد ندبوا أستاذاً إيطالياً لتدريبهم على التمثيل وأستاذاً أخر للموسيقى . المصدر السابق .
      "4 " _ عقب عرض مسرحية " الأبرياء " تأليف واخراج " الطاهر الشريف " قدم " لبيد الخضار " " أنشودة الفن " وهي أحدث أغنية ل " محمد عبدالوهاب " رافقته في الأداء الفرقة الموسيقية الشرقية بقيادة " عثمان نجيم " وعزفت الفرقة الموسيقية عدة قطع غربية بقيادة المايسترو " باربا لونقا " . المصدر السابق .

      تعليق


      • #48
        الأزهر أبوبكر حميد
        متعة الكوميديا وجرأة الطرح
        بقلم/أحمد بشير عزيز

        الأزهر أبوبكر حميد كاتب فقدناه وفقدنا معه مبدع أعطي للحركة المسرحية وللإذاعتين المرئية والمسموعة في بلادنا الكثير والكثير.غادرنا في أوج عطائه وفي قمة نضجه الإبداعي.الأزهر أبوبكر حميد خيال خصب وقلم رشيق يمتاز بمقدرة ملفتة على اقتناص الفكرة واستثمار اللحظة وإدارة الحوار الدرامي بطريقة فيها من التلقائية والإنسيابية والروح الشعبية الشيء الكثير. فهو بالفعل كاتب شعبي من الطراز الرفيع.الروح المرحة ساعدته كثيراً وشقاوة الصحفي أفادته كثيراً وسؤال المعرفة الذي لأزمة أعانه كثيراً،في كتاباته جرأة وفي مسرحياته جرأة وفي تمثيلياته أيضاً جرأة فهو لايكترث بالقيود الاجتماعية ولا يعير أهمية للمجاملة ولا يتردد في الجهر بقناعاته حتى وأن خالفها البعض. هذا التكوين وضعه في سجال دائم وفي مناكفة مستمرة وفي حالة عدم رضي من الكثيرين وفي حالة أعجاب الكثيرين أيضاً وحقيقة الأمر أن الأزهر هكذا هو لايتصنع ولا يدعي وما يقتنع به لايتردد في فعله.
        الأزهر أبوبكر حميد كاتب غزير الإنتاج كتب أكثر من أربعين مسرحية وما يزيد عن المائة بين تمثلية ومسلسل ومسمع إذاعي إضافة إلى عدد من السهرات الدرامية والمسلسلات المرئية.
        عناوينه مثيرة وملفتة وكثيراً ما تكون جذابة من عناوين مسرحياته وزارة في السوق السوداء-إبليس كان هنا-السماسرة-شكسبير في ليبيا-نقابة الخنافس-ملحن في سوق الثلاث-حريم عمي المتصلول-الحب بالدينار-تحظمت الأصنام.
        حوارات الأزهر أبوبكر حميد ليس بها إطالة أو تمطيط وهو لايركز كثيراً على الديالوجات أو المنولوجات بل كثيراً ماكان يصنع نصه على أساس التراشق الحواري بين الشخصيات مما يعطيها مزيداً من الديناميكية والحيوية وهو عادة ما يدير بناءه الدرامي عبر مواجهات ساخنة في إطار كوميدي بهدف إظهار السلوكيات غير السوية وكشف الظواهر الاجتماعية السيئة..فالأزهر عندما يعري شخصياته فأنه يقوم بوظيفة مزدوجة فهو يضحكنا على تطرف الشخصيات من جهة ويجعلنا نسخر من هذا التطرف من جهة أخرى.الأزهر أبوبكر حميد بدون شك احد فرسان الكوميديا الاجتماعية في بلادنا واحد رواد المدرسة الواقعية.
        في أعماله ظهور واضح لكوميديا الموقف التي تعتمد على المهارة في بناء المفارقة الدرامية أكثر من اعتمادها على صياغة الحوار.وعادة مايثير بها قضايا اجتماعية شائكة تحتاج لجرأة الطرح وقدرة التناول.في مسرحياته لا وجود لشخصيات نمطية كما هو الحال في مسرح مصطفي الأمير وفرج قناو بل شخصياته المسرحية متجددة فهي معاندة مشاكسة متشبته متزمتة مهرجة متحررة مقهورة انتهازية نفعية مقتبسة من شرائح المجتمع المختلفة يستلها من تراكمات الواقع الاجتماعي يصوغها دراميا ويعتني بها إبداعياً وهو بذلك يركز في نصوصه على حركة عامة داخل المسرحية تستوعب شخصياته وتعطي لكل واحدة منها ما تحتاجه من فعل أو رد فعل وما تتطلبه من قوة أو ضعف وما يلزمها من انفعال أو تأثير.
        الأزهر أبوبكر حميد يتعامل مع الكوميديا من خلال مفهومها الواسع الذي هو ثورة على قيم قديمة وعلى مجتمع قديم وتفسير لرؤى عميقة في العلاقات الإنسانية.وهذا ما يجعل الكوميديا عنده فناً جاداً يرتكز على مفارقات ديالكنيكية جدلية تفضي إلى مضمون هادف وليس إلى مجرد التسلية أو التزجية.لقد سعي الأزهر وبمثابرة كبيرة إلى أن تكون له بصمته المتميزة في مجال كتابة النص الكوميدي وحرص في مسرحياته على أن ينفلت من دوائر الحياة الضيقة المسكونة بالحزن والفجيعة إلى دوائر أرحب كلها تفاؤل وأمل انطلاقاً من أن الحياة مدرسة كبيرة فيها كل الاحتمالات ولكن بالصدق والجرأة والعزيمة والصراحة والشفافية يمكن للحياة أن تكون جميلة رائعة.

        تعليق


        • #49

          شرف الدين .. حكاية مشوار (1)
          حوار / نوري عبدالدايم

          يستوقفنا مشوار الستين سنة الأخيرة في ذاكرة المسرح الليبي ، علم من أهم أعلامها وملامحها الحقيقية المتمثلة في رحلة الأستاذ " محمد شرف الدين" الفنية كرائد مؤسس مقترن برحلة رفيقه " مصطفى الأمير " . ف" شرف الدين " بحق يعتبر من المبدعين القلائل الذين لم يهجروا خشبة المسرح و" كواليسها " طيلة مشواره الإبداعي وإن هجرته الخشبات كما حدث في السنوات الأخيرة فلم يفارقه كرسي المتفرج و " ورشة المسرح الوطني / طرابلس " والدفاع عن مقر" الفرقة القومية" في الدوائر الرسمية بعدما تم تخصيصها كمسكن . كما لم يتوقف نشاطه ككاتب مسرحي لأعمال لم تر النور بعد. " شرف الدين " أو " عمي محمد " كما تعودنا أن نناديه متعدد العطاء ، فهو لم يكن ممثلاً مسرحياً فحسب بل إلى جانب هذا مارس الإخراج والتأليف المسرحي، وصمم المناظر للعديد من الأعمال المسرحية ، وهو رسام معماري وجيولوجي إضافة الى ريادته كرسام ساخر.
          * :- عمي محمد... السيرة طويلة ، ترى من أين نبدأ ؟
          شرف الدين :- نبدأ بحادثة لم تغادر ذاكرتي . بعدما " دخلت الكتّاب " في طفولتي المبكرة نقلني أخي مستمعاً إلى المدرسة الليبية الإيطالية التي كانت تديرها إدارة إيطالية مع وجود مدرسين ليبيين أذكر منهم " حسن البوصيري ، رجب أفندي ، حسونة جفارة " . تصادف وجودي في ذلك الوقت بزيارة " الدوتشي موسليني " الفاشي الى ليبيا ، الذي أجبرنا على استقباله بعدما ألبسونا ملابس محلية وصفّونا بمحاذاة " الكورنيش " واضعين أعلاماً فاشية لنلوح بها عند مرور موكب " الدوتشي " ونحن نصرخ بأسمه مع حركة أقدامنا. في هذه الأثناء سقط علم الطفل الذي يجاورني تحت أقدامي . استفز منظر العلم الفاشي المداس أحد المدرسين الطليان وكان من ذوي " القمصان السود " وعلى إثرها سجنني في المدرسة ثلاثة أيام بعدما تم إستدعاء والدي ، وأقيمت محكمة مصغرة في المدرسة يقودها مدير المدرسة . أفرج عني بعد ماتم توكيل محامي ايطالي مقيم للدفاع عني . كانت هذه آخر علاقتي بهذه المدرسة . أذكر هذه الحادثة . لأنها تمثل غطرسة النظام الفاشي السائد في ذلك الوقت .
          * :- باعتبارك فنانا متعدد الملكات، ممثلا ، مخرجا ، كاتبا مسرحيا ، رساما مع أي منها كانت بداياتك ؟
          شرف الدين : - بدايتي مع الرسم . عندما عدت إلى الكتّاب للمرة الثانية ، كان هناك تقليد في ذلك الوقت وهو الاحتفاء بالطالب الذي يختم جزء من القرآن الكريم فمن ضمن هذا التقليد، الرسم على لوح المحتفى به فكنت أنا الطالب الوحيد الذي يرسم هذه الزخارف ، وهي عبارة عن زخارف إسلامية أستقيها من المصاحف والسجاجيد وصور السير الشعبية كـ" عنترة ، وابي زيدالهلالي ، وسيف بن ذي يزن " فكنت أصنع الألوان التي أرسم بها ، فاللون الأخضر أستخرجه من الأعشاب ، والبني أستخرجه بغلْي الفول السوداني" الكاكاوية " في الماء، والأحمر أستخرجه من " الصبار الإيطالي " والفرشاة أصنعها من شعر الحيوان . فكانت مكافأتي مضاعفة عن بقية الطلبة التي كانت عبارة عن " حلوة شاكار، و فطيرة ، وشربات" .
          *:- متى تطورت هذه المعرفة بالألوان وعلى يد من ؟
          شرف الدين :- بدايتي عندما انضممت إلى " مدرسة الفنون والصنايع " بقسم الفخار في الفترة النهارية القسم الذي من خلاله تعرفت على مزج الألوان عن طريق الأستاذ الفنان " المهدي الشريف " كما تعلمت الرسم على الصحون والبلاط والكؤوس . أمضيت في هذه المدرسة سنتين إلى أن أغلقت جراء القنابل التي استهدفتها في الحرب العالمية الثانية ، في ذلك الوقت انتقلت مع الأسرة إلى مدينة " جنزور " إلى أن وضعت الحرب أوزارها .
          * :- هذه آخر علاقة لك بهذه المدرسة ؟
          شرف الدين :- نعم ... لم أعد إلى " مدرسة الفنون والصنائع " . فعندما فتحت المدارس سنة 1943 م انتقلت إلى مدرسة " الظهرة العربية " .... في هذه الفترة والتي تليها بدأت علاقتي بالسينما المصرية والتجسيد . فكنت أنا و" مصطفى زقيرة ، عبداللطيف الشريف أخ محمود الشريف المغني " نقلد ما نشاهده في دور العرض ، كما أقوم أنا برسم الشخصيات السينمائية على الجدران . في ذلك الوقت شاهدت شريط " ليلة ممطرة " ليوسف وهبي الذي عرض في قاعة عرض " الميرامار " إضافة إلى الأشرطة التي تعرض للجيش الثامن لمونتجمري في تلك القاعة وقاعة " الحمراء " .
          *:- هل هذا أول شريط شاهدته أي " ليلة ممطرة " ؟
          شرف الدين : - لا .... أول شريط شاهدتة اسمه " نادرة " سنة 36 في " السينما الصيفي " التي تقابل إذاعة الجماهيرية الآن بشارع الشط .
          *:- منذ نهاية الحرب العالمية الثانية كانت علاقتك بالمشاهدة والتقليد والرسم على الجدران - إلى متى استمرت هذه المرحلة ؟
          شرف الدين :- سنة 1945 م أثناء دراستي الثانوية قدمت أول دور لي في مسرحية " الأمين والمأمون " من تأليف وإخراج محمد بن مسعود . في نهاية سنة 47 م كنت صحبة مجموعة الأصدقاء الطلبة بمنزلنا الكائن ب" زاوية الدهماني " نتقصى أخبار فلسطين من المذياع ، أذكر منهم الشاعر " علي الرقيعي " والكاتب " كامل المقهور " و " محمد الزيات " ومحمد نقاء " و " محمود وإسماعيل الزمرلي " ، وعندما أبديت رغبتي في الذهاب إلى الجهاد، تكفل هؤلاء الأصدقاء بتكاليف الرحلة كل حسب إمكاناته . عندها استقللت شاحنة بضائع دون علم أسرتي . استغرقت الرحلة خمسة أيام إلى مدينة بنغازي التي كانت منتعشة اقتصادياً في ذلك الوقت ، قمت خلال هذه الرحلة بمهام مساعد سائق ، في بنغازي تكفلت " جمعية عمر المختار " بإيصالنا إلى مصر حيث تم تدريبنا .
          * :- " حاولت اختصار بعض تفاصيل الرحلة " .
          شرف الدين :- في منطقة " هاك ستيب " حيث تم تدريبنا كنت أغتنم فترات الراحة بالذهاب إلى القاهرة لأتعرف على أعمال " نجيب الريحاني" المسرحية وأعمال" يوسف وهبي" من خلال فرقة رمسيس ، كما شاهدت العديد من الأعمال السينمائية أذكر منها " رصاصة في القلب ، جوهرة ، العزيمة " .
          * :- كم المدة التي بقيتها في مصر ؟
          شرف الدين :- ثلاثة أشهر مدة الفترة التدريبية . ومنها نقلنا برعاية وفد من الجامعة العربية إلى ميناء بيروت من " مرسى مطروح " لننقل إلى معسكر " قطنا " قرب دمشق ، فتم اختياري رفقة متطوع " تونسي " ومتطوع " يمني " لدرايتنا بالسباحة لننقل إلى بحيرة " طبرية " من خلالها انطلقت عملياتنا الفدائية صحبة فدائيين فلسطينيين . ظلت هكذا الحال مدة ستة أشهر الى غاية الانقلاب على " حسني الزعيم " الذي انتهى بإعدامه . فخيرنا بين الجنسية السورية أوالعودة فكنت ضمن الذين اختاروا العودة .
          * :- في تلك الفترة المسرحي الليبي " صبري عياد" مقيم بالشام .
          شرف الدين :- لم أتعرف عليه ... خلال فترة راحتي التي تسمى ب" الماذونية " تبدأ من يوم الخميس إلى الجمعة ليلاً كنت أذهب إلى دار عرض بجوار" سوق الحامدية " لمشاهدة شريط روائي تليه بعض المشاهد المسرحية حسب برنامج القاعة .
          * :- كم المدة التي بقيتها منذ مغادرتك ليبيا ؟
          شرف الدين :- كانت المدة الكاملة سنتين . ... ويستمر المشوار ..

          تعليق


          • #50

            شرف الدين ...... حكاية مشوار (2)
            حوار / نوري عبدالدايم

            مسيرة مشواره الطويل توّجت بنيله للعديد من الأوسمة والدروع داخل ليبيا وخارجها لتكون شاهداً على ثراء سيرته الزاخرة بالأحداث والمواقف ، والحافلة بالإبداع . فقد " كرم في عيد العلم ، ومنح وسام الريادة ، ووسام الجهاد ، ودرع الريادة من الجامعة العربية ، كما كرم في مهرجان قرطاج الدولي من وزارة الثقافة التونسية" . .. ويستمر المشوار مع الفنان " محمد شرف الدين " لنوقظ من خلاله المهمل من صفحات ذاكرتنا الإبداعية .
            * :- " عمي محمد " توقفنا في بداية الخمسينيات عند عودتك الى ليبيا .
            شرف الدين :- وقتها سنحت لي الفرصة لتأسيس فرقة مسرحية باستغلال مستودع كبير مهجور من مخلفات الطليان في " زاوية الدهماني " بجانب " كوشة بوشاقور " الذي زودنا بالمياه . كنا مجموعة من الأصدقاء أذكر منهم الأخوة " عبداللطيف ، محمود ، و صبري الشريف ، محمد الزقوزي ،البسكيني ، وصالح الفزاني ، مصطفى زقيرة " و " ومحمد نجاح " الذي تولى مهمة التذاكر فيما بعد . لم نتمكن من الموافقة على تسميتها " رابطة شباب السعداوي " فغير الأسم ل " رابطة شباب المسرح " وأستقر أخيراً على " رابطة الشباب ".
            * :- تقصد محمود الشريف المطرب ؟!
            شرف الدين :- قبل أن يصبح مطرباً .... أنجزت الخشبة من بقايا مخلفات الحرب من الخشب ، والستارة من " الخيش " كما حاولنا ترتيب المكان حسب الممكن من مجهوداتنا والمساهمات الأهلية .. بداية قدمنا أعمالاً متواضعة وهي عبارة عن مشاهد تمثيلية تتخللها أغاني فكانت باكورة أعمالنا " خروف الضحية " معتمدين فيها على قدرة الممثل على الإرتجال فقد كانت أغلب أعمالنا تسير على هذا النحو .. تمت الدعاية بمجهود ذاتي قام به " محمد نجاح " المسؤول على التذاكر_ التي قيمتها (5 فرانكات ) _ والأعلان بالمرور على محلات الحياكة والحوانيت و " الطبارن " حيث يتم تعليق الملصقات التي كنت أصممها .
            * :- كم كان عدد الجمهور الذي يشاهد أعمالكم ؟
            شرف الدين :- يصل الى ثلاثمائة متفرج . ... الى أن تطور هذا المشروع الى نادي إجتماعي وظل ريع أعمالنا الفنية يذهب لصالح الرياضة " كرة القدم " تحديدا ً، الأمر الذي جعلنا نلغي إلتزامنا مع هذه الرابطة . وثم الإجتماع مجدداً في غرفة الجلوس بمنزلنا . هذه الأجتماعات أفرزت مسرحية " عاقبة مجرم " التي كتبتها مشاركة مع " محمد نجاح " .
            *:- هل هذه أول علاقة لكم بنص مكتوب ؟
            شرف الدين :- نعم ... هذه المحاولة الأولى لكتابة نص على ورق ... وتمت التدريبات في منزلنا الى غاية تجهيز العمل فتبنى تمويل العمل " أحمد بن يونس " الذي كان محباً للفن وحديث العهد بنصيبه في ميراث والده . فاتفقنا مع " سينما أوديون " _ الزهراء حالياً_ عن طريق " المشيرقي " الذي تربطه علاقة طيبة بصاحب القاعة وحدث الترتيب معه على عرض صباحي زهاء " الساعة العاشرة " . كان الحظور مطمئيناً ولكن غياب صاحب التذاكر شجع الجمهور الذي جمعناه ينطلق مع " الطرق الصوفية والزوايا " التي تجوب مدينة طرابلس في اليوم الأول للمولد النبوي الشريف ولم يتبق منهم سوى عشرة متفرجين وتم العرض لهؤلا العشرة .
            * :- من الجيل الذي سبقكم في الحركة المسرحية وما هي الفرق التي كانت في ذلك الوقت ؟
            شرف الدين :- كانت الفرقة الوطنية التي تأسست سنة 1936 م التي كان من أهم رموزها " أحمد البيزنطي " و " خليفة ماعونة " وكان الفنان الكوميدي " محمد حمدي " . المهم .. نعود للحكاية فبعد هذه النكسة أنحلت الفرقة وتفرقت المجموعة .
            *:- ........
            شرف الدين : - قدم لي " علي ندار " في بداية الواحد والخمسين عرض الانظمام الى فرقة " العهد الجديد" بعدما شاهد عرض مسرحية " عاقبة مجرم " . لأقوم بمهمات الديكور والملابس لمسرحية " فتح ليبيا ".
            * :- في هذه الفترة كنت تميل الى الجانب التقني ؟
            شرف الدين :- بالإضافة لهذا كنت ممثلاً في مسرحية " فتح ليبيا" . أريد الإشارة هنا بأني تعلمت المناظر على يد الأستاذ " فؤاد الكعبازي " في مسرحيتي " القاتل الأخير ، وطارق بن زياد " باللجنة الثقافية بنادي الإتحاد . .. مع هذه المسرحية _ فتح ليبيا_ تم انضمامي لهذه الفرقة التي كان ضمن أعضائها " عبدالسلام الجزيري " المعروف بسلام قدري و " بوحميرة " و " علي المشرقي " فقمت بتصميم المناظر التي كانت عبارة على مقطع من " السرايا الحمراء " بخلفية نخيل في المنظر الذي يوحي بمعسكر " عمرو بن العاص " الذي يقال بأنه عسكر في " سوق الجمعة " ب"العمروص "_ نسبة لهذا القائد كما يقال_ ، فأنتبه الدكتور التونسي " الكعاك " لهذه المغالطة _ حسب رأيه _ مشيرأ بأن النخيل دخل لليبيا بعد الفتح الإسلامي . كما صممت السيوف من حديد ربط البضايع " حديد شيركو " عن طريق حداد " يهودي " كان يمتلك ورشة حدادة .عرض هذا العمل في العديد من المناطق الليبية .
            *:- هل كنت شاهداً على تأسيس الفرقة القومية ؟
            شرف الدين :- نعم وقتها كنت عضواً فعّالاً في فرقة " العهد الجديد " .فكان تأسيسها بعد أن تم " لقاء شاي " بين فرقتي " العهد الجديد " و " رابطة المعلمين " بحضور كل من " شعبان القبلاوي ، رامي وسعيد السراج ، عبدالسلام الحلبي ، وعلي أبوخريص ، البهلول الدهماني ،محمد الفيتوري ، الصادق المصراتي ، البهلول الدهماني ، نوري المغربي ، إدريس الشغيوي ، كاظم نديم ، الطاهر العربي " و" محمد قنيدي " الذي أقترح تسمية " الفرقة القومية " .
            * :- مصطفى الأمير ؟!
            شرف الدين :- كان وقتها ب" نادي الإتحاد " يقدم برنامج مسموع في إذاعة النادي " النهار بعويناته والليل بوديناته " ثم التحق بنا سنة 1952م بعمل " الدنيا ساعة بساعة " المسرحية التي أتاحت لي فرصة أنطلاق بعدما تخلف " الطاهر العربي " بطل المسرحية عن التدريبات . وقتها " سعيد السراج " يعد عملاً أخر بعد مسرحية " الوارث " . من هنا كانت البداية مع الاستاذ مصطفى ، لأقدم معه العديد من البرامج المسموعة منها " عيشة وسليمان " التي تذاع في شهر رمضان موعد الإفطار .وقدمنا "اللي تضنه موسى يطلع فرعون " وتم تحويلها الى مسلسل مسموع اسمه " مكايد الشيخ حمدان" كانت المنافسة بيننا وبين الإذاعي " عبدو الطرابلسي" الذي كان يقدم أعمالاً تأسر جمهور المستمعين .ومنذ ذلك الزمن شكلت أنا و"الأمير" ثنائياً في الكتابة حيث تم خلق شخصية " شلندة " التي رافقتني في كثير من الأعمال . وهو عبارة عن فيلسوف شعبي ولسان حالهم ،حتى أن دوري في " حلم الجعانين " قدمته بشخصية " شلندة " على صغر الدور ولكني أثريته عن طريق الأرتجال .
            * :- حلم الجعانين قدمت مرتين على المسرح .
            شرف الدين :- عندما قدمت بإخراج " محمد القمودي " في المرة الثانية لم يدع لي مجالاً للإرتجال فلم تلاق إقبالاً كما لاقته في المرة الأولى .
            * :- ألا تراه مصيباً بشان محافظته على اللإلتزم بالنص ؟
            شرف الدين :- الحكاية ليست مسألة التزام بالنص .. انا بداية أتشرّب النص ، وأثناء العرض و بحكم علاقتي مع الجمهور أساهم بإضافة بعض الجمل التي تأتي عفوية في سياق العرض ، دونما الإخلال بفحوى النص ودونما إضاعة مفاتيح الجمل لزميلي الممثل المقابل . فالأرتجال مدروس وعن دراية بما يدور .
            *:- من الذي كان يقوم بالأدوار النسائية في تلك المرحلة ؟
            شرف الدين :- كان الأستاذ " مصطفى الأمير " يقوم بهذه الأدوار وأيضاً " بشير عريبي " .
            *:- الم يتم الإستعانة بأي عنصر نسائي ؟
            شرف الدين :- أستعنا بعاملات " دور الملاهي " في أدوار صغيرة .وقتها أبرمت " القومية " عقداً مع ممثلة " تونسية " _أتت مع فرقة مصرية زائرة _ بقيمة " ثلاثين دينار " شهرياً ، وهو عرض مجزي في ذلك الوقت .
            * :- أول ظهور حقيقي لممثلة ليبية ؟
            شرف الدين :- " حميدة الخوجة " أنضمت للوطنية وعمرها " إثنى عشرة " سنة . بينما انتسبت " فاطمة عمر " للفرقة القومية في مسرحية " ولد شكون " عن " نجيب الريحاني " وتلييب " محمود الهتكي " . وأيضاً عملت بالمسرح الوطني في مسرحية " حسناء قورينا " لخالد مصطفى خشيم " . وأيضاً انضمت " سعاد الحداد " للفرقة الوطنية في مسرحية " أهل الكهف " من إخراج " محمد العقربي" _ وليس " عمران المدنيني " كما يقال _ وعملت مع المسرح الوطني في مسرحية " راشمون " من إخراج " الأمين ناصف" .
            * :- قبل أنضمام " الأمين ناصف " للمسرح الوطني / طرابلس " . تحت إطار اي فرقة كان يعمل ؟
            شرف الدين : - كان ممثلاً في القومية وقدم فيها العديد من الاعمال منها " اللي تضنه موسى " و " المشروع " .
            * :- ألم يعمل مخرجاً في الفرقة القومية ؟!
            شرف الدين :- بدايته كمخرج كانت مع" المسرح الوطني" بمسرحية " راشمون " . بعد دراسته الإخراج في بريطانيا . كان الأمين معلماً فهو مخرجاً مهتماً بأدق التفاصيل ولديه القدرة على بث روح الحميمية لدى الفريق الفني ولا يتسامح في أخطاء اللغة العربية ، فهو يصر على وجود مراقب لغة لتسهيل المهمة لدى الممثل . فهو يعمل بعشق... والفن عشق وعمل . كما أخرج العديد من الأعمال ل"إذاعة الملاحة " المرئية .
            * :- هل نستطيع القول بأن دخول العنصر النسائي للحركة المسرحية من خلال " سعاد الحداد وفاطمة عمر وحميدة الخوجة " ؟
            شرف الدين :- ثمة ممثلاث مثلن في المسموعة ولكنهن لم يظهرن على خشبة المسرح وثمة من لم يواصلن المسيرة في المسرح .. . لا نستطيع تجاوز الفنانة " لطفية إبراهيم " التي ألتحقت بعدهن فقد ألتقيت بها في حوالي خمسة أعمال. " لطفية " متألقة وحاضرة في الأعمال الشعبية ولديها المقدرة على إحتواء المتفرج . كما تمتلك رأي و وجهة نظر فيما يقدم لها من أعمال . فهي ممثلة مريحة وملتزمة .... " اللهم يذكرها بالخير . " لطفية " ماتخليكش تستنى أبداً " .
            * :- ما سر أقتران أسمك ب" مختار الأسود " ؟
            شرف الدين :- تم إنضمام " مختار" للفرقة سنة 62 م وكان شحنة من الحيوية والنشاط وعنده القدرة على حلول المشاكل الإدارية الصعبة . إضافة لحضوره القوي على الخشبة وكان ملتزماً ولديه قدرة أستثنائية على الدعاية وعملنا في العديد من الأعمال .
            * :- ما علاقتك بالصحافة ؟
            شرف الدين :- تعاونت مع صحف ومجلات ليبية " شعلة الحرية ، الليبي ، مجلة الإذاعة " من خلال نشر رسوماتي الساخرة . كما صممت الرسومات الداخلية لديوان " الحنين الضاميء " لعلي الرقيعي ، و صممت غلاف كتاب ل" عبدالقادر أبوهروس " لا أذكر اسمه .
            * :- هل ضمتك أعمالاً صحبة " محمد حمدي " ؟
            شرف الدين :- فقط شاهدته على المسرح .أشتهر ب " بربري ليبيا " لإستعارته نموذج "علي الكسار" " بربري مصر " كان ممثلاً يمتلك قدرة على الإرتجال . أستعان به "أحمد البيزنطي " في العديد من الأعمال ولأن أعماله_ أحمد البيزنطي _ تميل الى الجدية أستعان به لإضفاء روح الدعابة والمرح ، فكان يترك على الخشبة وحده عمداً ليستمتعوا بقدرته على تغطية هذه المساحة الزمنية ، و يغطيها بإتقان شديد من خلال إرتجاله للعديد من المواقف .
            *:- كلفت كمستشار لشوؤن المسرح من قبل أمين اللجنة الشعبية العامة للثقافة خلال إجتماعه بالمسرحيين . ماذا أنجزت من خلال هذه المهمة ؟
            شرف الدين :- هذا التكليف كان شفوياً ، و لم أخذه على محمل الجد ، فهذه المهمة كانت أكبر من إمكانياتي . قد أستشار في تقنيات خشبة المسرح بحكم مهنتي القديمة كرسام معماري ... لم أتمكن من مقابلته لإنشغاله ، علماً بأني أحظى بإستقبال طيب من قبل الأخوة في الأمانة . أستشارني في تكريم الرموز فاخترت الفنان " أحمد البيزنطي " والأستاذ " مصطفى الامير " وهكذا كان .
            *:- أصدر أمين اللجنة الشعبية العامة للثقافة قراراً يحمل الرقم "1 " يفيد بإنشاء " الفرقة الوطنية للمسرح "بإقترح من مدير الإدارة العامة للمسرح " د. حسن قرفال " الذي ضمّن قائمة تشمل العديد من المسرحيين ولم يرد أسمك والعديد من الرموز المسرحية الليبية .
            شرف الدين :- هذا رداً على سؤالك ..... فأنا لم أستشار في هذا الأمر " والله شن بنقولك " د. حسن قرفال رجل أكاديمي يرى بأن تجربتي وتجربة العديد من المبدعين المسرحيين كانت عبارة هم " هتشيات فاضية ..... شوف ياولدي .... المية تكذب الغطاس " .

            تعليق


            • #51
              الباب الثاني

              دراسات... بحوث.. متابعات ... قراءات


              كيف ننعش مسرحنا ..؟
              بقلم / البوصيري عبد الله

              كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن مشاكل مسرحنا الليبي حيث عرضت أزمته مراراً في البرامج الإذاعية والتلفزية ، ونشرت آراء عديدة ، واجتهادات طيبة للخروج من تلك الأزمة على صفحات الصحف والمجلات ، كما عقدت الندوات والمحاضرات للنظر في ذات الموضوع ،ولكن الأزمة قائمة ... بل تزداد استفحالًا وتجذراً ، ورغم أني لم أكن بعيداً عن تلك الوقائع الثقافية التي ناقشت هذه الأزمة إلاّ إننى هنا أحاول أن أقدم ورقة مكتوبة أطرح فيها بعض الحلول والتدابير التي تراءت لي مناسبة لإنعاش تجربتنا المسرحية ،وهي تجربة سوف تدرك مئويتها الأولى في منتصف السنة القادمة ، إذ أن المسرح في ليبيا تأسس سنة 1908 م . على يدي الصحفي الفنان محمد قدري المحامي ، ولكن قبل أن أعرض ما أود عرضه أرى أنه من الأفضل الإشارة إلى ثلاث ملاحظات هامة ألا وهي :-
              أولاً : لقد سبق لي أن تقدمت بهذه الورقة إلى اللجنة الشعبية للإعلام والثقافة بشعبية طرابلس ، ثم أجريت عليها شيئاً من التعديل بغية التعميم وإضفاء الشمولية وتقدمت بها إلى أمين اللجنة الشعبية للثقافة الدكتور المهدي امبيرش حينما كان يقوم برحلاته المكوكية بين المؤسسات الثقافية يستطلع الأفكار والآراء حول إمكانية النهوض بثقافتنا الوطنية ولكن أياً من الجهتين لم تعبأ بما ورد في هذه الورقة من آراء مما يدل على أن المسؤولين على الشأن الثقافي يأتون إلينا جاهزين ، وأنهم ليسوا في حاجة لآراء كائن من كان ... إنهم يأتون إلينا وفي بالهم تحرير الثقافة من كل ما يعتريها من أسباب النكوص ثم يكتشفون أنهم لا يقدرون حتى على تحرير أنفسهم من مرض النرجسية الفكرية ،ولذا فإن ما يجعلني أقبل على نشرها الآن ليس الأمل في أن يعبأ بها أحد من المسؤولين على الشأن الثقافي وإنما ما يجعلني اقبل على نشرها هو وضع هؤلاء المسؤولين أمام مسؤولياتهم التاريخية هذا أولاً ... وثانياً هو الأمل في أن يأخذ الفنانون ما يتصل بهم من التدابير المعروضة مشفوعاً بأمل آخر يتمثل في استجابة البرجوازية الوطنية المستنيرة في المساهمة في حل ضائقتنا الثقافية بوجه عام ، وضائقتنا المسرحية على وجه الخصوص إلى أن يقيض الله للمسرح مسؤولاً يؤمن بضرورة نموه بقدر ما يؤمن بضرورة نمو أرصدته وحساباته المصرفية ، وفي ذلك شيء من العدل المستحب .
              ثانياً : لا نريد هنا أن نضع حلولًا مستقبلية فنطالب – مثلاً – باستحداث القوافل المسرحية ، أو بالتركيز على التربية المسرحية في المناهج المدرسية ، أو بتنشيط برنامج الإيفاد إلى الخارج للتحصيل والاستزادة ..أو أن نطالب بإعادة النظر في المناهج المسرحية المعتمدة في الكليات والمعاهد الفنية ، تلك أحلام بعيدة المدى لا يسمح واقعنا المسرحي الراهن بأن نرنو إليها على نحو موضوعي وجاد .. وإنما ينصب طموحنا في هذه الورقة على التدابير الميسورة ...الممكنة ... أي أن نكون واقعيين ، فلا ننظر أبعد من أنوفنا كي يقتصر حلمنا في إنعاش مسرحنا على تنظيم واقعنا المسرحي الراهن ...مجرد التنظيم وليس أكثر ، فلعل ذلك يسمح لنا بالاستفادة مما هو موجود بين أيدينا ... وتحت أبصارنا .
              ثالثاً: ولربما قصرت هذه الورقة عن إدراك حرفية المقالة من حيث صياغتها الأدبية وذلك لعدم استخدامها للصيغ البلاغية من استعارة وكناية وتشبيه وترصيع خشية أن تغرق فكرتها الجوهرية في أساليب التحسين والتجويد ، أو أن يضيع فحواها من جراء الاستطراد والإطالة فالمثل الشعبي يقول ( طول الخيط أيضيع اليبرة ) لذا فهي ورقة انتهجت حرفية المذكرة الإدارية ..أي أنها مجرد خطة عمل تحدد هدفها على شكل نقاط ، وفقرات معنوية تنبيء بفكرتها على نحو سافر وصريح .
              وهي – في الوقت نفسه – قابلة للزيادة والحذف والنقصان والتعديل ، ونأمل أن تتلوها أوراق أخرى محملة بآراء أخرى ، على إننا نأمل بعد إجراء التعديلات اللازمة ، أن تصير بمثابة إتفاق بين الفرق المسرحية وبين المؤسسات المسؤولة عن المسرح ، وأن يلتزم كل منهما بما له وبما عليه .
              أما بعد ...
              إن المتأمل في مشاكل مسرحنا الليبي وخاصة داخل مدينة طرابلس ، سيكتشف أنها تنحصر في ثلاث نقاط هامة هي على التوالي :
              مشكلة ناتجة عن غياب الدعم .
              وهذه بدورها تنقسم إلى محورين : محور الدعم المالي ، ومحور الدعم المعنوي .
              مشكلة ناتجة عن تركيبة الفرق المسرحية .
              مشكلة غياب الجمهور .
              حول مشكلة الدعم
              الدعم المالي :
              وهنا نقترح ما يأتي:
              استحداث صندوق تحت اسم ( صندوق دعم النشاط المسرحي ) ويفتح له حساب جار بأحد المصارف في إحدى المدن الليبية ، تؤول إليه مداخيل العروض المسرحية والتبرعات المالية التي يمكن أن يتحصل عليها المسرح من أصدقائه وعشاقه ، وبنسبة 1% من قيمة المشاريع والعطاءات التي تبرمها أمانة الثقافة مع الشركات والمؤسسات ، علاوة على نسبة 3% من قيمة الدعم المخصص للفرق المسرحية .
              إن الفرق الأهلية المعتمدة داخل الجماهيرية الليبية لا يزيد عددها على أربعين فرقة مسرحية ،وهي من حيث الكم أقل من طموحنا إذ إننا نحلم بتأسيس فرقة مسرحية في كل مدينة ...بل وفي كل قرية من قرى بلادنا ، ولكن ذلك له خاصية ايجابية من ناحية الدعم اللازم لتفعيل هذه الفرق وتنشيطها وتحفيزها وبذلك فإننا نقترح أن تخصص الأمانة العامة للإعلام والثقافة ميزانية سنوية لدعم النشاط المسرحي داخل الفرق الأهلية ، وقدرها أربعمائة ألف دينار موزعة على الفرق المذكورة بالتساوي ..أي بواقع عشرة آلاف دينار لكل فرقة مسرحية .
              وهي – في الواقع- ميزانية غاية في التواضع والتبسيط ولكن من شأنها أن تنعش مسرحنا بجرعة خفيفة من إكسير الحياة .
              3. يشترط الحصول على هذا الدعم إتباع الخطوات التالية :
              أ- أن تتم الموافقة على النص المسرحي المقدم من قبل الفرقة المسرحية الراغبة في الدعم المسرحي .
              ب- أن تلتزم الفرقة المسرحية بتقديم عشرين عرضاً مسرحياً – على الأقل – خلال عام واحد ، وبصفة إلزامية وذلك حسب الزمان والمكان اللذين تحددهما الأمانة العامة للثقافة والإعلام .
              ج- أن توافق الفرق المسرحية ، الراغبة في الدعم ، على المشاركة الفعالة في المناسبات الرسمية ( أعياد الفاتح / أعياد الإجلاء / أعياد سلطة الشعب ) وكذلك في في المناسبات الدينية (الأعياد المولد النبوى الشريف / شهر رمضان الكريم ) على أن تحتسب هذه المشاركات ضمن العروض الإلزامية المشار إليها آنفاً .
              د. أن يصرف الدعم على العمل الفني ، وعلى الفنانين القائمين به ، مع الحرص على التركيز الشديد على الإعلان المبهر ، وذلك للفت أنظار الجمهور نحو النشاط المسرحي ، ومن ناحية آخرى لتوثيق النشاط المسرحي كي لا يهمل ويضيع هباء .
              هـ. أن توافق الفرق المسرحية على خصم ما قيمته 3% لصالح صندوق دعم النشاط المسرحي .
              4-للفرق المسرحية الحق في تحسين مداخليها بواسطة تنظيم عروض فنية داخل الكليات والمعاهد والمدارس أو داخل المؤسسات الصناعية ، على ألاّ تحتسب هذه العروض ضمن العروض الإلزامية إلا إذا كانت بإشراف الأمانة العامة للثقافة والإعلام وبترتيب منها .
              5-أن تساعد الأمانة العامة للثقافة والإعلام الفرق المسرحية على تأسيس جمعيات وتشاركيات فنية بهدف النهوض بالحركة أولاً ، وبهدف زيادة دخل الفرقة وتحسين أحوال الفنان المعيشية ثانياً .
              الدعم المعنوي .
              أما على صعيد الدعم المعنوي فإننا نعرض المقترحات التالية :-
              ضرورة الاهتمام بيوم المسرح العالمي ، والاحتفال بهذا اليوم بالشكل الذي يليق به فإن ذلك الاهتمام يعكس مدى احترام الفنان المسرحي ،ويزيد من الإحساس بقيمة دوره الحضاري والاجتماعي .
              ضرورة العناية بيوم تأسيس كل فرقة من فرقنا المسرحية وتحويل هذا اليوم إلى عيد مسرحي تحتفل فيه الفرقة المعنية بالشكل الذي تراه مناسباً على أن تساهم في إحيائه الأمانة العامة والثقافة والإعلام والفرق المسرحية الأخرى بتقديم باقات الورود والهدايا ،وغيره من الأشياء المعبرة عن الدعم المعنوي إنه لأمر ممكن وبسيط ولكنه غائب عن بالنا بسبب جفاف عواطفنا .
              التركيز الإعلامي على نشاط الفرق المسرحية وذلك بنشر أخبارها ، وإجراء مقابلات مع أعضائها ، وأعداد تحقيقات ميدانية داخل الفرق المسرحية .
              إعداد برامج إذاعية ومرئية لتغطية أخبار الحركة المسرحية والفنية بصفة عامة وتحت إشراف وإنتاج أمانة الثقافة ومجلس الثقافة العام .
              أن تسعى أمانة الثقافة والإعلام إلى إشاعة ظاهرة ( حفلات الشاي ) تكريماً لكل فرقة مسرحية تقدم عملاً جديداً وذلك لإشاعة الدفء والمحبة والانسجام داخل حركتنا المسرحية .
              الإكثار من رسائل الشكر ، ومنح شهادات التقدير للمتفوقين والمتميزين داخل الحركة المسرحية .
              حل المشاكل الشخصية للفنان ، وذلك بمساعدته على الحصول على قرض – مثلاً – أو سكن أو مركوب .. أو غير ذلك من حلول للمشاكل الحياتية التي تواجه الفنان .
              إعداد المعارض التكريمية التي يتم فيها عرض إرشيف أحد الفنانين ، أو إرشيف إحدى الفرق ، وذلك ليطلع الناس على هذه التجربة الزاخرة من خلال الصور أو من خلال ما كُتب عنها في الصحف والمجلات .

              تعليق


              • #52

                أسئلة المسرح ..
                بقلم / أحمد بللو
                في الفترة مابين 12\7\2006 و20\7\2006 جرت بمدينة طرابلس وقائع الدورة التاسعة للمهرجان الوطني للمسرح، بعد انقطاع دام سبع سنوات كان لها أثرها البالغ وتأثيرها السلبي على نشاط حركتنا المسرحية وآفاق واستمراريتها وتطورها، في هذه الإطلالة محاولة للاقتراب من أجواء هذه الاحتفالات الفنية. والتعرف على بعض من مجرياتها وأحداثها وما تمثله في سياق حركة هذا المهرجان من جانب ، وما تشكله في سيرورة الحركة المسرحية الليبية بشكل عام من جانب آخر.
                بعض من وقائعها
                *انطلقت هذه الدورة مساء الأربعاء 12\7\2004 مسيحي بمسرح الكشاف وسط احتفال فني حاشد ، بمشاركة (14) فرقة مسرحية مثلت مناطق عدة من بلادنا...
                وبحضور عدد من الكتاب والأدباء والفنانين وبعض الأمناء المسؤولين ، إضافة إلى عدد من الفنانين العرب كضيوف على المهرجان ، وجمهور غفير من محبي المسرح. وقد بدأها رئيس اللجنة العليا للمهرجان (د.حسن قرفال) بكلمة ترحيب جاء في بعضها((أرحب بكم في رحاب هذا الفن العريق، الذى يعتبر جنساً مهماً من أجناس الأدب والفن والثقافة عموماً .. ها هي أضواء مسارحنا ترحب بكم وتعلن عن بداية هذه التظاهرة المسرحية الكبرى)) (1) تلتها كلمة الفنان (أحمد النويري) أمين الرابطة العامة للفنانين قال في مستهلها )أحييكم وأقدر جهدكم الكبير في سبيل إنجاز هذا المنشط الثقافي المهم).
                (2) ثم بكلمة الأستاذ (نوري الحميدي) ، أمين اللجنة الشعبية العامة للثقافة والإعلام ورد فيها : (إن الثقافة في هذا الوطن العظيم تعتمد فلسفة المؤتمرات الشعبية الأساسية منطلقاً ودليلاً لها ، وهى فلسفة تؤمن بدور الثقافة في الحفاظ على الهوية العربية والإسلامية والانتماء الأفريقي وفتح آفاق المستقبل أمامها ... إن ثورة الفاتح ثورة الإبداع أخرجت المسرح من دائرة التهميش ...).
                (3)أعطى بعدها الأمين شرف إعطاء الإذن بافتتاح الدورة للدكتور (علي فهمي خشيم) الذي ألقى كلمة قال فيها (هذا هو الفن في ليبيا .. يا إلهي ما أسعدني ، أشكرك لأنك أتحت لي فرصة من الحياة كي أرى هذه الوجوه الرائعة التي أود أن أعانقها فرداً فرداً ، ولكنها في قلبي هنا ،هذا القلب الذي جدد كما جددت الثقافة في ليبيا(4) ليفتتح المهرجان بلوحات فنية للأزياء الشعبية والتراثية الليبية وبثلاث دقات للفنان الكبير(محمد شرف الدين) على خشبة مسرح الكشاف أعلن عن بدء عروض هذه الدورة...حيث قدمت فرقة المسرح الوطني بطرابلس عرض الافتتاح الذي كان بعنوان (خارج نطاق التسلية) من إعداد وإخراج : (فتحي كحلول) ، وهو بالمناسبة العرض الوحيد الذي يقع خارج نطاق التقييم.
                تواصلت ومنذ اليوم التالي العروض ولمدة أسبوع بواقع عرضين في كل يوم : الأول بمسرح "الفتح" والثاني بمسرح "الكشاف" باستثناء يوم الجمعة الذي شهد عرضا واحدا ، ًوالعروض التي قدمت في هذه الدورة هي : الخميس :
                1- ( الرياح والصاري) "فرقة الينابيع" إجدابيا / تأليف وإخراج مصطفى السعيطي.
                2- (قطارة الملح) "فرقة الجيل الصاعد" طرابلس / تأليف : القذافي الفاخري وإخراج هدى عبد اللطيف.
                3- الجمعة : (الحجالات) المسرح الوطني بنغازي / تأليف : منصور بوشناف وإخراج عبد الحميد الباح.
                4- السبت : (سكان الكهف) مسرح المرج / إعداد وإخراج : أحمد إبراهيم حسن.
                5- (اللحظة) الوطنية للتمثيل طرابلس / إعداد وإخراج عمر هندر.
                6- الأحد : (فليسقط شكسبير) المسرح الشعبي بنغازي / إعداد وإخراج : محمد الصادق.
                7- (رائحة البارود) الشباب الثائر مصراتة / إعداد وإخراج : أحمد إبراهيم حسن.
                8- الاثنين : (اللعبة) المسرح الوطني سبها / تأليف : أبوبكر قاسم وإخراج عمر مسعود.
                9- (السؤال والحل) فرقة الهواة درنة / تأليف عبد العظيم شلوف وإخراج حسين عبد الهادي
                10- الثلاثاء : (الهذيان) الوفاء للتمثيل / الجميل / تأليف :الزنقاح محمد عثمان وإخراج خليفة الأمين الكلابي.
                11- (عذاب الذاكرة) الفن المسرحي طبرق / تأليف علي الجهاني وإخراج عز الدين المهدي.
                12- الأربعاء : (الصاروخ) العربية للتمثيل مصراتة / وهو عرض مونودراما عن قصة للكاتب إبراهيم حميدان بنفس العنوان من إعداد "يوسف خشيم" وإخراج شقيقه خالد خشيم.
                13- (اللعبة) فرقة البيت الفني للأعمال الدرامية / إعداد وإخراج عبد الله الزروق .
                * كما شهدت هذه الدورة تواصل صدور جريدة (الركح) في إصدارها الثالث واستمرت على مدى ثمانية أعداد .. إقامة عدد من الندوات الصباحية حول العروض ، وندوات ومحاضرات حول المسرح والنص المسرحي ، والمسرح والعولمة ، وشارك فيها بالإضافة إلى المهتمين من الفنانين الليبيين عدد من الفنانين العرب أبرزهم "عبد الكريم برشيد" من المغرب و"عمر دوارة وعصام خليل" من مصر "و محمد صبري" من العراق و "جمال عياد" من الأردن .. إضافة إلى أصبوحة قصصية.
                وفي ليلة الخميس 20\7\2006 بحضور أمين الثقافة والإعلام وعدد من الأمناء والمسؤولين أقيم الاحتفال الختامي ، اقتصر على أمسية شعرية شارك فيها عدد محدود من الشعراء والشاعرات .. ليعلن بعدها رئيس اللجنة العليا للمهرجان النتائج .. ووزعت الجوائز وشهادات التقدير التي أرضت البعض وأغضبت البعض الآخر .. وإن تم في الأخير التسليم بهذه النتائج التي رأى فيها الكثير من المتابعين أنها جاءت على قدر كبير من الموضوعية والإنصاف .. وليسدل الستار على هذه الدورة ويظل السؤال الحائر: ترى هل ستكون هذه الدورة بداية جديدة تتلوها دورات أخرى متواترة ومنتظمة أم أنها ستقع في النسيان بعد حين ويحدث لها ما حدث مع دورات سابقة ؟

                تعليق


                • #53
                  بعض من واقعها
                  * بداية يمكن القول إن أهمية هذه الدورة ليس من كونها جاءت بعد انقطاع طويل .. وبعد تأجيلات عدة .. وبعد أن وصل الإحباط مداه ولا في العروض التي قدمت .. واختلافاتنا حولها وحول محاميلها الفنية والفكرية .. ولا في تحسين ظروف الإقامة
                  ولا في تحسين جريدة الركح ، ولا في الضيوف من الفنانين والندوات والمحاضرات والاهتمام الإعلامي (مع احترامي لكل ذلك ولكل أولئك) ولكنها في اعتقادي من طرحها بإلحاح سؤال الديمومة أو الاستمرارية ، سواء استمرارية المهرجان وانتظامه ، أو استمرارية الحركة المسرحية الليبية برمتها وارتباطها الوثيق – حتى الآن على الأقل – بالمهرجان .
                  *فسؤال متى ستعقد الدورة العاشرة ؟ الذي جاء في الختام كما ظل مطروحاً طيلة أيام وليالي المهرجان في مقهى وأروقة وغرف "فندق الواحات" وحلقات ساحة مسرح الكشاف أو عبر جريدة الركح لا يشير بالحيرة فقط ، بل يشير إلى معضلة المسرح الليبي وسؤاله الأساسي .وليس من الصعب التدليل على أن شرط الاستمرارية قد ظل شرط حيوية حركتنا المسرحية ، وغيابه معناه التراجع أو الركود أو التلاشي . هذا لا يعني أنه الشرط الوحيد .. فثمة شروط أخرى لا تقل أهمية، ومن قلب التجربة، تخص سبل دعمه ومراقبته وسبل توسيع رقعته وآفاق تطلعه.
                  *إن البحث في الحصيلة الفنية لعروض هذه الدورة ومدى اجتهاداتها الفنية والأدائية والمساحات التي ارتادها أو القضايا التي تناولها.. سيشهد التراجع الكبير الذي حدث عندنا قياسا بما شهدته الدورة الثامنة التي جرت في خريف 1999مسيحي حيث اعتقد الكثير من المنخرطين في هذه الظاهرة والمتابعين لصيرورة المسرح الليبي وتحولاته في ختام تلك الدورة أن مسرحنا مقدم على مرحلة جديدة..وأنه قد بلغ من النضج –على الأقل في عدد لا بأس به من المحاولات الجادة والمتطلعة لآفاق أبعد وارتياد فضاءات بكر للفن المسرحي بأدوات ووسائل تعبير حاذقة ، وإن سنوات قليلة فقط ما يفصله عن تحديد بعض ملامح هويته الفنية والجمالية الفكرية التي ظل يحاولها منذ ما يقرب من قرن ويكابد من أجلها ، فقد شهدت تلك الدورة ميلاد فنانين واستمرار آخرين (مؤلفين ومخرجين وممثلين ..عدد منهم لا يشارك في هذه الدورة) وظهور تجارب فنية مميزة .. والجدير بذكره هنا أن تلك الدورة قد جاءت بعد دورتين متلاحقتين ، وكانت الثامنة ثالثهما 95-97-99 لتحقق مهمتين اثنتين ، فعلى المستوى الأفقي وصل عدد الفرق المشاركة إلى 40 فرقة مسرحية ، منها من يشارك في المهرجان للمرة الأولى (شحات ، طبرق ، هون على سبيل المثال) وعلى المستوى الرأسي فإن العروض التي قدمت جهداً فنياً واضحاً واجتهاداً في إطار اللعبة المسرحية ويبشر بنجاحات قد يصل إلى 15 عرضاً.
                  · إن كنت لأجزم بأن ذلك كله كان بفضل هذا المهرجان وتواتر دوراته الثلاث – إذا إن مهرجانات أخرى كان لها حضورها المساند وشكلت رافداً مهماً كمهرجان النهر الصناعي العظيم والتحدي من بنغازي والمسرح المدرسي والجامعي في طرابلس – إلا أنني أستطيع الجزم بأن مسرحنا - في معظمه - لا يزال أسيراً للحالة المهرجانية .. والمهرجان الوطني للمسرح تحديداً - وإن كنت لست بصدد البحث في الأسباب التي جعلته رهينا لهذه الحالة ، لأن ذلك يتطلب البحث المطول والجاد في عناصر وعوامل عدة منها (التاريخي والاجتماعي والنفسي والحضاري واللغوي والاقتصادي والديني وأسباب أخرى) فإن بإمكاني التأكيد على أن تاريخه وتجربته تقول إن علاقته بالجمهور ( الذي يعد أحد أسباب وجوده وتحوله في أماكن كثيرة من العالم ) مازالت عندنا ملتبسة.. غير ذات بال .. مما يستدعي البحث في الوسائط التي من شأنها أن تجعلها حقيقة واقعة..ولعل في تجارب غيرنا من الدول النامية أو المتقدمة أيضا محاولات وجهودا يمكن الاستهداء بها..كدعم المجتمع له سواء عبر مؤسساته التعليمية ،والثقافية .. واحتضان الثقافة له وتبنيه كعنصر أساس في تشكلها لما يمثله كشكل من أشكال الحوار الذي يعد آلية أساسية لكل ثقافة أو حضارة.
                  ·إن تركيزي في المقارنة بين هذه الدورة وسابقاتها التي تفصلها عنها سبعة أعوام .. لا يعني ذلك أنه الانقطاع الوحيد المؤثر فثمة انقطاعات سابقة وصلت لتسعة أعوام كاملة، حدث ذلك بين الدورة الثانية 10\12\1973م والثالثة التي انعقدت 1\5\1982م.. وفي غيرها وإن بنسب أقل، الأمر الذي لم يمّكن المهرجان الذي بلغ عمره 35 عاماً منذ انطلاقته في 9\1971 م من عقد سوى تسع دورات، وهو عدد قليل ولاشك.. ولعله الأمر نفسه الذي لم يمكنَ المسرح عندنا من خلق وتيرة منتظمة وذاتية الحركة ، ولذا فإن المطلوب من انعقاد الدورة التاسعة ليس كسر جمود السبع الطوال ، ولكن استمرارية انعقادها وتسريعه إن أمكن ولو بعقد المهرجانات المحلية المساندة لتلافي ما يمكن تلافيه ، والنظر إلى حال المسرح عندنا ، إما في بناه التحتية ، وإما في وضع المشتغلين به وفيه وله .. وإعادة الاعتبار له كفن صعب وله مكانه ومكانته المهمة والضرورية لأية ثقافة وأي مجتمع.
                  ·ومن ضمن الملاحظات على هذه الدورة غياب النص المسرحي بشكل عام (فكثير من العروض جاءت إعداداً لمخرجين ) والنص الليبي خصوصاً وأعني به النص الدرامي المكتوب للمسرح ، والذي يملك شروط تحققه الجميل والمؤثر في العرض ، كذلك غياب مخرجين وممثلين لهم حضورهم المميز .. أيضا لوحظ تراجع عدد الممثلات ( ويمكن تسمية فرق عديدة لأكثر من مدينة..) وإن سجلت هذه الدورة اسم ثاني مخرجة ليبية تشارك في المهرجان وهى " هدى عبد اللطيف" بعد زميلتها "زهرة مصباح " في الدورة الثامنة كأول مخرجة، ويمكن أيضا الإشارة إلى ضعف مستوى الندوات التي صاحبت العروض،إذ لم تشهد حضوراً فاعلاً من المهتمين بهذا الفن و عزاها البعض لعدم حضور المثقفين والمهتمين من الكتاب والأدباء والصحفيين الفنيين.
                  ·ولكن سيبقى لهذه الدورة حرص المسؤولين عن قيامها كمحاولة لكسر هذا الجمود.. وهذا الحضور الكبير للجمهور ولجريدة المهرجان التي حاولت أن تكون مختلفة عن سابقاتها .. وللجنة التقييم التي كانت على شيء كبير من النزاهة والإنصاف ، ولما أثارته من أسئلة بخصوص هذه الدورة والمسرح الليبي بشكل عام وللمسؤولين عن المهرجان الذين وعدوا بأن الدورة العاشرة ستكون بعد عامين وذلك بمناسبة مئوية المسرح الليبي التي ستوافق العام 2008مسيحي .

                  تعليق


                  • #54

                    حول (المهرجان الوطني الخامس للفنون المسرحية
                    هل هو تجريب أم تهريج ؟!
                    بقلم / عبدالله القويري


                    لم يكتسب المسرح عندنا تاريخاً والتاريخ يأتي من الاستمرار والتأثير في الحياة والتأثر بها والمحاولات المسرحية عندنا قليلة جاءت من أفراد قدموا وضحوا على قدر جهودهم وظروفهم مازلنا نذكرهم ونقدر جهودهم التي بذلوها.
                    أما في النفوس فلم يبق شيء!!
                    لم تبق علامة لم تبق جملة حوارية لم تبق كلمة وامضة لم يبق نص نعود إليه ونقرأه ونتأمله ونردد بعض ما فيه ونستعيد شخصياته أو مواقفها على خشبة المسرح وإذا فعل شخص ذلك لا نهتم به ولا ندرك بأنه أعاد إلينا لحظة بهجة تتحدى الزمن ولا تفر من أمام أعيننا ولا تذهب بعيداً هناك في الأعماق كأنها حالة سكر طائش.
                    أعرف أن هناك أعمالاً قدمت ونالت نجاحاً باهراً وشاهدها الناس وتزاحموا على قاعة العرض في يوم من الأيام من أجلها.
                    ترى هل افتقد أكثرنا الضمير الجمعي وقبله أنكرنا الضمير الفني؟!
                    إنني أتساءل في محاولة مني لأن استعيد بالقلم ما عجزت عن استعادته بالعروض المسرحية!!
                    كيف لم أستطع استعادة لحظة بهجة واحدة؟!
                    لقد ضمر مفهوم المسرح عندنا ليصبح مجرد فرق جمعت في أماكن مختلفة من (الجماهيرية) وقاعات عرض منهارة مغلقة ونصوص في المحاولة وفقدنا الشخصية المرسومة بعناية والمؤداة بواسطة ممثل مقتدر يجود في أدائه على مر الأيام وافتقدنا قاعات عرض تزدهر بالعروض بين الحين والحين وجفت النصوص فلم تعد موجودة وعشش العنكبوت في خلفيات الخشبات خلف الستائر وفجأة سمعنا بالمهرجان الخامس وكان يمكن أن يمر هذا المهرجان مثلما مر غيره قبله فلا أشاهده ولكن دعيت لكي أكون ضمن (لجنة المفاضلة) فكان واجباً عليّ أن أشاهد جميع العروض وهذا مافعلته احتملت (جو) قاعة (الكشاف) طيلة عشرة أيام وفوجئت إذ رأيت فرقاً حقيقية تقوم بالأداء فأثبتوا أن لدينا من يؤدي بطريقة جيدة بل هناك من ارتفع إلى درجة الامتياز وأحسست أن وراء المجهود أمامي مخرجون مسرحيون يفهمون هذا الفن ويعتمدون على ثقافة مسرحية جيدة.
                    ولكن ما صدمني هو افتقاد النصوص المسرحية
                    كيف؟!
                    النصوص في الكتب.
                    إن ما رأيته كان مجرد حركات على الخشبة في أحيان يسيطر عليها إيقاع وفي أكثر الأحيان تضطرب بلا إيقاع فحزنت وأتممت العروض وأنا حزين.
                    صرخات وإلقاء مباشر وحركات هستيرية دخول وخروج بلا معنى ومؤثرات صوتية تصم الآذان وأضواء تطفأ ثم تضاء بلا سبب مفهوم وصعود على الخشبة ونزول عنها إلى القاعة بلا داع كلها أمور تحاول إن تقنعنا بأن ما يقدم هو مسرح ملتزم محرض وأكثر ما اعتمدوا عليه هو عبارات إنشائية صارخة تحاول أن تكون تحريضية لمؤلفين مغاربة.
                    وكأنما كان (المغرب قارة) مجهولة مسرحية فاكتشفها الإخوة الليبيون المخرجون ووقعت فرقنا في فخ العبارات الطنانة والادعاء.
                    وقالوا لنا هذا مسرح تجريبي وكأنما التجريب هو صراخ وجماجم وقفز وهياكل عظمية ومقابر فوق الخشبة؟!
                    ونسوا أن المسرح التجريبي هو (فن) أولاً ولكنه اتخذ بعض التجاوزات من أجل إيصال أعماق وأبعاد إلى المشاهد، في التجريب هناك الفن والمعنى والأداء وهناك إيقاع وهناك لحظة البهجة العميقة وهناك إيماء.
                    ليس التجريب حالة من (الشيزوفرانيا الجماعية)!! ترى ما الذي دفع هذه الفرق التي يوجد بها مخرجون على درجة من الوعي والثقافة مثلما يوجد بها ممثلون إلى الالتجاء إلى هذه الشذرات الخطابية وسموها نصوصاً مسرحية وقاموا بتنفيذها على المسرح مستعملين الأضواء والأصوات والمناظر دون داع فني أقول ترى ما الذي دفع هذه الفرق إلى ذلك؟!
                    أهو روح التجريب؟!
                    إن التجريب كما قلنا هو فن.
                    أم هو الهروب من النصوص الجيدة والبحث عنها.
                    ولكن النصوص متوفرة في الكتب وعند المؤلفين.
                    أم هو ما يشيعونه من أن هذا هو المطلوب إذ المطلوب هو مسرح (دعاوى) يتناول القضية المركزية (فلسطين) مثلما يتناول واقع الوطن العربي والدعوة إلى الوحدة؟!
                    إن التوجيه في الفن يفقده أهم عناصره وهو الإقناع الداخلي هذا بالإضافة إلى أنني أعتقد أنه لا يوجد كاتب لا يتأثر من ذاته بالواقع ويعتنق القضايا الإنسانية ويكون اقتناعه داخلياً أعني ذاتياً ومن ثم ينعكس ذلك على إنتاجه بطريقة غير مباشرة بكلمة موحية أو إيماءة فنية دالة مما يعطي العمل قوة إقناع داخلي دون صياح وعبارات صارخة.
                    إن الفن إيماء وإيقاع داخلي يجذب النفوس وليس صياحاً وصراخاً وقفزاً.
                    تألمت عندما شاهدت النصوص جميعها أمامي على المسرح وحزنت على الجهد المهدر، جهد المخرج وجهد الممثلين وجهد الجمهور في المشاهدة.
                    كانت كلها نصوصاً هابطة بل أقول لم تكن هناك نصوص بل أكوام من الكلمات المسطحة وأستثني مما قدم نص مسرحية (جسر آرتا) فقد اعتمدت على نص مسرحي حقيقي فشاهدنا عرضاً جيداً واستخلصنا فكرة رائعة تقدس التضحية من أجل الغير دون صراخ وصياح.
                    العجيب أن هذا حدث عندنا دون حديث ودون تعليق وفي (القاهرة) في نفس الفترة تقريباً كان هناك مهرجان المسرح التجريبي ولكن حوله دار النقاش وكتبت الأبحاث والمقالات متى نتعود أن نأخذ الأمور في جدية في مجال الفن والثقافة.

                    تعليق


                    • #55

                      الكاتب ممثلا مسرحيا
                      بقلم / د. أحمد إبراهيم الفقيه

                      تربطني بالفن المسرحي تأليفا وتمثيلا واخراجا علاقة قديمة عندما كنت ناشطا في مطلع الستينات وربما الى مطلع السبعينيات في هذا المجال حيث قمت بتأليف واخراج وتمثيل عدد من المسرحيات وتوليت انشاء ادارة احدى الفرق المسرحية هي المسرح الجديد ثم تركتها لاصبح عضوا في المسرح القومي الذي انشأته الدولة في منتصف الستينيات وذهبت في تلك الاعوام الى بريطانيا لدراسة هذا الفن من جوانبه المختلفة وعدت في مطلع السبعينيات من القرن الماضي لاسهم في تأسيس واتولى ادارة المعهد الوطني للتمثيل والموسيقى في ليبيا حيث قمت باخراج عدة مسرحيات من تاليفي كان من بينها الاوبريت الغنائي هند ومنصور ومسرحيات زائر المساء وصحيفة الصباح كما وقفت على خشبة المسرح مؤديا لمونولوج شعري باللغة الانجليزية لجمهور من الاجانب كان هذا المهرجان الذي توليت الاشراف عليه منذ اربعة وثلاثين عاما هو اخر عهدي بالممارسة الفعلية المسرحية حيت تفرغت للكتابة وسافرت في مهمات ديبلوماسية وثقافية واقتصر اتصالي بعالم المسرح على شيئين هما المشاهدة والكتابة ، ولكنني عدت الاسبوع الماضي الى خشبة المسرح في بادرة لها سوابقها وهي ان اقوم ككاتب بتقديم جزء من سيرتي الذاتية على خشبة المسرح، في مهرجان عالمي للمسرح هو ثالث مهرجان عالمي بعد مهرجاني ادنبره اوفينيون ، وهو مهرجان سيبيو برومانيا ، وقد تلقيت دعوة للمشاركة في المهرجان فلبيتها عائدا للتمثيل المسرحي بعد هذا الانقطاع الطويل وقد شجعني على ذلك ان عددا من الكتاب في العالم الغربي قاموا بذلك كان اخرهم الكاتب المسرحي البريطاني الشهير ديفيد هير الذي ظهر على خشبة مسرح رويال كورت يقدم مونولوجا مسرحيا عن انطباعاته التي استقاها من زيارة الى القدس تصور بشكل فني طبيعة ذلك الصراع الذي يحكم العلاقة بين قاطني تلك المدينة من عرب واسرائليين ، كذلك فان الكاتب المسرحي البريطاني الاشهر الذي فاز العام الماضي بجائزة نوبل للاداب هارولد بينتر لم يكن يتحرج من المشاركة في التمثيل في بعض مسرحياته بعد انقطاعات قد تدوم عدة سنوات اما اخر المشاركين في مثل هذه المغامرات الفنية التي تتصل بالتمثيل المسرحي فهو القسيس الافريقي الحائز على جايزة نوبل للسلام والكاتب في القضايا الافريقية ديزموند توتو حيت شارك في امريكا في مسرحية تدعو للتعايش السلمي بين الاعراق والاديان، واحتداء بهؤلاء الكتاب العظام قررت مواجهة التحدي وحباني الحظ باصدقاء ساعدوني بينهم صديق من رومانيا هو البروفسور سورين ستارتلات الذي يقوم بتدريس المسرح والسينما في الجامعات الامريكية وله تجارب في اخراج افلام لهوليوود والمخرجة الكاتبة السيدة فاسيليكي كابا ، للقيام بعمليات الاخراج والاشراف والانتاج الفني تطوعا ومشاركة في هذه المسرحية التي تنتمي للمسرح الفردي بعنوان صورة جانبية لكاتب لم يكتب شيئا ، كما وجدت تشجيعا ايضا من شخصيات رومانية كبيرة من بينها السيد وزير خارجية رومانيا والسيد وزير الثقافة عندما استشرتهما في موضوع هذه المشاركة بل ان هذا الموضوع ورد اثناء مقابلة لي مع الرئيس الروماني السيد بوبيسكو عندما ذكرت له بان سفارتي في بلاده ممثلا لوطني لا تقتصر على الجانب الدبلوماسي والسياسي وانما سفارة ثقافية حضارية تحرص على تحقيق التفاعل وتعميق الحوار بين الثقافة التي امثلها وبين ثقافة هذا البلد وبناء الجسور بين بلاده وبلادي على اكثر من صعيد من بينها الصعيد الثقافي باعتبار ان رومانيا هي احدى اعرق الدول في اوروبا الشرقية اهتماما بالفنون والاداب ولها تراث كبير في هذه المجالات ، اما عن تقديم المسرحية باللغة الانجليزية فذلك لان المهرجان يحبذ ان تكون اعماله بهذه اللغة التي يتواصل بواسطتها هذا المحفل الكبير بجوار اللغة الرومانية لغة البلاد ، ثم ان المسرحية هي بالتاكيد مسرحية عربية كتبتها بلغتي الاصلية فهويتها الثقافية العربية محفوظة لا يمسها انها قدمت بلغة اخرى كما تبقى مثلا هوية مسرحيات شكسبير تحمل هوية الثقافة الانجليزية التي انتجتها حتى وهو تترجم لاية لغة من لغات الارض.
                      المهم انني وقفت لاكثر من ساعة اعرض علاقة الكاتب بالظروف التي حوله من بينها صراعه مع القوى الرقابية التي تحاول الحد من حريته وتسخيره لخدمة اغراضها ثم علاقته بابطال قصصه والشروط التي تحكم هذه العلاقة ومن بينها القواعد الحاكمة للاعمال الادبية وعالم القصة واما يقتضيه من التزام بحقائقه التاريخية وظروفه الاجتماعية والاقتصادية ثم موقفه من تلك الهوة التي تفصل الواقع عن المثال مقتبسا من بعض القضايا التي تعرضت لها اثناء تعاملي مع عالم الكلمة خلال اكثر من اربعة عقود امثلة ونماذج ، وقد اذهلني الاستقبال البالغ الحماس والتشجيع الذي حظى به العرض رغم ان لغة المسرحية لغة ادبية لان الذي يتحدث بها الكاتب نفسه مقتربا من لغته الابداعية ومقتبسا بعض تعابيرها ذات النفس الشعري وليست لغة الاستخدام اليومي التي تتكلم بها المسرحيات التي تتناول القضايا الاجتماعية ، كان المسرح مسرحا طليعيا صغيرا ممن لا تزيد مقاعده عن مائتي مقعد كانت كلها مليئة باعضاء المهرجان القادمين من مختلف دول العالم مع بعض المتابعين لاعمال المهرجان من قاطني المدينة وزوارها واترك للكاتبة السيدة كاتالينا جورجي التي حضرت العرض وكتبت عنه في اكبر الصحف الرومانية الصادرة في بوخارست وهي صحيفة كوتي ديانول مقالا طويلا يفيض بالتقدير والاعجاب يوم الاثنين الماضي 6ــ6ــ2006وسانقل فقط وصفها لرد فعل الجمهور التي قالت عنه (( وقف الجمهور على قدميه مصفقا له ( أي للكاتب مقدم العرض ) اكثر من عشرة دقائق متواصلة ، وبعد العرض حضر اليه احد الفنانين الرومانيين واعترف بان هذا العرض المسرحي كان اهم عرض مسرحي شاهده في مهرجان هذا العام )) وقد اعادني هذا التصفيق الحماسي الحار الى ذكريات وقوفي لاستقبال مثل هذا التصفيق في اعوام قديمة كانت هي بالتأكيد اجمل واحلى المكافآت التي يتلقاها فنان العرض وتتجاوز اية مكافآة فنية ومعنوية يحصل عليها ، كما ان مثل هذا الاستقبال الذي يتلقاه فنان العرض مباشرة اثناء تقديم فنه وهو التواصل الحي الخلاق بينه وبين جمهور العرض هو الذي يعطي لفن المسرح مذاقه الخاص الذي يميزه عن الفنون الاخرى التي مهما كانت جماهيرتها كاسحة طاغية لا تتوفر على مثل هذا التماس الانساني الجميل .

                      تعليق


                      • #56

                        التجريب إبداع لا اندفاع
                        بقلم / أحمد بشير عزيز

                        من خلال متابعتي لأيام طرابلس المسرحية في دورتها الثالثة التي أقيمت على مسرح الكشاف خلال فترة المهرجان وذلك بمشاركة ١٣ فرقة مسرحية هي الفرق العاملة في طرابلس لاحظت أن عدداً من المخرجين اختاروا التجريب مجالاً لإبداعهم وقدموا فيه أعمالهم التي عرضت بالأيام ، ولكن هل كانت كل تلك الأعمال صالحة لأن تقدم في إطار التجريب ؟ وهل كل المخرجين الذين قدموها يملكون القدرة والاستعداد الذي يؤهلهم لولوج هذا الأتجاه الفني والإنتاج فيه ؟ وهل حققت تلك الاعمال الغاية المطلوبة ونجحت في إيصال مضامينها إلى الجمهور ؟
                        بتقديري إن عدداً من أولئك المخرجين أخطاءوا الطريق وحلقوا في فضاءات رمادية تشوش فيها كل شىء وضاع فيها الشكل والمضمون .
                        فالتجريب ليس معناه التغريب والغموض وليس هو دوامة حلزونية تنهي كل شىء في مسارها بحجة أنه أى التجريب هو تجاوز ومغامرة وجدل واشتباك وحتى إذا كان كذلك فهو لايعني الزلة والانكسار ولايعني الهلامية والتخريف والانفصام .
                        التجريب حالة إبداعية موضوعها الإنسان وبالتالي لابد أن يكون ملتصقاً بهموم المجتمع وقضاياه وليس هدماً للنص لكنه تكملة له وعلى هذا الأساس فالمجرب لابد أن يكون مدركاً لما يقدمه مستوعباً لمفرداته عالماً بما يريد أن يحققه .
                        تاريخ المسرح يقول ذلك .. والتجربة المسرحية الممتدة عبر قرون عديدة تؤكد ذلك ، فتسبس صاحب العربة في المسرح اليوناني القديم كان مجرباً عندما اوجد الممثل الأول الذي أعتلى العربة وقدم من خلالها عرضاً أوصل من خلالها مضموناً موجهاً للجمهور فارتبط به الجمهور بعد إحساسه بشىء جديد أطل عليه ، جدير بالقبول.
                        «اسخليوس» ، عندما أضاف الممثل الثاني كان مجرباً وكان هادفاً إلى تحقيق صيغة جديدة تضيف شيئاً وتزيد من حلة التواصل مع الجمهور .
                        وهكذا «اسخليوس» عندما أضاف الممثل الثالث والأقنعة والأحذية والملابس .. كان مجرباً وكان حريصاً على تطوير تكتيك العرض المسرحي والاقتراب أكثر من الجمهور ومساعدته على استيعاب ما يقدم على خشبة المسرح بصورة أكثر سهولة ويسر .
                        تجارب عديدة قام بها المبدعون المسرحيون هدفوا إلى التطوير والترقية وتعميق مفهوم المسرح وترسيخ قيمته .
                        اسماء كثيرة وكثيرة «بريخت» مفهومه الجمالي «بسكاتور» و «ماير هولد» وتجاربهما في علاقة الممثل بالجمهور «افرينوف» وتجاربه حول أهمية الجانب البصري في المسرح «غروتوفسكي» وتجاربه في المسرح الفقير الذي ارتكز على الاقتصاد في المناظر والأصباغ والألوان انطوان آرتو الذي ربط نقل الواقع إلى المسرح بضرورة اعتماده على «البانتومايم» ولغة الإشارة وغيرهم الكثيرون ناهيك عن التجارب العربية على مستوى النص التي بدأت بالسامر «يوسف أدريس» ثم الحكواتي «توفيق الحكيم» ثم المرتجل «د . علي الراعي» ثم الاحتفالية «عبدالكريم برشيد» وعلى مستوى الإخراج عند روجيه عساف ، الطبيب الصديق ، محمد إدريس كنماذج ، هكذا هو التجريب فتح الآفاق أمام الفنان لكي يبدع ويعمل دون قيود ولكن أيضا دون شطط أو تزجية أو مصانعة.
                        أعود فأقول إن هناك خلطاً في تحليل مفهوم الجريب عن عدد من المخرجين الذين قدموا أعمالهم بأيام طرابلس المسرحية النصوص التي جربوا عليها هي نصوص تقليدية تتناول موضوعات اجتماعية لا تحتاج لإدخالها في دائرة التجريب باعتبار عدم قابليتهما من جهة وعدم قدرتها على الاحتفاظ بهويتها من جهة ثانية .
                        فليس كل نص يقبل أن يوضع على مشرحة التجريب ويشكل كاتباً يمكنه أن يكتب عملاً يحمل في داخله ما يفتح مسارب يمكن استثمارها في مجال التجريب ، فالتجريب لغة في الكتابة ولغة في الإخراج تحتاج لمن يحذا صنعتها ويرسم أبعادها دون الاخلال بمضمونها أو شكلها ، ومن هنا فإنه من غير المفيد في التجريب النقل من واقع إلى واقع مغاير ولا ألباس شكل على مضمون ليس من قياسه .
                        أنا أدرك إن المخرجين الشباب لهم طموحاتهم ولهم رؤاهم ولهم حرصهم على الانفلات من عمليات التأطير ولهم رغبتهم في الانطلاق في أجواء مفتوحة ولكن ليس معنى ذلك أن يحلقوا في المجهول دون إدراك لما يصنعون ودون هدف واضح المعالم ينتهي إلى نتيجة يستفيد منها المتلقي .
                        نحن نخشي أن يأخذهم الحلم أن هم فعلوا ذلك فتكون قضيتهم قاسية ، صحيح أن التجريب هو إبداعات فردية تسعى كل واحدة منها إلى خلق ذاتها لكن ذلك لابد أن يكون وفق دراسة وفهم ووعي وبصيرة ، صحيح أيضا أن العروض التجريبية هي عروض تركيبية تبرز فيها براعات المجرب وتترجم رؤاه الفكرية والجمالية ولكن لايجب أن يكون ذلك على أساس الاحتفاء بالشكل على حساب المضمون.
                        وأتصور أن هذا هو بيت القصيد في عدد من العروض التي قدمت بأيام طرابلس المسرحية والتي اختارت التجريب مجالات لها"الاحتفاء بالشكل على حساب المضمون" للأسف هذا لا يخدم مفهوم التجريب ، فالتجريب ليس شيئاً هلامياً فضفاضاً ، التجريب هو ابتكار واكتشاف داخل المألوف وتقديمه عبر أشكال وتكوينات ورؤى جمالية وفكرية وفلسفية غير مألوفة ، ولكنها تنطلق من طبيعة الموضوع «النص» وتترجم أبعاده وتنسجم معه .
                        أما أن نحشد على الركح أعداداً من البشر ممثلين أو مجاميع ونجعلها تصرخ وتموء وتقفز وتتمرغ وتتشابك وتصنع بأجسادها وحركاتها تكوينات لاتفسير ولا تعبير ولا معنى لها بل أنها متناقضة مع مضمون النص فذلك عين التهريج وضعف الفهم ومنتهى الاستخفاف بالمتلقى الذي جاء ليستمتع ويستفيد .
                        هناك فرق كبير بين الإبداع والتألق والابتكار وبين الانفلات وغياب التركيز والتهريج والتخريف.
                        أقول إن هذا البعض من المخرجين يتمتعون بالموهبة لكن الموهبة وحدها لاتكفي ولديهم الاستعداد لكن الاستعجال ضار ولديهم الطموح لكن الرغبة في بلوغ الذروة في وقت أكثر من قياسي ومن اقصر الطرق ذلك معناه النهاية منذ البداية .
                        لذلك نأمل أن يتفهم هذا البعض ذلك وأن يتحرك بخطى ثابتة وبوعي مسؤول ورغبة صادقة في إنجاز عمل له مقولة تحمل معنى وله رؤية واضحة وهدف محدد لاضبابية فيه وهذا هو الطريق الصحيح لبلوغ دائرة الضوء الحقيقية دائرة الإبداع والتألق .

                        تعليق


                        • #57
                          حول مهرجان فرقة الأمل ..
                          بقلم / سليمان سالم كشلاف

                          قدمت "فرقة الأمل"خلال الأسبوع الماضى ثلاث فقرات مسرحية "تراب النصر"تأليف وإخراج الأزهر أبوبكر احميد.اسكتش"عيادة المجانين"تأليف وإخراج عبدالكريم عبدالهادى ثم وصلة غنائية من المطربين أحمد سامي وسلام قدري،ويهمني هنا أن أقتصر في حديثي على المسرحية..فالمسرحية من ناحية التأليف تبدو لي ساذجة جداً في فكرتها حتى لكأنها تمثيلية من التمثيليات التي يقدمها طلبة المدارس في حفلاتهم،حكاية المسرحية أن الإيطاليين قتلوا أم ولد اسمه حسين وجرحوه..وعندما يكبر يصمم على الانتقام والدفاع عن وطنه،ثم يقع في يد الإيطاليين فيعذبونه ليخبرهم عن مكان السلاح.
                          سذاجة..منتهى السذاجة،المؤلف لم يحاول أن يبحث عن فكرة جيدة يصوغها عملاً درامياً جيداً..إنه يلجأ إلى ما يلجأ إليه-كما سبق وقلت-طلبة المدارس،فهذه الفكرة تقدم من مدرستين أو ثلاث مدارس كل سنة. تختلف طريقة التقديم من مدرسة إلى أخرى..وفرقة الأمل بكل إمكاناتها وبكل المساعدات التي تحصلت عليها لم تستطع تقديم عمل جيد يمكن أن يحسب ضمن قائمة أعمالها الفنية.فالعيوب في المسرحية-إن أطلقنا عليها تجاوزا مسرحية-كثيرة،في المشهد الأول..الجنديان الإيطاليان يعلمان أن المكان الذي جلسا يشربان فيه الخمر فيه مجموعة من المجاهدين،ومع ذلك يشربان الخمر،ثم يطلقان النار على الطفل،ثم على أمه،كيف يجمع المؤلف هذين النقيضين؟..لا أدري..المشهد الثاني ليس فيه حسنة واحدة.فهو مجال خطابي واسع للمجاهدين كما قدمتهم المسرحية،لولا قليل من التمثيل من عثمان وعبدالكريم عبدالهادي لما كان للمشهد معنى.فالغرض من هذا المشهد أنه يريد أن يرينا الطفل حسين وقد أصبح رجلاً،تم تكليفه بالمهمة الخطيرة..وفي المشهد الثالث..لا أدري من أين استقى المؤلف معلوماته تلك التي تحكى عن الرجل الذي شرب من جردل الماء الذي سيشرب منه حصان الجندي الإيطالي لأن الجندي أمره بذلك،ثم مافعله معه حتى التقط "المسحة"وقتله.
                          أي شكل مهين قدمته لنا هذه المسرحية للإنسان الليبي،يحتمل الإهانة والضرب..و..و..لأن جندياً إيطالياً هو الذي فعل معه ذلك،ولأنه خائف من مسدسه،هل هذه قصة كفاح أم نموذج زائف للإنسان الليبي؟
                          في نفس المشهد نرى استهانة القائد الأعلى للجنود الإيطاليين بعمله فإنه يترك مهمة تنفيذ الإعدام في عدد من الآلاف ليحضر حفلة خطبة ابنته،هل يتصور الإنسان هذا الاستهتار وهذه الاستهانة من رجل عسكري بمهام وظيفته التي عليها يتوقف انتصار بلاده أو هزيمتها.
                          في نفس المشهد أيضاً يظهر لنا حسين أسيراً عند الإيطاليين يجري تعذيبه ليعترف لهم بمخبأ السلاح..كيف عرفوا أنه يهرب سلاحاً،يجوز أنهم قبضوا عليه ولديه بعض الأسلحة ولكن مسألة الاعتراف شيء آخر،وبالرغم من أن حسيناً يعرف نذالة الإيطاليين وعدم وفائهم بالوعد فكيف رضي أن يعترف لهم بمكان السلاح لقاء عدم تنفيذ حكم الإعدام في الأسرى الموجودين،ثم في النهاية لماذا حاول الهرب قبل أن يموت وعرض حياة أولئك الآلاف من الأسرى للموت،إذا فرضنا أن الضابط الإيطالي صادق في وعده بآلا ينفذ الحكم في الأسرى؟.
                          وفي المشهد الرابع يقدم لنا المؤلف ليبياً ظهر في المشهد السابق على انه "جاسوس"للإيطاليين،قدمه لنا المؤلف على أنه أحد المجاهدين..أما كيف تمكن هذا المجاهد من خداع الإيطاليين وإيهامهم بأنه يعمل لحسابهم فذلك هو الذي لا أعلم عنه شيئاً..
                          والإخراج أحسن من التمثيل..
                          فالإخراج يتميز بأن هناك لقطتين جميلتين،المشهد الأول من بدايته حتى إطلاق النار على الطفل والأم..ثم قفلة النهاية للمسرحية.
                          ومن مساوئ الإخراج إظهار الراوي للزجل،كان المفروض أن يكتفي بإظهار الصوت ليترك حرية للمشاهد لإطلاق خياله في تصور ما حدث وما سيحدث،خلاف أن الراوي كما قدم جلب الملل والرتابة للمتفرج،كما أن هناك في تسجيل الصوت في المشهد الرابع للراوي اختلافا في الإلقاء..ولا أدري كيف فات ذلك على مخرج المسرحية..
                          في المشاهد الأول والثالث والرابع كان الجنود الإيطاليون ينطقون العربية الفصحى كأحسن ما يكون..لا أدري كيف يمكن للإيطاليين النطق بتلك العربية والليبية السليمة إذا كان الإيطاليون الذين يعيشون بيننا حتى الآن لايعرف تسعة وتسعون في المئة منهم كلمة واحدة من العربية..
                          وفي المشهد الرابع قبل أن يقتل حسين والجاسوس الجندي والعريف المرافق له،كان الثلاثة،العريف والجندي والجاسوس يداً واحدة ثم اختفى العريف بالجندي خارج المسرح لماذا؟..لا أدري.طبعاً هي حجة لكي يعرف الجاسوس حسين بأنه مجاهد مثله ويعطيه مسدساً ثم يساعده على الهرب،إلى جانب ذلك لا أتصور كيف يمكن للضابط أن يرسل عريفاً وجندياً مع الأسير لكي يريهما مكان السلاح وهو يعلم أنه ربما يساعدهم بعض المجاهدين خصوصاً أن المنطقة الذاهبين إليها مليئة بالمجاهدين،كما قال الجندي..
                          والمنظر في المسرحية لم يكن يعطي أي إحساس بأي معنى ولعل الذي رسمه كان يسبح في خيالات أخرى،ثم كيف يستخدم منظرا واحدا في مشهدين دون أي تغيير مع أن هنالك فاصلاً زمنياً مقداره-15 أو 20سنة..
                          أما في التمثيل فقد لمع محمد محمود وعبدالله هويدي والطفل ناجي عتيقة.

                          تعليق


                          • #58
                            مهرجان العيد .. مهرجان الوطن المسرحي .. إبداع وتجديد
                            المهرجان المسرحي الوطني واراء متناقضة بين التوطين والترحال ..
                            شرف الدين العلواني ..

                            * استنزاف موازنات مخصصة للمسرح دون استفادة المسرح منها ..
                            * متى يفكر أولى الأمر في بلادنا حاجة المسرح الليبي لجهة مدعومة من المجتمع ترعاه وبإدارة افراد من أهل المسرح وليسوا دخلاء عليه ؟..
                            * ما الفائدة من تجوال المهرجان الوطني داخل أرجاء بلادنا وما هي سلبيات التقوقع في مدينة واحدة فقط؟..
                            * متى يتم الاعتراف بالفن صناعة لابد من مراعاتها ودعمها وبالذات بعد العيد المئة للمسرح الليبي وعطاءته طيلة هذا العمر ؟..
                            * لم لمْ يلتفت أي مسؤول عن الثقافة والفن للعيد المئة للمسرح الليبي والسماح بمروره مرور الكرام ؟!!
                            ملاحظات واستفسارات عديدة سنحاول تسليط الضوء عليها أولاً بأول..
                            ولنبدأ بالمهرجان المسرحي الوطني الحالى والذي يعقد في هذه الدورة بشعبية الجبل الأخضر إن الذين يتكابرون على مدن وقرى الدواخل ويفسرون رؤاهم الشخصية في شاكلة مقالات وآراء في تغطيات صحفية ويسلطون الضوء على سلبيات أجاد أحد المواطنين الرد عيها بأنه لسنا في "سويسرا " بل في مدينة صغيرة تابعة لشعبية تبعد عن العاصمة بحوالى 1250 كم ورغم المسارح الأثرية الموجودة بها إلا أنها مجردة من الفن والمسرح والمهرجانات كما هو الحال في بلدان مجاورة ليست احسن منا قدرة وإمكانات ولولا القرار الجرئ بإقامة هذا المهرجان بالبيضاء وشحات ما تنازل وتواضع فنانون وفنانات كبار من بلادى بزيارة هذه المناطق والتعرف على اهلها وهم جمهورهم الذي يتابع اعمالهم في المرئية كل عام وفي شهر تجمع العائلات حول جهاز المرئية وكأنهم فنانون من عالم آخر .. وكنت أتمني ألايصرح فنانون لهم بأن المهرجان ولد في طرابلس ولابد أن يبقى بها .. لماذا ؟ هل يستطيع هذا الجمهور الذي رأيتموه وعشتم معه أيام المهرجان بالإيجابيات والسلبيات قادر على التوجه إلى طرابلس ليشاهد مهرجانكم أيها الفنانون الكبار وإذا كان لابد من التوطين فلم لم يصرح بهذا فنانون ببنغازي..فبنغازي والتي في آخر عروض للمسرح بها وكالعادة أربع مسرحيات تعرض في وقت واحد ولمدة شهر رمضان المبارك وانتهت العروض ولازالت الجماهير تطالب بالاستمرار ولو أن هناك مسرحيات أخرى تنتظر لما توقفت العروض ومسرحها معروف جوائز المهرجانات أليس أجدر أن تسمى بنغازي مدينة المسرح الأولى في ليبيا ولها الحق في الاحتفاظ بالمهرجان كل عام وبها مثلما يقولون الفنادق والمسارح وكافة الخدمات ؟!!.
                            ومع هذا أقول لا ..ليس الحل في توطين المهرجان .. الحل في استمرارية تجواله في كل مدن وقرى وارياف بلادنا أوليس بها مسارح .. وبها فنادق ونحن كفنانين ..كمبدعين .. بكافة تخصصاتنا واعمارنا ومستوياتنا نتحرك من كافة ارجاء البلاد لنجتمع في كل دورة في كل رقعة من ربوع الجماهيرية نلتقي ..نتعارف ..نتعاون ..نتعانق مع جماهيرنا ونتشارك ابداعاتنا ونخلط الزيت بالدقيق ونعجنه ونستخرج منه كل نقص وما لم تهتم به الدولة ونكشف ونعرف كل مسؤول استغل دورات المهرجان بطلب الدعم والأموال ليذهب جُلها لجيبه وجيب معاونيه من المرتزقة على حساب المسرح وأهل المسرح .. هؤلاء الذين استغلوا مناصبهم وثقة الدولة بهم وسرقوا مخصصات الفن وأهل الفن وأعدوا وزوروا الفواتير بأرقام ضخمة على شيء قليل ولاشىء بالمرة في الغالب..إذا للتجوال فوائد لاتعد ولا تحصى ولايجب على المبدعين أن يشجعوا على انفراد مدينة دون أخرى بديمومة المهرجان وتوطينه لأن نكهته والفوائد المرجوة منه ستتبخر أما المهرجانات التي يمكن أن توطن هي المهرجانات التي تربط بمناطق مثل صبراته ، ولبدة ، وشحات ، والشلال .. مثلماً هو الحال بغات ، وغدامس ، وهون أما الاعتراف بالفن صناعة فيكفي مافات من عمر رسمياً جاوز المئة سنة لتقولها جماعة لابد من الاعتراف بالفن صناعة ولابد من عودة نقابة خاصة به ولابد من تحديد جهة تسمى هيئة أو أي اسم آخر وتدعم على أية من سيتولاها من إداريين من أهل الفن الذين يزكيهم أهل الفن وليس قراراً فوقا لمن ليس جديداً بأن يقود حركة الابداع ويكفى ماضاع من العمر هباء منثوراً وليتق الله الدخلاء على حركة الابداع ويبتعدوا عنها ويدعونها وشأنها فأهلها هم وحدهم الجديرون بدفعها للأمام ويكفى مثالاً أننا لم نرهم في عيدنا المئة بالمسرح الليبي ولم يلتفتوا الينا ولو بكلمة طيبة عن المسرح الليبي في عيده المئة المدون حالياً ما بين 1908 ـ 2008 في الوقت الذي نعرف أن عمره أكبر من هذا تاريخياً قبل الميلاد وبعده وبكل السلبيات والإيجابيات كوننا لسنا في "سويسرا" بل في مدن البيضاء وسوسة وشحات في ليبيا التي اهتممنا بالكثير على حساب المسرح اعتبرناه قليلاً لعيش فرحة عارمة بتواجدنا أسرة واحدة شيب وشباباً وفتيات صغاراً وكباراً سواسية ويجمعنا الحب كل الحب وهذا هو عيدنا الحقيقي في عيد مسرحنا بالمئوية التي صارت له عيدية حتى وإن سامحهم الله أستغله المتسلقون لجنى فوائد شخصية لهم على حسابه إلا أن مجرد تجمعنا بأكل أو بدونه وبإقامة حركة وبدونها وبحوافز وبدونها مجرد تجمعنا معاً في مكان واحد من كل مدن بلادنا عيد ما بعده عيد ..

                            تعليق


                            • #59

                              كاتب لم يكتب شيئا مواجهه للذات وللواقع القمعي
                              بقلم : نسيم مجلى ..

                              قدمت "فرقة المسرح الحديث" بالبيضاء عرضا جيدا من حيث النص والإخراج والتمثيل. ولا شك فى قيمة هذه المشاركة الليبية فى مهرجان القاهرة الدولى الرابع للمسرح التجريبى. وأن تأتى هذه المشاركة الفنية فى هذا الوقت بالذات لهو أمر بالغ الدلالة، إذ يثبت أن الشعب الليبى قادر على اختراق المضروب حوله.
                              فهذه الأعمال المسرحية "المرتجلة" و "كاتب لم يكتب شيئا" تقول للعالم بلغة فنية حميمة، أن الشعب العربى الليبى الذى جاهد فى سبيل الخروج من عصور التخلف والقهر والاستعمار، بوسعه أن يساهم مع شعوب العالم الأخرى فى بناء عالم جديد يسوده العدل والسلام.
                              وسوف أقصر حديثى هنا على عرض مسرحية "كاتب لم يكتب شيئا" لأننى لم اتمكن من مشاهدة عرض "المرتجلة".
                              ومسرحية "كاتب لم يكتب شيئا" كانت مفاجأة طيبة غير متوقعة وقيمة هذا العرض الحقيقية مستمدة أساسا من النص المكتوب الذى وضعه الدكتور أحمد إبراهيم الفقيه. وهو كاتب ليبى معروف، متمرس على فن كتابة الرواية والقصة والمسرحية. وله فى المجال حوالى عشرين كتابا.
                              والنص يمثل محاولة جزيئه للتعبير عن معاناة كاتب عربى مع الرقابة وعوامل الأخرى المتمثلة فى تراث الفكر الرجعى والممارسات القمعية. وقد توافق جهد المخرج وفنان الديكور والإضاءة فى تحقيق هذا الأثر الطيب الذى حققه العرض. كما كان لأداء الفنان، إبراهيم إدريس، لدور الكاتب وقع حسن، يؤكد أنه فنان موهوب يملك القدرة والتلقائية على تلوين انفعالاته وصوته وإبراز مشاعر المعاناة والفرح والسخرية بصورة مقنعة.
                              أما النص المسرحى فلابد من وقفة طويلة معه لنحلله ونفهمه. فهو نص ينبع من واقع يعيشه المبدعون جميعا فى العالم. وهذه سمة هامة لأن التجريب الحقيقى إنما هو مغامرة فنية لاكتشاف الواقع ومواجهته. ومن ثم فإن هذا العمل يدخل فى باب التجريب المشروع. بعكس الأعمال الغامضة والمبهمة أحيانا والتى تعتمد التجريد الكامل أو حركات الرقص والجمباز.. فهى فى رأيى لا تنتمى لمجال المسرح الذى قام تراثه الخالد عبر الحضارات كلها على أساس الكلمة.
                              من هنا كان احتفالى بهذا العمل الجديد الذى كتبه الدكتور أحمد إبراهيم الفقيه. وهو يقع فى شكل المونودراما أو أقرب الأشكال إلى المونودراما التى يقدمها ممثل واحد، هو الذى يقوم بدور الكاتب هما. وهو كاتب يعانى من الإحباط الشديد فلا يقوى على الكتابة... فى ظل رقابة قمعية تحاصره من كل ناحية. وهو يحاول الهروب عن طريق الحلم أو اجترار الذكريات أو استدعاء بعض شخصيات قصصه. ويتجسد كل هذا فى سلسلة من المشاهد المنفصلة فى عالم الفنتازيا الذى يجمع بين الحلم والكابوس، وبين الكاتب والرقيب من وقت إلى آخر.
                              وإيقاع العمل يحكمه عاملان أو حركتان أساسيتان متواليتان ومتناقضتان: حركة ايجابية تصدر عن الكاتب كمحاولة للهروب من القهر وتتمثل فى الحلم وتداعى الذكريات الجميلة أو استدعاء بعض أبطال قصصه. فهو هنا فاعل يمارس دور الخالق المبدع الذى يتحكم فى مصير الشخصيات. وحركة أخرى سلبية تتمثل فى حضور الرقيب الذى يفرض وجوده فى غرفة الكاتب فى اللحظات الحاسمة ليحبط كل مسعى للهروب أو الإبداع وبهذا يفسد كل اللحظات الجميلة التى تلوح فى هذا العالم المخيف.
                              والمسرحية تبدأ بهذا الحلم الذى يتلقى فيه الكاتب مكالمة هاتفية من استكهولم تخبره بأنه فاز بجائزة نوبل للآداب، ويعلن موافقته على استلام الجائزة، وفى الحال تبدأ الهواجس تساوره، فيطلب من محدثيه أن يحموه من المنافسين الآخرين له وهو يوسف إدريس وادونيس اللذين سوف يعملان على قتله.. وربما قتل جميع أعضاء الأكاديمية الملكية بالسويد. ولا يكاد يسمع طرقات على باب غرفته حتى يحس أن القتلة قادمون فيقفز من النافذة. وتزداد الإضاءة سطوعا لتعلن عن تغير المشهد فدرى الكاتب مستلقيا على دراسة فى فنه القصصى. وأنه ما أن يبدأ فى مطالعيه حتى يداهمه النوم. ولا نعرف أنه قد أفاق من النوم ومن الحلم إلا حين يخرج ليعد لنفسه فنجانا من القهوة على السخان، ويبدأ فى الكلام من خارج المسرح، ليسخر من أوهامه وأحلامه بقوله:
                              انتهت كل المشاكل ولم تبق إلا أوهام جائزة نوبل، أعارك أشباح الظلام من أجلها (يعود ليمسك بالكتاب) أليس من واجب الكاتب أن يؤلف كتبا قبل أن يحلم بالفوز بهذه الجائزة؟ كيف يستقيم الأمر إذن وأنا لا أستطيع أن أكتب ولا أعرف كيف أكتب أو ماذا أكتب. ثم يستغرب كيف وجد الأدباء العرب وقتا لكتابة الأدب وهم يشتغلون معلمين وصيادلة ومهندسين زراعيين ومخبرين صحفيين.
                              ثم تتداعى الذكريات. فنعرف أنه لا يملك اختيارا فى اكتساب الموهبة الأدبية. فهذه الموهبة قد ولدت معه. فقد كان يسمع همس الطبيعة من حوله ومن فوقه. كان يسمع كلاما تقوله الريح ومواجع تقولها الجبال يسل. ولكن ماذا يعل والأدب لا يطعم خبزا؟
                              فكر فى أن يحذر حذو نجيب محفوظ الذى فاز بجائزة نوبل. ولم يتفرغ للأدب إلا بعد أن أحيل للمعاش. فاشتغل مثله فى وزارة الأوقاف.
                              لكنه لا يملك صبره ولا قوة احتماله، فشعر بالاغتراب، وترك الوظيفة.. وعاش متمسكا جائعا فى الشوارع دون أن يهتم بذلك، أو يخشى على ضياع فرصته فى الزواج أو تركه للأهل والأصدقاء فقد نذر نفسه لرسالة الأسلاف العظام الذين غرسوا شجرة الحضارة وسقوها بإبداعهم أدبا وفنا وفكرا. أى أنه اختار رسالة الكتابة.
                              وشطح به الخيال، فرأى نفسه خالقا مبدعا قادرا على أن يسرق النار من جبال الاوليمب ويدفئ بها قلوب البشر. وأن يأتى بما لم يستطعه الاوائل على حد قول المعرى. فيعقد المحاكمات للملائكة والآلهة والبشر ويحدد لهم مصائرهم. بل إنه يستطيع أن يحكم على زيوس، كبير الأرباب، وأن ينزله من عليائه، هذا هو التحدى الذى يواجه الأديب فى نظره.
                              لكنه يترك زيوس جالسا ويتنقل إلى مقدمة المسرح ليسرد بعض ذكرياته. ومنها نعرف أنه تعلم الكتابة مبكرا وهو طالب بالمدرسة الداخلية، تعلمها فى المراحيض. فقد كانوا يطفئون أضواء عنابر النوم فيهرب للمراحيض يقضى فيها جزءا كبيرا من الليل يقرأ ويكتب، ولعل هذا هو السبب الذى جعل العرب يطلقون على المرحاض "بيت الأدب".
                              ولما كان محرما عليهم سماع الأغنيات العاطفية، ولا يسمح لهم إلا بالأغانى الوطنية فقد كتب لنفسه نشيدا خاصا بمدرسته يقول فيه:
                              عليك منى السلام يا أرض أجدادى
                              ففيك طاب المقام وطاب إنشادى
                              وحين كان يسمعه الحارس الليلى يردده فى المرحاض يأتى ليطرده ويطفئ الأضواء ومن هنا بدأ الحصار والمطاردة.
                              فالاجهزة القمعية لا تطارد تاجرا أو نجارا أو طبيبا أو مهندسا.. أو تقتله بسبب مهنته.الكاتب فقط تقتله لأنه كاتب. وهى تبدأ بالمطاردة أولا ثم بالمحاكمة. "ماذا نقصد بالشفق الأحمر الذى جعلته عنوانا لقصتك؟ " لو قرءوا القصة لعرفوا ماذا يقصد. وإنما اكتفوا بتفسير العنوان على أنه دعوة لثورة دموية حمراء.
                              ولماذا سمى نفسه قنديلا يبحث عن ظلام لضوئه؟ ألا يعنى هذا تأثره بالأفكار المستوردة وانحيازه لأعداء الوطن ورغبته فى إفساد عقول الشباب. ويعجز عن مقاومة والرد المقنع، فيطلب من الرقيب أن يقدم له لائحة بالمواضيع التى يسمح له بالكتابة فيها والمفردات التى يمكنه أن يستخدمها.
                              ويأتى الرد:"إن كل ما تكتبونه ملغوم، مدسوس، مليء بالدسائس والفخاخ، وهنا يدرك الكاتب أن الاعتراض ليس على ما يكتب بل على مبدأ الكتابة أساسا، فيطلب الإذن له بالتوقف عن الكتابة، ويرفض الرقيب هذا الطلب لأن الصمت نوع من الاحتجاج والتمرد يعطى أعداء الأمة العربية فرصة لأن يقولوا أن أدباء الأمة وضميرها مضربون عن الكتابة. لم يبق أمامه إذن سوى أن يمشى فى الشارع هاتفا:
                              تعيش الرقابة تموت الكتابة
                              ويتغير المشهد ويعود الكاتب إلى نفسه ليكشف أن المشكلة ليست فى الرقيب فقط."وإنما مشكلتى مع نفسى ومع تراث القمع الذى أحمله معى. إنه حقا يسكن دمى، ويقيم تحت جلدى، وينام هنا بين أطباق مخي".
                              إن الكاتب يضع أصابعه هنا على أصل المشكلة وبيت الداء. فالقمع ليس مسألة عارضة أو مستحدثة. بل تراث موروث من مئات السنين نرثه أبا عن جد. فهو قسمة مشتركة بين أبناء هذه الأمة حاكما ومحكوما، لا نستطيع منه فكاكا. وهو الذى يفسد أسلوب الحوار بيننا ويحيله شاكا للوقيعة والاصطياد بدلا من أن يكون وسيلة للتفاهم والوصول إلى الحقيقة..
                              وعلى هذا يبدأ الكاتب فى توبيخ نفسه لأنه انهار أمام الرقيب ولم يقاوم. فالكاتب الذى ينصب المحاكمات لآلهة الشرق والغرب يقف متخاذلا جبانا أمام الرقيب. فما أبشع التناقص. فكيف يكون موفقه أمام محكمة التاريخ؟
                              أخيرا لا يجد مفرا من تقريع الذات والهرب من الحصار إلا باستدعاء جميلة، بطلة رواية "حقول الرماد"
                              التى تفنن فى إبداعها وإضفاء أعظم صفات الجمال والبهاء عليها، ثم وقع حبها حتى إنه حرمها من الزواج من الشاب الذى كانت تحبه، لأنه يريدها لنفسه زوجة.
                              ولا تكاد تبدأ أغنية الاعراس البدوية فى زفة العروسين حتى تختفى جميلة. ويضاء النور فجأة فلا يجدها. فيطفئ قنديل الفرح ليخرج باحثا عنها. وفجأة يرى الرقيب أمامه.
                              ويعرف أنه مطلوب ألا يفعل شيئا حتى الزواج إلا باختبار الرقيب ويرفض أن يتدخل الرقيب فى حياته إلى هذا الحد ويعلن استقالته من الكتابة. وهنا تبدأ عمليات السجن والتعذيب والمحاكمة. ويعجز عن الدفاع عن نفسه.
                              إن الكاتب فرد أعزل لا يملك سوى قلمه. أما الرقيب مؤسسة قمعية مدججة بالأسلحة وآلات التعذيب. وعند هذا الحد يعلن انصياعه الكامل لأوامر الرقابة. فلا يتكلم فى السياسة ولا فى الدين ولا يشير إلى الجنس أو صراع الطبقات أو أى صراع آخر.
                              فتبدل الحال فتعين له سكرتيرة للكتابة على الآلة الكاتبة ويذهب هو إلى المرحاض ليملى كلماته من هناك "وهى عبارة عن غزل ومديح للرقابة وللرقيب.
                              والأغنية تقول:
                              يا سيدى الرقيب نهارك سكر وليلك حليب
                              وهى محاولة جادة لكشف هذا الواقع المؤلم بكل قسوته.. وهى محاولة موفقة تضافرت لها كثير من عناصر النجاح. ولا ينقص هذا العرض إلا إبراز الفارق بين مشاهد الواقع الذى يحلل فيها هذا الكاتب ذاته وواقعة وبين لحظات الفنتازيا أو مشاهدها.. وقد لاحظت أن هذه النقطة غير محسوبة بوضوح كاف فى النص.
                              فلا تكاد تدرى إن كل ما يحاول العرض إثباته أن الكاتب يعيش فى عالم الكتب وهو عالم كله وهم فى وهم وهو ما تشير إليه النص أحيانا لكنه لا يلبث أن يخرجه من هذا العالم ليعمل القهوة مثلا أو الذهاب إلى المرحاض.. حيث كنا نتلقى كلمات إلى عالم الواقع وراؤه...
                              وهذه كلها مآخذ بسيطة لا تقلل من قيمة هذا العمل الممتع الجميل، الذى أحيا فينا الأمل فى مزيد من الأعمال الليبية الجديدة والناجحة. فقد قدم الكاتب محاولة جزيئه، وتغلب المخرج فرج أبو فاخرة على كثير من الصعوبات، واهتدى لحلول مرضية. فقد جعل من مكتب هذا المؤلف إطارا عاما للعروض وغلفه بهذه الستائر الشفافة، ليكشف من ورائها عن طريق فن السلويت والإضاءة عن الاشباح التى تحاصر المكان، وتقوم بعمليات التعذيب. كما وفق فى اختيار فريق الممثلين الذين ساهموا بتعاونهم فى نجاح هذا العمل. تحية لكل من ساهم فى تحقيق هذا النجاح .

                              تعليق


                              • #60

                                أولا : الإعلانات
                                من طبيعة الإعلان ان يهتم بأكبر قدر ممكن من التفاصيل بشرط ان يتضمن جملة من المعلومات الأساسية التى تتمثل . بالنسبة للمسرح فى ذكر مكان العرض المسرحي ، واسم الجوق الذى سيقوم بتشخيصها . وليس للإعلان الصحفى صيغة ثابتة يمكن اعتبارها أنموذجا مثاليا ينبغى الاقتداء به ، وإنما المسألة تركت للجهد الخاص ، ولقد كان لهذا الجهد الخاص إبداعات وافانين لا تخلو من طرافة ولعل الإعلان المسرحي فى الوطن العربي يعد أكثرها طرافة اذ انفرد عن غيره من صيغ الإعلانات المعروفة فى العالم بسمة خاصة فرضتها عليه مظاهر العزوف عن المسرح. وهى سمة يمكن تسميتها بـ ( ملح الإعلان) تجعل للإعلان طعما مستحبا، وتضفي عليه نكهة مميزة ، وذلك بان تكيل الجريدة لنجم الجوق او للجوق نفسه سيلا من ألفاظ المديح تعدد فيها مناقبه وكفاءاته بغية حث الجمهور على الحضور لتلك الرواية المعلن عنها او لترغيب الناس فى تعاطي الفن المسرحي بصفة عامة . وأنت لا تعرف متى يضاف هذا ( الملح) .أحيانا نجده فى استهلال الإعلان ، وأحيانا يختتم به الإعلان ، كهذا الإعلان الذى نشر بجريدة المؤيد فى 17/ أكتوبر / 1906. يحمل عنوان الشيخ سلامة حجازى . فى الإسكندرية جاء فيه ( إجابة لطلب محبي فن التشخيص بالإسكندرية سيمثل جوق حضرة المشخص الفريد رواية مغاور الجن مساء يوم الأحد 21/ أكتوبر بتياترو زيزينا) فبعد ان أشار الإعلان الى العناصر الأربعة الأساسية للإعلان نراه يضيف شيئا من الأسلوب المستملح : ( وهى الرواية البديعة التى أتقن تمثيلها هذا الجوق الذى حاز رضاء الجمهور سيما حضرة مديرها النشيط الذى سيمثل أهم دور فى هذه الرواية الكثيرة الألحان الجميلة المناظر )(3)
                                أما فى النموذج التالي الذى نشرته جريدة (الأهرام) فى شهر يونيه / 1884م. فنرى ( ملح الإعلان ) يسبق المادة الإعلانية ، ويهيأ لها عبارات ترفع من شأن المعلن عنه يقول الإعلان ( قدم الى تغرنا من القطر السوري جوق من الممثلين للروايات العربية يدير أعماله حضرة الفاضل الشيخ ابو خليل القباني الدمشقي الكاتب المشهور، والشاعر ، وقد التزم للعمل فى قهوة دانوب ، المعروفة بقهوة سليمان بك الرحمي ، وفى جوار شادر البطيخ القديم والجوق مؤلف من مهرة المتفننين فى ضروب التمثيل وأساليبه وبينهم زهرة من المنشدين والمطربين تروق أسماعهم الأذان ، وتنشرح الصدور ، فنحث أبناء الجنس العربي ان يتقدموا الى عضد المشروع بما تعودوا من الغيرة) .
                                وبعد هذا التملح المستطاب يأتى الإعلان بزبدة القول ، او بما تسميه الصحافة (بصلب الخبر) الذى يلتزم دائما بذكر العناصر الأساسية الأربعة للإعلان ، وها هو يقول : ( التمثيل سيبدأ به هذه الليلة ، غرة رمضان المبارك عند الساعة الثانية بعد الغروب اى بعد الإفطار بساعتين ) (4) وسيتتالى فى كل ليلة حتى نهاية الشهر ، وأول رواية تشخص ( انس الجليس) وهى رواية بديعة مسرة . وأوراق الدخول تباع فى باب المحل بأثمانها المعينة ، وهى 5 فرنكات للدرجة الأولى ، و2 بالدرجة الثانية و1 للدرجة الثالثة وهى قيمة زهيدة فى جنب الفوائد المكتسبة .(5 )
                                فى النموذجين السابقين نلاحظ ثلاثة عناصر هامة ارتفع عليها صرح الإعلان هي : الاستفاء ، والتوثيق والحرارة . اما الاستفاء فتجلى فى كون الإعلان مستوف للشروط من حيث إشارته الى العناصر الأساسية الأربعة، وأما التوثيق فتلاحظه خاصة فى النموذج الثاني الذى ارتقي الى مستوى الوثيقة لما عرضه من معلومات طبوغرافية ، وأسعار الدخولية ، علاوة على تسجيله مقدم القباني الى القاهرة ، أما العنصر الثالث فتعبر عنه تلك الحرارة فى الحث على تعاطي المسرح والترغيب فى متابعة عروضه ، وانه لمن دواعي الأسف ان نقول : ان هذه العناصر الثلاثة مفقودة بالكامل فى الصيغ الإعلانية التى تقابلنا فى الصحف الليبية الصادرة فى العهد العثماني الثاني وأفضل وسيلة للتليل على هذا الرأى هو ان اعرض أمام القارئ الكريم نماذج من تلك الإعلانات المنشورة فى صحفنا الليبية .. واليك هى :

                                تعليق

                                يعمل...
                                X