كتب:سليم البيك.مهرجان «رام الله للرقص المعاصر». الرقص كسرديةٍ من حلم

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • كتب:سليم البيك.مهرجان «رام الله للرقص المعاصر». الرقص كسرديةٍ من حلم


    منذ سنتين

    نشطFareed Zaffour


    7 يوليو 2021 ·
    تمت المشاركة مع العامة


    Mohsen Alnassarمجلة الفنون المسرحية الموقع الثاني
    7 يوليو 2021 ·
    مهرجان «رام الله للرقص المعاصر»: الرقص كسرديةٍ من حلم / سليم البيك _ مجلة الفنون المسرحية

    THEATERARS.BLOGSPOT.COM
    مهرجان «رام الله للرقص المعاصر»: الرقص كسرديةٍ من حلم / سليم البيك
    مجلة الفنون المسرحية نحو مسرح جديد ومتجدد

    كل التفاعلات:
    ١Samella Badran
    مشاركة

  • #2

    مهرجان «رام الله للرقص المعاصر»: الرقص كسرديةٍ من حلم / سليم البيك

    مجلة الفنون المسرحية



    مهرجان «رام الله للرقص المعاصر»: الرقص كسرديةٍ من حلم

    يوحي اسمُ المهرجان «رام الله للرقص المعاصر» بنوع واحد ومحدد المعالم من الفنون، لكن المهرجان يتخطى حدود الشكل في العروض التي يستضيفها، هذا العام مثلاً، لتكون العروض عابرةً لأنواع فنية متباينة، الرقص أساسها، المسرح والإنشاء والفيديو والسينما بعضها. وكما يعود ذلك إلى مضمون عروض الفِرق المشاركة، سأتناول هنا فرقتَين فلسطينيتين من بينها، يعود إلى طبيعة التلقي، لي على الأقل، لهذه العروض التي صُمِمت، في واحدة من غاياتها، كما يمكن أن أفهم، كي تُشاهَد مُصوَرة.
    في المهرجان هذا العام في دورته الخامس عشرة، 8- 16 تموز/يوليو، الذي تنظمه «سرية رام الله الأولى» عروضٌ متفاوتة في مضامينها وأشكالها، في مستوياتها وأساليبها، ومعظمها فلسطينية. كان لي نصيب مشاهدتها مصوَرة، كفيديوهات أْخرجت على نمط أفلام سينمائية قصيرة، بما يتضمن ذلك من تقنيات إخراجية، بصرية وصوتية، ومونتاجات تقطع الرَقص والكوريوغراف المتواصل، كما يتوجب أن يكون، بصورته النهائية، وبما يتضمنه كذلك من تصوير حي لعروض غير متقطعة، على خشبة المسرح. من بينها اخترتُ الإشارة، هنا، إلى عروض فرقتَي «ستيريو 48» من رام الله، و«شادن للرقص المعاصر» من الناصرة.

    تتباين الفرقتان في عروضهما.. لا يجمعهما سوى «تخطي حدود الأنواع» وهو، لذلك، موضوعيَ هنا، في تناولٍ مزدوج للفرقتين، ولا مبرر لإخفاء دهشة كاتب هذه الأسطر وسعادته، وقد تخللتا مشاهدَته لهذه العروض الفلسطينية، التي تخطت الحدود الفنية أولاً، وحافظت على جمالية كوريوغرافية وأدائية تشمل جوانب العروض كافة، ثانياً.
    التلقي الذي جربتُه، لهذه العروض، كان عبر الفيديو، وكانت مصوَرة، فلم يكن لخشبة المسرح، هنا، معنى سوى المساحة التي جرى عليها العرض، في «رحلة إلى القدس» مثلاً، بخلاف الفيديو الأقرب لفيلم سينمائي قصير للعرض الآخر، «حلم الصحوة الكاذبة» الذي جاور الرقصَ فيه إخراجٌ تداخلت فيه فنون السينما بالفيديو بالصوت، والذي عرفتْه الفرقة بـ «مسلسل راقص». كلا العرضين لفرقة «ستيريو 48» كان أقدر على شد الأنظار، وما أريد تسميه بـ»مشاعر المشاهَدة» بتصميم الرقص وأدائه، مما يستطيعه فيلمٌ ما، بحبكةٍ تستدعي المتابعَة.


    في عروض فرقة «شادن للرقص المعاصر» كذلك، تباينٌ شملته ثلاثيتُها «صدى» و»نحن روحان حللنا بَدَنَا» و»هذا المكان». عرفت الفرقةُ العروض الثلاثة على التوالي: «فيلم رقص» و»عرض رقص ثنائي» و»فيديو دانس».
    كان لكل من العروض فكرته التي يمكن، دائماً، إحالةُ الحركات إليها، وبالتالي تراكم الحركات وتتابعها. في «صدى» نرى ونسمع ونحس استدعاء النكبة، بآثارها على أرصفة مدينة الناصرة، الناجية، نسبياً، أكثر من غيرها، والشاهدة، بالتالي ونسبياً، على نكبة امتدت آثارها إلى اليوم. في «هذا المكان» تستكمل الفرقة، لا استعادة النكبة بشكلها الميلانكولي التراجيدي، بل برد الفعل، بالاستجابة الراهنة، بتوزع الراقصات على مساحات مدينتهن، بالتحامهمن مع حجارتها ودرجاتها وممراتها، كنوع من استمرارية البقاء فيها، وحفظها، وقد حل الرقص كفعل مقاومة وتشبُث، محل الاستعادة الحزينة لكارثة شهدتها البلاد. بينهما بدا عرض «نحن روحان حللنا بَدَنَا» كأنه زمان واصلٌ بين الحدثين، بين النكبة وميلانكوليتها، والتشبث بالمكان والمقاومة لأجله، كأن الكوريوغراف الهادئ في الأول والثائر في الثاني دل على ذلك. الروحان توحدتا، متنقلتان بين الظل والإضاءة بتنفيذٍ بديع، لتواصلا مساراً واحداً للشعب/البدن ذاته، بعرضٍ ثنائي بهي كباقي رقصات الفرقة الجماعية في «الثلاثية».


    في «رحلة إلى القدس» كانت الرقصة ثورة، كانت مقاومَة. بدأ العرض بتوتر الراقصين، وقد تحول إلى تمردهم على أجسادهم، على محددات هذه الأجساد وطاقاتها. في هذا العرض تحررٌ مما يمكن أن يحدَ الجسدَ وفضاءاته، كأن الطريق إلى القدس لا بد أن يكون منهِكاً، نفسياً، لمُشاهده، وقاطعاً للأنفاس، كأن العرض، وقد قاربت مدته الساعة، كان، في رحلته إلى القدس، عند النقطة الأخيرة ما قبل المدينة، على بوابتها. كأنه، العرض، بتوتره المتواصل على طوله، كان تلك اللحظة الممتدة إلى ساعة، لحظة ما قبل إنهاء الطريق الذي لم يعد لما سبقه، إذن، أي معنى. العرض الثاني للفرقة، «حلم الصحوة الكاذبة» كان أقرب إلى مَشاهد مقتطعة في فيلم سينمائي تجريبي، ما يمكن أن يذكر بالبريطاني ديريك جارمان، تحديداً في فيلمه «The last of England» الفيديو آرت التجريبي الأقرب ليكون فيلم سينما، أو العكس. وفي فيلم جارمان هذا كوريوغراف عشوائي لأشياء لا راقصين، وهذه الأشياء تُرى وتُسمَع، وتَشمل ما يحيط به إطارُ الصورة، كالأشخاص، ولا نسميهم ممثلين هنا، ولا مؤدين، بل أشياء يُتصرَف بها ولا تتصرف بغيرها. يتفق عرض «ستيريو 48» هذا، مع فيلم جارمان، في بث المفاجآت، ويختلف عنه في كونه أقل تجريبية وأكثر انسجماً، وفي محاولته خلق سردية للمسلسل الراقص، من خلال الحركات غير المتصلة منطقياً، إنما المودية بعضها إلى بعض، رقصاً. وهي، الحركات، حلمٌ لإحدى الشخصيات/الراقصات، تستيقظ منه أخيراً لتدركه متداخِلاً مع واقعها.
    الراقصات والراقصون في عروض الفرقتين، يتصرفون في فضاءاتهم. هم مسيطرون على محيطهم، بما في ذلك أجسادهم. يسيطرون ويخلقون واقعاً من خلال الوهم الذي يتشكل على طول العرض في ذهن المُشاهد. لهذه الصور في الأذهان، الوهم، طبيعةُ الأحلام، في لا يقينيتها، في ليونتها كما هي أجساد الراقصين، كما هي علاقتهم بالمساحة/المكان البين كامتداد لأجسادهم. الوهم الذي تبثه الرقصات، القابل لتأويلات لا تنتهي، أشارت الأمريكية سوزان سونتاغ إلى ما يمكن أن يماثله في نوع آخر من فنون العرض هو الـ «Happening» العابر للفنون كذلك، نستعيره لنُسقطه على عروضنا هنا، إذ قالت في مقالتها «الاستعراض العفوي: فن التجاور الجذري» إنه الهابينينغ/الاستعراض العفوي، يعمل «من خلال توليد شبكة غير متناسقة من المفاجآت، دون دورة أو اكتمال، وهذا هو لامنطق الأحلام عوضاً عن منطق معظم الفنون، فالأحلام لا تملك الإحساس بالوقت.»

    لا يعيش مُشاهد العروض الفلسطينية هذه أحداثاً، بل حالات، حالات متصلة ببعضها، حالات حلقية لا تنتهي، وهي أقرب إلى لامنطق الأحلام، التي يصعب تتبع حركاتها، أو تبرير استمراريتها عقلياً. الرقصات، وهي كذلك «شبكة غير متناسقة من المفاجآت» في هذه العروض تحيط بمُشاهدها وتُدخله في حالة استيعاب شامل لها، استيعاب دائري لا بداية له ولا نهاية، فلا إحساس بالوقت هنا، بل اندهاش، ولا يكون متصاعداً، اندهاش يبدأ عالياً، من المَشاهد الأولى ويبقى حتى الأخيرة. وما بين الأولى والأخيرة نستوعب السردية التي رقصتْها الأجساد، إنما لاحقاً، وقد زال المشهد الأخير، إثر هدوء ما بعد الدهشة، إذ يستيقظ أحدنا من الحلم، ويبدأ بتجميع صوره ليبني منها قصةً فلسطينية.
    _______________________
    المصدر : القدس العربي

    تعليق

    يعمل...
    X