الشيشكلي (أديب ـ)
(1909ـ 1964م)
أديب بن حسن الشيشكلي، ولد ونشأ في مدينة حماة لعائلة محافظة من ملاكي الأراضي، اضطلع بعض أفرادها بدور فعال في الحركة الوطنية ضد العثمانيين والفرنسيين، تلقى علومه الأولى في مدرسة «دار العلوم والتربية الأهلية» في حماة، وعند بلوغه السادسة عشرة التحق بالمدرسة الزراعية في منطقة السلمية القريبة من حماة، والتحق بالكلية العسكرية في مدينة حمص وتخرج فيها برتبة ملازم، ثم التحق بجيش الشرق الذي شكلته سلطة الانتداب الفرنسي، وأمضى جانباً من خدمته في لواء اسكندرون، ثم عين قائداً لموقع البوكمال.
في سنة 1944م ترك جيش الشرق، وشارك مع بعض زملائه من الضباط الفارين بقيادة الثورات السورية ضد الانتداب الفرنسي، وفي إحدى المعارك في مدينة حماة تمكن مع مجموعة من مقاتليه من الاستيلاء على كل ما في داخل قلعتها من عتاد. وبعد الاستقلال تطوع في جيش الإنقاذ الذي قاده فوزي القاوقجي، وشارك في معارك فلسطين 1948، وكان قائداً لفوج اليرموك بالمنطقة الشمالية، وقام بالاستيلاء على عدة قرى بعد طرد القوات الصهيونية منها، وحينما حل هذا الجيش بقرار من جامعة الدول العربية[ر] التحق بالجيش السوري وكان مقرباً من رئيس هيئة الأركان العامة حسني الزعيم[ر]، وشارك في انقلابه الذي وقع في آذار 1949، وأصبح في عهده مديراً للشرطة والأمن العام، بيد أن خلافاً حاداً حدث بينه وبين الزعيم حول تسليم رئيس الحزب القومي السوري[ر] أنطون سعادة إلى الحكومة اللبنانية، وكان الشيشكلي من المعجبين بسعادة وفكره، فأمر الزعيم باعتقاله ثم بتسريحه من الجيش. وحينما قام الزعيم سامي الحناوي بالانقلاب الثاني يوم 14/8/1949، أعيد الشيشكلي إلى الجيش برتبة عقيد، وتسلم قيادة اللواء الأول في قطنا.
كانت سورية في تلك الآونة مسرحاً للتنافس بين تيارات سياسية متباينة، ففي حين كان الحناوي من الموالين لسياسة الوفاق مع النظام الملكي في العراق، كان الشيشكلي وثيق الصلة بالسعودية التي كانت حريصة، ومعها مصر، على تجنيب سورية مساومات مشروع الهلال الخصيب بوصفه مشروعاً هدفه خدمة المصالح الاستعمارية البريطانية من خلال حكومة العراق.
ومن أجل إبعاد سورية عن هذه المشاريع والمحافظة على سيادتها، قام الشيشكلي بحركته الانقلابية يوم 19/12/1949م دون إراقة دماء، وأبعد الزعيم الحناوي إلى خارج البلاد وبقي الرئيس هاشم الأتاسي في منصبه برئاسة الجمهورية، وكلف خالد العظم[ر] بتشكيل الوزارة. بيد أن الشيشكلي كان يقوم بتسيير الأمور من خلف الستار مكتفياً بمنصب متواضع (معاون رئيس الأركان). ولإحكام سيطرته على الجيش أمر بتشكيل «مجلس العقداء» المؤلف من خمسة من كبار عقداء الجيش النافذين، مهمتهم السهر على حفظ أمن البلاد وحسن إدارتها. وفي يوم 12/10/1950، تعرض لمحاولة اغتيال، اتهم فيها بعض خصومه في مجلس العقداء، في حين يرى فيه بعض المناوئين له أنها مجرد تمثيلية هدفها حل هذا المجلس والاستعاضة عنه بمجلس دفاع عسكري أصبح الشيشكلي رئيساً له إضافة لمنصبه الجديد كرئيس للأركان العامة.
كان الشيشكلي على صراع دائم مع أنصار حزب الشعب الذين قاموا بتشكيل وزارة جديدة برئاسة معروف الدواليبي، شغل فيها الأخير منصب وزير الدفاع إضافة إلى منصبه، الأمر الذي أغضب الشيشكلي لعدم استشارته، فقام بانقلابه الثاني يوم 2/12/1951م، تم على إثره تكليف الزعيم فوزي سلو برئاسة الدولة وتشكيل حكومة جديدة فيما بعد دخل فيها الشيشكلي بصفة وزير دولة، في الوقت الذي كان يمارس فيه بالخفاء مهام ومسؤوليات رئيس الجمهورية، ولكي يمسك بخيوط اللعبة السياسية كافة أعلن في تموز 1952م عن تأسيس حزب جديد أطلق عليه اسم «حركة التحرير العربي» لمواجهة خصومه في الأحزاب الأخرى، وعده التنظيم السياسي الوحيد في سورية، وفي تموز من عام 1953م أعلن نفسه رئيساً للجمهورية وحول نظام الحكم من برلماني إلى رئاسي، بموجب دستور قام هو بإعداده، وكان موضع نقد من قبل معارضيه السياسيين، زاعمين أن هدفه فرض الهيمنة العسكرية وتفتيت الإرادة الشعبية، واتجه الشيشكلي في سياسته العربية نحو مصر، التي سبق أن زارها مهنئاً بقيام ثورتها، وكانت علاقته حميمية بشكل خاص مع اللواء محمد نجيب[ر]، على أن هذا الاتجاه في سياسته لاقى معارضة من قبل زعماء الأحزاب السياسية (حزب الشعب والحزب الوطني وحزب البعث) وبدأت أحداث الشغب تظهر في دمشق، ثم مالبثت أن خرجت المظاهرات في كل مكان، فقام الجيش بقمعها جميعاً بمنتهى الشدة، مما دعا أقطاب الأحزاب والهيئات لعقد مؤتمر في حمص، وقاموا بصياغة ميثاق وطني تضمن الدعوة إلى إسقاط الحكم العسكري وإعادة الديمقراطية إلى البلاد، وكان رد الشيشكلي على هذه المطالب اعتقال بعض من حضر المؤتمر، فازدادت حدة التوتر في معظم المدن السورية وغصت السجون بالمعتقلين. وفي يوم 25 شباط 1954م تمكنت حامية حلب العسكرية من السيطرة على الإذاعة معلنة تمردها على الشيشكلي وطالبة منه الخروج من سورية تجنباً لإراقة الدماء، وأيدتها حامية دير الزور، وحامية حمص ثم انضمت إليهم حامية الساحل ثم حامية حوران، ولم يبق إلى جانب أديب الشيشكلي سوى حامية دمشق وما يتبع لها من وحدات، فبادر إلى تقديم استقالته التي أذيعت بعد مغادرته بطائرة ملكية خاصة إلى المملكة العربية السعودية، وعاد هاشم الأتاسي إلى رئاسة الجمهورية وكلف صبري العسلي[ر] بتشكيل الوزارة في 1/3/1954.
حاول الشيشكلي في أعقاب مغادرته سورية العودة إليها ثانية عن طريق إقناع بعض أنصاره في الجيش بالقيام بحركة انقلابية، بيد أنه أخفق وصدر بحقه حكم غيابي بالسجن المؤبد. وأمضى الفترة ما بين 1954ـ1960 متنقلاً بين السعودية وبيروت وبعض العواصم الغربية إلى أن استقر بمدينة «سيرس» في البرازيل، وفي يوم 27/9/1964 أقدم أحد أفراد الجالية السورية المقيمة هناك على اغتياله، وحمل نعشه من برازيليا إلى مسقط رأسه في مدينة حماة حيث وُوري الثرى.
مصطفى الخطيب
(1909ـ 1964م)
في سنة 1944م ترك جيش الشرق، وشارك مع بعض زملائه من الضباط الفارين بقيادة الثورات السورية ضد الانتداب الفرنسي، وفي إحدى المعارك في مدينة حماة تمكن مع مجموعة من مقاتليه من الاستيلاء على كل ما في داخل قلعتها من عتاد. وبعد الاستقلال تطوع في جيش الإنقاذ الذي قاده فوزي القاوقجي، وشارك في معارك فلسطين 1948، وكان قائداً لفوج اليرموك بالمنطقة الشمالية، وقام بالاستيلاء على عدة قرى بعد طرد القوات الصهيونية منها، وحينما حل هذا الجيش بقرار من جامعة الدول العربية[ر] التحق بالجيش السوري وكان مقرباً من رئيس هيئة الأركان العامة حسني الزعيم[ر]، وشارك في انقلابه الذي وقع في آذار 1949، وأصبح في عهده مديراً للشرطة والأمن العام، بيد أن خلافاً حاداً حدث بينه وبين الزعيم حول تسليم رئيس الحزب القومي السوري[ر] أنطون سعادة إلى الحكومة اللبنانية، وكان الشيشكلي من المعجبين بسعادة وفكره، فأمر الزعيم باعتقاله ثم بتسريحه من الجيش. وحينما قام الزعيم سامي الحناوي بالانقلاب الثاني يوم 14/8/1949، أعيد الشيشكلي إلى الجيش برتبة عقيد، وتسلم قيادة اللواء الأول في قطنا.
كانت سورية في تلك الآونة مسرحاً للتنافس بين تيارات سياسية متباينة، ففي حين كان الحناوي من الموالين لسياسة الوفاق مع النظام الملكي في العراق، كان الشيشكلي وثيق الصلة بالسعودية التي كانت حريصة، ومعها مصر، على تجنيب سورية مساومات مشروع الهلال الخصيب بوصفه مشروعاً هدفه خدمة المصالح الاستعمارية البريطانية من خلال حكومة العراق.
ومن أجل إبعاد سورية عن هذه المشاريع والمحافظة على سيادتها، قام الشيشكلي بحركته الانقلابية يوم 19/12/1949م دون إراقة دماء، وأبعد الزعيم الحناوي إلى خارج البلاد وبقي الرئيس هاشم الأتاسي في منصبه برئاسة الجمهورية، وكلف خالد العظم[ر] بتشكيل الوزارة. بيد أن الشيشكلي كان يقوم بتسيير الأمور من خلف الستار مكتفياً بمنصب متواضع (معاون رئيس الأركان). ولإحكام سيطرته على الجيش أمر بتشكيل «مجلس العقداء» المؤلف من خمسة من كبار عقداء الجيش النافذين، مهمتهم السهر على حفظ أمن البلاد وحسن إدارتها. وفي يوم 12/10/1950، تعرض لمحاولة اغتيال، اتهم فيها بعض خصومه في مجلس العقداء، في حين يرى فيه بعض المناوئين له أنها مجرد تمثيلية هدفها حل هذا المجلس والاستعاضة عنه بمجلس دفاع عسكري أصبح الشيشكلي رئيساً له إضافة لمنصبه الجديد كرئيس للأركان العامة.
كان الشيشكلي على صراع دائم مع أنصار حزب الشعب الذين قاموا بتشكيل وزارة جديدة برئاسة معروف الدواليبي، شغل فيها الأخير منصب وزير الدفاع إضافة إلى منصبه، الأمر الذي أغضب الشيشكلي لعدم استشارته، فقام بانقلابه الثاني يوم 2/12/1951م، تم على إثره تكليف الزعيم فوزي سلو برئاسة الدولة وتشكيل حكومة جديدة فيما بعد دخل فيها الشيشكلي بصفة وزير دولة، في الوقت الذي كان يمارس فيه بالخفاء مهام ومسؤوليات رئيس الجمهورية، ولكي يمسك بخيوط اللعبة السياسية كافة أعلن في تموز 1952م عن تأسيس حزب جديد أطلق عليه اسم «حركة التحرير العربي» لمواجهة خصومه في الأحزاب الأخرى، وعده التنظيم السياسي الوحيد في سورية، وفي تموز من عام 1953م أعلن نفسه رئيساً للجمهورية وحول نظام الحكم من برلماني إلى رئاسي، بموجب دستور قام هو بإعداده، وكان موضع نقد من قبل معارضيه السياسيين، زاعمين أن هدفه فرض الهيمنة العسكرية وتفتيت الإرادة الشعبية، واتجه الشيشكلي في سياسته العربية نحو مصر، التي سبق أن زارها مهنئاً بقيام ثورتها، وكانت علاقته حميمية بشكل خاص مع اللواء محمد نجيب[ر]، على أن هذا الاتجاه في سياسته لاقى معارضة من قبل زعماء الأحزاب السياسية (حزب الشعب والحزب الوطني وحزب البعث) وبدأت أحداث الشغب تظهر في دمشق، ثم مالبثت أن خرجت المظاهرات في كل مكان، فقام الجيش بقمعها جميعاً بمنتهى الشدة، مما دعا أقطاب الأحزاب والهيئات لعقد مؤتمر في حمص، وقاموا بصياغة ميثاق وطني تضمن الدعوة إلى إسقاط الحكم العسكري وإعادة الديمقراطية إلى البلاد، وكان رد الشيشكلي على هذه المطالب اعتقال بعض من حضر المؤتمر، فازدادت حدة التوتر في معظم المدن السورية وغصت السجون بالمعتقلين. وفي يوم 25 شباط 1954م تمكنت حامية حلب العسكرية من السيطرة على الإذاعة معلنة تمردها على الشيشكلي وطالبة منه الخروج من سورية تجنباً لإراقة الدماء، وأيدتها حامية دير الزور، وحامية حمص ثم انضمت إليهم حامية الساحل ثم حامية حوران، ولم يبق إلى جانب أديب الشيشكلي سوى حامية دمشق وما يتبع لها من وحدات، فبادر إلى تقديم استقالته التي أذيعت بعد مغادرته بطائرة ملكية خاصة إلى المملكة العربية السعودية، وعاد هاشم الأتاسي إلى رئاسة الجمهورية وكلف صبري العسلي[ر] بتشكيل الوزارة في 1/3/1954.
حاول الشيشكلي في أعقاب مغادرته سورية العودة إليها ثانية عن طريق إقناع بعض أنصاره في الجيش بالقيام بحركة انقلابية، بيد أنه أخفق وصدر بحقه حكم غيابي بالسجن المؤبد. وأمضى الفترة ما بين 1954ـ1960 متنقلاً بين السعودية وبيروت وبعض العواصم الغربية إلى أن استقر بمدينة «سيرس» في البرازيل، وفي يوم 27/9/1964 أقدم أحد أفراد الجالية السورية المقيمة هناك على اغتياله، وحمل نعشه من برازيليا إلى مسقط رأسه في مدينة حماة حيث وُوري الثرى.
مصطفى الخطيب