آرثر شوبنهور Arthur Schopenhauerفيلسوف التشاؤم جعل للإرادةمكاناًعالياًفي الميتافيزيقا

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • آرثر شوبنهور Arthur Schopenhauerفيلسوف التشاؤم جعل للإرادةمكاناًعالياًفي الميتافيزيقا

    شوبنهور (آرثر ـ)
    (1788 ـ 1860)
    آرثر شوبنهور Arthur Schopenhauer، فيلسوف التشاؤم الذي جعل للإرادة مكاناً عالياً في الميتافيزيقا، ولد في مدينة غدانسك Gdansk (دانتزغ) في بولندا، وتلقى تعليماً عالمياً، فقد قضى سنتين في فرنسا وتعلم بها، ثم انتقل إلى لندن والتحق بمدارسها، ثم رحل إلى سويسرا فالنمسا، والتحق أخيراً بجامعة غوتنغن، لدراسة الطب، قرأ أفلاطون وكَنْت وتأثر بهما، وقرر أن تكون الفلسفة تخصصه، فالتحق بجامعة برلين عام 1810، وحصل على درجة الدكتوراه، وبعدها درس الفن فكتب مؤلفه «نظرية الأبصار والألوان» ثم كتب كتابه الرئيس «العالم إرادة وامتثال» وفي عام 1820 نال درجة دكتوراه ثانية في التدريس والتأهيل، تنقل بعدها بين إيطاليا وبرلين وفرانكفورت.
    حاز شوبنهور عام 1839 جائزة الجمعية الملكية للعلوم عن رسالته «حرية الإرادة» ومن أهم مؤلفاته: «حول الإرادة في الطبيعة» عام 1836 و«أساس الأخلاق» 1839 و«المشكلتان الرئيسيتان في الأخلاق» عام 1841 و«الحواشي والبواقي» عام 1851، وله بعض المقالات والرسائل الصغيرة.
    تقوم فلسفة شوبنهور في جوهرها على الإرادة، وتعني عنده رغبة ملحة لا تهدأ، وقوة عمياء لا عاقلة، واحدة في جميع الموجودات، لا تتجزأ، وقد فسر شوبنهور عملية الانتقال من الوحدة إلى الكثرة بتأثير من نظرية الصور الأفلاطونية بالقول بالصور، باعتبارها الأشكال الأزلية للظواهر أو الأنواع المعقولة التي تشارك فيها المحسوسات، وهذه هي بداية التحقق الموضوعي للإرادة، والإرادة هي «الشيء في ذاته» وهي بهذا المعنى خارج الزمان والمكان والعلية، وهي العمل، فمظاهر الإرادة ليست أعمال الجسم الإرادية فحسب، بل أعمال العقل اللاإرادية وما العقل إلا خادم لها، وما الحياة إلا الإرادة الغريزية للبقاء، فالإرادة اندفاع أعمى، يتعاقب فيه الموت والحياة، وما يموت في الإنسان هو العقل، أما الإرادة فهي العنصر الخالد فيه.
    وتشكل معرفة الإرادة في النفس معرفة الإرادة الطبيعية، التي تُعرف من خلال البدن، فالبدن هو الإرادة منظوراً إليه من باطن، والإرادة هي البدن منظوراً إليها من الخارج. ومن هنا فإن الجسم هو مفتاح فهم سائر الموضوعات، بالنظر إليها على إنها إرادة، وحياة الإنسان كفاح مستمر من أجل الحياة والإبقاء على النوع، لذلك فإن مركز الإرادة هو في الأعضاء التناسلية، لذا فالإرادة، لا العقل، هي جوهر الطبيعة البشرية، وإذا ما تأمل الإنسان في نفسه فإنه يكتشفها على أنها مجرد إرادة، وهي محور الوجود، «والعالم إرادة»
    ويرى شوبنهور أن الأخلاق تقوم على أسس فطرية، وأن هناك خمس كيفيات للسلوك الإنساني هي: الغضاضة والأنانية والعدالة والإحسان والزهد. واختيار الناس لأحد هذه الأنماط يعود إلى أسباب كثيرة، فكم من إنسان يختار العدالة خوفاً من القانون، أو الإحسان من أجل اكتساب شهرة في الفضيلة، وكذلك شأن الذين يضعون الكرامة والخوف من تبكيت الضمير هاديات سلوكهم، فإنهم يتصرفون كذلك بدافع الأنانية والاهتمام بالذات.
    لفلسفة شوبنهور نظرة تشاؤمية، فالحياة شر، لأنه كلما ازداد وعي الإنسان ازدادت آلامه، ولأنه حرب، صراع بين الهزيمة والنصر، إن طبيعة الحياة تقدم نفسها بصورة مقصودة لتوقظ في الإنسان الاعتقاد بأن لا شيء فيه خليق بأن يجعله يتمسك بها، وهذا ما يدفعه إلى أن يميت فيه كل رغبة وكل طموح، وليس أدل على ذلك من الزمان، فهو الذي ينشب أظفار الفناء في كل موجود، ويحيل كل سعادة إلى عدم، ومنبع هذه الشرور هو الإنسان، ولا أمل في إصلاحه، وستظل الإنسانية على ما هي عليه من لؤم وفساد، وعلة هذا الشر إرادة الحياة، إذ كان من الأولى بها منذ البدء أن لا تتحقق على صورة هذا الوجود، ولا خلاص للإنسان من ذلك الألم إلا بإنكار ذاته والابتعاد عن الطبيعة كلها لأنها مظاهر للإرادة، وإماتة كل غريزة جنسية لأن فيها استمراراً للحياة، وإذا ما وصل إلى ذلك استحال إلى عقل خالص يتجلى فيه العالم باستمرار، فتبدو الحياة كأنها حلم، وإذا ما استيقظ اكتشف أن هذا الوجود هو العدم.
    وبالمقابل يذهب شوبنهور في فلسفة الفن إلى اعتبار الجميل هو الصورة، فالأشياء الجميلة هي التي تعبر عن الصور، والحكم التقويمي هو حكم قبلي، وهذه القبلية تتعلق بموضوع الظاهرة وتتصل بماهية الظاهر، لا بالكيفية التي يظهر عليها، أما الشعور بالجمال فهو حالة التأمل الخالص، ونسيان الفردية، وهي اللحظة التي يتحول فيها الشيء الجزئي إلى صورة نوعه، وهذا الشعور يتم بلا صراع مع موضوعات الطبيعة، أما إذا حصل عبر نضال شعوري وانفصال حاد عن الإرادة، فإن هذا الشعور يصبح شعوراً بالجلال أو السمو، وله أنواع ثلاثة: حركي إذا كان موضوعه الطبيعة، ورياضي إذا كان المقدار، وأخلاقي إذا كان مسرحه النفس الإنسانية، أما وسائل التعبير عن الجمال، فعلى أنحاء عدة، بحسب مادة التعبير، فإذا كانت الحجر كان التعبير بالمعمار، وإذا كانت اللغة كان بالشعر، وإذا كانت النغمة كان بالموسيقى، وأدنى هذه الدرجات فن العمارة، ويظهر الدرجات الدنيا في الطبيعة مثل الثقل، ثم الفنون التشكيلية: النحت يُظهر الصورة الإنسانية، أما التصوير فيمثل الأخلاق، والنحت والتصوير يطلعاننا على المعاني بوساطة علاماتها الطبيعية، أما الشعر فيوحي بالمعاني بوساطة الألفاظ، وأخيراً الموسيقى وهي فن يستغني عن كل صورة مكانية، فليست الموسيقى صورة ظاهرة، وإنما تعبير عن الإرادة ذاتها.
    عبير الأطرش

يعمل...
X