الشائعة
الشائعة rumor ظاهرة نفسية اجتماعية قديمة، تظهر عندما تقل المعلومات أو تكون مشوشة أو تقل الثقة بوسائل الإعلام، فالشائعة مثلاً هي التي قادت سقراط إلى الموت، وكذلك عرفها التاريخ الإسلامي، وتعد حادثة الإفك أبرز مثال لها.
وتعرّف الشائعة بأنها رواية يتم تناقلها بطريق الاتصال الشخصي، من دون وجود مصدر يؤكد صحتها، وهي اختلاق لقضية أو خبر ليس له أساس في الواقع، وقد يعبر عنه بالكلمة أو الرسم الكاريكاتيري أو النكتة.
أما أحمد أبو زيد فقد عرّفها، بأنها الترويج بخبر مختلق لا أساس له من الواقع، وقد تأتي في سرد خبر يحتوي جزءاً ضئيلاً من الحقيقة.
ويرى آلبورت Allport أن انتشار الشائعة يرتبط بمقدار أهمية موضوعها من جهة، ومقدار الغموض الذي يلف به من جهة ثانية، أما فستنغر Festenger L. فيؤكد أهمية عدم الوضوح المعرفي في انتشار الشائعة، ويرى أن العلاقة بينهما علاقة طردية، فالشائعة تميل للظهور في المواقف التي تكون المعلومات فيها قليلة أو مشوشة.
وتصنف الشائعات بناء على عدة أسس، منها الزمن أو الموضوع الذي تدور حوله الشائعة، أو على أساس الحالة العقلية والدوافع التي تكمن وراء سريانها. تقسم الشائعة المصنفة على أساس الزمن إلى:
ـ الشائعة الخابية: وهي شائعة تنتشر ببطء «بطرق سرية وهمساً».
ـ الشائعة الغاطسة: تنتشر لفترة من الزمن، ثم تختفي لتظهر مرة ثانية عندما تتهيأ لها الظروف.
ـ الشائعة الاندفاعية: وتنتشر بسرعة فائقة، وتكون سائدة في الأجواء المشحونة وتوجه ضد الأعداء.
وتقسم الشائعات أيضاً حسب الدوافع إلى:
ـ شائعات الخوف: وتنتشر في الأجواء المشحونة بالخوف والقلق والتوتر، وغالباً ما تنتشر في أوقات الحروب والأزمات.
ـ شائعات الكراهية: وتسمى أيضاً بشائعات دق الإسفين، وتعبر هذه الشائعات عن مشاعر الكراهية لدى بعض الأفراد تجاه مواضع أو أفراد آخرين.
ـ شائعات الأحلام والأماني: وتعبر عن الرغبات الموجودة لدى الأفراد، وهي شبيهة بالأحلام التي تنفّس عن رغبات الفرد وآماله التي لم يستطع تحقيقها.
وتقسم بحسب ما تحتويه من حقيقة إلى:
ـ الشائعة المختلقة كلياً.
ـ الشائعة القائمة على المبالغة في خبر فيه شيء من الصحة.
ـ الشائعة القائمة على تشويه خبر فيه شيء من الصحة.
ويضيف «آلبورت» شائعات أخرى يصعب تصنيفها في معيار محدد.
كما تتعرض الشائعة في أثناء انتشارها إلى بعض التغيّرات مثل الاختزال إذ تستبعد منها عناصر أساسية كانت منها، والإبراز إذ حيث يتم التركيز على جوانب محددة من الشائعة وإهمال جوانب أخرى، والتمثل إذ تُظهر الشائعة عقيدة الفرد المروج لها ومصالحه ورغباته ومخاوفه.
كما يتوقف انتشار الشائعة على طبيعة الأفراد المتلقين لها، وخصائصهم، وغالباً ما يتصف الشخص الذي يتقبلها بجملة من السمات أهمها القابلية للإيحاء، وقلة المعلومات التي يمتلكها عن موضوع الشائعة، إضافة إلى امتلاكه دوافع معينة ذات صلة بموضوع الشائعة. وإضافة إلى ذلك تؤدي الدوافع النفسية دوراً أساسياً في انتشار الشائعة، سواء عند مروجيها، أم متلقيها، ومن عند مروجيها، على سبيل المثال، جذب الانتباه أو حب الظهور، والإسقاط الذي يعد واحداً من آليات الدفاع النفسي والعدوان الموجهة نحو الآخرين، وبعث الثقة بالنفس والاطمئنان وتهدئة التوترات الانفعالية.
أما عند الجمهور المتلقي للشائعة، فهو على الأغلب تمسه مباشرة، وخاصة ما يترتب عليها من آثار فعلية، كالشائعات التي تفيد بزيادة الأجور عند ذوي الأجور المنخفضة، أو يتخذ من موضوعها موقفاً محدداً (مؤيداً أو معارضاً)، كالشائعة التي تفيد بهزيمة الأعداء أو فقدانهم القدرة على الاستمرار في عدوانيتهم، أو أنها ترتبط بآماله وطموحاته التي يسعى إليها.
وبسبب ما تؤدي إليه الشائعات من تأثير معنوي ونفسي في الأفراد على اختلاف مستويات تفكيرهم، تلجأ إليها الدول والأحزاب السياسية بغية استخدامها في حالات الحرب والسلم، ففي حالة الحرب تؤدي الشائعات إلى تثبيط الروح المعنوية لدى الأعداء، وتؤدي إلى نشر الفوضى في عناصره، وفي حالة السلم يبقى نشر الشائعة كبالون اختبار لمعرفة ردود أفعال جماعة معينة على بعض الموضوعات. كما تلجأ الأحزاب إلى نشر الشائعات في أثناء الانتخابات لمحاولة جذب أصوات المقترعين إليها، وتنفيرهم من التصويت للأحزاب الأخرى.
يمكن مقاومة الشائعة بنشر البيانات والمعلومات الصحيحة وإزالة الغموض، وفي هذا السياق يمكن للمؤسسات الإعلامية في الدول كافة أن تؤدي دوراً كبير الأهمية في توضيح الأبعاد السياسية والاجتماعية للشائعات التي يمكن لها أن تؤثر في تماسك أبناء المجتمع، وتقلل من روابطهم، وتشكك من القيمة الفعلية لتراثهم الحضاري، وللرموز الثقافية التي تعد مرجعية نفسية لأبناء المجتمع الواحد، فالشائعات التي تهدف إلى التقليل من أهمية الرموز الثقافية والحضارية للأمة، إنما تستهدف إضعاف الروابط التي تشد الناس إلى بعضهم وتجعل منهم كلاً موحداً، ولهذا تقع على عاتق المؤسسات الإعلامية مسؤوليات ثقافية وحضارية كبيرة للحد من انتشار الشائعات المضللة.
مازن ملحم
الشائعة rumor ظاهرة نفسية اجتماعية قديمة، تظهر عندما تقل المعلومات أو تكون مشوشة أو تقل الثقة بوسائل الإعلام، فالشائعة مثلاً هي التي قادت سقراط إلى الموت، وكذلك عرفها التاريخ الإسلامي، وتعد حادثة الإفك أبرز مثال لها.
وتعرّف الشائعة بأنها رواية يتم تناقلها بطريق الاتصال الشخصي، من دون وجود مصدر يؤكد صحتها، وهي اختلاق لقضية أو خبر ليس له أساس في الواقع، وقد يعبر عنه بالكلمة أو الرسم الكاريكاتيري أو النكتة.
أما أحمد أبو زيد فقد عرّفها، بأنها الترويج بخبر مختلق لا أساس له من الواقع، وقد تأتي في سرد خبر يحتوي جزءاً ضئيلاً من الحقيقة.
ويرى آلبورت Allport أن انتشار الشائعة يرتبط بمقدار أهمية موضوعها من جهة، ومقدار الغموض الذي يلف به من جهة ثانية، أما فستنغر Festenger L. فيؤكد أهمية عدم الوضوح المعرفي في انتشار الشائعة، ويرى أن العلاقة بينهما علاقة طردية، فالشائعة تميل للظهور في المواقف التي تكون المعلومات فيها قليلة أو مشوشة.
وتصنف الشائعات بناء على عدة أسس، منها الزمن أو الموضوع الذي تدور حوله الشائعة، أو على أساس الحالة العقلية والدوافع التي تكمن وراء سريانها. تقسم الشائعة المصنفة على أساس الزمن إلى:
ـ الشائعة الخابية: وهي شائعة تنتشر ببطء «بطرق سرية وهمساً».
ـ الشائعة الغاطسة: تنتشر لفترة من الزمن، ثم تختفي لتظهر مرة ثانية عندما تتهيأ لها الظروف.
ـ الشائعة الاندفاعية: وتنتشر بسرعة فائقة، وتكون سائدة في الأجواء المشحونة وتوجه ضد الأعداء.
وتقسم الشائعات أيضاً حسب الدوافع إلى:
ـ شائعات الخوف: وتنتشر في الأجواء المشحونة بالخوف والقلق والتوتر، وغالباً ما تنتشر في أوقات الحروب والأزمات.
ـ شائعات الكراهية: وتسمى أيضاً بشائعات دق الإسفين، وتعبر هذه الشائعات عن مشاعر الكراهية لدى بعض الأفراد تجاه مواضع أو أفراد آخرين.
ـ شائعات الأحلام والأماني: وتعبر عن الرغبات الموجودة لدى الأفراد، وهي شبيهة بالأحلام التي تنفّس عن رغبات الفرد وآماله التي لم يستطع تحقيقها.
وتقسم بحسب ما تحتويه من حقيقة إلى:
ـ الشائعة المختلقة كلياً.
ـ الشائعة القائمة على المبالغة في خبر فيه شيء من الصحة.
ـ الشائعة القائمة على تشويه خبر فيه شيء من الصحة.
ويضيف «آلبورت» شائعات أخرى يصعب تصنيفها في معيار محدد.
كما تتعرض الشائعة في أثناء انتشارها إلى بعض التغيّرات مثل الاختزال إذ تستبعد منها عناصر أساسية كانت منها، والإبراز إذ حيث يتم التركيز على جوانب محددة من الشائعة وإهمال جوانب أخرى، والتمثل إذ تُظهر الشائعة عقيدة الفرد المروج لها ومصالحه ورغباته ومخاوفه.
كما يتوقف انتشار الشائعة على طبيعة الأفراد المتلقين لها، وخصائصهم، وغالباً ما يتصف الشخص الذي يتقبلها بجملة من السمات أهمها القابلية للإيحاء، وقلة المعلومات التي يمتلكها عن موضوع الشائعة، إضافة إلى امتلاكه دوافع معينة ذات صلة بموضوع الشائعة. وإضافة إلى ذلك تؤدي الدوافع النفسية دوراً أساسياً في انتشار الشائعة، سواء عند مروجيها، أم متلقيها، ومن عند مروجيها، على سبيل المثال، جذب الانتباه أو حب الظهور، والإسقاط الذي يعد واحداً من آليات الدفاع النفسي والعدوان الموجهة نحو الآخرين، وبعث الثقة بالنفس والاطمئنان وتهدئة التوترات الانفعالية.
أما عند الجمهور المتلقي للشائعة، فهو على الأغلب تمسه مباشرة، وخاصة ما يترتب عليها من آثار فعلية، كالشائعات التي تفيد بزيادة الأجور عند ذوي الأجور المنخفضة، أو يتخذ من موضوعها موقفاً محدداً (مؤيداً أو معارضاً)، كالشائعة التي تفيد بهزيمة الأعداء أو فقدانهم القدرة على الاستمرار في عدوانيتهم، أو أنها ترتبط بآماله وطموحاته التي يسعى إليها.
وبسبب ما تؤدي إليه الشائعات من تأثير معنوي ونفسي في الأفراد على اختلاف مستويات تفكيرهم، تلجأ إليها الدول والأحزاب السياسية بغية استخدامها في حالات الحرب والسلم، ففي حالة الحرب تؤدي الشائعات إلى تثبيط الروح المعنوية لدى الأعداء، وتؤدي إلى نشر الفوضى في عناصره، وفي حالة السلم يبقى نشر الشائعة كبالون اختبار لمعرفة ردود أفعال جماعة معينة على بعض الموضوعات. كما تلجأ الأحزاب إلى نشر الشائعات في أثناء الانتخابات لمحاولة جذب أصوات المقترعين إليها، وتنفيرهم من التصويت للأحزاب الأخرى.
يمكن مقاومة الشائعة بنشر البيانات والمعلومات الصحيحة وإزالة الغموض، وفي هذا السياق يمكن للمؤسسات الإعلامية في الدول كافة أن تؤدي دوراً كبير الأهمية في توضيح الأبعاد السياسية والاجتماعية للشائعات التي يمكن لها أن تؤثر في تماسك أبناء المجتمع، وتقلل من روابطهم، وتشكك من القيمة الفعلية لتراثهم الحضاري، وللرموز الثقافية التي تعد مرجعية نفسية لأبناء المجتمع الواحد، فالشائعات التي تهدف إلى التقليل من أهمية الرموز الثقافية والحضارية للأمة، إنما تستهدف إضعاف الروابط التي تشد الناس إلى بعضهم وتجعل منهم كلاً موحداً، ولهذا تقع على عاتق المؤسسات الإعلامية مسؤوليات ثقافية وحضارية كبيرة للحد من انتشار الشائعات المضللة.
مازن ملحم