فاو (قريه)
Al-Faw - Al-Faw
الفاو (قرية -)
تقع قرية «الفاو» Qaryat al Faw على بعد 700كم جنوب غربي مدينة الرياض، و150كم جنوب شرقي مدينة الخماسين عاصمة وادي الدواسر، و280كم شمال شرقي مدينة نجران، في المنطقة التي يتداخل فيها وادي الدواسر ويتقاطع مع جبل طويق عند فوهة مجرى قناة تسمى «الفاو»، ومن هنا جاءت تسميتها حديثاً بقرية الفاو، وورد اسمها في بعض المصادر «قرية».
تشرف قرية الفاو على الحافة الشمالية الغربية للربع الخالي، فهي بذلك تقع على الطريق التجاري الذي يربط بين جنوبي الجزيرة العربية وشمالها الشرقي.
بدأ الاهتمام بقرية الفاو على أنها موقع أثري منذ إشارة بعض موظفي شركة «أرامكو» إليها منذ الأربعينات من القرن العشرين، ثم قام بزيارتها كل من الرحالة الألماني عبد الله فيلبي H.St Philby (الذي كان اسمه هانز وتَسمىّ عبد الله بعد أن اعتنق الإسلام) والعالم البلجيكي ج.ركمانز G.Ryckmans سنة 1952، اللذين رسما خارطة للموقع ونقلا بعض النقوش، ثم قام الأب ألبرت جام A.Jammeبرحلة إليها سـنة 1969، ودرس مجموعة من كتاباتها المنتشرة على سفح جبل طويق المطل على «قرية» شرقاً.
وقد قام قسم التاريخ في جامعة الرياض برحلة استطلاعية عام 1971 لعمل دراسة علمية للموقع وتحديد المنطقة الأثرية لـ «قرية»، ثم بدأت أعمال التنقيب فيها منذ عام 1972 لمواسم عدة، ونُشرت نتائج التنقيب في حولية كلية الآداب لجامعة الرياض.
تعود أهمية «قرية» إلى موقعها، فهي تسيطر على طريق القوافل الذي يربط بين جنوب الجزيرة العربية وشمالها وشمالها الشرقي، إذ كانت تتجه القوافل من الجنوب من ممالك سبأ ومعين وقتبان، وحضرموت وحمير إلى نجران ومنها إلى «قرية»، ثم إلى الأفلاج فاليمامة، ثم تتجه شرقاً إلى الخليج وشمالاً إلى وادي الرافدين وبلاد الشام.
ودلت الكتابات المكتشفة أن «قرية» كانت عاصمة لمملكة لها دور في تاريخ الجزيرة العربية لمدة تربو على خمسة قرون هي مملكة كندة.
كانت «قرية» مركزاً تجارياً واقتصادياً مهماً لسكان وسط الجزيرة العربية الذين تاجروا بالحبوب والطيوب والأحجار الكريمة والمعادن كالذهب والفضة والنحاس والحديد، واهتم سكان «قرية» بالزراعة، فحفروا الآبار الواسعة وشقوا القنوات السطحية، وزرعوا النخيل والكروم وبعض أنواع اللبان.
وقد أسفرت التنقيبات التي جرت في قرية الفاو عن الكشف عن المعالم الأثرية المهمة، وخاصة السوق والقصر والمعبد والمقابر والمنطقة السكنية.
يدل الطراز المعماري العام في «قرية» دلالة واضحة على أنه يمثل طرازاً عربياً فريداً، راعى الظروف البيئية واحتياجات السكان المختلفة، ومع ذلك فإن هذا الطراز لم يخل من تأثيرات معاصرة للطرز المعمارية في القرون الأولى للميلاد كما في اليمن والحضر.
واكتُشفت فيها كتابات كثيرة تعود إلى الفترة الواقعة بين القرن الأول والقرن الخامس الميلاديين ومكتوبة بالخط الجنوبي «القلم المسند»، وقد أفادت في تعرّف اسم عاصمة دولة «كندة» والتي تدعى قرية، ووصفتها بأنها «ذات كهل» من المعبود الرسمي لها.
ووجدت في القصر الرسوم الفنية التي تمثل قمة التطور الفني من حيث دقتها وتناسقها.وهناك التماثيل الحجرية والمعدنية التي تمثل مزيجاً حضارياً بين الشمال والجنوب امتد من القرن الثاني قبل الميلاد حتى القرن الخامس الميلادي.إضافة إلى المسكوكات التي وجدت، وأغلبها ضُرب في «قرية» نفسها، ومعظمها كان من الفضة، كما عثر في «قرية» على قطع فخارية وأوانٍ خزفية، ويعتقد أن أكثرها من صنع محلي.
يمكن القول: إن مجتمع مدينة «قرية»، عاصمة مملكة كندة، كان مجتمعاً متحضراً، فعلى الرغم من بعده الجغرافي عن منابع الحضارات وروافدها، إلا أن التجارة والثقل السياسي الذي تمثله دولة كندة جذبت إلى «قرية» أهم ميزات تلك الحضارات وتفاعلت معها فأنتجت حضارة خاصة بها.
محمود فرعون
Al-Faw - Al-Faw
الفاو (قرية -)
تشرف قرية الفاو على الحافة الشمالية الغربية للربع الخالي، فهي بذلك تقع على الطريق التجاري الذي يربط بين جنوبي الجزيرة العربية وشمالها الشرقي.
بدأ الاهتمام بقرية الفاو على أنها موقع أثري منذ إشارة بعض موظفي شركة «أرامكو» إليها منذ الأربعينات من القرن العشرين، ثم قام بزيارتها كل من الرحالة الألماني عبد الله فيلبي H.St Philby (الذي كان اسمه هانز وتَسمىّ عبد الله بعد أن اعتنق الإسلام) والعالم البلجيكي ج.ركمانز G.Ryckmans سنة 1952، اللذين رسما خارطة للموقع ونقلا بعض النقوش، ثم قام الأب ألبرت جام A.Jammeبرحلة إليها سـنة 1969، ودرس مجموعة من كتاباتها المنتشرة على سفح جبل طويق المطل على «قرية» شرقاً.
وقد قام قسم التاريخ في جامعة الرياض برحلة استطلاعية عام 1971 لعمل دراسة علمية للموقع وتحديد المنطقة الأثرية لـ «قرية»، ثم بدأت أعمال التنقيب فيها منذ عام 1972 لمواسم عدة، ونُشرت نتائج التنقيب في حولية كلية الآداب لجامعة الرياض.
تعود أهمية «قرية» إلى موقعها، فهي تسيطر على طريق القوافل الذي يربط بين جنوب الجزيرة العربية وشمالها وشمالها الشرقي، إذ كانت تتجه القوافل من الجنوب من ممالك سبأ ومعين وقتبان، وحضرموت وحمير إلى نجران ومنها إلى «قرية»، ثم إلى الأفلاج فاليمامة، ثم تتجه شرقاً إلى الخليج وشمالاً إلى وادي الرافدين وبلاد الشام.
ودلت الكتابات المكتشفة أن «قرية» كانت عاصمة لمملكة لها دور في تاريخ الجزيرة العربية لمدة تربو على خمسة قرون هي مملكة كندة.
كانت «قرية» مركزاً تجارياً واقتصادياً مهماً لسكان وسط الجزيرة العربية الذين تاجروا بالحبوب والطيوب والأحجار الكريمة والمعادن كالذهب والفضة والنحاس والحديد، واهتم سكان «قرية» بالزراعة، فحفروا الآبار الواسعة وشقوا القنوات السطحية، وزرعوا النخيل والكروم وبعض أنواع اللبان.
وقد أسفرت التنقيبات التي جرت في قرية الفاو عن الكشف عن المعالم الأثرية المهمة، وخاصة السوق والقصر والمعبد والمقابر والمنطقة السكنية.
يدل الطراز المعماري العام في «قرية» دلالة واضحة على أنه يمثل طرازاً عربياً فريداً، راعى الظروف البيئية واحتياجات السكان المختلفة، ومع ذلك فإن هذا الطراز لم يخل من تأثيرات معاصرة للطرز المعمارية في القرون الأولى للميلاد كما في اليمن والحضر.
واكتُشفت فيها كتابات كثيرة تعود إلى الفترة الواقعة بين القرن الأول والقرن الخامس الميلاديين ومكتوبة بالخط الجنوبي «القلم المسند»، وقد أفادت في تعرّف اسم عاصمة دولة «كندة» والتي تدعى قرية، ووصفتها بأنها «ذات كهل» من المعبود الرسمي لها.
ووجدت في القصر الرسوم الفنية التي تمثل قمة التطور الفني من حيث دقتها وتناسقها.وهناك التماثيل الحجرية والمعدنية التي تمثل مزيجاً حضارياً بين الشمال والجنوب امتد من القرن الثاني قبل الميلاد حتى القرن الخامس الميلادي.إضافة إلى المسكوكات التي وجدت، وأغلبها ضُرب في «قرية» نفسها، ومعظمها كان من الفضة، كما عثر في «قرية» على قطع فخارية وأوانٍ خزفية، ويعتقد أن أكثرها من صنع محلي.
يمكن القول: إن مجتمع مدينة «قرية»، عاصمة مملكة كندة، كان مجتمعاً متحضراً، فعلى الرغم من بعده الجغرافي عن منابع الحضارات وروافدها، إلا أن التجارة والثقل السياسي الذي تمثله دولة كندة جذبت إلى «قرية» أهم ميزات تلك الحضارات وتفاعلت معها فأنتجت حضارة خاصة بها.
محمود فرعون