الفلسفة العربية الإسلامية Islamic Arabic Philosophy مجموعة من تيارات الفكر العربي

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الفلسفة العربية الإسلامية Islamic Arabic Philosophy مجموعة من تيارات الفكر العربي

    فلسفه عربيه اسلاميه

    Islamic-Arabic philosophy - Philosophie arabe islamique

    الفلسفة العربية - الإسلامية

    الفلسفة العربية - الإسلامية Islamic - Arabic Philosophy مجموعة من تيارات الفكر العربي الفلسفي، نشأت في أحضان الثقافة الإسلامية التي تمثلت في القرآن وفي العلوم العربية، وتميزت بحلول مبتكرة ذات طابع فكري حر.
    ولما كانت الفلسفة، في جلّ ما في جوهرها، تفكيراً في الماورائيات، لم يعرف العرب هذا النوع من التفكير إلا في الإسلام. فقد جعلتهم الدعوة الإسلامية يتأملون في الله، في وجوده وصفاته، وفي خلود الروح وبعثها.
    ولعل الفتوحات الإسلامية هي التي قرّبت بين حضارات مختلفة راقية وبين الحضارة العربية، فقد احتك العرب بالفرس والسريان والروم والمصريين والهنود، فكانت حضاراتهم روافد أسهمت في تقوية نهر الفكر العربي. ولم يكن اقتباس العرب من هذه الحضارات مجرد نقل دون إبداع، فالشرقيون أبدعوا في الاقتباس، ولم يمض ردح من الزمن حتى أمسكوا بدفة القيادة الفكرية العالمية، وجددوا وابتكروا في الفلسفة أكثر مما اقتبسوا، وليس أدل على ذلك التجديد من صوفية الغزالي[ر] ورؤية ابن خلدون[ر] وشروحات ابن رشد[ر] لأرسطو[ر].
    ومما لاشك فيه أن انتشار الفلسفة اليونانية في شرق البحر الأبيض المتوسط، أي في منطقة ظهور الأديان السماوية الكبرى اليهودية والمسيحية والإسلام، قد أثر في الفلسفة العربية، لكن تأثر الفلاسفة العرب بفلاسفة اليونـان لم يقتل بادرتـهم الفرديـة، بل أضافوا إلى الأصل واختلفوا معه أحياناً، فنسجوا على منوال أفلاطـون[ر] وأرسطو[ر] وأفلوطين[ر]. ولكن الفلسفة العربية وإن شربت من منهل اليونان، فإن غايتها اختلفت، وصبّت في الدين فكانت توفيقية، وهذا ما جعلها تتميز من الفلسفات الأخرى.
    ولم يكن تطور الفكر العربي الفلسفي سريعاً، فقد تطلب اختماراً زمنياً طويلاً قبل نضوجه. ومرّ بمراحل تمهيدية انتقالية حتى رسا مع استقلالية المنهج عند الفارابي[ر]، ويُؤرَخ لمرحلته الأولى مع ظهور علم الكلام[ر]، هذا العلم الذي نشأ ضرورة مستجدة، حينما اشتد هجوم أصحاب الثقافات الفلسفية الوثنية على المسلمات الدينية، فاضطر نفر من أرباب النظر المسلمين إلى التسلح بالمنطق للرد على المخالفين والدفاع عن العقائد الدينية بالأدلة العقلية. وقد تمثل هذا الاتجاه في مواقف أهم علماء الكلام: المعتزلة[ر]، ومؤسسها واصل بن عطاء (699-748م)، ومبدأهم أن العقل مقياس الحقيقة، فلا إيمان بالعقائد الموروثة إلا بالاقتناع، وإذا ما تعارض العقل مع النقل، وجب تقديم العقل على النقل، وذلك بالتأويل. وبهذه الصورة ظهرت الفلسفة الإسلامية محاولة للتوفيق بين الفلسفة اليونانية في صورتها المتأخرة وقضايا الإسلام الأساسية. ولم تمر هذه المحاولات بسلام، فقد حدثت ردود فعل مختلفة، وبدرجات متفاوتة إذ تصدى الغزالي للفلسفة وكّفر منتحليها في مسائل معينة، ولكنه ارتضى منها بعض مسائل أخرى، في حين رفض ابن تيمية[ر] ومدرسته ومن هم على شاكلته، دعاوى الفلسفة والمنطق كلها.
    أما عن المرحلة الثانية لتطور الفكر العربي السائر نحو الفلسفة، فهي مرحلة الأشعرية التي أسسها أبو الحسن الأشعري[ر] (873-935م)، وناهض رأي المعتزلة وأدى دور الحل الوسط بين البصريين والمعتزلة، فكان أول مفكر توفيقي، اعتدل فاستوعب أكثر الناس في مذهبه.
    كما نبذ فريق آخر من المؤمنين أسلوب اللجاج العقلي ومضوا شوطاً بعيداً في طريق الإيمان الخالص، فسلكوا مسلك الحب والذوق والرياضة والمجاهدة، وبذلك ظهرت طوائف الزهّاد والعبّاد الخاشعين والبكّائين من أصحاب المواجد والأذواق الذين وضعوا البذور الأولى لقيام الحركة الصوفية في الإسلام، فكانت ردة فعل تطهرية، على جميع صور الجدل حول العقيدة. وعندما ذاعت قضايا الفلسفة واعتنقها المسلمون، كان على أساطين حركة التصوف الإسلامي أن يفسحوا لها مجالاً في مواقفهم المذهبية، وهكذا ظهر تيار التصوف الفلسفي عند ابن سينا[ر] والسهروردي[ر] وغيرهما.
    وتلا مرحلة علم الكلام مرحلة فلسفية أخرى بشرت بولادة المنهج الفلسفي المستقل، وهي مرحلة الفيلسوف العربي الكندي[ر]، الذي يشبه دوره العربي الحضاري دور سقراط[ر] في الفلسفة اليونانية، إذ ظهر عنده منعطف الفلسفة في طريقها إلى المنهج المستقل مع الفارابي ومن تلاه، فالكندي كان أفضل من وضع اصطلاحات فلسفية استوحاها من أفلاطون، ومع كونه معتزلياً لم يرض أن يحدّه علم الكلام، فخرج إلى نطاق الفكر الفلسفي الصرف ضارباً بتخوف الناس من الفلسفة عرض الحائط، وأخذ على نفسه مهمة إثبات أن الفلسفة لا تعارض الدين[ر]، وأن الخلاف بينهما عرضيّ يزول باللجوء إلى التأويل[ر]. وبهذا استطاع الكندي وضع حجر الأساس في بناء الفلسفة العربية.
    وعلى هذا يمكن القول: إن التراث العقلي والروحي عند العرب والمسلمين ينحصر في فروع ثلاثة: علم الكلام بمراحله الثلاث (العصر الأموي والعباسي والمتأخر) ومذاهبه ومواقفه المتعددة (المعتزلة والأشاعرة وما بين السلف والأشعرية)، والفلسفة الخالصة، والتصوف[ر] بأنواعه.
    وقد اختلف الباحثون والمؤرخون في تقدير منزلة الفلسفة العربية والإسلامية من التراث الإنساني الفلسفي، وفي تسمية هذا التراث، فهل هو تراث فلسفي عربي استناداً إلى أن اللغة العربية كانت لغة الإنتاج الفلسفي، وأن القرآن وهو دستور المسلمين قد نزل بالعربية، أم أن هذا التراث يعدّ فلسفة إسلامية من حيث أن منتحليها وكبار شخصياتها كان معظمهم من شعوب إسلامية غير عربية، أي من الفرس والخراسانيين والأتراك. ومهما يكن الأمر، لا يمكن نفي حقيقة أن العرب هم الدعامات الأولى للحضارة العربية، بما فيها من أنشطة مادية ومعنوية، وهم الرواد الأوائل للثقافة الإسلامية، إلا أن اطّراد تقدمها وسمة انتشارها لم يتحققا إلا بفضل إسهام الشعوب الإسلامية غير الناطقة بالعربية من فرس وخراسانيين وأتراك، وقد كتب بعضهم بالعربية أو بلغاتهم الأصلية، يُضاف إلى ذلك مجهودات أفراد من المسيحيين واليهود ممن أظلتهم الحضارة الإسلامية في عهدها الزاهر.
    وكانت مشكلة الجبر والاختيار من أولى المشكلات التي ثار الجدل حولها في بدايات علم الكلام، وانقسم المسلمون بصددها إلى: جبرية[ر. جهمية] يذهبون إلى أن أفعال الإنسان مقدرة أزلياً، وأنها تصدر عن إرادة الله دون أي تدخل إنساني؛ ثم إلى قدرية يقولون بحرية الإرادة، وأن الإنسان خالق لأفعاله، أي مختار في أفعاله حر في إرادته؛ ثم إلى المشبهة أو المجسمة الذين يشبهون الذات الإلهية بذات أخرى (أمثال السباية والبيانية والمغيرة، والهشامية واليونسية والجواربية والخابطية والكرامية)، وقد لقي مذهب المشبهة معارضة قوية من سائر أصحاب الفرق ولاسيما الجبرية والقدرية، كما كان موقف ابن كلاب الكلامي إرهاصاً مبكراً لموقف الأشاعرة الوسط.
    ثم تطور علم الكلام في العصر الأموي مع المعتزلة، أرباب الكلام وأصحاب الجدل والتمييز والنظر والاستنباط، فأسسوا قواعد الخلاف وجمعوا بين النقل والعقل وأقاموا سياجاً قوياً من البراهين العقلية والحجج المنطقية للدفاع عن العقيدة في مواجهة المخالفين لها. وقد تبلورت عقائدهم في صورة أصول خمسة هي: «العدل والتوحيد والوعد والوعيد والمنزلة بين المنزلتين والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر». وتوسع المعتزلة في شرح هذه الأصول، ممّا أدى إلى ظهور خلافات كثيرة أسهمت في انقسامهم إلى 22 فرقة، لكل منها موقف خاص. فأثيرت مشكلات عديدة كان أبرزها مشكلة خلق القرآن، ونفي إمكانية رؤية الله في الآخرة، ثم مشكلة الاختيار.
    وكانت تلك المشكلات نقطة انطلاق موقف جديد، مثلّه مذهب الأشاعرة الذي نهض للدفاع عن عقيدة السلف، ولِرد خطر غلو المعتزلة في آرائهم وتغليبهم العقل على النقل. فجهد الأشعري في بناء مذهب يندرج تحته المذاهب الفقهية الأربعة، لكن الشافعية تنكرت له، كما ثار عليه الحنابلة في بغداد عام 469هـ، وقد عبّر ابن تيمية عام 728ﻫـ عن هذا الموقف الحنبلي المعارض للأشعرية في ردوده الحاسمة عليهم.
    وقد توسط الأشاعرة بين المعتزلة والحشوية والمجسمة في مسألة الصفات الإلهية، فرفضوا التشبيه كالمعتزلة وأثبتوا الصفات المعنوية لله تعالى، والتزموا حدود السلف في التنزيه، وردوها إلى سبع صفات قديمة هي: القدرة والعلم والحياة والإرادة والسمع والبصر والكلام، وقالوا بقدم القرآن الكريم، وأقروا رؤية الله، واحترازاً من الوقوع في الشرك بإثبات قديمين: الله والعالم، قالوا: إن العالم مخلوق ومحدث. وللأشاعرة آراء في جملة مسائل؛ كرأيهم في معرفة الله والشفاعة والإمامة وغيرها.
    وجاء الغزالي بمؤلفه «تهافت الفلاسفة» ليكون أقوى معبّر عن هذا المذهب، في العالم الإسلامي، في دوره المتأخر الذي يُؤرَّخ له في القرن السادس للهجرة، وقد امتزج به علم الكلام امتزاجاً تاماً بالمنطق والفلسفة، وسار على منواله فخر الدين الرازي[ر].
    وكانت مشكلة العالم من أهم المشكلات التي واجهت المتكلمين والفلاسفة العرب، فاهتموا بها اهتماماً كبيراً، وكان تحديد الموقف من هذه المشكلة، يمثل الغاية الأساسية لأي عمل فكري أو فلسفي.
    وكان القرآن الكريم قد أعطى للمسلمين تصوراً محدداً للعالم يبين فيه موقع الإنسان، ووردت آيات كونية كثيرة وجهت الأنظار إلى الكون أو الطبيعة وعلاقتها بالخالق وعلاقة الإنسان بهما بوصفه عنصراً فاعلاً في الطبيعة، وقد اتخذت هذه المشكلة عـند المتكلمين والفلاسـفة طابـع البحث النظري المنظم، فكانت ثنائـية الله- العالم (بما فيه الإنسان) تمثل القاسم المشترك في أعمالهم. وكان لتصور العالم عندهم مستويان: ميتافيزيقي، يتناول العلاقة بين الله والعالم، وفيزيقي يشرح مفهوم العالم بوصفه كل ما سوى الله، يهتم بفكرة الطبيعة والقوانين السببية التي تحكمها. وقد ارتبط المستوى الأول (الميتافيزيقي) عندهم بمسألة تصورهم للألوهية، لذلك كان البحث في هذا الموضوع مدخلاً للبحث في العالم، وكان لإثبات العلاقة أو المفارقة بينهما دور أساسي في بنية مذاهبهم الدينية والكلامية والفلسفية، لذلك كانت مشكلة «قدم العالم وحدوثه» في رأس قائمة اهتماماتهم الفكرية والفلسفية: هل العالم أزلي أم مخلوق؟ هل يحكمه قانون السببية؟ أم تحكمه المشيئة الإلهية؟.
    وبرز على هذا الصعيد تياران متوازيان، وربما متناقضان: الأول هو تيار القائلين بحدوث العالم ويضم جميع المتكلمين مع تفاوت خاص بالمعتزلة، والثاني، تيار القائلين بقدم العالم، ويضم جميع الفلاسفة مع استثناء خاص بالكندي.
    فقد أنكر بعض المتكلمين (المعتزلة) أي علاقة بين الله والعالم عدا علاقة الوجود، بينما حاول بعض الفلاسفة (الفارابي وابن سينا) إيجاد نوع من العلاقة عن طريق «نظرية الفيض»[ر] emanationism. هذا بالنسبة للمستوى الميتافيزيقي، أما المستوى الفيزيقي (الطبيعي)، فقد اهتم به المتكلمون والفلاسفة على حد سواء. فتناوله «المعتزلة» في نظريتهم عن الوجود والعدم والجوهر والعرض والسببية، كما فعلت «الأشاعرة» في نظريتهم الجزء الذي لا يتجزأ والجوهر والعرض ونفي السببية. في حين تناوله الفلاسفة من خلال مفاهيم الزمان والمكان والحركة والعلّة، وفي هذا المستوى برزت رؤيتهم للإنسان وأفعاله، فدارت أبحاثهم حول ما يسمى اليوم «مشكلة الحرية».
    كما تناول المتكلمون مشكلة السببية الكونية من خلال تناولهم للسببية الإنسانية، في حين بحث الفلاسفة في السببية الإنسانية من خلال بحثهم للسببية في الكون، فالفرق لا يتعدى نقطة البدء.
    واصطلح على تسمية هذه المشكلة في الفكر العربي- الإسلامي بـ«مشكلة الجبر والاختيار» التي توزعتها تيارات ثلاثة هي: الجبرية، والقدرية وتضم المعتزلة بمختلف فرقهم، والأشاعرة، التيار الذي أدخل نظرية «الكسب» محاولة منه للتوسط بينهما، «فالله هو محدث الأفعال، والعبد مكتسِب»، فالفاعل الحقيقي إذن هو الله، وهذا القول أقرب إلى الجبر ولكنه جبريّة معدّلة، لذلك قالوا عن الأشعري أنه قال بالجبر وتبرأ من اسمه.
    ولم تكن محاولات الفلاسفة العرب المسلمين (أمثال الكندي، والرازي، والفارابي، وإخوان الصفا، وابن سينا، والغزالي، وابن باجة، وابن طفيل، وابن رشد) في نظرتهم لمشكلة قدم العالم أو حدوثه، محاولة للتوفيق بين العقل والنقل أو بين الفلسفة والدين وحسب، بل موقف جديد وأصيل قدّم به الفلاسفة العرب بوادر الحل الجديد الذي بدأ مع المعتزلة، واتضحت معالمه مع الفارابي وابن سينا وابن باجة وابن طفيل، واكتملت مفاهيمه وأبعاده مع ابن رشد[ر]. فقد وجد أن المواقف من العالم ثلاثة وليست اثنين، كما يبدو في الظاهر، موقف المتكلمين بحدوث الذين يقولون بحدوث العالم، أي الخلق من عدم مطلق، وينكرون حتمية القانون العلمي ومبدأ السببية، وهم- برأي ابن رشد- ليسوا على ظاهر الشرع، كما يقولون، بل هم متأولون، لأنه ليس في الشرع أن الله كان موجوداً مع العدم المحض؛ والموقف الدهري الذي ينكر وجود فاعل للعالم، ويلتقي مع القائلين بالمصادفة ونفي القوانين الموضوعية، لذلك يصفه ابن رشد بالسقوط بقوله: «إن من يجوّز أن ها هنا أشياء تحدث من تلقائها... هو قول بيّن السقوط بنفسه». فالدهريون، هم الفلاسفة الماديون الذين أنكروا وجود مبدأ روحي للكون ورأوا أن الطبيعة مكتفية بذاتها، وأن الدهر دائر، لا أول له ولا آخر. وموقف الفلاسفة المتوسط بينهما، عنه يقول ابن رشد: «إن الاختلاف في مسألة قدم العالم أو حدوثه راجع إلى الاختلاف في التسمية، لو أنهم اتفقوا على أن هنالك ثلاثة أصناف من الموجودات، طرفان وواسطة بين الطرفين، فاتفقوا في تسمية الطرفين واختلفوا في الواسطة بينهما».
    ويرى ابن رشد أن المذاهب في العالم، ليست متباعدة بالقدْر الذي يؤدي إلى تكفير بعضها بعضاً، وهو في هذا يرّد على الغزالي الذي كفّر الفلاسفة في مسائل كثيرة كان أهمها قولهم بأزلية العالم.
    عبد الحميد الصالح
يعمل...
X