الفرس في العصور القديمة يشمل الإقليم الذي يطلق عليه اسم فارس Persia وهي تسمية يونانية

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • الفرس في العصور القديمة يشمل الإقليم الذي يطلق عليه اسم فارس Persia وهي تسمية يونانية

    فرس

    Persians - Persan

    الفرس

    الفرس في العصور القديمة
    يشمل الإقليم الذي يطلق عليه اسم فارس Persia - وهي تسمية يونانية - منطقة تمتد من القوقاز شمالاً إلى الخليج العربي جنوباً، ومن نهر الهندوس شرقاً حتى بلاد الرافدين غرباً. وعلى هذا يمتد الإقليم حالياً على أجزاء كبيرة من إيران وأفغانستان والعراق وباكستان. وقد أطلق أوائل الفرس على منطقتهم هذه اسم بلاد الآريين، في حين أطلقت عليهم المصنَّفات اليونانية اسم «الفرس» Persians وعلى أراضيهم اسم «فارس». علماً أن التسمية حالياً تطلق على أحد أقسام الهضبة الإيرانية المطلة على الخليج العربي، وهو الموطن الأول للقبائل الآرية التي قدمت أصلاً من مناطق متعددة في شمال جبال الأورال وتعايشت مع عناصر هندية متناثرة، استوطنت المنطقة قبل قدومهم، ولكنهم سادوها فيما بعد.
    بحسب الدراسات الأثرية، يعدُّ العيلاميون (الألف الثالث قبل الميلاد) أول من أنشأ حضارة متميزة على الهضبة الإيرانية. وبحسب المؤرخ الإغريقي هيرودوت[ر] تلا العيلاميين في سيادة المنطقة، الميديون (سكان إقليم ميديا) الذين أسسوا بدءاً من القرن الثامن قبل الميلاد أول كيان سياسي واسع، واكتسبوا كثيراً من ثقافات الأمم التي سبقتهم في السياسة والدين والاقتصاد وخاصة الهنود، كما تبنوا لغة هندو ـ أوربية قريبة من السنسكريتية[ر] واعتمدوا الخط المسماري في كتاباتهم الرسمية والدينية، والأحرف الآرامية لغيرها من الكتابات.
    ونحو أواسط القرن السادس ق.م، وبعد مقتل أستوآجس Astyages آخر ملوك ميديا، تمكنت العناصر الفارسية (سكان إقليم فارس) بقيادة قوروش[ر] وبعده ابنه قمبيز من تأسيس أول الممالك الفارسية على أنقاض الميديين، وتمكنوا من مدّ نفوذهم إلى أواسط آسيا الصغرى وآسيا الغربية، واحتلوا بلاد الرافدين ومصر ومناطق متعددة من شمالي الهند، وأطلقوا على امبراطوريتهم اسم «الأخمينية»[ر. الأخمينيون] Achaemenids، نسبة إلى أحد أجدادهم الأسطوريين. وإثر وفاة قمبيز تسلَّم الحكم أحد أقربائه المدعو داريوس ( دارا) Darius الذي نجح في تأسيس امبراطورية امتدت على الأقاليم السابقة نفسها، وتميزت منها بمركزية شديدة وتقسيمات إدارية قومية إلى حد كبير منحت قدراً من الحكم الذاتي. وارتبطت مع بعضها بشبكة طرق ممتازة، أسهمت في تأكيد عظمة الدولة التي غدت القوة الوحيدة في العالم، تلك القوة التي اهتزت إثر الحروب الفارسية[ر] التي قادها دارا وابنه أرتاحشويرش (إكسركسس) Xerxes ضد بلاد اليونان القارية (490-479ق.م). وهي الحروب التي كشفت عجز الدولة عسكرياً وأسهمت في تدهور أحوالها بعد هذا التاريخ، لكنها مع ذلك استمرت قائمة حتى غزو الإسكندر المقدوني[ر] لها (334ق.م)، وقيام العصر الهلنستي[ر] (306-30ق.م).
    تابع العنصر الفارسي وجوده كعنصر حاكم في ممالك العصرين الهلنستي والروماني، وأشهرها المملكة البارثية (الفرثية) التي انتهت في 224م، والمملكة الساسانية[ر] التي انتهت في 637م، والإمارات الأقل أهمية في منطقتي الشرق الأدنى والأوسط.
    آمن الفرس القدماء بقوى الطبيعة المجردة، وعبدوها حتى ظهور المصلح زرادشت (القرن 12-10ق.م) الذي دعا إلى ديانة قوامها إلاهان، «أهورامزدا» إله الخير و«أهريمان» إله الشر، يتساويان في المرتبة والأهمية ويتناوبان السيطرة على مصائر بني البشر. وقد ضمَّن زرادشت تعاليمه في كتاب مقدس دعاه «أُفستا»، وهو الكتاب الذي آمنت به غالبية الفرس حتى مطلع الفتح الإسلامي (635 -642م).
    وتشهد بقايا القصور والأوابد الدينية في عواصم الممالك الفارسية، وأشهرها سوسه وإكباتانا وبرسبوليس وطيسفون (المدائن)، بأن فنون وعمارة الحضارة الفارسية مثلَّت كل فنون الحضارات المجاورة، فكانت مزيجاً منها وخاصة الرافدية والإغريقية والمصرية والصينية، مع غلبة واضحة للمؤثرات الحضارية الهندية.
    اعتمد اقتصاد الفرس أساساً على الزراعة، ومارس الفرس، لتنوع أراضيهم وتفاوت مناخاتهم، زراعة مزروعات منطقة الشرقين الأوسط والأدنى كافة.
    ومع تزايد أعداد السكان وتوسع المدن، تطورت الصناعات المعدنية والنسيجية الخفيفة مما جعلها تنافس مثيلاتها في الحضارات المجاورة، وخاصة في صناعة السجاد والأسلحة. وقد حملت التجارة العالمية الفائض من هذه البضائع إلى أنحاء العالم كافة المعروف وقتئذ شرقاً وغرباً. وساعد على رواج هذه التجارة الاهتمام الكبير والعناية الفائقة بالطرق الملكية ومراكز البريد والأمن الذي وفره معظم الملوك الفرس الأقوياء. وكان أشهر هذه الطرق الطريق الملكي الذي ربط عواصم الفرس بمدينة سارديس Sardis، وكانت أهم المدن التجارية في غربي آسيا الصغرى حتى الفتح الإسلامي للمنطقة.
    الفرس في العصور الوسطى
    تبع الفرس الخلافة العربية الإسلامية، إثر معركة نهاوند[ر] (21هـ/636م) التي عُرفـت بـ «فتـح الفتوح» لأن مقاومة الفـرس المنظَّمة انهارت، وارتبط مـا بقـي من مقاومـة بشخصية يزدجـرد، الـذي قُتل سنة 31هـ/651-652م، فصالح الفرسُ المسلمين، وسلَّموهم خزائن الأموال.
    تقبل الفرس الفتح الإسلامي، فأسلم عدد كبير منهم عن إيمان وعقيدة، وتركوا عبادة النار. وكانت أعداد الفرس المسلمين تتزايد بمرور الزمن، ومما ساعد على سرعة اعتناق الفرس للإسلام وانتشاره بينهم سوء معاملة ولاة الدولة الساسانية لهم، واستبدادهم استبداداً اتسم بكثير من العنف والتعصب الديني. وتعلّم الذين اعتنقوا الإسلام أصوله، وظهر منهم العديد من العلماء والفقهاء، فأثّروا في علوم الدين واللغة والأدب.
    بقي بعض الفرس على دياناتهم السابقة، فسمح لهم المسلمون بممارسة شعائرهم الدينية بحرية مقابل دفع الرجال القادرين على حمل السلاح الجزية مقابل حمايتهم، وكانت نسبتها مقبولة ومتناسبة مع الوضع الاجتماعي، كما دفعوا الخراج عن أراضيهم، وكان مقداره يختلف حسب طريقة الفتح، وظلت معابد النار منتشرة في كل مكان، وخاصة في القرون الثلاثة الأولى، ولم يتعرض المسلمون لهم بأذى.
    حمل الفرس الذين أسلموا لقب «موالي»؛ وهو اسم حمله كل من أسلم من غير العرب. وارتضى الفرس هذه التسمية على الرغم مما فيها من معنى الالتحاق بالعرب المسلمين.
    كما تبنى الفرس كتابة لغتهم بالحروف العربية، وألفوا الكتب بدءاً من القرن الثاني إلى القرن الرابع الهجريين/الثامن إلى العاشر الميلاديين باللغة العربية فقط. ثم أخذوا يؤلفون من الرابع إلى السادس/العاشر إلى الثاني عشر بلغة ثنائية عربية وفارسية، وبدؤوا منذ القرن السابع/الثالث عشر، يؤلفون باللغة الفارسية خاصة، من دون أن يهملوا التأليف بالعربية نهائياً، لأنها لغة الدين الإسلامي الذي اعتنقوه.
    استقرت مجموعة من القبائل العربية مع الفرس منذ القرن الأول الهجري/السابع الميلادي، فقد هاجرت قبائل عربية مع بطونها وأنعامها هجرة استقرار، حتى أصبح سكان بلاد فارس مزيجاً من الفرس والعرب، وانصهروا بالتزاوج الذي تمَّ بين الطرفين. وجرت هجرة فارسية معاكسة، فقد نزح عدد من الفرس إلى بلاد العرب، وخاصة إلى العراق فاختلطوا بالعرب فيها، حتى إن نصف سكان الكوفة كانوا من الفرس المسلمين.
    عامل الخلفاء الراشدون الفرس معاملة حسنة - حسب ما جاء في الشريعة الإسلامية - وساووهم بالعرب، وطبقوا عليهم معاهدات الصلح، في حين ميَّز الأمويون العرب عليهم عصبية، ما عدا العلماء والفقهاء الذين أحسنوا معاملة الفرس، ولم يميزوا بينهم وبين العرب.
    حمل الفرس عبئاً كبيراً في اقتصاد المجتمع الإسلامي يؤهلهم لأن يكونوا أصحاب حق في قطف ثمار الرفاه الاقتصادي، ولما لم يحققوا ذلك في العهد الأموي، انضموا إلى الثورات التي قامت في وجه الأمويين مثل ثورة المختار بن أبي عبيد الثقفي، الذي أعطاهم نصيباً من الفيء لم يحصلوا عليه قبل ذلك. كما ثار الفرس الذين كانوا في جيش عبد الرحمن بن محمد الأشعث الكندي[ر]، المتوجه للقتال في سجستان ضد الحجاج بن يوسف الثقفي[ر] الذي أجبر الفرس على دفع الجزية بعد اعتناقهم الإسلام، وحرمهم من المساواة في العطاء، وأجبر الفلاحين من الموالي الفرس ـ الذين هاجروا إلى المدن ـ بالعودة إلى قراهم، ووسم اسم قرية كل رجل على ذراعه.
    ولما تولى عمر بن عبد العزيز الخلافة أسقط الجزية عمن أسلم منهم، وأمر بتسجيل المرابطين والمقاتلين منهم في العطاء والأرزاق، وأن يُوَزَع الفائض من جباية المنطقة على أهل الحاجة منهم، فـسارع الفرس إلى اعتنـاق الإسـلام. وجرت محاولة أخرى لإصلاح أوضـاع الفرس الاجتماعية والاقتصادية في عهد الخليفة هـشام بن عبد الملك، كما قامت ثورة الحـارث بن سـريح بين سـنتي 116-128هـ/734-746م تحت شعار تحقيق المساواة الاجتماعية والعودة إلى الكتاب والسنة، فازداد عدد المسلمين من الفرس، وازداد بناء المساجد.
    انتشرت بين الفرس فكرة المهدي المنقذ المنتظر الذي سينشر العدل ويوفر الاستقرار، والتف الفرس حول حركة التشيع، وتعلَّموا التقية، ذلك لأن التيار الشيعي عبر أطروحاته الإصلاحية، كان الأقدر على احتوائهم واستيعابهم، ولأن الفرس تمرسوا على تعظيم البيت المالك وتقديسه، خاصة وأن الحسين بن علي كان قد تزوج ابنة يزدجرد آخر ملوكهم.
    أيّد الفرس الثورة العباسية التي تبنت الدعوة لآل البيت، والمساواة بين المسلمين، وأعطت الخلافة العباسية بعد قيامها دوراً جيداً للفرس، وتمتعوا في عهدها بامتيازات واضحة، فتولوا مناصب قيادية في الوزارة وقيادة الجيوش وحكم الولايات وشكلَّوا حاشية الخلفاء، وأثرّوا في الحضارة العباسية، وخاصة في النظم السياسية والإدارية، وامتد تأثيرهم إلى الحياة الاجتماعية.
    ارتفع شأن الفرس في عهد المأمون الذي شكَّل جيشه لقتال جيوش أخيه الأمين منهم، وانتصر جيش المأمون على جيش الأمين الذي كان عربياً، فَعُدَّ انتصاره انتصاراً للفرس على العرب، وأصبح للفرس منذئذ دور بارز في المجتمع الإسلامي، وكان بروز القوة الفارسية على حساب القوة العربية.
    عمل الفرس على إثبات وجودهم القومي والعلمي وإبراز دورهم في الحضارة العالمية، ففخروا بأنسابهم، واعتزوا بقومهم، وترجموا العديد من كتبهم إلى العربية، واختاروا منها ما يرفع شأن الفرس. كما عمل قسم منهم على تشويه سمعة العرب، وطرقوا باب التأليف في الأنساب والمثالب العربية، ووضعوا قصصاً كثيرة تؤيد جانبهم اختلقوها اختلاقاً، وبرعوا في وضع الأحاديث في فضل الفرس، وأسندوها إلى الثقات من الصحابة.
    كما قام فريق منهم بتشويه تعاليم الإسلام، وإدخال شيء من دياناتهم السابقة ضمن تعاليمه لتشويه الإسلام، لأنهم رأوا أنهم لن يحصلوا على استقلالهم ما دام الإسلام في سلطانه، فبرزت على السطح حركات دينية وقومية، مثل حركة الراوندية وحركة المقنع الخراساني، وحركة بابك الخرمي، وبرزت الزندقة[ر] بصورة كبيرة.
    عمل الفـرس على تحقيـق استقلالـهم عـن الخلافـة العباسـية مستغليـن المناصـب التي تسلمـوها فكانت أول دولـهم المسـتقلة، الدولـة الظاهريـة (205-259هـ/820-873م)، وهي وإن كانت تدعو للخلافة العباسية على المنابر، إلا أنها حكمت المناطق الفارسية حكماً وراثياً مستقلاً. وكذلك فعل الصفاريون الذين أسسوا دولة (254-290هـ/868-903م)، والسامانيون (261-389هـ/874-999م) الذين رعوا الأدب الفارسي القومي، واهتموا بتاريخ الفرس القومي. كما أسس الفرس الدولة البويهية الشيعية التي حكمت منطقة واسعة، وسيطرت على بغداد نفسها لفترة ما بين 334-447هـ/945-1055م، وفكر البويهيون في القضاء على الخلافة العباسية لصالح الخلافة الفاطمية، وتمكن الفاطميون[ر] في القرن الرابع الهجري/العاشر الميلادي وما بعده من نشر المذهب الإسماعيلي في بلاد الفرس، مما ساعد على زيادة انتشار التشيع. وعمل السلاجقة[ر] التركمان السنة، على محاربة المذهب الشيعي في فارس، وأسسوا لذلك مدارس متعددة على رأسها المدارس النظامية التي أسسها الوزير السلجوقي نظام الملك[ر]، لتخريـج موظفين متعمقين بالمذهـب السني، واستمرت دولـة السلاجقة في حكم بلاد الفرس حتى 590هـ/1194م.
    وقد عانى الفرس في بداية حكم المغول الذين أسسوا في بلاد الفرس الدولة الإيلخانية من أمور عدة:
    أولها: أن المغول لم يحتلوا بلاد الفرس احتلالاً عسكرياً فقط، بل كان احتلالهم احتلال استقرار، فقد استقر الجيش الذي كان مكَّوناً من المغول والأتراك في بلاد الفرس، وكان لذلك أثره في اختلاط الفرس بالمغول والأتراك.
    ثانيها: أن المغول كانوا وثنيين مخالفين الفرس دينياً وعرقياً، فأساء بعض ملوكهم للفرس المسلمين، واضطهدوهم وظلموهم، وتعاطفوا مع المسيحيين، وشاركوهم في أعيادهم وأوقفوا الأوقاف لمصلحة الكنائس.
    ثالثها: أن بعض ملوك الإيلخانيين تحالفوا مع أوربا، وسمحوا للأوربيين بالنشاط في بلاد الفرس، فأخذ الأوربيون بإرسال المبشرين للدعوة للديانة المسيحية.
    رابعها: أن بلاد الفرس أصبحت مسرحاً للعمليات العسكرية بين المغول وأعدائهم، من دون أن يتمكن أي من المتنازعين تحقيق هدفه، وكان لذلك أثره على الفرس.
    خامسها: أن بعض ملوك الإيلخانيين وعلى رأسهم أرغونArghun ما بين (683-690هـ/1284-1291م) فرضوا أعباء مالية ضخمة على الفرس جُبيت بشدة وقسوة، مما أدى إلى حدوث أزمة مالية خانقة، وجرت محاولة لإنهاء الأزمة، بطرح عملة ورقية من فئات عدة للتداول، مكتوبة باللغة والحروف الصينية والفارسية، أُجبِر الفُرس على التعامل بها، فرفضوا استعمالها وأغلقوا الأسواق، واختفت المؤن من المدن، وانتشر اللصوص وقطاع الطرق، مما أدى إلى التراجع عن فرضها، وإلغائها، وكان لذلك أثره في الأوضاع الاقتصادية.
    وحين تولى غازانGhazan ما بين (694-7030هـ/1295-1304م) عرش الإيلخانية، تحول إلى الإسلام على المذهب السني من دون تعصب مذهبي، وبدأ انتشار الإسلام بين المغول بصورة كبيرة، واتُّبِعَتْ الشريعة الإسلامية في القضاء بدلاًٌ من «الياسا» المغولية، وأخذ الفرس يشاركون المغول في سَنِّ قوانين تنظم جميع قطاعات الحياة العامة في البلاد.
    أخذ المغول يتكلمون اللغة الفارسية، واختفى الكلام باللغة المغولية، وبدأ انصهار الشعبين الفارسي والمغولي في بوتقة واحدة دينياً ولغوياً، وكانت الغلبة للعنصر الفارسي الذي أذاب المغول في حضارته.
    تميزت فترة حكم الإيلخانيين للفرس بكثير من الخلافات المذهبية بين السنة والشيعة، بسبب تردد ملوك المغول بين المذهبين، وتعصب بعضهم لمذهب على آخر، وانتهى الأمر بانتصار المذهب الشيعي الإمامي وسيادته، وانتشاره بين غالبية السكان.
    كانت تبريز عاصمة الفرس في عهد الإيلخانيين، ثم انتقلت العاصمة إلى السلطانية قرب قزوين في عهد أولجايتو (خُدابندة) فتبارى الفنانون في تزيينها، ونمت إنجازات عديدة في هذا المجال.
    انقسمت بلاد الفرس بعد ضعف الإيلخانية إلى دولتين: المظفرية التي اتخذت من شيراز عاصمة لها، واعترفت بسيادة المماليك في مصر، ودولة سـربـدار مـن الشـيعة المتطرفين في الشمال الشرقي من البلاد، مما أدى إلى انتشار الدراويش المتعصبين. وبقي الأمـر على هـذه الحال حتى خضوع الفـرس لتيمورلنك (781-783هـ/1379-1381م). وظلت أوضاع الفرس في تخبط حتى قيام الدولة الصفوية.
    تميز الفرس بالقدرة الفائقة على تنظيم الحكم وإدارة البلاد، والاهتمام بحفظ الأنساب ومعرفة الحكمة، وعدم التسرع في الكلام، واتخاذ القرار إلا بعد طول فكرة واجتهاد ومشاورة ودراسة. وكان لهم إلمام كبير بالوسائل التي تزيد الثروة وتضاعفها، وتشجيع العلم بمعناه الواسع الذي يشمل الفلسفة بفروعها المختلفة. وكان لهم اهتمام بالفنون، ولهم كتب فيها صور ملوكهم، وبرعوا في صناعة الخزف، سواء ذي الزخارف المحفورة أو المرسومة أو بالتصوير الجداري أو الحفر على الأخشاب. إلى جانب صناعة النسيج الحريري المزين بزخارف نباتية وحيوانية وكتابية. إلى جانب الاهتمام بالبناء والعمران كبناء المساجد والقصور المزينة، والمدارس الفخمة، والأضرحة البرجية التي تعلوها قبة. ولهم أعياد احتفلوا بها كعيد المهرجان، وعيد النوروز، إضافة إلى الأعياد الإسلامية العامة، وأعياد الشيعة الخاصة مثل عيد غدير خم، ومأتم الحسين، وأربعينيته.
    أمينة بيطار. مفيد العابد
يعمل...
X