فيزيوقراطيه
Physiocracy - Physiocratie
الفيزيوقراطية
الفيزيوقراطيون أو الفيزيوقراط physiocrats هم أتباع المذهب الاقتصادي المعروف باسم الفيزيوقراطية ويسمون أيضاً الطَّبيعيون أو أنصار المذهب الطبيعي. وجاء المذهب الفيزيوقراطي رداً على مذهب (التجاريين) الذين كانوا يَعُدُّون فائض الميزان التجاري وسيلة لدخول المعادن الثمينة إلى الدولة ممَّا يزيد ثروتها. عدَّ الفيزيوقراطيون الأرض المصدر الوحيد للثروة وعَدُّوا الزراعة النشاط الاقتصادي الوحيد المنتج، بينما عدّوا الصناعة والتجارة والنقل أنشطة عقيمة لا تعطي أي قيمة إضافية، إذ يقتصر أثرها في تحويل القيم من شكل إلى آخر أو من مكان إلى آخر، بينما تعطي الزراعة إنتاجاً أعلى مما يُنفق عليها، إذ يُضاف جهد الطبيعة إلى جهد العمل الإنساني في تحقيق ناتج صاف.
تأسس مذهب الفيزيوقراط على أيدي فرانسوا كينيهFrançois Quesnay ما بين (1694-1774م) الذي قال بالنظام الطبيعي بدلاً من التدخلية في مذهب التجاريين، ومن أنصار هذا المذهب تلامذة فرانسوا كينيه وأهمهم «دي بون دونيمور ميرابو»، «تورغو» و«ميرسييه دو لا ريفيير»، والنظام الطبيعي يعني عند الفيزيوقراطين نظام الحرية الاقتصادية فقد أخذ أنصار هذا المذهب بمقولة فينسان دو غور ناي «دعه يعمل، دعه يمر».
يُعَدُ مذهب الفيزيوقراطيين الأساس الذي انطلقت منه دراسة الحرية الاقتصادية على أيدي آدم سميث[ر] ودافيد ريكاردو[ر] وسواهما من الاقتصاديين التقليديين. يرجع للفيزيوقراطيين الفضل في وضع كثيرٍ من المفاهيم والنظريات الاقتصادية. ويُعَدُّ «كينيه» واضع اللوحة الاقتصادية التي كانت الأساس الذي اعتمد عليه «ليون» و«إلراس» في صوغ نظرية التوازن العام، و«فاسيلي ليونتييف» في صوغ جداول المدخلات - المخرجات (input - output) التي تعبر عن العلاقات بين القطاعات والتشابكات بين المنتجين.
والفيزيوقراطيون هم الذين قالوا إن الأرض وحدها تعطي ناتجاً صافياً زيادة على تكاليف الإنتاج وبذلك أسسوا لنظرية القيمة الزائدة عند «ماركس» ولمفهوم فائض القيمة أو القيمة المضافة عند التقليديين.
لعل الفيزيوقراطيين كانوا أفضل من ربط بين الضريبة والناتج الصافي، إذ طالبوا بفرض ضريبة وحيدة على الزراعة من حيث إنها الوحيدة التي تعطي ناتجاً يزيد على مجموع تكاليف الإنتاج وميزوا بين الناتج الصافي والقيمة المضافة التي ترجع في مصدرها إلى العمل. فالناتج الصافي من الطبيعة تسهم فيه الأرض لزيادة الإنتاج.
والفيزوقراطيون كانوا أول من أشار إلى موضوعية القوانين الاقتصادية، فقد قالوا إن كل الظواهر الاقتصادية محكومة بقوانين مشابهة للقوانين الطبيعية، بمعنى أنها موضوعيًّا في معزل عن إرادة الناس ووعيهم. ويرجع إليهم تمييز العمل المنتج من العمل غير المنتج، فالأول وهو الزراعة يعطي ناتجاً صافياً، بينما يقتصر أثر الثاني في تحويل المواد من شكل إلى آخر، فلا يولد ناتجاً صافياًً، بل يغطي في أحسن الحالات تكلفة الإنتاج.
تعد كتابات الفيزيوقراطيين وما تضمَّنته من مقترحات لتنظيم الإنتاج الزراعي، وكذلك دعوتهم الدولة إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية النظام الطبيعي وتوفير شروط استمرار هذا النظام وتطوره بداية بناء التقعيد لسياسة اقتصادية تشمل تنظيم الزراعة، تنظيم المبادلات الدولية، إضافة إلى رسم سياسة ضريبية تحدد المطارح الضريبية وكيفية نقل العبء الضريبي.
لم يصمد المذهب الفيزيوقراطي أمام تطور الوقائع الاقتصادية، فقد تحولت الصناعة إلى القطاع الرائد في التطور الاقتصادي للعالم المعاصر، وكادت الزراعة تتحول إلى صنو التخلف في نظريات التنمية الاقتصادية، فالدول المتقدمة هي تلك التي تشكل الصناعة عماد اقتصاداتها. أهمل علم الاقتصاد مدة طويلة من الزمن المذهب الفيزيوقراطي غير أن انتشار المجاعات في العالم ونقص المخزونات الاحتياطية العالمية من المواد الغذائية الرئيسية أعاد للمذهب الفيزيوقراطي أثره في الفكر الاقتصادي، وبدأت برامج التنمية الوطنية والدولية تهتم بتنمية الزراعة وسيلة لمكافحة الفقر والقضاء على الجوع، فضلاً عن أن إخفاق التدخلية من ناحية وتراجع الاقتصادات المخططة مركزياً من ناحية أخرى، ذكّر بفضل الفيزيوقراطية في الدعوة إلى حرية الاقتصاد ورفع مبدأ «دعه يعمل، دعه يمر».
مطانيوس حبيب
Physiocracy - Physiocratie
الفيزيوقراطية
الفيزيوقراطيون أو الفيزيوقراط physiocrats هم أتباع المذهب الاقتصادي المعروف باسم الفيزيوقراطية ويسمون أيضاً الطَّبيعيون أو أنصار المذهب الطبيعي. وجاء المذهب الفيزيوقراطي رداً على مذهب (التجاريين) الذين كانوا يَعُدُّون فائض الميزان التجاري وسيلة لدخول المعادن الثمينة إلى الدولة ممَّا يزيد ثروتها. عدَّ الفيزيوقراطيون الأرض المصدر الوحيد للثروة وعَدُّوا الزراعة النشاط الاقتصادي الوحيد المنتج، بينما عدّوا الصناعة والتجارة والنقل أنشطة عقيمة لا تعطي أي قيمة إضافية، إذ يقتصر أثرها في تحويل القيم من شكل إلى آخر أو من مكان إلى آخر، بينما تعطي الزراعة إنتاجاً أعلى مما يُنفق عليها، إذ يُضاف جهد الطبيعة إلى جهد العمل الإنساني في تحقيق ناتج صاف.
تأسس مذهب الفيزيوقراط على أيدي فرانسوا كينيهFrançois Quesnay ما بين (1694-1774م) الذي قال بالنظام الطبيعي بدلاً من التدخلية في مذهب التجاريين، ومن أنصار هذا المذهب تلامذة فرانسوا كينيه وأهمهم «دي بون دونيمور ميرابو»، «تورغو» و«ميرسييه دو لا ريفيير»، والنظام الطبيعي يعني عند الفيزيوقراطين نظام الحرية الاقتصادية فقد أخذ أنصار هذا المذهب بمقولة فينسان دو غور ناي «دعه يعمل، دعه يمر».
يُعَدُ مذهب الفيزيوقراطيين الأساس الذي انطلقت منه دراسة الحرية الاقتصادية على أيدي آدم سميث[ر] ودافيد ريكاردو[ر] وسواهما من الاقتصاديين التقليديين. يرجع للفيزيوقراطيين الفضل في وضع كثيرٍ من المفاهيم والنظريات الاقتصادية. ويُعَدُّ «كينيه» واضع اللوحة الاقتصادية التي كانت الأساس الذي اعتمد عليه «ليون» و«إلراس» في صوغ نظرية التوازن العام، و«فاسيلي ليونتييف» في صوغ جداول المدخلات - المخرجات (input - output) التي تعبر عن العلاقات بين القطاعات والتشابكات بين المنتجين.
والفيزيوقراطيون هم الذين قالوا إن الأرض وحدها تعطي ناتجاً صافياً زيادة على تكاليف الإنتاج وبذلك أسسوا لنظرية القيمة الزائدة عند «ماركس» ولمفهوم فائض القيمة أو القيمة المضافة عند التقليديين.
لعل الفيزيوقراطيين كانوا أفضل من ربط بين الضريبة والناتج الصافي، إذ طالبوا بفرض ضريبة وحيدة على الزراعة من حيث إنها الوحيدة التي تعطي ناتجاً يزيد على مجموع تكاليف الإنتاج وميزوا بين الناتج الصافي والقيمة المضافة التي ترجع في مصدرها إلى العمل. فالناتج الصافي من الطبيعة تسهم فيه الأرض لزيادة الإنتاج.
والفيزوقراطيون كانوا أول من أشار إلى موضوعية القوانين الاقتصادية، فقد قالوا إن كل الظواهر الاقتصادية محكومة بقوانين مشابهة للقوانين الطبيعية، بمعنى أنها موضوعيًّا في معزل عن إرادة الناس ووعيهم. ويرجع إليهم تمييز العمل المنتج من العمل غير المنتج، فالأول وهو الزراعة يعطي ناتجاً صافياً، بينما يقتصر أثر الثاني في تحويل المواد من شكل إلى آخر، فلا يولد ناتجاً صافياًً، بل يغطي في أحسن الحالات تكلفة الإنتاج.
تعد كتابات الفيزيوقراطيين وما تضمَّنته من مقترحات لتنظيم الإنتاج الزراعي، وكذلك دعوتهم الدولة إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية النظام الطبيعي وتوفير شروط استمرار هذا النظام وتطوره بداية بناء التقعيد لسياسة اقتصادية تشمل تنظيم الزراعة، تنظيم المبادلات الدولية، إضافة إلى رسم سياسة ضريبية تحدد المطارح الضريبية وكيفية نقل العبء الضريبي.
لم يصمد المذهب الفيزيوقراطي أمام تطور الوقائع الاقتصادية، فقد تحولت الصناعة إلى القطاع الرائد في التطور الاقتصادي للعالم المعاصر، وكادت الزراعة تتحول إلى صنو التخلف في نظريات التنمية الاقتصادية، فالدول المتقدمة هي تلك التي تشكل الصناعة عماد اقتصاداتها. أهمل علم الاقتصاد مدة طويلة من الزمن المذهب الفيزيوقراطي غير أن انتشار المجاعات في العالم ونقص المخزونات الاحتياطية العالمية من المواد الغذائية الرئيسية أعاد للمذهب الفيزيوقراطي أثره في الفكر الاقتصادي، وبدأت برامج التنمية الوطنية والدولية تهتم بتنمية الزراعة وسيلة لمكافحة الفقر والقضاء على الجوع، فضلاً عن أن إخفاق التدخلية من ناحية وتراجع الاقتصادات المخططة مركزياً من ناحية أخرى، ذكّر بفضل الفيزيوقراطية في الدعوة إلى حرية الاقتصاد ورفع مبدأ «دعه يعمل، دعه يمر».
مطانيوس حبيب