فطرت (عبد رووف)
Fitrat (Abdull Ra’oof-) - Fitrat (Abdull Ra’oof-)
فطرت (عبد الرؤوف ـ)
(كان حياً في النصف الأول من القرن العشرين)
عبد الرؤوف فطرت، ملهم الحركة الإصلاحية في تركستان وواضع نظرياتها، لا يُعرف عن حياته سوى القليل، ولد في نهاية القرن التاسع عشر لعائلة من صغار التجار في بخارى، بدأ حياته معلماً، ثم جعل وقته كله للكتابة والشعر والصحافة، شارك ما بين سنتي 1908-1909م في حركة الإصلاح البخارية التي كان أفرادها يعنون بالإصلاح التربوي والتعليمي، إلا أنَّ هذه الحركة لم تلبث أن تحوَلت إلى حزب سياسي سنة 1917م عرف باسم «البخاريون الشباب» والذي أصبح فطرت زعيمه العقائدي.
اشترك في السنوات ما بين 1910-1914 بإصلاح نظام التعليم في بخارى وتركستان، وشجع على إرسال الطلاب إلى تركيا لمتابعة تعليمهم، تولى وزارة التعليم ثم وزارة الخارجية في الجمهورية الشعبية التي تأسست سنة 1920م، فلمّا تمَّ قمعها سنة 1924 لم يشترك في أي منصب حكومي، وتوجَّه إلى التدريس فدرَّس في جامعة سمرقند حتى ألقي القبض عليه سنة 1937، ثم اختفى ذكره بعد ذلك.
تناول فطرت في كتاباته كلها عوامل الانهيار الروحي والدنيوي للعالم الإسلامي، ودرس مظاهره الخارجية، وحاول أن يجد الحلول للقضاء على هذا الانهيار.
درس فطرت هذه الأزمة كما رآها متمثلة في بخارى، لأنه وجد المثال فيها واضحاً أكثر من أي بلد إسلامي آخر، فبخارى التي كانت واحدة من المراكز الرئيسة للإسلام، وقعت تحت سيطرة الروس، فهُجِرت المدارس، وغَرِقت الدولة التي كانت قوية في السابق في بحر من الفوضى السياسية والاجتماعية، وتحوَّلت العقيدة الإسلامية إلى ديانة متحجرة مقيدة بالقوانين المستبدة، وبالخرافات التي تؤمن بها الجماهير الشعبية.
فكَّر فطرت طويلاً بالوسائل التي يمكن بها لدولته وللمجتمع الإسلامي أن يتغلَّب على هذه الأزمة، وبما أنه كان مصلحاً ومربياً وسياسياً ذا تفكير ثوري فقد رأى أنَّ كل إصلاح يجب أن يبدأ بالعمل الجاد بين الناس، وأنه لا يمكن تحقيق أي تغيير في المجتمع الإسلامي دون تهيئة الأفراد وتثقيفهم لفهم معنى الإسلام الحقيقي وإدراكه، فقد كان يؤمن بضرورة الاجتهاد في الدين، وكره التقليد والجمود، فالقرآن ما أُنزل إلا ليُفهم، ولكي يُعمِل الإنسان عقله لتدبر معانيه وفهم أحكامه، واستنباط الأحكام منه ومن صحيح الحديث.
يؤكد فطرت استمرار أهمية الفرد والدور الذي عليه أن يؤديه، وأن إصلاح الفرد هو الشرط الرئيسي لإصلاح المجتمع، ولذلك فهو يوجه اهتماماً كبيراً في كتاباته لقضية المناهج التعليمية، لأن الثقافة التقليدية في رأيه أظهرت عجزها عن مواكبة التطور والتجديد والتغيير، إلا أنه في الوقت نفسه كان يرى أنَّ إصلاح المجتمع الإسلامي لا يكون فقط بإصلاح الأفراد، وإنما بإصلاح المؤسسات، فلم يترك مؤسسة من المؤسسات في برنامجه السياسي إلا انتقدها وبيّن نقاط الضعف فيها والوسائل التي يجب اتباعها لتلافي عجزها.
وجه فطرت اهتمامه كذلك للعلاقات العائلية ولمكانة المرأة في المجتمع الإسلامي، وكان يرى أنه لقيام مجتمع إسلامي صحيح، لا بُدَّ من ثورة سياسية واجتماعية لا تُبقي على شيء من الأفكار والمؤسسات والعلاقات الإنسانية التي تعود إلى فترة الجمود والانهيار، وأنه لابُد كذلك من التحرر من السيطرة الأجنبية التي كانت في رأيه سبباً وراء هذا التدهور الذي أصاب المجتمعات الإسلامية، ويؤكد فطرت ضرورة النشاط والعمل، ورفض السلبية والاستكانة، والتردد في تحمل المسؤولية، وضرورة التمسك بأحكام الدين القويم، والأخذ بالعلوم الحديثة التي تساعد على نهضة المجتمع الإسلامي.
أشهر مؤلفاته كتابه «المناظرة» الذي طبع للمرة الأولى في اصطنبول سنة 1908، وأعيدت طباعته بالفارسية في طشقند سنة 1913 وترجم إلى الروسية في طشقند سنة 1911.
نجدة خماش
Fitrat (Abdull Ra’oof-) - Fitrat (Abdull Ra’oof-)
فطرت (عبد الرؤوف ـ)
(كان حياً في النصف الأول من القرن العشرين)
عبد الرؤوف فطرت، ملهم الحركة الإصلاحية في تركستان وواضع نظرياتها، لا يُعرف عن حياته سوى القليل، ولد في نهاية القرن التاسع عشر لعائلة من صغار التجار في بخارى، بدأ حياته معلماً، ثم جعل وقته كله للكتابة والشعر والصحافة، شارك ما بين سنتي 1908-1909م في حركة الإصلاح البخارية التي كان أفرادها يعنون بالإصلاح التربوي والتعليمي، إلا أنَّ هذه الحركة لم تلبث أن تحوَلت إلى حزب سياسي سنة 1917م عرف باسم «البخاريون الشباب» والذي أصبح فطرت زعيمه العقائدي.
اشترك في السنوات ما بين 1910-1914 بإصلاح نظام التعليم في بخارى وتركستان، وشجع على إرسال الطلاب إلى تركيا لمتابعة تعليمهم، تولى وزارة التعليم ثم وزارة الخارجية في الجمهورية الشعبية التي تأسست سنة 1920م، فلمّا تمَّ قمعها سنة 1924 لم يشترك في أي منصب حكومي، وتوجَّه إلى التدريس فدرَّس في جامعة سمرقند حتى ألقي القبض عليه سنة 1937، ثم اختفى ذكره بعد ذلك.
تناول فطرت في كتاباته كلها عوامل الانهيار الروحي والدنيوي للعالم الإسلامي، ودرس مظاهره الخارجية، وحاول أن يجد الحلول للقضاء على هذا الانهيار.
درس فطرت هذه الأزمة كما رآها متمثلة في بخارى، لأنه وجد المثال فيها واضحاً أكثر من أي بلد إسلامي آخر، فبخارى التي كانت واحدة من المراكز الرئيسة للإسلام، وقعت تحت سيطرة الروس، فهُجِرت المدارس، وغَرِقت الدولة التي كانت قوية في السابق في بحر من الفوضى السياسية والاجتماعية، وتحوَّلت العقيدة الإسلامية إلى ديانة متحجرة مقيدة بالقوانين المستبدة، وبالخرافات التي تؤمن بها الجماهير الشعبية.
فكَّر فطرت طويلاً بالوسائل التي يمكن بها لدولته وللمجتمع الإسلامي أن يتغلَّب على هذه الأزمة، وبما أنه كان مصلحاً ومربياً وسياسياً ذا تفكير ثوري فقد رأى أنَّ كل إصلاح يجب أن يبدأ بالعمل الجاد بين الناس، وأنه لا يمكن تحقيق أي تغيير في المجتمع الإسلامي دون تهيئة الأفراد وتثقيفهم لفهم معنى الإسلام الحقيقي وإدراكه، فقد كان يؤمن بضرورة الاجتهاد في الدين، وكره التقليد والجمود، فالقرآن ما أُنزل إلا ليُفهم، ولكي يُعمِل الإنسان عقله لتدبر معانيه وفهم أحكامه، واستنباط الأحكام منه ومن صحيح الحديث.
يؤكد فطرت استمرار أهمية الفرد والدور الذي عليه أن يؤديه، وأن إصلاح الفرد هو الشرط الرئيسي لإصلاح المجتمع، ولذلك فهو يوجه اهتماماً كبيراً في كتاباته لقضية المناهج التعليمية، لأن الثقافة التقليدية في رأيه أظهرت عجزها عن مواكبة التطور والتجديد والتغيير، إلا أنه في الوقت نفسه كان يرى أنَّ إصلاح المجتمع الإسلامي لا يكون فقط بإصلاح الأفراد، وإنما بإصلاح المؤسسات، فلم يترك مؤسسة من المؤسسات في برنامجه السياسي إلا انتقدها وبيّن نقاط الضعف فيها والوسائل التي يجب اتباعها لتلافي عجزها.
وجه فطرت اهتمامه كذلك للعلاقات العائلية ولمكانة المرأة في المجتمع الإسلامي، وكان يرى أنه لقيام مجتمع إسلامي صحيح، لا بُدَّ من ثورة سياسية واجتماعية لا تُبقي على شيء من الأفكار والمؤسسات والعلاقات الإنسانية التي تعود إلى فترة الجمود والانهيار، وأنه لابُد كذلك من التحرر من السيطرة الأجنبية التي كانت في رأيه سبباً وراء هذا التدهور الذي أصاب المجتمعات الإسلامية، ويؤكد فطرت ضرورة النشاط والعمل، ورفض السلبية والاستكانة، والتردد في تحمل المسؤولية، وضرورة التمسك بأحكام الدين القويم، والأخذ بالعلوم الحديثة التي تساعد على نهضة المجتمع الإسلامي.
أشهر مؤلفاته كتابه «المناظرة» الذي طبع للمرة الأولى في اصطنبول سنة 1908، وأعيدت طباعته بالفارسية في طشقند سنة 1913 وترجم إلى الروسية في طشقند سنة 1911.
نجدة خماش