السهيلي (عبد الرحمن بن عبد الله-)
(508ـ581هـ/1114ـ1185م)
أبو القاسم، أحد الأعلام البارزين الذين شاركوا في نهضة تراثنا الإسلامي وإنمائه، حافظ، عالم باللغة والسير، ضرير، وُلد في مالقة، وعمي وعمره 17سنة، ونبغ، فاتصل خبره بصاحب مراكش فطلبه إليها وأكرمه، فأقام يصنف كتبه إلى أن توفي بها. نسبته إلى سهيل (من قرى مالقة)، وهو صاحب الأبيات التي مطلعها:
يا من يرى ما في الضمير ويسمع
أنت المُعدّ لكل ما يتوقع
قال تلميذه ابن دحية الكلبي (ت 633هـ): «نشأ بمالقة، وبها تعرف، وفي أكنافها تصرف، حتى بزغت في البلاغة شمسه، ونزعت إلى مطامح الهمم نفسه».
وقد عاش السهيلي في ظل دولة المرابطين ودولة الموحدين حيث بدأت تتضح معالم الدراسة اللغوية وتكتمل، وأصبح الأندلسيون مقصد الطلاب.
وقد حفظ الزمن أهم آثار السهيلي، أما ما غاب منها فلا يعدو أن يكون مسائل مفردة، وقد كانت هذه المسائل تسهم في غير شك في التعرف الكامل على شخصية السهيلي، ومع ذلك فإن ما بقي من مؤلفاته كفيل بإجلاء هذه الشخصية، وهذه هي مؤلفاته مرتبة ترتيباً زمنياً:
«نتائج الفكر»، وهو كتاب نحوي، وكتاب «أمالي السهيلي» وكتاب «الفرائض وشرح آيات الوصية» وكتاب «التعريف والإعلام بما أبهم في القرآن من الأسماء والأعلام» وكتاب «الروض الأنف» في شرح السيرة النبوية لابن هشام (ت 213هـ).
ولم يقتصر السهيلي على فن واحد، فقد كتب في النحو واللغة، والتفسير والفقه، والأخبار والأنساب، وامتاز كل تصنيف وإملاء بوحدة الموضوع، فنتائج الفكر مثلاً تدور حول النحو، وإن امتزجت ثقافته المتعددة التي كان يتوسل بها إلى تقرير ما يهدف إليه من الآراء، وكتاب «الفرائض» لا يتجاوز الحديث عن مصادر المواريث وأصولها، وأصحاب الفرائض، وتوزيع السهام، وكتاب «التعريف والإعلام» محدد الموضوع حيث تناول المبهمات في القرآن الكريم، و«الروض الأنف» في شرح السيرة النبوية لابن هشام.
وامتازت كذلك تصانيف أبي القاسم بالجدة، إما في اختيار الموضوع، وإما في تناوله، فهو لم يسبق إلى التأليف في مبهمات القرآن، وكان أول من تعرض إلى شرح السيرة النبوية، وأما الجدة في التناول فواضحة من اجتهاده في كل مسألة عرض لها في النحو أو الفقه أو التفسير.
أما أسلوبه العلمي فهو أسلوب العالم الأديب القادر على معالجة الفكرة مع حسن التأني والنفاذ.
وفي كتاب «التعريف والإعلام» يقول السهيلي: «قصدت أن أذكر في هذا المختصر الوجيز، ما تضمنه كتاب الله العزيز، من ذكر من لم يسم فيه باسمه العلم من نبي أو وليّ، أو غيرهما من آدمي، أو ملك أو جني، أو بلد، أو شجر، أو كوكب، أو حيوان له اسم علم قد عرف عند نقلة الأخبار، وإذا كان أهل الأدب يفرحون بمعرفة شاعر أُبهم اسمه في كتاب، وكذلك أهل كل صناعة يفرحون بأسماء أهل صناعتهم، فيرونه من نفيس بضاعتهم، فالقارئون لكتاب الله العزيز أولى أن يتنافسوا في معرفة ما أبهم، ويتحلوا بعلم ذلك عند المذاكرة. وكان إملائي لهذا الكتاب على سائل سألني عن هذه الأسماء المبهمة في القرآن إملاءً مما حفظته قديماً وحديثاً».
خلدون صبح
(508ـ581هـ/1114ـ1185م)
أبو القاسم، أحد الأعلام البارزين الذين شاركوا في نهضة تراثنا الإسلامي وإنمائه، حافظ، عالم باللغة والسير، ضرير، وُلد في مالقة، وعمي وعمره 17سنة، ونبغ، فاتصل خبره بصاحب مراكش فطلبه إليها وأكرمه، فأقام يصنف كتبه إلى أن توفي بها. نسبته إلى سهيل (من قرى مالقة)، وهو صاحب الأبيات التي مطلعها:
يا من يرى ما في الضمير ويسمع
أنت المُعدّ لكل ما يتوقع
قال تلميذه ابن دحية الكلبي (ت 633هـ): «نشأ بمالقة، وبها تعرف، وفي أكنافها تصرف، حتى بزغت في البلاغة شمسه، ونزعت إلى مطامح الهمم نفسه».
وقد عاش السهيلي في ظل دولة المرابطين ودولة الموحدين حيث بدأت تتضح معالم الدراسة اللغوية وتكتمل، وأصبح الأندلسيون مقصد الطلاب.
وقد حفظ الزمن أهم آثار السهيلي، أما ما غاب منها فلا يعدو أن يكون مسائل مفردة، وقد كانت هذه المسائل تسهم في غير شك في التعرف الكامل على شخصية السهيلي، ومع ذلك فإن ما بقي من مؤلفاته كفيل بإجلاء هذه الشخصية، وهذه هي مؤلفاته مرتبة ترتيباً زمنياً:
«نتائج الفكر»، وهو كتاب نحوي، وكتاب «أمالي السهيلي» وكتاب «الفرائض وشرح آيات الوصية» وكتاب «التعريف والإعلام بما أبهم في القرآن من الأسماء والأعلام» وكتاب «الروض الأنف» في شرح السيرة النبوية لابن هشام (ت 213هـ).
ولم يقتصر السهيلي على فن واحد، فقد كتب في النحو واللغة، والتفسير والفقه، والأخبار والأنساب، وامتاز كل تصنيف وإملاء بوحدة الموضوع، فنتائج الفكر مثلاً تدور حول النحو، وإن امتزجت ثقافته المتعددة التي كان يتوسل بها إلى تقرير ما يهدف إليه من الآراء، وكتاب «الفرائض» لا يتجاوز الحديث عن مصادر المواريث وأصولها، وأصحاب الفرائض، وتوزيع السهام، وكتاب «التعريف والإعلام» محدد الموضوع حيث تناول المبهمات في القرآن الكريم، و«الروض الأنف» في شرح السيرة النبوية لابن هشام.
وامتازت كذلك تصانيف أبي القاسم بالجدة، إما في اختيار الموضوع، وإما في تناوله، فهو لم يسبق إلى التأليف في مبهمات القرآن، وكان أول من تعرض إلى شرح السيرة النبوية، وأما الجدة في التناول فواضحة من اجتهاده في كل مسألة عرض لها في النحو أو الفقه أو التفسير.
أما أسلوبه العلمي فهو أسلوب العالم الأديب القادر على معالجة الفكرة مع حسن التأني والنفاذ.
وفي كتاب «التعريف والإعلام» يقول السهيلي: «قصدت أن أذكر في هذا المختصر الوجيز، ما تضمنه كتاب الله العزيز، من ذكر من لم يسم فيه باسمه العلم من نبي أو وليّ، أو غيرهما من آدمي، أو ملك أو جني، أو بلد، أو شجر، أو كوكب، أو حيوان له اسم علم قد عرف عند نقلة الأخبار، وإذا كان أهل الأدب يفرحون بمعرفة شاعر أُبهم اسمه في كتاب، وكذلك أهل كل صناعة يفرحون بأسماء أهل صناعتهم، فيرونه من نفيس بضاعتهم، فالقارئون لكتاب الله العزيز أولى أن يتنافسوا في معرفة ما أبهم، ويتحلوا بعلم ذلك عند المذاكرة. وكان إملائي لهذا الكتاب على سائل سألني عن هذه الأسماء المبهمة في القرآن إملاءً مما حفظته قديماً وحديثاً».
خلدون صبح