تعريف الأدب العالمي
الأدب العالمي هو الأدب الذي ارتقى إلى مستوى العالمية، واجتاز الحدود بين الدول، وترجم إلى كثير من لغات العالم، وحقق انتشارًا واسعًا، وشهرة كبيرة، بفضل ما يمتلك من خصائص فنية، تتمثل في تصويره بيئته، وتعبيره عن قضايا تهم الإنسان، مثل أدب: وليم شكسبير أو تولستوي أو فكتور هيجو أو آرنست همنغواي أو غابرييل غارثيا ماركيز.
ومثل هذا الفهم لهذا المصطلح غير بعيد عن المعنى الذي قال به الشاعر الألماني غوته«تـ1832» وهو أول من استخدم مصطلح «الأدب العالمي» ويعني غوته بهذا المصطلح الأدب، ولاسيما الشعر، الذي يرتقى إلى مستوى الإنسانية في موضوعاته وفنه، ولا يتخلى عن بعده القومي أو الوطني أو المحلي، ويحلم غوته بأن آداب الأمم سوف تلتقي ذات يوم في هذا الأدب العالمي، ولكن من غير أن تتخلى عن خصائصها المحلية ومن غير أن تذوب في وحدة الأدب، فهو لقاء إنساني، وهذا المصطلح هو قرين مصطلح الأدب المقارن .
والطموح إلى العالمية طموح قديم عرفته البشرية في الأديان والثقافات , وهو طموح إنساني أيضًا، ويمكن أن نذكر اتجاهين حققا العالمية، الأول هو الرومنتيكية، فقد دعا الاتجاه الرومنتيكي إلى العالمية وحقق المستوى العالمي في الشعر، وقد مثله كل من «لورد بيرون وشيلي وكيتس وورد زورث»في قصائدهم التي كانوا يرقون فيها إلى مستوى الإنسانية، وفي تطلعهم إلى تحقيق التغيير والخلاص للعالم كله، وإن كانت تطلعاتهم حلمية غير قادرة على الفعل في الواقع. أما الاتجاه الثاني الذي دعا إلى الأدب العالمي بصورة غير مباشرة وحققها فهو أدب الواقعية الاشتراكية، ولاسيما عند روادها الأوائل أمثال «تولستوي ومكسيم غوركي وتشيخوف» إذ إن أدب هؤلاء الإنسانيين حقق مفهوم الإنسانية وارتقى إلى مستوى العالمية ليس عن قصد، وإنما من خلال حب هؤلاء الأدباء للإنسان وتعاطفهم مع آلامه، ورغبتهم في تحقيق الخلاص للإنسان، ومن خلال صدقهم في تصوير الواقع في العهد القيصري، فكانوا يجمعون بين الواقعية في التصوير والرومانتيكية في حلم التغيير.
وقد تحقق الأدب العالمي في شعر شعراء مناضلين دافعوا عن الإنسان، ودعوا إلى الحرية والكرامة والعدالة الإنسانية، أمثال الشاعر التركي «ناظم حكمت»، والشاعر التشيلي «بابلو نيرودا»، والروائي غابرييل غارثيا ماركيز.
وقد تمركزت الدعوة إلى الأدب العالمي في أوروبا أولًا ثم في أمريكا ثانيًا،وهو ما يسمى بالمركزية الأوروبية، ورأى الدارسون الأوربيون أن الآداب التي تحقق العالمية هي الأدب اليوناني والروماني ثم الآداب الأوروبية، وربما اتجه هؤلاء الدارسون إلى الشرق قليلًا ليذكروا «طاغور» الشاعر الهندي، ولكن لم يحظ الأدب العربي إلا بالنزر القليل جدًا من الاهتمام من خلال ظروف ومناسبات تخضع للمصادفة، على نحو ما حظيت به «رسالة الغفران» للمعري أو بعض الأدباء المعاصرين الذين عاشوا في المهجر الأمريكي أمثال «جبران خليل جبران»، وربما لأن جبران كتب بالإنكليزية، فقد أقيم له تمثال في واشنطن، وهناك جمعيات أدبية في أمريكا باسمه، وما يزال كتابه «النبي»، وقد وضعه بالإنكليزية، مقروءًا إلى اليوم، وطبعاته تتجدد، وهو دعوة إلى البراءة والسماحة والحب كتبها جبران بأسلوب بسيط عفوي. وإذا كان حظ الأدب العربي من العالمية قليلًا فإن ذلك لا يرجع إلى أسباب خاصة به، ففي الأدب العربي من المؤهلات ما يرشحه إلى العالمية، ولكن هناك أسبابًا خارجية جعلت حظه من العالمية قليلًا، منها ضعف العرب وقوة الغرب، ولعل هذا السبب هو أهم الأسباب، وعنه تتفرع أسباب أخرى منها غياب الترجمة وتقصير العرب أنفسهم في التعريف بأدبهم، ويمكن القول إن الشاعرين «أدونيس» و«محمود درويش» والروائي «نجيب محفوظ» والمفكر والناقد «إدوارد سعيد» قد حققوا جميعًا قدرًا غير قليل من العالمية.