جديد السينما-5
محمد جميل خضر 28 يونيو 2023
سينما
شارك هذا المقال
حجم الخط
الفيلم الصيني "تنس الطاولة: الانتصار" Ping Pong: The Triumph
تأليف: فينج لي، بيي ليو وهوي مينغ.
إخراج: تشوا دينغ وبايميي يو.
(140) دقيقة.
رغم مشاكل الترجمة في النسخة التي شاهدتها من الفيلم، ومشاكل التوثيق حول التاريخ الذي حقّقت فيه الصين بطولة العالم لِكرة الطاولة على صعيد فرق الرجال، إلا أن الفيلم، على كل حال، لا بأس به، يُلقي ضوءًا ممكنًا على المُتاح بين يديّ مدرّب صينيّ، ليستعيد مكانة كرة الطاولة الصينية، في بلد يشارك في القرار مسؤولون حزبيون، ووكلاءُ نظام، وإعلامٌ أحاديُّ الوِجهة.
ربما كان ضروريًا أن تأتي المشاهد المتعلّقة بالتنافس وتبادل الكرة بين جهتيّ الطاولة طويلة ومكرّرة، فالفيلم يبني سرديّته على هاتيْن الركلتيْن من الجهتيْن (بينغ... بونغ). الأداء جاء متفاوتًا، الموسيقى معقولة، الرؤية الإخراجية التزمت، إلى حدٍّ كبير، بحيثيات المسألة المطروحة للمشاهدة: تدريب شبّان من أعمارٍ مختلفة وتهيئتهم وبث الروح المعنوية في دواخلِهم للعودة مرّة ثانية لمنصّات التتويج في لعبة تستأثر الصين، تقريبًا، بِمعظم ألقابِها، حتى أن الغرب الأوروبيّ غيّر كثيرًا من قواين اللعبة للحدِّ من هذه الهيمنة الصينية على لعبةٍ تعوّدنا ونحن صغار على أنها للتسليةِ فقط.
الفيلم الإيطالي Mixed by Erry
تأليف وإخراج: سيدني سيبيليا.
شارك في الكتابة: سيمونا فراسكا وأرماندو فيسكا
ساعة و50 دقيقة.
فيلمٌ حارٌّ من حرارة نابولي وفقْر كثير من أهلها، ومِن حرارة الجنوب أينما كان، يعاين فرص الصعود الكبرى في ثمانينيات القرن الماضي وتسعينياته. فيلمٌ خفيف الظل من خفّة ظل أهل نابولي، بليغٌ عند الحديث عن دقّة تمثّل مخرجِه تفاصيل تلك الأيام؛ نوع سياراتها، طرز بيوتها، ملابس أناسِها. عن الزمن الذهبي لـِ"الكاسيت" قبل أن يأتي القُرص المدمّج فيدْحره ويرْكله نحو زوايا النسيان. وعن العصر الذهبي لِموسيقى البوب. عن شباب إيطاليا وقيمة الأخوّة في ولايات الجنوب، وعن ألوان ذلك العصر الزاهية، ولُحمة العائلة، ووسائل كسب لقمة العيش حتى لو كانت تلك الوسيلة وضع الشاي في قوارير الويسكي الأميركي جاك دانييلز وبيعه للمسافرين والعابرين على أنه هذا النوع المرغوب، على ما يبدو، عند الطليان في ذلك الزمان.
الفيلم الأميركي "على أرض مقدسة" On Sacred Ground
تأليف وإخراج: جوشوا تيكيل وريبيكا هاريل تيكيل.
شارك في التأليف: وليام مابوثِر.
(86) دقيقة.
لعلّ أهمية الفيلم تأتي من كونه يطرح قضية بيئية وحقوقية قائمة لا تزال، تُعقَد لها المحاكم، وتتجدّد حولها مطالب أنصار البيئة والسكّان الأصليين في ولاية داكوتا الجنوبية الأميركية.
الصراع بين الشركة التي تمد خط أنابيب نفط داكوتا (خط أنابيب داكوتا أكسيس المثير للجدل)، ومَن يعارِض إكمال مدّه بسبب ما يرون أنه يتسبب به من تلوّث مياه الشرب الوحيدة التي تخدم السكّان الأصليين هناك، ومن استيلاء على أراضي هؤلاء السكان الأصليين، هو صراع معقّد، ولا شك في أن تبنّي وجهة نظر أحد الطرفين ليست بالأمر الهيّن، فالخط، حاليًا، ينقل يوميًا 570 ألف برميل نفط، ويُبقي الولايات المتحدة، على قدرٍ مهمٍّ من الاكتفاء الذاتيّ على صعيد الطاقة الأحفورية، لا بل يمكن أن يجعلها مصدِّرةً لها، وفي الجهة المقابلة فإن أي حديث عن الطاقة البديلة والخضراء والتنمية المستدامة لن يكون له معنى، بالنسبةِ للمعارضين، من دون اتخاذ خطوة جريئة من أصحاب القرار لإيقاف عمل الخط المتوحش الذي يطلق عليه أصحاب الأرض القدماء اسم الأفعى السوداء.
فيلم عن توحّش الرأسمالية مرّة ثانية، واستعدادها للقتل إن تطلّبت مصالحها الرأسمالية ذلك. عن مواصلة بيضُ أميركا الاستعمارية انتهاك حقوق السكّان الأصليين (يجري في الفيلم، وفي الواقع، اعتقال قادة الناشطين المعتصمين ضد الخط، وزعماء قبيلة سيوكس صاحبة السيادة على أرض قبائل لاكوتا، وضربهم، وإهانتهم، وقتل بعضهم). عن قيمة المعتقدات والقيم مقابل المال ورؤوسِهِ جميعها.
المؤلم، أن الشركة المستثمرة نقلت أعمال حفرها ومدّها الخط من داكوتا الشمالية إلى داكوتا الجنوبية، لأن المعترضين هناك (في الشمالية) كانوا من البيض الذين صاروا أغلبية في الشمال بعد إبادة معظم قبيلة داكوتا التي تحمل الولايتان (الشمالية والجنوبية) اسمها.
من المشاهد المؤثرة في الفيلم مشهد اعتذار ممثّلٍ عن المحاربين القدامى لزعيم قبيلة سيوكس عن كلِّ ما اقترفه نظامهم وبيضهم من جرائم بحق السكّان الأصليين. عدد كبير من المحاربين القدامى اصطفوا إلى جانب أصحاب الأرض والحق. زعيم القبيلة قال كلمات مؤثرة أمام المتضامنين، منها: "يجب أن تتّحد أرواحنا كي لا نواجه الفوضى" و"في طوق الحياة المقدس ليس هناك بداية ولا نهاية".
تحوُّلُ موقف المراسل الحر دانييل ماكنّي (الممثل وليام مابوثِر) من شخصٍ آتٍ لتحرير قصّةٍ صحافيةٍ مدفوعة الأجر تخدم الشركة المستثمرة في الخط، إلى إنسان يتبنّى موقف المعارضين، هو رأسمال الفيلم العادي على صعيد كلف الإنتاج وقصص الإبهار البصريّ والأدائيّ، وإن كان غير عاديٍّ عندما يتعلّق الأمر بِالموسيقى التي انحاز إليها، مترافقةً مع أصواتٍ بشريّةٍ وإيقاعاتٍ مُلتاعة.
محمد جميل خضر 28 يونيو 2023
سينما
شارك هذا المقال
حجم الخط
الفيلم الصيني "تنس الطاولة: الانتصار" Ping Pong: The Triumph
تأليف: فينج لي، بيي ليو وهوي مينغ.
إخراج: تشوا دينغ وبايميي يو.
(140) دقيقة.
رغم مشاكل الترجمة في النسخة التي شاهدتها من الفيلم، ومشاكل التوثيق حول التاريخ الذي حقّقت فيه الصين بطولة العالم لِكرة الطاولة على صعيد فرق الرجال، إلا أن الفيلم، على كل حال، لا بأس به، يُلقي ضوءًا ممكنًا على المُتاح بين يديّ مدرّب صينيّ، ليستعيد مكانة كرة الطاولة الصينية، في بلد يشارك في القرار مسؤولون حزبيون، ووكلاءُ نظام، وإعلامٌ أحاديُّ الوِجهة.
ربما كان ضروريًا أن تأتي المشاهد المتعلّقة بالتنافس وتبادل الكرة بين جهتيّ الطاولة طويلة ومكرّرة، فالفيلم يبني سرديّته على هاتيْن الركلتيْن من الجهتيْن (بينغ... بونغ). الأداء جاء متفاوتًا، الموسيقى معقولة، الرؤية الإخراجية التزمت، إلى حدٍّ كبير، بحيثيات المسألة المطروحة للمشاهدة: تدريب شبّان من أعمارٍ مختلفة وتهيئتهم وبث الروح المعنوية في دواخلِهم للعودة مرّة ثانية لمنصّات التتويج في لعبة تستأثر الصين، تقريبًا، بِمعظم ألقابِها، حتى أن الغرب الأوروبيّ غيّر كثيرًا من قواين اللعبة للحدِّ من هذه الهيمنة الصينية على لعبةٍ تعوّدنا ونحن صغار على أنها للتسليةِ فقط.
الفيلم الإيطالي Mixed by Erry
تأليف وإخراج: سيدني سيبيليا.
شارك في الكتابة: سيمونا فراسكا وأرماندو فيسكا
ساعة و50 دقيقة.
فيلمٌ حارٌّ من حرارة نابولي وفقْر كثير من أهلها، ومِن حرارة الجنوب أينما كان، يعاين فرص الصعود الكبرى في ثمانينيات القرن الماضي وتسعينياته. فيلمٌ خفيف الظل من خفّة ظل أهل نابولي، بليغٌ عند الحديث عن دقّة تمثّل مخرجِه تفاصيل تلك الأيام؛ نوع سياراتها، طرز بيوتها، ملابس أناسِها. عن الزمن الذهبي لـِ"الكاسيت" قبل أن يأتي القُرص المدمّج فيدْحره ويرْكله نحو زوايا النسيان. وعن العصر الذهبي لِموسيقى البوب. عن شباب إيطاليا وقيمة الأخوّة في ولايات الجنوب، وعن ألوان ذلك العصر الزاهية، ولُحمة العائلة، ووسائل كسب لقمة العيش حتى لو كانت تلك الوسيلة وضع الشاي في قوارير الويسكي الأميركي جاك دانييلز وبيعه للمسافرين والعابرين على أنه هذا النوع المرغوب، على ما يبدو، عند الطليان في ذلك الزمان.
الفيلم الأميركي "على أرض مقدسة" On Sacred Ground
تأليف وإخراج: جوشوا تيكيل وريبيكا هاريل تيكيل.
شارك في التأليف: وليام مابوثِر.
(86) دقيقة.
لعلّ أهمية الفيلم تأتي من كونه يطرح قضية بيئية وحقوقية قائمة لا تزال، تُعقَد لها المحاكم، وتتجدّد حولها مطالب أنصار البيئة والسكّان الأصليين في ولاية داكوتا الجنوبية الأميركية.
الصراع بين الشركة التي تمد خط أنابيب نفط داكوتا (خط أنابيب داكوتا أكسيس المثير للجدل)، ومَن يعارِض إكمال مدّه بسبب ما يرون أنه يتسبب به من تلوّث مياه الشرب الوحيدة التي تخدم السكّان الأصليين هناك، ومن استيلاء على أراضي هؤلاء السكان الأصليين، هو صراع معقّد، ولا شك في أن تبنّي وجهة نظر أحد الطرفين ليست بالأمر الهيّن، فالخط، حاليًا، ينقل يوميًا 570 ألف برميل نفط، ويُبقي الولايات المتحدة، على قدرٍ مهمٍّ من الاكتفاء الذاتيّ على صعيد الطاقة الأحفورية، لا بل يمكن أن يجعلها مصدِّرةً لها، وفي الجهة المقابلة فإن أي حديث عن الطاقة البديلة والخضراء والتنمية المستدامة لن يكون له معنى، بالنسبةِ للمعارضين، من دون اتخاذ خطوة جريئة من أصحاب القرار لإيقاف عمل الخط المتوحش الذي يطلق عليه أصحاب الأرض القدماء اسم الأفعى السوداء.
فيلم عن توحّش الرأسمالية مرّة ثانية، واستعدادها للقتل إن تطلّبت مصالحها الرأسمالية ذلك. عن مواصلة بيضُ أميركا الاستعمارية انتهاك حقوق السكّان الأصليين (يجري في الفيلم، وفي الواقع، اعتقال قادة الناشطين المعتصمين ضد الخط، وزعماء قبيلة سيوكس صاحبة السيادة على أرض قبائل لاكوتا، وضربهم، وإهانتهم، وقتل بعضهم). عن قيمة المعتقدات والقيم مقابل المال ورؤوسِهِ جميعها.
المؤلم، أن الشركة المستثمرة نقلت أعمال حفرها ومدّها الخط من داكوتا الشمالية إلى داكوتا الجنوبية، لأن المعترضين هناك (في الشمالية) كانوا من البيض الذين صاروا أغلبية في الشمال بعد إبادة معظم قبيلة داكوتا التي تحمل الولايتان (الشمالية والجنوبية) اسمها.
من المشاهد المؤثرة في الفيلم مشهد اعتذار ممثّلٍ عن المحاربين القدامى لزعيم قبيلة سيوكس عن كلِّ ما اقترفه نظامهم وبيضهم من جرائم بحق السكّان الأصليين. عدد كبير من المحاربين القدامى اصطفوا إلى جانب أصحاب الأرض والحق. زعيم القبيلة قال كلمات مؤثرة أمام المتضامنين، منها: "يجب أن تتّحد أرواحنا كي لا نواجه الفوضى" و"في طوق الحياة المقدس ليس هناك بداية ولا نهاية".
تحوُّلُ موقف المراسل الحر دانييل ماكنّي (الممثل وليام مابوثِر) من شخصٍ آتٍ لتحرير قصّةٍ صحافيةٍ مدفوعة الأجر تخدم الشركة المستثمرة في الخط، إلى إنسان يتبنّى موقف المعارضين، هو رأسمال الفيلم العادي على صعيد كلف الإنتاج وقصص الإبهار البصريّ والأدائيّ، وإن كان غير عاديٍّ عندما يتعلّق الأمر بِالموسيقى التي انحاز إليها، مترافقةً مع أصواتٍ بشريّةٍ وإيقاعاتٍ مُلتاعة.