جديد السينما-4

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • جديد السينما-4

    جديد السينما-4
    محمد جميل خضر
    سينما
    شارك هذا المقال
    حجم الخط



    الفيلم الياباني "قرية" Village

    تأليف وإخراج: ميشيهيتو فوجيي.

    121 دقيقة.

    بدايةً، يواجه الفيلم مشكلة متعلّقة بِعنوانه (لا نيتفليكس حسمت أمرها، ولا كل القائمين على الفيلم، بين منحه اسم "قرية" بدون أل التعريف، أو "القرية" مع أل التعريف The Village)، خصوصًا أن عنوان "القرية" متكررٌ في عدد غير قليل من الأفلام والمسلسلات التلفزيونية الأميركية والأوروبية والآسيوية (كوريا الجنوبية على سبيل المثال).

    على كل حال، بنفسٍ طويلٍ صبور، يضعنا الفيلم أمام حقائق مفجعة حول التلوّث البيئي وعناوين التنمية المستدامة. ولعل مقولته الرئيسية هي الدعوة إلى عدم الانجراف خلف الشعارات الرنّانة والدعاية الكاذبة.
    يخلخل الفيلم الصورة النمطية للقريةِ الوادعة بطبيعتها الساحرة ومناظرها الخلابة. فعادة ما لا يحرص النمطيون، والمُنجرفون قطيعيًا، على معاينة ما خلف الصورة الساطعة المعروضة وحدها للزوار والإعلام. هنا في الفيلم القاسي والمُشع بصراحته، نكتشف أن خلف الصورة التي أراد العمدة وأعيان القرية ترويجها وتسويقها حول قريتهم "كامون"، جرائم فردية وجماعية، ليس أخطرها قتل الشهود، والسماح بدخول نفايات خطرة إلى منشأة تدوير النفايات التابعة لِـ"مركز كامون البيئي".

    فيلم عن التنمّر، ولكن بنهاية قاسية للمتنمّرين (قتلهم) بِيدِ المتنمَّر عليهم!

    عن الحب في زمن التلوّث، ولكن ليس على طريقة "الحب في زمن الكوليرا".

    ولعلّ اللافت في الفيلم الطويل نسبيًا، المتقلّب على صعيد قدرات كاميرا مخرجه، المحبوس في مستويات أداء متردّدة، ربطه بين أحداث الفيلم، وبين فن "النو" المسرحي الياباني الذي يعود إلى 500 عام ماضية، وهو فن يتميّز باستخدام الأقنعة المسرحية، والتفاعل مع نوع من الموسيقى اليابانية البشرية (أصوات المؤدّين). وكذلك دعوته لِلتوازن بين التمسّك بالتقاليد، والمُحافظة على البيئة، والانْفتاحِ على العَصْرَنَة.

    حلمٌ عابرٌ فوق وسادةِ الوهْم. قدرٌ يُلاحق الضحيّة والجلّاد. فنٌ مسرحيٌّ قديم تلعب فيه الأقنعة أدوارًا عديدة، منها التواري خلفها، فإذا بقريةٍ بأكملِها تتوارى خلف قناعٍ كبير.

    الفيلم البولندي "إغواء" Temptation - Pokusa

    تأليف: توماسز تشينسزكا وإيدايتا فولوارسكا.

    إخراج: ماريا سادواسكا.

    98 دقيقة.

    رغم أن الفيلم ليس عائليًا ولا بأيّ شكلٍ من الأشكال، ومتوسط المستوى على وجه العموم، إلا أن اختياري الكتابة عنه، هو لِتبيان أن التقويمات التي تُسجلها بعض المواقع مثل موقع IMDb، معتمدةً، بِالطبع، على تقييم مشتركيها، هي ليست دقيقة دائمًا. فتقييمُ الفيلم على الموقع أعلاه لا يتعدى (2.7) من (10)، لكن الفيلم، في حقيقة الأمر، ليس مروّعًا إلى هذا الحد، بل على العكس من ذلك، طاوَل في كثير من حواراته روح الشعر مثل عبارة "الوقت ليس سلعة، إنّه هدية"، وعاين بعينٍ ناقدةٍ جريئة السباق الوحشيّ للناس والحياة داخل المدن، وحاول محاكاة الأمانة حتى الألم. لكن هذا الدفق غير الملجوم من المشاهد غير المناسبة، والوقوع، أحيانًا، في شركِ النمطيّة الهوليووديّة، وإقحام مرضيّةٍ غير مفهومةٍ لنجمِ كرة قدم سابق (متحرّش غير سوي يفرض، في نهاية الأمر، تكاتف ضحاياه وعملهنّ معًا، وتخطيطهنّ لِلإيقاع به). كل هذا مع جنوحٍ الفيلم نحو تقنية الدراما الخفيفة، يجعل روح استهلالِه الشاعريّة تتعرّض إلى ضرر. لكن الخط الدراميّ التعبيري لِبطلته إنيزا (أدت دورها الممثلة الشابة هيلينا إنغليرت) حافظ، طيلة الفيلم تقريبًا، على نسقٍ دافئٍ من الإقناع، والتّمسك بما يتيحه لها برنامجها الخاص من (البودكاست)، بصوتها، وحرارة تفاعلها مع مستمعيها ومُشاركيها في برنامجها، ووجدانية علاقتها مع والدها، ومع الغناء القديم والأمثال القديمة والروح الأصيلة المتمسّكة بالإرث الإنسانيّ والعناوينِ الثقيلة الراسخة. صحيح أن لا شيء يقينيٌ بالنسبة لِإنيزا، وأن صخب المدينة، ومطالب العمل، وصراع البقاء، كاد يطيح بِثوابتها ويسلب منها عالمها، خصوصًا رشاقة تواصلها مع الناس عبر الميكروفون، إلا أنها استطاعت، في نهاية المطاف، أن تنجو.

    الفيلم الأميركيّ/ البريطانيّ/ الفنلنديّ/ الكنديّ "بُو خائف" Beau Is Afraid

    تأليف وإخراج: آري آستر.

    (179) دقيقة (ثلاث ساعات إلّا دقيقة).

    إنها لَمحنةٌ حقًا، أن يجلس أحدنا ثلاث ساعات لِمشاهدة فيلم، ليخرج، أخيرًا، بِنتيجةٍ مفادها أن الفيلم ليس أكثر من دعاية يهودية. متاهة من الأحداث والفانتازيا والعنف والفوضى والجنون، ورّطنا فيها المخرج الذي هو نفسه مؤلّف الفيلم، ليقول في المشهد الأخير إن بو بطل فيلمه العجيب الغريب (أدى دوره الممثل جواكين فوينيكس)، ما هو سوى ضحية أخرى من الضحايا اليهود الذين إمّا أُخذوا إلى المحرقة، أو لُفِظوا من عالمهم، حتى الأقرب إليهم، الأسرة والمحيط، بسبب سوء الفهم، وعدم التقبّل!

    على كل حال دوامة الأحداث ودخولها في كثيرٍ من الأحيان أبعادًا كابوسية مرعبة (كائنات غريبة، بشاعة قتل بتفاصيله ووجهته)، ضيّعت بوصلات التلقّي، فلا يعرف المتلقّي (أنا على الأقل) هل ينصف بُو الخائف من مجهولٍ لم يتّضح لنا جوهره، رغم الساعات الطويلة المملّة الثلاث؟ أم ينصف والدته التي لم تقدّم سرديّتها سوى في الدقائق العشرين الأخيرة من الفيلم؟ أم ينصف السينما التي استوعبت في الفيلم المسرح والتشكيل والموسيقى ومدينةَ أشباحٍ في سيرك قديم؟

    المصيبة الكبرى في "بُو خائف" هو أنه يكشف في نصف ساعته الأخيرة، بعد تورّط مُشاهدةٍ استمرّ لِساعتيْن ونصف الساعة، عن تصنيفٍ غير عائليٍّ بشكلٍ مخجلٍ إلى أبعد الحدود عبر مشهدٍ لا يتوانى عن قولِ (عرض) كل شيء، وبصدقٍ في سياق لا يحتاج إلى هذه التفاصيل على الإطلاق.

    على كل حال في فصل الغابة (الذي استهلك الساعة الثانية من الفيلم كاملةً تقريبًا)، والفرقة المسرحية التي نبتت له من العدم، ما يستحق أن يُشاهَد، وفيه حوارٌ يستحق كثير منه أن يُسمع باسْتمتاع: "صلِّ من أجل أن تتعلم الشجاعة وأن يحالفك الحظ. سوف تسير أميالًا كثيرة. ستتحدث إليك قرية واحدة. وسوف تقول "هذه القرية ملكي". ستعرف متعة تذوق الفاكهة والخبز والنبيذ الذي لك لأنك اكتسبته. سوف تجد قطعة أرض وتبني منزلًا بيديك. سوف تزرع الأرض. وفي يوم من الأيام، ستلتقي بامرأة. ستتغير قصة لقائك بها بِحسب من يرويها؛ هل كانت ضائعة وعثرت عليها؟ أم هي التي عثرت عليك، ورسمت لك ملامح الطريق؟ سترى مخاوفك وألمك وأحلامك وإمكانياتك. وذات يوم، ستكتسح عاصفة تاريخية قريتك وتدمّر منزلك. سيجرفك طوفان عظيم. ستصادف قرية دمرها وباء لا يمكن تفسيره. سَتستمر مغامراتك لسنوات وسنوات. ستتعلم تمييز الطيور بِغنائها، وستعرف كل شجرة باسمها. ستبحث عن عائلتك حتى تتقلّص حياتك وتتلاشى إلى شبح".
يعمل...
X