سَلْم الخاسر
(… ـ 186هـ/… ـ 802م)
سَلْمُ بن عمرو بن حمّاد، يعود ولاؤه إلى بني تيم بن مرّة قبيلة أبي بكر الصِّديقt، ولد بالبصرة وفيها نشأ. سُمِّي الخاسر لأنه باع مصحفاً كان ورثه من أبيه فاشترى بثمنه طنبوراً، أو دفتر شعر، وقد فعل ذلك مجوناً، مع أنه لم يكن رديء الدين.
كان من المطبوعين المجيدين، وكان تلميذاً لبشار بن برد (ت167هـ)، ولما قال بشار بيته:
مَنْ راقبَ الناسَ لم يظفر بحاجته
وفاز بالطيّبات الفاتكُ اللَّهِجُ
أخذ سلم هذا المعنى وجاء به في أجود من ألفاظه وأفصح وأوجز فقال:
من راقب الناس مات غماً
وفاز باللذة الجسور
فقال بشار: «ذهب والله بيتي، ولو كان ولاؤه لغير آل أبي بكر لقطّعته وقومه بهجوي».
وكان سلم كثير البدائع والروائع في شعره، مزّاحاً لطيفاً، مدّاحاً للملوك والأشراف، وكانوا يجزلون له في الثواب والعطية، فيأخذ الكثير وينفقه على إخوانه وغيرهم من أهل الأدب. وكان صديقاً لإبراهيم الموصلي (ت 188هـ)، وأبي العتاهية (ت211هـ).
وكان مخلصاً للعباسيين، عبّر عن ذلك في مديحه لهم، من ذلك مديحه موسى الهادي بن المهدي، والرشيد (ت193هـ) وابنه محمد الأمين (ت 198هـ). ومما قاله في مدح الخليفة المهدي:
جمع الخلافة والسَّـما
حة والشجاعة في نظام
مـلك ضريبة رأيه
أمضى من السيف الحُسام
وكذلك مدح البرامكة، ومن جيد شعره فيهم مديحه ليحيى البرمكي (ت208هـ) بقوله:
بقاء الديـن والدنيا جميعـاً
إذا بقي الخليفة والوزيرُ
يغار على حمى الإسلام يحيى
إذا ما ضيّع الحزمَ الغيورُ
ومدح معن بن زائدة، وعمرو بن العلاء والي طبرستان، والفضل بن الربيع وزير الرشيد الأمين.
وكان سلم الخاسر أعرف الشعراء بأشعار الجاهلية. وقد تميز شعره بالرقة والرصانة. وله شعر في الرثاء جميل ومؤثر، فيه ندْب وبكاء، وكان يهاجي والبة بن الحُباب الأسدي الشاعر الكوفي، غير أنه لم يحسن الهجاء. وكان فيه شيء من اللهو والمجون في مطلع حياته، غير أنه لم تتقدم به السن حتى التزم جانب الوقار. وقد عرف سلم بتأنقه في ملبسه ومظهره، وكذلك في شعره الذي اتصف بالعذوبة والرشاقة. ومن إبداعه أنه ابتكر وزناً هو على وزن (مستفعلن) واحدة في كل شطر.
وذلك في قصيدته التي مدح بها المهدي:
موسى المطر،
غيث بكر
ثم انهمر،
ألوى الِمرَرْ
كم اعتسـرْ،
وكم قَدَرْ
ثم غَفَرْ،
عدل السِّيَرْ
وتكاد آراء النقاد تجمع على أنه احتذى مذهب بشار في السهولة والأناقة والرشاقة ولين النسيج اللغوي. إذ كان تلميذاً من تلاميذه، يروي شعره، وقد اعترف سلم نفسه بهذه التلمذة قائلاً: إنه تبع لبشار، ولا ينطق إلا بفضل منطقه. له ديوان شعر مطبوع بتحقيق محمد يوسف نجم.
أحمد دهمان
(… ـ 186هـ/… ـ 802م)
سَلْمُ بن عمرو بن حمّاد، يعود ولاؤه إلى بني تيم بن مرّة قبيلة أبي بكر الصِّديقt، ولد بالبصرة وفيها نشأ. سُمِّي الخاسر لأنه باع مصحفاً كان ورثه من أبيه فاشترى بثمنه طنبوراً، أو دفتر شعر، وقد فعل ذلك مجوناً، مع أنه لم يكن رديء الدين.
كان من المطبوعين المجيدين، وكان تلميذاً لبشار بن برد (ت167هـ)، ولما قال بشار بيته:
مَنْ راقبَ الناسَ لم يظفر بحاجته
وفاز بالطيّبات الفاتكُ اللَّهِجُ
أخذ سلم هذا المعنى وجاء به في أجود من ألفاظه وأفصح وأوجز فقال:
من راقب الناس مات غماً
وفاز باللذة الجسور
فقال بشار: «ذهب والله بيتي، ولو كان ولاؤه لغير آل أبي بكر لقطّعته وقومه بهجوي».
وكان سلم كثير البدائع والروائع في شعره، مزّاحاً لطيفاً، مدّاحاً للملوك والأشراف، وكانوا يجزلون له في الثواب والعطية، فيأخذ الكثير وينفقه على إخوانه وغيرهم من أهل الأدب. وكان صديقاً لإبراهيم الموصلي (ت 188هـ)، وأبي العتاهية (ت211هـ).
وكان مخلصاً للعباسيين، عبّر عن ذلك في مديحه لهم، من ذلك مديحه موسى الهادي بن المهدي، والرشيد (ت193هـ) وابنه محمد الأمين (ت 198هـ). ومما قاله في مدح الخليفة المهدي:
جمع الخلافة والسَّـما
حة والشجاعة في نظام
مـلك ضريبة رأيه
أمضى من السيف الحُسام
وكذلك مدح البرامكة، ومن جيد شعره فيهم مديحه ليحيى البرمكي (ت208هـ) بقوله:
بقاء الديـن والدنيا جميعـاً
إذا بقي الخليفة والوزيرُ
يغار على حمى الإسلام يحيى
إذا ما ضيّع الحزمَ الغيورُ
ومدح معن بن زائدة، وعمرو بن العلاء والي طبرستان، والفضل بن الربيع وزير الرشيد الأمين.
وكان سلم الخاسر أعرف الشعراء بأشعار الجاهلية. وقد تميز شعره بالرقة والرصانة. وله شعر في الرثاء جميل ومؤثر، فيه ندْب وبكاء، وكان يهاجي والبة بن الحُباب الأسدي الشاعر الكوفي، غير أنه لم يحسن الهجاء. وكان فيه شيء من اللهو والمجون في مطلع حياته، غير أنه لم تتقدم به السن حتى التزم جانب الوقار. وقد عرف سلم بتأنقه في ملبسه ومظهره، وكذلك في شعره الذي اتصف بالعذوبة والرشاقة. ومن إبداعه أنه ابتكر وزناً هو على وزن (مستفعلن) واحدة في كل شطر.
وذلك في قصيدته التي مدح بها المهدي:
موسى المطر،
غيث بكر
ثم انهمر،
ألوى الِمرَرْ
كم اعتسـرْ،
وكم قَدَرْ
ثم غَفَرْ،
عدل السِّيَرْ
وتكاد آراء النقاد تجمع على أنه احتذى مذهب بشار في السهولة والأناقة والرشاقة ولين النسيج اللغوي. إذ كان تلميذاً من تلاميذه، يروي شعره، وقد اعترف سلم نفسه بهذه التلمذة قائلاً: إنه تبع لبشار، ولا ينطق إلا بفضل منطقه. له ديوان شعر مطبوع بتحقيق محمد يوسف نجم.
أحمد دهمان