ميسون الباجه جي تستعيد احداث الاقتتال الطائفي في فيلم"كلشي ماكو"
معد فياض
في فيلم"كلشي ماكو"، العنوان هو الرد على السؤال الاكدي الشهير"شكو ماكو"، والذي بقي متوارثا لدى العراقيين منذ الاف السنين، مع عنوان آخر"نهرنا..سمائنا" تستعيد المخرجة السينمائية ميسون الباجه جي احداث الحرب الطائفية في العراق، قتل اختطاف تهديد وتهجير، فتأخذ عينات، زمنية، نهاية عام 2006، ما بين اعياد الميلاد وعيد الاضحى في اشارة واضحة للتعايش بين الاديان، وسط بيئة اجتماعية، بغداد، من الطبقة المتوسطة التي كانت تعني الامل بانقاذ العراق قبل ان تذوب هذه الطبقة وتحل مكانها مجاميع من الارهابيين والفاسدين واثرياء الحرب والمعدمين الذين ظهروا في الفيلم بصفة اطفال بائعي مناديل ورقية في الشوارع، ساعي في دائرة حكومية، لتمزجهم في خليط لاستعراض احداث كانت هي الاسوء في تاريخ العراق بعد تغيير النظام عام 2003.
الفيلم الذي يعرض حاليا على منصة نيتفليكس Netflixاستندت، الباجه جي، على كتابة السيناريو له من مجموعة قصص او ربما قصة واحدة للكاتبة إرادة الجبوري، والتي هي الاخرى جمعت مادتها من احداث اشتعلت عام 2006 وصاغته باسلوب قصصي بعيدا عن الشغل السينمائي، ذلك ان الجبوري لم تكتب او تقترب من حرفة السيناريو السينمائي.
مجموعة محاور تبدو مستقلة وغير مترابطة فيما بعضها سوى الاجواء العامة التي تنطوي على الانفجارات والتهديدات والخوف جمعتها المخرجة لانتاج فيلم روائي طويل، 117 دقيقة، لاستعراض قصص عائلية، هي في الحقيقة هواجس غالبية العراقيين وقتذاك.
سارة الروائية، الممثلة السورية دارينا الحندي، التي تجد نفسها عاجزة عن الكتابة وسط هذه الاجواء المشحونة برائحة الدم، ، ولها ابنة واحدة ريما، 9 سنوات،زينب جودة، وتسعى لحمايتها وتتجنب الاجابة عن اسئلتها الذكية لمعرفة كل ما يجري حولهم، وهي تعيش مع امها وشقيقها المهندس الذي يستقيل من عمله اعتراضا على الفساد المستشري في دائرته، وهاجسه الاساسي هو الرحيل عن البلد، وسيضحى هذا الهاجس مقبولا لاخته سارة التي تتفق مع مهرب شرط ان تترك ابنتها مع عائلتها.
وعائلة منى، لبوة عرب، التي توشك على الولادة وتعيش مع زوجها، باسم هاجر، الذي كان خارج العراق ثم عاد بعد تغيير النظام ليعمل سائق تكسي، ووالدتها، المذيعة سهام مصطفى، التي تعاني من الشرود الفكري والحزن والقلق، مجسدة دور ام تفقد ابنها خلال الاحداث الطائفية، وينصب جل اهتمامها في البحث عن ابنها بين سجلات المفقودين ومن يعثرون عليه في المقابر الجماعية، وهذه هي المرة الاولى التي تدشن فيها حرفة التمثيل، وهناك ايضا شقيقها الذي يعما خبازا(زيدون مشتت).وسرعان ما سنكتشف ان لمنى ولد وبنت من زواج سابق يعيشان مع والدهما في بغداد.
هناك الساعي ابو حيدر(محمود ابو العباس، وابنه المراهق حيدر الذي يسعى للانتقام من قتلة امه واخواته في حادث تفجير، والبلام صائد السمك، والجار الذي خطفوا ابنه لاسباب طائفية، والام ( ريا عاصي)التي تجد اسم ابنها بين ضحايا القبور الجماعية، ولارجال شرطة خائفون.
استغرقت المخرجة ميسون الباجه جي عشر سنوات في الاعداد لانتاج هذا الفيلم وجمع الداعمين والممولين له حتى عرضه، حيث ساهمت جهات ومؤسسات عربية وغربية كثيرة لانتاجه، حيث تم تصوير مشاهده ما بين بغداد والسليمانية في اقليم كوردستان.
فيلم(كلشي ماكو) يعبر عن عنوانه من حيث الاحداث، فسوف نكتشف انها(ماكو)، واعني هنا الحدث السينمائي القائم على لغة سينمائية محبوكة في قصة مترابطة ومنسوجة بحرفية عالية، لا سيما وان المخرجة درست صناعة الفيلم في لندن وحضرت جيدا لانتاجها هذا، وباستثناء ما جرى في 2006، والحدث الواقعي الذي يعرفه المتلقي العراقي الذي عاصر تلك الاحداث جيدا، وبقي متواصلا حتى 2010، يدرك تاثيراتها على المجتمع، اكثر مما جاءت به الفيلم ، وربما هذا ما يرشحه لان يعرض للمتلقي الغربي والعربي الذي كان قد سمع عن احداث التفجيرات والقتل والاختطاف في نشرات الاخبار فقط، وبغياب السيناريو تضيع الثيمة او الثيمات الرئيسة للفيلم، وتبقى الاحداث والحوارات المتقشفة والمتباعدة مثل تعليق على الاحداث الحقيقية.
يفترض مثل هذا الفيلم ان يخلوا من الابطال ويبقى الحدث والجميع هم الابطال، لكننا شاهدنا سارة هي البطلة المطلقة للفيلم حيث ظهرت منذ اللقطة الاولى حتى نهاية الفيلم، واعتنت الكاتبة، إرادة الجبوري، باظهارها كشخصية نموذجية، علاقاتها طيبة مع الجميع، مثالية في تصرفاتها وحواراتها، متفائلة رغم سحب الدخان التي تغطي سماء بغداد باستمرار، حسب ما ظهر في الفيلم، قوية، تنصح الجميع.
جاء اداء فريق التمثيل متواضع قياسا الى احداثه الواقعية، وما اضعفه هو ان المخرجة اعتمدت على ممثلات وممثلين من سوريا وايران والسعودية والكويت وبريطانيا وفرنسا ومن ثم العراق، وباستثناء الممثل محمود ابو العباس الذي ادى دور ثانوي نكاد لا نعرف الآخرين، واكثر نقاط التمثيل ضعفا هو اسناد دور البطولة النسائي، لممثلة سورية حفظت، كما الاخريات، حواراتهن باللهجة العراقية العصية على غير العراقيين فجاءت احيانا تشبه الدوبلاج وبعربية فصحى، باستثناء الممثلات العراقيات: لبوة عرب ومريم مصطفى وسهام صالح ، فجاء نطق الكلمات صعبا على الممثلات وكذلك الممثل الايراني اميد(أحمد) هاشمي، وممثلتان سعوديتان، ومزجت الممثلة دارينا الجندي بين لهجتها الاصلية، السورية، التي كانت تفلت منها مع اللهجة العراقية، فتاتي هجينة تماما. ولا ادري لماذا لم يتم الاعتماد على ممثلات وممثلين عراقيين معروفين بابداعهم في الاداء السينمائي، مثل الممثل الكوردي كاميران رؤوف، وهو فنان مبدع ظهر لاقل من دقيقتين، وظهوره غير مبرر، بدلا من ذلك كان يمكن اسناد دور رئيسي له، حتى ظهور ممثلين تم استدعائهم من الخارج مثل زيدون مشتت الذي مثل دور الخباز وبحوار متقشف، كان من الممكن الاستغناء عن دوره دون ان يؤثر على احداث الفيلم، او صاحب البلم(الزورق) الذي كانت اهميته العثور على جثة شابة ضحية الارهاب، فنراه يصطاد السمك نهارا وينام في زورقه ليلا، اي انه من فئة فقيرة وغير مثقف، لكننا شاهدناه يقرأ قبل ان ينام في زورقه. تُرى هل منعت ميزانية الفيلم اسناد ادوار رئيسيىة للمثلات عراقيات بدلا عن سوريا وسعوديات لا يجدن اللهجة العراقية، والا ليس هناك اي تفسير جوهري لاشراك ممثلات وممثلين من عدة دول في فيلم يفترض انه عراقي ويتحدث عن محنة العراقيين في ظروف مأساوية.
لقد حاولت الكاتبة الجبوري اظهر الشخصيات بصيغة مثالية من خلال الحوارات والتصرف، يتحدثون احيانا بالعربية الفصحى، يغنون لفيروز بدلا من حسين نعمة او رياض احمد، بينما المجتمع العراقي خاصة في ظروف الاحتلال كان متداعيا ومنهارا تقريبا، ومعها ذهبت ميسون الباجه جي في بناء الشخوص وتكوين بنية مجتمعية شبه مثالية، كونها لم تعش في العراق، ولدت في اميركا وعاشت في كنف عائلة ارستقراطية بين ابو ظبي ولندن، وهي لا تعرف جيدا عجينة او طبيعة المجتمع العراقي واسلوبه الحياتي.
مع ذلك فالفيلم، غير المتفائل، حصد اعجاب الجمهور في المهرجانات التي شارك فيها، وهذا يؤكد وجهة نظري في ان فيلم"كلشي ماكو" يصلح لمخاطبة المتلقي الغربي او العربي اكثر مما يصلح لاقناع المتلقي العراقي بان واقعه قريب من واقع الفيلم.
فيلم"كلشي ماكو" اظهر المجتمع العراقي مهزوزا، غيب دور المثقفين والصحفيين الذين وقعوا ضحايا الارهاب نتيجة ممارستهم لمهنتهم، مع ان الكاتبة، إرادة الجبوري صحفية، واختزل هذا الدور بشخصية سارة المهزوزة، غيب دور الشباب الذين اهدي الفيلم لهم في نهايته، واختصرها بشخصية شقيق سارة المهزوم الذي يبحث عن فرص للهروب من العراق، واعتبر، الفيلم، دور المسرح منهيا واسدل عليه الستار من خلال حوارات ممثلة سابقة تهديها سارة نسخة من مسرحية"بيت برنارد ألبا للشاعر الاسباني غارسيا لوركا، والتي كانت قد قدمتها فرقة المسرح الفني الحديث على مسرح بغداد، وياتي تعليق الممثلة السابقة"هذه نسخة قديمة وين لكيتيها؟" ولا اعرف ما تعنيه في انها نسخة قديمة او حديثة، مستذكرة في حوار آخر عرض مسرحية النخلة والجيران من قبل ذات الفرقة سنة 2969، اي قبل 37 عاما من احداث الفيلم، وهذا يعني ان المسرح العراقي توقف طوال هذا الزمن.
معد فياض
في فيلم"كلشي ماكو"، العنوان هو الرد على السؤال الاكدي الشهير"شكو ماكو"، والذي بقي متوارثا لدى العراقيين منذ الاف السنين، مع عنوان آخر"نهرنا..سمائنا" تستعيد المخرجة السينمائية ميسون الباجه جي احداث الحرب الطائفية في العراق، قتل اختطاف تهديد وتهجير، فتأخذ عينات، زمنية، نهاية عام 2006، ما بين اعياد الميلاد وعيد الاضحى في اشارة واضحة للتعايش بين الاديان، وسط بيئة اجتماعية، بغداد، من الطبقة المتوسطة التي كانت تعني الامل بانقاذ العراق قبل ان تذوب هذه الطبقة وتحل مكانها مجاميع من الارهابيين والفاسدين واثرياء الحرب والمعدمين الذين ظهروا في الفيلم بصفة اطفال بائعي مناديل ورقية في الشوارع، ساعي في دائرة حكومية، لتمزجهم في خليط لاستعراض احداث كانت هي الاسوء في تاريخ العراق بعد تغيير النظام عام 2003.
الفيلم الذي يعرض حاليا على منصة نيتفليكس Netflixاستندت، الباجه جي، على كتابة السيناريو له من مجموعة قصص او ربما قصة واحدة للكاتبة إرادة الجبوري، والتي هي الاخرى جمعت مادتها من احداث اشتعلت عام 2006 وصاغته باسلوب قصصي بعيدا عن الشغل السينمائي، ذلك ان الجبوري لم تكتب او تقترب من حرفة السيناريو السينمائي.
مجموعة محاور تبدو مستقلة وغير مترابطة فيما بعضها سوى الاجواء العامة التي تنطوي على الانفجارات والتهديدات والخوف جمعتها المخرجة لانتاج فيلم روائي طويل، 117 دقيقة، لاستعراض قصص عائلية، هي في الحقيقة هواجس غالبية العراقيين وقتذاك.
سارة الروائية، الممثلة السورية دارينا الحندي، التي تجد نفسها عاجزة عن الكتابة وسط هذه الاجواء المشحونة برائحة الدم، ، ولها ابنة واحدة ريما، 9 سنوات،زينب جودة، وتسعى لحمايتها وتتجنب الاجابة عن اسئلتها الذكية لمعرفة كل ما يجري حولهم، وهي تعيش مع امها وشقيقها المهندس الذي يستقيل من عمله اعتراضا على الفساد المستشري في دائرته، وهاجسه الاساسي هو الرحيل عن البلد، وسيضحى هذا الهاجس مقبولا لاخته سارة التي تتفق مع مهرب شرط ان تترك ابنتها مع عائلتها.
وعائلة منى، لبوة عرب، التي توشك على الولادة وتعيش مع زوجها، باسم هاجر، الذي كان خارج العراق ثم عاد بعد تغيير النظام ليعمل سائق تكسي، ووالدتها، المذيعة سهام مصطفى، التي تعاني من الشرود الفكري والحزن والقلق، مجسدة دور ام تفقد ابنها خلال الاحداث الطائفية، وينصب جل اهتمامها في البحث عن ابنها بين سجلات المفقودين ومن يعثرون عليه في المقابر الجماعية، وهذه هي المرة الاولى التي تدشن فيها حرفة التمثيل، وهناك ايضا شقيقها الذي يعما خبازا(زيدون مشتت).وسرعان ما سنكتشف ان لمنى ولد وبنت من زواج سابق يعيشان مع والدهما في بغداد.
هناك الساعي ابو حيدر(محمود ابو العباس، وابنه المراهق حيدر الذي يسعى للانتقام من قتلة امه واخواته في حادث تفجير، والبلام صائد السمك، والجار الذي خطفوا ابنه لاسباب طائفية، والام ( ريا عاصي)التي تجد اسم ابنها بين ضحايا القبور الجماعية، ولارجال شرطة خائفون.
استغرقت المخرجة ميسون الباجه جي عشر سنوات في الاعداد لانتاج هذا الفيلم وجمع الداعمين والممولين له حتى عرضه، حيث ساهمت جهات ومؤسسات عربية وغربية كثيرة لانتاجه، حيث تم تصوير مشاهده ما بين بغداد والسليمانية في اقليم كوردستان.
فيلم(كلشي ماكو) يعبر عن عنوانه من حيث الاحداث، فسوف نكتشف انها(ماكو)، واعني هنا الحدث السينمائي القائم على لغة سينمائية محبوكة في قصة مترابطة ومنسوجة بحرفية عالية، لا سيما وان المخرجة درست صناعة الفيلم في لندن وحضرت جيدا لانتاجها هذا، وباستثناء ما جرى في 2006، والحدث الواقعي الذي يعرفه المتلقي العراقي الذي عاصر تلك الاحداث جيدا، وبقي متواصلا حتى 2010، يدرك تاثيراتها على المجتمع، اكثر مما جاءت به الفيلم ، وربما هذا ما يرشحه لان يعرض للمتلقي الغربي والعربي الذي كان قد سمع عن احداث التفجيرات والقتل والاختطاف في نشرات الاخبار فقط، وبغياب السيناريو تضيع الثيمة او الثيمات الرئيسة للفيلم، وتبقى الاحداث والحوارات المتقشفة والمتباعدة مثل تعليق على الاحداث الحقيقية.
يفترض مثل هذا الفيلم ان يخلوا من الابطال ويبقى الحدث والجميع هم الابطال، لكننا شاهدنا سارة هي البطلة المطلقة للفيلم حيث ظهرت منذ اللقطة الاولى حتى نهاية الفيلم، واعتنت الكاتبة، إرادة الجبوري، باظهارها كشخصية نموذجية، علاقاتها طيبة مع الجميع، مثالية في تصرفاتها وحواراتها، متفائلة رغم سحب الدخان التي تغطي سماء بغداد باستمرار، حسب ما ظهر في الفيلم، قوية، تنصح الجميع.
جاء اداء فريق التمثيل متواضع قياسا الى احداثه الواقعية، وما اضعفه هو ان المخرجة اعتمدت على ممثلات وممثلين من سوريا وايران والسعودية والكويت وبريطانيا وفرنسا ومن ثم العراق، وباستثناء الممثل محمود ابو العباس الذي ادى دور ثانوي نكاد لا نعرف الآخرين، واكثر نقاط التمثيل ضعفا هو اسناد دور البطولة النسائي، لممثلة سورية حفظت، كما الاخريات، حواراتهن باللهجة العراقية العصية على غير العراقيين فجاءت احيانا تشبه الدوبلاج وبعربية فصحى، باستثناء الممثلات العراقيات: لبوة عرب ومريم مصطفى وسهام صالح ، فجاء نطق الكلمات صعبا على الممثلات وكذلك الممثل الايراني اميد(أحمد) هاشمي، وممثلتان سعوديتان، ومزجت الممثلة دارينا الجندي بين لهجتها الاصلية، السورية، التي كانت تفلت منها مع اللهجة العراقية، فتاتي هجينة تماما. ولا ادري لماذا لم يتم الاعتماد على ممثلات وممثلين عراقيين معروفين بابداعهم في الاداء السينمائي، مثل الممثل الكوردي كاميران رؤوف، وهو فنان مبدع ظهر لاقل من دقيقتين، وظهوره غير مبرر، بدلا من ذلك كان يمكن اسناد دور رئيسي له، حتى ظهور ممثلين تم استدعائهم من الخارج مثل زيدون مشتت الذي مثل دور الخباز وبحوار متقشف، كان من الممكن الاستغناء عن دوره دون ان يؤثر على احداث الفيلم، او صاحب البلم(الزورق) الذي كانت اهميته العثور على جثة شابة ضحية الارهاب، فنراه يصطاد السمك نهارا وينام في زورقه ليلا، اي انه من فئة فقيرة وغير مثقف، لكننا شاهدناه يقرأ قبل ان ينام في زورقه. تُرى هل منعت ميزانية الفيلم اسناد ادوار رئيسيىة للمثلات عراقيات بدلا عن سوريا وسعوديات لا يجدن اللهجة العراقية، والا ليس هناك اي تفسير جوهري لاشراك ممثلات وممثلين من عدة دول في فيلم يفترض انه عراقي ويتحدث عن محنة العراقيين في ظروف مأساوية.
لقد حاولت الكاتبة الجبوري اظهر الشخصيات بصيغة مثالية من خلال الحوارات والتصرف، يتحدثون احيانا بالعربية الفصحى، يغنون لفيروز بدلا من حسين نعمة او رياض احمد، بينما المجتمع العراقي خاصة في ظروف الاحتلال كان متداعيا ومنهارا تقريبا، ومعها ذهبت ميسون الباجه جي في بناء الشخوص وتكوين بنية مجتمعية شبه مثالية، كونها لم تعش في العراق، ولدت في اميركا وعاشت في كنف عائلة ارستقراطية بين ابو ظبي ولندن، وهي لا تعرف جيدا عجينة او طبيعة المجتمع العراقي واسلوبه الحياتي.
مع ذلك فالفيلم، غير المتفائل، حصد اعجاب الجمهور في المهرجانات التي شارك فيها، وهذا يؤكد وجهة نظري في ان فيلم"كلشي ماكو" يصلح لمخاطبة المتلقي الغربي او العربي اكثر مما يصلح لاقناع المتلقي العراقي بان واقعه قريب من واقع الفيلم.
فيلم"كلشي ماكو" اظهر المجتمع العراقي مهزوزا، غيب دور المثقفين والصحفيين الذين وقعوا ضحايا الارهاب نتيجة ممارستهم لمهنتهم، مع ان الكاتبة، إرادة الجبوري صحفية، واختزل هذا الدور بشخصية سارة المهزوزة، غيب دور الشباب الذين اهدي الفيلم لهم في نهايته، واختصرها بشخصية شقيق سارة المهزوم الذي يبحث عن فرص للهروب من العراق، واعتبر، الفيلم، دور المسرح منهيا واسدل عليه الستار من خلال حوارات ممثلة سابقة تهديها سارة نسخة من مسرحية"بيت برنارد ألبا للشاعر الاسباني غارسيا لوركا، والتي كانت قد قدمتها فرقة المسرح الفني الحديث على مسرح بغداد، وياتي تعليق الممثلة السابقة"هذه نسخة قديمة وين لكيتيها؟" ولا اعرف ما تعنيه في انها نسخة قديمة او حديثة، مستذكرة في حوار آخر عرض مسرحية النخلة والجيران من قبل ذات الفرقة سنة 2969، اي قبل 37 عاما من احداث الفيلم، وهذا يعني ان المسرح العراقي توقف طوال هذا الزمن.