يحيى بن آدم بن سليمان الكوفي
يحيي ادم سليمان كوفي
Yahya ibn Adam ibn Souleiman al-Koufi - Yahya ibn Adam ibn Souleiman al-Koufi
يحيى بن آدم بن سليمان الكوفي
(140ـ 203هـ/757 ـ 818م)
أبو زكريا، يحيى بن آدم بن سليمان الكوفي القرشي الأموي بالولاء، الملقب بـ«الأحول»، الفقيه المحدّث.
لم تذكر كتب التاريخ شيئاً عن جده سليمان، وذلك لأن أكثر الموالي لم تحفظ المصادر أنسابهم كاملة. وأما أبوه آدم فقد كان مولى لخالد بن خالد، أحد أحفاد الوليد بن عقبة بن أبي مُعَيط (ت61هـ)، وكان الوليد معدوداً في الصحابة، وقد ولاه عثمان بن عفان الكوفة، ثم مات في الرقة، وبقي في الكوفة بعض ولده.
كان آدم والد يحيى من رواة الحديث الثقات، بيد أنه توفي وابنه دون سن البلوغ؛ إذ يرجَّح أن يحيى ولد نحو سنة 140 من الهجرة، ومع ذلك فقد نشأ في الكوفة نشأة علمية خالصة، ملاكها الفقه في دين الله، والتوسع في رواية حديث رسول اللهr، والتبحر في علم القراءات، مع ما عرف به من الصلاح والتقوى في القول والعمل، وما آتاه الله من الذكاء والفطنة في استنباط الأحكام، حتى صار من أعلام عصره في مختلف العلوم الشرعية.
وقـد تلقى العلم عن عدد من الشيوخ المعروفين بالعمل والمعدودين من أهل الفضل، منهم: سفيان الثَّوري (ت161هـ) وكان سيد أهل زمانه في العلم والورع، وشَرِيك بن عبد الله النَّخَعي (ت177هـ) وكان إماماً في الفقه والحديث والقضاء، وأبو بكر شعبة بن عيَّاش (ت193هـ) وكان ممن اشتهر بعلم القراءات، وغيرهم من أئمة القرن الثاني الهجري.
وكما كثر الشيوخ الذين أخذ يحيى ابن آدم عنهم مبادئ العلوم الشرعية وأصولها، كثر أيضاً طلابه الذين تلقوا عنه العلم وتتلمذوا لـه، حتى بلغوا أكثر من ثلاثين عالماً، من بينهم الإمام الجليل أحمد بن حنبل والإمام الحافظ إسحاق بن راهَوَيْهِ والمحدِّث الفقيه يحيى بن مَعِين، وغيرهم.
أدرك يحيى بن آدم في حياته عـدداً من الخلفاء ابتداء بالمنصور وانتهاء بالمأمون. ومع ذلك فقد كان عازفاً عن أعمال الدولة في مدة هؤلاء الخلفاء، سواء في القضاء أم في غيره من الشؤون السياسية والإدارية والدينية، مع أن المصادر ذكرت أنه زار الخليفة هارون الرشـيد بصحبة أسـتاذه أبي بكر ابن عياش. ولعل مـردَّ هذا العـزوف إلى تفرغه لطلب العلم وانهماكه فيه، فقد أثنى عليه لفيف من علماء الحديث، ووصفوه بأنه كان ثقة، جامعاً للعلم، عاقلاً، ثَبْتاً في الحديث. وكان علي بن عبد الله المَدينيُّ إمامُ الحُفَّاظ في عصره وحاملُ راية الجَرْح والتعديل يقول فيه: «يرحم الله يحيى بن آدم، أيُّ علم كان عنده!». وكان يرى أن علم السابقين من أهل مكة والمدينة والكوفة والبصرة والشام قد انتهى إلى ثلاثة، هم: ابن المبارك وعبد الرحمن بن مَهْدي ويحيى بن آدم.
وقـد عرف عنه أنه لم يكن من المقلدين فيما يصدر عنه من الأحكام، بل كان يفتي بما يبلغ إليه جهده في فهم الكتاب والسنَّة؛ إذ كان يسمع من الشيوخ على اختلاف آرائهم، ويتخيَّر من هذه الآراء ما تطمئن إليه نفسه من غير هوى يحيد به عن الحق، ولا عصبية تجره إلى الظلم.
وذكر أصحاب التراجم أنه كان من العلماء المصنفين، بيد أنه لم يصل من مصنفاته سوى كتابه «الخَرَاج» فنشره عام 1314هـ/1896م، ثم تولى تصحيحه وشرحه العالم المحدِّث أحمد محمد شاكر وأصدره في طبعة جديدة عام 1347هـ/1928م. ولأهمية هذا الكتاب فقد ترجم إلى الإنكليزية عام 1958م، وهو يضم جملة من الأحاديث والآثار النبوية الشريفة التي تتحدث عن موضوع الخراج وما يتصل به من تشريعات مالية تنظِّم قضايا الزكاة والصدقة في الأرض والزرع والثمار والعيون والأنهار، وما يُسنُّ في إحياء الأرض الميتة، وما يترتب على من بنى أو غرس في أرض قوم بغير إذنهم، إلى غير ذلك من الأمور.
وقد سبق يحيى بنَ آدم إلى الكلام على هذا الموضوع أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم القاضي (ت182هـ)، صاحبُ الإمام أبي حنيفة وتلميذه في كتابه «الخراج». توفي يحيى بن آدم في خلافة المأمون، وصلى عليه الحسن بن سهل وزير المأمون وصهره. وكانت وفاته في بلدة «فم الصِّلْح» التي تقع على نهر دجلة شمالي «واسط».
محمَّـد كمـال
يحيي ادم سليمان كوفي
Yahya ibn Adam ibn Souleiman al-Koufi - Yahya ibn Adam ibn Souleiman al-Koufi
يحيى بن آدم بن سليمان الكوفي
(140ـ 203هـ/757 ـ 818م)
أبو زكريا، يحيى بن آدم بن سليمان الكوفي القرشي الأموي بالولاء، الملقب بـ«الأحول»، الفقيه المحدّث.
لم تذكر كتب التاريخ شيئاً عن جده سليمان، وذلك لأن أكثر الموالي لم تحفظ المصادر أنسابهم كاملة. وأما أبوه آدم فقد كان مولى لخالد بن خالد، أحد أحفاد الوليد بن عقبة بن أبي مُعَيط (ت61هـ)، وكان الوليد معدوداً في الصحابة، وقد ولاه عثمان بن عفان الكوفة، ثم مات في الرقة، وبقي في الكوفة بعض ولده.
كان آدم والد يحيى من رواة الحديث الثقات، بيد أنه توفي وابنه دون سن البلوغ؛ إذ يرجَّح أن يحيى ولد نحو سنة 140 من الهجرة، ومع ذلك فقد نشأ في الكوفة نشأة علمية خالصة، ملاكها الفقه في دين الله، والتوسع في رواية حديث رسول اللهr، والتبحر في علم القراءات، مع ما عرف به من الصلاح والتقوى في القول والعمل، وما آتاه الله من الذكاء والفطنة في استنباط الأحكام، حتى صار من أعلام عصره في مختلف العلوم الشرعية.
وقـد تلقى العلم عن عدد من الشيوخ المعروفين بالعمل والمعدودين من أهل الفضل، منهم: سفيان الثَّوري (ت161هـ) وكان سيد أهل زمانه في العلم والورع، وشَرِيك بن عبد الله النَّخَعي (ت177هـ) وكان إماماً في الفقه والحديث والقضاء، وأبو بكر شعبة بن عيَّاش (ت193هـ) وكان ممن اشتهر بعلم القراءات، وغيرهم من أئمة القرن الثاني الهجري.
وكما كثر الشيوخ الذين أخذ يحيى ابن آدم عنهم مبادئ العلوم الشرعية وأصولها، كثر أيضاً طلابه الذين تلقوا عنه العلم وتتلمذوا لـه، حتى بلغوا أكثر من ثلاثين عالماً، من بينهم الإمام الجليل أحمد بن حنبل والإمام الحافظ إسحاق بن راهَوَيْهِ والمحدِّث الفقيه يحيى بن مَعِين، وغيرهم.
أدرك يحيى بن آدم في حياته عـدداً من الخلفاء ابتداء بالمنصور وانتهاء بالمأمون. ومع ذلك فقد كان عازفاً عن أعمال الدولة في مدة هؤلاء الخلفاء، سواء في القضاء أم في غيره من الشؤون السياسية والإدارية والدينية، مع أن المصادر ذكرت أنه زار الخليفة هارون الرشـيد بصحبة أسـتاذه أبي بكر ابن عياش. ولعل مـردَّ هذا العـزوف إلى تفرغه لطلب العلم وانهماكه فيه، فقد أثنى عليه لفيف من علماء الحديث، ووصفوه بأنه كان ثقة، جامعاً للعلم، عاقلاً، ثَبْتاً في الحديث. وكان علي بن عبد الله المَدينيُّ إمامُ الحُفَّاظ في عصره وحاملُ راية الجَرْح والتعديل يقول فيه: «يرحم الله يحيى بن آدم، أيُّ علم كان عنده!». وكان يرى أن علم السابقين من أهل مكة والمدينة والكوفة والبصرة والشام قد انتهى إلى ثلاثة، هم: ابن المبارك وعبد الرحمن بن مَهْدي ويحيى بن آدم.
وقـد عرف عنه أنه لم يكن من المقلدين فيما يصدر عنه من الأحكام، بل كان يفتي بما يبلغ إليه جهده في فهم الكتاب والسنَّة؛ إذ كان يسمع من الشيوخ على اختلاف آرائهم، ويتخيَّر من هذه الآراء ما تطمئن إليه نفسه من غير هوى يحيد به عن الحق، ولا عصبية تجره إلى الظلم.
وذكر أصحاب التراجم أنه كان من العلماء المصنفين، بيد أنه لم يصل من مصنفاته سوى كتابه «الخَرَاج» فنشره عام 1314هـ/1896م، ثم تولى تصحيحه وشرحه العالم المحدِّث أحمد محمد شاكر وأصدره في طبعة جديدة عام 1347هـ/1928م. ولأهمية هذا الكتاب فقد ترجم إلى الإنكليزية عام 1958م، وهو يضم جملة من الأحاديث والآثار النبوية الشريفة التي تتحدث عن موضوع الخراج وما يتصل به من تشريعات مالية تنظِّم قضايا الزكاة والصدقة في الأرض والزرع والثمار والعيون والأنهار، وما يُسنُّ في إحياء الأرض الميتة، وما يترتب على من بنى أو غرس في أرض قوم بغير إذنهم، إلى غير ذلك من الأمور.
وقد سبق يحيى بنَ آدم إلى الكلام على هذا الموضوع أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم القاضي (ت182هـ)، صاحبُ الإمام أبي حنيفة وتلميذه في كتابه «الخراج». توفي يحيى بن آدم في خلافة المأمون، وصلى عليه الحسن بن سهل وزير المأمون وصهره. وكانت وفاته في بلدة «فم الصِّلْح» التي تقع على نهر دجلة شمالي «واسط».
محمَّـد كمـال