يوسف بن عمر الثقفي
يوسف عمر ثقفي
Youssef ibn Umar al-Thaqafi - Youssef ibn Omar al-Thaqafi
يوسف بن عمر الثقفي
(…ـ 127هـ/… ـ 745م)
أبو عبد الله، يوسف بن عمر بن محمد بن الحكم أبو يعقوب الثقفي، ابن عم الحجاج[ر]. من ولاة العهد الأموي، كانت منازل أهله في البلقاء بشرقي الأردن، وُلّيَ اليمن لهشام بن عبد الملك سنة 106هـ، وكانت قبضته شديدة فيها؛ فبعد ولايته بسنة واحدة خرج عليه في اليمن عبّاد الرعيني الذي ادعى أنه حميري آخر الزمان، وكان له من الأتباع ثلاثمئة رجل، فتمكن يوسف من القضاء على ثورته وقتله مع أصحابه؛ مما زاد في مكانته عند الخليفة.
ولمّا عَظُمت الوشاية عند الخليفة على عامله على العراق خالد بن عبد الله القسري[ر] ازداد سخطه عليه، وكتب إلى يوسف في اليمن بولاية العراق سراً سنة 121هـ؛ فاستخلف يوسف ابنه الصلت على اليمن، ودخل إلى الكوفة وأقام بها، وأودع خالداً في السجن، وطالبه بالأموال التي ادُّعِيَت عليه. ثم استقدم يوسف الإمام زيد بن علي زين العابدين[ر] ليواجه سجينه في ستمئة ألف دينار أعطاه إياها خالدٌ، وقد أنكر زيدٌ الأمرَ، وقيل: إن خالداً ادعى ذلك تحت العذاب؛ فأمر الخليفة هشام بإطلاق خالدٍ من السجن بعد أن قضى فيه ثمانية عشر شهراً.
أخرج يوسف الثقفي الإمام زيد من الكوفة لكثرة من يشايعه فيها؛ فلحقه كثيرٌ إلى القادسية يبايعونه، ويغرونه بقلّة مقاتلة الشام في العراق، فعاد إلى الكوفة، ومكث عشرة أشهر سراً يستعد للثورة على الأمويين، وامتدت دعوته إلى البصرة والموصل، واجتمع له في الكوفة وحدها خمسة عشر ألف مقاتل. ولما تسرب الخبر إلى يوسف قرر زيدٌ الإسراع في ثورته، فكانت في صفر من سنة 122هـ ويوسف في الحيرة، فأمر عامله على الكوفة الحكم بن الصلت بقتال زيد، وفي يومها حُصِرَ أشياع زيدٍ في المسجد الكبير، ووَجَد الإمام نفسه وحيداً مع قلة لم يتجاوز عديدها مئتين وثمانية عشر رجلاً؛ فهان أمرهم، وتم القضاء على ثورتهم بيسر.
في سنة 125هـ تُوفي الخليفة هشام ابن عبد الملك، وخلفه الوليد بن يزيد ابن عبد الملك (125ـ126هـ)، وكان يهم بعزل يوسف وتولية ابن عمه عبد الملك ابن محمد بن الحجاج؛ فسار يوسف إلى الوليد، وقدّم له أموالاً عظيمة وتحفاً؛ فأقره الخليفةُ في العراق، وعزلَ نصر بن سيار عن خراسان، وضمها إلى العراق، ودفع بخالد القسري إلى يوسف مقابل أربعين ألف ألف درهم ليموت تحت العذاب.
كتب يوسف إلى نصر يأمره بالقدوم، وأن يحمل ما قدر عليه من الهدايا والأموال، وأن يقدم عليه بعياله أجمعين، لكنه تباطأ في قدومه حتى وصله خبر وفاة الخليفة الوليد فامتنع، وعمّت بموت الخليفة الاضطرابات في الشام حتى تولى الخلافة بعده يزيد بن الوليد بن عبد الملك (126ـ127) ثمانية أشهر استقر له فيها الحكم، فعزل يوسف عن العراق، وولاها منصور بن جمهور، فحُبس يوسف، وطُولِبَ بالأموال التي كان يجنيها، لكنه تمكن من الهرب إلى البلقاء، واستخفى بين أهله المقيمين فيها- وقيل: إن هروبه عند عزله مباشرة وقبل سجنه ـ وقد عثر عليه رجال الخليفة بعد عناء شديد، وأرسلوه إلى سجن دمشق، وعادت الفوضى بوفاة الخليفة والتنازعِ على الخلافة؛ فتمكن في هذه الأثناء يزيد ابن خالد القسري من الدخول إلى سجن دمشق، وأخرج يوسف بن عمر الثقفي، وقتله ثأراً لأبيه، وقد تم له ذلك في عهد مروان بن محمد الجعدي[ر] (127ـ132هـ) آخر ملوك بني أمية.
كان يوسف بن عمر مهيباً جباراً مع صغر حجمه وقصر قامته. حاول في سيرته التأسي بسيرة الحجاج في الأخذ بالشدة والعنف، فيذكر عنه أنه وزن درهماً، فنقص حبةً في المكيال، فكتب إلى دور الضرب بالعراق، فضرب أهلها، فأُحْصي في تلك الحبة مئة ألف سوط ضربها.
على الرغم مما ذكرته المصادر عن قسوته فإنها تروي العديد من القصص في جوده وسخائه؛ إذ ينقل الذهبي عن المدائني أن «سماط يوسف بالعراق كان كل يوم خمسمائة مائدة، وكانت مائدته وأقصى الموائد سواء، يتعمد ذلك، وينوعه»، ومع أنها تجعل منه خطيباً من الفصحاء فإنها تنقل فيه أنه أصبح مَضرباً للمثلِ في الحمق والتيه، فيُقال فيه: «أحمق من أحمق ثقيف».
جواد ترجمان
يوسف عمر ثقفي
Youssef ibn Umar al-Thaqafi - Youssef ibn Omar al-Thaqafi
يوسف بن عمر الثقفي
(…ـ 127هـ/… ـ 745م)
أبو عبد الله، يوسف بن عمر بن محمد بن الحكم أبو يعقوب الثقفي، ابن عم الحجاج[ر]. من ولاة العهد الأموي، كانت منازل أهله في البلقاء بشرقي الأردن، وُلّيَ اليمن لهشام بن عبد الملك سنة 106هـ، وكانت قبضته شديدة فيها؛ فبعد ولايته بسنة واحدة خرج عليه في اليمن عبّاد الرعيني الذي ادعى أنه حميري آخر الزمان، وكان له من الأتباع ثلاثمئة رجل، فتمكن يوسف من القضاء على ثورته وقتله مع أصحابه؛ مما زاد في مكانته عند الخليفة.
ولمّا عَظُمت الوشاية عند الخليفة على عامله على العراق خالد بن عبد الله القسري[ر] ازداد سخطه عليه، وكتب إلى يوسف في اليمن بولاية العراق سراً سنة 121هـ؛ فاستخلف يوسف ابنه الصلت على اليمن، ودخل إلى الكوفة وأقام بها، وأودع خالداً في السجن، وطالبه بالأموال التي ادُّعِيَت عليه. ثم استقدم يوسف الإمام زيد بن علي زين العابدين[ر] ليواجه سجينه في ستمئة ألف دينار أعطاه إياها خالدٌ، وقد أنكر زيدٌ الأمرَ، وقيل: إن خالداً ادعى ذلك تحت العذاب؛ فأمر الخليفة هشام بإطلاق خالدٍ من السجن بعد أن قضى فيه ثمانية عشر شهراً.
أخرج يوسف الثقفي الإمام زيد من الكوفة لكثرة من يشايعه فيها؛ فلحقه كثيرٌ إلى القادسية يبايعونه، ويغرونه بقلّة مقاتلة الشام في العراق، فعاد إلى الكوفة، ومكث عشرة أشهر سراً يستعد للثورة على الأمويين، وامتدت دعوته إلى البصرة والموصل، واجتمع له في الكوفة وحدها خمسة عشر ألف مقاتل. ولما تسرب الخبر إلى يوسف قرر زيدٌ الإسراع في ثورته، فكانت في صفر من سنة 122هـ ويوسف في الحيرة، فأمر عامله على الكوفة الحكم بن الصلت بقتال زيد، وفي يومها حُصِرَ أشياع زيدٍ في المسجد الكبير، ووَجَد الإمام نفسه وحيداً مع قلة لم يتجاوز عديدها مئتين وثمانية عشر رجلاً؛ فهان أمرهم، وتم القضاء على ثورتهم بيسر.
في سنة 125هـ تُوفي الخليفة هشام ابن عبد الملك، وخلفه الوليد بن يزيد ابن عبد الملك (125ـ126هـ)، وكان يهم بعزل يوسف وتولية ابن عمه عبد الملك ابن محمد بن الحجاج؛ فسار يوسف إلى الوليد، وقدّم له أموالاً عظيمة وتحفاً؛ فأقره الخليفةُ في العراق، وعزلَ نصر بن سيار عن خراسان، وضمها إلى العراق، ودفع بخالد القسري إلى يوسف مقابل أربعين ألف ألف درهم ليموت تحت العذاب.
كتب يوسف إلى نصر يأمره بالقدوم، وأن يحمل ما قدر عليه من الهدايا والأموال، وأن يقدم عليه بعياله أجمعين، لكنه تباطأ في قدومه حتى وصله خبر وفاة الخليفة الوليد فامتنع، وعمّت بموت الخليفة الاضطرابات في الشام حتى تولى الخلافة بعده يزيد بن الوليد بن عبد الملك (126ـ127) ثمانية أشهر استقر له فيها الحكم، فعزل يوسف عن العراق، وولاها منصور بن جمهور، فحُبس يوسف، وطُولِبَ بالأموال التي كان يجنيها، لكنه تمكن من الهرب إلى البلقاء، واستخفى بين أهله المقيمين فيها- وقيل: إن هروبه عند عزله مباشرة وقبل سجنه ـ وقد عثر عليه رجال الخليفة بعد عناء شديد، وأرسلوه إلى سجن دمشق، وعادت الفوضى بوفاة الخليفة والتنازعِ على الخلافة؛ فتمكن في هذه الأثناء يزيد ابن خالد القسري من الدخول إلى سجن دمشق، وأخرج يوسف بن عمر الثقفي، وقتله ثأراً لأبيه، وقد تم له ذلك في عهد مروان بن محمد الجعدي[ر] (127ـ132هـ) آخر ملوك بني أمية.
كان يوسف بن عمر مهيباً جباراً مع صغر حجمه وقصر قامته. حاول في سيرته التأسي بسيرة الحجاج في الأخذ بالشدة والعنف، فيذكر عنه أنه وزن درهماً، فنقص حبةً في المكيال، فكتب إلى دور الضرب بالعراق، فضرب أهلها، فأُحْصي في تلك الحبة مئة ألف سوط ضربها.
على الرغم مما ذكرته المصادر عن قسوته فإنها تروي العديد من القصص في جوده وسخائه؛ إذ ينقل الذهبي عن المدائني أن «سماط يوسف بالعراق كان كل يوم خمسمائة مائدة، وكانت مائدته وأقصى الموائد سواء، يتعمد ذلك، وينوعه»، ومع أنها تجعل منه خطيباً من الفصحاء فإنها تنقل فيه أنه أصبح مَضرباً للمثلِ في الحمق والتيه، فيُقال فيه: «أحمق من أحمق ثقيف».
جواد ترجمان