السمح بن مالك الخولاني. أحد أمراء الأندلس البارزين

تقليص
X
 
  • تصفية - فلترة
  • الوقت
  • عرض
إلغاء تحديد الكل
مشاركات جديدة

  • السمح بن مالك الخولاني. أحد أمراء الأندلس البارزين


    شخصيات مؤثرة

    السمح بن مالك الخولاني ::::

    هو أحد أمراء الأندلس البارزين، في عصر الولاة، (95-138هـ)، وهو العصر الذي اشتهر فيه أيضا العديد من الأمراء القادة الغزاة الشجعان، من أمثال عنبسة بن سحيم الكلبي (103-107هـ) ، وعبد الرحمن الغافقي (112-114هـ) ، وعقبة بن الحجاج السلولي (116-122هـ). والذين ربما شاركوا السمح في بعض أو كل المميزات التي امتاز بها، ومنها:

    · التقوى والورع وحسن السيرة والعدل.

    · حب الجهاد في سبيل الله والشجاعة والعزيمة.

    · الشخصية القوية ذات الصبغة الإدارية والعسكرية.

    · الحرص والأمانة على الدولة الإسلامية وأهلها.

    · النشاط العسكري الجهادي الفاتح وراء جبال البرت، أي داخل فرنسا.

    كما كان السمح أحد قادة الفتوحات الإسلامية، في العهد الأموي، في الجناح الغربي للدولة الإسلامية وكان رائدا للفتوحات الإسلامية، في جنوب فرنسا، في مستهل القرن الثاني الهجري / الثامن الميلادي.

    فيذكر للسمح أنه فتح مدينة نربونة المهمة، لؤلؤة الساحل الفرنسي الجنوبي، وجميع مدن مقاطعة سبتمانيا، في جنوبي فرنسا، سنة 102هـ، وأنه حصنّها، وحشدها بالرجال والمؤمن، وجعلها قاعدة إسلامية هناك، وبذلك استطاعت أن تصمد صمودا اسطوريا في وجه هجمات الفرنجة العنيفة بعد معركة بلاط الشهداء. ويذكر له أنه بذل روحه رخيصة من أجل عقيدته، ولم يبذل عقيدته من أجل روحه، فمات مجاهدا في ساحات الوغى، وسقط مضرجا بدمائه، وخسر روحه وربح الشهادة، دون أن يسقط سيفه من يمينه، ودون أن يترك خلفه درهما ولا دينارا، ولا أرضا ولا عقارا.

    كما يذكر التاريخ للسمح أنه ممن ساهموا في مسيرة الخليفة عمر بن عبد العزيز، الإصلاحية العادلة، وأنه كان، من خيرة الأمراء، والولاة، الذين حكموا الأندلس، فضلا وصلاحًا وكفاءة وقدرة؛ وأن له القدح المعلى، في إصلاح أمورها، وتنظيم شئونها. فيذكر له التاريخ: أنّه كان إداريا حازما، سار على طريق تقسيم تخميس أرض الأندلس، خطوات واسعة مثمرة.

    ويذكر له أنه أول من تصدى، لإرساء قواعد الإدارة السليمة في الأندلس، وبأن منجزاته الإصلاحية، كانت حجر الزاوية، فيما عرفته هذه الولاية، من نظم إدارية وعمرانية، واقتصادية. ويذكر له، أن أنه كان منشئا عظيما، وأن له آثار في البناء والتشييد، تتمثل في قنطرة قرطبة، تلك القنطرة الخالدة التي لعبت دورا محوريا في نهضة قرطبة، خلال تاريخها الإسلامي، وسور قرطبة الغربي، وفي تحصين نربونة، وغيرهما من المدن الأندلسية والفرنجية.

    كما يحتل اسم السمح بن مالك الخولاني، مكانا بارزا في وعي وذاكرة الأمة الإسلامية، كغيره من القادة الفاتحين، والغزاة الاستشهاديين، ويحاط بهالة من التمجيد، والإعزاز، في أرجاء كثيرة من العالم الإسلامي، عامة، وفي بلاد العرب خاصة. ومنذ 1300 عام، وإلى اليوم، وصدى هذا الاسم، يتردد في ذاكرة الأمة الإسلامية، في كل مكان، وسيظل كذلك إلى أن يشاء الله.

    وذلك باعتباره واحدا، من الأمراء المسلمين البارزين، من التابعين، المنتمين لجيل القدوة، والتأسي، جيل خير القرون، وهو القرن الأول الهجري، ومن أبطال الإسلام، الذين حفروا بأظافرهم، وسط الصخور، ليكونوا أمجادا، ويحققوا انتصارات، ويجعلوا كلمة الله، هي العليا، وكلمة الذين كفروا السفلى، ومن القادة، الذين تمتزج سيرتهم بالخبرة الإدارية والمالية والعسكرية، وبالبطولة والتضحية والحرص على الشهادة.

    وقد وصفه الوزير المغربي، محمد بن عبد الوهاب الغساني، في كتابه (رحلة الوزير) فقال: "وكان السمح بن مالك الخولاني هذا من خيار أهل زمانه ثقة وعدالة". ويكفي شاهدا على ذلك، أنه كان أحد ولاة الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز. "وقد صرَّح كثيرٌ من الأئمةِ بأنَّ كلَّ مَن استعمله عمر بن عبد العزيز ثقة"، كما أثنى عليه المؤرخ المغربي، ابن عذاري، وقال أنه امتثل، ما أمره به الخليفة العادل عمر بن عبد العزيز، من القيام بالحق، وإتباع العدل، والصدق، أثناء ولايته على الأندلس.

    لقد سبق إلى محاولة فتح فرنسا السمح بن مالك الخولاني، الذي أقامه عمر بن عبد العزيز، واليا على الأندلس (100هـ/719) ، حيث قام بحملة شاملة على فرنسا اخترقت جبال ألبرت من الشرق .. وسيطر على عدد من القواعد، هناك واستولى على سبتمانيا، وأقام حكومة إسلامية، جاءت لتخرج الناس من الظلمات إلى النور، وفقا للرسالة الحضارية، التي جاء بها المسلمون إلى الأندلس آنذاك في هذا الوقت المبكر، واتخذ من " أربونة "قاعدة للجهاد وراء البرت، ثم استشهد في معركته مع قوى الظلام، عند تولوز، في يوم عرفة من سنة 102هـ/721، وفقدت فرنسا بذلك من ثم أول فرصة للتنوير الإسلامي، عرضت لها".

    ولقد خلد المسلمون في الأندلس، أسم السمح بن مالك الخولاني، فصار اسمه مقترنا باسم قنطرة قرطبة، الشهيرة، أو قنطرة الدهر، التي تربط بين ضفتي نهر الوادي الكبير، والتي كان السمح هو أول من بادر بتشييدها وإعادتها إلى الوجود مرة أخرى، بعد الفتح. ومنذ ذلك الحين ارتبط اسمها باسمه، فهي قلما تذكر إلا مقترنة باسمه على مر الزمن. وذلك بالرغم من تعاقب الإصلاحات عليها، في عهود الإمارة والخلافة.
يعمل...
X