يعلى (محمد بن الحسن، ابن الفداء، أبو )
يعلي (محمد حسن، ابن فداء، )
Abu Ya’la al-Farra’ (Mohammad ibn al-Hussein-) - Abou Ya’la al-Farra’ (Mohammad ibn al-Houssein-)
أبو يعلى الفراء (محمد بن الحسين ـ)
(380 ـ 458 هـ/990 ـ 1066م)
أبو يعلى، محمد بن الحسين بن محمد بن خلف ابن الفراء (نسبة إلى عمل الفرو) الفقيه الحنبلي، عالم عصره في الأصول والفروع وأنواع الفنون، من أهل بغداد، إليه انتهت الرئاسة في مذهب الإمام أحمد بن حنبل، من أسرة علم وقضاء.
كان والده أبو عبد الله فقيهاً صالحاً، على مذهب أبي حنيفة، وخوطب في تولي القضاء فامتنع، وتوفي في سنة تسعين وثلاثمئة، وكانت سن أبي يعلى في ذلك الوقت عشر سنين إلا أياماً وكان وصيّه رجلاً يعرف بالحربي فلقّنه القرآن وقرأ عليه مختصر الخرقي، ثم انتقل إلى الشيخ أبي عبد الله بن حامد وصحبه وتفقه عليه وبرع إلى أن توفي ابن حامد في سنة ثلاث وأربعمئة.
وأما شيوخه فأول سماعه للحديث سنة خمس وثمانين وثلاثمئة، وسمع من أبي الحسين السكري، وسمع أيضاً من جماعة عن البغوي عن أحمد بن حنبل وسمع من أبي القاسم موسى بن عيسى السراج، ومن أبي الحسن علي ابن معروف، وأبي القاسم بن حبابة، وأبي الطيب بن المنار، وأبي طاهر المخلص، وأبي القاسم عيسى بن علي الوزير، وأبي القاسم بن سويد، وسمع بمكة ودمشق وحلب من آخرين، وابتدأ بالتصنيف والتدريس بعد وفاة شيخه ابن حامد، قال الخطيب البغدادي: «كتبنا عنه، وكان ثقة».
وحج سنة أربع عشرة وأربعمئة وعاد إلى تدريسه وتصنيفه في الفروع والأصول والآداب وانقطاعه عن الدنيا وما يؤول إلى الذهاب.
ومن بحث عن أخلاقه وطرائقه وأخباره لم يخف عليه موضعه ومحله، وبالجملة فقد كان جارياً على سنن الإمام أحمدt، قال عنه ولده في أثناء ترجمته في طبقات الحنابلة أنه عندما توفي قاضي القضاة ابن ماكولا تبين للخليفة القائم بأمر الله احتياج الحريم إلى قاضٍ عالم زاهد فخاطب أبا يعلى ليلي القضاء بدار الخلافة والحريم فامتنع من ذلك مراراً؛ فلما لم يجد بداً من ذلك اشترط عليهم شرائط منها: أنه لا يحضر أيام المواكب الشريفة ولا يخرج في الاستقبالات ولا يقصد دار السلطان، وفي كل شهر يقصد نهر المعلى يوماً وباب الأزج يوماً، ويستخلف من ينوب عنه في الحريم، فأجيب إلى ذلك. فلم يزل جارياً على سديد القضاء وإنفاذ الحكم والأوصياء إلى أن توفي.
ومعلوم ما خصه الله تعالى به مع موهبة العلم والديانة من التعفف والصيانة والمروءة الظاهرة والمحاسن الكثيرة الوافرة، مع هجرانه لأبواب السلاطين، وامتناعه على مر السنين أن يقبل لأحد منهم صلة وعطية، ولم تزل ديانته ومروءته لما هذا سبيله أبية.
وكان يقسم ليله كله أقساماً فقسم للمنام وقسم للقيام وقسم لتصنيف الحلال والحرام.
وسمع منه الكثير، منهم أحمد بن علي بن ثابت، وعبد العزيز العاصمي النخشبي، وعمر بن أبي الحسن الدهستاني الخياط، وهبة الله بن عبد الوارث الشيرازي، وإسحاق بن عبد الوهاب بن منده الحافظ المقرئ، وغيرهم.
وأما عدد مصنفاته فكثيرة أشهرها:
كتاب «الأحكام السلطانية» الذي أصبح يُعرف به، وهو ثاني اثنين من الكتب التي صنفت في النظم الإسلامية، والسياسة الشرعية، وحويا بين دفتيهما النظام السياسي والقضائي والإداري والمالي؛ هذا هو الثاني، وأما الأول: فهو «الأحكام السلطانية والولايات الدينية» لمعاصره أبي الحسن الماوردي (ت 450هـ) الذي كان يذكر رأي الشافعية ومن خالفهم من الحنفية والمالكية، من دون أن يلتفت إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل، فقام القاضي أبو يعلى بسد هذه الثغرة وألّف هذا الكتاب الذي يعد أول كتاب يؤلف في الفقه السياسي والنظم الإسلامية على مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى.
له «أحكام القرآن» و«نقل القرآن» و«إيضاح البيان» و«مسائل الإيمان» و«المعتمد» و«مختصر المعتمد» و«المقتبس» و«مختصر المقتبس» و«عيون المسائل» و«الرد على الأشعرية» و«الرد على الكرامية» و«الرد على الباطنية» و«الرد على المجسمة» و«الرد على ابن اللبان» و«إبطال التأويلات لإخبار الصفات» و«مختصر إبطال التأويلات» و«الانتصار لأبي بكر» و«الكلام في الاستواء» و«الكلام في حروف المعجم» و«القطع على خلود الكفار في النار» و«أربع مقدمات في أصول الديانات» و«إثبات إمامة الخلفاء الأربعة» و«تبرئة معاوية» و«العدة في أصول الفقه» و«مختصر العدة» و«الكفاية في أصول الفقه» و«مختصر الكفاية» و«فضائل أحمد» و«مختصر في الصيام» و«إيجاب الصيام ليلة الإغمام» و«مقدمة في الأدب» و«كتاب الطب» و«كتاب اللباس» و«الأمر بالمعروف» و«شروط أهل الذمة» و«التوكل» و«ذم الغناء» و«الاختلاف في الذبيح» و«تفضيل الفقر على الغنى» و«فضل ليلة الجمعة على ليلة القدر» و«إبطال الحيل» و«الفرق بين الآل والأهل» و«المجرد في المذهب» و«شرح الخرقي» و«كتاب الروايتين» و«قطعة من الجامع الكبير» فيها الطهارة وبعض الصلاة والنكاح والصداق والخلع والوليمة والطلاق، و«الجامع الصغير» و«شرح المذهب»، و«الخصال» و«القسام».
وكانت أفعاله كأخلاقه وأخلاقه كأعراقه وأوله كآخره. لا يمتنع عليه معرفة المبهم الغامض من الأمور ولا يتلجلج اشتباه المشكل الصعب في الصدور ولا يعرف الشك ولا العي ولا الحصر عند مناظرة المخالفين والموافقين ومجادلة المتكلمين وسائر الفقهاء المختلفين.
تُوفي ليلة الاثنين التاسع عشر من رمضان، وصلَّى عليه ولده أبو القاسم يوم الاثنين بجامع المنصور رحمه الله تعالى.
وقد أجمع الفقهاء والعلماء، وأصحاب الحديث والقراء، والأدباء والفصحاء، وسائر الناس على اختلافهم على صحة رأيه، ووفور عقله، وحسن معتقده، وجميل طريقته، ولطف نفسه وعلو همته، وورعه وتقشفه، ونزاهته وعفته.
محمد يوسف الشربجي
يعلي (محمد حسن، ابن فداء، )
Abu Ya’la al-Farra’ (Mohammad ibn al-Hussein-) - Abou Ya’la al-Farra’ (Mohammad ibn al-Houssein-)
أبو يعلى الفراء (محمد بن الحسين ـ)
(380 ـ 458 هـ/990 ـ 1066م)
أبو يعلى، محمد بن الحسين بن محمد بن خلف ابن الفراء (نسبة إلى عمل الفرو) الفقيه الحنبلي، عالم عصره في الأصول والفروع وأنواع الفنون، من أهل بغداد، إليه انتهت الرئاسة في مذهب الإمام أحمد بن حنبل، من أسرة علم وقضاء.
كان والده أبو عبد الله فقيهاً صالحاً، على مذهب أبي حنيفة، وخوطب في تولي القضاء فامتنع، وتوفي في سنة تسعين وثلاثمئة، وكانت سن أبي يعلى في ذلك الوقت عشر سنين إلا أياماً وكان وصيّه رجلاً يعرف بالحربي فلقّنه القرآن وقرأ عليه مختصر الخرقي، ثم انتقل إلى الشيخ أبي عبد الله بن حامد وصحبه وتفقه عليه وبرع إلى أن توفي ابن حامد في سنة ثلاث وأربعمئة.
وأما شيوخه فأول سماعه للحديث سنة خمس وثمانين وثلاثمئة، وسمع من أبي الحسين السكري، وسمع أيضاً من جماعة عن البغوي عن أحمد بن حنبل وسمع من أبي القاسم موسى بن عيسى السراج، ومن أبي الحسن علي ابن معروف، وأبي القاسم بن حبابة، وأبي الطيب بن المنار، وأبي طاهر المخلص، وأبي القاسم عيسى بن علي الوزير، وأبي القاسم بن سويد، وسمع بمكة ودمشق وحلب من آخرين، وابتدأ بالتصنيف والتدريس بعد وفاة شيخه ابن حامد، قال الخطيب البغدادي: «كتبنا عنه، وكان ثقة».
وحج سنة أربع عشرة وأربعمئة وعاد إلى تدريسه وتصنيفه في الفروع والأصول والآداب وانقطاعه عن الدنيا وما يؤول إلى الذهاب.
ومن بحث عن أخلاقه وطرائقه وأخباره لم يخف عليه موضعه ومحله، وبالجملة فقد كان جارياً على سنن الإمام أحمدt، قال عنه ولده في أثناء ترجمته في طبقات الحنابلة أنه عندما توفي قاضي القضاة ابن ماكولا تبين للخليفة القائم بأمر الله احتياج الحريم إلى قاضٍ عالم زاهد فخاطب أبا يعلى ليلي القضاء بدار الخلافة والحريم فامتنع من ذلك مراراً؛ فلما لم يجد بداً من ذلك اشترط عليهم شرائط منها: أنه لا يحضر أيام المواكب الشريفة ولا يخرج في الاستقبالات ولا يقصد دار السلطان، وفي كل شهر يقصد نهر المعلى يوماً وباب الأزج يوماً، ويستخلف من ينوب عنه في الحريم، فأجيب إلى ذلك. فلم يزل جارياً على سديد القضاء وإنفاذ الحكم والأوصياء إلى أن توفي.
ومعلوم ما خصه الله تعالى به مع موهبة العلم والديانة من التعفف والصيانة والمروءة الظاهرة والمحاسن الكثيرة الوافرة، مع هجرانه لأبواب السلاطين، وامتناعه على مر السنين أن يقبل لأحد منهم صلة وعطية، ولم تزل ديانته ومروءته لما هذا سبيله أبية.
وكان يقسم ليله كله أقساماً فقسم للمنام وقسم للقيام وقسم لتصنيف الحلال والحرام.
وسمع منه الكثير، منهم أحمد بن علي بن ثابت، وعبد العزيز العاصمي النخشبي، وعمر بن أبي الحسن الدهستاني الخياط، وهبة الله بن عبد الوارث الشيرازي، وإسحاق بن عبد الوهاب بن منده الحافظ المقرئ، وغيرهم.
وأما عدد مصنفاته فكثيرة أشهرها:
كتاب «الأحكام السلطانية» الذي أصبح يُعرف به، وهو ثاني اثنين من الكتب التي صنفت في النظم الإسلامية، والسياسة الشرعية، وحويا بين دفتيهما النظام السياسي والقضائي والإداري والمالي؛ هذا هو الثاني، وأما الأول: فهو «الأحكام السلطانية والولايات الدينية» لمعاصره أبي الحسن الماوردي (ت 450هـ) الذي كان يذكر رأي الشافعية ومن خالفهم من الحنفية والمالكية، من دون أن يلتفت إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل، فقام القاضي أبو يعلى بسد هذه الثغرة وألّف هذا الكتاب الذي يعد أول كتاب يؤلف في الفقه السياسي والنظم الإسلامية على مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى.
له «أحكام القرآن» و«نقل القرآن» و«إيضاح البيان» و«مسائل الإيمان» و«المعتمد» و«مختصر المعتمد» و«المقتبس» و«مختصر المقتبس» و«عيون المسائل» و«الرد على الأشعرية» و«الرد على الكرامية» و«الرد على الباطنية» و«الرد على المجسمة» و«الرد على ابن اللبان» و«إبطال التأويلات لإخبار الصفات» و«مختصر إبطال التأويلات» و«الانتصار لأبي بكر» و«الكلام في الاستواء» و«الكلام في حروف المعجم» و«القطع على خلود الكفار في النار» و«أربع مقدمات في أصول الديانات» و«إثبات إمامة الخلفاء الأربعة» و«تبرئة معاوية» و«العدة في أصول الفقه» و«مختصر العدة» و«الكفاية في أصول الفقه» و«مختصر الكفاية» و«فضائل أحمد» و«مختصر في الصيام» و«إيجاب الصيام ليلة الإغمام» و«مقدمة في الأدب» و«كتاب الطب» و«كتاب اللباس» و«الأمر بالمعروف» و«شروط أهل الذمة» و«التوكل» و«ذم الغناء» و«الاختلاف في الذبيح» و«تفضيل الفقر على الغنى» و«فضل ليلة الجمعة على ليلة القدر» و«إبطال الحيل» و«الفرق بين الآل والأهل» و«المجرد في المذهب» و«شرح الخرقي» و«كتاب الروايتين» و«قطعة من الجامع الكبير» فيها الطهارة وبعض الصلاة والنكاح والصداق والخلع والوليمة والطلاق، و«الجامع الصغير» و«شرح المذهب»، و«الخصال» و«القسام».
وكانت أفعاله كأخلاقه وأخلاقه كأعراقه وأوله كآخره. لا يمتنع عليه معرفة المبهم الغامض من الأمور ولا يتلجلج اشتباه المشكل الصعب في الصدور ولا يعرف الشك ولا العي ولا الحصر عند مناظرة المخالفين والموافقين ومجادلة المتكلمين وسائر الفقهاء المختلفين.
تُوفي ليلة الاثنين التاسع عشر من رمضان، وصلَّى عليه ولده أبو القاسم يوم الاثنين بجامع المنصور رحمه الله تعالى.
وقد أجمع الفقهاء والعلماء، وأصحاب الحديث والقراء، والأدباء والفصحاء، وسائر الناس على اختلافهم على صحة رأيه، ووفور عقله، وحسن معتقده، وجميل طريقته، ولطف نفسه وعلو همته، وورعه وتقشفه، ونزاهته وعفته.
محمد يوسف الشربجي