ياناتشيك (ليوش-)
ياناتشيك (ليوش)
Janacek (Leos-) - Janacek (Leos-)
ياناتشيك (ليوش ـ)
(1854ـ 1928)
ليوش ياناتشيك Leos Janácek مؤلف موسيقي تشيكي ولد في هوكڤالدي Hukvaldy وتوفي في أوستراڤا Ostrava، وهو مستقل بأسلوبه ومتميز، يكاد تأثير المدارس الموسيقية أن يكون معدوماً لديه. درس منذ عام 1865 في دير للرهبان الأغسطينيين فن الترتيل عند أستاذ فرقة المرتلين بافل كرجيجوڤسكي P.Krízkovsky الذي عُرِفَ بصرامته، وقاده منذ البداية إلى الموسيقى الفولكلورية الموراڤية، وأدى دوراً كبيراً في بث الروح القومية فيه. انتسب ياناتشيك عام 1874 إلى مدرسة الأرغن[ر] في براغ من أجل إكمال تعليمه الموسيقي، ثم تابع دراسته منذ عام 1879 في كونسرڤاتوار لايبزيغ، ولكنه لم يتفق مع أساتذته وغادر لايبزيغ إلى ڤيينا قبل أن يعود إلى برنوBrno عاصمة موراڤيا عام 1880 من دون أن يحمل معه أياً من تأثيرات أساتذة مدرسة ڤيينا بدءاً من موتسارت[ر] وبتهوڤن[ر] وانتهاءً ببرامز [ر] وبروكنر [ر]، وسمي لدى عودته من ڤيينا أستاذاً للموسيقى في معهد إعداد المعلمين، حيث مارس مهنة التعليم حتى عام 1904. وأسس في الوقت نفسه عام 1881 مدرسة للأرغن غدت عام 1919 أول كونسرڤاتوار في موراڤيا. وفي عام 1885 بدأ في مسقط رأسه بمساعدة صديقه فرانتيشيك بارتوش Frantisek Bartos ـ وهو أستاذ متخصص باللهجات ـ بدراسة الألحان والأغاني الشعبية الموراڤية، وخلص من عمله إلى «نظرية الكلمات اللحنية» التي تقول إن لكل لغة ولكل لهجة ولكل كلمة محكية لحنها، وإن لحن الكلمة هو شيء موروث، ولهذا فلكل شعب لحن متميز يعرف به، ومن ثم فإن الألحان الشعبية تلد من لحن الكلمة واللغة، وبنى على هذه النظرية أعماله كلها. ولكن مصنفاته الطليعية لم تحظ بالقبول في نهاية القرن التاسع عشر، وأعاد إليه دفورجاك[ر] أوبرا «شاركا» Sárka بسبب ثغرات عديدة فيها، ولم يكن مصير أوبرا[ر] «بداية الحكاية» Pocátek románu ت(1891) أفضل، كذلك كان مصير الرقصات الموراڤية التي تذكر بالرقصات السلافية لدفورجاك. ومع ذلك لم يتراجع عن الخط الذي اختاره لنفسه، وكان رأيه أنه ليس من الضروري أن يكون كل موسيقي سميتانا[ر] لكي يكون موسيقياً، وكتب يقول: «أتمسك بجذور حياة شعبي، لذا فإنني سأسمو ولن أخضع». وأصر على التأليف بالأسلوب الطليعي الذي عبر عنه في نظرية «الكلمات اللحنية» ولكي يبرهن على نظريته التي تقول: «إن أي كلمة من الممكن تلحينها لأنها هي بالأصل لحن»؛ قام ياناتشيك بتلحين دراما للشاعرة التشيكية غابرييلا برييسوڤا Gabriela Preisová ت(1862ـ1946) هي أوبرا «ينوفا» Jenufa من دون إدخال تعديلات تذكر على النص الأصلي، وقدمت الأوبرا في برنو عام 1904 لأن المسرح القومي في براغ رفض تقديمها بحجة عدم صلاحيتها. كذلك قام بتلحين الكلمات الأخيرة لابنته أولغا التي توفيت عن واحد وعشرين عاماً «لا أريد أن أموت أريد أن أعيش». وعُرِضَ عليه في الظرف العصيب الذي كان يمر به بعد وفاة ابنته وإخفاق أعماله منصب مدير كونسرڤاتوار وارسو، وهو بالتأكيد أفضل من المعاش التقاعدي الذي كان يتقاضاه عن عمله نحو ربع قرن أستاذاً للموسيقى، ولكن زوجته رفضت مغادرة برنو كي تبقى إلى جوار قبر ابنتها أولغا، وحاول هو أن يواسي نفسه فانهمك بتأليف أوبرا جديدة هي «القدر» Osud يوحي عنوانها بالمصيبة التي ألمت به بوفاة ابنته. ثم استفزه اشتباك وقع بين مواطنين ألمان وتشيك في مدينة برنو عام 1905. فكتب سوناتا للبيانو حملت اسم الشارع الذي وقع فيه الاشتباك. وكان هذا العمل بداية لسلسلة من الأعمال الرفيعة لموسيقى الآلات التي لم يولها اهتماماً كبيراً قبل ذلك. ويبدو أنه اكتشف أن نظريته عن «الكلمات اللحنية» لا يمكنها أن تحل أو تلغي اللحن المؤدى بالآلات.
وفي السنوات التالية برهن على مقدرة رفيعة في الكتابة لموسيقى الآلات وصلت إلى ذروتها في مصنفاته الأوركسترالية وأعماله لموسيقى الحجرة[ر] ولاسيما الرباعيين[ر] الوتريين «سوناتا[ر] كرويتزر»، و«رسائل قلبية»، وبدا بأن مزاج العصر قد تغير عام 1916 وأصبح أكثر استعداداً لقبول أعمال طليعية جديدة؛ لأن المسرح القومي في براغ أعلمه فجأة موافقته على تقديم أوبرا «ينوفا» التي عُدت قبل أكثر من عشرة أعوام غير صالحة للتقديم، وفاجأت ينوفا المشاهدين في المسرح القومي وحققت نجاحاً منقطع النظير، سرعان ما انتقلت إلى ڤيينا ثم إلى برلين عام 1924. وألف متأثراً بنجاحها أوبرا «كاتيا كابانوڤا» Kát’a Kabanová التي استقبلت أيضاً استقبالاً كبيراً حين تقديمها في براغ عام 1921، وغدا أسلوبه الطليعي ونظريته عن الكلمات اللحنية محط اهتمام المؤلفين من الجيل الجديد وقادة الأوركسترا الذين تسابقوا لتقديم مؤلفاته الطليعية، ولاسيما تلك التي كتبها في العقد الأخير من حياته والتي تُعد من أبرز الأعمال في تاريخ الموسيقى مثل أوبرا «قضية ماكروبولوس» عن نص للأديب التشيكي كارل تشابك Karel Capek، ثم «القداس الغلاغوليتيكي» و«السينفونييتا» Sinfonietta للأوركسترا، وأوبرا «من منزل الموتى» عن رواية دوستويفسكي Dostoevski (ذكريات من منزل الأموات). وأنهى قبل وفاته بقليل رباعية الوتريات الطليعية «رسائل قلبية» (1928)، وتوفي ياناتشيك فجأة نتيجة إصابته بالتهاب رئوي. وحسب ما نقلته ماريا ستيسكالوفاـ وهي خادمة عملت في منزله مدة أربعين عاماًـ فقد تعرض لعاصفة رعدية مباغتة وهو في جولة صيفية على الأقدام في غابات هوكڤالدي، وعندما عاد إلى المنزل ارتفعت حرارته ونُقل إلى المشفى وكانت آخر كلماته لطبيبه «دعني أموت، فلم يعد هناك فائدة».
لم يكن ياناتشيك مؤلفاً رومنسياً، ولكن العصر طبعه بطابع المؤلفين الرومنسيين، حتى إنه لا يختلف هنا عن بتهوڤن أو ڤاغنر، وعدا تأثير محدود لمواطنه ومعاصره دفورجاك فقد كان مؤلفاً مستقلاً عن جميع المدارس المعروفة في عصره، فكان بافل كرجيجوفسكي والتراتيل الدينية مصدر ثقافته الموسيقية، ثم الموسيقى الشعبية المورافية التي عرفها وأحبها منذ طفولته واستغلها في مصنفاته، ولو أنه لم يستغل أي لحن شعبي بصيغته الأصيلة. أما أعظم تجاربه فليست نظرية «الكلمات اللحنية» وإنما التطبيق العملي لها بنقلها إلى المسرح الغنائي بنجاح. وإذا كان تأثير الأساليب والمدارس الموسيقية التي عاصرهاـ بدءاً من الرومنسية ومروراً بالانطباعية وانتهاء باللالحنية Atonality ـ فيه أقل من قليل (كان يفضل فقط الموسيقي الفرنسي شاربانتييه Charpentier على جميع المؤلفين، وريتشارد شتراوس[ر] R.Strauss، في فترة من الفترات)؛ فالأدب الروسي بطابعه الإنساني ترك أثراً كبيراً تناسب مع طبيعته المتشائمة التي انعكست في اختياره لأعماله، فهو يحاول تحويل رواية تولستوي Tolstoi «آنا كارنينا» إلى أوبرا، ويكتب الرابسودي للأوركسترا «تاراس بولبا» Taras Bulba عن غوغول Gogol، ثم يستعين برواية دgوستويفسكي «ذكريات من منزل الأموات» لتأليف آخر أعماله الأوبرالية وأعمقها وأكثرها تأثيراً في المستمعين، والتي ربما كانت أيضاً حصيلة تجربة طويلة مع الألم منذ بدأ أشقاؤه يموتون في هوكڤالدي حتى وفاة ابنته أولغا، ولكنه ـ ومثل أبطال دوستويفسكي ـ توافيه المنية في النهاية قبل أن يستمتع بانتصار منزل الموتى على خشبة المسرح.
أعماله
للمسرح الغنائي: تسع أوبرات منها: «ينوفا» Jenufa هو العنوان العالمي لأشهر أوبرات ياناتشيك (1916). ورحلات السيد بروتشيك (أوبرا نقدية ساخرة، الجزء الأول منها: رحلة السيد بروتشيك إلى القمر تم تأليفها بين عامي 1908ـ 1916، والجزء الثاني: رحلة السيد بروتشيك إلى القرن الخامس عشر، أُلِّفت بين عامي 1917ـ 1918)، وقدمت الأوبرا كاملة للمرة الأولى في براغ عام 1920. وكانتاتات وقداسات وأعمال متعددة منها: الإنجيل الأبدي لأصوات منفردة وجوقة وأوركسترا (براغ 1917).
وللأوركسترا: «الغيرة» (1906) ورقصات من لاشي (براغ 1926).
ومن موسيقى الحجرة: عدد كبير من الأعمال منها حسب تاريخ تقديمها: سوناتا للكمان والبيانو (1922)، والرباعي الوتري الأول (المستلهم من سوناتا كرويتزر لتولستوي 1924)، وحوارية صغيرة[ر] (كونشرتينو) لفرقة مؤلفة من كمانين وفيولا وكلارينيت وكور وباصون (1926)، وكابريتشو للبيانو (اليد اليسرى فقط) وفرقة آلات نفخ (1928).
وللبيانو: السوناتا x1-X-1905x (من الحي Zulice)، وذكريات (مقاطع للبيانو) (1928).
ومن أعماله الأخرى: مجموعة كبيرة من الأعمال المخصصة للجوقات على كلمات وقصائد موراڤية مختلفة ربما تتضمن أفضل ما ألف في حياته، وعدد من الأعمال والدراسات النظرية أهمها «حول الجانب الموسيقي للأغاني القومية المورافية» (1901) و«دراسة كاملة حول الهارموني» (1920).
زيد الشريف
ياناتشيك (ليوش)
Janacek (Leos-) - Janacek (Leos-)
ياناتشيك (ليوش ـ)
(1854ـ 1928)
|
وفي السنوات التالية برهن على مقدرة رفيعة في الكتابة لموسيقى الآلات وصلت إلى ذروتها في مصنفاته الأوركسترالية وأعماله لموسيقى الحجرة[ر] ولاسيما الرباعيين[ر] الوتريين «سوناتا[ر] كرويتزر»، و«رسائل قلبية»، وبدا بأن مزاج العصر قد تغير عام 1916 وأصبح أكثر استعداداً لقبول أعمال طليعية جديدة؛ لأن المسرح القومي في براغ أعلمه فجأة موافقته على تقديم أوبرا «ينوفا» التي عُدت قبل أكثر من عشرة أعوام غير صالحة للتقديم، وفاجأت ينوفا المشاهدين في المسرح القومي وحققت نجاحاً منقطع النظير، سرعان ما انتقلت إلى ڤيينا ثم إلى برلين عام 1924. وألف متأثراً بنجاحها أوبرا «كاتيا كابانوڤا» Kát’a Kabanová التي استقبلت أيضاً استقبالاً كبيراً حين تقديمها في براغ عام 1921، وغدا أسلوبه الطليعي ونظريته عن الكلمات اللحنية محط اهتمام المؤلفين من الجيل الجديد وقادة الأوركسترا الذين تسابقوا لتقديم مؤلفاته الطليعية، ولاسيما تلك التي كتبها في العقد الأخير من حياته والتي تُعد من أبرز الأعمال في تاريخ الموسيقى مثل أوبرا «قضية ماكروبولوس» عن نص للأديب التشيكي كارل تشابك Karel Capek، ثم «القداس الغلاغوليتيكي» و«السينفونييتا» Sinfonietta للأوركسترا، وأوبرا «من منزل الموتى» عن رواية دوستويفسكي Dostoevski (ذكريات من منزل الأموات). وأنهى قبل وفاته بقليل رباعية الوتريات الطليعية «رسائل قلبية» (1928)، وتوفي ياناتشيك فجأة نتيجة إصابته بالتهاب رئوي. وحسب ما نقلته ماريا ستيسكالوفاـ وهي خادمة عملت في منزله مدة أربعين عاماًـ فقد تعرض لعاصفة رعدية مباغتة وهو في جولة صيفية على الأقدام في غابات هوكڤالدي، وعندما عاد إلى المنزل ارتفعت حرارته ونُقل إلى المشفى وكانت آخر كلماته لطبيبه «دعني أموت، فلم يعد هناك فائدة».
لم يكن ياناتشيك مؤلفاً رومنسياً، ولكن العصر طبعه بطابع المؤلفين الرومنسيين، حتى إنه لا يختلف هنا عن بتهوڤن أو ڤاغنر، وعدا تأثير محدود لمواطنه ومعاصره دفورجاك فقد كان مؤلفاً مستقلاً عن جميع المدارس المعروفة في عصره، فكان بافل كرجيجوفسكي والتراتيل الدينية مصدر ثقافته الموسيقية، ثم الموسيقى الشعبية المورافية التي عرفها وأحبها منذ طفولته واستغلها في مصنفاته، ولو أنه لم يستغل أي لحن شعبي بصيغته الأصيلة. أما أعظم تجاربه فليست نظرية «الكلمات اللحنية» وإنما التطبيق العملي لها بنقلها إلى المسرح الغنائي بنجاح. وإذا كان تأثير الأساليب والمدارس الموسيقية التي عاصرهاـ بدءاً من الرومنسية ومروراً بالانطباعية وانتهاء باللالحنية Atonality ـ فيه أقل من قليل (كان يفضل فقط الموسيقي الفرنسي شاربانتييه Charpentier على جميع المؤلفين، وريتشارد شتراوس[ر] R.Strauss، في فترة من الفترات)؛ فالأدب الروسي بطابعه الإنساني ترك أثراً كبيراً تناسب مع طبيعته المتشائمة التي انعكست في اختياره لأعماله، فهو يحاول تحويل رواية تولستوي Tolstoi «آنا كارنينا» إلى أوبرا، ويكتب الرابسودي للأوركسترا «تاراس بولبا» Taras Bulba عن غوغول Gogol، ثم يستعين برواية دgوستويفسكي «ذكريات من منزل الأموات» لتأليف آخر أعماله الأوبرالية وأعمقها وأكثرها تأثيراً في المستمعين، والتي ربما كانت أيضاً حصيلة تجربة طويلة مع الألم منذ بدأ أشقاؤه يموتون في هوكڤالدي حتى وفاة ابنته أولغا، ولكنه ـ ومثل أبطال دوستويفسكي ـ توافيه المنية في النهاية قبل أن يستمتع بانتصار منزل الموتى على خشبة المسرح.
أعماله
للمسرح الغنائي: تسع أوبرات منها: «ينوفا» Jenufa هو العنوان العالمي لأشهر أوبرات ياناتشيك (1916). ورحلات السيد بروتشيك (أوبرا نقدية ساخرة، الجزء الأول منها: رحلة السيد بروتشيك إلى القمر تم تأليفها بين عامي 1908ـ 1916، والجزء الثاني: رحلة السيد بروتشيك إلى القرن الخامس عشر، أُلِّفت بين عامي 1917ـ 1918)، وقدمت الأوبرا كاملة للمرة الأولى في براغ عام 1920. وكانتاتات وقداسات وأعمال متعددة منها: الإنجيل الأبدي لأصوات منفردة وجوقة وأوركسترا (براغ 1917).
وللأوركسترا: «الغيرة» (1906) ورقصات من لاشي (براغ 1926).
ومن موسيقى الحجرة: عدد كبير من الأعمال منها حسب تاريخ تقديمها: سوناتا للكمان والبيانو (1922)، والرباعي الوتري الأول (المستلهم من سوناتا كرويتزر لتولستوي 1924)، وحوارية صغيرة[ر] (كونشرتينو) لفرقة مؤلفة من كمانين وفيولا وكلارينيت وكور وباصون (1926)، وكابريتشو للبيانو (اليد اليسرى فقط) وفرقة آلات نفخ (1928).
وللبيانو: السوناتا x1-X-1905x (من الحي Zulice)، وذكريات (مقاطع للبيانو) (1928).
ومن أعماله الأخرى: مجموعة كبيرة من الأعمال المخصصة للجوقات على كلمات وقصائد موراڤية مختلفة ربما تتضمن أفضل ما ألف في حياته، وعدد من الأعمال والدراسات النظرية أهمها «حول الجانب الموسيقي للأغاني القومية المورافية» (1901) و«دراسة كاملة حول الهارموني» (1920).
زيد الشريف