اسبانيه (جغرافيه)
Spain - Espagne
إسبانية
(الجغرافية)
دولة أوربية ذات نظام ملكي عاصمته مدريد [ر]، تشغل خمسة أسداس شبه جزيرة إيبرية [ر] التي تؤلف جسراً أرضياً من أوربة يمتد نحو إفريقية ويفصل بين البحر المتوسط والمحيط الأطلسي، في حين تشغل البرتغال [ر] السدس الباقي. وبهذا تكون إسبانية أكبر قطر في أوربة من حيث المساحة بعد روسية وفرنسة، ويعدُّ انفصالها عن أوربة بجبال البيرينه (البرانس) Pyrénées من أعظم العوامل أثراً في تكون شخصيتها القارية المصغرة، وكانت في وقت ما أقوى قطر في أوربة الغربية، وهي تجاهد اليوم لاستعادة مكانتها السابقة.
انعزلت إسبانية عن بقية أوربة منذ حربها الأهلية، غير أنها بدأت التحرك ببطء نحو علاقات طبيعية مع المجتمع الدولي. ففي 1955 قُبلت عضواً في الأمم المتحدة وأصبحت عضواً في هيئة البنك الدولي ومنظمة التعاون والتطور الاقتصادي OECD. وفي عام 1977 تقدمت بطلب للانضمام إلى السوق الأوربية المشتركة، ولها اليوم علاقات تجارية مع عدد كبير من دول العالم.
الموقع والأبعاد
تقع إسبانية في جنوب غربي أوربة، ممتدة بين درجتي عرض 36 درجة و43 درجة و47 دقيقة شمالاً وبين درجتي طول 3 درجات و19 دقيقة شرقاً و9 درجات و19 دقيقة غرباً، أي إن امتدادها من الشمال إلى الجنوب يزيد على 850كم تقريباً، ومن الغرب إلى الشرق على 1000كم تقريباً. ويصلها بأوربة برزخ يبلغ عرضه 415كم. وتطل من الشرق والجنوب الشرقي على البحر المتوسط، في حين تطل في الشمال والشمال الغربي والجنوب الغربي على المحيط الأطلسي، ويشترك قسم من حدودها الغربية مشتركاً مع البرتغال. وهكذا تكون إسبانية محاطة بالبحار من معظم أطرافها، ويصل طول سواحلها إلى 3000كم تقريباً مقسومة مناصفة بين واجهة الأطلسي وواجهة المتوسط.
تبلغ مساحة إسبانية القارية 492463كم2، يضاف إليها جزر الخالدات (الكناري) Canarias التي تبلغ مساحتها 7273كم2، وجزر الباليار Baleares ومساحتها 5014كم2، ومستعمرات صغيرة، اغتصبتها من مملكة المغرب التي لا تزال تطالب بها، وتعدها إسبانية ضمن أراضيها وهي مدينتا سبتة ومليلة وبعض الجزر الصغيرة ومساحتها بمجموعها 213كم2. وهكذا يكون مجموع مساحتها 504963كم2 (وردت 504782كم2 و504880كم2 في بعض المراجع). وهي تنفصل عن إفريقية بمضيق جبل طارق Gibraltar (ممر الزقاق) الذي يبلغ عرضه 14كم ويزيد عمقه على 200م. وتطالب إسبانية بمنطقة جبل طارق التي تحتلها بريطانية. وهي شبه جزيرة متصلة بالبر الإسباني مساحتها 6.5كم2.
الجغرافية الطبيعية
الجيولوجية: يُعدّ القسم الأوسط من شبه الجزيرة الإيبرية جزءاً من التكوينات الهرسينية القديمة التي تكونت في أوربة في أواخر العصر الفحمي، أي قبل 325 مليون سنة تقريباً. غير أن هذه الكتلة تعرضت لمراحل طويلة من الحت والتعرية وأصبحت مسواة على شكل أشباه سهول. وقد غمرت المياه في الحقب الثاني، أي قبل 225 مليون سنة، وبصورة متكررة، أجزاء كبيرة من هذه الكتلة ووضَّعت فوقها رسوبات سميكة. ثم تعرضت هذه الرسوبات والقاعدة التي تجثم تحتها، في حقبة بناء الجبال الألبية التي بدأت في أواخر الحقب الثاني، أي قبل 70 مليون سنة، إلى ضغوط شديدة أدت إلى نهوض القاعدة وتصدعها والتواء الرسوبات فوقها، فتكونت السلاسل الحالية المحيطة بالهضبة الوسطى، وأخذت شبه الجزيرة شكلها الحالي تقريباً.
أما توضعات الحقب الثالث فقد تركزت في المنخفضات والأحواض التي في الهضبة الوسطى، وفي أحواض نهري إبرو Ebro والوادي الكبير Guadalquivir. وقد كان بعض هذه الأحواض ما يزال مغموراً بالمياه في أواخر الحقب الثاني فتوضعت فيها رسوبات سميكة تصل إلى 3000م، وتوضعت في بعضها الآخر رسوبات قارية يصل ثخنها في بعض الأماكن إلى 4000م. ولم يكن للعصر الجليدي تأثير يذكر في شبه الجزيرة إلا في السلاسل الجبلية الشمالية المرتفعة، حيث أدت الجليديات إلى تعميق مصابّ الأنهار، التي تأثرت بالحت النهري وغمر البحار فيما بعد وتكوين مايسمى بسواحل الرياس Rias (مفردها ريا) المنتشرة على سواحل إسبانية الشمالية، وانتشار الحصى والركام الجليدي في مناطق محدودة على السفوح الدنيا للجبال.
التضاريس: التضاريس في إسبانية شديدة التعقيد، لأن إسبانية مكونة من نواة هضبية مرتفعة في الوسط، تحيط بها الجبال من ثلاث جهات. ويضاف إلى ذلك احتواؤها الأحواض والمنخفضات والسهول.
الهضبة الوسطى: وتعرف باسم الميزيتا Meseta أو المائدة وتعادل مساحتها نصف مساحة إسبانية تقريباً. وهي أرض مائدية مكونة من صخور قاسية تأثرت في تاريخها الجيولوجي بحركات بناء الجبال، مما أدى إلى تصدعها والتوائها. وتنقسم الهضبة بالسلاسل الوسطى إلى قسمين هما قشتالة القديمة في الشمال الغربي، ويبلغ ارتفاعها المتوسط نحو 800م، وقشتالة الجديدة في الجنوب الشرقي ويبلغ ارتفاعها المتوسط 600م تقريباً، ويصل إلى ما بين 250 و400م في اكستريمادورا Extremadura قرب الحدود البرتغالية، أما السلسلة الوسطى فيكون ارتفاعها الوسطي بحدود 2000م في حين تصل أعلى قممها إلى 2592م في قمة المنظور Pico de Almanzor. وهي مكونة من سلاسل جبلية قصيرة وصعبة العبور مثل سلاسل غاتا Gata وغريدوس Gredos ووادي الرامة Guadarrama، وتندمج باتجاه الشمال الشرقي مع السلسلة الإيبرية Cordillera Iberico، وباتجاه الشرق مع السلاسل التي تكون الحافة الشرقية للهضبة كسلسلة البراثن Sierra de Albarracin.
السلاسل الجبلية: وتحيط بالهضبة من ثلاث جهات هي الشمال والشرق والجنوب الشرقي، وفيها المرتفعات الشمالية والمرتفعات الشرقية والجنوبية الشرقية.
تضم المرتفعات الشمالية في الغرب مرتفعات غاليسية (جيليقية) Gallicia. وهي هضبة مؤلفة من الصخور القاسية القديمة، ونادراً ما تنخفض عن 900م، في حين تصل إلى أكثر من 2500م في بعض الأماكن. وتصل هذه المرتفعات إلى الساحل مكونة أودية ريا Ria وهي طويلة متشعبة يتوغل بعضها أكثر من 30كم ضمن اليابسة. وإلى الشرق من هذه الهضبة ترتفع السلاسل الكانتابرية Cantabrica التي تمتد على أكثر من 250كم من الغرب إلى الشرق بعرض يصل إلى 80كم تقريباً. وتتكون هذه السلاسل من نواة من الصخور البلورية القديمة المغطاة بالرسوبات في الشرق والمكشوفة على السطح في الغرب. ويصل ارتفاع أعلى قممها إلى 2648م في قمة أوربة Picos de Europa في حين يكون وسطي ارتفاعها بين 1500 و2100م. أما الكتلة الأخيرة باتجاه الشرق فهي جبال البيرينه المكونة من نواة صخرية بلورية محفوفة بصخور كلسية ذات عمر أحدث. وتتجه هذه السلسلة من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي بطول يصل إلى 400كم، في حين يكون أقصى عرض لها بحدود 130كم. وتكون سفوح هذه السلسلة غير متناظرة، فهي شديدة الانحدار على الجانب الفرنسي وضعيفة على الجانب الإسباني. وهي سلسلة مرتفعة لا يقل ارتفاع أخفض نقاطها عن 1500م، في حين تصل أعلى نقاطها إلى 3404م في قمة أنتو Pico de Aneto.
باحة في بيت من بيوت قرطبة |
الأحواض والمنخفضات والسهول: تكثر الأحواض والمنخفضات في إسبانية، إلا أن أهمها حوض الإبرو وحوض الوادي الكبير والسهول.
وحوض الإبرو هو الأكبر في إسبانية، إذ تبلغ مساحته سدس مساحة البلاد تقريباً. ويقع شمال شرقي الهضبة الوسطى بين السلاسل الكانتابرية والبحر المتوسط، بطول يصل إلى 400كم، وعرض يراوح بين 75- 150كم. ويبلغ وسطي ارتفاع هذا الحوض 500م تقريباً، إلا أن سطحه غير مستوٍ تماماً، بل تبرز فوقه تلال كثيرة مسطحة القمم. ويكون مغلقاً في الشرق بجبال قطلونية الساحلية، لولا فتحة المجرى الأدنى للنهر في الجبال.
ويقع حوض الوادي الكبير في جنوب غرب إسبانية بواجهة عريضة على المحيط الأطلسي تصل إلى 160كم ثم تضيق إلى 50 كم على مسافة 300كم باتجاه الشمال الشرقي. وتكون أرض هذا الحوض مغطاة بالتوضعات الثلاثية وما يليها، غير أن بروزات كلسية ترى في مناطق قليلة. وباتجاه أعلى النهر من إشبيلية، يصبح النهر محاذيا لسفوح سييرامورينا، في حين تكون التضاريس إلى يسار النهر، أي جنوبيه، مكونة من تلال لطيفة مدورة ومقطعة.
وتحتوي إسبانية على سهول ساحلية ضيقة في أغلب الأحيان. وقد تنعدم في أحيان أخرى. وأهمها سهول مالقة Malaga وألمرية Almeria ومرسية Murcia وفالنسية Valencia. وهناك سهول مرتفعة تقع في وسط الهضبة أهمها سهول القشتالتين القديمة والجديدة وسهل لامانشة La Mancha. وأخيراً هناك السهول التي تحاذي المجاري المائية وأهمها سهول الإبرو وسهول الوادي الكبير.
المناخ: تقع إسبانية في النطاق المعتدل من نصف الكرة الشمالي، ويتأثر مناخها بحركة مراكز الضغط الجوي التابعة لحركة الشمس الظاهرية، وبالتيارات البحرية الدافئة في المحيط الأطلسي. وهكذا تكون في مناخ إسبانية ثلاثة نماذج كما يلي:
نموذج المناخ المحيطي: ويسود في المناطق الشمالية والشمالية الغربية حيث تهب الرياح الغربية الرطبة طوال أيام السنة، وتكون الأمطار موزعة على جميع الفصول، وتصل إلى أكثر من 1000مم سنوياً، وتسقط على شكل ثلوج على المرتفعات. أما درجات الحرارة فتكون معتدلة، إذ يبلغ متوسطها 10 ْ مئوية شتاءً و20 ْ مئوية صيفاً.
نموذج المناخ المتوسطي: ويسود في المناطق الشرقية والجنوبية الشرقية. ويكون الصيف جافاً لسيادة ضغط مرتفع على البحر المتوسط، وعدم إمكان وصول المنخفضات الجوية. أما شتاءً فإن الضغط المرتفع يزحف جنوباً ويتراجع ويصبح البحر المتوسط ممراً للمنخفضات الجوية، وهكذا تهطل الأمطار فيه، كما تهطل في الفصول الانتقالية أيضاً. وتراوح كمية الأمطار في هذه المنطقة بين 400ـ 800مم سنوياً على الشريط الساحلي، وتصل إلى أكثر من 1000مم على المرتفعات في الشمال، وأكثر من 2000مم على المرتفعات في الجنوب. أما درجات الحرارة فتكون معتدلة صيفاً وشتاءً، باستثناء الأحواض والمنخفضات حيث تصبح حارة جداً في الصيف وباردة في الشتاء.
نموذج المناخ القاري: ويسود الهضبة الوسطى، حيث يكون الشتاء طويلاً وبارداً والصيف حاراً جداً. وتظهر في هذه المنطقة التباينات الكبيرة في درجات الحرارة وكميات الأمطار، غير أن هذه الأمطار غير كافية بوجه عام نتيجة ارتفاع معدلات التبخر. وتراوح بين 300ـ 400مم. أما معدلات درجات الحرارة فتكون بين 4 ْ مئوية شتاءً و24 ْ مئوية صيفاً.
الشبكة المائية: وهي متأثرة بالتضاريس والمناخ على نحو كبير، سواء في أطوالها أو انحدارها أو نظام جريانها. وعليه يمكن تقسيمها إلى قسمين:
الأنهار الساحلية: وتنبع من السلاسل الجبلية المحيطة بالهضبة الوسطى وتنحدر بشدة إلى البحر وتكون قصيرة وسريعة الجريان. وتتصف أنهار المحيط الأطلسي بجريانها الدائم على الرغم من تراجع غزارتها في فصل الصيف. أما أنهار واجهة البحر المتوسط فتجف في أشهر الصيف الحارة، إلا أنها أطول من سابقتها بوجه عام، وأهمها أنهار لوبرغات Llobregat وتوريا Turia وخوكار Jucar وشقورة Segura.
الأنهار الناشئة من الهضبة: وتصب جميعها في المحيط الأطلسي عدا نهر واحد يصب في البحر المتوسط هو نهر الإبرو. وقد حفرت جميع هذه الأنهار أودية عميقة دون مستوى سطح الهضبة. وأهم هذه الأنهار نهر مينيو Mino في الشمال الغربي الذي يؤلف مجراه الأدنى قسماً من الحدود بين إسبانية والبرتغال ويبلغ طوله 310كم. ونهر الدورو Douro الذي ينبع من شمال شرقي الهضبة ويجري باتجاه الجنوب الغربي حتى يدخل الأراضي البرتغالية ويبلغ طوله الكامل 895كم. ونهر التاجه (التاجو) Tajo وينبع من شرقي الهضبة ثم يشق مجراه جنوبي السلسلة الوسطى حتى يدخل البرتغال ويبلغ طوله 1007كم. ثم نهر وادي يانه (غواديانة) Guadiana الذي يشق طريقه شمالي سييرامورينا حتى الحدود البرتغالية حيث ينحرف جنوباً ليصب في خليج قادس Cadiz بعد أن يشكل أجزاء من الحدود بين إسبانية والبرتغال ويبلغ طوله 778كم. وأخيراً هناك نهر الوادي الكبير الذي ينبع من المرتفعات الجنوبية الشرقية ويجري باتجاه الجنوب الغربي مُصرِّفاً مياه الحوض المسمى باسمه حتى يصب في خليج قادس أيضاً ويبلغ طوله 657كم. أما نهر الإبرو فينبع من السلسلة الكانتابرية في الشمال ثم يشق طريقه باتجاه الجنوب الشرقي مصرِّفاً مياه الحوض المسمى باسمه حتى يصب في البحر المتوسط قرب طرطوسة Tartosa مؤلفاً دلتا صغيرة ويبلغ طوله 920كم.