اغراق
Dumping - Dumping
الإغراق
الإغراق dumping مصطلح يصف حالة بيع السلع في الأسواق الأجنبية بأسعار تقل عن تكاليف إنتاجها، أو تقل عن الأسعار الموضوعة للسلع المماثلة داخل البلد المنتج.
والإغراق ظاهرة منوطة بالأسواق الرأسمالية، وهي سياسة تمارسها الشركات الاحتكارية ولاسيما التسويقية منها، من أجل زيادة قدرتها التنافسية وسيطرتها على الأسواق المحلية والأجنبية وتضخيم أرباحها بأكبر قدر مستطاع.
وتُعرِّف الاتفاقية العامة للتجارة والتعرفة[ر] (الغات Gatt)، الإغراق بعملية توزيع إنتاج بلد معين في أسواق بلد آخر بسعر أقل من السعر الطبيعي normal price، وترى أن تطبيق هذه السياسة قد يلحق أضراراً ببعض الصناعات ولاسيما الصناعات الناشئة، ويعوّق بناء صناعات جديدة في الدول التي تتعرض لسياسة الإغراق.
منذ عشرينات هذا القرن أشار لينين إلى «الإغراق» في مؤلفاته، على أنه نظام التصدير القائم على أساس كسر الأسعار cut rate pricing، ويعدّه نموذجاً لسياسة «الكارتلات» والرأسمالية المالية. وقد حدد مسار هذه العملية على النحو التالي: يبيع الكارتل داخل بلد معين، كالبلد المنتج مثلاً بضائعه بأسعار احتكارية عالية، إلا أنه يبيع مثل هذه البضائع في الأسواق الأخرى بأسعار أقل بكثير في محاولة منه لمنع المنتج المنافس من زيادة إنتاجه إلى مستوى طاقته الإنتاجية القصوى. وفي الوقت الذي يقيد الكارتل من حجم الإنتاج المخصص للأسواق الداخلية فإنه يتوسع في الإنتاج الموجّه إلى الأسواق الخارجية. أما العلامة المميزة لحالة الإغراق فهي وجود اختلاف وتباين واضحين بين الأسعار المحلية المرتفعة جداً وأسعار التصدير المنخفضة. ويعبّر الإغراق بهذه الصورة عن منهجية متعمدة وغير عرضية تتبعها الشركات الاحتكارية في محاولتها الضغط على المنتجين المنافسين.
عندما تمارس الإغراق مؤسسات غير مرتبطة بالإنتاج، أو جهات حكومية، فإنها ترمي إلى التصدير بأسعار أخفض من أسعار شراء المنتجات المماثلة في الأسواق المحلية. وتغطى الخسارة في مثل هذه الحالة من موازنة الدولة عادة. ويشير وجود إعانات التصدير export subsidies وتجاوزها مستويات معينة إلى حالة الإغراق في غالب الأحيان، ويعدّ برهاناً على وجود هذه الحالة.
ولمواجهة الأضرار المحتملة الناتجة عن ظاهرة الإغراق، يطبق الكثير من الدول كالولايات المتحدة الأمريكية وبريطانية وكندا وأسترالية تشريعات وإجراءات مضادة للإغراق anti dumping legislations لحماية منتجاتها وخاصة عندما تتوقع الدولة أن يؤدي استيراد المواد الخاضعة لسياسات الإغراق إلى إلحاق أضرار بالصناعات المحلية. وغالباً ما تطبق التشريعات المضادة للإغراق في الحالات التالية:
ـ عند استيراد بضائع بسعر أقل من تكلفة إنتاجها.
ـ عندما يصبح بالإمكان إنتاج سلع مماثلة بديلة اقتصادياً وذات ريعية كافية.
ـ عندما يتوقع أن يُحدث الاستيراد أضراراً جسيمة فيما يتعلق باستخدام القوة العاملة وتشغيلها.
ـ عندما تكون الصناعة المحلية المعرضة للضرر قادرة، بفضل استخدام السياسات المضادة للإغراق، على الصمود والاستمرار بالكفاية الاقتصادية اللازمة.
ويسود الاعتقاد لدى الكثير من الدول أن الاستمرار في اعتماد سياسات الإغراق وتكرار مثل هذه السياسات على مجموعات معينة من السلع الأجنبية، يؤدي إلى وجود إحساس بعدم الأمان لدى الصناعات المحلية المقابلة، ويقلل من دوافع التنمية، وأن اتباع هذه السياسات من قبل بعض التجمعات الاقتصادية الاحتكارية، إنما يستهدف في حقيقته تعريض بعض الصناعات الوطنية للتراجع والانهيار ومنع إقامة صناعات بعينها.
أما على المستوى الدولي، فيؤدي الإغراق إلى تضخيم التناقضات بين الدول، وإلى إرباك العلاقات التجارية الدولية، وإلى زيادة عرض السلع والبضائع في الأسواق العالمية بغض النظر عن تكاليف إنتاجها لدى المصدّرين، ويؤدي إلى تعميق المنافسة وإحداث الخلل في التناسبات السعرية الدولية.
وقد مارست الولايات المتحدة الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية سياسات الإغراق بالمنتجات الزراعية على نطاق واسع. ففي المدة بين 1961 و1965 بلغت إعانات تصدير القمح 23% والقطن 36% من قيمة الصادرات الزراعية الأمريكية، كما جرى في المدة بين 1954 و1964 تمويل نحو 54% من تلك الصادرات الزراعية.
وهناك نموذج خاص للإغراق في المرحلة الحالية للأسواق الرأسمالية، وهو ظاهرة الإغراق النقدي الذي يبرز نتيجة الاختلاف الواضح في القوة الشرائية للعملة الوطنية في الأسواق المحلية والأجنبية.
عصام خوري